وضع داكن
28-03-2024
Logo
فاسألوا أهل الذكر - الندوة : 20 - إضاءة حول ما يجري في العالم من أحداث.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
 أيها الأخوة:
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الأسبوعي اسألوا أهل الذكر.
أعزائي المستمعين لابد من إلقاء إضاءةٍ قرآنية على ما يجري من أحداث جسامٍ ساخنة على ساحتنا العربية، الساحة العربية تشهد الآن أحداثاً كثيرة، عدواناً ساخراً قائماً على الغزو والتدمير والقتل والتشريد والقهر، فالإسلام دين الهداية، دين الحق، دين العدل، وله كلمة الفصل بين الحق والباطل، القرآن الكريم هو دستور الأمة الإسلامية، قال تعالى:

﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)﴾

[ سورة الأنفال ]

 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

((حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا.))

 

[ رواه مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أبو داود، أحمد، الدارمي ]

 أعزائي المستمعين:
 باسمكم جميعاً نرحب بالدكتور محمد راتب النابلسي الأستاذ المحاضر في كلية التربية في جامعة دمشق، خطيب جامع النابلسي والمدرس الديني في مساجد مدينة دمشق، السلام عليكم دكتور.
 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
 أعزائي المستمعين لمداخلاتكم واستفساراتكم وأسئلتكم اتصلوا بنا على الرقم /4465564
 وفاكس رقم 74 44483، فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي، كيف تقرأ هذه الأحداث في ضوء القرآن الكريم.
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الآمين، ينبغي أن نلتزم بالمقولة أن الحقيقة المُرَّة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، الحقيقة أن معركة الحق والباطل، معركةٌ أزلية أبديه، فقد شاءت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يكون هناك صراع بين الحق والباطل والله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾

 

[ سورة محمد: الآية 4 ]

 حينما نضع كل ثقلنا في الدنيا تختل الموازين أما حينما نؤمن باليوم الآخر، نؤمن بالحياة الأبدية تصح الموازين، هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبب، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي، يقول الله عز وجل:

 

﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾

 

[ سورة النساء: الآية 77 ]

﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)﴾

[ سورة الضحى: الآية 5 ]

 نحن مؤمنون بالله والحمد لله، ولكن ما من ركنين من أركان الإيمان تلازما في القرآن كالإيمان بالله واليوم الآخر، إذا أسقطنا اليوم الآخر أو لم نعبأ به أو لم ندخله في حساباتنا اليومية تختل الموازين، أصحاب الأخدود ماذا فعل الملك بهم أحرقهم وقد أثنى الله عليهم وهم المنصورون، هناك نصرٌ تقليدي معروفٌ عند الجميع، أن نحتل الأرض، أن نقهر العدو، فإن شاءت حكمة الله عز وجل أن لا يكون هذا، لحكمة بالغةٍ بالغة أرادها الله يجب أن نلتزم حسن الظن بالله أولاً، والالتزام بتطبيق منهجه ثانياً، وتطبيق الفرج ثالثاً، أما حينما تضيق الأمور وحينا تظهر الفتن وحينما يقوى الطغاة هناك خطرٌ أن يصيب العقيدة خلل، لأن الله عز وجل في معركة الخندق يقول:

 

﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)﴾

 

[ سورة الأحزاب: الآية 10 ]

 وهناك اليوم من يظن بالله الظنون ويقول: أين الله ؟ قال تعالى:

 

﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً (12)﴾

 

[ سورة الأحزاب ]

 ويقول الله عز وجل بعد ذلك:

 

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)﴾

 

[ سورة الأحزاب: الآية 23 ]

 المؤمن الصادق آمن بالله وعاهده على طاعته في السراء والضراء، في إقبال الدنيا وفي إدبارها، وفي النصر وحينما يحجب النصر، هو مع الله ولكن كما بدأت كلمتي أن الحقيقة المرّة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، الحقيقة الأولى أنه لا يليق بألوهية الإله أن يقع في ملكه ما لا يريد، إذاً كل شيء أراده الله وقع، وقد نعكس هذه المقولة، وكل شيء وقع أراده الله، معنى أراد أي سمح فقط، فإن كان الذي وقع شراً كما في العراق أو في فلسطين هذا الذي وقع سمح الله به ولم يأمر به ولم يرضه، إذا كان الذي وقع خيراً سمح الله به وأمر به، رضيه، ونحن يجب أن نفرق بين القضاء والمقضي، المقضي موضوع القضاء فإذا كان شراُ يجب أن يقاوم ولو عزوناه في علم التوحيد إلى الله عز وجل سمح الله به، لكن كلفنا أن نقاومه فلذلك التوحيد لا يلغي عمل الإنسان ولا يلغي واجبه في السعي إلى إلغاء الظلم ولا يلغي واجبه في أن يتحرك، لأن الله عز وجل يقول:

 

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾

 

[ سورة التوبة: الآية 105 ]

 إذا كل شيء أراده الله وقع، بالمقابل وكل شيء وقع أراده الله، بمعنى سمح به لأن الإنسان مخير، لكن اختيار الإنسان لا يمكن أن يكون على حساب أحد، إن الله عز وجل يقول:

 

﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)﴾

 

[ سورة النساء: الآية 77 ]

 لا ظلم اليوم، لا ظلم لا على مستوى فتيل ولا على مستوى نقير ولا على مستوى قطمير ولا على مستوى حبة خردل، الله عز وجل كماله مطلق، بمعنى أن الإنسان إذا وصف بصفةٍ ففي الأعم الأغلب، الإنسان صفاته نسبية، أما الله جل جلاله مطلق، فكماله مطلق، سمح به لأن الإنسان مخير ولكن ليس على حساب أحد، وهذا نفهمه من قوله تعالى:

 

﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(4)﴾

 

[ سورة القصص: الآية 4 ]

 ما كان فرعون يسمح لامرأة أن تلد ولداً إن لم تخبر التي ولدتها بأنها ولدّت تقتل، قال تعالى:

 

﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) ﴾

 

[ سورة القصص: الآية 4 ]

 هذا شر، لكن الله جل ّ جلاله يوظف هذا الشر بالخير المطلق، قال:

 

﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)﴾

 

[ سورة القصص ]

 كأن هذه الآية ترسم سياسة الله، هناك فريقان فريق يعرفه ويعصيه كبعض المسلمين أو كمعظم المسلمين، وفريق لا يعرفه أبداً يسلط الذي لا يعرفه على الذي يعرفه كي يعود إلى دينه، قال تعالى:

 

﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)﴾

 

[ سورة السجدة: الآية 21 ]

 وقال:

 

﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)﴾

 

[ سورة الشورى: الآية 30 ]

 الله عز وجل حينما يسمح لطاغية أن يتسلط فلخير المستضعفين، كي يعودوا إلى دينهم، كي يرجعوا إلى دينهم، كي يرتبوا أوراقهم، كي يطبقوا منهج ربهم، كي يصحوا من غفلتهم يقول الله عز وجل:

 

﴿وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47)﴾

 

[ سورة القصص: الآية 47 ]

 أي هذه المصائب تقع بحكمة بالغة، ينبغي أن نفهمها فهماً قرآنياً، لأن الله عز وجل غني عن تعذيب عباده، وأن الطغاة لم تطلق يدهم أبداً، قال تعالى:

 

﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)﴾

 

[ سورة الزمر: الآية 62 ]

 وقال:

 

﴿لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾

 

[ سورة الأعراف: الآية 54 ]

 قال تعالى:

 

﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾

 

[ سورة الزخرف: الآية 84 ]

 وقال:

 

﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26)﴾

 

[ سورة الكهف: الآية 26 ]

 وقال أيضاً:

 

﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ﴾

 

 

[ سورة فاطر: الآية 2 ]

 هذا التوحيد نحن في أمس الحاجة إليه، ينبغي أن نرى أن يد الله وحدها تعمل ولحكمة بالغة وأن الطغاة مصيرهم إلى النار، قال تعالى:

 

 

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾

 

[ سورة إبراهيم: الآية 42 ]

 وقد لا يتاح للنبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق أن يرى مصير الطغاة، قال تعالى:

 

﴿فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾

 

[ سورة غافر: الآية 77 ]

 فنحن مؤمنون أن الطغاة هالكون لا محالة، متى ؟ الله أعلم، علينا أن نستعد لكل ما هو كبير ينتظرنا، علينا أن نستعد لكل شيء سمح الله به، كي نفوز برضوان الله عز وجل.
 جزاك الله عنا كل خير، معنا اتصال.
 سؤال: إن كثيراً من الإخوة قد حدث نفسه بالجهاد ولا يعلم التطبيق العملي لهذا المشروع الجهادي، فأرجو من سيادتكم إعلامي عن ماذا يجب على الدولة أو المسلمون في حَضِنْ أسرة الجهاد بعد الذهاب، لأنه قد تركهم بدون إعالة، ولكي يكون أداءه أفضل بعد الاطمئنان عن حياتهم بعدما أفتى علماء الإسلام بأننا يجب علينا التصدي لليهودية العالمية، التي حاولت الالتفاف على الإخوة الفلسطينيين، بعد ما أنهكوا الدولة العبرية اقتصادياً التفافاً نحو العراق، بعد إنهاكه اقتصادياً عشر سنوات ليبدؤوا إنشاء دولتهم المزعومة، وقد تم تهديد سورية، وقد أعدوا خططاً في حال نجاحها تكون يدهم المتسلطة على المسلمين، وفي حال فشلها فإنهم سوف يسقطون بوش الصغير المخدوع ليترأس أمريكا المرشح اليهودي ليبرمان، بعد أن تخلى ألدور عن ترشيحه، ويبدؤوا مرحلة قيادة العالم إلى الكارثة الكبرى، ويجب علينا أن لا نيأس من بعض الانتصارات التي يحققها العدوان، لأن الحرب كر وفر ونحن نقف مع حماة الوطن في خندق واحد وشكراً.
 جزاك الله خيراً.
 أخي الكريم يجب أن نعلم علم اليقين أن فريضة الجهاد قائمةٌ إلى يوم القيامة وأن هذا الدين العظيم أي أمر نحذفه منه نضعف، وأي أمر نضيفه إليه نتمزق، نحن بين أن نتمزق وبين أن نضعف يقول الله عز وجل:

 

﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً ﴾

 

[ سورة المائدة: الآية 3 ]

 فهذا الدين ينبغي أن يبقى كما بدأ دون إضافةٍ ودون حذف، فإذا حذفنا منه بعض الفرائض نضعف ـ كما ترى ـ إن أضفنا إليه بعضاً مما ليس منه نتمزق ونختصم، فكل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وأي حذف من الدين يضعفنا ضعفاً لا حدود له، فريضة الجهاد قائمة إلى يوم القيامة، ولكن الأمة الإسلامية وهذا الدين العظيم إذا كان بحاجة إلى من يموت من أجله هو في أمسِّ الحاجة إلى عشرة يعيشون من أجله، لأن هذه الطُغمة الطاغية ما كانوا أقوياء وهم نائمون أصبحت قوتهم بسببٍ من عملهم الدؤوب وقد قال الله عز وجل:

 

﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾

 

[ سورة النساء: الآية 104 ]

 فنحن أن أردنا أن ننتصر نقول: يجب أن يضحي بعضنا بحياته في سبيل هذا الدين ويجب أن يحيا معظم المسلمين من أجل هذا الدين لتقويته ورأب الصدوع ولمِّ الشمل وتقوية المراكز إذاً نحن وهذا الدين في أمسِّ الحاجة إلى من يموت من أجله وإلى من يحيا من أجله والنبي عليه الصلاة والسلام في أروع الأحاديث يقول:

 

((حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا.))

 

[ رواه مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أبو داود، أحمد، الدارمي ]

 يعني إنسان يقدم من ماله، مما أعطاه الله عز وجل لهؤلاء المجاهدين فهو عند الله بحكم الغازي وقال:

 

((عن زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا.))

 

[ رواه مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أبو داود، أحمد، الدارمي ]

 ومن لم يتح له أن يغزو وبكى فقد كتب له أجر الغزو، فمن جهز غازياً فقد غزا من خلف غازياً في أهله فقد غزا، أما الله عز وجل يقول:

 

﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 114 ]

 ومكروا مكرهم، أخانا الكريم قال تعالى:

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

 

[ سورة إبراهيم: الآية 26 ]

 هل تستطيع قوى الأرض أن تنقل جبل قاسيون إلى درعا، فالله عز وجل يقول:

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

 

[ سورة إبراهيم: الآية 26 ]

 فمهما حدثتنا أيها الأخ عن مكر الطغاة الظالمين، عن خطط اليهود، حدِّث ولا حرج هم أكثر من ذلك، لأن نية الكافر شر من عمله، لكن الله عز وجل في آية من بضع كلمات يقول:

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

 

[ سورة إبراهيم: الآية 26 ]

 ثم يقول الله عز وجل:

 

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 120 ]

 والله هذه الآية ببضع كلمات فيها حلٌ لمشكلات المسلمين في الأرض، كل هذا الكيد وكل هذا المكر وكل هذه المؤامرات وكل هذه القوى الجبارة، كل هذه الأسلحة الفتاكة، الصواريخ و الأقمار الصناعية وحاملات الطائرات والقنابل العنقودية والقنابل الانشطارية والقنابل الذكية و القنابل التي تحملها أشعة الليزر وطائرات الشبح و ب اثنان وخمسين، قال تعالى:

 

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 120 ]

 إله يقول: وزوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق وعوده للمؤمنين، نحن يجب أن ننظر بعينين، هناك عين نرى بها جرائمهم لا شك، وهذا شيء واضح، لكن ينبغي أن ننظر بالعين الثانية إلى أخطائنا وإلى تقصيرنا وإلى تفلتنا من منهج الله وإلى شُبهات دخلنا وإلى علاقاتنا التي لا ترضي الله عز وجل، لأن هناك خلل عندنا، لأن الله عز وجل غني عن تعذيب عباده قال تعالى:

 

﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

 

[ سورة الأنفال: الآية 33 ]

 قال علماء التفسير وأنت فيهم أي سنتك قائمة في حياتهم، نحن إذا اكتفينا من الدين بالصلاة والصيام والحج والزكاة وعشنا حياة غربية، كان دخلنا ليس على منهج الله وإنفاقنا ليس على منهج الله وتربية أولادنا ليست على منهج الله ولهونا ليس على منهج الله وأفراحنا ليست على منهج الله، نحن أخذنا من الدين ظاهره، أخذنا من الدين عباداته الشعائرية وتركنا عباداته التعاملية، هذا الصحابي الجليل سيدنا جعفر عندما سأله النجاشي عن الإسلام قال: أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام. هل في حياتنا أصنام نحن، قال تعالى:

 

﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)﴾

 

[ سورة يوسف: الآية 106 ]

 هذا الذي يعتمد على ماله مشرك، هذا الذي يعتمد على قوته مشرك، هذا الذي يؤلِّه شهوته مشرك، هذا الذي يخاف من غير الله مشرك، قال تعالى:

 

﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)﴾

 

[ سورة يوسف: الآية 106 ]

 فنحن حينما نكون كما أراد الله عز وجل فوعود الله محققة مئة بالمئة، قال:

 

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 139 ]

 فأنا أتمنى أن لا تتسرب إلى نفوسنا الهزيمة، قد نُهزم على ساحة المعركة، قد نُهزم في الواقع الخارجي، قد لا يُحقق النصر إلى حين، لكن أخطر شيء في هذه الأحداث أن تتسرب الهزيمة إلى النفوس، الله عز وجل أنزل هذه الآية عقب معركة أُحد، ولم ينتصر فيها المسلمون، قال:

 

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 139 ]

 النبي عليه الصلاة والسلام وهو مهاجر هُدِر دمه، ووضع مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً ويتبعه سُراقة ليقتله ويأخذ الجائزة يقول: يا سُراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى.
 ما هذه الثقة بالله عز وجل، أي أنا سأصل إلى المدينة سالماً وسأنشأ دولة، وسأحارب الطغاة في شتى بقاع الأرض وسأنتصر عليهم وستأتيني غنائمهم، ويا سُراقة أنت سوف تلبس سواري كسرى، يجب أن تكون ثقتنا بالله عالية جداً، يجب أن نثق أن هذا الدين دين الله، أن الله ينصره ولا تقلق على هذا الدين، لا تقلق على دين الإسلام إنه دين الله، ولكن اقلق أيها الأخ ما إذا سمح الله لك أو لم يسمح أن تكون جندياً له.
 سؤال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث:

((أن أفضل الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها، قلنا: ثم أي، قال: الجهاد في سبيل الله.))

 فإذا كان المسلم لا يصلي وذهب للجهاد وقتل هل هذا يعتبر شهيد ؟
 هذا من شأن الله وحده.
 وهل تغفر له حقوق العباد ؟
 إياك ثم إياك ثم إياك أن تكلف إنساناً أن يعلم مثل ما يعلم الله عز وجل، تقييم العباد من شأن خالقهم وحدهم، سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام يقول:

 

﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)﴾

 

[ سورة المائدة: الآية 118 ]

 أما أنا أن أُقيِّم مصير إنسان هذا فوق طاقة البشر، النبي عليه الصلاة والسلام كان في زيارة صحابي توفاه الله عز وجل فسمع امرأة تقول له: هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله، فقال لها:

((وما أدراك أن الله أكرمه ؟ قولي: أرجو الله أن يكرمه، وأنا نبي مُرسَل لا أدري ما يُفعل بي ولا بكم.))

 تقييم العباد من شأن الله عز وجل.
 أما ما يخص حقوق العباد فقد قال عليه الصلاة والسلام:

 

((يُغفر للشهيد كل شيء إلا الدَّين ))

 لأن حقوق العباد مبنية على المشاححة وحقوق الله مبنية على المسامحة.
 سؤال: أريد أن أتوجه لما كتبت ليلة الأمس وقبلها كتبت قبلاً إلى كل أم عربية في فلسطين والعراق وأتمنى منكم أن تسمعوني وأهمس لهم هنيئاً لك يا أماه ويا أختاه وهنيئاً لكل من نال مقام الشهداء ووددت حقاً بل رجوت الله حقاً أن أكون معهم، وإلى أن يكون ذلك ـ إن شاء الله ـ ليس بيدي ويدكم إلا الدعاء والتضرع وما أكثر ما أكتب، فأضعف الإيمان حقاً الآن ما أكتب، أتمنى أن تسمعوني ـ لكن الرجاء دون إطالة لأن الوقت يداهمنا ـ أتمنى أن تسمعني أستاذي الكريم وأن يسمعني الأستاذ راتب لأن الذي كتبته هو رسالة إلى الأمهات وإلى الأطفال الشهداء في فلسطين وفي العراق وفي كل مكان تسيل فيه دم الشهادة:
 أيا قبورهم الصغيرة لا تتأوَّهي لا تجزعي فقد استودعت فيك أطفالي أطفال الشهادة، افتحي ذراعيك واستقبليهم وامنحيهم الحب والسلام فلربما وجدوا في أحضان الثرى شيء اسمه الأمان، صور البراءة ما زالت تداعب خاطري، فأكتفي بفرحهم بشغبهم الطفولي، بأصواتهم التي ملأت العالم ضجيجاً ومرحا، معلنة للكون المتناسي أنهم أطفال، رياحين القلب، وزنابق الغد، آه يا قبورهم الصغيرة إن حين لحظات بقربهم كي أشمهم كي أضمهم كي أرسم جبينهم الأشم، فأناملهم الغضة التي لوحت يوماً للحياة، إن حين لحظات بقربهم فلحظات قرب جسد صغيرٍ متفحم نطق دمه بالشهادة هي الأغلى عندي وهي عند الله قبلي أثمن ولادة، لحظات قرب أجسادهم التي دثرتها الدماء جعلتني أرثي نفسي التي لم تلحق بهم جعلتني أرتعش أصيح في غضب ألا ماتت أعين الجبناء آه يا أطفال العروبة الثكلى يا أطفالي أأبكيكم أأرثيكم أم تراني أغبطكم على هذا النعيم، نادتكم الشهادة هلموا إلي تعالوا فلبيتم النداء آه يا براعم الحياة من علمكم كل هذا العشق، من أرضعكم حليب التضحيات، من علمكم صحبة الحجر ودقة التصويب، من علمكم أن لا تخافوا من غاصب لئيم من علمكم كل هذا وكيف قرأتم قاموس الشهادة وأبجديتكم مازالت تحبو نحو البداية من أنتم يا صغار لتعلمونا لتوقظوا فينا ثبات الضمير، من أنتم لتزيلوا العفن عن جذورنا والران عن قلوبنا من أنتم لتعلمونا أنه لا فرق في الشهادة بين صغير وكبير، آه يا أطفال الشهادة ويا أطفالي يا من كحلت مقلتي القدس الحزينة بابتسامة الأمل يا من كنتم ملحمة أخرى روتها بغداد بدمها الطاهر، أينما حلت ضفيرتها وأسدلت شعرها، واقتربت حافلة الخطى لتتوضأ من دجلة والفرات وفوق تلك المياه تناثر عقدك يا بغداد، كما تناثرت ضفيرتك السمراء فوق تلك المياه رأيت صورتك ما بين الأرض والسماء ترمقين أطفال العراق وفلسطين من حنوٍ تمسحين التعب عن البؤساء تمنحين العزيمة والثبات للشرفاء رأيت صورتك يا بغداد في عيون القدس الحزينة في محراب الأقصى الذي أسرى إليه خير من أسرى، رأيت شهداءك يا فلسطين يا عراق يتصافحون، يتعانقون ريحهم ريح مسك وعبيرهم من عبق الجنة آه يا أطفال الشهادة يا أطفالي قد تطعن البصائر وقد يجبن الضمير وربما يلطخ جبين الأمة بقذارة الغزاة لكنكم علمتمونا الكثير وعلمتنا أحزاننا أن نستمر في المسير فكل نصر آت ولا يأس مع الإيمان قدرنا أن تعوي الوحوش حولنا كلما مزقونا وكلما اقتلعونا أن ننبت من جديد فعندما تؤمن الطفولة بالشهادة وتسعى إلى مقامها يصغر كل شيء ولا يبقى إلا الشوق مشتعلاً رباه متى ألحق بهم فإنني ظمأى لذاك الرفيق، والسلام عليكم.
 وعليكم السلام، بارك الله بك ونفع بك، معنا اتصال.
 قبل الاتصال إذا ممكن، للإمام علي كرم الله وجهه كلمةٌ رائعة يقول فيها: فاعل الخير خيرٌ من الخير وفاعل الشر شرٌ من الشر.
 هؤلاء الذين ألقوا قنبلةً ذريةً على هورشيما وناكازاكي، لعل هذه السنوات الطويلة انتهى مفعولها وانتهى الشر، لكن الذي أدار هذه الجريمة سوف يعذب إلى أبد الآبدين، فاعل الخير خير من الخير، عند يوم القيامة ينتهي الخير، أما يبقى فاعل الخير، وحينما تنتهي الحياة الدنيا ينتهي الشر، ولكن الذي أدار هذا الشر وأمر بهذا الشر، سوف يكون خالداً في جهنم.
سؤال: كل العرب تقول أن إسرائيل المجرمين الموجودين في فلسطين، كل الناس أصبحت تقول إسرائيل، ونحن في القرآن الكريم نعرف أن إسرائيل هو يعقوب عليه السلام، هل هذا يتناسب مع ديننا أن نقول عن هؤلاء المجرمين إسرائيل ؟
سؤال آخر: في التلفاز مشاهد عن حرب العراق، كانت هناك امرأة تصرخ غطوني وهي محروقة وفي المستشفى، أنا أريد أن أسأل هؤلاء المسلمين الذين ساعدوا الأجانب على ضرب العراق براً وبحراً وجواً، ألا يعرفون ما معنى المرأة المسلمة وخوفها على نفسها وهتك عرضها وسترها ؟
الجواب: إن كلمة إسرائيل لها معنى في القرآن، وهو نبي كريم، معناها الاصطلاحي الآن هؤلاء المجرمون، ففرق كبير بين المعنى اللغوي أو المعنى القرآني وبين المعنى الاصطلاحي، فكلمة استعمار فرضاً، هذه كلمة راقية جداً،أي إعمار الأرض، أما معناها الاصطلاحي: هذا العدوان على الدول النامية، فالكلمات لهل سياق ولها معنى تاريخي ولها معنى واقعي، فإسرائيل الآن دولة معتدية ظالمة، أما كلمة إسرائيل في القرآن تعني نبياً كريماً.
 بالنسبة للشق الثاني من السؤال تقول أنه هزها بعض المشاهد التي شاهدتها على إحدى شاشات الفضائيات العربية.
 من أعان ظالماً ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً على جبينه آيس من رحمة الله، ومن أعان ظالماً سلطه الله عليه، عقابه في الدنيا أن هذا الذي أعانه سوف يسلط عليه.
 سؤال: إذا كان الشهيد يعمل كل خير ولكن لا يصلي، هل يعتبر من الشهداء الأبرار والأتقياء ؟
 لقد أجبت عن هذا السؤال قبل قليل، بأن هذا من شأن الله وحده.
 أخي الكريم إن الإسلام دين العزة والكرامة، شب منذ اللحظة الأولى عزيز المكان نافذ السلطان، وقد شرع الله عز وجل لتحقيق عزتهم وكرامتهم الجهاد في سبيله حتى جعله ذروة سنامه، وقد استعان الصحابة الكرام بالحياة طلباً للشهادة، وعمير بن الحمام وأنت تعرف قصته عندما قال سيدنا محمد الكريم:

 

 

(( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ، قَالَ لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا.))

 

[ رواه أبو داود، أحمد ]

 أخي الدكتور أين الزعماء العرب الذين جعلوا أنفسهم يترامون في أحضان الأمريكان والإنكليز واليهود ؟ أين هؤلاء من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مع فارق التشبيه والتمثيل عندما يمسك سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: يا سعد آمرك ومن معك بتقوى الله ؟ أين تقوى الله عند هؤلاء ؟ هؤلاء لا يخافون من رب الكعبة ويخافون من رب البيت الأسود، بالأمس خبر عاجل من يومين أو ثلاث صواريخ الآمون المصرية تصل إلى الكويت، والله هذا عيب، البوارج تمر من قناة السويس الإسلامية العربية، إن لم تستحِ فاصنع ما شئت، وقد خلعوا برقع الحياء والضمير والوجدان وانسلخوا عن دينهم وأمتهم وشعوبهم وأصبحوا في خانة أعداء الله والوطن، والأجدى بأحدهم عندما يقول على صدام بغض النظر بأن القيادة العراقية الآن تقاتل ضد أمريكا بغض النظر عن كل شيء عليه أن يتنحى، الذي قال هذا الكلام عليه أن يضع العقال في رقبته وليس في رأسه، عليه أن يقول لأمريكا اخرجي من أرض العرب والمسلمين، ماذا لو أرادت منه أمريكا أن يتنحى ؟ التي اسمها زانية، التي تفتك بالأبرياء، التي تفتك بالأطفال، ماذا لو نظر إلى أولاده لو قُطِّعت أطرافهم، ألم ينظر إلى الثكالى، ألم ينظر إلى الأسر ؟
 أخي الكريم: ما حكم الله سبحانه وتعالى فيمن يساعد الأمريكان واليهود والإنكليز على المسلمين، في إفساحهم مياههم وأجوائهم وإعلامهم حتى عوناً للأمريكان على المسلمين.
 أخي الكريم كلمة قليلة: قناة المنار قناة العرب والمسلمين، القناة المقاومة المقاتلة والتي أقضت مضجع العدو، أخي الكريم عتبي عليهم البارحة بالأمس ليلاً وضعوا شخصاً برتبة لواء مصري وكأنه يشن حرباً نفسية، وهو يؤشر بمؤشر على خارطة العراق، وكأنه قد سلم العراق للمسلمين والأمريكان، فأنا عتبي على قناة المنار ألا يضعوا مثل هؤلاء، وأخيراً أوجه التحية إلى القائد الفذ بشار الأسد الذي قال: لا عندما قال عدو الله كولن باول على سوريا أن تختار وقد اختارت الشعب العراقي ضد العدوان الأمريكي، والحمد لله رب العالمين.
 بارك الله بك.
 الأخ كان يسأل عن حكم الله تعالى في من يساعد الأمريكان ؟
 قال تعالى:

 

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾

 

[ سورة إبراهيم: الآية 42 ]

 ويقاس عليهم وعلى من يعين الظالمين. أما العقاب في الدنيا من أعان ظالماً سلطه الله عليه خسر الدنيا والآخرة ولعنه الله في السماء ولعنته الملائكة، ولعنه أهل الأرض أجمعين.
 سؤال: علمنا الله في القرآن الكريم فقال:

 

﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾

 

[ سورة الحجرات: الآية 14 ]

 فهل نحن مسلمون صفة أم مؤمنون روح ؟ هل وصلنا إلى درجة الإيمان حتى نأخذ اليقين بأن كل شيء من الله عز وجل، أم لا زلنا نرفع الرايات ؟ هل نقاتل عن عقيدة أم نقاتل عن عقائد؟ أي لواء يرفع الآن في ظل أراضي الإسلام كلها ؟ هل لواء التوحيد أم غير ذلك ؟ ما ظننت أن راية الكتيبة الخضراء تُرفع ويذلها الله عز وجل، علمونا جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 الله عز وجل حينما قال:

 

﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)﴾

 

[ سورة الصافات: الآية 173 ]

 أراد منا أن تكون جنديتنا لله عز وجل، وأن يكون همنا نشر الحق في الخافقين، وأن يكون همنا إعلاء كلمة الله عز وجل، فحينما تكون جنديتنا لله عز وجل نستحق هذا الوعد الرائع، قوله تعالى:

 

﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)﴾

 

[ سورة الصافات: الآية 173 ]

 سؤال: نحن نعلم أنه عندما تتعرض بلاد المسلمين للعدوان فإن الجهاد فرض على كل مسلم وأنه في الشرع السارق تقطع يده، والقاتل يقتل، فما هي نظرة الشرع إلى الخائن لوطنه وأمته ودينه، وهؤلاء القادة العرب المسلمين الذين يسهلون للعدو أن يشن عدوانه على عراقنا العربي المسلم ويتعاونون معه، أليسوا بخونة، وما هو واجب المسلمين الذين يُحكمون من قبل هؤلاء الخونة ؟
 لقد أجبت على هذا السؤال قبل قليل، وعن ولاة أمر المسلمين الذين يعينون الأجنبي على إخوانهم المسلمين.
 سؤال: البراء بن مالك فتح حصن دسته في بلاد فارس وقد عالج باب الحصن من الداخل رغم ما أصابه من سهام حيث أثخن جسمه بالجراح، وقد فتح الباب ودخل المسلمون مهللين مكبرين، المسلمون عاملوا المتحصنين داخلهم معاملةً حسنة ودعوهم إلى الإسلام حيث أنهم لم يؤذوا إنساناً ولا شجرة ولا حيواناً.
 دكتور ما الفرق بإيجاز بسيط بين الفتح والغزو ؟
 الحقيقة هو الفرق بين المؤمن والكافر، الإيمان قيد الفتك، ولا يفتك المؤمن، المؤمن مقيد بمليون قيد وقيد، مقيد بمنهج الله، مقيد بما جاء في القرآن الكريم لذلك لا يستطيع أن يفعل شيء خلاف منهج الله، أما الكافر قد يقال أن أحد أسباب قوته أنه غير مقيد بشيء، يفعل ما يحلو له، فطبعاً لما سيدنا صلاح الدين فتح القدس لم يرق قطرة دم واحدة، بينما عندما فتح الفرنجة القدس ذبحوا سبعين ألفاً في أيام، هذا شيء ثابت، قال تعالى:

 

﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)﴾

 

[ سورة الماعون: الآية 1 ]

 وقال:

 

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)﴾

 

[ سورة البينة: الآية 6 ]

 والله الذي لا إله إلا هو، حينما أصف هؤلاء المجرمين بالوحوش أخجل من الوحوش، لأن والله الوحش يأكل حتى يشبع فإذا شبع كفّ عن الأكل أما هؤلاء فيريدون أن ينهبون ثروات الأرض، الحقيقة المؤامرات كثيرة جداً، هناك مؤامرة ٌ كبرى لإفقار المسلمين لنهب ثرواتهم هناك مؤامرةٌ كبرى لإضلال المسلمين، هناك مؤامرة كبرى لإفساد المسلمين عن طريق هذه المحطات المستوردة، هناك مؤامرةٌ كبرى لإذلال المسلمين، فنحن ينبغي أن نصحو من غفوتنا وأن نعرف عدونا حقيقة، وأن نتعاون، الحقيقة ما من وقت يحتاج المسلمون فيه إلى التعاون والتناصر وإلغاء الخلافات والخصومات كهذا الوقت، فهي قضيتنا أن نكون أو لا نكون، قضية حياةٍ أو موت، أراد الطرف الآخر أن يقضي علينا كلياً وعلى ثرواتنا وعلى حضارتنا وعلى ديننا، إنها حربٌ خطيرة ٌ جداً، نرجو الله سبحانه وتعالى أن نصحو من غفوتنا حتى نستحق نصره، المشركون الكفرة دخلوا الآن أرض المسلمين في فلسطين والعراق، دماء الأطفال في فلسطين والعراق تنادي آخر ذرةٍ في ضمير الإنسانية، أن أنقذونا من البطش والإرهاب والقتل الذي نتعرض له.
 النطق الآن أستاذي الكريم معرض لعدوان عسكري آثم أين الفعل العربي من كل ذلك والضحية هو الشعب العربي المسلم.
 لي تعليق دقيق، الحقيقة سلبيات هذه الحرب مكشوفة لكل إنسان جرائمهم قتل الأبرياء، قتل المدنيين، قتل الأطفال، قتل النساء، ضرب المساجد، فالجريمة مكشوفة لكل إنسان لكن إيجابيات هذه الحرب قلّ من يدركها الإيجابيات، أكبر إيجابية أراها أن هذا الغرب الذي خطف أبصار العالم بقيمه المزيفة بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام العالمي والرفق بالحيوان، هذا الغرب بقيمه أصبح بالوحل أصبح تحت الأقدام أصبح في مزبلة التاريخ، هذا أكبر إنجاز أن هذا الغرب الذي خطف أبصار أهل الأرض وتمّنوا أن يكونوا عنده، وتمّنوا أن يكونوا مثله هذه حقيقتهم كشفت تماماً، إذاً كل الأقنعة سقطت وكل الشعارات سقطت وكل الطروحات الأخلاقية أصبحت تحت الأقدام هذه حقيقة الغرب الكافر، فلذلك الإنسان حين يقرأ قوله تعالى:

 

﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾

 

[ سورة البقرة: الآية 256 ]

 لمَ لم يقول الله عز وجل ثم يؤمن بالله، لا يمكن أن نؤمن بالله قبل أن نكفر بالطاغوت، وقد أعانونا على أن نكفر بهم، حقيقة الغرب لا يعلمها إلا قلةٌ قليلة من كبار المثقفين وكبار العلماء، أما الآن حقيقة الغرب يعلمها الأطفال تعلمها العجائز غير المثقفات هذا إنجاز كبير، الإنجاز الثاني أن هذا العدوان وحَّدنا، أرأيت إلى هذه المداخلات هؤلاء الذين تكلموا في هذا اللقاء ما أرادوا جواباً، أرادوا أن يسمعونا صوتهم أنا اسميها مداخلات ولا اسميها أسئلة، هذا العدوان وحدنا وجمعنا، الإنجاز الثالث: هذا العدوان كشف كل إنسان، قال تعالى:

 

﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾

 

[ سورة آل عمران: الآية 179 ]

 تستطيع أن تخدع معظم الناس ببعض الوقت وتستطيع أن تخدع كل الناس لبعض الوقت، أما أن تخدع كل الناس كل الوقت فهذا مستحيل، فمن إيجابيات هذا العدوان أن الأوراق كشفت، وأن ورقة التوت سقطت، رابع إنجاز: من منجزات هذا العدوان أنه تبين لنا أننا إذا عطلنا فرضاً في هذا الدين فسوف ندفع الثمن باهظاً، وقد دفع المسلمون هذا الثمن، حينما نعطل أحد هذه الفروض من الدين، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه الأحداث موقظةً لنا من ثباتنا، منيرة لنا طريق النصر القريب إن شاء الله تعالى.
 سؤال: من لم يتق الله فهو ظالم، ومن لم ينصر أخاه المسلم فهو ظالم ومن لم يطع الله ورسوله فهو ظالم والآن كُتب علينا الجهاد في سبيل الله والشهادة في سبيل الله والشهداء بمرتبة الأنبياء ويجب أن ننصر إخواننا المسلمين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مكان:

 

(( عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا ؟ قَالَ: تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ.))

 

[ رواه البخاري والترمذي ]

 لذلك نرجو من إخواننا المسلمين أن يقولوا كلمة واحدة ويجاهدوا في سبيل الله لأنه كتب علينا الجهاد في سبيل الله فمن لم يجاهد أو يحدث نفسه بالجهاد إن شاء مات يهودياً، أو شاء مات نصرانياً.
 بارك الله فيك ونفع بك.
 في نهاية هذا اللقاء لا يسعني إلا أن أوجه الشكر لضيفنا الدكتور محمد راتب النابلسي، شكراً دكتور.
 عفواً يا سيدي.

 

إخفاء الصور