وضع داكن
19-04-2024
Logo
فاسألوا أهل الذكر - الندوة : 25 - فضل ليلة القدر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 المذيع: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه وكل الأجمعين.
 أيها الأخوة: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم إلى هذا اللقاء الإيماني الجديد من خلال هذه الحلقة من برنامجكم اسألوا أهل الذكر.
 أيها الأخوة الكرام: ليلة القدر هي ليلة الشرف العظيم وليلة الفضل الوافر جعلها الله خيراً من ألف شهر، وجعلها مباركة طيبة بسبب نزول القرآن فيها يقول الحق سبحانه وتعالى:

﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(5)﴾

(سورة القدر)

(( ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل عليه السلام في كبكبة من المائكة يصلون ويسلمون على كل قائم وقاعد يذكر الله تعالى ))

(ورد في الأثر)

 في لقاء اليوم أيها الأخوة باسمكم جميعاً نرحب بفضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي الأستاذ المحاضر في كلية التربية في جامعة دمشق أستاذ الإعجاز العلمي في كليات الشريعة وأصول الدين وخطيب جامع النابلسي.
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتور وأهلاً بكم.
 الأستاذ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
 المذيع: لتوجيه الأسئلة والمداخلات بالإمكان الاتصال على الرقم 4465564 والفاكس 4448374.
 أستاذي الكريم حديث القرآن الكريم عن ليلة القدر أكبر برهان على علو قدرها كيف نحييها ما آدابها وما شروطها ؟
 الأستاذ: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، ليلة القدر كما تفضلتم أستاذ زهير جزاكم الله خيراً أفضل ليالي العمر لقول الله عز وجل:

 

﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)﴾

 أي خير من ألف شهر أو هي خير من ثمانين عاماً نعبد الله فيها من دون علم ولا هدى، أو نعمل فيها من دون انضباط ولا إخلاص، لذلك:

 

 

((عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيهٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ ))

 

(سنن الترمذي)

 بليلة القدر نكون علماء، ومن دون هذه الليلة نكون عبّاد وشتان بين العالم والعابد، فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكون، فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، كم هي المسافة بين سيد الخلق وحبيب الحق وبين أدنى مؤمن هي نفس المسافة بين عالم وبين عابد، العابد مقاومته هشة أدنى ضغط يخرجه عن استقامته، وأدنى إخراج يخرجه عن استقامته، ولكن العالم كالجبل الشامخ لا تزحزحه الأعاصير، ويستحب طلبها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشتد في طلبها في العشر الأخير من رمضان، وكان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله.

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))

 

(صحيح البخاري)

((عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي ))

(سنن الترمذي)

 الحقيقة لا بد من أن ننتقل إلى حقيقة هذه الليلة ليلة القدر، تنطلق الخواطر الإيمانية حول ليلة القدر من قوله تعالى:

 

﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ(67)﴾

 

(سورة الزمر)

 ومن الآيات الأولى من القرآن الكريم التي نزلت في هذه الليلة:

 

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)﴾

 

(سورة العلق)

 من خلال هذه الآيات ينبغي أن نقدر الله حق قدره، وهذا يكون بأن نقرأ لنتعلم قال تعالى:

 

﴿اقْرَأْ﴾

 أول آية نزلت من القرآن الكريم، ولكن الأصل في هذه القراءة أن تكون قراءة إيمانية تنتهي إلى الإيمان بالله موجوداً وواحداً وكاملاً، إذاً قال تعالى:

 

 

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)﴾

 وهذه القراءة مقدور عليها بدليل أنها تنطلق من أقرب شيء إلى الإنسان، من نفسه التي بين جنبيه، قال تعالى:

 

 

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)﴾

 ولكن الأصل الثاني في هذه القراءة أن تكون قراءة أخلاقية أساسها شكر منعم على نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد ونعمة الهدى والرشاد، قال تعالى:

 

 

﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)﴾

 هناك قراءة إيمانية وهناك قراءة أخلاقية، ينبغي أن تنتهي بنا القراءة إلى أن نؤمن بالله موجوداً وواحداً وكاملاً وينبغي أن تنتهي بنا القراءة على شكر المنعم على نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد ونعمة الهدى والرشاد.
 المذيع: عذراً أستاذي نتوقف قليلاً ونتلقى أول اتصال:
 السائل: السلام عليكم – الأخت سوسن – أعطينا لرجل مبلغ مائة ألف ليرة سورية ليشغلهم ويعطينا فائدة منذ سبع سنوات حتى الآن لم يعيدهم لنا ولم يعطينا شيء فهل يجوز الفائدة عليهم ؟
 الأستاذ: القراءة الأخلاقية تنطلق من أن الله سخر الكون لهذا المخلوق المكرم الإنسان تسخير تعريف فكل ما في السماوات وما في الأرض ينطق بأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى وهو مجال رحب للتفكر في خلق السماوات والأرض فالكون مظهر لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، وبينت الآية الكريمة:

 

 

﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ(67)﴾

 

 إن تقدير الله حق قدره طريقه في أن نفكر أن الأرض في قبضته والسماوات مطويات بيمينه قال تعالى:

﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)﴾

(سورة الجاثية)

 وسخر الله الكون لهذا الإنسان تسخير تكريم، سخره تسخير تعريف وسخره تسخير تكريم، قال تعالى:

 

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)﴾

 

(سورة الإسراء)

 فواجب الإنسان تجاه تسخير التعريف أن يؤمن وواجب الإنسان تجاه تسخير التكريم أن يشكر، والإنسان إذا آمن وشكر فقد حقق الغاية من وجوده لذلك تتوقف المعالجة الإلهية والتأديب الإلهي لقوله تعالى:

 

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147)﴾

 

(سورة النساء)

 السائل: السلام عليكم – الأخ فراس – سؤالي الأول هل يجوز أن يصلي المسلم صلاة التسبيح في ليلة القدر بنية قضاء فروض فاتته ؟ وسؤالي الثاني هل يجوز في الوضوء مسح القدمين بدل من غسل القدمين لمن هو مصاب بجفاف في القدمين ؟
 الأستاذ: الحقيقة القراءة الأولى ذات شعبتين قراءة إيمانية وقراءة أخلاقية، ولكن القراءة الثانية من نوع آخر هي قراءة الوحي والتلقي، فمعرفة الماضي السحيق والمستقبل البعيد وحقيقة الحياة الدنيا والدار الآخرة وأصل نشوء الإنسان وحقيقة الإنسان وحقيقة الذات الإلهية وكمالها المطلق ودقائق المنهج ومفردات التكاليف هذا مما يستنبط من قوله تعالى:

 

﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)﴾

 قراءة إيمانية:

 

 

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)﴾

 القراءة في متناول الإنسان

 

 

﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)﴾

 لأنها تتجه إلى أقرب شيء إليه إلى جسمه.

 

 

﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)﴾

 هذه القراءة الأخلاقية ينبغي أن نشكر المنعم لأن الكون مسخر تسخير تعريف وتسخير تكريم.

 

 

﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)﴾

 هذه قراءة الوحي والتلقي، فهناك موضوعات مهما يكن الإنسان ذكياً لا يستطيع أن يصل إليه، حقيقة الماضي السحيق والمستقبل البعيد، وحقيقة الذات الإلهية وحقيقة الكمال الإلهي وحقيقة الدار الآخرة وحقيقة الحياة الدنيا حقيقة الإنسان هذا تحت قوله تعالى:

 

 

﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)﴾

 فالقراءات ثلاث قراءة إيمانية وقراءة أخلاقية وقراءة الوحي والتلقي، فإذا قرأ الإنسان ما في الكون قراءة نفعية هذا شيء آخر لا يتعرف إلى الله ولا يعنيه من أمر الدين شيء، ولكنه يعتني بقراءة تعود عليه بالنفع المادي، فإذا قرأ الإنسان الكون قراءة نفعية بعيدة عن هذه القراءات الثلاث كان الطغيان والعدوان قال تعالى بعد هذه الآيات التي تشير إلى هذه القراءات:

 

 

﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)﴾

 هذا طغيان العلم، عند ئذ يبني هذا الإنسان الذي قرأ هذه القراءة النفعية بعيدة عن كل قيم أخلاقية يبني مجده على أنقاض الآخرين ويبني غناه على فقرهم وبني قوته على ضعفهم ويبني أمنه على خوفهم ويبني عزه على ذلهم، ويبني حياته على موتهم وقد ضرب الله لنا مثلاً قوم عاد نموذجاً متكرراً لهذا الإنسان الذي يقرأ قراءة نفعية فطغا وبغا ونسي المبتدى والمنتهى ونسي الجبار الأعلى، فعاد تفوقت في شتى الميادين قال تعالى:

 

 

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)﴾

 

(سورة الفجر)

 تفوقت في شتى الميادين وعاد تفوقت بالبناء والعمران قال تعالى:

 

﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129)﴾

 

(سورة الشعراء)

 وعاد تفوقت بالقوة العسكرية قال تعالى:

 

﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130)﴾

 وتفوقت عاد بالناحية العلمية قال تعالى:

 

 

﴿وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38)﴾

 

(سورة العنكبوت)

 ولم يكن فوق عاد إلا الله، بدليل أن الله ما أهلك قوماً إلا وذكرهم أنه أهلك من هو أشد منهم قوة إلا عاداً قال: لما أهلكها قال:

 

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)﴾

 

(سورة فصلت)

 أي لم يكن فوقها إلا الله، وعاد بسبب تفوقها وبعدها عن الله عز وجل وقراءتها الكون قراءة نفعية تكبرت بغير حق لا في بلدها فحسب بل في كل الأرض:

 

﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾

 فماذا كانت محصلة هذا التفوق المادي أنهم طغوا في البلاد، والطغيان مجاوزة الحد بالعدوان ولم يقل طغوا في بلدهم بل قال طغوا في البلاد ليصف طغيانهم بالشمول وأنهم أكثروا فيها الفساد ولم يقل فسدوا بل قال:

 

 

﴿فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)﴾

 ليصف فسادهم بأنه كبير ومتسع.
 السائل: السلام عليكم – الأخ أبو محمد – سؤالي الأول عن قوله تعالى:

 

 

﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾

 آية أخرى تؤكد هذا المعنى:

 

 

﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾

 بالمقابل يوجد آية تقول:

 

 

﴿ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

 وآية أخرى:

 

﴿ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ﴾


 أرجو من الدكتور توضيح كيف نفوق بين هذه الآيات، آية أخرى في سورة الحديد:

 

﴿ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾

 نعرف أننا نستخرج الحديد من الأرض هنا قول الله وأنزلنا الحديد، مداخلة صغيرة: سمعت من دكتور يقول: أن بعض المعادن تتمدد بالحرارة وهناك قانون رباني يقول يمحق الله الربا، فأنا منذ أن تابعت البرنامج يكاد لا يخلى حلقة إلا يسألوا عن القرض الإنتاجي والاستهلاكي فعليه أن يسأل الأعلى إن محق الله هذا المال فهو ربا وإن بارك فيه فهو غير ربا وشكراً.
 الأستاذ: الحديث عن عاد في القرآن لا يتوجه لعاد وحدها بل يتجه إلى كل أمة سلكت مسلك عاد فقوم عاد نموذج متكرر بدليل أن الله يقول:

 

 

﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى (50)﴾

 

(سورة النجم)

 إذاً هناك عاد ثانية، لقد كان تأديبهم:

 

﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ(7)﴾

 

(سورة الحاقة)

 لقد كانت النتيجة:

 

﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)﴾

 

(سورة الفجر)

 لكل من يكون على شاكلتهم من أمم الأرض، ليلة القدر تعني فيما تعني أن نعرف الله ونقدره حق قدره عن طريق العلم به من خلال آياته الكونية والتكوينية والقرآنية أي من خلال خلقه وفعله وكلامه.
 العلم هو علم بالله وعلم بأمره وبخلقه أو هو علم بالحقيقة والشريعة والخليطة، والعلم بالله أصل الدين والعلم بأمره أصل العبادة والعلم بخلقه أصل صلاح الدنيا، لقد دعا الإسلام إلى العلم بالله من خلال التفكر في خلق السماوات والأرض حيث تتابع الأمر به في سور القرآن وعد الأثاث الأول لبناء دعائم العقيدة والإيمان، قال تعالى:

 

﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)﴾

 

(سورة الطارق)

 السائل: السلام عليكم – الأخت باسمة – إذا ادخرت أرملة بعض المال لأولادها الأيتام يجب أن تزكي عليهم أم لا وكانوا بالغين النصاب ؟ سؤال آخر: أعمل في مشغل أحياناً رب العمل يشتم الدين ويكون سيئ المزاج ماذا أفعل في هذا الوضع ؟ سؤال ثالث: تغطية الوجه واجبة أم لا، والكذب بطريقة المزح يجوز أم لا ؟
 المذيع: أستاذي الكريم وردتنا عدة اتصالات في الجزء الأول من البرنامج بعد إذنك نبدأ بالإجابة الآن، الأخ عبدو يسأل عن حكم الاستثمار في البنوك الفائدة هل يأخذها أم يعطيها للفقراء ؟
 الأستاذ: الحقيقة أنه ما من معصية توعد الله مرتكبها بالحرب من الله ورسوله كمعصية الربا، ذلك لأن الإنسان حينما يشرب الخمر مثلاً يؤذي نفسه، أما حينما يزني يؤذي نفسه ويفسد فتاة معه، أما حينما يتعامل بالربا مجتمع بأكمله تنهد قواه ويصبح فقيراً بسبب أن المال ينبغي أن لا يلد المال، الأعمال تلد الأموال، إذا ولدت الأعمال الأموال توزعت هذه الكتلة النقدية بين كل الناس أما إذا ولد المال المال تجمع المال بأيد قليلة وحرمت منه الكثرة الكثيرة، والمال قوام الحياة، ولأن الله سبحانه وتعالى في أصل التصميم يريد أن يكون المال متداولاً بين الناس جميعاً لقوله تعالى:

 

﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾

 

(سورة الحشر)

 وهذا وراء ما تعانيه البشرية اليوم من أعمال عنف في تقديري، مليون لا يملكون واحداً وواحد يملك مليون، تسعين بالمائة من ثروات الأرض بأيدي عشرة بالمائة من سكان الأرض، وتسعين بالمائة من سكان الأرض لا يملكون من الموارد إلا عشرة بالمائة، هذا التفاوت الشنيع والكبير يسبب أكثر ما تعانيه البشرية من مشكلات، المال قوام الحياة في أصل تصميم الله له أن يكون متداولاً بين الجميع فأية طريقة تجعله متجمعاً في أيد قليلة وبعيداً عن أيدي الكثرة الكثيرة فهذه حالة مرضية قد تسبب الجريمة وتسبب الفساد والانهيار الأخلاقي والدعارى.
 قضايا نقص المال الذي هو قوام الحياة له مضاعفات لا يعلمها إلا الله، فالإسلام بنى أحكامه التشريعية المالية على أن أية منفعة متبادلة هي مشروعة، أما أية منفعة إذا بنيت على مضرة فهي محرمة، من هنا اليانصيب والرشوة محرمة، أي منفعة تبنى على مضرة فهي محرمة، لذلك الذي يثير انتباهي أن أكثر السادة الذي يسألون يعنيهم فقط الفائدة ماذا يفعلون بها، وكأن إيداع المال في البنك شيء طبيعي وحلال، لكن كما تعلمون الضرورات تبيح المحظورات.
 المسلم إذا غلب على يقينه أنه ميت جوعاً بإمكانه أن يأكل لحم خنزير بالقدر الذي يبقيه حياً، وإذا غلب على يقينه أنه سيموت بغصة في حلقه بإمكانه أن يشرب جرعة في حلقه تسهل مرور اللقمة، فالإنسان حينما تبلغ ضرورته الشرعية إلى حد يجيز لنفسه أن يأكل لحم الخنزير أو أن يشرب جرعة من خمر كي لا يموت، أيضاً في مثل هذه الحالات يمكن أن يضع ماله في البنك لأن الضرورات تبيح المحظورات والضرورات ذكرها العلماء فقالوا: أن يغلب على يقينك أنك ميت أو فاقد أحد أعضائك أو التعذيب الذي لا يحتمل أو فقد المال كله، أو أن يغلب على اليقين أن الإنسان هالك هو وأهله جوعاً وعرياً وتشرداً هذه الضرورات ولا يستطيع عالم في العالم الإسلامي أن يفتي بجواز الربا إلا أن يكون بعيداً عن هذا الدين أو يكون يلبي رغبة قوي في مثل هذه الفتوة، أما أن نفتي بشيء توعد الله مرتكبه بحرب من الله ورسوله، إذا كان إيداع المال في البنك الربوي وتقاضي الفائدة ليس فيه شيء فما هو الربا إذاً ؟ فما معنى قوله تعالى:

 

﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)﴾

 

(سورة البقرة)

 السائل: السلام عليكم – الأخت مريم – الغش أثناء فحص البكالوريا ثم وظف على أساس الشهادة بعد نجاحه فهل ما يجنيه حرام، وكيف يمكن أن يطهرهم ؟ هل يعيد البكالوريا ؟ والسلام عليكم.
 المذيع: سؤال الأخ عبدو هل الزكاة على الثمن أم على التنك ؟ مع مراعاة مسألة هامة أن الزيت موسم، يدفعون الزكاة بعد دفع أجور العمال أم من المبلغ الإجمالي ؟
 الأستاذ: الزكاة على ما أنتجته الأرض بعيداً عن المصاريف لأن هذا الزيتون إذا كان يسقى بماء السماء فالعشر زكاة، أما إذا كان يسقى بماء الأرض بماء محرك أو ماء بير فله نصف العشر، فمن أجل المصاريف نزلت الزكاة إلى النصف، هذا الذي عليه العلماء، أما أن نحذف المصاريف هذا ليس وارداً إطلاقاً، الحساب على الزيت
 السائل: السلام عليكم – الأخ محمد نبيل – الآية الكريمة إني عبد الله – سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما كان يتباهى بشيء إلا أنه عبداًَ لله، فالشيء الذي أطلبه من فضيلتكم بعد هذا التقديم وهذه المداخلات أن تعلمونا كيف نكون عباداً لله بعد أن صبحنا عباداً لأرباب متفرقة ؟
 المذيع: سؤال الأخت سوسن هل تأخذ رأس المال أم تطالب به مع الفائدة مع شكوى ضده ؟
 الأستاذ: الحقيقة هذا الإنسان ينبغي أن يستثمر هذا المال حقيقة في عمل تجاري أن زراعي أو صناعي فإذا استثمره حقيقة لهم من أرباح هذا المبلغ، أما إن لم يستثمره إطلاقاً لا يطالبون إلا بالمبلغ أما أن نأخذ فائدة على بقاء المبلغ عنده هذا لا يجوز أبداً.
 السائل: السلام عليكم – الأخت ليالي – ما أقوى ما يفعل في هذه الليلة وما أطول الأوقات التي تصلى فيها ؟
 المذيع: سؤال السيد فراس صلاة التسبيح في ليلة القدر مع نية قضاء ما فاته ؟
 الأستاذ: أنا أرى الإنسان يصلي إذا ترك الصلاة في حين من الزمن ثم تاب إلى الله توبة نصوحة فلعل الله سبحانه وتعالى يسامحه فيما مضى لأن حقوق الله مبنية على المسامحة، فالإنسان إذا صام وقام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وإذا حج فلم يفسق ولم يرفث رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه والهجرة تهدم ما كان قبلها، ومن تاب توبة نصوحة أنسى الله حافظيه وبقاع الأرض وبقاعها خطاياه وذنوبه، فهذا كرم إلهي أنك إذا عدت إلى الله عز وجل تائباً توبة نصوحة كل شيء مضى يسقط، لكن يستحب أنك إذا كنت نشيطاً أن تصلي من حين إلى آخر قضاء ما فاتك من دون حساب دقيق ومن دون إرهاق للنفس لئلا تكون التوبة مكروهة عند الناس، إذا تبت إلى الله كل شيء سبق يسقط عنك إلا أن هذا الموضوع خلافي لأئمة المذاهب آراء متنوعة وكثيرة حول هذا الموضوع أنا أرى أنك ينبغي أن تسحن التوبة وتصلي الصلوات بفرائضها وسننها بإتقان ثم إن وجدت متسعً من الوقت ونشاطاً في الهمة تصلي من دون حساب دقيق قضاء ما فاتك في السنوات الماضية.
 المذيع: سؤال ما حكم مسح القدمين بسبب المرض.
 الأستاذ: إذا كان هناك عذر ممكن.
 المذيع: الأخ أبو محمد يسأل عن تفسيرات للتبديل للألفاظ....
 الأستاذ: أولاً لو أن إنسان حكم عليه بالإعدام لجريمة ارتكبها وفي أثناء إعدامه تذكروا أن عنده مخالفة سير فهل يحاسب عليها ؟ أعدم ! الإنسان أكبر جريمة يرتكبها أن يغفل عن الله عز وجل، فإذا غفل عن الله عز وجل شيء طبيعي جداً أن يمتلئ بالمعاصي والآثام، الإنسان حينما يكفر ويغفل ويبتعد عن الدين هذا البعد عن الدين وتلك الغفلة هي التي تسبب كل المعاصي، فالإنسان يؤخذ بأكبر ذنوبه، هذا معنى قول الله عز وجل:

﴿ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

 شيء تحصيل حاصل الإنسان حينما يشرب الخمر ويقود سيارة الحادث حتمي، فهو لا يحاسب على أنه ضرب سيارة أخرى يحاسب لماذا شرب الخمر فهذا من نواتج السكر تقريباً.
 (أنزلنا الحديد) هناك أبحاث تؤكد أن السماء تقذف الأرض بالنيازك وبنية النيازك في معظمها حديد، وأكبر نيزك وقع في أميركا في ولاية إيروزونة وفيه كتلة كبيرة جداً هذا إشارة لا تعني أن كل الحديد نزل من السماء، إشارة إلى أن بعضاً من الحديد تى على شكل نيازك.
 ومعنى آخر لأنزلنا بمعنى طرحنا، قد تقول وزارة التموين أنزلنا مادة السكر أي طرحت في الأسواق وأصبحت في متناول الأيدي.
 المذيع: الأخت باسمة تسأل عن مال الأيتام هل تجب عليه الزكاة، أم حتى يبلغ الأيتام ؟
 الأستاذ: قضية خلافية، إذا كان المال ليتيم قاصر، بعض العلماء اعتقد أن التكليف لم يصل لهذا الطفل فالزكاة تكليف، والتكليف يحتاج إلى بلوغ، فالذي جعل الزكاة تنصب على المكلف فهذا الطفل غير مكلف، والذي جعل الزكاة تنصب على المال فالمال موجود، هي قضية خلافية، لكن بعض العلماء أعطى فتوة تجمع بين الحالتين، مال اليتيم القاصر إذا استثمر فعليه الزكاة، أما إن لم يستثمر فمعفى من الزكاة.
 وبالنسبة لرب العمل الذي يكفر لا شيء عليها.

 

﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾

 ولكن هذا الجو الممتلئ بالكفر والسباب للذات الإلهية ليس مريحاً فإن بحثت عن عمل آخر بعيدة عن مثل هذا الإنسان فالأولى أما هي لا تؤاخذ.
 بالنسبة لحكم تغطية الوجه هذه أيضاً قضية خلافية، الفقهاء أجمعوا على أنه إذا كان في كشفه فتنة فيجب تغطيته.
 كان يمزح ولا يمزح إلا حقاً، أي لم يكن يكذب في المزاح، وأحياناً المزاح الكاذب قد يسبب جلطة، أنت في نيتك أنك تمزح قلت له احترق مستودعك مازحاً، ظن الكلام حقيقة فأصابته جلطة أودت به فهل هذا مزاح ؟ أبداً، إن سمحنا بالكذب في المزاح فيأتي الكلام كالصاعقة على الإنسان هناك أناس لا تتحمل، أحياناً إذا كلف إنسان بضريبة فوق طاقته تأتيه أزمة قلبية، فالكذب بالمزاح ممنوع، كان يمزح ولا يمزح إلا حقاً.
 المذيع: الأخت مريم تسأل عن من غش في الامتحان ونجح بعد هذا توظف وقبض رواتبه ما حكم ذلك ؟
 الأستاذ: الغش ممنوع لكن ينبغي أن نسأله بأي مادة غششت، إذا كانت وظيفته لا علاقة لها بالمواد الذي درسها، لو غش بإجازة السوق ودهس إنسان هذا دقيق جداً أعطى مبلغ لمن يفحصه وأعطاه إجازة سوق ولنه ضعيف في القيادة دهس إنسان هذه جريمة كبيرة جداً، هذا الغش سبب قتل إنسان، إذا كان يوجد أثر للغش في الامتحان في عمل هذا الإنسان يجب أن يدع هذه الوظيفة ويعيد الشهادة الثانوية، أما إذا لا يوجد علاقة إطلاقاً وضع أمين مستودع كان إتقانه للغة قوي أو ضعيف لا يتأثر بأمانته في المستودع فيكفر عن ذنبه بصدقة.

 

 

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ﴾

 الإنسان إذا غش ينبغي أن يتوب، فالتوبة هي تجزئه.
 المذيع: السيد نبيل كيف نصبح عباداً لله بعد أن أصبحنا عباداً لأرباب المال ؟
 الأستاذ: الحقيقة هناك جهل بالله، هناك معرفة بأمره ونهيه، لكن الذي لا يعرف الله عز وجل يعبد أرباباً من دون الله أما إذا عرف من هو الله وما عند الله (ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء إذا عرفت أنه إذا أعطاك من يمنعه ثم من يعطي إذا منعك، إذا عرفت انه هو المعطي والمانع والرافع والخافض والمعز والمذل والقابض والباسط، إذا أيقنت أن الأمر كله بيده عندئذ تتجه إليه ولا تعرف غيره، أنا لا أصدق أن واحداً يتجه إلى غير الله إلا بسبب ضعف في توحيده ( وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد) وإن التوحيد نهاية العلم، والعبادة نهاية العمل، فالذي يعبد أرباباً من دون الله يعبد الأقوياء أو الأغنياء أو أصحاب السلطان يعبدهم خوفاً منهم أو تقرباً إليهم هذا لا يعرف الله عز وجل، يقول الله عز وجل في بعض الأحاديث القدسية: أنا ملك الملوك ومالك الملوك، قلوب الملوك بيدي فإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة وإن هم عصوني حولتها عليهم بالسخطة والنقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك وادعوا لهم بالصلاح، فإن صلاحهم بصلاحكم.
 ألم يقل نبي كريم يتحد قومه:

 

 

﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾

 

(سورة هود)

 لأن الأمر بيد الله وحده، ما من إنسان يعبد غير الله أو يخاف من غير الله أو يرجو غير الله أو يعقد الأمل على غير الله أو يتوكل على غير الله إلا لضعف في التوحيد لذلك: الأخ الكريم جزاه الله خيراً على مداخلته الإجابة القاطعة المانعة الجامعة أن الإنسان ينبغي أن يزداد توحيداً، فإذا وحد اتجه إلى الله وحده.
 أنت إذا دخلت لدائرة فيها أربع طوابق ومائتا موظف مثلاً الهجرة والجوازات وقال لك أحدهم هذه المعاملة من صلاحية مدير الهجرة وحده هل تبذل ماء وجهك لغيره ؟ مستحيل، إذا أيقنت أن الأمر بيد المدير العام وحده لا تبذل ماء وجهك لأي إنسان، أما إذا ظننت أن من حول المدير العام بإمكانهم أن يعطوك لذلك تتضعضع لهم.
 ورد في بعض الأحاديث:

((أنه من جلس إلى غني فتضعضع له ذهبا ثلثا دينه))

 لا يمكن أن نتجه لله وحده إلا إذا كان التوحيد فينا على مستوى.

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾

(سورة هود)

 والتوحيد هو الذي ينقص المسلمين، إيمانهم بالله طبيعي، البشر جميعاً عدا حفنة محتقرة تنكر وجود الله، أما أكثر أهل الأرض يؤمنون بالله عز وجل خالقاً ولكن التوحيد أن تراه فعالاً وتراه إلهاً في السماء وإلهاً في الأرض، أن ترى أن يد الله فوق أيدي الخلق أن ترى أن يد الله تعمل وحدها، أن ترى أنه:

 

﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26)﴾

 

(سورة الكهف)

 فلا يمكن أن ندع عبادة العباد وعبادة الأوثان وعبادة الأصنام إلا إذا عرفنا الواحد الديان.
 المذيع: وردنا سؤال على الفاكس من الأخت أم سمير تقول زوجها متوفى وولداها في خدمة العلم ليس لهما مورد هل يجوز أن تخرج عنهما صدقة الفطر أم تخرج عنهما أختهم الموظفة ؟
 الأستاذ: صدقة الفطر تجب على من يملك قوت يومه لأن الله أراد من هذا الإنسان الفقير أن يذيقه طعم الإنفاق مرة في العام، فالذي يملك وجبة طعام واحدة تجب عليه صدقة الفطر، لذلك يجب أن ينفق الفقير والغني، طبعاً لا حد لأكثرها، أما حدها الأدنى هذا العام خمسين ليرة تقريباً.
 المذيع: الأخت هنا تقول أنها أخرجت زكاة مالها وأعطتها لابنتها المتزوجة لأن زوجها لا يصرف عليها، في أحد حلقات البرنامج قال أحد الضيوف الأساتذة يجوز أن تعطي الأم ابنتها والآخر لم يجيز، فهل يجب عليها إعادة إخراج زكاة عن العام الماضي ؟
 الأستاذ: والله لعلي أوضح متى يجوز ومتى لا يجوز، الإنسان الذي تنفق عليه وهو في حجرك لا يجوز أبداً أن تعطيه الزكاة لأنك إن أعطيته الزكاة كأنك لم تؤدء الزكاة إطلاقاً ويجب أن تعيد إخراجها، أما في بعض الفتاوى إذا ابن مستقل عن أبيه بالنفقة ولا علاقة للأب به وله زوجة وأولاد وعنده أزمة مالية الأقربون أولى بالمعروف مبنية على أن بعض الصحابة أوكل صحابياً بدفع زكاة ماله فاجتهد الذي وكل بأن يعطي ابن الموكل فالنبي أقره على ذلك، هذا هو المبدأ.
 المذيع: بارك الله بك، آخر سؤال للأخت ليالي ما أفضل الأعمال في ليلة القدر وما الدعاء المستحب فيها ؟
 الأستاذ: والله في النهار صائمون وفي الليل قائمون وأرجو الله عز وجل أن نعقد العزم على توبة نصوح ونناجي الله عز وجل ونسأله أن يرحمنا ويرزقنا ويوفقنا لما فيه خير الأمة جميعاً إن شاء الله.
 المذيع: بارك الله فيك أستاذي الكريم، وباسمكم جميعاً أيها الأخوة نشكر فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي، الأستاذ المحاضر في كلية التربية بجامعة دمشق أستاذ الإعجاز العلمي والمعاهد الشرعية والكليات خطيب جامع النابلسي بارك الله فيك أستاذنا وجزاك الله عنا كل خير، نشكر الزميلة ابتسام على الهواء مباشرة نلتقي إن شاء الله في حلقة جديدة ولكم الخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخفاء الصور