وضع داكن
28-03-2024
Logo
الخطبة : 0233 - ذكرى المولد - محبته الصادقة - دليل محبته الصادقة هو اتباع منهجه .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

للأنبياء مهمتان كبيرتان ؛ التبليغ و القدوة :

 أيها الأخوة الكرام ؛ في الخطبتين السابقتين تحدثنا عن موضوع الحج ، وبقيت خطبة في موضوع الحج متعلقة بزيارة النبي عليه الصلاة والسلام .
 أيها الأخوة الكرام ؛ بادئ ذي بدء : للأنبياء مهمتان كبيرتان . المهمة الأولى : مهمة التبليغ . المهمة الثانية : مهمة القدوة . فالمبادئ لا تعيش إلا من خلال المثل العليا ، وإلا من خلال الأسوة الحسنة ، وإلا من خلال النموذج الكامل ، فالمبادئ من دون أن تتمثل في مثل عليا كلام في كلام ، وإذا كانت مكتوبة فحبر على ورق ، لذلك يأتي النبي عليه الصلاة والسلام فضلاً عن مهمة التبليغ - تبليغ ما أنزل الله إليه - هو يجسد في سلوكه هذه المبادئ السامية التي جاء بها فيكون حجة على البشر .
 أيها الأخوة الكرام ؛ قيل إن الكون قرآن صامت ، وإن القرآن كون ناطق ، وقيل إن النبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي ، يؤخذ هذا من قول السيدة عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها حينما سئلت عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حينما سئلت عن أخلاقه قالت رَضِيَ اللَّهُ عَنها : " كان خلقه القرآن ".

 

مقام النبي عليه الصلاة والسلام ثابت لا شك فيه :

 أيها الأخوة الكرام ؛ من نعمة الله على المسلمين أن قبر النبي عليه الصلاة والسلام والأصح أن نقول : إن مقام النبي عليه الصلاة والسلام ثابت لا شك فيه ، هو في المدينة المنورة ، وفي بيته الشريف ، بينما بعض المقامات بين أخذ ورد ، واثبات وإنكار ، وهذا يدعو للاضطراب ، مقام النبي عليه الصلاة والسلام لا يستطيع أحد أن يشك فيه .
 شيء آخر : كان من الممكن أن يكون مقام النبي عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة ، وعندئذٍ يزوره حجاج بيت الله الحرام وهم يؤدون مناسك الحج ، ولكن تكرمة من الله عز وجل كان مقام النبي في المدينة لتكون الزيارة إلى المدينة المنورة تكريماً للنبي عليه الصلاة والسلام .
 أيها الأخوة الكرام ؛ هذا الموضوع موضوع زيارة النبي عليه الصلاة والسلام يعنينا من عدة زوايا سأحاول أن أعالجها واحدة واحدة .

التوبة إلى الله لا تتم ولا تقبل إلا إذا ضُمّ إلى استغفار الله استغفار رسول الله :

 الله جل جلاله يقول في القرآن الكريم :

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ﴾

[ سورة النساء : 64]

 الإمام القرطبي في تفسيره أشار إلى أن هذه الآية تصدق على زيارة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته وبعد مماته ، وليس هذا لغير النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ﴾

[ سورة النساء : 64]

 وقد أورد الأزدي قصة مرسلة عن سيدنا علي بن أبي طالب حيث قال : " قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فرمى بنفسه على قبر النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وحثا على رأسه من ترابه ثم خاطبه وهو في قبره قال : قلت يا رسول الله فسمعنا قولك ، ووعيت عن الله فوعينا عنك ، وكان فيما أنزل الله عليك :

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ﴾

[ سورة النساء : 64]

 وقد ظلمت نفسي وهأنذا قد جئت إليك لتستغفر لي ، فنودي أن قد غفر لك .
 أيها الأخوة الكرام ؛ نريد أن نفهم هذه الآية فهماً عميقاً ، الإنسان حينما يعصي الله أو يعصي رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، الإنسان حينما يعصي الله ويعصي رسوله ، كأنما رفض سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، فالله جل جلاله تكريماً للنبي ، كما أورد القاسمي في تفسيره أن في هذه الآية تنويهاً بشأن النبي صلوات الله وسلامه عليه ، فالرجل حينما يظلم نفسه بمعصية ربه من خلال خروجه عن سنة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجب عليه أن يستغفر الله، وأن يعتذر من رسول الله ، فلا تتم التوبة إلى الله ولا تقبل إلا إذا ضمّ إلى استغفار الله استغفار رسول الله ، فطاعة رسول الله عين طاعة الله ، ورفض سنة النبي عين معصية الله ، وإرضاء رسول الله عين إرضاء الله ، يستنبط هذا من إفراز الضمير في قوله تعالى :

﴿ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾

[ سورة التوبة : 62 ]

 بضمير المفرد " والله ورسوله أحق أن يرضوه " لأن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يدعو إلى ذاته ، إنما يدعو إلى ربه ، لأن سنة النبي عليه الصلاة والسلام تشف عن أمر الله عز وجل ، فلذلك طاعة رسول الله هي عين طاعة الله ، ورفض سنة النبي هو عين معصية الله، وإرضاء رسول الله هو عين إرضاء الله ، وإرضاء الله هو إرضاء لرسول الله ، لأن الله عز وجل اصطفى هذا النبي الكريم ، وجعله سيد الخلق وحبيب الحق ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام، أو لأن مقام النبوة في الأصل إنكار للذات وتعريف من بيده ملكوت الأرض والسموات.

 

التعرف إلى سنة النبي القوليّة و العمليّة :

 أيها الأخوة الكرام ؛ القضية في معرفة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضية دقيقة ، لأن الله عز وجل عصم هذا النبي الكريم ، وجعله مشرعاً ، قال تعالى :

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾

[ سورة الحشر : 7 ]

 ماذا يلزم من هذه الآية ؟ يلزم من هذه الآية أن نتعرف إلى سنة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القولية ، كي نأخذ بها تنفيذاً للآية الكريمة :

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾

[ سورة الحشر : 7 ]

 وحينما قال الله عز وجل :

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾

[ سورة الأحزاب : 21 ]

 قال بعض العلماء : إن معرفة سيرة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العملية فرض عين على كل مسلم كي ينفذ هذه الآية الكريمة :

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾

[ سورة الأحزاب : 21 ]

 إذاً كما قلت في أول الخطبة : إن النبي عليه الصلاة والسلام له مهمتان كبيرتان ، المهمة الأولى مهمة التبليغ ، والمهمة الثانية مهمة القدوة ، وينبغي أن نعي عنه سنته القولية كي نطبقها ، وينبغي أن نعي سيرته العملية كي نقتدي بها ، ففرض عين على كل مسلم أن يعرف سنة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأن يعرف سيرته كي يتبع سنته ، ويطبق سيرته .

 

دليل محبة الله عز وجل اتباع سنة نبيه :

 أيها الأخوة الكرام ؛ بقي نقطة دقيقة قال الله عز وجل :

﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾

[ سورة آل عمران : 31 ]

 لما كثر مدّعو محبة الله ، والدعوة سهلة جداً ، لا تكلف الإنسان شيئاً إلا أن يقول : أنا أحب الله ، لما كثر مدّعو محبة الله عز وجل طالبهم الله بالدليل ، ودليل محبة الله عز وجل اتباع سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، فكل من قال إنني أحب الله نقول لهم :

﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾

[ سورة البقرة : 111]

 هل أنت مطبق لسنة النبي عليه الصلاة والسلام ؟
 أيها الأخوة الكرام ؛ يستنبط من قول الله عز وجل :

﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ﴾

[ سورة المؤمنون : 69 ]

 أن معرفة رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، معرفة فحوى دعوته ، معرفة دقائق سيرته هي من صلب الدين ، من جوهر الدين ، لأنه القدوة ، ولأنه المشرع ، ولأنه المعصوم ، ولأن الله عز وجل اصطفاه ، وأوحى إليه ، وأيده بالمعجزات .
 أيها الأخوة الكرام ؛ آية دقيقة يقول الله عز وجل في القرآن الكريم :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

[ سورة الأنفال : 33]

 وهذه الآية نضمها إلى الآية الأولى :

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾

  هذه الآية أيها الأخوة تؤكد- كما يقول علماء التفسير - أن المسلمين في بحبوحة من أمرهم ما دامت سنة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم أي في حياتهم ، أي إذا كانت سنة النبي مطبقة في بيوتنا ، إن كانت سنة النبي مطبقة في حياتنا ، في علاقاتنا ، في أفراحنا ، في أحزاننا ، في شؤوننا الكبيرة والصغيرة ، في كل حركاتنا ، في ليلنا ونهارنا ، إذا كانت سنة النبي عليه الصلاة والسلام مطبقةً في حياتنا فنحن في بحبوحة من أن ينالنا عذاب الله عز وجل :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

  إن كانت هذه الآية تعني في حياة النبي أي وأنت بين ظهرانيهم ، هو في بحبوحة الدعوة ، أما حينما ينتقل النبي عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى فإذا كانت سنته مطبقة في حياة المسلمين

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ﴾

  وهناك بحبوحة أخرى

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾

  فالإنسان في بحبوحتين إما أنه مطبق للسنة ،

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ ﴾

  وإما أنه وقع في خطأ ، أو زلت قدمه ، أو وقع في مخالفة ، فبادر إلى الندم ، والاستغفار ، والتوبة ، إذاً هو في بحبوحة الندم والاستغفار .
فيا أيها الأخوة الكرام ؛ إذا أردتم ضمانة من الله جل جلاله فعليكم بتطبيق سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وهذه الآية من الآيات الدقيقة التي تبث في النفس الطمأنينة إلى رحمة الله عز وجل :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

[ سورة الأنفال : 33]

 بحبوحة تطبيق سنة النبي ، وبحبوحة الاستغفار والندم والتوبة .

 

زيارة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تكون بمعرفة سنته و الاقتداء به :

 أيها الأخوة الكرام ؛ ملاحظة أضعها بين أيديكم ، لو أن الإنسان زار الأماكن المقدسة أو زار مقام النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :

(( ما بَيْنَ قبري وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجَنَّة ))

[‏ رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

 والمكان بين منبر النبي عليه الصلاة والسلام وبين قبره اسمه الروضة ، وكل حاج صادق مخلص منيب إلى الله عز وجل يشعر في الصلاة في هذه البقعة المباركة براحة نفسية ، وبسعادة لا توصف ، إنها اسم على مسمى ، وقد يقف الحاج في محراب النبي الذي صلى فيه ، في محراب النبي القديم الذي صلى بأصحابه فيه ، وقد يتأثر ، وقد يبكي ، وقد يذكر عهد النبي، وعهد أصحابه الكرام ، هذا كله لا ريب فيه ، لكن أريد أن أضع بين أيديكم حقيقة دقيقة أوضحها عن طريق مثل ، لو أن عالماً كبيراً له من المؤلفات الشيء الكثير ، وله باع طويل في الفهم والدقة والإبداع ، هذا العالم الجليل لو أن له مكتباً ، وخلف هذا المكتب كرسي ، وله حاجب أمي قفز وجلس على كرسي هذا العالم ، فهل يرتقي مقامه بين أفراد المجتمع إذا جلس في كرسي هذا العالم الجليل ؟ لا يرتقي إذا جلس في مكانه ، ولكنه يرتقي إذا تعلم القراءة والكتابة ، ثم يرتقي إذا نال الشهادة الأولى ، ثم الشهادة الثانية ، ثم الشهادة الثالثة . فنحن أيها الأخوة لا نرتقي إذا وقفنا في المكان الذي وقف فيه النبي ، قد نبكي ، وقد نتأثر ، ولكن لا نرتقي إلا إذا اتبعنا سنة النبي عليه الصلاة والسلام .
 أيها الأخوة الكرام ؛ النبي عليه الصلاة والسلام جاء بسنة مطهرة ، لو أننا طبقناها لقطفنا ثمارها ، لو أننا طبقنا سنة النبي القولية والعملية في كل شؤون حياتنا لكنا في حال آخر غير هذا الحال ، لذلك أيها الأخوة الكرام معرفة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، معرفة سنته القولية، معرفة سنته العملية ، الاقتداء به ، اتباع هديه ، هو المقصود من زيارة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

 

سرّ السعادة الكبرى التي يشعر بها الإنسان حينما يقرأ سيرة النبي أو يزور مقامه :

 أيها الأخوة الكرام ؛ بقيت نقطة دقيقة ، ما سرّ هذه السعادة الكبرى التي يشعر بها الإنسان حينما يقرأ سيرة النبي أو حينما يزور مقامه ؟ أي حينما يتصل بشكل أو بآخر بهذا النبي العظيم إما أن يقرأ سيرته القولية ، وإما أن يطلع على سيرته العملية ، وإما أن يزور مقامه الشريف .
 أيها الأخوة الكرام ؛ لهذه السعادة سرّ ، المؤمن تصبح نفسه صافية من كل كدر ، نقية من كل شائبة ، سليمة من كل عيب ، حينما تنتشي بحب النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وحبّ النبي جزء من الدين . قال : يا رسول الله أحبك أكثر من أهلي وولدي ومالي والناس أجمعين ، إلا نفسي التي بين جنبي ، قال : يا عمر لما يكمل إيمانك ، فلما قال له : أحبك أكثر من أهلي وولدي والناس أجمعين ونفسي التي بين جنبي ، قال : الآن يا عمر .
 إذاً حينما تحب النبي فمحبة النبي جزء من الدين ، لماذا تحب النبي ؟ لأن هناك قواسم مشتركة بينك وبينه ، إن كنت موصولاً بالله عز وجل ، وعلى شيء من الكرم تحب سيد الكرماء ، إن كنت موصولاً بالله عز وجل ، وعلى شيء من الحلم تحب سيد الحلماء ، إذا كنت موصولاً بالله عز وجل ، وعلى شيء من الرحمة تحب سيد الرحماء ، إذا كنت موصولاً بالله عز وجل ، وعلى شيء من العدل تحب الذي كان العدل مهجته ، إذاً متى تحب إنساناً لا بد من قواسم مشتركة بينك وبينه ، ومادام المؤمن على اتصال بالله عز وجل ، وهذه الصلة بالله أورثته صبغة الله التي نوه الله بها في القرآن الكريم ، فمن خلال هذه الصبغة يحب من فاقه في هذا المضمار ، وهذا شأن الإنسان في الحياة ، الذي يعمل في حقل العلم يقدر من فاقه في هذا الحقل ، والذي يعمل في حقل التجارة يقدر من فاقه في هذا الحقل ، وكل إنسان له ثلاث شخصيات ؛ شخصية يكونها ، وشخصية يتمنى أن يكونها ، وشخصية يكره أن يكونها ، فالمؤمن الحق إذا اتصل برسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشكل أو بآخر ، قرأ سنته القولية ، قرأ سيرته العملية ، زار مقامه الشريف ، يشعر بصفاء ونقاء وسعادة ونشوة لا توصف ، هذه حقيقة الشفاعة التي أشار إليها النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله :" ‏من زار قبري وجبت له شفاعتي‏" وقوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ‏

((من جاءني زائراً لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقاً على أن أكون له شفيعاً يوم القيامة ))

[‏ رواه بن الخزيمة في صحيحه ، والبزار ، والدارقطني عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهما ]

 وإن شئت أيها الأخ الكريم الدليل القرآني على ما يشعر به المسلم من سكينة وسعادة حينما يتصل برسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحو أو بآخر فاقرأ قوله تعالى :

﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾

[ سورة التوبة : 103]

 قال الإمام الرازي في تفسيره : إن روح محمد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت روحاً قوية صافيه ، مشرقة باهرة ، لشدة قربه من الله ، ولأن قلبه الشريف مهبط لتجليات الله جلا وعلا ، فإذا ذكر النبي أصحابه بالخير والود ، أو ذكره المؤمنون بالحب والتقدير فاضت آثار قوته الروحانية على أرواحهم ، فأشرقت بهذا السبب نفوسهم ، وصفت سرائرهم ، وهذه المعاني يمكن أن نلمحها في قوله تعالى :

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾

[ سورة الأحزاب : 56]

 أي لشدة اتصال النبي بربه أصبح قلب النبي مهبطاً لتجليات الله ، فأي إنسان اتصلت نفسه برسول الله بشكل أو بآخر ، بنحو أو بآخر اتصالاً فكرياً ، قرأ سنته ، قرأ سيرته ، زار مقامه الشريف يتصل بنوع أو بآخر بهذا المدد الذي يأتي قلب النبي عليه الصلاة والسلام .
 أيها الأخوة الكرام ؛ يروى أن بلالاً رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ‏ سافر إلى الشام ، وطال به المقام بعد وفاة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام ، ولقد رأى وهو في منامه وهو في الشام رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول له : ما هذه الجفوة يا بلال أما آن أن تزورني ؟ فانتبه حزيناً ، وركب راحلته ، وقصد المدينة ، فأتى قبر النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعل يبكي عنده كثيراً ، فأقبل الحسن والحسين رَضِيَ اللَّهُ عَنهما وجعل يضمهما ويقبلهما فقالا : نشتهي أن نسمع أذانك الذي كنت تؤذنه به لرسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأصرا عليه فصعد وعلا سطح المسجد ، ووقف موقفه الذي كان يقفه ، ولما بدأ بقوله : الله أكبر ، وتذكر أهل المدينة عهد رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارتجت المدينة ، وخرج المسلمون من بيوتهم ، فما رأيت يوماً أكثر باكياً وباكيةً في المدينة بعد وفاة رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك اليوم ، لقد صدق أبو سفيان حينما قال : ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً ، هذه الحقيقة تنسحب على كل مؤمن إلى يوم القيامة ، يقول عليه الصلاة والسلام :

(( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ، ووالده ، والناس أجمعين))

[متفق عليه عن أنس ]

الآيات الأربع التالية هي جوهر زيارة رسول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الحج :

 أيها الأخوة الكرام ؛ نخلص من هذا العرض السريع لبعض الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة أن معرفة رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأعني بها معرفة سنته القولية ، وسيرته العملية ، جزء من الدين ، وأن محبة رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جزء من الدين ، وأن اتصال المؤمن برسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحو أو بآخر جزء من الدين ، وأن الآيات الكريمة التي قالها الله عز وجل :

﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾

[ سورة التوبة : 103]

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾

[ سورة الأحزاب : 56]

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

[ سورة الأنفال : 33]

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ﴾

[ سورة النساء : 64]

 هذه الآيات الأربع التي فيها تنويه لمقام النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ودعوة للمؤمنين كي يقتدوا بهذا النبي العظيم ، هو جوهر زيارة رسول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الحج .
 اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، والحمد لله رب العالمين .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

خطبة الوداع خطبة جامعة مانعة تضمنت مبادئ إنسانية :

 أيها الأخوة الكرام ؛ لقد خطب النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع خطبة جامعة مانعة تضمنت مبادئ إنسانية سيقت في كلمات سهلة سائغة ، وقد أوتي النبي عليه الصلاة والسلام جوامع الكلم ، لقد استوعبت خطبة الوداع في حجة الوداع جملة من الحقائق التي يحتاجها العالم اليوم ، العالم الشارد ، العالم المعذب ، ليرشد ويسعد .

﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾

[ سورة طه : 123]

 أيها الأخوة الكرام ؛ إن الله عز وجل ربى محمداً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليربي به العرب ، وربى العرب بمحمد ليربي به الناس أجمعين ، هذا يؤخذ من قوله تعالى :

﴿ لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾

[ سورة الحج : 78 ]

 فمن المبادئ التي انطوت عليها خطبة النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع أن الإنسانية متساوية القيمة في أي إهاب تبرز ، إنسان أبيض ، ملون ، فقير ، غني ، من دول الشمال ، من دول الجنوب ، من دول الشرق ، من دول الغرب ، من العرق الفلاني ، من الجنس الفلاني هذه كلها عنعنات جاهلية ، الإنسانية متساوية القيمة في أي إهاب تبرز وعلى أية حالة تكون ، ووفق أي مستوى تتربع ، يا أيها الناس هكذا قال النبي في خطبة حجة الوداع.
 " إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد‏ ، ‏كلكم لآدم وآدم من تراب ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى ، ألا هل بلغت ، اللهم فاشهد" . إذاً أية تفرقة على مستوى البشرية هي تفرقة جاهلية عنصرية ، البشر جميعاً في مستوى واحد ، وفي مكان واحد، وفي تكليف واحد ، وتشريف واحد ، يتفاضلون بالتقوى وبالطاعة ، أما أن يتفاضلوا لغير علة التقوى ، لجنس ، أو لعرق ، أو للون ، أو لحجم مالي ، أو لحجم في القوة ، هذه كلها جاهلية ، وعنصرية تتناقض مع الإسلام ، هذه النقطة الأولى في خطبة حجة الوداع .
 والنقطة الثانية أيها الأخوة ؛ النفس الإنسانية ما لم تكن مؤمنة بربها ، مؤمنة بوعده ووعيده ، مؤمنة بأنه يعلم سرها وجهرها . ربما بنت غناها على فقرهم ، ربما بنت عزها على ذلهم ، ربما بنت حياتها على موتهم ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع : " أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم ، إنما المؤمنون أخوة لا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيبة نفس منه‏ ، وإنكم ‏ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم‏ ، ألا ‏هل بلغت ؟ اللهم اشهد ".
 النفس الإنسانية من دون معرفة بالله ، من دون اتصال به ، تحب أن تأكل كل شيء ، وأن تحرم غيرها من كل شيء .
 لذلك المبدأ الثاني في خطبة حجة الوداع : الدماء والأموال والأعراض عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم ، إنما المؤمنون أخوة لا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا هل بلغت اللهم فاشهد .
 البند الثالث في خطبة حجة الوداع : أيها الأخوة المال قوام الحياة وينبغي أن يكون متداولاً بين كل الناس ، وأنه إذا ولد المالُ المالَ من دون جهد حقيقي يسهم في إعمار الأرض ، وإغناء الحياة تجمع هذا المال في أيد قليلة وحرمت منه الكثرة الكثيرة ، عندها تضطرب الحياة ويظهر الحقد ، ويلجأ إلى العنف ، ولا يلد العنف إلا العنف ، والربا يسهم بشكل أو بآخر في هذه النتائج المأساوية التي تعود على المجتمع البشري بالويلات لهذا قال عليه الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع : " ألا وأن كل ربا في الجاهلية موضوع ، وإن لكم رؤوس أموالكم لا تَظْلِمون ولا تُظْلَمون‏ ، قضى الله أنه لا ربا ، وإن أول ربا أبدأ فيه - أي أسقطه - ربا عمي العباس بن أبي المطلب . هذا البند الثالث في خطبة حجة الوداع ، وأما البند الرابع فالنساء كم تعلمون أيها الأخوة شقائق الرجال ، ولأن المرأة مساوية للرجل تماماً من حيث أنها مكلفة كالرجل بالعقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق ، ومساوية له من حيث استحقاقها الثواب والعقاب ، إنها مساوية له تماماً في التشريف ، وفي التكليف ، وفي التكريم ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع : "اتقوا الله بالنساء ، واستوصوا بهن خيراً ، ألا هل بلغت اللهم فاشهد ".
أيها الأخوة الكرام ؛ ثم يتابع النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطبة حجة الوداع ويقول: " أيها الناس لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض - أي إذا انطلقت القذائف من بلد مسلمة إلى بلدة مسلمة - أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم ، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرونه من أعمالكم ، فاحذروه على دينكم ، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً أمراً بيناً كتاب الله وسنة رسوله ، وإنكم تسألون عني فماذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك بلغت ، وأديت ، ونصحت ، فجعل عليه الصلاة والسلام يشير بإصبعه السبابة إلى السماء وهو يقول : اللهم اشهد ، اللهم اشهد " .
 أيها الأخوة الكرام ؛ خطبة حجة الوداع والله لا أبالغ تحل مشكلات العالم لأن النبي عليه الصلاة والسلام بالتعبير الحديث وضع يده على الجراح ، لا عنصرية ، ولا تفاوت ، ولا عدوان ، لا على مال ، وعلى عرض ، ولا على دم ، ولا تفرقة بين الرجال والنساء ، هكذا قال عليه الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع ، هذه الخطبة ينبغي أن نقرأها كثيراً ، أن نعيها كثيراً ، وأن نجعلها دستوراً لنا في حياتنا .

 

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَنا فيمن تولَيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، ولا تهلكنا بالسنين ، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور