وضع داكن
28-03-2024
Logo
الخطبة : 0674 - وصية لقمان لابنه2 - علاقة المرء بوالديه - كيف عرف الله؟.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:

الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين .
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرِنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممــــن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الدّين كله توحيد :

أيها الأخوة الكرام ، في الخطبة السابقة بدأت وصية سيدنا لقمان لابنه ، وبينت لكم أن هذه الوصية تُعد منهجاً تربوياً ، فيها أصول مناهج التعليم في بلاد المسلمين ، بدأت في الخطبة السابقة بالعقيدة:

﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾

[سورة لقمان : 13]

وبينت لكم أن الدين كله توحيد ، وأن فحوى دعوة الأنبياء جميعاً توحيد وعبادة ، وأن التوحيد نهاية العلم ، والتقوى نهاية العمل .

 

علاقة الإنسان بوالديه :

ننتقل اليوم إلى فقرة أساسية من وصية سيدنا لقمان عليه السلام لابنه وهو يعظه قال تعالى:

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[سورة العنكبوت: 8]

هاتان الآيتان أيها الأخوة تبينان علاقة المرء بوالديه ، وفيهما حقائق دقيقة ، وتوجيهات حكيمة ، قلّما تجد في القرآن الكريم وصيةً للآباء بأولادهم إلا آية المواريث :

﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾

[سورة النساء : 11]

وآية قتل الأولاد من إملاق :

﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾

[سورة الأنعام : 151]

فيما سوى هاتين الآيتين لا تكاد تجد في القرآن الكريم كله آيات كثيرة توصي الآباء بالأبناء ، لماذا ؟ قال: لأن الفطرة وحدها - طبع الإنسان ، فطرته ، جبلته ، برمجته ، تصميمه - تتكفل برعاية الوليد من قبل والديه ، الفطرة وحدها مدفوعة إلى رعاية الأولاد لضمان استمرار الحياة ، إن الوالدين ليبذلان لوليدهما من أجسامهما ، وأعصابهما ، وأعمارهما ، ومن كل ما يملكان ، من غالٍ ورخيص ونفس ونفيس ، من غير تأفف ، ولا شكوى ، بل من غير انتباه ولا شعور ، بل في نشاط ، وفرح ، وسرور ، كأنهما هما اللذان يأخذان ، الفطرة وحدها كفيلة بتوجيه الآباء لرعاية أبنائهم .
زرت مستشفى للأطفال ، الشيء الذي يلفت النظر أن كل الأمهات من كل الاتجاهات ، والمستويات ، والانتماءات ، جاهلة ومتعلمة ، محجبة ومتبرجة ، تحرص على سلامة ولدها ، حرصها على وليدها هذه هي الفطرة ، ولولا الفطرة لما استمرت الحياة . .
قصة رمزية ذكرتها لكم من قبل أن أحد الأنبياء رأى أماً تخبز على التنور ، وكلما وضعت رغيفاً في التنور قبّلت ابنها ، وضمته ، وشمته ، فعجب هذا النبي الكريم من هذه الرحمة التي في قلب الأم فأعلمه الله أن هذه الرحمة من عند الله ، ولو نُزعت لألقت الأم ابنها في التنور ، هذه رحمة ليست قسرية ، إنها رحمة فطرية ، رحمة الآباء بأولادهم طبع ، فطرة ، جبلة ، لكن الذي ينبغي أن نعلمه علم اليقين أن برَّ الأبناء بآبائهم تكليف . الوليد أيها الأخوة بحاجة إلى الوصية المكررة ليلتفت إلى الجيل المضحي ، المدبر ، المولي ، الذاهب في أدبار الحياة ، بعدما سكب عصارة عمره ، وروحه ، وأعصابه للجيل المتجه إلى مستقبل الحياة ، دين ووفاء ، أب ضحى وأم ضحت بكل شيء من أجل ابنهما .

وصية الله للأبناء بردّ الجميل للوالدين :

الآن الابن يوصيه الله عز وجل أن يرد الجميل . . أيها الأخوة الكرام ، وصية الله للأبناء تكررت :

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[سورة الأحقاف: 15]

آية ثانية:

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾

[سورة لقمان : 14]

آية ثالثة:

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[سورة العنكبوت: 8]

المرأة التي تحمل وليدها وصفها الله عز وجل فقال:

﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَين ﴾

[سورة لقمان : 14]

المرأة في الأصل ضعيفة ، وقد وصانا النبي بالضعيفين المرأة واليتيم وحينما تحمل تزداد ضعفاً على ضعف ، لأن حاجة الجنين مقدمة على حاجاتها ، لذلك الجنين يأخذ من عظام أمه حاجته من الكلس ، كثيراً ما تُصاب المرأة الحامل بأسنانها ، وضعف عظامها ، لأن الجنين يأخذ كل حاجته من جسم أمه ، فهي في الأصل ضعيفة ، لحكمة أرادها الله ، كي تتكامل مع زوجها ، هي تكمل ضعفها بزوجها ، وزوجها يكمل ضعفه العاطفي بها ، هي سكن له ، وهو سكن لها ، فهذا الضعف الفطري في أصل خلقها زاده ضعفاً حملها لهذا الوليد .
من غرائب ما سمعت من بعض الأخوة الأطباء أن الذي يسميه العوام بالوحام هو حاجة الوليد إلى نوع من أنواع الطعام ، إذا كان الوليد يحتاج إلى البوتاسيوم ، أو إلى الكلس ، أو إلى مادة هو في أمس الحاجة إليها ، شهوة الأم في أثناء الحمل تعبير عن حاجة الوليد:

﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَين ﴾

[سورة لقمان : 14]

هذه الآية الكريمة ترسم هذا البذل النبيل ، والأم تحمل النصيب الأوفر وتجود به في عطف شديد ، وعميق ، وحاني ، ورفيق ، لذلك:

(( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ ))

[متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

للأم زيادة على حق الأب ثلاثة أضعاف .
روى الحافظ أبو بكر البزار في مسنده :

((عن بريده عن أبيه أن رجلاً كان في الطواف حاملاً أمه يطوف بها ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل أديت حقها ؟ قال : لا ، ولا بزفرة واحدة))

[الحافظ أبو بكر البزار عن بريده عن أبيه]

شكر الله على نعمة الإيمان و الوالدين على نعمة التربية :

الآية الكريمة:

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾

[سورة لقمان : 14]

لأن الله سبحانه وتعالى وهبك نعمة الوجود ، ووهبك نعمة الإيجاد ، ووهبك نعمة الإمداد ، ووهبك نعمة الهدى والرشاد ، فالشكر لله أولاً ولمن كان سبب وجودك ، وقيل لك الآباء ثلاثة ، أب أنجبك ، وأب زوجك ، وأب دلك على الله ، فالأب الذي أنجبك كان هو السبب في وجودك:

﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾

[سورة لقمان : 14]

قال بعض العلماء : أن اشكر لي نعمة الإيمان ، وأن اشكر لوالديك نعمة التربية ، فالابن الذي تلقى تربية عالية من والديه ، هذه نعمة لا تعدلها نعمة على الإطلاق ، الابن الذي تلقى تربية عالية ؛ تربية دينية ، تربية أخلاقية ، تربية علمية ، تربية جسمية ، تربية نفسية ، تربية اجتماعية ، تربية جنسية ، الابن الذي تلقى تربية عالية المستوى من والديه ، هذه النعمة تأتي بعد نعمة الإيمان بالضرورة :

﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾

[سورة لقمان : 14]

وقال بعض العلماء : من صلى لله الصلوات المفروضة فقد شكر لله عز وجل ، ومن دعا لوالديه عقب الصلوات المفروضة : رب اغفر لي ولوالدي ، رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ، فقد شكر لوالديه .
وقال بعض العلماء : لا يكون الشكر إلا في خمسة شروط ؛ حينما يخضع الشاكر للمشكور خضوع الطاعة ، وحينما يحبه ، وحينما يعترف بهذه النعمة ، وحينما يثني عليها ، وحينما لا يستعملها فيما يكره .
تخضع لمن أسدى إليك النعمة ، وتطيعه ، وتعترف بهذه النعمة ، وتثني عليها ، وتستعملها فيما يحب ، فإن فعلت هذا فقد شكرت الله عز وجل .

