وضع داكن
16-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 047 - أحاديث شريفة تبدأ بكلمة إذا
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

هكذا يحبنا الله عز وجل :

 أيها الأخوة الكرام, يقول عليه الصلاة والسلام:

((إذا وُقع في الرجل وأنت في ملأ؛ فكن للرجل ناصراً, وللقوم زاجراً, وقم عنهم))

 يعني: الله جل جلاله: يحبنا أن نكون متعاونين, متناصرين, متكاتفين, متضامنين, متوادين, متواصلين, متزاورين, متباذلين, هكذا يحبنا الله عز وجل.

التمس لأخيك عذراً :

 ويقول عليه الصلاة والسلام:

((التمس لأخيك عذراً, ولو سبعين مرة))

 فكر في عذر لهم, قبل أن تفكر: أن تنهش عرضه, قبل أن تغتابه, لعل له عذراً, وأنت تلوم.

واقعة :

 حدثني أخ, عنده معمل حلويات, وطلب من معمل قطع من الزبدة, طلب مئة قطعة, فلما وصلت, واستلمها موظف عنده, عدها, فإذا هي تسعة وتسعون, ذهب إلى معطف هذا الموظف, ووضع يده على جيبه, يوجد باكيت, واضح, هل هناك أوضح من هذا؟.
 قال لي: هممت أن أطرده, أن أسبه, أن أشتمه, قال: لا أدري ما الذي منعني من ذلك؟ في اليوم التالي: ذهبت للمعمل, لأدفع له ثمن هذه القطع.
 قال لي: أرسلنا لك مئة, واشترى موظف عندك قطعة, وبقي عليك ثمن التسعة والتسعين. لا تتسرع.

((التمس لأخيك عذراً, ولو سبعين مرة))

 هكذا علمنا النبي.

هذا ما حصل في زمن رسول الله عليه الصلاة والسلام :

 كان -عليه الصلاة و السلام- في سفر, تفقد أحد أصحابه, واحد غمز من مكانته, شغله بيته عن الجهاد معك يا رسول الله, شغله بستانه, وظله.
 فقال أحد الصحابة الكرام: لا والله يا رسول الله! ما علمنا عليه إلا خيراً, والله لقد تخلف عنك أناس, ما نحن بأشد حباً لك منهم, ولو علموا أنك تلقى عدواً, ما تخلفوا عنك, تبسم النبي.

اسمع يا مسلم :

 أيها الأخوة, لو كل إنسان مع بناته, مع أولاده, مع أصهاره, مع شركائه, مع جيرانه, مع زملائه, مع من حوله, مع من فوقه, مع من دونه, رأى خطأ, فالتمس لصاحبه العذر, حياة جميلة, حياة وديعة؛ رُفعت منها الكلفة, رُفع منها القنص, رفع منها النقد, رفعت منها الضغينة, رفعت منها الأحقاد, رفعت منها التقاطع, والتدابر, والتشاتم, رفعت منها المتاعب كلها.

((إذا وُقع في الرجل, وأنت في ملأ؛ فكن للرجل ناصراً -يعني التمس له عذراً, تأخر؛ لعله بُلي بحادث مروع, لعل ابنه وقع من مكان مرتفع, لعله في المستشفى, لعل عنده إنسان خطير جداً, أرهقه, التمس له عذراً-, وللقوم زاجراً, وقم عنهم))

 إذا استمروا, قم عنهم.

خطأ ارتكبه الكثير من المسلمين :

 أخواننا الكرام, في ذهن المسلمين: أن الكبائر يعني شرب الخمر, والزنا, والقتل, لا, الغيبة من الكبائر.
 قال واحد للآخر: اغتبتني؟ قال له: ومن أنت حتى أغتابك؟ لو كنت مغتاباً أحداً, لاغتبت أبي وأمي, لأنهم أولى بحسناتي.
 من أنت حتى أغتابك؟ أنت أقل من أن أعطيك حسناتي يوم القيامة.

فاجعة :

 ثبت في الحديث الصحيح:

((أن الذي يغتاب الناس, يأخذ الناس حسناته, ويعطونه سيئاتهم))

 وهذه أكبر مصيبة يوم القيامة, معك كم عمل صالح, يذهبون منك, يأتيك كم عمل سيء, فوق أعمالك السيئة: عمل سيء .....
 يمكن في إنسان من يومين, دعا على إنسان أمامي, نظرت في هذا الدعاء, والله ما وجدت دعاء, أبلغ من هذا الدعاء, ولا وجدت دعاء, في خسارة فادحة كهذا الدعاء, ماذا قال؟.
 قال: أرجو الله عز وجل –له خصم فعل به ما فعل-, قال: والله لو أن الله أتلف ماله في الدنيا, لا يشتفي غليلي, لو أن الله أذهب أعز أولاده, لا يشتفي غليلي, لا يشتفي غليلي؛ إلا إذا اقتصصت منه يوم القيامة, فأعطيته سيئاتي, وأخذت حسناته.
 فعلاً: هذا أبلغ دعاء.

ماذا عن الغيبة؟ :

 قال له: ومن أنت حتى أغتابك؟ لو كنت مغتاباً أحداً, لاغتبت أبي وأمي, لأنهم أولى بحسناتي.
 فالغيبة من الكبائر, أحياناً: نفعل هذا, هذه غيبة.
 قذف محصنة, يهدم عمل مئة سنة.
 هناك غيبة القلب, هناك غيبة الأعضاء, هناك غيبة الحواس.

((الغيبة أشد من الزنا))

 كما قال عليه الصلاة والسلام.

 

[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط]

 

قارن :

 أيها الأخوة, لماذا المجتمع مفكك؟ لماذا كل إنسان ضد الآخر؟ كل أسرة ضد الأخرى؟ في البيت الواحد؛ كل أخ ضد الثاني, الأخت ضد أختها, لماذا؟ هذا من تخلف المسلمين.
 كان أصحاب النبي -رضوان الله عليهم-: كتلة واحدة, يداً واحدة.
 قال له: فض يا رسول الله لما شئت, سر على بركة الله؛ لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك, واقطع حبال من شئت, وسالم من شئت, وعادي من شئت, وخذ من أموالنا ما شئت, ودع ما شئت, فو الذي بعثك بالحق, للذي تأخذه منا, أحب إلينا من الذي تدعه لنا, سر على بركات الله, لعل الله يريك منا, ما تقر به عينك.
 هكذا كان أصحاب النبي على قلب واحد, ونحن لا ينقصنا معلومات.
 أحياناً: في بلاد مُورس عليها التجهيل سبعون عاماً, يحتاجون إلى معلومات, في بلاد بعيدة عن الحق سبعين عاماً؛ المصحف ممنوع, المسجد مغلق, كل شيء يدعو إلى الإلحاد, في مثل هذه البلاد: هم في أمس الحاجة إلى علماء, إلى علم, إلى كتب, أما في بلاد كهذه البلاد, فيها كل شيء, هي في أمس الحاجة إلى دعاة, لا إلى علماء؛ الداعي يُقنع الناس بأحقية الدين, الداعي يدعو الناس إلى التمسك بالدين, يحملهم على طاعة الله عز وجل.

دعاء ليس هنا موضعه :

 أيها الأخوة, لم نعش حقيقة الإسلام, لا نقطف ثمار هذا الدين, أبسط شيء: أن تلتمس لأخيك عذراً؛ لم يزرك لعله مريض, لم يسلم عليك لعله لم ينتبه لك, بهذه البساطة: إنسان كثيراً, يرتاح, ويريح, لما يلتمس لأخوانه العذر؛ لم يهنئك, عنده مشكلة, نسي أن يهنئك, لم يزرك, لم يعدك بالمرض, لم يفعل, لم يترك, هذا شغل الناس الشاغل الآن.
 تجد في السهرة أبداً, عملية تشريح, يضعون الإنسان على مشرحة, كل واحد ينهش من لحمه شيء, بعد ذلك: يقومون, قبل أن يقوموا: يقرؤون دعاء الغيبة:
 سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد أن لا إله إلا الله. انتهى.
 من قال لك: أن كل الغيبة حذفت بكلمتين؟.
 هذا الدعاء الذي سنه لنا, إذا الإنسان جلس في مجلس, من دون أن يشعر, بخطأ طفيف, بكلمة قالها, دون أن ينتبه, فهذا الدعاء يكفرها؛ أما أن تجلس, وتتكلم, وأنت مرتاح, وتقول: هناك دعاء أقوله قبل أن نقم, فيعفو الله عنا, هذا كلام باطل, ما أنزل الله به من سلطان.

ضع نفسك مكان الطرف الآخر :

 أنا معجب بأخوة كرام, عنده قدرة أن يمتص الخطأ, قدرة يفسر التصرف المنحرف تفسيراً طيباً, هذه قدرة في الإنسان عالية جداً, وهذه ملكة, وهذا إنسان سعيد, يفهم الأمور بشكل إيجابي.
 قال لي شخص: يا أخي الطرقات كلها هز, قلت له: الطريق المستوي, المستقيم, تنام فيه, تنام وتعمل حادث, هنا تبقى يقظاً, يعني: تبقى يقظاً.

((التمس لأخيك عذراً, ولو سبعين مرة))

 دائماً ضع نفسك مكان الطرف الآخر, دائماً ضع نفسك مكان الطرف الآخر؛ تشعر بشعوره, تحس بإحساسه, تدرك كم يعاني.

ابدأ من بيتك :

((وإِذَا أَرَادَ الله بالأمِيرِ خَيْراً, جَعَلَ لَهُ وزِيرَ صِدْقٍ؛ إِنْ نَسيَ ذَكَّرَهُ، وإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وإِذَا أرَادَ بِهِ غَيْرَ ذلك, جَعَلَ له وَزيرَ سُوءٍ؛ إِنْ نَسيَ لم يُذَكِّرْهُ، وإن ذَكَرَ لم يُعِنْهُ))

 أنت صغر الحديث على حالتك في البيت.
 يعني: إذا كان اقتربت الشمس أن تطلع, هل تقول لك زوجتك: قم فصل؟ إذا كان في زوجة تدعوك إلى الصلاة, والله نعمة, إذا أخطأت ولك ابن شاب ناضج, هل ينبهك: يا أبت لقد أخطأت في هذه البيعة؟ هذا لا يجوز.
 في آباء يركبون رؤوسهم, وتأخذهم العزة بالإثم, بينما الأب الذي له ولد صالح, وابنه نبهه, هذا من نعم الله العظمى؛ فإذا ابنك نبهك لقضية شرعية, إياك أن تتبرم, إياك أن تقول له: أنت لا تفهم, لا, قل له: جزاك الله خيراً يا بني.

تطبيق عملي للحديث الذي سبق ذكره :

 سيدنا عمر بن عبد العزيز, بعد ما تسلم الخلافة, يعني جهد جهداً كبيراً, أراد أن يستريح ساعة, قال له ابنه: يا أبت, فم فأزل المظالم, وأد الحقوق لأصحابها, قال: يا بني! بعد ساعة, قال له: يا أبت, من يضمن لك أن تعيش بعد ساعة؟ فبكى, قال: الحمد لله الذي جعل من ذريتي من يعظني, وينصحني.
 يعني: إذا كان عندك بنت تدينت, التزمت, ما قبلت معك بالاختلاط, لا تعنفها, لا تقل لها: هذا تزمت, لا؛ قدرها, وشجعها, وتعلم منها, الإنسان العظيم: يتعلم ممن دونه.

شيء مؤلم :

 أنا لا أقول كلاماً من الهواء, أقول من معاناة.
 شابة اصطلحت مع الله, طلبت الحجاب, طلبت عدم الاختلاط, لا؛ يجب أن تجلسي معنا, وأن تأكلي معنا, وأن تذهبي معنا, وأن تنزعي هذا الحجاب, هذا أب مسلم هذا؟ هذا يصلي في المسجد؟.
 فإذا كان الله عز وجل: جعل من ذريتك فتاة صالحة, أو شاباً التزم المساجد, أو أراد أن يبتعد عن شبهة, لا تكن عوناً له على الشيطان, لا تكن عوناً للشيطان عليه, كن عوناً له على الشيطان.

((فإِذَا أَرَادَ الله بالأمِيرِ خَيْراً, جَعَلَ لَهُ وزِيرَ صِدْقٍ؛ إِنْ نَسيَ ذَكَّرَهُ، وإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وإِذَا أرَادَ بِهِ غَيْرَ ذلك, جَعَلَ له وَزيرَ سُوءٍ؛ إِنْ نَسيَ لم يُذَكِّرْهُ، وإن ذَكَرَ لم يُعِنْهُ))

مخالفة شرعية :

 أنا جلست كثيراً مع أخوة كرام في ولائم, أحد المدعووين: ينتهي طعاماً, يبعد, يجلس على الكنباة, هذا خلاف السنة.
 الحديث الشريف, الذي رواه البيهقي:

((إذا أكل أحدكم مع جماعة وشبع, فلا يرفع يده حتى يرفع القوم, فإنه يُخجل جليسه))

 أنت شبعت, ابق على المائدة, لا تقم عن المائدة, هذه مخالفة كبيرة جداً, أول ما شبع, قام, جلس في مكان ثان, قام الثاني, قام الثالث, شخص جائع, خجل لوحده, فترك الطعام, لا.
 إذا كنت في وليمة, وكنت جالساً مع القوم, وشبعت, فلا ترفع يدك عن الطعام, ابق جالساً, لا تأكل, لست مكلفاً أن تأكل فوق طاقتك, لكن لا تغادر مكانك, حتى ينتهي الجميع من تناول الطعام, وهذه من سنة النبي عليه الصلاة والسلام.

خاتمة القول :

 قال: إذا حج الرجل بمال حرام ........
 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور