وضع داكن
29-03-2024
Logo
المؤلفات - كتاب ومضات في الإسلام – الباب الثالث - الفقرة : 38 - قصة معبرة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

حكاية قصيرة تعد تطبيقا لموضوع الخطبة:

 إليكم هذه الحكاية القصيرة التي تعد تطبيقاً لموضوع الخطبة:
 أحدهم له طفل صغير صحته ليست على ما يرام يقول: قررت الذهاب به إلى المستشفى، حملته وذهبت، لقد كان المنتظرون كثيرين، ربما نتأخر أكثر من ساعة، أخذت رقماً للدخول على الطبيب وتوجهت للجلوس في غرفة الانتظار، في غرفة الانتظار وجوه كثيرة مختلفة ؛ فيهم الصغير، وفيهم الكبير، الصمت يخيم على الجميع، يوجد عدد من الكنبات الصغيرة استأثر بها بعض الأخوة، أجلت طرفي في الحاضرين البعض مغمض العينين لا تعرف فيما يفكر، والآخر يتابع النظر إلى الجميع، والكل تحس من وجوههم القلق والملل من الانتظار، يقطع السكون الطويل صوت المنادي برقم كذا، الفرحة تعلو على وجه المنادى عليه، يسير بخطوات سريعة ثم يعود الصمت للجميع، لفت نظري شاب في مقتبل العمر لا يعنيه أي شيء حوله، لقد كان معه مصحف صغير يقرأ فيه، لا يرفع طرفه، نظرت إليه ولم أفكر في حاله كثيراً، لكنني حينما طال انتظاري عن الساعة الكاملة تحول نظري إليه، من مجرد نظر إلى تفكير عميق في أسلوب حياته ومحافظته على الوقت، ساعة كاملة من عمري ماذا انتفعت بها، أنا فارغ بلا عمل ولا شغل، بل انتظار ملل، أذن المؤذن لصلاة المغرب ذهبنا إلى الصلاة، وفي مصلى المستشفى حاولت أن أكون في جوار صاحب المصحف، وبعد أن أتممنا الصلاة سرت معه وأخبرته بإعجابي من محافظته على وقته، وكان حديثه يتركز على كثرة الأوقات التي لا نستفيد منها إطلاقاً، وهي أيام وليال تمضي من أعمارنا دون أن نحس بها، ودون أن ننتفع بها، قال إنه أخذ مصحف الجيب منذ سنة عندما حثه صديق له بالمحافظة على وقته، وأخبرني أيضاً أنه يقرأ بالأوقات التي لا يستفاد منها أضعاف ما يقرأ في المسجد أو في المنزل، بل إن قراءته في المسجد زيادة على الأجر والمثوبة إن شاء الله تقطع عليه الملل والتوتر، وأضاف محدثي قائلاً: إنه الآن في مكان الانتظار منذ ما يزيد عن الساعة والنصف، ولم يشعر بها إطلاقاً، وسألني متى تجد ساعةً ونصف لتقرأ فيها القرآن الكريم ؟ كم من شخص سيفعل ذلك ؟ وكم من أجر عظيم يكون للدال على ذلك ؟
تأملت كم من الأوقات تذهب سدىً، وكم من لحظة من حياتنا تمر ولا نحسب لها حساب، بل كم من شهر، بل كم من عام يمضي ولا نقرأ القرآن الكريم ؟ أجلت ناظري فوجدت أنني محاسب عن كل وقت يضيع سدى .

 

القوة لا تصنع الحق ولكن الحق يصنع القوة:

 أيها الأخوة، إلى الموضوعات الساخنة تعلمنا الأحداث التي نشهدها كل يوم في الأرض المحتلة وفي غيرها من الأراضي العربية والإسلامية المحتلة أن القوة البشرية مهما عظمت فهي محدودة، وأن العلم مهما اتسع فهو قاصر، وأن الإنسان المتألي مصيره القصم، إن اعتماد القوة وحدها والحلول الأمنية وحدها لا يحقق الهدف ما لم يكن مصحوباً بدرجة عالية من الاستماع الجيد إلى الطرف الآخر، وتفهم دقيق للرأي الآخر، ومراعاةً لمصالحه وخصوصياته، وتوفير لكرامته، وما لم تحل مشكلات المظلومين والمضطهدين في العالم فإن المشكلة تبقى قائمة بل وربما تفاقمت، فالقوة لا تصنع الحق ولكن الحق يصنع القوة، والقوة من دون حكمة تدمر صاحبها، قال تعالى:

 

 

﴿ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾

 

(سورة الحشر)

لقد أشار السيد الرئيس إلى النظام العالمي الجديد في كلمة ألقاها في مؤتمر قمة إسلامي فقال: " هذا العدو الجديد الذي ظهر في التسعينات هو ديننا الإسلامي الحنيف، دين الأخلاق، دين العدل، دين المحبة، الذي تم تشويهه إعلامياً وتثقيفياً وتربوياً، ليغدو دين القتل والتطرف والإرهاب، فكلما حدث اضطراب في منطقة ما من العالم وجهت أصابع الاتهام للإسلام، ولو لم يكن للمسلمين وجود في تلك المنطقة، وكل عملية تخريب أو عمل إرهابي منفذه مسلم حتى يثبت العكس، وغالباً ما يثبت العكس، أما الاتهام فيبقى كما هو، وبالتوازي حورب الإسلام الصحيح من خلال تغذية التطرف، واستخدامه في ضرب الإسلام والمسلمين، والآن يصور هذا التطرف الذي جرت تنميته من خارج الأمة الإسلامية على أنه الإسلام الحقيقي، وذلك إمعاناً في تشويه صورته الناصعة، وإسرائيل أبرع من يشوه هذه الصورة وأية صورة حقيقية أخرى "، انتهى كلام السيد الرئيس .
أيها الأخوة الأحباب في دنيا العروبة والإسلام، إلى أبيات وعظية:

 

أتيت القبور فســـاءلتها أين الــــمعظم والمحتقر
تـفانوا جميعاً فما مـخبر ومـاتوا جميعاً ومات الخبر
فيا سائلي عن أناس مضوا أمـا لك في ما مضى معتبر
تـروح وتـغدو بنات الثرى فتمحو محاسن تلك الـصور
* * *
لذلك تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جـن ليل هل تعيش إلى الفجر؟
فكم من سليم مات من غير علــة وكم من سقيم عاش حين من الدهر
وكم من فتى يمسي ويصبح آمـناً وقــد نسجت أكفانه وهو لا يدري

إخفاء الصور