همّ الأب المسلم رعاية أولاده :

القرآن الكريم أيها الأخوة فيه بالتعبير الحقوقي الحديث مؤيدات قانونية ، أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ، وسوف أحاسبك عن التقصير ، وسوف أجازيك حينما تشكر ، فإن للحسنة ثواباً ، وإن للسيئة عقاباً .
الآية الكريمة تؤكد أن عليك أن تشكر المنعم الأول و هو الله عز وجل ثم عليك أن تشكر والديك الذين كانا سبب وجودك .
أخ كريم قدم من أمريكا في الصيف فحدثني بقصة لفتت نظري له ابن بارٌّ ، جاء صديق ابنه الزنجي ليزور ابنه ، ما كان من هذا الابن إلا أن أسرع وقبّل يدي أبيه أمام هذا الزنجي ، والأم أعدت طعاماً إكراماً لصديق ابنها ، رأى شيئين ، رأى احترام الابن لأبيه ، ورأى رحمة الوالدين بابنهما . . فطلب هذا الزنجي أن يسلم ، قبل أن يسمع عن الإسلام كلمة واحدة ، رأى شيئاً مدهشاً ، ولهذا نحن من فضل الله عز وجل في العالم الإسلامي نجد بقية هذه المعاني، بقية هذه العادات الإسلامية التي توجب احترام الأبناء للآباء ، و هذا شيء رائع جداً ، أن يكون الأب في مكانة علية عند أبنائه ، وأن يكون الابن موضع عناية كبرى من قبل والديه ، أما هذا الأب الذي يطرد ابنته من البيت إذا بلغت سن الرابعة عشرة ، من أجل أن تعمل وتأكل ولا يعرف عن أخلاقها شيئاً ، فهذا ليس أباً ، الأب المسلم همه كله رعاية أولاده . .

الفرق بين الإحسان و الطاعة :

لكن هناك ملاحظة دقيقة جداً ، هي أن الإحسان للوالدين شيء والطاعة المطلقة شيء آخر ، الآية الكريمة:

﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[سورة لقمان : 15]

الحقيقة أن الأب والأم إذا أمراك بما أمر الله فطاعتهما واجبة ، لأن حقيقة طاعتهما هي طاعة الله عز وجل ، لو أمرك الأب أن تصلي ، لو أمرك أن تكون صادقاً ، لو أمرك أن تكسب المال الحلال ، لو أمرك أن تكون محسناً ، هذه كلها أوامر الله ، فطاعة الأب واجبة ، لأنها تعبير بشكل أو بآخر عن طاعة الله عز وجل . لكنْ هناك حالات قد تكون قليلة في بلادنا وربما تكون كثيرة ، حينما يأمرك أبوك أن تترك فريضة ، أن تترك طلب العلم ، أن تترك أداء الصلوات في المسجد ، حينما يأمرك أبوك أن تفعل شيئاً لا يرضي الله إما بترك فريضة ، أو باقتراف معصية ، سقطت طاعته .
أم سيدنا سعد بن أبي وقاص قالت له : يا بني إما أن تكفر بمحمد وإما أن أدع الطعام حتى أموت - وضعته أمام خيار صعب - قال : يا أمي لو أن لك مئة نفس ، فخرجت واحدة واحدة ، ما كفرت بمحمد ، فكلي إن شئت أو لا تأكلي .

﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[سورة لقمان : 15]

تجب طاعة الوالدين إذا أمراك بطاعة الله ، والحقيقة طاعتهما هي طاعة لله ، أما حينما يأمراك بأمر متناقض مع منهج الله ، أمراك بتطليق امرأتك ظلماً ، وهي امرأة صالحة ، مطيعة ، أمراك أن تقترف معصية كأكل المال الحرام ، أمراك أن تدع طلب العلم ، أمراك أن تفعل شيئاً لا يرضي الله ، بمثل هذه الحالة سقط عنك واجب طاعتهما ، وبقي عليك واجب الإحسان إليهما ، الإحسان شيء ، والطاعة شيء آخر ، وأوضح ما في هذا الموضوع قوله تعالى :

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ﴾

[سورة الإسراء: 23]

الطاعة لله وحده ، والإحسان للوالدين ، أما حينما تختلط الأوراق فهذا الذي يطيع أمه وأباه في معصية الله ، هذا ليس بارّاً بهما ، وكثيراً من الأبناء حينما يمتنعون عن تنفيذ أمر من أبيهما ، من والديهما ، لا يرضي الله ، لعل هذا الامتناع يكون سبب توبة الوالدين ، لعل هذا الموقف الحازم من الابن يكون صحوة للوالدين ، أما إذا ساير الابن أمه وأباه على معصية الله عز وجل فقد زادهما طغياناً وإثماً . .

(( لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))

[ متفق عليه عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ]

الآية الكريمة:

﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾

[سورة لقمان : 15]

أدق ما في هذه الآية ، أن كلمة ما ليس لك به علم ، ليس نفي العلم بل نفي الشريك ، أي إذا قال لك عالم كبير من علماء الحديث : هذا الحديث لا أعرفه ، أي لا أصل له، إنكار العلم بالشيء أحد أنواع إنكار وجوده ، فهنا الشريك ليس له أصل ، ليس له وجود ، لا يقوى على فعل شيء ، لا يمنحك حياةً ، ولا رزقاً ، ولا يدفع عنك ضرّاً ، ولا يجلب لك نفعاً .
وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم ، أي بشيء لا وجود له ، فلا تطعهما.
يقول الله عز وجل:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾

[سورة العنكبوت: 42]

سقوط حق الطاعة لا يسقط حق الإحسان :

أيها الأخوة ، سقوط حق الطاعة لا يسقط حق الإحسان :

﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾

[سورة لقمان : 15]

ورد في السنة ، أن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه قالت للنبي صلى الله عليه وسلم وقد قدمت عليها خالتها ، وقيل : أمها من الرضاعة ، فقالت :

((عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا قَالَتْ : قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدَّتِهِمْ مَعَ أَبِيهَا فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ صِلِيهَا ))

[ متفق عليه عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا ]

يبقى على الابن حق الإحسان ، إذا سقط حق الطاعة يبقى حق الإحسان ، فالإحسان أنت ملزم به مهما يكن الأب ، سواء أكان مؤمناً ، أو منحرفاً ، أو مقصراً ، أو عاصياً ، أو كافراً ، أي أب له عليك حق الإحسان ، ولعل أداء حق الإحسان يكون سبباً في هداية الأب ، وكم من أب لان قلبه من إحسان ابنه ، كم من أب لان قلبه وأحب أن يتوب إلى الله من شدة إحسان ابنه .

عدم طاعة الوالدين في معصية :

أيها الأخوة الكرام ، في الآية شيء دقيق ، قال تعالى:

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

قالت علماء اللغة : فعل أغفلنا في العربية أي وجدناه غافلاً ، عاشرت القوم فما أجبنتهم ، أي ما وجدتهم جبناء ، عاشرت القوم فما أبخلتهم أي ما وجدتهم بخلاء ، أغفلنا بمعنى وجدناه غافلاً:

﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

ولكن الله عز وجل يقول : لا تتبع هذا ، واتبع من ؟ اتبع سبيل من أناب إلي ، هذا الذي يرجع إلى الله تائباً عرفه ، عرف الطريق إليه ، تخلق بأخلاق هذا المنهج العظيم ، اتبع سنة سيد المرسلين ، هذا الذي نوّر الله قلبه ، وأصلح سريرته ، وأصلح علانيته ، وجعله على الحق ، على المنهج المستقيم . . اتبع هذا ، استنصح هذا ، خذ رأي هذا :

﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[سورة لقمان : 15]

أيها الأخوة الكرام هذه الآية الكريمة ، فيها بعض التفاصيل الفقهية ، قال العلماء: لا يجوز أن تطيع والديك في معصية ، ولا في ترك طاعة ، ولكن أجاز بعض العلماء إرضاءً للوالدين ترك الطاعة الممضوضة ، أي بعضهم قال : الجهاد الكفائي ، حينما يكون هناك جهاد كفائي وليس فرض عين ، إذا دخل العدو فالجهاد فرض عين ، أما إذا كان هناك رغبة في نشر الإسلام ، فهذا جهاد كفائي ، فلو أن الأم والأب ليس لهما معيل إلا ابنهما ، في مثل هذه الحالة يجوز أن يطيعهما في طاعة ممضوضة أو جهاد كفائي .
وبعضهم قال : يمكن للابن أن يجب أمه وهو في الصلاة - في الصلاة النافلة - إذا أيقن أنها تهلك إن لم يجبها ، هناك تفاصيل فقهية في هذا الموضوع ، على كلٍّ طاعتهما في المباحات ليس فيه خلاف بين العلماء .
أيها الأخوة الكرام ، بقي أن الصحابي الجليل ابن عباس استنبط من هذه الآية وهي قوله تعالى:

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾

[سورة لقمان : 14]

جمعها مع آية أخرى وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ، استنبط هذا الصحابي الجليل أن أقل الحمل ستة أشهر ، فمن أنجب ابناً في الشهر السادس لا ينبغي أن يشك بزوجته ، فأقل مدة الحمل في الجمع بين الآيتين ستة أشهر .
أيها الأخوة الكرام : حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا لغيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

* * *

الخطبة الثانية :

 

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخُلُقِ العظيم ، اللهمَّ صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .

قصة ملحد عرف الله :

قبل أن أصل إلى الموضوع الآخر في الخطبة الثانية ، أتمنى عليكم أن تكون هذه الوصية منهجاً لكل أب ، والله فيها كل شيء ، فيها العقيدة ، فيها بر الوالدين بالحدود الشرعية ، وفيها العبادات ، وفيها المعاملات ، وفيها الأخلاق ، منهج كامل ، ولكنْ بشكل موجز ، فإذا فُصل صار منهجاً لكل أب ولكل معلم ، وقد ألقيت الخطبة الأولى بمناسبة حفل اختتام الدورة الصيفية لمعهد التحفيظ في هذا المسجد ، وهذه الخطب متعلقة بمنهج تعليم الصغار . كتاب تُرجم إلى العربية ، فيه ترجمة مرشد آمن بالله عز وجل ، أدق ما في هذا الكتاب هذا الرجل بعد أن عرف الله ، واتصل به ، وشعر بالسعادة التي لا توصف ، يصف حالته قبل الإيمان ، يقول: لا أحد يعرف الوحدة كالملحد فعندما يشعر الشخص العادي بالعزلة فإنه يستطيع- هذا الذي عرف الله - أن يناجي من خلال أعماق روحه الواحد الأحد ، الذي يعرفه ويكون بمقدوره أن يشعر بالاستجابة ، ولكن الملحد لا يستطيع أن يسمح لنفسه بتلك النعمة العظيمة ، نعمة أن تناجي الله عز وجل ، وأن تنتظر إجابته .
اتصالك بالله عز وجل عن طريق الدعاء ، وانتظارك استجابته عن طريق الإكرام ، هذه النعمة العظمى لا يعرفها الملحد ، ويقول لك : لأن عليه أن يسحق هذا الدافع ، ويذكر نفسه بسخفها ، لأن الملحد عالمه صغير جداً ، حظوظه إدراكاته ، وهذا العالم المحدود في تناقص مستمر .
هذا الملحد يعمل أستاذاً للرياضيات في جامعة كبرى من جامعات أمريكا ، منطلق بحثه عن الحقيقة ، منطلق إيمانه بالله ، فتاة دخلت مكتبه - أذكر لكم ما كتب حرفياً - يقول هذا الرجل الذي آمن بالله وأعلن إسلامه بعد أن كان ملحداً ، وهو على مستوى عالٍ جداً من الذكاء ، ويعمل أستاذاً في جامعة في أمريكا للرياضيات ، يقول : لن أستطع نسيان تلك الفتاة الشابة ، التي جاءت إلى مكتبي تطلب المساعدة ، وعندما فتحت الباب ، وجدت أمامي امرأةً غامضة ، بدت وكأنها من الشرق الأوسط ، كانت مغطاةً بالثياب السود بشكل كامل ، من رأسها إلى قدميها ، بينما الفتيات هناك يسرن شبه عرايا . . لقد طلبت مني المساعدة في الجانب النظري من حقل دراستها ، وقالت إن أستاذها أرشدها إلي ، وافقت على مساعدتها ، وسرعان ما تحطمت الصورة التي كنت كونتها عن النساء العربيات ، لقد كانت طالبة دراسات عليا في الرياضيات ، وهي معيدة في الجامعة التي أعمل فيها ، ولكنني لم أستطع أن أتخيلها وهي تقف بتلك الملابس أمام صف من سكان انديانا الأصليين وفي الوقت نفسه كان لها وقار واتزان جعلاني أشعر بالخجل من نفسي بقربها ، وجدت نفسي محاولاً عدم التحديق بها ، لشدة هيبتها ، لقد كان بداخلها قوة لا أعرف ما هي ، ومنذ تلك اللحظة أصبح عندي اهتمام بالشرائع الأخرى، هذا المفتاح . . المؤمن ، لباسه ، صمته ، أدبه ، نفسه ، وضوحه هو دعوة بكاملها ، قد لا يتكلم . .

دخلت فتاة محجبة ، رصينة ، وقورة ، تسأله أن يساعدها في موضوع قال: استحييت أن أنظر إليها ، شعرت بخجل أن أكون قريباً منها ، شعرت أن قوةً في داخلها ، ما هذه القوة ؟ هذا المنظر وسط بحر من النساء الكاسيات العاريات ، شبه المتعريات في أمريكا ، هو الذي دفعه إلى أن يسلم . . طبعاً قرأ القرآن ، وقرأ ترجمة القرآن ، وصار يصلي . .
سأله مرةً رجل مستهزئاً : لمَ تصل الصلوات في المسجد ولا سيما الجهريات وأنت لا تتقن العربية إطلاقاً ؟ ماذا تفهم بالصلاة ؟ فكانت إجابته مذهلة ! . . قال : ماذا يفهم الطفل الرضيع وهو على صدر أمه وهي تحدثه ، ماذا يفهم من كلامها ؟ إنه يشعر بسعادة لا توصف مع أنه لا يفهم كلامها . والله أيها الأخوة ؛ قرأت هذا الكتاب بعضه ، أدركت حقيقة هي ما يلي: أن في الكون حقيقةً واحدة هي الله ، ولا حقيقة سواه ، وكل إنسان من أي جنس ، من أي عرق ، من أي دين ، من أي ثقافة ، يقترب من الله عز و جل ، يشعر بمشاعر موحدة تجمع المسلمين جميعاً ، قد تقرأ عن رجل ليس مسلماً ، كان ملحداً ، بعيد عن بيئتنا ، وعن ثقافتنا ، وعن ظروف حياتنا ، يتصل بالله عز وجل ، فإنك ترى نفسك في كتابه ، ما هذا السرُّ ؟ . . هذا هو سرّ الإسلام ، الإسلام يجمع ، بينما التعصب له يفرق ، التعصب للأديان يفرق ، أما حقيقة الدين فتجمع .
أيها الأخوة الكرام ، يقول: شعرت أن قوةً بداخلها ، لا أعرف ما هي ، ومنذ تلك اللحظة أصبح عندي اهتمام بالشرائع الأخرى ، وهذه الرحلة الطويلة ، انتهت بإسلامه ، وحسن طاعته لله عز وجل ، وقد ألّف كتاباً مطولاً ، أجاب فيه ابنته الصغيرة ، قالت له : يا أبت لماذا أسلمت ؟ . . قال : هذا حقها ، لأنني سأغير مستقبل أولادي ، هم مسلمون مثلي ، فإذا سألتني ابنتي لماذا أسلمت يا أبت ، فهذا الكتاب هو جواب لها .
فيا أيها الأخوة الكرام ، آن الأوان أن نصحو ، إذا كنا نقلد الغرب ، هذا يتمتع بذكاء من أعلى مستوى ، كان أستاذه في الجامعة يقول له : اخرج من القاعة ولك العلامة التامة، لأنه إذا دخل إلى القاعة أربك الأستاذ بمثل هذا الذكاء الحاد ، تسلم أعلى منصب في الجامعة ، فلما رأى هذه الفتاة ، والنساء حولها كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، منظر هذه الفتاة جعله ينطلق إلى معرفة الدين الإسلامي .

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، لك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك .
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين .
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك.
اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين ، اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام والمسلمين ، وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنه على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور