وضع داكن
20-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 038 - التوجيه النبوي للمؤمنين.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

ما الجامع المشترك بين هذه الأحاديث وهذه الآية؟:

 أيها الأخوة الكرام, روى الإمام أحمد والبيهقي, عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:

((احترسوا من الناس بسوء الظن))

[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط]

 وفي حديث آخر:

((سوء الظن عصمة))

 وفي حديث ثالث:

((الحزم سوء الظن))

 ويقول الله عز وجل:

﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم﴾

[سورة الحجرات الآية:12]

 فكيف نوفق بين الآية الكريمة, وبين أحاديث رسول الله؟.

 

هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يحذر الناس, ويحترس منهم, من غير أن يطوي بشره عن أحد.
 كان -عليه الصلاة والسلام- تلق المحيا, كان باشَّاً لمن حوله, ومع ذلك: كان حذراً, لأن الله جل جلاله يقول:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾

[سورة النساء الآية:71]

 والمؤمن كيس, فطن, حذر, والسذاجة ليست من صفات المؤمن.
 وسيدنا عمر -رضي الله عنه- يقول: لست بالخَب أو لست بالخِب ولا الخِب يخدعني, أو لست من السذاجة بحيث أُخدع, ولا من الخبث بحيث أَخدع.
 أنا لا أُخدع ولا أَخدع: هذا موقف المؤمن؛ المؤمن فطن, المؤمن حذر, المؤمن طيب السريرة. كيف نوفق بين هذه النصوص؟.

متى يجوز أن يسيء المسلم الظن بأخيه ومتى لا يجوز؟ :

 الحقيقة: أن الإنسان إذا كان هناك دليل على الخيانة, أو دليل على عدم الأمانة, أو دليل على الكذب, إذا كان هناك دليل, يجب أن تُسيء الظن؛ لأن سوء الظن عصمة, ولأن الاحتراس من الناس بسوء الظن, ولأن الحزم سوء الظن, وإن لم يكن هناك دليل, تأتي الآية الكريمة:

﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾

[سورة الحجرات الآية:12]

 يعني في أزواج ليس عندهم أي دليل, ومع ذلك يسيئون الظن بزوجاتهم, هناك أصحاب أعمال ليس عندهم أي دليل, ومع ذلك يسيئون الظن بموظفيهم, من دون دليل: سوء الظن إثم, من دون سوء ظن, مع الدليل: سذاجة وحمق. لذلك القاعدة:
 إذا قام هناك دليل على عدم الأمانة, أو على عدم العفة, أو على عدم الصدق, ينبغي أن تحترس من الناس بسوء الظن.
 والساذج لا يحميه أحد, ولا يحميه القانون, وكم من إنسان ضيع ماله, أو ضيع عمله, بسبب سذاجة, أو بلاهة, أو جهل, أو تجاهل, كان ضحيته؟.

احذر :

 أيها الأخوة الكرام, يجب أن تحترس من الناس بسوء الظن, من دون أن يبدو هذا على وجهك, لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يحذر الناس, ويحترس منهم, من غير أن يطوي بشره عن أحد.
 يعني: إنسان لا تعرفه, طلب منك قرضاً كبيراً, ولا تعرف عنه شيئاً.
 سيدنا عمر قال: من يعرف هذا الرجل؟ قال أحدهم: أنا أعرفه, قال: يا هذا! هل سافرت معه؟ قال: لا, قال: هل جاورته؟ قال: لا, قال: هل حاككته بالدرهم والدينار؟ قال: لا, قال: أنت لا تعرفه, يا هذا! ائتن بمن يعرفك.
 في رواية رائعة, قال: يا هذا! إني لا أعرفك؛ ولكن لا يضرك أني لا أعرفك.
 قد يكون أحسن مني. انظر الأدب: أنا لا أعرفك, ولا يضرك أني لا أعرفك.
 إذاً: هذا توجيه نبوي سليم؛ المغفل لا يحميه أحد, المغفل لا يحميه القانون, وكم من مطبات كثيرة في العمل التجاري سببها الغفلة؟ كم من حيل ماكرة سببها يقع الإنسان ضحيتها سببها الغفلة؟ كم من أخطاء فادحة تودي بالإنسان إلى خسارة محققة ثمنها الغفلة؟.
 يعني ممكن إنسان يعاملك, يعمل لك فخاً, أول مرة, ثاني مرة, تطمئن له, ثم يضرب ضربته الكبرى, ويختفي؟.
 فالإنسان بالاعتدال؛ كم من إفلاسات سببها السذاجة, أو سببها عدم أخذ الحيطة؟.

واقعة :

 أنا أعرف ر جلاً, في أيام اخترق التعليم الخاص إلى درجة: أن الناس يبيعون المدارس بأسعار رمزية, رجلان يعملان في التدريس, اشتريا مدرسة في أرقى أحياء دمشق, يعني مع أثاثها, وهاتفها, بمبلغ يسير عشرون ألفاً, شريك يعمل, وشريك بماله, شريك المال؛ لم يكتب عقداً, لم يكتب ورقة, يعني اتفاق شفهي, ثم نجح التعليم, وارتفعت الأسعار, وصارت هذه المدرسة التي اشتريت بعشرين ألف ليرة, لا يبيعها أصحابها بالملايين, الشريك الثاني: دُفع له رأس ماله على ثلاثة أقساط, وهو يظن أنه يأخذ أرباحاً, ثم قيل له: هذا دين أخذته منك, ألم أعطك الدين؟ لا يوجد ورقة, لا يوجد عقد, فقط ....... حُرقة في قلبه إلى يوم القيامة.

((احترس من الناس بسوء الظن))

[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط]

 سجل, اكتب إيصالاً, اكتب عقد شراكة, سجله في محكمة البداية, أنت بهذا تحمي أخاك من أن يأكل مالك, أنت بهذا تحصنه.

ما السبيل للخروج من هذه المشكلات؟ :

 أيها الأخوة, كم من شركة في البدايات لا يوجد ....... شفهي, أما حينما تنجح نجاحاً كبيراً, الأقوى هو الذي يطرد الأضعف, الذي باسمه المحل هو الذي يطرد الشريك, الذي ليس باسمه المحل, الأقوى يطرد الأضعف؛ لذلك اكتب إيصالاً, واكتب سنداً, والاكتفاء الشفهي سجله كتابة, وعقد البيع سجله بكاتب العدل, وعقد الشراكة سجلها بمحكمة البداية, أول شيء اتفقت عليه شفهياً, سجله.
 والعوام لهم كلمة رائعة: كل ساعة لها ملائكة.
 الآن نوى أن يعطيك, أما حينما ينجح المشروع, قد لا يعطيك شيئاً, قد يجعلك دائناً, وليس شريكاً.

((احترس من الناس بسوء الظن))

[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط]

((سوء الظن عصمة))

((الحزم سوء الظن))

 كان يحذر الناس, ويحترس منهم, من غير أن يطوي بشره عن أحد.
 ولو شئت, لحدثتكم بآلاف القصص عن أشخاص خسروا الملايين المملينة بسبب سذاجتهم, وطيب سذاجتهم, السذاجة.
 لست بالخب ولا الخب يخدعني, لست من السذاجة بحيث أُخدع, ولا من الخبث بحيث أَخدع.
 هذا موقف المؤمن واحد.

المؤمن لا يخدع ولا يخدع :

 قال لسيدنا علي -رضي الله عنه-: لم انصاع الناس لأبي بكر وعمر, ولم ينصاعوا لك؟ –أتعبوك- قال: لأن أصحابهم أمثالي, وأصحابي أمثالك.
 قال تعالى:

﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾

[سورة الشورى الآية: 39]

 ينتصرون.
 لأن أصحابهم أمثالي, وأصحابي أمثالك.
 إنسان في موسم الحج, في أثناء الطواف رأى لوزة في الأرض, رفعها أمام الناس, ورفع صوته, وقال: من صاحب هذه اللوزة؟ قال له سيدنا عمر: كلها يا صاحب الورع الكاذب.
 كلها, شيء سخيف, تحتاج أن تقول: من صاحب هذه اللوزة؟ بقي أن يقول: علم علامتها وكلها.
 قال له: كلها يا صاحب الورع الكاذب.
 أيها الأخوة, يعني المؤمن؛ لا يعقل أن يكون المؤمن مغفلاً, ولا ساذجاً, ولا غبياً, لأن الله جل جلاله يفتح بصيرته.

ما الغاية من طرح هذه القصة؟ :

 كلكم يعلم: أن سيدنا عمير بن وهب كان مشركاً, وقد كان ابنه أسيراً في معركة بدر, جلس مرة مع صفوان بن أمية, قال لصفوان: والله يا صفوان, لولا ديون ركبتني ما أطيق سدادها, وأولاد صغار أخشى عليهم العنت, لذهبت إلى المدينة وقتلت محمداً, وأرحتكم منه, فاستغلها صفوان, قال: يا عمير, أولادك أولادي مهما امتد بهم العمر, وديونك علي بلغت ما بلغت, فانظروا ما أردت, عمير بن وهب أُحرج, أعطى توجيهاً لزوجته: أن تعد له راحلته, وسقى سيفه سماً ليقتل به محمداً -عليه الصلاة والسلام-, وتوجه نحو المدينة وهو مغطى, بأنه ذاهب إليها ليفك أسر ابنه عمير, لما وصل المدينة رآه عمر, قال: هذا عدو الله, جاء يريد شراً, ما الذي جاء بك يا عدو الله؟ قيده بحمالة سيفه, وساقه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-, قال: يا رسول الله! هذا عدو الله عمير, جاء يريد شراً, سيدنا رسول الله قال: أطلقه يا عمر, فأطلقه, قال: ابتعد عنه, فابتعد عنه, قال: ادن مني, فدنا منه, قال: يا عمير, –بتحبب ومودة-, ما الذي جاء بك إلينا؟ قال: جئت أفدي ابني, قال له: وهذه السيف التي على عاتقك؟ –هذه السيف .......-, قال: قاتلها الله من سيوف, وهل نفعتنا يوم بدر؟ قال: ألم تقل لصفوان: لولا ديون ركبتني ما أطيق سدادها, وأولاد صغار أخشى عليهم العنت, لذهبت إلى المدينة وقتلت محمداً, وأرحتكم منه؟ -جاءه الوحي- فوقف وقال: أشهد أنك رسول الله, لأن هذا الذي جرى بيني وبين صفوان لا يعلمه أحد إلا الله, وأنت رسوله وأسلم.
 النقطة الدقيقة: أن سيدنا عمر يقول: دخل عمير على رسول الله والخنزير أحب إلي منه, وخرج من عنده وهو أحب إلي من بعض أولادي.
 بالإسلام لا يوجد عداوة حقد, وبالإسلام لا يوجد حقد موجه إلى الشخص أبداً, في غضب من عمل الإنسان, فرق كبير بين أن تغضب منه وأن تغضب عليه, تغضب على عمله لا تغضب منه, أي إنسان هو أخوك في الإنسانية, لا تغضب منه, بل اغضب عليه.
 صفوان بن أمية عنده خبر رائع: أنه بعد أيام سيقتل محمداً, فكان يقف على أطراف مكة, ينتظر أخبار المجيء, انتظر أياماً عديدة, لا يوجد خبر, لا يوجد خبر سار: أنه قتل محمد, ثم جاءه الخبر المحزن: أن عميراً قد أسلم.
 فأيها الأخوة, يعني لا يوجد مؤمن ساذج, مؤمن –هكذا- يقع في شر عمله؛ المؤمن منور, المؤمن مسدد, المؤمن رشيد, المؤمن حكيم, المؤمن حذر, المؤمن يقظ, المؤمن فطن, هذا المؤمن.
 ليس بالخَب أو ليس بالخِب ولا الخِب يخدعه.
 هذا معنى قول النبي:

((احترس من الناس بسوء الظن))

[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط]

 والله في آلاف القصص, إنسان ضيع محله التجاري, ضيع بناءه, ضيع معمله, بسذاجة؛ سلم من دون عقد, من دون توقيع, من دون وثيقة, من دون ..... ويوجد محتالون لا يعلمهم إلا الله.

حديث وجيه :

 ويقول عليه الصلاة والسلام, فيما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه-:

((أد ما افترض الله عليك تكن من أعبد الناس, واجتنب ما حرم الله عليك تكن أورع الناس, وارض بما قسم الله لك تكن من أغنى الناس))

 ألا تحب أن تكون أعبد الناس, وأورع الناس, وأغنى الناس؟.

هل تقبل النافلة إن لم تؤد الفريضة, وما مفهوم الولاية في القرآن الكريم؟ :

 الأول: (أد ما افترض الله عليك):

((إن الله لا يقبل نافلة ما لم تؤد الفريضة))

 يعني هناك أناس في الحج, يخترقون الفرائض من أجل سنة, ينتهكون الحرمات من أجل سنة.
لذلك:

﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾

[سورة الحجرات الآية:13]

 يعني: أعلاكم مكانة عند الله: أشدكم طاعة لله.
 لذلك: ورد عن الجنيد: ليس الولي الذي يطير في الهواء, وليس الولي الذي يمشي على وجه الماء, ولكن الولي كل الولي: الذي تجده عند الحلال والحرام.
 الذي يجدك حيث أمرك, ويفتقدك حيث نهاك, هذا هو الولي. وبالتعريف القرآني الدقيق:

﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾

[سورة يونس الآية:62]

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾

[سورة يونس الآية:63]

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾

[سورة يونس الآية:63]

 هذا هو الولي, وينبغي أن يكون كل واحد منا ولي الله, كل واحد, هذا المفهوم القرآني للولاية: أن تعرف الله, وأن تطيعه:

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾

[سورة يونس الآية:63]

من هو الورع؟ :

((أد ما افترض الله عليك تكن من أعبد الناس, واجتنب ما حرم الله عليك تكن أورع الناس))

 يعني الورع ......

((ركعتان من ورع, خير من ألف ركعة من مخلط))

 المخلط: الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً.

((ركعتان –فقط- من ورع, خير من ألف ركعة من مخلط))

((ومن لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا, لم يعبأ الله بشيء من عمله))

هذا هو الغنى :

 (وارض بما قسمه الله لك, تكن من أغنى الناس):

((ليس الغنى عن كثرة العرض, ولكن الغنى غنى النفس))

 يعني:

((إذا أصبَحَ منكم آمِناً في سِرْبه، مُعافى في جَسَدِهِ، عندهُ قوتُ يومِه، فكأنَّما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها))

 الإنسان بصحته غني جداً, الكبد زرعه ستة ملايين, الدسام يحتاج خمسمئة ألف, أقل عملية قلب خمسمئة ألف, زرع كلوة فيها مليونان, فأنت اجمع قطع الغيار, ثمنك مئة مليون, فإذا إنسان استيقظ, لا يوجد فيه شيء, ثمنه مئة مليون, لا يوجد معي شيء, معك شيء, لأنه أقل خلل في جسمك, تبيع جسمك, أليس كذلك؟ أقل عملية تكلف ثمن بيت الآن.
 لذلك: كان -عليه الصلاة والسلام- إذا استيقظ من فراشه يقول:

((الحمد لله الذي رد إلي روحي.
-لأنه حينما نام قال:

((يا ربي, إن أمسكت نفسي فارحمها, وإن أرسلتها فاحفظها))

 فاستيقظ, معنى: الله أرسلها له, سُمح لك أن تعيش يوماً جديداً.

((ما من يوم ينشق فجره, إلا وينادي يا بن آدم: أنا خلق جديد, وعلى عملك شهيد, فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة))

 الحمد لله الذي رد إلي روحي: وقف لا يوجد فيه شيء, أجهزة تامة, أفرغ مثانته, الأجهزة سليمة؛ سمعه, بصره, يقف متوازناً-.
 والحمد لله الذي عافاني في بدني, والحمد لله الذي أذن لي بذكره))

 

أي سمح لي أن أصلي الصبح حاضراً, في ناس مثل الخنازير, تستيقظ الساعة الحادية عشرة, سمح له أن يصلي الصبح حاضراً, وبجماعة أيضاً.
 عافاني في بدني, رد إلي روحي, أذن لي بذكره.
 إنسان دخل إلى الخلاء: كان -عليه الصلاة والسلام- يدعو ويقول:

((الحمد لله الذي –واحد- أذاقني لذته -أكل صحن فول, أكل صحن حمص, أكل طعاماً لذيذاً, لكن لم يأخذ سيروم, استلقى, سيروم ماء وسكر, لا, أكل, أكل, وأكل طعاماً لذيذاً, بعد ما أكل, شعر بقوة ونشاط-, وأبقى فيَّ قوته, -والفضلات طُرحت بشكل طبيعي.

قصة مؤلمة :

 سمعت عن قصة مؤلمة جداً: إنسانة فقيرة, أصيبت بورم خبيث في معاها الغليظ, استؤصل, صار فتحة خارجية للغائط, الكيس ثمنه ثلاثمئة ليرة.
 يعني أنت في نعمة لا تقدر بثمن, شخص يحمل الغائط معه في الطريق ويمشي-.
 الحمد لله الذي أذاقني لذته, وأبقى في قوته, وأذهب عني أذاه))

 

هل تعرف قدر هذه النعمة؟ :

 قال لي شخص: مسكين, يغسل كل أسبوع مرتين, الممرضة ضربته على رأسه: لا تشرب الجمعة ماء, الآلة معطلة, أنت تشرب ماء حتى ترتوي, لكن هذه نعمة لا يعرفها إلا من فقدها.
 لو كان جهاز الغسيل معطل, بابن النفيس: شرب ماء لا يوجد, يعطونه كأس شاي فقط, كأس شاي كل يوم, وإلا يحتاج إلى غسيل أربعة أيام في الجمعة, محروم شرب الماء, فأنت غني جداً, إذا كان أجهزتك سليمة, غني جداً, جداً غني:

﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾

[سورة إبراهيم الآية:7]

﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾

[سورة التوبة الآية:51]

((استقيموا ولن تحصوا))

[أخرجه مالك في الموطأ]

((اللهم -كما كان يدعو عليه الصلاة والسلام- نسألك العفو والعافية, والمعافاة الدائمة, في الدين والدنيا والآخرة))

لا تزول النعمة إذا أديت حقها :

 كل إنسان يعرف نعمة ربه, يعزو هذه الصحة إلى الله, وإلى فضل الله, بإذن الله هذه لن تزول؛ لن تزول نعمة تشكرها أبداً, لن تزول نعمة تؤدي حقها, لن تزول نعمة تنفقها بطاعة الله, هذه العين, تريد ضمانة من الله ألا تصاب بالعمى؟ لا تنظر بها إلى الحرام؛ عين غضت عن محارم الله, إن شاء الله لن تفجع بها, وأذن ما سمعت الغناء, سمعت ذكر الله لن تفجع بها, ولسان نطق بذكر الله لن تفجع به, ورجل تمشي بها إلى المسجد لا إلى النوادي الليلية لن تفجع بها, ويد تعطي بها الخيرات لن تفجع بها, هذا معنى قول النبي داعياً:

((ومتعنا اللهم بأسماعنا, وأبصارنا, وقوتنا, ما أحييتنا, واجعله الوارث منا))

حاجة ضرورية :

 أخواننا الكرام, كلنا بحاجة إلى شحنة أسبوعية, شحنة روحية, حتى الإنسان يبقى مع الدين, مع رب العالمين؛ مع طاعته, مع الإقبال عليه, مع الإخلاص له, مع الشوق إليه, هذه الشحنة الأسبوعية حافظوا عليها.
 مرة جاءني مصباح هدية, يشحن في الكهرباء, حينما أنسى أن أشحنه يضعف, أقول: وكذلك المؤمن؛ إذا ترك دروس العلم يضعف, وحينما أنساه في الشحن كالشمس, وهذا شأن المؤمن: الذي يُكثر من شحنه؛ خطبة, ودرس, ودرس, ودرس, وتلاوة, ومذاكرة, وجلسة دينية, هذا شحن مستمر, تجده مثل الشمس, كأنه كوكب دري.
 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور