وضع داكن
25-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 039 - الذكر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

متى يكتب الرجل من الذاكرين, وهل يحرم أهله من هذا الأجر؟ :

 يقول عليه الصلاة والسلام, فيما رواه ابن حبان, عن أبي سعيد, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

((إذا استيقظ الرجل من الليل, وأيقظ أهله, وصليا ركعتين, كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات))

 ولو كانت الصلاة ركعتين فقط.

((إذا استيقظ الرجل من الليل, وأيقظ أهله, وصليا ركعتين, كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات))

لماذا أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نذكره كثيراً؟ :

 أيها الأخوة, الله سبحانه وتعالى: حينما أمرنا أن نذكره, أمرنا أن نذكره الذكر الكثير, لأن المنافق يذكره؛ لكن الله عز وجل قال:

﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً﴾

[سورة النساء الآية:142]

 فالمنافق يذكر الذكر القليل, بينما المؤمن: مأمور أن يذكر الذكر الكثير:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾

[سورة الأحزاب الآية:41]

﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾

[سورة الأحزاب الآية:42]

﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً﴾

[سورة الأحزاب الآية:43]

﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً﴾

[سورة الأحزاب الآية:44]

كيف نشكر الله؟ :

 ورد في الحديث القدسي:

((أن يا بن آدم! إنك إن ذكرتني شكرتني, وإذا ما نسيتني كفرتني))

 يعني أحد أنواع الشكر: أن تذكر الله عز وجل.
 بشكل أدق: أن تذكر أن هذه النعمة من الله, الإنسان حينما يتمتع بصحته, ويتمتع بمأوى يسكنه, وبأهل يقدمون له كل خدمته, وبأولاد أبرار, هذه نعم كبرى؛ إن شكرتها حفظها الله لك, وإن لم تشكرها ضاعت منك.

((يا عائشة, أكرمي مجاورة نعم الله, فإن النعمة إذا نفرت قلما تعود))

 إذاً الذكر:

((ألا أنبئكم -كما قال عليه الصلاة والسلام- بخير أعمالكم, وأزكاها عند مليككم, وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة, وخير لكم من أن تلقوا عدوكم, يضربون أعناقكم وتضربون أعناقهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ذكر الله))

كيف نذكر الله سبحانه وتعالى, وما هي مشكلة آخر الزمان؟ :

 قال تعالى, يصف المؤمنين, الصادقين, المتفوقين:

﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ﴾

[سورة الأحزاب الآية:35]

 نقف قليلاً, كيف نذكره؟.
 أيها الأخوة الكرام, ما من كلمة أوسع في مضمونها من ذكر الله؛ إنك إن تلوت القرآن فإنك تذكر الله, وإنك إن قرأت كتاب حديث شريف فإنك تذكر الله, وإنك إن استغفرت الله فإنك تذكره, وإنك إن سبحته تذكره, وإن وحدته تذكره, وإن كبرته تذكره, وإن حمدته تذكره, وإن حوقلت تذكره؛ إلا أن المشكلة: أن هذه الأذكار في آخر الزمان, فُرغت من مضامينها, تُذكر ذكراً من دون أن نلحظ المعنى.
 فسبحان الله يعني: أن تنزهه, وأن تمجده, وأن تخضع له, فإن لم يكن هناك تنزيه, أو تمجيد, أو خضوع, فهذا ليس بالتسبيح.
 الحمد لله: أن يكون القلب مفعماً بالامتنان من الله عز وجل؛ الآن: إذا دعوت إلى الله فإنك تذكره, الآن: إذا أمسكت سبحة, وقلت: الله, الله, الله, فإنك تذكره.
 فكل أنواع الأذكار؛ الحمد, والثناء, والتسبيح, والتكبير, والتهليل, والاستغفار, وتلاوة القرآن, وتلاوة حديث النبي, بل إن قراءة كتاب فقه, من أجل أن تعرف الحكم الشرعي, نوع من الذكر, بل إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, نوع من الذكر, لذلك: المؤمن لسانه رطب من ذكر الله.

((إنك إن ذكرتني شكرتني, وإذا ما نسيتني كفرتني))

((يا موسى, أتحب أن أكون جليسك؟ قال: يا رب, كيف أكون جليسك, وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنك إن ذكرتني شكرتني –إن ذكرتني كنت جليسك- أما علمت أنني جليس من ذكرني, وحيثما طلبني عبدي وجدني))


 أيها الأخوة, إذاً: ذكر الله: إذا استيقظ الرجل من الليل, وأيقظ أهله.

 

حقيقة يجب أن تعلمها :

 أيها الأخوة, لو توسعنا أكثر من ذلك ......
 يوجد في الحياة حقيقة واحدة هي: الله؛ أي شيء يقربك منها هو ذكر, وأي شيء يبعدك عنها هو لهو, أبداً, أي شيء يقربك من الله هو ذكر, أي شيء يبعدك عن الله هو لهو:

﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:1]

﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:2]

﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة المؤمنون الآية:3]

 قال: الإمام الشبل يقرأ أربعمئة ألف حديث شريف, اكتفى بحديث واحد.
 رأيته مكتوباً على أربعة منافذ في هذا المسجد, من يقرأ لي النافذة الأولى؟.
 اعمل لدنياك بقدر بقائك فيها.
 الثانية: واعمل بقدر مقامك فيها.
 والثالثة: واعمل لله .......
 الرابعة: في خطأ. هل الإنسان يعمل بالنار؟.
 واتق النار, النار لا يُعمل لها, النار تُتقى, والعمل للجنة, وتُتقى النار.
 ففي دنيا, في آخرة؛ الدنيا سنوات معدودة, والآخرة للأبد, والنار لا تُحتمل.

((اتق النار بقدر صبرك عليها, واعمل لله بقدر حاجتك إليه, واعمل للدنيا بقدر مقامك فيها, واعمل للآخرة بقدر بقائك فيها))


 أيها الأخوة, لو عممنا, لوجدنا أن كل حركة, أو سكنة, أو موقف, أو ذهاب, أو إياب, أو وصل, أو قطع, أو غضب, أو رضى, أو صلة, أو مودة, أو بذل, أو عطاء, يقربك من الله, فهو من الذكر, وأن كل تصرف يبعدك عنه, فهو من اللهو, لذلك يمكن أن نقول:
 إذا كان هناك نقطتان, وأنت بينهما, لو خطيت خطوة نحو هذه النقطة, ابتعدت حكماً عن هذه النقطة؛ فكلما اقتربت من الآخرة, ابتعدت عن الدنيا, وكلما اقتربت من الدنيا, ابتعدت عن الآخرة, كلما اقتربت من الله, ابتعدت عن النقص, اقترب من النقص, ابتعد عن الله عز وجل.
 إذاً:

((إذا استيقظ الرجل من الليل, وأيقظ أهله, وصليا ركعتين, كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات))

من أدعية النبي عليه الصلاة والسلام :

((إذا استيقظ أحدكم من منامه, فليقل: الحمد لله الذي رد إلي روحي, وعافاني في جسدي, وأذن لي بذكره))

 هناك بعض الأدعية, كان يدعو بها النبي -عليه الصلاة والسلام-:

((اللهم إني أعوذ بك من فجأة نقمتك, وتحول عافيتك, وجميع سخطك, لك العتبى حتى ترضى))


 فجأة نقمتك: استيقظ, لا يرى بعينيه, أراد أن يحرك رجله, لا تتحرك.
 فالإنسان إذا استيقظ, وكان قد رد الله إليه روحه, وعافاه في بدنه, وأذن له بذكره .....

بشرى :

 أيها الأخوة, هذه الجلسة, هل هناك آية قرآنية مبشرة لمن يحضرها؟ الآية الكريمة:

﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ﴾

[سورة الأنفال الآية:23]

 ما دام هذا الإنسان, قد سمح له أن يستمع إلى الحق, فهذا بعلم الله أنه خير, لو لم يكن خيراً, لا يستمع:

﴿وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:23]

ما يقال عند نزول المصيبة :

((إذا أصاب أحدكم مصيبة, فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون))

 كان -عليه الصلاة والسلام- إذا أراد أن يُعزي أهل الميت, يقول:

((إنا لله ما أعطى, وله ما أخذ))

 إنا لله: نحن ملك الله عز وجل, ومصيرنا إليه.
 أحياناً: تملك شيئاً, لكن مصيره ليس إليك؛ تملك بيتاً استهلك, تملك بيتاً صودر, قد تنتفع ولا تملك, وقد تملك ولا تنتفع, وقد تملك وتنتفع, لكن المصير ليس إليك, من هو مالك الملك؟ الذي يملك كل شيء خلقاً, وتصرفاً, ومصيراً, هو الله عز وجل.
 لذلك:

((إذا أصاب أحدكم مصيبة, فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون))

 بعضهم قال: إنا لله: نحن ملك الله عز وجل, وإنا إليه راجعون: بهذه المصيبة.
 يعني: الله عز وجل غني عن تعذيبنا, بل إن الله عز وجل يقول:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[سورة النساء الآية:147]

 غني عن تعذيبنا, فلو عذبنا لعلة راجحة, لحكمة بالغة؛ مداراة, تقريباً, تطهيراً, رفعاً, دفعاً, كشفاً.
 إذاً: المؤمن الصادق إذا إصابته مصيبة يقول:

﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾

[سورة البقرة الآية:156]

 لذلك:

﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾

[سورة البقرة الآية:157]

 من أدعية النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما تأتي المصيبة:

((اللهم عندك أحتسب مصيبتي, فأجرني فيها, وأبدلني خيراً منها))

 امرأة اسمها: أم سلمة, من الصحابيات الجليلات, لها زوج هو: أبو سلمة, من أكابر الرجال, ومن أندر الرجال؛ علماً, وصمتاً, ووقاراً, وشجاعة, وكرماً, توفي أبو سلمة, فلما بعثوا بدعاء النبي, وقعت في حيرة شديدة, يعني: كيف يبدلها الله خيراً منه؟ هو عندها أعلى الرجال, فإذا بالنبي يتزوجها, يتزوجها النبي, فكان خيراً منه.
 أنا في آية, أقولها لكم -أيها الأخوة-:

﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾

[سورة البقرة الآية:216]

ماذا تستنتج من هذه القصة؟ :

 سمعت قصة -لا أدري مبلغ صحتها؛ لكن مؤثرة-:
 رجل في المدينة, اسمه: أنس بن عامر, تزوج امرأة, ويوم الدخول لم تعجبه إطلاقاً, دخل بها, وخرج من عندها هائماً على وجهه, وسافر إلى الشام, وغاب عن المدينة عشرين عاماً, عاد إلى المدينة, وقد تقدمت به السن, دخل إلى مسجدها ليصلي, فإذا بدرس, حوله عدد غفير.
 هو حينما كرهها, ورأت أنه كرهها, قالت له: قد يكون الخير كامناً في الشر.
 يعني: إن رأيتني شراً, قد يكون الخير كامناً فيَّ.
 لم تقل له إلا هذه الكلمة, ثم سافر, وهام على وجهه, وعاد إلى المدينة, ودخل مسجدها, فإذا في هذا المسجد درس علم, يُلقيه شاب في مقتبل العمر؛ مُلىء علماً, وحكمة, وأدباً, وفقهاً, والناس تحلقوا حوله, والتفوا نحوه, وأحبوه, فسأل: من هذا العالم؟ فقالوا: هو مالك بن أنس -هو أنس بن عامر-, قالوا: هذا مالك بن أنس, –يعني: ابنه-, حينما انتهى الدرس, قال: قل لأمك: إن في الباب رجلاً, يقول لكِ: قد يكون الخير كامناً في الشر, قالت: يا بني! إنه أبوك.
أحياناً الإنسان: لا تعجبه زوجته, قد يُرزق منها الولد الصالح, وهذا الولد الصالح: يُعلي مقامه في الجنة.
 هذه الآية: إذا قرأها المؤمن يستسلم؛ يا رب كتبت لي هذه الزوجة, هذه هدية منك, أنا أتقبلها, كتبت لي البيت, جعلتني في هذا العمل, أقمتني هذا المقام:

﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾

[سورة البقرة الآية:216]

 وهناك آلاف آلاف القصص, التي تؤكد هذه الحقيقة؛ لا تعترض على الله عز وجل, ليكن ديدنك: أن ترضى بقضائه وقدره.
 لأن سيدنا علياً -كرم الله وجهه- يقول: الرضا بمكروه القضاء, أرفع درجات اليقين.
 أنت حينما ترضى بقضائه وقدره, أنت في أعلى درجات اليقين.
 إذاً:

((إذا أصابت أحدكم مصيبة, فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ اللهم عندك أحتسب مصيبتي, فأجرني بها, وأبدلني خيراً منها))

[أخرجه أبو داود والترمذي في سننهما]

 والله سبحانه و تعالى: متكفل بكل من رضي بمصيبته, أن يبدله خيراً منها.
 حتى إن سيدنا عمر -رضي الله عنه-, كان إذا أصابته مصيبة, قال: الحمد لله ثلاثاً؛ الحمد لله إذ لم تكن في ديني, والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها, والحمد لله إذ ألهمت الصبر عليها.
 ومن لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة, فمصيبته في نفسه أكبر.

هل يجوز للمسلم إذا قدم له شيء من غير مسألة أن يرده, ولماذا؟ :

((إذا أُعطيت شيئاً من غير أن تسأل, فكل وتصدق))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والنسائي في سننهما]

 يعني: إنسان محترم, قُدم له شيء من غير مسألة, من غير طلب, من غير شرط, من غير استشراف نفس, من غير أن يفعل شيئاً, فرده, فكأنما رده على الله؛ أحب أن يخدمك, أحب أن يساعدك, هناك أشخاص يأبون, بعنف وغلظة.

((إذا أُعطيت شيئاً من غير أن تسأل, فكل وتصدق))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والنسائي في سننهما]

 يعني: كل حاجتك, فاض عن حاجتك, تصدق بها, هو لك, العبرة: ألا تسأل, وألا تستشرف, وألا تطلب.

ابدأ بالميامين :

 قال عليه الصلاة والسلام:

((إذا أكل أحدكم؛ فليأكل بيمينه, وليشرب بيمينه, وليأخذ بيمينه, وليعطي بيمينه))

 أحد أصحاب رسول الله -رضي الله عنه- قال: ما مست يدي اليمنى عورتي, منذ صافحت رسول الله.
 أبداً, ما دامت هذه اليد أمسكت بيد رسول الله, ينبغي أن تبقى لأنبل الأهداف؛ يُعطي باليد اليمنى, يأخذ باليد اليمنى, يأكل باليد اليمنى, يشرب باليد اليمنى.

ما يكره في الإمامة والجماعة :

 قال:

((إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف؛ فإن فيهم الصغير والكبير, والضعيف والمريض, وإذا صلى وحده فليصل كيف شاء))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي والنسائي في سننهم, ومالك في الموطأ]

 كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام))

 

[أخرجه مسلم في الصحيح, وابن خزيمة في صحيحه]

 أحد أصحاب النبي سيدنا معاذ: أم الناس في صلاة, وبعض هؤلاء الذين ائتموا به, طالت عليهم القراءة, فخرجوا من الصلاة, النبي -عليه الصلاة والسلام- عاتب من؛ الذي خرج, أم عاتب الإمام؟ عاتب الإمام, قال:

((أفتَّان أنت يا معاذ!؟))

 يعني دائماً: ليكن مجلس العلم, مجلس الذكر, الصلاة خفيفة؛ لأن فيهم المريض, والصغير, والكبير, والضعيف, وذا الحاجة.
 كان -عليه الصلاة والسلام-: يصلي الفجر, ومن عادته: أن يقرأ في صلاة الفجر صفحتين, أو أكثر, -وهذا من السنة-, سمع بكاء طفل, فقرأ الإخلاص وسلم, عجب أصحابه منه, قال:

((سمعت الطفل ينادي أمه ببكائه, فرحمت الطفل وأمه))

 فكان خفيفاً في صلاته, أما إن صليت وحدك, أطل ما شئت؛ اقرأ البقرة كلها, اقرأ آل عمران كلها, صل ما شئت, أطل ما شئت.

 

ما ينبغي على المسافر أن يعلمه من أحكام دينه :

((إذا خرج أحدكم إلى سفر, فليودع أخوانه, فإن الله تعالى: جاعل في دعائهم البركة))

 من السنة للمسافر: أن يودع أخوانه, ومن السنة لمن يأتي من السفر: أن يزوره أخوانه مهنئين, تودعهم, ويهنئونك.

((فإذا خرج أحدكم إلى سفر, فليودع أخوانه, فإن الله: جاعل في دعائهم البركة))

رزق ومغفرة :

 آخر حديث:

((إذا دخل الضيف على القوم, دخل برزقه))

 أيها الأخوة, قصة قديمة جداً, من عشرين, ثلاثين سنة, في رجل في بيروت؛ في قرابة, وفي صداقة, وفي مودة, يحب أهل الحق كثيراً, مرة زرته, أكرم إكراماً غير معقول.
 قلت له: ما هذا؟ هذا زيادة عن الحاجة, قال: والله علمت بمجيئكم, قبل أن تأتوا, من كثرة ما بعت في ذلك اليوم: علمت أن ضيوفاً سيأتونني.
 الحديث هنا:

((إذا دخل الضيف على القوم, دخل برزقه –صدقوا: إذا إنسان كريم, هذا الضيف يأتي معه رزقه- وإذا خرج –هذا الضيف- خرج بمغفرة ذنوبهم))

 والله شيء جميل؛ يأتي برزقه, ويرحل بذنوبهم!.
 الآن: لا يوجد غير: دمشق ترحب بكم, غير هذه لا يوجد, ترجع: رافقتكم السلامة, أما قديماً: كان الإنسان أينما ذهب؛ هناك من يستقبله, هناك من يدعوه إلى النوم في البيت.
 يعني يذكرون طرفة: تتناول طعام العشاء هنا أم في المطعم؟ أنت في المطعم أفضل لك.

((إذا دخل الضيف على القوم, دخل برزقه, وإذا خرج, خرج بمغفرة ذنوبهم))

 يعني: يأتي برزقه, ويرتحل بذنوبهم, هذا إذا أردت إكرام الضيف لوجه الله.

من هو الضيف؟ :

 الحقيقة: من هو الضيف؟ الذي يأتي من سفر, يأتي طالب علم, يحضر مجلس علم, ينتهي الدرس, لا أحد يدعوه؛ قادم من حلب, قادم من اللاذقية, قادم من محل بعيد, إذا وجد أخوانه, يدعونه إلى البيت إلى العشاء, ينتعش, يشعر أنه بين أهله. نحن لا نريد الولائم, التي فيها تباه, لا, لا.

((يا عائشة, لا تكلفي للضيف فتمليه))

((لا زهد إلا بالموجود))

 لكن أحياناً الإنسان: يسعد, لا من الطعام, من الترحيب؛ يسعد من الوجه البشوش, يسعد من الدعوة الحارة. فطلاب العلم –أحياناً- يأتون من محلات بعيدة.
 أنا من فضل الله, في رمضان: ندعو طلاب العلم دائماً؛ من الصين, من الأتراك, الأفارقة, إلى وليمتين, ثلاثة, أربعة في رمضان, الطعام لوجه الله, لا للتراخي, للتباهي.
 يقول لك: كسرت عينه, قدمت له طعاماً, لا يذوقه في حياته, كسرت عينه, ليس هذا هو الذي يقول عنه النبي.
 إنسان طالب علم, غريب, جاء من مكان بعيد.
 أحياناً: إنسان يسافر إلى بلد, يُدعى ظهراً, ومساء, وصباحاً, أول يوم, ثاني يوم, يشعر أنه غال عليهم, تتكون علاقات متينة جداً.
 إذاً:

((إذا دخل الضيف, دخل برزقه, وإذا خرج, خرج بمغفرة ذنوبهم))

 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور