وضع داكن
28-03-2024
Logo
الندوة : 12 - في الآفاق - حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلة...
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ حسام:
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 مستمعينا الكرام أهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج: "أفلا تبصرون" ونرحب أيضاً بالداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ راتب أهلاً ومرحباً بك.
الدكتور راتب:
 بكم بارك الله بكم، ونفع بكم.
الأستاذ حسام:
 أستاذنا الكريم وردت سورة في القرآن الكريم اسمها سورة النمل، وفيها آيةٌ يتحدث بها رب العزة ويقول:

﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ﴾

[سورة النمل الآية:18]

الله عز وجل أثبت أن للنمل لغة للكلام والمعرفة :

الدكتور راتب:
 أثبت الله للنمل من خلال هذه الآية الكلام، وأثبت لها المعرفة،

﴿ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ ﴾

 هذا في القرآن ورد، إذاً النمل يتحدث، لكن بعض البحوث العلمية التي قرأتها تبين أن حديث النمل حديث كيماوي، أي كل أمر أو كل كلمة هي رائحة معينة تصدرها النملة، فحينما تواجه النملة خطراً قد تصدر استغاثة، رائحة معينة، تطلب النملات لمساعدتها، لكن حينما ترى النملة أن هذه المأساة كبيرة جداً، لا تقدر زميلاتها لمقاومتها، تصدر رسالة تحذير ابتعدوا عني، شيء دقيق جداً، فهناك رسالة تعالوا خلصوني، أما إذا كان الأمر أكبر من قدرة أخواتها النملات فتعطيهم نصيحة أن يبتعدوا عنها، فكل رسائل النمل رسائل كيماوية برائحة خاصة، فلذلك النمل أثبت الله لها الكلام، الكلام لكن بطريقة كيماوية وأثبت لها المعرفة.

﴿ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾

[سورة النمل]

 كأنها تعلم أن النبي لا يمكن أن يقتل نملة، لكن قد يقتلها خطأً:

﴿ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾

 فأثبت الله للنمل لغة الكلام والمعرفة.
الأستاذ حسام:
 هناك بعض القصص التي وردت في الأثر عن من علقت في ثوبه نملة، فرجع وأعادها إلى مكانها، مجتمع النمل يقولون: إن هذا المجتمع مجتمع معقد، منظم، متناه في الدقة والنظام.

 

النملة حشرة اجتماعية في أعلى درجات الرقي :

الدكتور راتب:
 تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، الحقيقة النملة حشرة اجتماعية، راقية، موجودة في كل مكان، وفي كل وقت، بل إن أنواع النمل تزيد عن تسعة آلاف نوع، وبعض النمل يحيا حياة مستقرة، في مساكن محكمة، وبعض النمل يحيا حياة الترحال كالبدو تماماً، وبعضه يكسب رزقه بجده وتعبه، وبعضه يكسب رزقه بالغدر، والسيطرة كبعض البشر، والنمل حشرة ذات طبع اجتماعي، فإذا عُزلت عن أخواتها ماتت، ولو تهيأ لها غذاء جيد، ومكان جيد، وظروف جيدة، فهي كالإنسان، إذا عزلته في مكان بعيد عن الضوء، والصوت، والساعة، والزمن، والليل، والنهار، انهار انهياراً كلياً، هي حشرة اجتماعية، تعلم الإنسان درساً بليغاً في التعاون، إذا التقت نملة جائعة بأخرى شبعى، تعطي النملة الشبعى الجائعة خلاصات غذائية من جسمها، ففي جهازها الهضمي جهاز ضخ، وجهاز مص، تضخ الغذاء لأختها الجائعة، وقد تأخذ الغذاء من أختها الشبعى، إذاً النملة حشرة اجتماعية في أعلى درجات الرقي.

طرق معيشة النمل :

 العلماء رصدوا طرق معيشة النمل، أدهشهم عملها الجاد والدؤوب في تحسين أرزاقها، والتعاون في توزيع الوظائف فيما بينها، للنمل ملكة كبيرة الحجم مهمتها وضع البيض، وإعطاء التوجيهات، ولها مكان أمين في مساكن النمل، أي لها قصر، وهي على اتصال دائم بكل أفراد المملكة، والإناث العاملات لهن مهمات متنوعة، من هذه المهمات تربية الصغار، وهذا يشبه قطاع التعليم عندنا، وللنمل عساكر لها حجم أكبر ولها رأس صلب، كأن عليه خوذة، وهذا يشبه قطاع الجيش، له دور في حراسة الملكة، وحفظ الأمن، وردّ العدوان، من مهمات العاملات تنظيف المساكن، والممرات، وهذا يشبه قطاع البلديات، ومن مهمات العاملات سحب جثث الموتى من المساكن، ودفنها في الأرض، هذا يشبه مكاتب دفن الموتى، ومن مهمات العاملات جلب الغذاء من خارج المملكة، وهذا يشبه قطاع المستوردين، ومن مهمات العاملات زرع الفطريات، هذا يشبه قطاع الزراعة، ومن مهمات العاملات تربية حشرات يعيش النحل على رحيقها، هذا يشبه قطاع تربية الماشية، إن في النمل نظاماً دقيقاً في معاشه، فله قائد يوجهه، وله مساكن يعيش بها، وهذا المساكن مقسمة إلى غرف معيشة، والمستودعات لتخزين الطعام، ولها دهاليز معقدة عليها حراسة مشددة على مدار الساعة، ويجتمع في تلك المساكن قرى كاملة كأنها مستعمرات، تصل بينها طرق ومسالك، حيث تهتدي بها إلى الأعلى، النمل يعمل في قراه بموجب انضباط مدهش وصارم للغاية، وبإشراف النمل الذي كبرت رؤوسه وعظمت خراطيمه.

النمل آية من آيات الله الدالة على عظمته :

 يبني النمل المدن، يشق الطرقات، يحفر الأنفاق، يخزن الطعام في مخازن وصوامع، وبعض أنواع النمل يقيم الحدائق، ويزرع النباتات، بعض أنواعه يقيم حروباً على قبائل أخرى، قال عز وجل:

﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾

[سورة الأنعام الآية:38]

 ولعل هذا البحث أدق تفسير لهذه الآية، أمم أمثالنا، نوع من النمل يبني بيوته فوق الأرض من أوراق الأشجار وأغصانها، ويكسو هذا تحت شجرة الصنوبر، وينحت هذه البيوت في الأشجار العتيقة، كما يتخذ الإنسان من الجبال بيوتاً، ومع أن النملة لا تملك الآلات والعدد، إلا أنها تبني أبراجاً في غاية الدقة والإحكام مستعينةً بمقص فيه مادة حادة، حيث تمضغ ما تقصه حتى يصبح كالعجين، ولعل ما بناه قدماء المصريين في مساكنهم وأهراماتهم كان تقليداً للنمل، الحقيقة آية من آيات الله الدالة على عظمته، جعلها الله بين أيدينا، وجعل هذا النمل مجتمعاً راقياً جداً، هناك أنظمة، والتزام، وقد نتعلم من النمل أشياء كثيرة جداً.

 

خاتمة و توديع :

الأستاذ حسام:
 سبحان الله الذي أبدع كل شيء خلقه, هو يدعونا أيضاً إلى:

﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[سورة الذاريات]

الأستاذ حسام:
 مستمعينا الكرام شكراً لمتابعتكم وشكراً للأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي الداعية الإسلامي، نلتقي غداً في حلقة جديدة إن شاء الله، إلى اللقاء.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور