- ٠5كتاب ومضات في الإسلام
- /
- ٠10الباب التاسع - موضوعات تربوية
إن الإسلام الذي يجعلُ الأطفالَ قرةَ أعين لابد أنْ تؤكِّد شعائرُه وآدابُه هذه النزعةَ الإنسانيةَ، فالمساواة بينهم حتى في التقبيل أمرٌ يحتِّمه الإسلام، وتُقِرُّه أوامره السمحة، فما بالك في المساواة في العطية، فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ:
((انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي، فَقَالَ: أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، ثُمَّ قَالَ: أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَلَا إِذًا))
أما الميلُ كلّ الميلِ إلى طفل بعينه دون إخوته، أو إلى جنس من الأولاد دون الآخر، فذلك ينافي نظرة الإسلام، ومبادئه الصحيحة، ومنطق المساواة التي بنيت عليها تعاليمه، فلا تفرقةَ في الإسلام بين فتى وفتاة، ولا بين ولد أو بنت، بل كلاهما في كِفَّتَيْ ميزان، لا يرجِّح أحدهما على الأخرى إلا بمقدار العلم الذي يحصله، والعمل الصالح الذي يقدمه، يقول سبحانه وتعالى:
﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾
إنّ الخروجَ عن منطقِ المساواةِ والحقِّ والإنصافِ ميلٌ عن الصراط المستقيم، ولذلك نرى الإسلامَ يأمرُ بالمساواة بين الأولاد، كما سبق، حتى لا تتأذَّى مشاعرُ بعضهم، وعواطفُ بعضهم الآخر، فيُضمِرون السوءَ، ويحلُّ البغضُ مكانَ الحبِّ، والخصامُ محلَّ الوئامِ، فيكون التعقيدُ، والانحرافُ، والشذوذُ، والعُقدُ النفسيَّةُ، والكَبْتُ، والعزلةُ القاتلةُ التي تقتل الإحساسَ، وتَئِد المشاعر.
وكثيراً ما نهى الرسولُ عن تمييز الذكور، وتفضيلهم على الإناث دون موجب، بل إنه يرفع بذلك من شعور الإناث، وإحساسهن بقيمتهن في الحياة، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
(( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ))
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((مَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ وَرَحِمَهُنَّ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ))