وضع داكن
20-04-2024
Logo
الخطبة : 0101 - الطاعة .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :

 الحمد لله ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ، ولا اعتصامي ، ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا برُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ما اتَّصَلَت عين بنظر ، وما سمعت أذنٌ بِخَبر
 اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين ، اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدْنا علمًا ، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الاستقامة وخيراتها

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ في أواخر سورة الأعراف ، وفي الآية الثالثة والأربعين بعد المئة ، يقول الله عز وجل :

﴿ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[ سورة الأعراف الآية:144]

 إلى هنا تنتهي مهمّة العبد في الدنيا ؛ أن يُطيع الله عز وجل ، وأن يشكر النِّعَمَ الكبرى التي سوف تلي طاعته لربِّه .
 في آية أخرى ، قال تعالى :

﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[ سورة الزمر الآية:66]

 النبي عليه الصلاة والسلام يقول : استقيموا ولن تحصوا ، بعض شارحي الحديث قال : لن تُحصوا الخيرات التي تأتيكم من الاستقامة ، فكأنّ العبد في الدنيا عليه مهمّة واحدة ؛ أن يُطيع الله فيما أمره ، فإذا أطاعه فيما أمرهُ جاءتْهُ الخيرات من كلّ مكان ، ووفَّقَه الله في كلّ ميدان ، وأصحّ له جسمه ، ورزقه زوجةً صالحة ، وأولادًا أبرارًا ، ورزقًا موسَّعًا ، وهُدًى ، وتقًى إذا أطاع الله عز وجل جاءتْهُ الخيرات ، فماذا بقيَ عليه ؟ أن يشكرهُ على هذه النّعمة ، قال تعالى :

﴿ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[ سورة الأعراف الآية:144]

 قال تعالى :

﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[ سورة الزمر الآية:66]

 رحِمَ الله عبدًا عرف حدَّه فوقَفَ عندهُ ، ولم يتعدّ طوْره ، ومن حُسن إسلام المرء تركهُ ما لا يعنيه ، طوبى لِمَن شغله عيبهُ عن عيوب الناس ، طوبى لمن شغله عيبهُ عن عيوب الناس ، فيك يا فلان خصلتان يحبّهما الله ورسوله ؛ السمّح وحسن الخلق .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ إنّ الذي يُطيع الله عز وجل يعرف معنى هذا الكلام تأتيه الخيرات من كلّ جانب ، يرزقه الله رزقًا حلالاً طيّبًا مباركًا ، ويسعدهُ في بيته ، وفي عمله ، وفي صحّته ، يطمئنُهُ ، ويتجلّى على قلبه بالرحمة ، وبالسكينة ، ويشعر أنّه ليس في الأرض أسْعدُ منه ، إلا أن يكون أتقى منك ، قال تعالى :

﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[ سورة الزمر الآية:66]

 قال تعالى :

﴿ فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾

[ سورة الأعراف الآية:144]

 إلى هنا تنتهي حدود العبد ، إذا وُفِّقَ العبد إلى طاعة الله تعالى ، فقد وُفّق إلى كلّ شيء ، وإذا تاه عن طاعته فقد ضاع عليه كلّ شيء ، ابن آدم اُطلبني تجِدْني ، فإذا وجدْتني وجدْت كلّ شيء ، وإن فتّك فاتَكَ كلّ شيء وأنا أحبّ إليك من كلّ شيء ، قال تعالى :

﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾

[ سورة الأعراف الآية:145]

 على المؤمن أن يأخذ أوامر الله عز وجل بقوّة ، عليه أن يأخذها بِحَزم ، عليه أن يأخذها بإخلاص ، لأنّه يعرف ما عند الله عز وجل من عطاء كبير ، ومن ثوابٍ عظيم ، ومن جنّة عرْضها السماوات والأرض ، أعددْتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأتْ ، ولا أُذنٌ سمعَتْ ، ولا خطَرَ على قلب بشَر .

الأخذ بأحسن الأعمال

 قال تعالى :

﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ﴾

[ سورة الأعراف الآية:145]

 هل في كتب الله عز وجل ، هل في التوراة ، وهل في الإنجيل ، وهل في القرآن شيءٌ حسن ، وشيءٌ غير حسن ؟ حتى أنّ الله سبحانه وتعالى كليمه موسى أن يأخذوا بأحسنها ؟ قال المفسّرون : إذا أمرنا الله عز وجل بِطَاعته ، ونهانا عن معصيتِهِ ، معنى الأخْذ بأحسنِها أن نُطيعه ، إذا أمرنا بأكْل الطيّبات ، ونهانا عن لحْم الخنزير ، وشرْب المسكرات ، فالأخذ بأحْسنها أن نأكل الطيّبات ، وأن ندَعَ الخبائث ، قال تعالى :

﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾

[ سورة الأعراف الآية:145]

 وهذه آيةٌ متكرّرة ، ومستمرّة إلى آخر الدوران ، تتَبّع دار الفاسقين ، ودار العصاة ، ودار المنحرفين ، ومصيرهم ، ونهايتهم ، وخاتمهتم ، تراهم قد خسروا الدنيا والآخرة ، تراهم قد حبط عملهم ، وسقطوا ، وفزِعوا ، وأصابهم الله بعذاب الخزي والعار في الدنيا والآخرة ، سأريكم دار الفاسقين والعاقبة للمتقين ، قارِنْ بين هاتين الآيتين ؛ العاقبة للمتقين وسأُريكم دار الفاسقين ، قال تعالى :

﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾

[ سورة الأنعام الآية:11]

 وبعدها يقول الله عز وجل :

﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾

[سورة الأعراف الآية:146]

 هؤلاء الذين يستعلون من دون حقّ ، على أيّ شيءٍ يتكبّرون ؟ على أنّهم ضعاف ، لو منعوا الماء لماتوا ، ولمنعوا إخراجه لشروهُ بِمُلكهم ، على أيّ شيءٍ يتكبّرون ؟ على أنّ الله سبحانه وتعالى خلق لهم أجهزةً دقيقة فلو تعطَّل إحداها لما كان للحياة كلّها في نظرهم ، قبل أيّام قرأتُ مقالةً عن الكلية ، قال : إذا توقَّفَتْ الكلية توقُّفًا مفاجئًا ، وهذا المرض كثير الانتشار في هذه الأيّام ، هبوط مفاجئ في وظائف الكليتين ، ماذا يحدث ؟ يتراكم حمض البول في الدم إلى درجة أن يفقد الإنسان إمكاناته ، تضْعف ذاكرته ، ويتوتّر توتُّرًا شديدًا ، يغضبُ لأتفه الأسباب ، يحطّم الأثاث في البيت تتغيَّرُ أطوارهُ ، تتورّم جفونه ، يزداد السائل في جسمه إلى أن يُصفّى دمه في كلية اصطناعيّة ، ويبقى تحت الجهاز أربع ساعات ، ولابدّ من تصفية الدم في الأسبوع ثلاث مرّات ، ويخسر من وزنه خمس كيلو غرامات ، عندئذٍ يستعيد نشاطهُ وتوازنه ، ماذا يملك الدنيا ؟ لو أن هذه الكلية تعطَّلَتْ هذا الذي يتكبّر على ماذا ؟ لو أنّ الكلية تعطَّلَتْ لانقلَبَتْ الحياة إلى جحيم ولتمنّى صاحبها الموت ، قال تعالى :

﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا ﴾

[سورة الأعراف الآية:146]

 يرى الشمس والقمر ، ويرى خلق السماوات والأرض ، والليل والنهار ، والنباتات كلّ عامٍ مرّة ، وفصْل الربيع ، وكيف أنّ الحياة في الأشجار والنباتات ، ويرى فصل الخريف وكيف تتساقط الأوراق ، يرى خلقه من خلال ابنه ، يرى كأس الحليب ، والطعام والشّراب ، وهو يعلمُ علم اليقين أنّ الله سبحانه وتعالى خلق كلّ هذا له ، قال تعالى :

﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ﴾

[سورة الأعراف الآية:146]

 سبيل الاستقامة ، والطُّهر ، والعفاف ، والصّدق ، والعفّة ، لا يتّخذوه سبيلاً قال تعالى :

﴿ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ﴾

[سورة الأعراف الآية:146]

 الأساليب الملتويَة ، الغشّ في البيع والشّراء ، الأيمان الكاذبة ، المكر والخديعة ، هذا كلّه يتّخذوه سبيلاً ، قال تعالى :

﴿ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾

[سورة الأعراف الآية:146]

 يا أيها الإخوة المؤمنون ؛ أطيعوا ربّكم ، واتّبعوا سبيل الرُّشْد ، قبل أن تأتي ساعةٌ لا ينفعُ فيها النّدم ، قال تعالى :

﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً﴾

[ سورة الفرقان الآية:27]

 ويوم يقول الإنسان :

﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾

[ سورة المؤمنون الآيات:99-100]

 قال تعالى :

﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ * أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾

[ سورة المؤمنون الآيات:104-110]

 شيءٌ آخر ، وآياتٌ أخرى في آخر الأعراف ، يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 استنبط العلماء من هذه الآية أنّ على الرجل المسلم أو المؤمن أن يدْعُوَ الله عز وجل وأن يطلب من الله دنيا فيها راحةٌ ، وفيها بحبوحةٌ ، وصحّة ، وسمعة طيّبة ، وزوجةٌ صالحة ، وأولاد أبرار ، اكتب لنا في هذه الدنيا حسنة ، قال تعالى :

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾

[ سورة البقرة الآية:201]

 قالتْ يا أبت أعرف حسنة الآخرة فما حسنة الدنيا ؟ قال : يا بنيّتي ، الزوجة الصالحة ، الدنيا كلّها متاع ، وخيرُ متاعها الزوجة الصالحة التي إذا نظرْت إليها سرَّتْك ، وإذا غِبْتَ عنها حفظَتْك ، وإذا أمرْتها أطاعتْك قال تعالى :

﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 أيْ إنّا رجعنا إليك ، قال تعالى :

﴿ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 العذاب الأليم ، والمهين ، والشديد ، والعظيم ؛ هذه كلّها صفاتٌ وردَت في العذاب في القرآن الكريم ، قال عذابي أُصيب به من أشاء بِمَعنى أنّ عدالتي وحكمتي تجتمعان في مشيئتي ، ورحمتي وسعت كلّ شيء ، فالله تعالى خلق الخلق كلّهم لإسعادهم ، رحمتي شمَلَتْ الخلق جميعًا ، وليس هناك أُناسٌ خلقْتُهم لأُشقيهم ، وليس هناك أُناسٌ خلقتهم لأُعذّبهم ، كلّ العباد خلقوا من أجل رحمتي ، قال تعالى :

﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾

[ سورة هود الآية:119]

 قال تعالى :

﴿قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 ولكنّ هذه الرحمة التي وسِعَتْ كلّ شيء لها ثمَن ، ومبذولة لكلّ الناس ، ولكن لمن يدفع الثَّمن ، لن تحجب الرحمة عن أُناسٍ دون أُناس ، لكنّها متاحةٌ لكلّ مخلوق شرط دفعه الثَّمَن ، ما ثمنها ؟ قال تعالى :

﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾

[سورة الأعراف الآية:156]

 أيها الأخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وصلوا ما بينكم وبين ربكم تسعدوا ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

والحمد لله رب العالمين
***

الخطبة الثانية :

 الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم .

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم صن وجوهنا باليسار ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شر خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء .
 اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت ، واصرف عنا شر الأعمال لا يصرفها عنا إلا أنت .

تحميل النص

إخفاء الصور