وضع داكن
20-04-2024
Logo
حقائق الإيمان والإعجاز - الدرس : 01 - حقائق تفصيلية عن الإيمان - نقار الخشب
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

الإيمان تصديق وإقبال و الكفر تكذيب وإعراض:

أيها الأخوة الكرام: مع الدرس الأول من حقيقة الإيمان والإعجاز، كلمة الإيمان كلمة متداولة كثيراً بين أوساط المؤمنين

وقد تفهم فهماً مختصراً محدوداً ضيقاً لا يقدم ولا يؤخر ولا ينجي، وقد تفهم فهماً موسعاً هذا الذي أسعى إليه في هذه السلسلة من الدروس، أولاً الإيمان تصديق وإقبال:

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا (110) ﴾

( سورة الكهف )

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ (110) ﴾

( سورة الكهف )

هذه العقيدة، الآن الإيمان: 

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ (110) ﴾

( سورة الكهف )

صار الإيمان تصديق وإقبال، يقابله الكفر تكذيب وإعراض.

 

التصديق بما جاء في القرآن الكريم و السنة الشريفة تصديقاً تاماً كاملاً:


الإيمان تصديق وإقبال على الله والكفر تكذيب وإعراض، تصديق بماذا ؟

تصديق بأن الله موجود حقيقة الوجود، وبأن الله واحد حقيقة التوحيد، وبأن الله كامل حقيقة التنزيه، موجود وواحد وكامل، وأسماؤه جميعاً حسنى، وصفاته كلها فضلى، أن تصدق بالله خالقاً، ورباً، ومسيراً، وموجوداً، وواحداً، وكاملاً، وأنه صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى، وأن الله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته، وخلقنا لجنته، إلى ما لا ينتهي من حقائق الإيمان.
إذاً أنا أصدق بما جاء في القرآن الكريم تصديقاً تاماً وكاملاً، وأصدق بما جاء في صحيح السنة النبوية تصديقاً كاملاً وتاماً، ونحن في سلسلة الدروس السابقة العقيدة والإعجاز تحدثنا عن مقومات التكليف، تحدثنا عن الكون كثابت أول من ثوابت الإيمان، وتحدثنا عن العقل وكيف أنه أداة التكليف، وأداة معرفة الله، وتحدثنا عن الفكرة وكيف أنها مقياس نفسي تكشف به الخطأ، وتحدثنا عن الشهوة كيف أنها محرك، وتحدثنا عن حرية الاختيار كيف أنها مثمن، وتحدثنا عن الشرع كيف أنه حكم على ميزاني العقل والفطرة، وتحدثنا عن الوقت وهو غلاف العمل، الآن عرفنا ما الإيمان، نؤمن بالله.

الإيمان حركة:

الآن حقائق تفصيلية عن الإيمان، أول حقيقة الإيمان تصديق وإقبال، لا يكفي أن نصدق لأن إبليس قال:

﴿ فَبِعِزَّتِكَ ﴾

( سور ص الآية: 82 ).

﴿ خَلَقْتَنِي ﴾

( سورة الأعراف الآية: 12 ).

قال:

﴿ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾

( سورة الأعراف ).

لا يكفي أن أصدق ما لم يترجم هذا التصديق إلى حركة، حركة، الإيمان حركة الدليل:

 

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (72) ﴾

( سورة الأنفال)

الهجرة حركة من بلد لا تستطيع أن تقيم فيه شعائر الله إلى بلد تستطيع أن تعبد الله فيه حركة:

 

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (72) ﴾

( سورة الأنفال)

الإيمان يقتضي العبادة:

أيها الأخوة، الإيمان يقتضي العبادة فإن لم يقتضِ العبادة لا قيمة له إطلاقاً:

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ (110) ﴾

( سورة الكهف )

الإيمان تصديق وإقبال، أما التصديق وحده لا قيمة له إطلاقاً، تصديق وإقبال لئلا نقع في الغش، لئلا نغش أنفسنا، تصديق وإقبال والكفر تكذيب وإعراض، لذلك الآية الكريمة:

﴿ قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (68) ﴾

( سورة المائدة)

ويا أهل الإسلام لستم على شيء حتى تقيموا القرآن، ما لم تعطِ وتمنع، تغضب وترضى، تصل وتقطع لله، فلست مؤمناً الإيمان الذي ينجي، أذكركم بهذا المثل دائرة كل إنسان أنكر وجود الله عز وجل خارج هذه الدائرة، كل إنسان آمن بالله ضمن هذه الدائرة، إن آمن بالله ولم يقبل عليه، آمن بالله ولم يعبده، آمن بالله ولم يأتمر، آمن بالله ولم ينتهِ، آمن بالله ولم يقبل، هذا الإيمان لا قيمة له إطلاقاً، ضمن هذه الدائرة هناك دائرة ثانية، كل من آمن بالله وحمله إيمانه على طاعة الله دخل في الدائرة الثانية، هذا الإيمان المجدي، وأما الأنبياء والمرسلون فهم في مركز الدائرة الثانية، الأنبياء والمرسلون معصومون والمؤمنون محفوظون، المؤمن محفوظ لا تضره معصية بمعنى أنه سريعاً ما يتوب منها، وفي الأعم الأغلب تقصيراته في جزئيات صغيرة، لا يوجد كبائر، الأنبياء معصومون والأولياء محفوظون، والأولياء بالمفهوم القرآني: 

﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) ﴾

( سورة يونس)

من رحمة الله بالإنسان أن كل شيء أمره الله به مركوز في فطرته:


أيها الأخوة الكرام، النقطة الثانية وهذا من رحمة الله بنا أن كل شيء أمرنا الله به مركوز في فطرنا

كل شيء أمرك الله به فطرك وجبلك على محبته، وكل شيء 

نهاك الله عنه فطرك وجبلك على كرهه، والدليل:

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ(7) ﴾

( سورة الحجرات)

إذا قلت مؤمن مرتبة علمية، يعني طلبت العلم، يعني آمنت بالله، وبأنبيائه، وبكتبه، وباليوم الآخر، وبالقضاء والقدر، لذلك الإيمان يحتاج إلى وقت، يحتاج إلى حضور مجالس علم، يحتاج إلى متابعة، يحتاج إلى دراسة، لأن بعضاً من شطر الإيمان مستوى معرفي، عرفت، فالمؤمن بشكل أو بآخر عرف الحقيقة المطلقة، عرف أنه إنسان، عرف أنه المخلوق الأول، عرف أن الله منحه حرية الاختيار وأودع فيه الشهوات، عرف أن منهج الله عز وجل يتناقض مع طبعه، والتناقض مع طبعه ثمن الجنة، عرف أن هذه الدنيا ممر وليست مقراً، عرف أن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي.

 

الإيمان يقتضي الحساب و العقاب من الهي تعالى:


أيها الأخوة، الإيمان يقتضي أن توقن أن الله سوف يحاسب، وسوف يعاقب، ولا تنسى هاتين الآيتين:

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى(36)أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى(37)ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى(38)فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى(39)أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى(40) ﴾

( سورة القيامة )

 

الله عز وجل خلق للإنسان عقلاً عليه أن يستخدمه في معرفة الله و اتباع منهجه:

 

أيها الأخوة، هناك نقطة دقيقة جداً، اكتشف أن الأسماك التي تعيش في قيعان البحار ليس لها أعين إطلاقاً، لماذا ؟ لأن بعد مئتي متر من سطح البحر ينعدم الضوء كلياً، بعد ألف ومئتي متر ظلام مطبق تام، إذاً لا معنى لوجود عينين عند 

السمك الذي يعيش في قيعان البحار

الآن حينما يضع الله لك عيناً ينبغي أن تستعملها، فإذا كان استعمالها مستحيل في الأصل لا يخلقها، دليل لماذا سمك أعماق البحار لا عيون له ؟ لأنه في ظلام دامس والعين تفتقر للضوء، فمادام الظلام دامس وهذه السمكة مصممة أن تعيش في قيعان البحار إذاً لا عيون لها، فإذا كان لك عين ما معنى ذلك ؟ معنى ذلك أنه من أجل أن تبصر بها، الآن الله عز وجل خلق لك عقلاً من أجل ماذا ؟ معظم الناس يستخدمون عقولهم لكسب أرزاقهم، ولدنياهم، ولتحسين دنياهم، ولتحقيق مصالحهم، ولجمع الثروة والأموال الطائلة، والإيقاع بين الناس، اسمحوا لي بهذا المثل لكن دقيق قليلاً، هناك حواسيب للمعامل الحاسوب ثمنه خمسين مليوناً، ممكن تشتري حاسوباً بخمسين مليوناً وتجعله طاولة في المعمل ؟ هو بحجم الطاولة، خمسين مليوناً كطاولة ؟ إن فعلت هذا ألست محتقراً له ؟ ممكن ورقة شيك بمليون ليرة تستخدمها كورقة مسودة تكتب على ظهرها بعض الكلمات ثم تمزقها ؟ فلما الإنسان يستخدم عقله لدنياه فقط كأنه استخدم شيك بمئة مليون كورق مسودة أو كأنه استخدم حاسوب بخمسين مليوناً كطاولة، هذا معنى قوله تعالى:

﴿ اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا (9) ﴾

(سورة التوبة)

أكبر مصيبة تصيب الإنسان أن يكون غافلاً عن الله:

إذاً ما دام الله عز وجل قد خلق فينا العقل إذاً ينبغي أن نستخدمه لمعرفة الله، و الدليل أن الله نصب في هذا الكون آيات لا تعد ولا تحصى، لذلك: 

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) ﴾ 

( سورة القيامة )

الآية الثانية:

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) ﴾

(سورة المؤمنون)

أنا أقول، أكبر مصيبة تصيب الإنسان أن يكون غافلاً عن الله، يعيش بلا هدف والآية الكريمة:

﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (22) ﴾

( سورة الملك ).

من عرف هدفه الحقيقي في الدنيا جاءت أساليبه ووسائله لخدمة هذه الهدف:

أتمنى عليكم أيها الأخوة أن تتعرف إلى الهدف الحقيقي في الدنيا

تصور طالباً ذهب إلى بلد غربي لينال الدكتوراه في باريس، وباريس مدينة عملاقة، فيها مقاصف، فيها حدائق، فيها مسارح، فيها مكتبات، فيها دور سينما، فيها دور لهو، فيها معامل، فيها مؤسسات، مدينة عملاقة، في كل هذه المدينة له هدف واحد أن ينال الدكتوراه، مادام هذا الهدف واضحاً جداً دقق الآن يتحرك بمئة حركة لخدمة هذا الهدف، يريد أن يستأجر بيتاً، يبحث عن بيت قريب من الجامعة ليوفر الوقت والجهد والمال، يحب أن يصادق شخصاً، يصادق طالباً يتقن اللغة الفرنسية، يحب أن يشتري مجلة، يشتري مجلة متعلقة باختصاصه، يحب أن يأكل أكلاً يعينه على الدراسة، حينما يتضح الهدف تأتي الجزئيات والوسائل لخدمة هذا الهدف.
لذلك أهم شيء أن تعرف لماذا أنت في الدنيا ؟ لا أن تكتشف الحقيقة على شفير القبر، أو على فراش الموت، والله إنسان عنده دار قمار (القصة طويلة) ولكن وهو على فراش الموت أصيب بمرض عضال، فيبدو أن من أقربائه هناك رجل مؤمن زاره قال له: معي ثمانمئة مليون جمعتها من القمار ماذا أفعل ؟ أنا لا أقول هذا الذي قاله على صواب لكن أقول ما الذي قاله، قال له والله لو أنفقتها كلها لا تنجو من عذاب الله ؟ متى كشف الحقيقة ؟ وهو على فراش الموت.

العاقل من تكيف مع أخطر حدث في المستقبل وهو مغادرة الدنيا:


أنا أتمنى أن تؤمنوا معي أن قمة الذكاء هو التكيف، التكيف مع ماذا ؟

التكيف مع أخطر حدث في المستقبل وهو 

مغادرة الدنيا من بيت أربعة وصالون، غرفة نوم، غرفة ضيوف، استقبال، مطبخ، حمام، تكييف، تدفئة، ثلاجة، فواكه، عصير، أزهار، أجهزة كاملة إلى قبر، هل هناك من حدث أخطر من هذه النقلة المفاجئة ؟ من بيت إلى قبر، ماذا أعددنا لهذه الساعة ؟ هذه البطولة، هذا هو الذكاء، والله الذي لا إله إلا هو مرة شيعنا أحد أخوتنا حينما رفع غطاء النعش وحمل وأحد من دفنه سبقه إلى القبر لكي يستقبله وضع على الأرض وضعت الحجرة أهيل التراب، والله الذي لا إله إلا هو جاءتني ومضة أنه ما وجدت على وجه الأرض إنساناً أعقل ولا أذكى ممن يعد لهذه الساعة، كل ذكائك، بطولتك، تفوقك، نجاحك، فلاحك، في الإعداد لهذه الساعة، هل أعددت عملاً صالحاً ؟ هل أعددت عبادة متقنة ؟ هل أعددت تربية أولاد صالحين ؟ أعددت بيتاً مسلماً ؟ أعددت عملاً صحيحاً ؟ أعددت إنفاقاً ؟ دعوة إلى الله ؟ ماذا فعلت ؟ اسأل نفسك هذا السؤال المحرج، ماذا فعلت في هذه الدنيا ؟

كل إيمان بحاجة إلى عمل صالح:

نحن في حقائق الإيمان، الإيمان عمل، أكثر من مئتي آية في كتاب الله:

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (3) ﴾

( سورة العصر ).

إبليس من الذين آمنوا لكن ليس له عمل صالح، تأكيد آخر: 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾

( سورة فصلت: الآية 30).

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (3) ﴾

( سورة العصر ).

اعتقد يقيناً أن إيمانك وتصديقك أن هناك إلهاً عظيماً، وأن هناك دار آخرة، وأن هناك موتاً، وأن هناك عذاباً في القبر، وأن هناك جنة عرضها السماوات والأرض، كل هذا الإيمان لا قيمة له، كنت أضرب هذا المثل شخص قال لآخر على كتفك عقرب، هذا الذي على كتفه العقرب بقي هادئاً مرتاحاً، تلقى هذه الملاحظة بابتسامة قال: والله أنا شاكر لك على هذه الملاحظة، وأرجو الله عز وجل أن يُمكنني من ردّ هذا الجميل، هل تصدقون أنه فهم ما قيل له ؟ لو فهم ما قيل له لقفز وصرخ وخلع معطفه فجأةً.

 

ما إن تستقر حقيقة الإيمان في نفس المؤمن حتى تعبر عن نفسها بحركة:

ما لم تتحرك الإيمان غير صحيح، حتى إنهم قالوا هناك قانون يضبط علاقتك بالمحيط إدراك، انفعال، سلوك، بالضبط تمشي في بستان لا سمح الله رأيت أفعى علامة صحة إدراكك أنها أفعى وأن لدغتها قاتلة تضطرب و قد تصرخ، 

علامة صحة الإدراك الانفعال

وعلامة صحة الانفعال الحركة، إما أن تقتلها وإما أن تهرب منها، دقق بهذا القانون عالم اسمه دوركاين جاء بهذا القانون إدراك انفعال سلوك، إن قيل لك كلام رائع، ولم تنفعل، ولم تدرك ما قيل لك، وإن انفعلت ولم تتحرك كذب لم تنفعل تصنعت الانفعال، علامة صحة الإدراك الانفعال وعلامة صحة الانفعال الحركة، فما لم تتحرك لست مؤمناً حتى إنهم قالوا ما إن تستقر حقيقة الإيمان في نفس المؤمن حتى تعبر عن نفسها بحركة، يذهب إلى درس علم هذه حركة، يذهب لإطعام فقير، يذهب لزيارة أخته في طرف المدينة صلة رحم، حركة، ينفق من ماله حركة، يسأل عن قضية في التجارة حركة، المؤمن متحرك، مؤمن سكوني لا يوجد، الإيمان إعجاب سلبي غير صحيح، الإيمان إعجاب إيجابي، إعجابه حركي، الإيمان تصديق وإقبال، تصديق وحركة، المؤمن إنسان متحرك:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (72) ﴾

( سورة الأنفال)

ينبغي أن تؤمن.

 

بطولة الإنسان أن يُعرض عن الشر و يستجيب للخير:


الإيمان تصديق أن الله عز وجل فرز لك ملكاً معك

يأمرك بالخير، ينهاك عن الشر، يأمرك بالطاعة، ينهاك عن المعصية، يأمرك بعمل صالح، ينهاك عن عمل سيئ، هذا الملك، وللتوازن والتعادل هناك جني، هناك شيطان مع الإنسان يأمره بالمعصية ويزهده في الطاعة، لا تنفق اترك هذا القرش ليومك الأسود، ينهاك عن العمل الصالح ويفرق بينك وبين زوجتك، والملك يوفق بينك وبين زوجتك، هناك شيطان وهناك ملك، من أجل التوازن، فأنت مخير حتى إن الشيطان قال:

﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ﴾

( سورة إبراهيم الآية: 22 ).

فالإيمان في ملك وفي شيطان، بطولتك أن تستجيب للملك، وأن تعرض عن الشيطان.

 

المعركة بين الطبع و التكليف معركة دائمة:


الآن الإيمان لك قلب هو مركز النفس، هذا القلب مسيطر على كل ما في النفس والدليل:

(( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ))

في ( الصحيحين ) عن النعمان بن بشير

القلب معه مستشار علمي الفكر، كشخص معه آلة حاسبة، الفكر جهاز لخدمة القلب، وهناك الجسم، لذلك القلب هو الآمر، الآمر على الدماغ، والآمر على النفس، هناك صراع بين النفس وبين القلب، النفس تريد أن تجر القلب إليها، وأن تجعله في خدمتها، وأن تجعله يأمرها بالمعصية، والقلب يحاول أن يسيطر على النفس، هناك معركة هي الحقيقة بين الطبع وبين التكليف.

 

 

فصل الإيمان عن العمل يوقع الإنسان في أخطاء كثيرة:

أيها الأخوة، حينما تدرك حقيقة النفس، أنت المخلوق الأول، المخلوق المكرم، المخلوق المكلف بعبادة الله، والعبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمبحة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية

أنت هناك ملك وهناك شيطان مركزك القلب والدماغ في خدمتك، للتقريب، إنسان لا يملك من الدنيا إلا بيتاً غالٍ جداً، وباعه بعملة صعبة، ما هو الخطر ؟ الخطر أن يقبض ثمن البيت عملة مزورة، هذا خطأ ماحق ضيّع كل شيء، يوجد بجيبه اليمين جهاز إلكتروني يكشف له العملة المزورة، الآن في جهاز يعطيك لوناً زهرياً معنى هذا أن الدولار صحيح، فيه معدن، وإن كان مزوراً أي عبارة عن ورق يظهر لون آخر، معه جهاز و معه بالجيب اليسار أرقام العملات المزورة، يعني الشرع، الجهاز الإلكتروني العقل، أرقام العملات المزورة الشرع، وباع البيت لا يملك غيره بعملة صعبة لا استخدم الجهاز ولا قرأ أرقام العملات المزورة فخسر الدنيا والآخرة، إما أن تستخدم عقلك وإما أن تستخدم المنهج الشرع افعل ولا تفعل، فأنت الإيمان تصديق ولكن حركة، تصديق وإقبال، تصديق واتصال بالله، تصديق واستقامة، تصديق وعمل صالح، حينما تفصل العمل عن الإيمان وقعت في متاهة كبيرة.
أيها الأخوة، إن شاء الله نمضي ثلاثين حلقة في موضوعات الإيمان ونحن في أمس الحاجة إلى تفاصيلها ونحن كما تعودنا ننتقل إلى موضوع علمي إن شاء الله.

 

الموضوع العلمي:

نقار الخشب من صنع الله الذي أتقن كل شيء:

عندنا طائر اسمه نقار الخشب، والله أيها الأخوة، هناك حقائق عن هذا الطائر أقول دائماً لا تصدق، هذا الطائر له منقار قوي متين، منقار طويل جداً، هذا المنقار يمكن أن يثقب أشد الأشجار صلابة، هذا المنقار يقاوم قوى الضغط، شجر صلب كخشب الزان مثلاً ومتين يقاوم قوى الشد، قوي ومتين، كأداة لخرق الخشب

إنه مثقب تركيبه عجيب في قوة ومتانة ومرونة وعضلات رقبة قوية جداً، منقار في رأس الطائر فمن أجل أن يثقب هذه الشجرة يحتاج إلى عضلات قوية جداً، وإلى بنية لهذا المنقار متينة جداً ومرنة جداً، لماذا يحتاج إلى عضلات قوية جداً ؟ قال لتأمين ضربات إيقاعية قوية وكأنه إزميل، يقف هذا الطائر على الشجرة يداه قصيرتان جداً ورجلاه طويلتان، ويداه ورجلاه مزودتان بمخالب تمسك بلحاء الخشب، كيف أحياناً الرافعة تلغى عجلاتها، وتلغى مفاصلها، وتقف على أربعة أعمدة كي تكون ثابتة، كذلك هذا الطائر يغرس ظفرين بلحاء الشجر بيديه ورجليه كي يثبت تماماً، وهناك عضلة برقبته شديدة جداً، و منقار طويل متين قوي مرن، يجب أن يصل إلى لب الشجرة، لماذا ؟ لأن في داخل الشجرة حشرة هي غذاؤه حتى هذا التاريخ، الشجرة عملاقة بلبها حشرة بأي مكان مثلاً ثلاثة أمتار وثمانية وتسعين سنتمتراً يقف هنا، حتى هذه الساعة لا أحد يعرف كيف يعرف هذا الطائر مكان الدودة، يقف بمسافة على مستوى سنتمترات هذه المسافة تقابل هذه الدودة ينقر ينقر يقطع اثني عشر سنتمتراً من الخشب الصلب نقراً إلى أن يصل المنقار إلى لب الشجرة عند الدودة، له لسان بطول منقاره اثني عشر سنتمتراً، ينتهي بسطح خشن في مادة لاصقة يضعه على الحشرة ويسحبها ويأكلها، صنع الله الذي أتقن كل شيء.

الله عز وجل خلق كل شيء بتفاصيل تتناسب مع وظيفته:

رجلان طويلتان مع مخالب، يدان قصيرتان مع مخالب، عضلة قوية جداً تعطي هذا الدفع المستمر، منقار طويل متين، ومرن، وقوي، ولسان بطول المنقار، ينتهي بسطح خشن مع مادة لزجة يصل إلى الحشرة أو الدودة في المكان الدقيق، أما كيف يعلم هذا الطائر مكان الدودة حتى هذا التاريخ لا أحد يعلم.
أيها الأخوة، هذا صنع الله:

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (11) ﴾

( سورة لقمان )

أيضاً له ريش، حينما يستند إلى الشجرة بيديه الصغيرتين مع المخلبين، ورجليه الطويلتين مع مخلبين، ريش ذيله ريش قاسٍ جداً حتى يكون مسنداً قوياً له أثناء الضغط على الشجرة:

 

﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾

( سورة : طه ).

﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) ﴾

( سورة الأعلى )

ما معنى خلق فسوى ؟ يعني سوى هذا الخلق بتفاصيل تتناسب مع وظيفته، أنا وضحت ذلك بمثل، شخص أراد أن يبني غرفة لمركبته أشاد غرفة حيطان وسقف وباب، لكن بعد أن أشادها تبين أن طول هذه الغرفة أقصر من سيارته معنى ما سوى، صنع غرفة لكن ليست متناسبة مع مركبته، أو صنع غرفة عرض هذه الغرفة لا يسمح بفتح الأبواب ما استفاد شيئاً، أما حينما يكون طولها وعرضها وارتفاعها وفيها حنفية ماء من أجل غسيل المركبة، حينما تسوى هذه الغرفة مع أبعاد السيارة نقول بنى غرفة وسواها مع مركبته.

 

الله تعالى في كل شيء له آية تدل على أنه واحد:

الله عز وجل وصف ذاته العلية بأنه خلق فسوى، يعني أنت مخلوق وفق خصائص دقيقة جداً

هذا الطفل ليس في حليب أمه حديد، الله أودع في طحاله كمية حديد تكفيه لعامين، الطفل لا يمكن أن يتعلم في الأشهر الأولى، أعطاه منعكساً جاهزاً منعكس المص، آلية معقدة جداً تُخلق مع الطفل، الطفل حينما يخرج من بطن أمه الطريق ضيق عظامه مرنة غضروفية بعد أن يكبر يتحول الغضروف إلى عظم، خلق فسوى.

فيا أيها الأخوة:

وفي كل شيء آية تدل على أنه واحد

***

هذا نقار الخشب رجلاه، يداه، الكلاليب، الريش، عضلات الرقبة، المنقار الطويل المتين القوي المرن، اللسان، المنطقة الخشنة في مقدمة اللسان، المادة اللزجة كيف يعرف مكان الدودة هذا من آيات الله الدالة على عظمته:

وفي كل شيء آية تدل على أنه واحد

***

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور