وضع داكن
19-04-2024
Logo
دورات للطلاب الأجانب - دورة عام 1999 - سيرة الصحابة : 16 - الصحابي طلحة بن عبيد الله .
  • موضوعات متنوعة / ٠3دورات للطلاب الأجانب / ٠2دورة عام 1999
  • /
  • ٠2سيرة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

ـ كان طلحة بن عبيد الله يمضي مع قافلة من قوافل قريش في تجارة له إلى بلاد الشام، قال طلحة: بينما نحن في السوق، إذا راهب ينادي في الناس: هل فيكم أحد من الحرم ؟ قلتُ: نعم أنا من أهل الحرم فقال: هل ظهر فيكم أحمد ؟ فقلتُ: ومَن أحمد ؟ فقال: ابن عبد الله بن عبد المطلب... قال طلحة: فوقعت مقالته في قلبي، فبادرت إلى مطاياي ومضيت أهوي إلى مكة، فلما بلغتها قلت لأهلي: أكان من حَدَث بعدنا في مكة ؟ قالوا: نعم، قام محمد بن عبد الله، يزعم أنه نبي، وقد تبعه أبو بكر، قال طلحة: فمضيت إلى أبي بكر وقلتُ له: أحقاً ما يقال من أن محمد بن عبد الله أظهر النبوة، وأنك اتبعته ؟.. قال: نعم، وجعل يقص عليَّ مِن خبره، ويرغبني في الدخول معه.. فمضيتُ معه إلى محمد، ثم أعلنت الشهادة أمامه، وبشرني بخير الدنيا والآخرة.

ـ وقع إسلام الفتى على أهله وذويه وقوع الصاعقة... فلما يئسوا من إقناعه بالحسنى لجئوا إلى تعذيبه والتنكيل به..

نكل أهل طلحة به بعد إعلان إسلامه
ـ ثم جعلت الأيام تدور، وطلحة بن عبيد الله يزداد مع الأيام اكتمالاً وبلاؤه في سبيل الله يكبر ويتعاظم، وبِّره بالمسلمين ينمو ويتسع، حتى أطلق عليه المسلمون لقب الشهيد الحي، ودعاه رسول الله بطلحة الخير وطلحة الجود، وطلحة الفياض.

ـ أما قصة تلقيبه بالشهيد الحي: فكانت يوم أحد حين انهزم المسلمون ولم يبق مع رسول الله سوى أحد عشر رجلاً، وكان طلحة من بينهم.
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يصعد هو ومن معه في الجبل فلحقت به عُصبة من المشركين تريد قتله، فقال: مَن يردُّ عنا هؤلاء وهو رفيقي في الجنة ؟ فقال طلحة: أنا. فقال رسول الله: لا.. مكانك فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله. قال: نعم فقاتل الأنصاري حتى قُتل، ثم صعد رسول الله بمن معه فلحقه المشركون، فقال: ألا رجل لهؤلاء؟ قال طلحة: أنا يا رسول الله. فقال: لا مكانك. فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله. قال: نعم، ثم قاتل الأنصاري حتى قُتل. وتابع الرسول صعوده في الجبل، فلحق به المشركون، ولم يبق معه إلا طلحة، فأذن له بالقتال، فجعل يهجم على المشركين حتى يدفعهم عن رسول الله، ثم ينقلب إلى النبي فيرقى به قليلاً في الجبل، وما زال كذلك حتى صدَّهم عنه.

قال أبو بكر: كنت أنا وأبو عبيدة بعيدين عن رسول الله، فلما أقبلنا عليه نريد إسعافه، قال: اتركاني وانصرِفا إلى طلحة.
فإذا طلحة تنزف دماؤه، وفيه بضع وسبعون ضربة بسيف أو طعنة برمح، أو رمية بسهم.
وإذا هو قد قطعت كفه، وسقط في حفرة مغشياً عليه.. فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول بعد ذلك:

(( مَن سره ان ينظر إلى رجل يمشي على الأض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله.))

ـ أما تلقيبه بطلحة الخير.. وطلحة الجود ؛ فله مائة قصة وقصة، من ذلك أن طلحة كان تأجراً واسع التجارة، فجاءه ذات يوم مال مقداره سبعمائة ألف درهم.. فبات ليلته جَزِعاً محزوناً، فدخلت عليه زوجته أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، وقالت: ما بك يا أبا محمد ؟ لعله رابك منَّا شيء. فقال: لا، ولكن تفكرت منذ الليلة وقلت: ما ظن رجل بربه إذا كان ينام وهذا المال في بيته ؟..
قالت وما يغمك منه ؟. أين أنت من المحتاجين من قومك وإخلائك ؟ فإذا أصبحت فقسِّمه بينهم. فقال رحمك الله إنك موفقة بنت موفق.
فلما أصبح جعل المال في صُرر، وقسَّمه بين فقراء المهاجرين والأنصار.
هنيئاً لطلحة الخير، والجود هذا للقب الذي خلعه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنه، ونوَّر له في قبره.

تحميل النص

إخفاء الصور