وضع داكن
23-04-2024
Logo
رياض الصالحين - الدرس : 036 - أحاديث تتعلق بالإمارة – قصة الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

تمهيد :


أيها الإخوة المؤمنون؛ ننتقل في رياض الصالحين, إلى الباب الواحد والثمانين، باب: النهي عن سؤال الإمارة, واختيار ترك الولايات، هذا الباب مصدرٌ بقوله تعالى:

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)﴾

[ سورة القصص ]

أنت أيها الإنسان مخلوقٌ للدار الآخرة، الدار الآخرة هي كل شيء، وما سوى الآخرة لا شيء، وربنا سبحانه وتعالى سمَّى الحياة التي نحن فيها: حياة دنيا، الإنسان أحياناً يغيب عنه معنى الاسم، حياةٌ دنيا، والآخرة حياةٌ عليا، الحياة الدنيا محدودة، مشحونة بالمتاعب، قصيرة، تمضي سريعاً، تغر، وتضر، وتمر, هذه الحياة الدنيا، لكن الحياة العليا باقية، خيرٌ وأبقى، لا هم، ولا حزن، ولا خوف، ولا قلق، ولا خروج منها، فربنا سبحانه وتعالى يقول: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) التي أعددتها لعبادي المؤمنين، التي خلقت الإنسان من أجلها, قال تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً) هذا الذي يريد العلو في الأرض, له الدنيا، وليست له الآخرة، أما قوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) الفساد له معان كثيرة، فهو من صفات المنافقين, قال تعالى:

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)﴾

[ سورة البقرة ]

يكفي أن ترغِّب الناس في الدنيا, فأنت مفسد، يكفي أن تصرفهم عن الآخرة, فأنت مفسد, يكفي أن تحزنهم على أنفسهم, فأنت مفسد، يكفي أن تفرِّق بين الأخ وأخيه, فأنت مفسد ، أن تفرِّق بين الشريك وشريكه، بين الزوجة وزوجها، بين الجار وجاره، بين كل اثنين تحابَّا في الله عزَّ وجل، أن تفرق بين طالب علم وبين من يعلمه، هذا يدخل في باب الإفساد, قال تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) الأمور تدور؛ يعلو فلان، يسفل فلان، يتقدَّم فلان، يتأخَّر فلان، تأتي الدنيا لفلان، تنصرف عن فلان، في نهاية هذه الدورة الطويلة يفوز المتقي.

العوام لهم كلمات لطيفة: 

التقوى أقوى، تدور الأيام، تأتي الشهور، تأتي السنين، يعلو مَن يعلو، يسفل مَن يسفل، يتقدم مَن يتقدم، يتأخر مَن يتأخر، يفوز في النهاية المتقين، فلذلك: 

البطولة الذي يضحك آخر الأمر، هناك من يضحك قليلاً ليبكي كثيراً، وهناك من يبكي قليلاً ليضحك كثيراً.

لذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( أَلا يَا رُبَّ نَفْسٍ طَاعِمَةٍ نَاعِمَةٍ فِي الدُّنْيَا جَائِعَةٍ عَارِيَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَلا يَا رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِينٌ ، أَلا يَا رُبَّ مُهِينٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُكْرِمٌ  ))

[ حديث ضعيف رواه ابن سعد في الطبقات والبيهقي في شعب الإيمان ]

هكذا, قال تعالى: 

﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3)﴾

[ سورة الواقعة ]

فلذلك, قال تعالى: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) كن مع الله ولا تبالِ، كن مع الحق، لأن الحق أبدي سرمدي، كن مع الشيء الثابت, وهو الله سبحانه وتعالى، الله لا يتبدل، ولا يتغير، ولا يتحول، هو الذي بيده كل شيء، فوق كل شيء، مصير كل شيء إليه، الله سبحانه وتعالى إذا كنت معه, كنت مع القوي، إذا كنت معه, كنت مع الغني، إذا كنت معه, كنت مع الحكيم، مع الرحيم، مع اللطيف، لذلك: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) الشيء الذي أحب أن أقف عنده: هو أن الحياة الدنيا دار ابتلاء، أي لو أن الله سبحانه وتعالى عاقب المسيء فور إساءته، وجازى المحسن فور إحسانه، لما كان هناك اختيار، ولكان هناك اضطرار، لكن ربنا عزَّ وجل: شاءت حكمته أن يمهل، المسيء يسيء، ولا أحد يحاسبه ، إلى أن يتوهَّم أن الله غافلٌ عنه، والمحسن يحسن، وربما لا يلقى الجزاء السريع، إلى أن يظن, أنه قد ضيَّع حياته سدى، ولكن يأتي الحساب الإلهي، يأتي الجزاء الإلهي, ليجزي المحسن, وليعاقب المسيء, قال تعالى: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) يعني: 

من طبيعة الحياة الدنيا، من خصائص السنن الإلهية: أن الله يمد، يمد للإنسان, إلى أن يظن أن الله غافلٌ عنه، افعل ما تشاء، افعل ما بدا لك، أحسن إذا شئت، هناك من يحسن، هناك من يسيء، هناك من يغش، هناك من ينصح، هناك من يكذب، هناك من يصدق ، هناك من يخلص، هناك من يخون، هناك من يعطي، هناك من يمنع، هناك من يؤذي، هناك من ينصح، افعل ما تشاء، ربنا عزَّ وجل يقول :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)﴾

[ سورة فصلت ]

أنت مخير، لكن لكل عملٍ جزاؤه، لكل موقفٍ حسابه، لكل عطاءٍ ثمنه، لكل حرمان عقابه، افعل ما تشاء، إن لكل حسنةٍ ثواباً, ولكل سيئةٍ عقاباً.

لذلك: حينما يصدِّق الإنسان خالق الأكوان، ويستقيم على أمره، ربما لا تبدو له حكمة الأمر, إلا بعد أن يطبقها، لو أنه طلب الحكمة قبل التطبيق، لاستوى المؤمن والكافر.

الآن قل للكافر: لا بد أن تفعل كذا, من أجل الحفاظ على قلبك، أو على رئتيك، أو على كُلْيَتَيك، هذه الأكلة تضر من أصيب بكليتيه، كافر، مؤمن، منافق، فاسق, يمتنع بدافع مصلحته، لكن المؤمن يفعل، ولا يفعل إلا بدافع إيمانه بالله، بعد أن يفعل, تأتي الحكمة الإلهية، لذلك: لا تطلب الحكمة قبل أن تفعل الأمر، إنك إذا طلبتها قبل فعل الأمر, لست مؤمناً، أين إيمانك بخالق الكون؟ إيمانك بالله عزَّ وجل من لوازمه: أن تبادر إلى تطبيق أمره, فهمت الحكمة أو لم تفهمها, ألم تعرف الله عزَّ وجل؟ هذا أمره، يكفي أن تطبق أمره, لأنه أمره.

 

أحاديث تتعلق بالإمارة:


قال تعالى: 

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾

[ سورة القصص ]  

الحديث الأول :

(( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ, لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ, فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ, وُكِلْتَ إِلَيْهَا, وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ, أُعِنْتَ عَلَيْهَا, وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ, فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا, فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ, وَائتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ))

[ متفق عليه ]

أي اتفق عليه الشيخان هما: الإمام البخاري والإمام مسلم, يبدو أن النبي عليه الصلاة والسلام, رأى أن الإمارة مسؤوليةٌ كبيرة، سيدنا عمر قال:

والله لو تعثرت بغلةٌ في العراق, لحاسبني الله عنها, لمَ لمْ تصلح لها الطريق يا عمر؟

فكلما عرف الإنسانُ اللهَ عزَّ وجل معرفةً أوسع, كلما شعر بالمسؤولية تجاه خالقه، ازدد معرفةً بالله, يزدد شعورك بالمسؤولية، رأس الحكمة مخافة الله.

ألم يقل سيدنا عمر لأحد الولاة:

ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارقٍ أو ناهب؟. 

قال: أقطع يده. 

قال إذاً: فإن جاءني من رعيتك من هو جائعٌ أو عاطل فسأقطع يدك.

إن الله قد استخلفنا عن خلقه, لنسُد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفِّر لهم حرفتهم، فإذا وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً, التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية

فهل ربان الطائرة -قائد الطائرة- تفرحه هذه الغرفة الفخمة المليئة بالساعات والأجهزة، وثلاثمائة راكبٍ في عنقه؟ بغلطة واحدة من هذا الربان, يودي بحياته وحياة الركاب.

إذاً: هذا الكرسي, كرسي قائد الطائرة, يحتاج إلى علم غزير، وإلى سرعة بديهة، وإلى أعصاب متينة، وإلى قدرة على التصرف في حالات الانفعال، لأنك وأنت في الجو, قد يتعطل جهاز، قد تدخل في سحابة مكهربة، قد تأتي صاعقة، فلذلك هذا الكرسي لا يُفرِح صاحبه على أنه وثير، ولا أنه جميل، ولا أن أمامه هذه الأجهزة الكثيرة، لا، هذا كرسي المسؤولية، هذا كرسي الحساب الدقيق، وقائد الطائرة لا يحاسبه أحد، ولكن الجو يحاسبه، أيَّة غلطةٍ يقول لك: وقد مات جميع ركابها، احترقت بهم، عددهم كذا، والملاحون سبعة، خبر في ثلاث كلمات.

فلذلك الأب مسؤول، والمعلم مسؤول عن ثلاثين طالبًا، أو أربعين، أو خمسين، مدير مدرسة مسؤول عن ست عشرة شعبة، وكل شعبة فيها خمسون طالبًا، صاروا ثمانمئة طالب، مسؤول عن مشكلاتهم، عن المدرسين، عن دوامهم، صار مدير تربية بمحافظة، صار مسؤولا عن ثلاثمائة مدرسة، وكل مدرسة فيها ثمانمئة طالب، فالإنسان كلما ارتفعت مستوى مسؤوليته ازدادت مسؤوليته، إذاً: الإمارة تحتاج إلى يقظة، إلى ورع شديد.

سيدنا عمر بن عبد العزيز, عيَّن مستشارًا خاصًّا من كبار العلماء, اسمه: عمر، قال له:

يا عمر إذا رأيتني قد ضللت, فأمسك بتلابيبي، وهزني هزاً شديداً وقل لي: اتقِ الله يا عمر فإنك ستموت

مسؤولية كبيرة جداً، فيبدو أن النبي عليه الصلاة والسلام خاف على أصحابه, أن يظنوا أن الإمارة وجاهة، أن يظنوا أن الإمارة فيها لذة، لا، قال: ((يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ, لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ, فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ, وُكِلْتَ إِلَيْهَا)) إذا أراد الإنسان الشيء لذاته, معنى ذلك أنه متعلقٌ فيه، متعلقٌ بمغانمه، إذا أرادها هو وأصر عليها، معنى ذلك أنه وكل إليها، والإنسان ضعيف، يعني:

إذا أراد ربك إنفاذ أمرٍ, أخذ من كل ذي لبٍ لبه

السداد من الله عزَّ وجل، السداد، والرشاد، والحكمة، وأن يأتي موقفك موقف سليم، وأن تقف، وأن تتكلم كلامًا سديدًا، وأن تأخذ القرار الصحيح، هذا كله يحتاج إلى معونة من الله عزَّ وجل.

الإنسان أحياناً ينظر إلى الشيء من زاوية واحدة، تغيب عنه زاوية ثانية, يقع في شر أعماله، ينظر إلى ضغطٍ واحد، وينسى الضغط الآخر, فيهلك نفسه.

فهذه نقطة دقيقة جداً: أن الإنسان إذا وكّل أمره إليه فقد هلك، أما إذا أعانه الله عزَّ وجل فقد رشد .

دع الإمارة في عملك اليومي، سمعت عن طبيب, بلغ من الشهرة والتفوق, أنه أصبح الطبيب الأول في البلد، شعر بنشوة وهو يولد امرأةً, قطع الرحم وهو لا يدري، وقَطَّع الأمعاء وهو لا يدري، وكادت تسحب منه الشهادة، لولا أنه أخذ هذه المريضة إلى أقرب مستشفى, وأسعفها بنفسه، يبدو أنه اتكل على خبرته، فوكله الله إليها.

هذه في الأعمال كلها، أصحاب المصالح، أصحاب المهن، المدرسون، الأطباء، المهندسون، كل إنسان: إذا شعر أنه متمكن من حرفته, قد امتلك زمامها، خبرته كثيرة، تراكمت خبراته، ضليع في هذا الشيء، يعرف من أين تؤكل الكتف؟ يعرف كيف يفعل؟ إذا شعر بهذا الشعور فقد أشرك، عندئذٍ يكله الله إلى ذاته، عندئذٍ يقع في شر عمله. عندما قالوا:

أن لكل عالمٍ هفوة، ولكل جوادٍ كبوة، ولكل حسامٍ نبوة

ما أخطؤوا. متى يهفو العالم؟. 

إذا ظن أنه عالم، يظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل، في اللحظة التي تظن فيها أنك عالم, فأنت جاهل، لأن الله عزَّ وجل يقول:

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً (85)﴾

[ سورة الإسراء ]

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)﴾

[  سورة البقرة ]

لذلك فقمة المعرفة: أن تكون مفتقراً إلى الله عزَّ وجل، كلما ازدادت معرفتك ازداد افتقارك، كلما ازدادت معرفتك ازداد تواضعك.

بعض الأطباء نقل لنا قول بعض العلماء فقال: لم تبتل بعد أقدامنا ببحر المعرفة.

الله عزَّ وجل لا نهائي، فلذلك تقرأ أحياناً بأي فرع من فروع المعرفة, تشعر أن الذي قطعه العلماء في هذه السنوات الطويلة، يقولون لك: هذا العلم يعود تاريخه إلى ألف وثمانمئة وعشر سنوات، علم الاجتماع مثلاً، علم النفس، الكيمياء العضوية، الفيزياء الذرية، الفيزياء العضوية ، الفيزياء الكيميائية مثلاً، علم الحركات، قوانين الفلك مثلاً، علوم أحياناً تتعثر بصفحتين أو أربع صفحات في نهاية الكتاب عن المراجع، تجد خمسمئة مرجع باللغة الإنكليزية، وثلاثمئة بالفرنسي، ومئتين بالعربي، كل هذه الكتب حول هذا الموضوع, ومع ذلك: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) .

 أنا حدثتكم قبل مرة, أن صديق لي طبيب في القلب, قال لي: ذهبت إلى بلد متطور, في مقياس العصر طبعاً, قال لي: لأحضر مؤتمر للأطباء، وجدنا أن هناك أربعة آلاف ومئة محاضرة، أربعة آلاف ومئة بحث جديد, قد اكتشف في العام الماضي، وقال لي: والله لو أن العلماء إلى يوم القيامة ضاعفوا جهودهم، لشعروا أن كل هذا الوقت, لا يكفي لمعرفة أسرار القلب، لذلك من علامات العلم: التواضع، المتكبِّر جاهل.

فهذا الكرسي, كرسي ربان الطائرة, يحتاج إلى علم، تصور أنك ودَّعت إنسانًا في المطار قبل فترة، وأنا خارج من بهو المطار، دخل شاب وسيم الطلعة، صافح شخصًا معي، فإذا هذا الشخص, هو الطيَّار الذي سيقود هذه الطائرة ليلاً من دمشق إلى بلدٍ بعيد، قلت: أيستطيع أحدٌ أن يجلس مكانه؟ تجلس بمقعد طيار، وتحرك طائرة ليلاً، والظلام دامس، تقلع من المدرج، وتتجه باتجاه الشرق، تنزل بمطار الساعة الثانية عشرة ليلاً، تخرج من المطار الساعة الواحدة، تتجه نحو الجنوب.

هذا إنسان درس دراسة عالية جداً، دراسة، وعلم، وأعصاب متينة، وتصرُّف جيد، إذاً: هذا الكرسي, كرسي المسؤولية، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: ((يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ, لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ, فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ, وُكِلْتَ إِلَيْهَا)) نحن توسعنا في معنى: ((وُكِلْتَ إِلَيْهَا)) الإنسان بأعماله كلها، الإنسان أحياناً بسببٍ تافه, يضيعُ منه شيءٌ كبير.

من عادتي أنا, إذا واجهت هكذا مشكلة, أقول: لا بد أن هناك تقصيرًا في الاستعاذة بالله, من الشيء الذي لا تهتم له، ماذا كان يقول النبي الكريم؟ قال:

(( اللهم إني أعوذ بك مما أهتم له, ومما لا أهتم له ))

يعني أحياناً شريط صغير, ينقطع في مركبتك, يعطلك عن السفر، تكون في منتصف الطريق، ولا تعرف أين الخلل في السيارة؟ تقف ساعات طويلة، أربع ساعات، عشر ساعات ، ولا تستطيع أنْ تغادر المركبة، ولا أن تتركها لحالها، وشريط صغير انقطع، وأنت لا تعرف ذلك، فهذا الشيء لا تهتم له أنت، فينبغي أن تستعيذ بالله مما تهتم له، ومما لا تهتم له, هذا هو التوحيد، لذلك: ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، الإنسان دائماً يوحِّد، ((وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ, أُعِنْتَ عَلَيْهَا, وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ)) سيدنا عمر -قلت لكم ذلك سابقاً- أنه جعل رجل والياً، وأحب أن يمتحنه, فقال له:

خذ عهدك، وانصرف إلى عملك، واعلم أنه مصروفٌ رأس سنتك، وأنك تصير إلى أربع خلال, فاختر لنفسك، إن وجدناك أميناً ضعيفاً 

أمين لكن ضعيف الشخصية.

استبدلناك لضعفك 

لا تصلح.

وسلمتك من معرتنا أمانتك 

لا نعاتبك، ضعيف الشخصية لكنك أمين.

وإن وجدناك خائناً قوياً 

شخصية قوية وحازمة، ولكن ليس فيه استقامة.

استهنا بقوتك، وأوجعنا ظهرك، وأحسنّا أدبك، وإن جمعت الجرمين 

ضعيف الشخصية وخائن

جمعنا عليك المضرتين 

العزل والتأديب.

أمين ضعيف عزل، قوي خائن تأديب، ضعيف خائن, عزل زائد, تأديب.

وإن وجدناك أميناً قوياً, زدناك في عملك 

نجدد. 

ورفعنا لك ذكرك، وأوطأنا لك عقبك

أيها الإخوة؛ من أين أخذ هذا سيدنا عمر؟ من قوله تعالى: 

﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)﴾

[ سورة القصص ]

تعلم إذا أردت تعيين شخص من عندك، تريد أن تتعاون مع شخص, اخترْ القوي الأمين.

الآن باللغة المعاصرة: الإخلاص والكفاءة، تريد إنسانًا مخلصًا ذا كفاءة، المخلص بلا كفاءة يهلكك، وذو الكفاءة لكنه خائن يخوّفك، لستَ مرتاحًا له, كفاءة عالية وفهيم، يقول لك : فالح، شاطر، ذكي, يعرف كيف يتصرف، لكنه يبلع، أو مستقيم لكن ما عنده إمكانيات, والله علّمنا في القرآن, قال تعالى: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) وإذا أصاب الإنسان في عمله, إنساناً قوياً أميناً فلا يفرط فيه، ولكن ليكرمه على قدر ما يستطيع، مهما أعطاه فهو الرابح، إذا بعملك عندك محل، عندك مشروع، عندك معمل، ووُفِّقت بإنسان قوي وأمين، هذا من فضل الله عليك، لذلك أشخاصٌ كثيرون يصيبون مثل هؤلاء، ولكن لضيق أفقهم يفرِّطون بهم، لسبب تافه، طلب زيادة، فيقول له: ليس عندي زيادة، فتركه، الحقيقة: الطاقة البشرية بكل عمل, هي رقم واحد.

الذي لفت نظري في الحديث: ((إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا)) فالدعاء الشريف: ((اللهم إنا نعوذ بك من أن تكلنا إلى أنفسنا)) المؤمن قبل أن يفعل شيئاً يقول: ((اللهم إني تبرأت من حولي وقوتي، والتجأت إلى حولك وقوتك, يا ذا القوة المتين)) يجب أن يكون قالاً وحالاً، هذه قالاً سهلة، هكذا الأستاذ قال لنا في الجامع: إنه بعد ما يعمل عملا, حتى يقول: ((اللهم إني تبرأت من حولي وقوتي، والتجأت إلى حولك قوتك, يا ذا القوة المتين)) القول سهل، أما ربنا عزَّ وجل يريد حالها، هل أنت مفتقر إلى الله عزَّ وجل؟ هل ترى أن الله كل شيء وأنت لا شيء؟

وما لي سوى فقري إليك وسيلةٌ        فبــالافتقار إليك فقري أدفعُ

وما لي سوى قرعي لبابك حيلةٌ          فــإذا رددت فأي بابٍ أقرع

يجب أن تكون هكذا، الآن: ((وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ, فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا)) أنا والله حلفت يمينًا معظّمًا, أنه لا أزور أختي، زر أختك وكفر عن يمينك، وأطعم عشرة مساكين، لا يقبل النبي منك أن تفعل شيئاً, لا يرضي الله عزَّ وجل على أثر يمين، من نذر أن يعصي الله, فلا يعص الله عزَّ وجل، فأي يمين تحلفه ألا تفعل خيرًا...

أخي أنا مرة, فعلت خيرًا مع إنسان, فأساء لي، فحلفت يمينًا بالله معظمًا, ألا أفعل خيرًا مع أحد، فما هذا اليمين؟ هذا اليمين مردود عليك، افعل الخير، وكفر عن يمينك، فالنبي الكريم قال هكذا: ((وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ, فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا, فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ, وَائتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ)) هذا توجيه نبوي.

 الحديث الثاني : 

(( عَنْ أَبِي ذَرٍّ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ, إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا, وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي: لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ, وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ ))

[ أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي  ]

هذه بنية أو طبع، هناك إنسان لين، هكذا طبعه، هذا الإنسان لا يصلح أن يقود مجموعة من الأشخاص، يستحي أن يعاتبهم، يستحي أن يحاسبهم، يستحي أن يؤاخذهم، يستحي أن يأخذ موقفًا صعبًا، لأنه يخجل دائماً، هذا مستضعف، يبدو أن بعض الأعمال تحتاج إلى قوة، لذلك الفقهاء: منعوا أن تكون المرأة قاضية، تجد الشخص من الواجب أن يُعدمَ, فتقول القاضية: والله حرام، يكون هذا قاتلا ومجرمًا، ربنا عزَّ وجل قال: 

﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)﴾

[ سورة البقرة ]

قال: 

﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)﴾

[ سورة النور ]

تحتاج لإنسان له قلب, يتحمَّل هذا القرار، فقال له: ((يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا)) .

أيها الإخوة؛ لم يقل إنك ضعيف, انظر إلى بلاغة النبي، إنك ضعيف, يعني أنت ضعيف، لكن: إني أراك، فقد تكون غير ذلك، كلمة: إني أرى، دائماً الأشخاص الموفقون في حديثهم, يكون كلامهم فيه تحفظ دائماً، يقول لك: يبدو لي ذلك، إني أرى ذلك، كلمة: إني أرى؛ فيها لطف، ما فيها قصر، ما فيها جزم، ما فيها اتهام ثابت، إنك ضعيف يا أبا ذر، انتهى يعني ضعيف، لكن: ((يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا)) يتراءى لي ذلك، يبدو لي ذلك أنك ضعيف، وقد تكون غير ذلك، إذا أنت خاطبت أخًا مؤمنًا, فلا تكن قاسيًا عليه، قل له: إني أرى ذلك، لعلي مخطئ، هكذا الله علمنا، فقال: 

﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)﴾

[ سورة سبأ ]

هذه الآية, فيها دقة هائلة, قال تعالى: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى) أحدنا على صواب, والآخر على خطأ، قد أكون أنا على صواب، وأنت على خطأ، وقد تكون أنت على صواب، وأنا على خطأ، اسمع مني يا أخي, هذه الحجة أو هذا البيان, قال تعالى: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) خذ موقفًا معتدلا، حتى ربنا عزَّ وجل, عندما قال فرعون:

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)﴾

[ سورة القصص ]

إله، معنى هذا: أنها كلمة كبيرة جداً، لا يوجد كلمة أكبر منها, أن يقول: أنا إله، لكن قالها بشيء, فيه شيء من التحفظ, قال تعالى: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) لكن المرة الثانية ماذا قال؟ قال : 

﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ﴾

[ سورة النازعات ]

 فقال تعالى: 

﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25) ﴾

[ سورة النازعات ]

الآخرة لما قال: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) الله عزَّ وجل بدأ بالآخرة، ثم بالأولى، فلعلي أنا مخطئ، لعلك على صواب، ولعلي على خطأ، دائماً اترك مجال للحوار.

إذاً: ((يَا أَبَا ذَرٍّ, إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا, وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي)) طبعاً: هذه من صفات المؤمن.

أنا أقول لكم هذه الكلمة: 

حينما تتمنى أن يقع بأخيك سوء, فأنت لست مؤمناً ورب الكعبة، يكفي أن تتمنى لأخيك زوال نعمةٍ عنه، أو أن يضعُف، أو أن ينحَّى عن هذا العمل، أو أن يفتقر، أو أن يفشل في هذا العمل، بمجرَّد أن تتمنى ذلك لأخيك المؤمن, فهذا ليس أخاك، أنت لست مؤمناً، أنت مع المنافقين، والدليل قوله تعالى: 

﴿ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50)﴾

[ سورة التوبة  ]

من صفات المنافقين, قال تعالى: (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) قال: ((وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي)) وإذا كان أخوك المؤمن رأيته قد تفوق، والله عزَّ وجل أكرمه، وفعل الصالحات، والله عزَّ وجل أجرى على يديه الخير، أقول لك: هذه بشارةٌ لك، لأنك إذا أحببت لأخيك ما تحب لنفسك, فأنت مؤمن ورب الكعبة. 

(( فعَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِه ))

[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي  ]

الحديث له تتمة، أنا سمعت من أمد قصير, أن له تتمة، هذا الحديث معروف، مطروق جداً، مألوف جداً، تتمته:

(( ولا يؤمن أحدكم حتى يكره لأخيه ما يكره لنفسه ))

إذا كنت لا تحب هذا العمل, فكيف دفعت إليه أخاك؟ لا ترضى بهذه المهمة، فكيف أرسلته لها؟ لا ترضى لنفسك بهذا العمل، فكيف أقنعته فيه؟ في زيادة مال منه، أنت لم ترضه لك, فكيف رضيته له؟ إذاً: ((ولا يؤمن أحدكم حتى يكره لأخيه ما يكره لنفسه)) يجب أن تحب له ما تحب لنفسك، ويجب أن تكره له ما تكره لنفسك، قال: ((يَا أَبَا ذَرٍّ, إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا, وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي: لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ, وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ)) مال يتيم خطر، عليه حساب شديد، سيدنا عمر رضي الله عنه قال:

ما أنا وأنتم إلا كالوصي على مال اليتيم، إن افتقر أكل بالمعروف، وإن اغتنى تعفف، وإن أكرمه الله ردَّ الذي أخذه هذا الموقف الدقيق: إن كان غني يتعفف، وإن كان فقير يأكل بالمعروف، وإذا أغناه الله يرد ما أخذ.

مرة قالوا لسيدنا عمر: يا أمير المؤمنين, الناس يخافون من شدتك، وقالوا: أنه كان النبي عليه الصلاة والسلام رحيماً بهم، وكان من بعده أبو بكر، فلما كان الأمر لك, خاف الناس شدتك.

فبكى وجمع الناس، وقال: 

أيها الناس, كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً له وجلواذه، وسيفه المسلول، فكان يغمدني إذا شاء

خادمه وخادم فرسه كذلك.

وتوفي عني وهو عني راض, الحمد لله على هذا كثيراً, وأنا به أسعد 

يعني عشت فخدمته خدمة مخلصة.

ثم كان أبو بكر 

هذا ليس رسول.

فكنت خادمه، وجلواذه، وسيفه المسلول، وكان يغمدني إذا شاء 

أنا بخدمته، أنا الجانب القوي.

وهو كان يسمح لي أو يوقفني, أما وقد آلت الأمور إلي

هنا في قضية ثانية، أحياناً يكون في أب وأم، الأب شديد والأم رحيمة، يغضب الأب فالأم تخفف، لن يعيدها، صار في توازن، أما الأم ماتت، إذا الأب أراد أن ينقض على ابنه, فليس هناك من يتشفع له، لا يوجد تمثيلية الآن، فقال: 

أيها الناس وقد آلت الأمور إلي, فاعلموا أن هذه الشدة قد أضعفت 

الآن صار وضع ثان.

فأنا ألين لكم من أحدكم، وإنني أضع رأسي على الأرض, ليطأه أهل العفاف والتقى, أما أهل الظلم والعدوان, فأنا شديدٌ عليهم

النتيجة. 

قال: أيها الناس, خمس خصالٍ خذوني بهن 

حاسبوني.

لكم علي ألا آخذ من أموالكم شيئاً إلا بحقه، ولكم علي ألا أنفق من هذه الأموال شيئاً إلا بحقه

يعني آخذ منكم بالحق وأنفق بالحق.

ولكم علي ألا أجمِّركم في البعوث 

يعني في الحروب، يعني ألاّ أترك الجندي سنتين في البعوث، فله زوجة، له أهل، له أولاد، أربعة أشهر فقط.

وإذا غبتم في البعوث 

في الجهاد. 

فأنا أبو العيال حتى ترجعوا، ولكم علي 

الخامسة.

أن أزيد في عطاياكم إن شاء الله تعالى

يعني كلما ارتفع مستوى المعيشة, أرفع لكم رواتبكم.

ولكم علي أن أزيد عطاياكم إن شاء الله تعالى

فقال له: ((يَا أَبَا ذَرٍّ, إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا, وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي: لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ, وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ)) الحديثان الأخيران في هذا الموضوع.

 الحديث الثالث : 

عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ, قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟!

تضعني بوظيفة أو بعمل.

قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي 

هذا معنى ربت، شيء في منتهى المودة والمحبة.

(( ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ, وَإِنَّهَا أَمَانَةُ, وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ, إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا, وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا ))

[ أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي ]

يعني لو فرضنا إنسانًا, ارتدى ثوبًا أبيض، واشترى نظارات، واشترى سماعة صدر، واشترى جهاز ضغط، وكتب لوحة عند أشهر خطاط: الطبيب الفلان الفلاني، وحائز على الشهادة الفلانية، وبورد, وكذا, وإلى آخره، وفتح العيادة، وهو إنسان جاهل، لفترة محدودة يأتي الناس إليه، لكن إذا اكتشف أمره، يساق للمحاكمة ذليلاً، مخزياً، مهاناً, أليس كذلك؟.

هذه مسؤولية, تعطيه دواء, فمات به، أحياناً خطأ بين حبة وحبتين يموت الإنسان، في أمراض معينة كأمراض القلب مثلاً، خطأ طفيف جداً, يموت المريض فيها، إذا نسي أن يسأله سؤالا، لم ينتبه للتخطيط، لم ينتبه للتشخيص، مات المريض.

مرة حدثني أخ, أنه في عملية جراحية، والطبيب المخدر لم يحضر، فكلفوا ممرضًا، الإنسان عندما يخدَّر, إذا بلع لسانه يختنق، ويموت فوراً، فالمريض مات, ليس من العملية، ولكنه مات، لأنه بلع لسانه، لأن الطبيب المخدر, يسحب له اللسان دائماً, ليكون مجرى الهواء سالك، لأنه تخدير كامل، فنسي المساعد أنْ يسحب لسان المريض فمات، فيا ترى إذا ادعى الإنسان، وأخذ وجاهة الطبيب، ولبس الأبيض، وبدأ يكتب بالأوراق، وبدأ يستقبل المرضى، ويعطي التعليمات: كل شوربة، واترك الملح، واعمل كذا، وكله بجهل، وانكشف أمره, فهل تنتهي معه الأمور بسلام؟. فقال له: ((يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ, وَإِنَّهَا أَمَانَةُ)) هو بموضوع الطب بالمناسبة. 

(( فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَطَبَّبَ, ولا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ, فَهُوَ ضَامِنٌ ))

[ أخرجه أبو داود والنسائي ]

يُحاسَب، هناك أشخاص ذوو بنية سليمة، معه مرض معين، أخذ الدواء فاستفاد، خذ الدواء نفسه, لا تحتاج إلى الطبيب، قد يكون معه مرض ثان، قد يكون معه حساسية لهذا الدواء، أنت لا تفهم الذي معه، فهذه القضية خطيرة، ((مَنْ تَطَبَّبَ, وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ, قَبْلَ ذَلِكَ, فَهُوَ ضَامِنٌ)) قال: ((وَإِنَّهَا أَمَانَةُ, وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ, إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا, وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا)) آخر حديث في هذا الموضوع. 

الحديث الرابع : 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ, وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ, فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ, وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ ))

[ أخرجه البخاري والنسائي ]

يكفي إذا قلت: فلان مسؤول، نحن أحياناً يغيب عنا معنى الكلمة: فلان مسؤول، ما معنى مسؤول؟ معنى هذا أنه مسؤول, وهذه تكفي، فلان مسؤول كبير, أي مسؤول كبير, وسوف تسأل؛ لم فعلت كذا؟ لم أعطيت؟ ولم منعت؟ لم قلت هذا الكلام؟ لم تساهلت مع فلان؟ لم عقَّدت الأمر على فلان؟ فكلمة مسؤول تعني: أنك مسؤول، فالإنسان إذا استطاع ألا يكون مسؤول, أكثر له راحة، وإذا أقحم, فليكن في مستوى هذه المسؤولية.

 

قصة الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان


إليكم اسم هذا الصحابي الذي عينه عمر بن الخطاب والياً على المدائن, وما هي الكلمة التي ألقاها على مسامع الناس؟:

والآن إلى قصةٍ عن أحد أصحاب النبي عليهم رضوان الله.

خرج أهل المدائن أفواجاً, يستقبلون واليهم الجديد، الذي اختاره لهم أمير المؤمنين, عمر بن الخطاب رضي الله عنه، خرجوا تسبقهم أشواقهم إلى هذا الصحابي الجليل الذي سمعوا عنه الكثير، سمعوا عن ورعه وتقاه، سمعوا عن بلائه العظيم في فتوحات العراق، وإذا هم ينتظرون الموكب الوافد، أبصروا أمامهم رجلاً مضيئاً، يركب دابةً على ظهره, إكافٌ قديم -يعني ثوب قديم- وقد أسدل الرجل ساقيه، وأمسك بكلتا يديه بزاده، وحين توسَّط جمعهم، وعرفوا أنه حذيفة بن اليمان، الوالي الذي ينتظرون، كاد صوابهم يطير، ولكن فيم العجب؟ وماذا كانوا يتوقعون أن يجيء اختيار عمر؟ الحق أنهم معذورون، فما عهدت بلادهم أيام الفرس، ولا قبل فارس، ولاةً من هذا الطراز الجليل، دققوا في القصة.

سار حذيفة, والناس حوله محتشدون, وحافون به، وحين رآهم يحدِّقون فيه، كأنهم ينتظرون منه حديثاً، ألقى على وجوههم نظرةً خاصة, ثم قال:

إياكم ومواقف الفتن, قالوا: وما مواقف الفتن يا أبا عبد الله؟ قال: أبواب الأمراء, يدخل أحدكم على الأمير أو الوالي, فيصدقه بالكذب، ويمتدحه بما ليس فيه


هذه مواقف الفتن.

 

هذا الصحابي الجليل, يقول عن نفسه:

كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر. 

عجيب! لأنه من عرف الخير وقع في الشر، لكن لا تسلم من الشر إلا إذا عرفت الشر، الفكرة دقيقة.

ذات مرة قال سيدنا عمر:

ليس بخيركم من عرف الخير، ولا من عرف الشر، ولكن من عرف الشرين, وفرَّق بينهما, واختار أهونهما

يجب أن تعرف الشرَّين, وهذا أهون من هذا.

قال: قلت يا رسول الله, إنا كنا في جاهليةٍ وشر، فجاءنا الله بهذا الخير.

كنا في جاهلية, يأكل بعضنا بعضاً، نعتدي على بعضنا، نقطع الرحم، نأكل مال اليتيم، نأكل الميتة، نأتي الفواحش، نعبد الأصنام، هذه الجاهلية. 

إنا كنا في جاهليةٍ وشر, فجاءنا الله بهذا الخير, فهل بعد هذا الخير من شر؟. فقال سيدنا رسول الله: نعم.

هناك شر بعد هذا الخير.

فقلت: هل بعد هذا الشر من خير؟. 

فبعد الشر الثاني في خير؟.

فقال: نعم، وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟.

قال: قومٌ يستنون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر.

يحيرك؛ تجده يصلي، ويصوم، وأول سنة عنده احتفال في فندق، يصلي, ويصوم، وفي دخله في شبهة ، بتعامله في قضية ربوية، يقول لك: ماذا نفعل؟ نحن مضطرون، هكذا يفعل الناس كلهم.

قال: وما دخنه؟. قال: قومٌ يستنون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي, تعرف منهم وتنكر.

ثمة شيء جيد في حياتهم، وهناك شيء غير جيد، شيء مقبول، وشيء غير مقبول، مثل: أخي عملنا حفلة مختلطة، وفرنا بدل أن نعمل سفرتين برمضان, عملناها سفرة واحدة، هذه خلاف الشرع، هناك أجنبيات، شباب، وشابَّات، صاروا في اختلاط، والمغرب، لا يصير الصلاة قبل الإفطار، هكذا السنة.

فهؤلاء الجالسون مع بعضهم البعض، فهل هذه ليس فيها شيء؟ السنة الصلاة قبل الإفطار، وعلى ثلاث تمرات وكأس ماء، النساء والرجال على مائدة واحدة, فتجد الصهر يوازن: هذه غير هذه، ينظر في هذه، وجدها غير هذه، لماذا لم آخذ هذه أنا؟ الله يصلحني.

قال: تعرف منهم وتنكر، فيه دخن.

فيه خير، ولكن فيه أخطاء، وتجاوزات، وانحرافات، ومخالفات للسنة، يا أخي دخلت فصُمدت، فماذا أفعل؟ أحرجوني يا أخي، كيف تجلس مع نساء كاسيات عاريات؟.

قلت: وهل بعد هذا الخير من شر؟. 

انظر التسلسل هذا الشر الثالث، شر الجاهلية، وشر بعد الخير، وبعد الشر في خير، وبعد الخير هناك شر ثالث.

قال: نعم، دعاةٌ على أبواب جهنم, من أجابهم إليها, قذفوه فيها.

أي عمل فيه إيذاء للمسلمين, هذه دعوةٌ إلى جهنم، أي عمل في كشف العورات, دعوةٌ إلى جهنم، أي عمل فيه فتنة, دعوة إلى جهنم، أي عمل فيه إفقار الناس, دعوة إلى جهنم، أو إيذائهم, أي عمل من هذا القبيل, دعوة إلى جهنم.

قلت: يا رسول الله, فما تأمرني إن أدركني ذلك؟. فقال عليه الصلاة والسلام: تلزم جماعة المسلمين.

يكون لك انتماء لجماعة مسلمة، لأن الإنسان يستشير، يسأل، يستأنس، يا بني هذا حرام، لا يجوز، وهذا حلال، الإنسان إذا لم يكن فقيهًا, لا يقطع شيئًا من دون استشارة، قد تقع في الحرام وأنت لا تدري، اسأل يا أخي، هذه لا تجوز، هذه علاقة ربوية، هذا المشروع كله معصيةٍ, ارتكبت في هذا المكان في صحيفته، وكل ما يرتكب في هذا البيت الذي أجرته بمئة ألف من زنا في صحيفتك، أمر خطير جداً، اسأل، لأن الله عز وجل قال: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾

[ سورة المائدة ]

أنت قدَّمت لهم البيت، أنت ما لك ومالهم، وفي المساء أتوا بالخمر وبالنساء، فاسأل، هذه لا تجوز، هذه تجوز، هذه حرام، وهذه حلال.

قال: فماذا تأمرني؟. قال: تلزم جماعة المسلمين.

هنا في آخر سؤال.

قال: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟.

هذه حالات نادرة، نحن الحمد لله في بلدة طيبة، بلدةٌ طيبةٌ وربٌ غفور، وشعائر الدين تمارس على قدمٍ وساق, والحمد لله رب العالمين, ولك أن تدخل أي مسجد؛ هناك خطب، وهناك دروس، وهناك علم، وهناك أناس طيبون، وفي عمل طيب، وفي بناء مساجد، وفي ورع والحمد لله، لكن لو فرضنا أنه كان في بلد ما في للمسلمين جماعة.

قال: تعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرةٍ, حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك.

إذا كان ثمة فتن، ضلال، انحراف، اختلاط، كسب حرام.

إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فالزم بيتك، وأمسك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة

أما إذا كنت مع أناس طيبين، مستقيمين، عرفوا الحق، فكن أنت معهم، الجماعة رحمة، يد الله مع الجماعة، يد الله على الجماعة.

و الحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور