وضع داكن
19-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 058 - أحاديث نبوية متفرقة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

ما سر هذا الحديث؟ :

 يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام البيهقي:

((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه, وأعلمه أجره وهو في عمله))

 في هذا الحديث حرف واحد؛ كل سره في هذا الحرف: أعطوا الأجير أجره، لو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: أعطوا الأجير أجراً؛ أي أجر يجزئ رب العمل، أما حينما قال: أعطوا الأجير أجره؛ الأجر الذي يتناسب مع جهده، وقد يكون مضطراً، قد يرضى منك أن يأخذ أبخس الأجور، قد يرضى منك أن يأخذ أقل مبلغ تعطيه إياه، ولكنه مضطر؛ إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام أمرك أن تعطيه الأجر الذي يليق به، الأجر الذي يكافئ جهده، الأجر الذي يغطي حاجاته.

اعتقاد باطل :

 الإنسان حينما يعتقد أنه يعيش في الدنيا من أجل أن يستمتع بها، وأن الموت نهاية الحياة الدنيا؛ له أن يفعل ما يشاء، له أن يبني مجده على أنقاض الناس، له أن يبني ثروته على إفقار الناس، له أن يمص عرق الناس، إذا لم يوجد آخرة؛ ممكن.

ربح الإنسان ليس في حجم ثروته ولكن في حجم عمله الصالح :

 أيها الأخوة, أما حينما يكون هناك يوم نقف جميعاً بين يدي الله عز وجل، ليسألنا عن كل شيء؛ عن هذا المال مم اكتسبه، وفيم أنفقته؟ فربح الإنسان ليس في حجم ثروته, ولكن في حجم عمله الصالح، فالذي عنده موظفون، أو عمال، أو رجال يعملون معه؛ إن أعطاهم حقهم، وقل ربحه, أفضل له عند الله ألف مرة من أن يعطيهم أقل من حقهم، ويزداد ربحه، أما بالعقلية التجارية؛ كلما ضغطت المصاريف؛ ازداد الربح، لك أن تضغط المصاريف, مصاريف الضيافة اضغطها، مصاريف السفر اضغطها، مصاريف الإعلان اضغطها, أما مصاريف الأجور هذه لا ينبغي أن تضغطها، إنك إن ضغطتها؛ ضيعت حق هؤلاء، والله عز وجل سيسألك عنها، في الحديث: أعطوا الأجير أجره؛ أي الأجر المكافئ لعمله، الأجر المتناسب لطاقته، الأجر الذي يوفر له كرامته.

خطأ كبير يحصل في التجارة والصناعة :

 أنا أجد أن أصحاب الأعمال الناجحة؛ تجارة أو صناعة, الذين يعطون من معهم الأجر الكافي؛ يأخذون منهم كل شيء، ويعطونهم الأجر الكافي، أما حينما تبخل على من معك, وهو أمين, فهذا خطأ كبير قي التجارة والصناعة، خطأ كبير أن تضيق على من يعمل معك ليلاً ونهاراً.

((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه))

 أولاً: في الهاء؛ يعني أعطوه الأجر المناسب، وثانياً: السرعة؛ أعطوه الأجر في الوقت المناسب، وثالثاً: واعلموه.

الجهالة تفضي إلى المنازعة :

 أيها الأخوة, الجهالة تفضي إلى المنازعة.
 أكثر التجار؛ لا تفرق، تعال, يبني آمالاً ...، خذ دفعة, يجعلها دفعات لبعد ستة أشهر أو سنة؛ يفاجئه بمبلغ بسيط جداً، بمعاش قليل؛ يعمل عنده ثورة، لماذا؟ قل له من أول يوم: أنا أجرك عندي كذا وكذا، أعلمه، أعطه الأجر المناسب في الوقت المناسب، وبين له مسبقاً حجم أجره؛ من أجل ألا تنشأ منازعة بينك وبينه، من أجل ألا يحقد العامل على رب العمل.

رسالة لكل من يملك حرفة وله موظفون :

 أخواننا الكرام، أصحاب الأعمال التجارية، أو أصحاب المعامل، إذا عدوا موظفيهم كأبنائهم، جعلهم الله تحت إشرافك، وأناطهم بك، لا تعاملهم كأشخاص تعصرهم، وتأخذ جهدهم، ثم تلفظهم، عاملهم كأخوة لك، كأفراد أسرة واحدة؛ هذا مما ينهض بهم، ويسبب توفيق الله عز وجل لهذا العمل.
 يعني حديث دقيق:

((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه, وأعلموه أجره و
هو في عمله))

 كلما نقصت المعلومات، تنشأ المنازعات، كلما أعطيت كلام ضبابي؛ تنشأ منازعة، كلما أبقيت شيئاً غير واضح، تنشأ منازعة، وضح كل شيء، بين كل شيء، أعطه الأجر المناسب في الوقت المناسب، مع الإعلام الكافي بكل التفاصيل.

هذا ما يفعله الكثير من التجار :

 كثير لنا أخوان تجار، يجدون صانعاً ذكياً، يلمحون له بالشراكة, قد أشاركك, مسكين هذا الصانع؛ يدخل في علم الأحلام، يعيش أياماً سعيدة جداً؛ وصاحب العمل ليس جاداً في هذا القول، يشغله سنتين، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، وبعد ... ما في أمل أن يدخله معه ولا بنسبة ولا بشيء إطلاقاً، أنت غررت به؛ طمعته ثم أحبطته، وهذا لا يجوز؛ الإنسان يجب أن يكون واضحاً. قال له:

((لا إيمان لمن لا أمانة له, ولا دين لمن لا عهد له))

[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط, والبزار في مسنده, والإمام أحمد في مسنده, وابن حبان في صحيحه]

 كلمة سهلة، لكن كلمة من صاحب العمل؛ هذه تعطيه أملاً للموظف، تجعله يعيش في أحلام, فحينما يفاجأ أنك لست جاداً فيما تقول؛ ينشأ عنده إحباطاً، قد يؤدي به إلى انحراف نفسي، أو انحراف خلقي، أصعب شيء بالإنسان خيبة الأمل؛ أن يكون معلقاً آماله على شيء؛ ثم في لحظة واحدة هذا الشيء يتبدد أمامه، أيام يختل توازنه، أيام يفقد صوابه، أيام يصاب بجلطة، فهكذا الكلام؛ تظنه كلاماً بسيطاً، إذا وعدت: المؤمن إذا وعد وفى، وإذا عاهد صدق في عهده, وإذا أؤتمن لم يخن.
 يعني: هذا الحديث لأخواننا التجار مفيد جداً؛ أعطه الأجر المناسب في الوقت المناسب، مع الإعلام الكافي، ولعلك ترزق به, ربما, من أدق ما في هذا الدين, أنه يمتحنك, فإن رآك أديت للناس حقوقهم, بارك الله بك، وبرزقك، ومتعك بحياتك.

قصة من الواقع :

 في عندنا أخ بجامع النابلسي، أخ مقيم كان في لبنان، فلما زار بلده سورية، وسمع كذا درساً, تاقت نفسه أن يبقى في الشام دائماً، لكن ليس له عمل هنا، فهو كان يعمل سابقاً بمواد الحلويات، فأعاره أخوه سيارة، واشترى من المعامل بعض المواد الغذائية، ووزعها على بائعي المفرق، يعني ألفان إلى ثلاثة آلاف يحصلهم في الشهر، باليوم؛ ساعتان، ثلاث، والسيارة استعارة، والمواد للمعامل للتوزيع. له صديق حميم متزوج حديثاً، هذا الصديق فقد عمله فجأة, صاحب العمل أنهى له عمله, فإنسان متزوج من شهرين، ثلاث، وعريس، ودخله ... التجأ لهذا الأخ الأول, قال لي: ماذا سأفعل معه؟ يعني صديق، وفقد دخله، قال لي: والله, أقاسمه دخلي.
 كل دخلك ألفان ليرة، ثلاثة ألاف؛ قصة قديمة، قال له: اجلس بجانبي، أنت تنزل وتوصل العلبة للسمان فقط، أنا أبقى وراء المقود، معناها أنت تعاونني بالجهد، وأعطيك نصف الدخل.
 الرجل حي يرزق، يقسم بالله العظيم، أول شهر؛ الله هداهم إلى شيء ... هكذا؛ بعض أنواع الحلويات الكروية: وضعهم بصندوق مئة قطعة مع كذا صورة وباع بشكل جملة. قال لي: أول شهر، حصلنا عشرين ألفاً, قال له: هذه عشرة، وهذه عشرة, من ألفين لعشرين, بنفسية أنه أنا أريد أن أعين أخي؛ يعني إذا أنت تاجر ولديك موظفين ثلاثة؛ بنفسية هؤلاء أخواني، هؤلاء مثل أولادي؛ لازم أعطيهم حقهم، لازم أكرمهم، لازم آخذ بيدهم، أنا مثل والدهم، فإذا أنت بهذه النفسية؛ فالله يعطيك ويعطيهم، ويعطيك لتعطيهم، ويرزقك بحسنتهم؛ حاجة دقيقة, عامل الله عز وجل, هذا الذي أمامك؛ إنسان، إنسان.

ما رأيك؟ :

 أنا مرة كنت بمحل يعني بخانة الجمرك، يعني كان يوم عطلة، فكان ابن صاحب المحل صف الثاني, من غرائب الصدف، وعنده صانع بصف الثامن، يعني بسنه تقريباً، فحمل الصانع أول ثوب، ثاني ثوب، ثالث ثوب، رابع ثوب, قال له: لم أعد أقدر, قال له: شاب أنت, جاء ابنه، حمل ثوباً واحداً؛ قال له: انتبه، بابا .. ظهرك.
 يا لطيف، يا لطيف؛ موقف قذر، هذا ابن الناس أيضاً، ابن الناس هذا، خفت على ابنك بثوب واحد، ما خفت على ابن الناس بعشرة أثواب، تحمله إياهم؟! هذه أمامي جرت.
 فأنت لما تكون مؤمناً إيماناً قوياً؛ ترى أن هؤلاء الذين حولك عباد الله عز وجل، وإن الله سيسألك عنهم جميعاِ، سيحاسبك عنهم.

احذر من هذا الفعل أيها التاجر :

 الإنسان يضع لابنه مئتي ألف دروساً خاصة؛ ليأخذ بكالوريا، فيدخله جامعة؛ ليجعله طبيباً، في عنده صانع؛ يطلب منه ساعة قبل انتهاء الدوام؛ ليحضر الدرس بمدرسة ليلية، ليأخذ كفاءة، لا يرضى؛ يقول لك: إذا تعلم يتكبر, الله سيحاسبك ... ابنك دكتور تريده، أما هذا اليتيم إذا أحب أن يأخذ كفاءة؛ تمنعه؟!. نحن نريد أخواناً تجاراً مؤمنين؛ يعاملون الناس معاملة أب، وإلا تنشأ نظم وتنشأ نظريات؛ نستوردها من الشرق تارة، أساسها الحقد، أساسها تفريق الأمة، أساسها تحطيم الأغنياء:

((الأغنياء أوصيائي والفقراء عيالي، فمن حرم مالي عيالي؛ أذقته عذابي ولا أبالي))

هكذا نريد أصحاب المعامل :

 في أخ من أخواننا كان يشتغل عاملاً بمعمل جوخ، لكن صاحب المعمل صالح جداً؛ يقسم بالله العظيم؛ لا يذكر اسم صاحب المعمل إلا و يبكي وفاء له، ويقرأ الفاتحة على روحه. قال لي: أنا كنت صغيراً، أبي ميت, يتيم, اشتغلت عنده, أول يوم أكرمه؛ أعطاه هدية، أخذ له ألبسة، مدير المعمل, شيف المعمل, أدخله على حراق، فجعله أسوداً؛ فأقام قيامته، أخذوه على الحمام، غسلوه، أخذ له بدلة جديدة، وصار كل يوم، يقول له: تعال كل معي. قال لي: أنا أجلب معي معكرونة، وهو يجلب معه أكلاً طيباً. قال لي: إذا تأكل من طعامي؛ أتناول من طعامك, عامله كابن، وكلما ذكر اسمه؛ يبكي ويقرأ له الفاتحة، نحن هكذا نريد أصحاب معامل؛ يكون عمالهم مثل أولادهم؛ فينشأ ترابط اجتماعي، تعاون، هذا الحقد مستورد؛ ليس من عندنا؛ الحقد بين الطبقة العاملة وأرباب العمل؛ هذا حقد مستورد؛ نحن ليس عندنا بالإسلام حقد؛ عندنا بالإسلام رب عمل مثل الأب، والأعمال والموظفون كأولاده تماماً؛ ينصحهم في دينهم، وفي دنياهم، ويعطيهم أجرهم قبل أن يجف عرقهم.

لا تستغرب :

 هذا الحديث دقيق جداً؛ لعلك ترزق به، أنت حاول, هذا الأخ الذي عندك, تعامله كابنك؛ تجده يخلص لك.
 كثيراً ما أعرف أناساً، يدخل موظف التموين، يكتب مخالفة؛ الصانع لا يقبل إلا أن يقدم هويته محل معلمه: وفاء, ففي موظفون مخلصون جداً، السبب: أن صاحب العمل أعطاهم حقهم وأكرمهم.

هذا الحديث يخصك أيها التاجر :

 هذا الحديث وجدته مناسب جداً لأخواننا التجار؛ عندك صانع، عندك محاسب، عندك موظف؛ أكرمه، ودله على الله، واجعله يصلي في المسجد, لا تعتبر الصلاة ضياعاً للوقت, بالعكس إذا صلى؛ اتصل بالله؛ صار أميناً، لمصلحتك إذا صلى، إذا كان له صلة بالله؛ تستفيد منه أكثر، صار أميناً, والأمانة أهم شيء بالعمل:

((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه, وأعلموه أجره و
هو في عمله))

اعلمي هذا أيتها المرأة :

 حديث آخر؛ يقول عليه الصلاة والسلام:

((أعظم الناس حقاً على المرأة زوجها.

 -في بحياة المرأة؛ أبوها، أخوها، ابنها، عمها، خالها، ابن أختها، ابن أخيها، زوجها؛ أعظم الرجال حقاً، أعظم الناس حقاً على المرأة زوجها-.

وأعظم الناس حقاً على الرجل أمه))

 وجاء لفظه في الصحيح:

((قلت: يا رسول الله! أي الناس أعظم حقاً على المرأة؟ قال: زوجها, قلت: فأي الناس أعظم حقاً على الرج أخرجه الحاكم في مستدركه؟ قال: أمه))

 على خلاف ما يتوهم الإنسان، ليس زوجته؛ بل أمه، الأم هي الأولى ثم الزوجة، الأم أنجبت، الزوج هو الأول؛ الآن في كثير زوجات؛ من أجل أن تنفذ كلام أمها؛ تخرب بيتها، وتخسر زوجها، وتخسر أولادها, المرأة يجب أن تعلم أن أول إنسان في حياتها؛ زوجها:

((فإنما هو جنتك ونارك))

 جنتها إذا أخلصت له، واتقت الله في معاملته، ونارها إذا أهملت واجبه، إنما هو جنتك ونارك، فيجب أن نربي بناتنا هكذا.

من أخطاء الآباء :

 أيام الإنسان يكون قاضياً وهو لا يدري؛ تأتيه ابنته متخاصمة مع زوجها؛ الأب يصغي إلى ابنته، وكأن كلامها منزل، ولا يسمح لنفسه أن يسأل صهره: ماذا فعلت معك ابنتي؟ كلام ابنته مصدق، يقاطع الصهر، لا يتصلون به؛ الذي حكته البنت صحيح!! كلا؛ غير صحيح؛ قد تكون الزوجة ظالمة جداً، أنت قاض الآن؛ يجب أن تكون منصفاً، وعامل الناس كما تحب أن يعاملوك، لو كنت صهراً، وزوجتك أساءت لك؛ وذهبت إلى بيت أهلها؛ أنا عندي آلاف القصص، أنا لا أنطلق من هواء، أنا تأتيني قصص كثيرة جداً؛ أعتب على الآباء: سمعت كلام ابنتك، ولم يخطر ببالك أن تسأل صهرك، لعلها أساءت له، لعلها قصرت في حقه، لعلها تطاولت عليه.

أين عقلك أيها الأب؟ :

 أخ من أخواننا؛ زوجته أساءت له إساءة تفوق حد الخيال؛ كلاماً وضرباً وإهانة وإهمالاً, وذهبت إلى أبيها، وتكلمت ما شاءت عن زوجها كلاماً لا أصل له، وهذا الشهر الثالث، ولم يتصل الأب بصهره، اعتبر كلام ابنته صحيحاً, وهي كاذبة, وحردها، وقاطعه الصهر، وعنده أولاد ثلاث.
 في أخطاء كثيرة جداً.

ولد بار :

((أعظم الناس حقا على المرأة زوجها، وأعظم الناس حقاً على الرجل أمه))

 الأم هي الأولى.
 في أم بركت؛ عندها عدة أولاد؛ ثلاثة أغنياء، وواحد فقير جداً؛ ساكن بالبيت بالمخيم بلا أبواب, فأرادوا أن يضعوها في المأوى؛ مأوى العجزة، الأولاد الأغنياء, المأوى طالب بتوقيع كل أولادها؛ فلما ذهبوا إلى هذا الفقير؛ رفض أن يوقع؛ قال لهم: أنا أستقبلها، فجاء بها إلى بيته، الأم لم تفهم ما السبب؟ لماذا جاؤوا بي إليك؟ قال: لتبقي عندي، أخوتي رفضوا أن تبقي عندهم, دعت له دعاء كثيراً؛ الله عز وجل رزقه خلال عشرة أيام؛ ما أتمم به كسوة بيته، وهو لا يعلم من أين جاء هذا المال، وبعد عشرين يوماً توفاها الله.
 انظر هذا الختام ما أجمله! وهم ضيعوا كل عملهم.

معقول!! :

 أعرف رجلاً, أمه عنده خدمها اثنتي عشرة سنة، ثم ضاق بها ذرعاً، وبدأ يتأفف، وبدأ يحكي كلاماً قاسياً، وبدأ .... فهي حينما شعرت أنه يكرهها، وأنه ضاق ذرعاً بها؛ اتصلت بابنها الفقير، وقالت له: خذني إليك, يومان, توفيت عند الصغير الفقير, اثنتا عشرة سنة؛ ضاع عمله.

العبرة بالخواتيم :

 أعرف رجلاً كان أستاذاً لي في التعليم، في امرأة تجلس في الجامع؛ يرعاها من عشرين سنة؛ يؤمن لها أكلاتها، ينظف لها غرفتها، في غرفة بجامع الشمسية؛ فكان يرعاها، وهو مدير مدرسة، رجل صالح جداً, ثم انتقل من المهاجرين إلى المزة، عمره سبعون سنة, كل يوم من المزة إلى المهاجرين؛ ليرعى هذه المرأة, أقنعوه أهله؛ أنه أنت انتهت مهمتك، أنت انتقلت من حيك، لها غيرك، قال لها: أبداً؛ أنا معاهد ربي أن أخدمها للموت, فلما رأوا أن عمره سبعين سنة، وكل يوم يركب من باص إلى باص؛ حتى ينظف لها غرفتها، و يؤمن لها أكلاتها؛ أشفقوا عليه؛ فقالوا له: ائت بها إلينا, فردوا لها غرفة في البيت، ووضعوها رحمةً بأبيهم, عشرة، اثنا عشر يوماً؛ توفاها الله عز وجل؛ ختم الله له عمله الطيب.
 أيام تخدم والدتك عشرين سنة، غلطتان, ثلاث؛ تخسرهم كلهم، فالإنسان ينتبه؛ الذي عنده أم أو أب يبالغ بإكرامهم؛ لأنه إذا كان ختم عملك بإكرامهم فهذا عمل جيد جداً:

((أعظم الناس حقاً على المرأة زوجها, وأعظم الناس حقاً على الرجل أمه))

 الأم.

عقاب عنيف :

 في امرأة غنية جداً جداً, أراض، ودكاكين، وبيوت, وعندها أولاد ضائعون زوجاتهم من النمط الحديث, فضاقوا بأمهم ذرعاً، وأخذوها إلى دار العجزة, هي: أنا أين؟ أين أنا؟! قال: أنت في دار العجزة. قالت: جيد، ائتوني بكاتب العدل -قصة واقعية- كل أملاكها وهبتها للجمعيات الخيرية، هم مرتاحون؛ غداً تموت أمنا، ونصبح من كبار الأغنياء. فلما ماتت؛ لم يجدوا شيئاً؛ عاقبتهم في الدنيا؛ لم يجدوا شيئاً.

دراسة علمية :

 أخواننا الكرام, في دراسات: أن الإنسان عندما يكبر بالسن؛ أهم شيء أن يكون بين أهله؛ فكل ابن أو بنت تضع الأب أو الأم في مأوى العجزة؛ تنشأ مشكلة نفسية تحطمه، هذا سعادته يجلس بين أولاده، بين أحفاده.

من أعظم الأعمال: أن ترعى والدك أو والدتك :

 من أعظم الأعمال ترعى والدك أو والدتك:

﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا﴾

[سورة الإسراء الآية: 23]

 هم عندك ... انظر؛ الإنسان ماذا يقول؟ أنا عندي ولدين، عندي ابنتين, عندما يكبر يصبح هو عند ابنه، يقول: أبي عندي, وهو شاب, يقول الأب: عندي ولدان، عندما يكبر يصبح الأب عند ابنه:

﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا﴾

[سورة الإسراء الآية: 23]

 يبلغن عندك؛ هم عندك, الأب الشاب بره سهل، أما الأب المتقدم بالسن؛ في سن معين يصير عبئاً الإنسان، كلامه كثير، يعيد القصة مئة مرة، يتدخل بشؤون لا تعنيه، البطولة الآن, البطولة: أن تتحمل الأب والأم وقد تقدمت بهما السن:

﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾

[سورة الإسراء الآية: 23]

 العلماء قالوا: لو أن في اللغة كلمة أقل من أف, لقالها الله عز وجل؛ إلا أنهم حملوا على أف من شد نظره إلى أبيه؛ نظر إليه هكذا؛ كأنه قال: أف، من أغلق الباب بعنف كأنه قال: أف، وأي إساءة للأب تساوي كلمة أف؛ فهي محرمة في الإسلام.

درس اليوم :

 عندنا حديثان اليوم؛ الأول:

((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه, وأعلموه أجره و
هو في عمله))

 والثاني:

((أعظم الناس حقاً على المرأة زوجها, وأعظم الناس حقاً على الرجل أمه))

دعاء الختام :

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور