وضع داكن
19-04-2024
Logo
فقه السيرة النبوية - الدرس : 15 - السيرة النبوية تعد من السنة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

ما هي الحكمة من الصراع بين الحق والباطل ؟

 

 أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس فقه السيرة النبوية، ولا بد من كلمة بين يدي الموضوع السيرة النبوية تعد من السنة، لأن سنة النبي صلى الله عليه وسلم هي أقواله وأفعاله وإقراره، وأفعاله هي تشريع، ونحن حينما نقف وقفة متأنية عند سيرته نكتشف من سيرته قواعد ينبغي أن نتبعها كي نسلم في الدنيا ونسعد، فلذلك المقصود من فقه السيرة أن نستنبط منها القواعد حتى تكون منهجاً لنا في حركتنا في هذه الحياة.
 في الدرس الماضي بينت كيف أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قامت على التوحيد، وقامت على المساواة بين البشر، وقامت على بعض التكاليف؟ وهو الأمر الذي أثار قريش لذلك تحركت، ماذا فعلت؟ جاء أشراك إلى أبي طالب, فقال: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل أبناءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخل بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه.
 إذاً: أي إنسان دعا إلى الله بإخلاص وصدق وشفافية كما يقولون يجب أن يوطن نفسه على أن يلقى معارضة، وهذه المعارضة ثمن الجنة، لولا الصراع بين الحق والباطل لما كانت جنة، ثمن الجنة أن تقبل التحدي، وأن تستعين بالله عز وجل، فقالوا: إما أن تخلي بيننا وبينه، وإما أن نكفيكه، فقال لهم أبو طالب قولاً رقيقاً، وكان حكيماً، وردهم رداً جميلاً، فانصرفوا عنه، ومضى النبي صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه يظهر دين الله.

الخطط الكيدية التي رسمتها قريش لمنع دعوة الرسول من الانتشار بين أفرادها:

 

الخطط الكيدية التي رسمتها قريش لمنع دعوة الرسول من الانتشار بين أفرادها:

1- استعانة قريش بأبي طالب للضغط على ابن أخيه لوقف الدعوة:

 

 أيها الأخوة, فذهب الوفد لما تابع النبي صلى الله عليه وسلم دعوته، وأبو طالب ردهم رداً جميلاً، ولم يحرك ساكناً، عاد الوفد إلى أبي طالب، فقالوا له: يا أبا طالب، إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك عن ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آباءنا، وسفه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين، ثم انصرفوا عنه.
الآن أبو طالب تأثر، هذا اسمه تصعيد، صعدوا الخصومة، أدخلوا أبا طالب كطرف في النزاع، فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم، ولم يطب نفساً لتسليم رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه، فدعا أبو طالب ابن أخيه محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له: يا ابن أخي، إن قومك قد جاؤوني، وقالوا لي كذا وكذا، فأبقي علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، فقال عليه الصلاة والسلام:

(( والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ))

, ثم بكى النبي عليه الصلاة والسلام.

[ورد في الأثر]

 بالتعبير المعاصر النبي عليه الصلاة والسلام يعلمنا كيف نكون رجال مبادئ؟ الرجال نوعان؛ رجال مصالح، ورجال مبادئ، وما أكثر رجال المصالح، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، أما رجل المبدأ لا يستجيب لا للضغوط ولا للمغريات، ولا يستجيب لسياط الجلادين اللاذعة، ولا لسبائك الذهب اللامعة، رجل مبدأ.

ما هو المطلوب من المسلم في هذا العصر ؟

 

 أخواننا الكرام، أتمنى على كل مسلم في هذه الأيام في مجموعة نقاط في حياته اسمها الثوابت، هذه لا تخضع لا للحوار ولا للمساومة، ولا لأنصاف الحلول، المؤمن يقول كلمة لا بملء فمه، هذا المؤمن، وكذلك المؤمنة، امرأة فرعون، فرعون بطغيانه، وجبروته، وادعائه الألوهية لم يستطع أن يقنع زوجته أن تعبده من دون الله، قالت:

﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾

 

( سورة التحريم الآية: 11 )

هذا الإنسان الإمعة سريعاً ما ينهار، سريعاً ما يبدل، سريعاً ما يغير، يقبل المساومة، يقبل أنصاف الحلول، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، هذا الإنسان لو هناك مئة مليون منه كأف، والواحد من أصحاب رسول الله كألف.
 سيدنا خالد معه ثلاثون ألف مقاتل، واجه ثلاثة مئة ألف، فطلب النجدة من أبي بكر، وهو يعتقد أن يرسل له خمسين ألفًا، فجاء المدد واحد، اسمه القعقاع بن عمر، قال له: يا قعقاع، أين المدد؟ قال: أنا المدد، قال له: أنت ؟! قال له: أنا، وهذا الكتاب من أبي بكر، قرأ الكتاب، قال: والله يا خالد، والذي نفس محمد بيده، إن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم.
واحد كألف، والألف كأف، حال واحد في ألف أقوى من قول ألف في واحد، ألف إنسان متكلم لا يستطيعون أن يؤثروا بواحد، وواحد موصول بالله عز وجل يؤثر بألف.

يا ترى إذا ترك الإنسان المسلم شيئاً لله هل يمكن أن يضيعه ؟

 

 أيها الأخوة, في حياتنا المعاصرة عُرض عليك صفقة أرباحها فلكية، لكن المادة محرمة، أو الطريقة محرمة، أو الأسلوب محرم، هل تقول: معاذ الله؟ وتضع هذا الربح الكبير تحت قدمك، عندئذٍ تنال الدنيا والآخرة، من أحبنا أحببناه، ومن طلب منا أعطيناه، ومن اكتفى بنا عما لنا كنا له ومالنا,

(( ما ترك عبد شيئا لله لا يتركه إلا له إلا عوضه الله منه ما هو خير له منه في دينه ودنياه ))

[ورد في السيرة]

 والله هناك قصص لا تعد ولا تحصى في تاريخ الدعوة، مؤمن صادق أمامه إغراء كبير، تحل بهذا المبلغ كل مشكلاته، لكن فيه شبهة، يضع هذا الثمن تحت قدمه، ويقول: معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين، والله تأتيه الدنيا وهي راغمة، والله زوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق هذه المقولة لرسوله،

(( ما ترك عبد شيئا لله لا يتركه إلا له إلا عوضه الله منه ما هو خير له منه في دينه ودنياه ))

 فتاة يأتيها خاطب لا يصلي، ولا يلتزم بأوامر الدين، لكنه غني، وتقول: معاذ الله، أريد رجلاً مؤمناً يحفظ إيماني، ويعينني على أمر ديني، هذه الفتاه بهذا الموقف الصلب لا تستحق من الله أن يأتيها رجل من أعلى مستوى.

 

موقف أبو طالب من فعل النبي بعد عرض عليه رأي قريش بهذا الأمر:

 

 

أيها الأخوة, فلما ولى النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن بكى ناداه أبو طالب، أقبل يا ابن أخي، فأقبل عليه النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: اذهب يا ابن أخي، فقل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبداً ـ أخذ قرارًا ـ.
 هذه القصة تبين قيمة المواقف المبدئية، أنت إنسان، وأنت لله، وكل شيء بيد الله، حياتك بيده، رزقك بيده، من هم فوقك بيده، من هم دونك بيده، أهلك بيده، أولادك بيده، صحتك بيده، الشرايين التاجية في قلبك بيده، أجهزتك بيده, كل شيء بيده، فلذلك المؤمن يرضي جهة واحدة ولا يعبأ بالباقين, قال تعالى:

﴿ءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾

( سورة يوسف الآية: 39 )

 إذاً: أول حركة من حركات قريش أنها أتت أبا طالب كي يضغط على ابن أخيه ليكف عن دعوته، هذه المحاولة أخفقت.

2- عمدت قريش إلى إنزال الأذى والتعذيب بالمستضعفين:

 

 الآن طبقوا خطة ثانية، عمدوا إلى المستضعفين في الأرض من المسلمين، أنزلوا بهم من الأذى والاضطهاد والتعذيب الشيء الكثير، أمر عليه الصلاة والسلام هؤلاء المستضعفين الفقراء الذين نكلت بهم قريش، بالهجرة إلى الحبشة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: لأنها أرض صدق بها ملك لا يظلم أحداً، فهاجر عدد من الرجال والنساء في السنة الخامسة، ثم لحق بهم مهاجرون آخرون بعد بضعة شهور، حتى وصلوا إلى 83 رجلاً مع بعض النساء، أن تنعم بالإسلام في هذه البلدة، وأن تنشأ هذه المساجد، وأن تقام هذه الدروس، بفضل أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذين تركوا مكة، وهاجروا إلى أرض الحبشة خائفين.

وصف النبي لزماننا كما ورد في الحديث دليل صدقه:

 

أيها الأخوة, يقول عليه الصلاة والسلام:

(( اشتقت لأحبابي، قالوا: أو لسنا أحبابك؟ قال: لا، أنتم أصحابي، أحبابي أناس يأتون في آخر الزمان القابض منهم على دينه كالقابض على الجمر، أجره سبعين، قالوا: منا أم منهم؟ قال: بل منكم، لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون ))

[ورد في الأثر]

 

 أخوانا الكرام، نحن في هذا الزمان وصفه النبي وصفاً رائعاً, قال:

(( كيف أنتم إذا لم تأمروا بمعروف، ولم تنهوا عن منكر؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ قال: كيف أنتم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ قال: كيف أنتم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون ))

[ورد في الدنيا]

 شاعر في عهد سيدنا عمر دخل السجن, لأنه قال في واحد:

 

دع المكارم لا ترحل لبغيتها  واقعد فأنت الطاعم الكاسي

هذا البيت الذي دخل من نظمه السجن شعار كل إنسان الآن:

 

 

دع المكارم لا ترحل لبغيتها  واقعد فأنت الطاعم الكاسي

 قال له: أتزوجني ابنتك، قال له: أعندك بيت؟ قال: عندي بيت، قال: ائتني بالسندات الرسمية لملكية البيت، جاءه بالسند، قال له: عندك عمل؟ قال: عندي معمل، قال: ائتني برخصة المعمل، وعليها اسمك، فجاءه بالترخيص الصناعي، وعليها اسم الخاطب، قال له: عندك مركبة؟ قال له: عندي، قال: ائتني برخصة المركبة، أب من أعلى درجة بالوعي، شاب وسيم، بيت بملكه، مركبة بملكه، معمل باسمه، وافق، الآن في مرحلة الخطوبة، كان عند عمه في محله التجاري، ودخل بعض التجار، وقال: هذا صهري, خاطب ابنتي، فتغير لون أحدهم، فانزوى به جانباً، وقال: كيف هذا صهرك؟ قال له: صهري، قال له: هذا ليس مسلماً، تعال إلى هنا، قال له: أنت ما سألت عن ديني أبداً، سألتني عن البيت والمعمل والمركبة، ولم تسألنِي عن ديني.
أيها الأخوة، لذلك قال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه:

 

(( العبادة في الهرج ـ في زمن الفتن ـ كهجرة إلي ))

[ أخرجه أحمد في مسنده]

 الشاب التائب والشابة التائبة التي تركل بقدمها كل مغريات الأزياء، وتحتشم، وتتحجب، والله هي مهاجرة في سبيل الله,

(( إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء))

[أخرجه مسلم عن أبي هريرة في الصحيح]

3- إرسال وفد إلى النجاشي لطرد هؤلاء من الحبشة وتسليمهم لقريش:

 

 التاريخ يعيد نفسه، قريش خافت من أن ينتشر الإسلام خارج مكة، فأرسلت رجلين إلى النجاشي ملك الحبشة محملين بالهدايا القيمة بغية استعادة المهاجرين إلى مكة، فلما طلبا من النجاشي تسليمهم، استدعاهم النجاشي وسألهم عن أمرهم، فتحدث نيابة عنهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وعرض بإيجاز جوهر دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بياناً لسيدنا جعفر في تعريفه للإسلام للنجاشي:
أيها الأخوة، كلمات سيدنا جعفر تكتب بماء الذهب، قال:

(( أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته, وعفافه ))

[أخرجه أحمد عن أم سلمة في مسنده]

 

 أيها الأخوة، الصدق والأمانة والعفاف أركان الأخلاق، إن تكلم فهو صادق، إن عاملته فهو أمين، إن استثيرت شهوته فهو عفيف، فدعانا إلى الله لنعبده ونوحده، ونخلع ما كان يعبد آباءنا من الحجارة والأوثان، هذا تعريف الإسلام من صحابي جليل، أمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، هذا الإسلام، الإسلام مكارم أخلاق بعد الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر وخيره وشره، الإيمان هو الخلق فمن زاد عليك بالخلق زاد عليك في الإيمان,

(( وإنما بعثت معلم ))

[ أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر في سننه ]

(( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ))

[أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة في مسنده ]

 

العبادات الشعائرية إن لم تسبقها عبادات تعاملية لا قيمة لها:

 أخواننا الكرام، الصلاة التي هي عماد الدين، تسقط حينما لا تكون أخلاقياً، كيف؟ سأل النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه:

(( أتَدْرُونَ مَنْ المُفْلِسُ؟ قالُوا: المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ الله! من لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ، قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: المُفْلِسُ مِنْ أَمّتِي مَنْ يَأتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةِ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَد شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيقعُدُ فَيَقْتَصّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصّ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ، ثُمّ طُرِحَ في النّار ))

 

[أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح ]

(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة، يجعلها الله هباء منثورا, قيل: يا رسول الله! جلهم لنا، قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ))

[ورد في الأثر]

 الصلاة طارت.
الحج:

(( من حج بمال حرام، ووضع رجله في الركاب، وقال: لبيك اللهم لبيك، ينادى أن لا لبيك ولا سعديك، وحجك مردود عليك ))

[ورد في الأثر]

 الحج طار.
الصيام:

(( من لم يدع قول الزور، والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ))

[أخرجه أحمد في مسنده عن أبي هريرة ]

(( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ))

[ أخرجه النسائي من حديث أبي هريرة في سننه]

 طار الصيام.
بقيت الزكاة:

 

﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾

 

( سورة التوبة الآية: 53 )

 بقيت الشهادة:

(( من قال: لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل: وما حقها؟ قال: أن تحجزه عن محارم الله ))

[ورد في الأثر]

 ألا تكفي هذه الأدلة حتى تتيقن أن العبادة الشعائرية إن لم تسبقها عبادة تعاملية لا قيمة لها، ولا يقبلها الله عز وجل وقد تسقط, لذلك الدين مجموعة قيم أخلاقية.
إليكم توضيح هذه الحقيقة:
لأوضح لكم الحقيقة, حينما قال عليه الصلاة والسلام:

(( بني الإسلام على خمس ))

 

[أخرجهما البخاري ومسلم في الصحيح]

 أركان الإسلام هي الأعمدة، وليس الإسلام، الإسلام هو البناء الأخلاقي، هذا كلام سيد الفصحاء، كلام مبعوث العناية الإلهية, كلام سيد الخلق، وحبيب الحق،

(( يا رسول الله! إن فلانة ـ دققوا ـ تكثر من صلاتها ـ الفرائض والضحى والأوابين وقيام الليل ـ وصدقتها، وصيامها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في النار ))

 

[أخرجه الترمذي في سننهئ

(( دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ))

[أخرجه البخاري في الصحيح]

 النمام لا يدخل الجنة، العبادات الشعائرية لا تصح، ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية، هذا كلام سيدنا جعفر،

(( أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، ونسبه، فدعانا إلى الله لنوحده، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ))

[أخرجه أحمد عن أم سلمة في مسنده]

4- عمدت قريش إلى ترويج الاتهامات الباطلة بحق النبي ودعوته:

 

 الآن لجأت قريش إلى أسلوب آخر، أولاً لجؤوا إلى أبي طالب فلم ينجحوا، ولجؤوا إلى تعذيب الضعفاء من قريش فهاجروا، أرسلوا وفداً لاسترجاعهم فلم يفلحوا، الآن لجأت قريش إلى ترويج الاتهامات الباطلة، لصد الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الحملة الإعلامية، التاريخ يعيد نفسه, من هذه الاتهامات:
1- أنهم اتهموه بالجنون، وفي ذلك قال الله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾

( سورة الحجر الآية: 6 )

 يستطيع مواطن بأي دولة بالعالم الثالث, يقول لمن يقف على رأس هذه الدولة: مجنون، وينام في بيته, ماذا نستنبط؟ أن يقول هؤلاء لسيد الخلق وحبيب الحق: إنك لمجنون معنى ذلك أنه ضعيف، أليس كذلك؟ قال تعالى:

﴿ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾

( سورة الحجر الآية: 6 )

ما الحكمة من كون النبي ضعيفاً ؟
 فما الحكمة من كون النبي ضعيفاً؟ لأن القوي لو جاء بهذه الرسالة لدخل الملايين المملينة بيوم واحد فيها، لا إيماناً، ولا حباً بالله، ولا طاعةً له، ولا عبادة له, وإنما خوفاً وطمعاً فقط، لو أن الأنبياء أقوياء لسقطت دعوتهم، الأنبياء ضعاف، لا أملك لكم نفعاً ولا ضراً، بل:

﴿لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً ﴾

( سورة الأعراف الآية: 188 )

 قل:

 

﴿وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾

 

( سورة هود الآية: 31 )

﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾

( سورة الأنعام الآية: 15 )

 لا يعلم الغيب، ولا يملك لهم نفعاً ولا ضراً، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ويخاف إن عصى ربه عذاب يوم عظيم، حكمة أن يكون النبي ضعيفاً، ليكون الإيمان به حقيقياً، ما عنده شيء يعطيه لمن يؤمن به، الناس لا يخافونه ولا يرجونه، لذلك الذي يؤمن برسول الله، وهو ضعيف، هذا أعلى درجة من الإيمان، لا يبتغي نفعاً، ولا يخاف ضيماً، إنما آمن بالله، وآمن برسوله، لأنه فعلاً رسوله، قال تعالى:

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾

( سورة الحجر الآية: 6 )

 رد القرآن على هؤلاء المتغطرسين المستكبرين:
الله عز وجل رد عليهم، فقال:

 

﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾

 

( سورة القلم الآية: 3 )

﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾

( سورة هود الآية: 28 )

 وفي آية ثانية:

 

﴿وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾

 

( سورة القلم الآية: 51)

من هو المجنون ؟
 النبي الكريم رأى في الطريق مجنون, فسأل سؤال العارف, فقال: من هذا؟ قالوا: هذا مجنون، قال: لا‍‍‍‍، هذا مبتلى، المجنون من عصى الله، هذا هو المجنون، وقد يسأل سائل: فلان معه دكتوراه، هذا ذكي وليس عاقلاً، أما إدراك شمولي بسر وجودك، وغاية وجودك، وطريق سلامتك، وسعادتك هذا العاقل، لذلك ما كل ذكي بعاقل، قال تعالى:

﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ﴾

( سورة القلم الآية: 3 )

 2- اتهموه بالسحر، وفي ذلك قوله تعالى:

 

﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾

 

( سورة ص الآية: 4 )

﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً﴾

( سورة الفرقان الآية: 8 )

 سؤال دقيق، قالوا: ساحر، وقالوا: كذاب، وقالوا: مجنون.

 

 ما الحكمة من هذه الإشاعات التي كانت تهدف بالنبي ؟

 لماذا أثبت الله اتهام كفار قريش لرسول الله بأنه مجنون، وبأنه ساحر، وبأنه كذاب، ما الحكمة؟ لو ما جاءت في القرآن, القضية انطوت, لكن هذا أعلى إنسان بالأمة، أعلى إنسان بين بني البشر، سيد ولد آدم، سيد الخلق وحبيب الحق، فلماذا أثبت يا رب أنه مجنون في كتابك؟ هذا مواساة للدعاة إلى يوم القيامة، إذا اتهمت بأنك لست حضارياً, إذا اتهمت بأنك متزمت، إذا اتهمت بأنك غيبي، تبحث فيما وراء الطبيعة، إذا اتهمت بأنك محدود، سيد الخلق وحبيب الحق اتهم بأنه مجنون، وأثبتها الله في القرآن الكريم, فهو قدوة لك.
لماذا تتهم السيدة عائشة، وهي زوجة سيد الخلق، وهي الطاهرة العفيفة بأنها زانية في حديث الإفك، لماذا؟ من أجل أية مؤمنة إلى يوم القيامة اتهمت وهي بريئة، لها بالسيدة عائشة أسوة حسنة، لماذا دخل نبي كريم السجن؟ سيدنا يوسف، من أجل كل سجين بريء، اتهم ظلماً، مواساة له، لماذا كان ابن سيدنا نوح عاق؟ إكراماً لكل أب قدر الله له ابن سيئاً، لماذا كان والد سيدنا إبراهيم سيء مشرك، قد يواجه شاب أن أبوه سيء لا يصلي، يحارب الدين, يحارب الابن الذي يصلي، مواساة لهذا الشاب، هناك نبي زوجته سيئة جداً، امرأة لوط, قال تعالى:

﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا﴾

( سورة التحريم الآية: 10 )

 الذي عنده زوجة سيئة يمكن أن يكون هذان النبيان أسوة له، الذي عنده عقم، سيدنا زكريا كان عقيما، سيدنا أيوب كان مريضا، الله عز وجل جعل الأنبياء نماذج إنسانية.
الحيرة التي انتابت الوليد بن المغيرة بشأن النبي عند مساءلة وفود العرب عنه:
 الآن قد اقترب موسم الحج، فالوليد بن المغيرة خاف أن ينتشر خبر هذه البعثة، وهذا القرآن بين القبائل التي تأتي للحج، فتضعف مكانة قريش، أخذهم الهم، ماذا نفعل؟ ماذا نقول؟ لذلك قال لهم الوليد: يا معشر قريش، إنه قد حضر هذا الموسم، وأن وفود العرب ستقدم عليكم، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأياً واحداً، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا، أرادوا أن يتفقوا على رواية إذا جاءهم الوفد يعطونه إياها، طبعاً استبعدوا أنه كاهن، واستبعدوا أنه شاعر، إلا أنهم اتفقوا على أن يقولوا: إنه ساحر، لأنه يفرق بين الأقارب، فأنزل الله في الوليد, قال تعالى:

﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ﴾

( سورة المدثر الآية: 11- 23)

 استكبر عن الإيمان، فَقَالَ بالنهاية:

 

﴿ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾

 

( سورة المدثر الآية: 24 )

 هذا النبي ساحر, قال تعالى:

 

﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾

 

( سورة المدثر الآية: 25- 30)

 أيها الأخوة:

 

﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ﴾

( سورة الفرقان الآية: 4 )

 3- اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بالإتيان بالأساطير، ولا زلنا في الحملة الإعلامية التي أرادتها قريش كي يشوه سمعة النبي عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:

﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾

( سورة الفرقان الآية: 5)

 واتهموا المؤمنين بالضلالة, قال تعالى:

 

﴿ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ ﴾

 

( سورة المطففين الآية: 32 )

 هذه التهم التي وجهت قريش لرسول الله،

(( لذلك ورد في بعض الآثار أن سيدنا موسى كليم الله أثناء المناجاة, قال: يا رب، لا تبقِ لي عدواً، قال: يا موسى، هذه ليست لي))

 يعني لا بد من عدو للمؤمن، بل بعضهم, قال: المؤمن لا بد له من كافر يقاتله، ومن منافق يبغضه، ومن مؤمن يحسده، ومن شيطان يغويه، ومن نفس ترديه، العدو الثالث مؤمن، لكنه ضيق الأفق، يحسدك، بدل أن يسأل الله من فضله.

 

5- الأساليب التي اتخذتها قريش عند فشلها بإخفاق دعوة النبي لتنال الغيظ منه:

 

5- الأساليب التي اتخذتها قريش عند فشلها بإخفاق دعوة النبي لتنال الغيظ منه:

 

 الآن لجأت قريش إلى حملة السخرية والاستهزاء، والضحك، والغمز واللمز والتعالي على رسول الله صلى الله وسلم وعلى المؤمنين، قال الله عز وجل:

﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 53 )

هؤلاء ينظرون إلى المؤمنين ازدراء واحتقاراً.
 روى البخاري أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ساخرة مستهزئة: إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث، فأنزل الله تعالى:

﴿وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾

( سورة الضحى الآية: 1-3)

إذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان عليك فمن معك.
 وروى البخاري أيضاً أن أبو جهل قال مستهزئا: اللهم إن كان هذا الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم, فنزل قوله تعالى:

﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾

(سورة الأنفال الآية: 32- 34 )

 وقال الله عن ضحكهم وغمزهم:

 

﴿ إِنَّ الّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهَينَ ﴾

 

( سورة المطففين: 29 ـ 31 )

 أخواننا الكرام، هل تحبون أن أقول لكم من هو البطل؟ هو الذي يضحك أخيراً, قال تعالى:

﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾

( سورة المطففين الآية: 34 )

 

 لا تكن من الذين يضحكون أولاً، فالذي يضحك أولاً يبكي آخراً، قال تعالى:

﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ﴾

 

( سورة المطففين الآية: 34 )

 ومن منطلق الاستعلاء والسخرية, قال المشركون: لا نرضى بمجالسة أمثال هؤلاء، من هم؟ يعنون صهيباً وبلالاً وخباباً, لا يجلسون مع هؤلاء استكباراً وعلواً في الأرض، فقال الله عز وجل:

﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾

( سورة الأنعام الآية: 52)

 ومر النبي صلى الله عليه وسلم بجماعة من قريش فهمزوه، واستهزؤوا به، فغاضه ذلك، فأنزل الله عز وجل:

 

﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يستهزءُون﴾

 

( سورة الأنعام الآية: 10 )

 

﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾

( سورة فصلت الآية: 26 )

إليكم هذه المواقف باختصار والحكمة من ذلك:

 

 أيها الأخوة، هذه مواقف قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدؤوا بأبي طالب على أن يتخلى عن ابن أخيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم اتجهوا إلى تعذيب المستضعفين، ثم اتجهوا إلى ترويج حملة إعلامية ظالمة، اتهموه بالشرك وبالسحر وبالكذب وبالأساطير، ثم اتجهوا بالاستهزاء به والسخرية منه، والغمز واللمز، وهذا كله يبين لنا أن حمل الرسالة عبء كبير، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان أهلاً لها، ولقد أقسم الله بعمره الثمين, فقال:

﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾

( سورة الحجر الآية: 72 )

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور