وضع داكن
16-04-2024
Logo
دورات للطلاب الأجانب - دورة عام 1999 - سيرة الصحابة : 15 - الصحابي معاذ بن جبل .
  • موضوعات متنوعة / ٠3دورات للطلاب الأجانب / ٠2دورة عام 1999
  • /
  • ٠2سيرة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

ـ أسلم الفتى معاذ بن جبل على يدي الداعية المكي مصعب بن عمير، وفي ليلة العقبة امتدت يده فصافحت يد النبي الكريم وبايعته...

 

ـ وما إن عاد معاذ بن جبل من مكة، حتى كوَّن هو ونفر صغير من أصدقائه جماعةً لكسر الأوثان، وانتزاعها من بيوت المشركين في يثرب في السرِّ، أو في العلن.
وكان من أثر حركة هؤلاء الفتيان إسلام رجل كبير في المدينة هو عمر بن الجموح.
ـ ولما قدم الرسول الكريم على المدينة مهاجراً لزمه معاذ بن جبل ملازمة الظل لصاحبه، فأخذ عنه القرآن، وتلقى عليه شرائع الإسلام، حتى غدا من أقرأ الصحابة لكتاب الله، وأعلمهم بشرعه.

ـ حدَّث يزيد بن قطيب ـ وهو أحد التابعين ـ دخلتُ مسجد حمص فإذا أنا بفتىً جعد الشعر، قد اجتمع حوله الناس، فإذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور ولؤلؤ..

ـ وروى أبو مسلم الخولاني قال: أتيتُ مسجد دمشق، فإذا حلقة كهول من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم... وإذا شاب فيهم أكحل العينين براق الثنايا، كلما اختلفوا في شيء ردوه إلى الفتى، فقلت لجليس لي: من هذا الفتى ؟ فقال معاذ بن جبل.

ـ وحسب معاذ شهادة أن يقول عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل))

كان معاذ أعلم الأمة بالحلال والحرام بشهادة الرسول الكريم
ـ ولما جاءت رسل ملوك اليمن إلى رسول الله تعلن إسلامها وإسلام مَن ورائها، وتسأله أن يبعث معها من يعلِّم الناس دينهم، انتدب لهذه المهمة نفراً من الدعاة، وأمَّر عليهم معاذ بن جبل رضي الله عنه... وقد خرج النبي عليه الصلاة والسلام يودِّع بعثة الهدى والنور هذه، وأخذ يمشي تحت راحلة معاذ، ومعاذ راكب، ثم أوصاه وقال: يا معاذ إنك عسى ألا تلقاني بعد عامي هذا، فبكى معاذ جزعاً لفراق نبيه، وبكى معه المسلمون.

ـ وفي أيام الفاروق أرسل إليه واليه على الشام يقول:
يا أمير المؤمنين إن أهل الشام قد كثروا، وملئوا المدائن واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن، ويفقههم بالدين، فأعنِّي ـ يا أمير المؤمنين ـ برجال يعلِّمونهم. فدعا عمر النفر الخمسة الذين جمعوا القرآن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام وهم: معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأبو أيوب الأنصاري، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء.
قال لهم عمر: إن إخوانكم من أهل الشام قد استعانوني بمن يعلمهم القرآن ويفقههم في الدين، فأعينوني بثلاثة منكم، فإن أحببتم فاقترعوا... وإلا انتدبت ثلاثة منكم.
فقالوا: ولِمَ نقترع ؟ أبو أيوب شيخ كبير، وأبيُّ رجل مريض، وبقينا نحن الثلاثة.
فقال عمر: ابدؤوا بحمص، فإذا رضيتم حال أهلها فخلفوا أحدكم فيها وليخرج وأحد منكم إلى دمشق، والآخر إلى فلسطين.
فقام أصحاب رسول الله الثلاثة بما أمرهم به الفاروق في حمص، ثم تركوا فيها عبادة بن الصامت، وذهب أبو الدرداء إلى دمشق، ومضى معاذ بن جبل إلى فلسطين.
وهناك أصيب معاذ بالطاعون فلما حضرته الوفاة جعل يقول:
ـ مرحباً بالموت مرحباً.
ـ زائر جاء بعد غياب.
ـ وحبيب وفد على شوق.
ثم جعل ينظر إلى السماء ويقول:
اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا، وطول البقاء فيها لغرس الأشجار، وجري الأنهار..
ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حِلَق الذكر.
اللهم فتقبل نفسي بخير ما تتقبل به نفساً مؤمنة.
ثم فاضت روحه بعيداً عن الأهل والعشير، داعياً إلى الله مهاجراً في سبيله.

تحميل النص

إخفاء الصور