وضع داكن
23-04-2024
Logo
فاسألوا أهل الذكر - الندوة : 17 - واجب المسلم تجاه غير المسلم.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
 أيها الأخوة السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم اسألوا أهل الذكر.
 أيها الأخوة الكرام يقول الحق سبحانه وتعالى:

﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)﴾

( سورة هود )

 يقول أيضاً:

 

﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99)﴾

 

( سورة يونس )

 ويقول سبحانه:

 

﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)﴾

 

( سورة النحل )

 وثمة آيات أخرى كثيرة في القرآن الكريم وفي مدلولاتها يبين الله سبحانه وتعالى ما ندب المسلم إليه تجاه غير المسلم في التعهد بالدعوة والرعاية والاهتمام والمحاورة والإقناع بالحسنى دون إكراه أو إقصار، فما واجد المسام تجاه غيره من غير المسلمين ؟ وما هي صور ذلك الواجب عن هذا الموضوع أيها الأخوة يحدثنا في لقاء اليوم فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي الأستاذ والمحاضر في كلية التربية في جامعة دمشق خطيب جامع النابلسي، والمدرس الديني في مساجد دمشق أهلاً بكم دكتور.
 ولتوجيه الأسئلة والمداخلات بالإمكان الاتصال على الرقم 4465564 والفاكس 4448374.
 أستاذي الكبير السؤال كبير وواسع والإجابة عليه أيضاً أكبر وأوسع، ما واجب المسلم تجاه غير المسلم ؟
 الأستاذ راتب:
 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أستاذ زهير جزاك الله خيراً لكن لا بد من تعقيب على مقدمتك القيمة أولاً الله عز وجل يقول:

 

﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾

 

( سورة البقرة الآية: 256 )

 الإنسان مخير، خالق السماوات والأرض لم يجبره على شيء فلا يستطيع إنسان من بني البشر أن يجبر من حوله على شيء، الإنسان في الأصل مخير، والاختيار لتثمين عمله، ولولا أنه مخير لبطل الوعد والوعيد، ولانتفى الثواب والعقاب، وأصبح إرسال الأنبياء عبثاً، وإنزال الكتب لهواً ولعباً.

 

﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ (18) ﴾

 

( سورة السجدة)

﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) ﴾

( سورة القلم )

﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾

( سورة البقرة الآية: 148 )

﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

( سورة الكهف الآية: 29 )

﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 148 )

 هذا ليس صحيحاً أن الله أجبرهم على شيء، الإنسان مخير هويته مخير، الدين لا إكراه فيه، لكن البشر انحرفوا وأكرهوا بعضهم بعضا.

 

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

 هذا هو الأصل، لكن ما معنى قوله تعالى ؟

 

 

﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾

 

( سورة السجدة الآية: 93 )

 كما أنك لو طلبت من عميد كلية أن ينجح جميع الطلاب، ممكن يعطي لكل طالب مئة علامة، فلهذا النجاح القسري، الذي لا يبنى على جهد شخصي لا قيمة له إطلاقاً، لا عند عمادة الكلية ولا عند الطلاب ولا عند الناس، فهذا الكون مبني على المحبوبية، الله عز وجل لا يريدنا أن نطيعه قهراً ولا قسراً، ولا بضغط شديد، أرادنا أن نطيعه طواعية، لذلك هناك عبد القهر وهناك عبد الشكر، أي إنسان في قبضة الله، قلبه شرايينه، أعصابه، دماغه، حركته، كل أجهزته بيد الله عز وجل، وفي أية لحظة هو في قبضة الله، إذاً هو عبد القهر، لكن الله أرادنا أن نكون عبيد شكر، أن نعرفه ابتداءً وأن نقبل عليه، وأن نتودد إليه، وأن نخطب وده، وأن نطيع أمره، وأن نحسن إلى خلقه، عندئذٍ نكون عبيد شكر جمع عبد القهر عبيد.

 

﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) ﴾

 

( سورة فصلت الآية: 46 )

 وجمع عبد الشكر عباد.

 

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾

 

( سور الزمر الآية: 53 )

 فرق كبير بين العباد وبين العبيد، فلذلك حينما نجد آيات تبين أن الله عز وجل لو شاء لجعل الناس أمة واحدة قهراً، لكنه ما أرادهم إلا أن يؤمنوا به اختياراً، قال سيدنا علي لمن سأله، أكان مسيرنا إلى الشام بقضاء من الله وقدر، قال ويحك لو كان قضاء لازماً وقدراً حاتماً إذاً لبطل الوعد والوعيد، و لانتفى الثواب والعقاب، إن الله أمر عباده تخييراً ونهاهم تحذيراً، وكلف يسيراً، ولم يكلف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب، لو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب، لو تركهم هملاً لكان عجزاً بالقدرة، إذاً يجب أن ننطلق من أنه لا إكراه في الدين، وأن ننطلق أيضاً أن الإنسان نخير وننطلق أيضاً من أن الله سبحانه وتعالى لو أراد أن نكون على ملة واحدة لكنا، ولا يزالون مختلفون:

 

﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

 

( سورة هود الآية: 119 )

 إذاً المنطلق أن الإنسان هو الإنسان، وأن أقوى انتماء إلى إنسانيته والدليل:

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ﴾

 

( سورة الحجرات الآية: 13 )

 لا لتتحاربوا، علة اختلاف الألسن والأعراق والأجناس للتعارف:

 

﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

 

( سورة الحجرات الآية: 13 )

 هذه نتيجة، يرتقي الإنسان عند الله بقدر طاعته له وإحسانه إلى خلقه، بل إن السيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام في القرآن الكريم ذكر الله على لسانه:

 

﴿وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيّاً (31)﴾

 

( سورة مريم الآية: 31 )

 كأنه ضغط الدين كله في كلمتين، أن تكون علاقتك بالله طيبة عبادةً ومحبةً وانصياعاً واستلاماً، وأن تكون علاقتك مع الخلق طيبة انضبطاً بمنهج الله وإحسان إلى الخلق، إذاً نحن ننطلق من كليات، وحينما يقول الله عز وجل:

 

﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾

 

( سورة آل عمران الآية: 19 )

 معنى هذه الآية دقيق جداً، أن الدين الحقيقي أن جوهر الدين هو أن تخضع لله عز وجل، أن تعبده، والعبادة غاية الخضوع، وغاية الحب وغاية التوكل، وغاية الاستسلام، وغاية الثقة بالله عز وجل، وغاية التوحيد.

 

﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾

 أن نستسلم لله فيما أمر وفيما عنه نهى وزجر، والذي يلفت النظر لو قرأت القرآن الكريم كله لوجدت أنه ما من نبي إلا وصف بأنه مسلم، لا بالمعنى الضيق للإسلام بالبعثة الأخيرة بل بالمعنى الواسع، الاستسلام لله عز وجل، يعني مثلاً:

 

 

﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) ﴾

 

( سورة البقرة )

 آيات كثيرة، نبي نبي من دون استثناء، بل إن فرعون حينما أدركه الغرق قال:

 

﴿وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) ﴾

 

( سورة يونس )

 وعلقت على هذا أن الإنسان مخير، لكن خياره نوعان في خيار قبول أو رفض وفي خيار وقت، فقد تعرض عليك وظيفة لا تعبأ بها، أو تجد دخلها قليلاً، قد تعرض عليك سفرة، قد يعرض عليك بيت، فترفض أشياء لاحتقارها أحياناً أما إن رفضت منهج الله فأنت تحتقر نفسك.

 

﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾

 

( سورة البقرة الآية: 130 )

 والإنسان أمام مليار شيء حوله يقبل أو يرفض، إلا أنه إذا رفض الإيمان رفض وقت فقط، لأن أكفر كفار الأرض فرعون الذي قال:

 

﴿فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ﴾

 

( سورة النازعات )

 والذي قال:

 

﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾

 

( سورة القصص الآية: 38 )

 حينما أدركه الغرق قال:

 

﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) ﴾

 

( سورة يونس )

 معنى ذلك أن الدين عند الله الإسلام هو الاستسلام لمنهج الله، هذا ينقلنا إلى حقيقة دقيقة أن البشر على اختلاف اتجاهاتهم ونزعاتهم وأعراقهم وأجناسهم وألوانهم ومللهم ونحلهم ومذاهبهم وأديانهم هم نموذجان:
 النموذج الأول:

 

﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) ﴾

 

( سورة الليل )

 صدق أنه مخلوق للجنة فبنى على هذا التصديق أنه انضبط بمنهج الله واتقى أن يعصي الله، وانبنى على هذا التصديق أنه أحسن إلى الخلق بني حياته على العطاء.
 النموذج الثاني:
 لأنه كفر بالحسنى، كفر بالجنة، وظن أنه مخلوق للدنيا إذاً طبيعي أن يستغني عن طاعة الله، وطبيعي جداً أن يبني حياته على الأخذ والبشر على اختلاف أجناسهم لا يزيدون عن هذين النموذجين، بل إن الله سبحانه وتعالى حينما قال إن الذين أمنوا دقق أستاذ زهير:

 

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) ﴾

 

( سورة البقرة )

 أعيد الآية مرة ثانية.

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ ﴾

 يعني هؤلاء إذا انتموا إلى أديانهم انتماءً شكلياً، انتماء تعصب انتماء عداوة، انتماء بغضاء، انتماء افتخار، انتماء استعلاء، انتماء تحزب.

 

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ ﴾

 الآن من آمن بالله من هؤلاء الإيمان الحقيقي الذي يحمله على طاعة الله.

 

 

﴿ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾

 هذا هو الدين.

 

 

﴿ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) ﴾

 الله عز وجل يريد أن ينقلنا من الانتماء الشكلي، من انتماء التعصب إلى انتماء الالتزام، إلى انتماء الإيمان، إلى انتماء العمل الصالح إلى انتماء الاستقامة، فما أهلك أتباع الأديان إلا أنهم ضعف التزامهم بدينهم.

 

 

﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾

 

( سورة المائدة الآية: 14 )

 أستاذ زهير في آية دقيقة جداً هي قانون الاختلاف، هي قانون العداوة والبغضاء، قال تعالى:

﴿فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾

 الأستاذ زهير:
 اسمح لي دكتور نتوقف قليلاً نتلقى أول اتصال ثم نتابع الحديث دكتور.
 سؤال الأول:
 يوجد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على آذاهم هنا أريد التوضيح لهذا الحديث، وجاءت كلمة يخالط الناس ما عين لجميع الناس مثلاً هل.... للصالحين والعلماء ويصبر على أذاهم.
 السؤال الثاني:
 وردت في كثير من الآيات وأقصد آيات الليل تأتي قبل النهار، ما الحكمة من ذلك ؟ وقد جاء السمع مقدماً على غيره من الحواس كالبصر والأفئدة والقلوب، كذلك ما الحكمة.
 السؤال الثالث:

﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) ﴾

 هنا أريد وأنصتوا هل تعني التركيز لماذا وأنصتوا هل تعني التركيز هنا ؟
 الأستاذ زهير:
 أستاذي قبل أن نجاوب على هذه الأسئلة للأخت صفاء، توقفنا عند الآية التي ذكرتها التي تحدثت عن قانون الاختلاف والعداوة، أرجو أن نتابع الحديث في هذه النقطة وبعد ذلك نبدأ بالإجابة.
 الأستاذ راتب:
 أتباع الأديان، أنا أقول الحقيقة الشرائع، الدين واحد، الدين هو الاستسلام لله عز وجل.

 

﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾

 

( سورة آل عمران الآية: 19 )

 حقيقة الشرائع السماوية طاعة لله عز وجل، أتباع هذه الشرائع إذا لم يطبقوا شرائعهم، إذا نسوا حظاً مما ذكروا به، إذا عصوا منهج ربهم النتيجة الطبيعية أنهم ستكون بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، يعني أقول لك حديث آخر يوضح هذه الآية:

 

(( ما توادا اثنين في الله ففرق بينهما إلا بذنب أصابه أحدهما ))

 فحينما ينتمي أصحاب الشرائع السماوية إلى شرائعهم انتماء شكلياً انتماء تعصب، انتماء استعلاء، انتماء عداوة، فالشيء الطبيعي أن ينشأ بينهما العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، أما حينما يستسلموا أصحاب هذه الشرائع إلى ربهم وإلى منهج ربهم يتوادون ويتحاببون، فالقانون قانون العداوة والبغضاء أساسه التفلت من منهج الله عز وجل:

 

﴿فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾

 يعني مشكلة أتباع الشرائع السماوية مع أنفسهم، حينما يقصروا في تطبيق منهج ربهم ينشأ بينهم العداوة والبغضاء، أي تتضارب المصالح، وكل يدعي وصلاً بليلة وليلة لا تقر لهم بذاك.
 سؤال الأول:
 بالنسبة للتطبيق الشرائع السماوية في بعض المسلمون ينحازون عن هذا الأمر، فتراهم بعيدون عن تطبيق هذه الشرائع السماوية ـ وبعيدين عن قرآنهم ـ.
 السؤال الثاني:
 ما هي الحقوق الواجبة على الوالدين، حقوق الوالدين على الولد وحقوق الولد على الوالدين في كل الأمور ؟
 الأستاذ زهير:
 نأخذ السؤال الأول للأخت صفاء في الحديث الشريف الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.
 الأستاذ راتب:
 أستاذ زهير ما دام الإنسان في الدنيا يحمل رسالة، الرسالة أن يعرف الله وأن يتقرب إليه بالعمل الصالح، فهل تعتقد أن هناك عمل صالح وأنت منعزل عن الناس، هل تستطيع أن تقدم شيئاً، أن تنصح، أن تدعو إلى الله، هل بإمكانك أن تعمل صالحاً وأنت منعزل ؟ لا يمكن، لا بد من أن تكون مع الناس، الأنبياء كانوا مع الناس، كانوا معهم، كانوا في برج عاجي أخلاقي، وكانوا معهم بأجسامهم، ومشوا في الأسواق واستمعوا إليهم، وحلوا مشكلاتهم، لو أن الأنبياء عاشوا في أبراجهم العاجية لما كانوا أنبياء، الأنبياء يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، إذاً من أجل أن نصل إلى الآخرة بسلام، من أجل أن نكسب الجنة لا بد من عمل صالح، والعمل أساسه أن تكون مع الناس، وأنت حينما تخالط الناس وترحمهم، وتصبر على أذاهم، وترشدهم، وتأخذ بيدهم، وترعاهم وتقدم لهم خدمات جلة، يرضى الله عنك، لأنه عباده، الإنسان بنيان الله وملعون من هدم بنيان الله، أما الذي ينعزل حرم العمل الصالح، يعني حرم ثمن الجنة، يعني أصبح مطروداً من رحمة الله عز وجل فالإنسان ينبغي أن يكون مع الخلق، ولكن إذا كان ضعيف الإيمان وكانت خلطته مع الخلق ستؤدي به إلى بعد عن الله، ينبغي أن يعتزلهم، أنا أذكر هنا لعبة شد الحبل إذا كنت قادراً على أن تجر من حولك من تخالطهم إلى الله فكن معهم، أما إذا هم جروك إلى انحرافهم أو إلى معصيتهم فابتعد عنهم فالمقياس الدقيق بين أن تكون مع الناس وبين أن تعتزلهم هو مدى قدرتك على أن تأخذ بيدهم إلى الله عز وجل، فإذا كنت ضعيف الإيمان لا سمح الله ولا قدر لن تستطيع أن تأخذ بيدهم إلى الله، هو يأخذوك إلى المعصية من هنا كان هذا الضابط، متى أجلس مع من حولي ؟ ومتى أبتعد عنهم ؟ لكن صحبة المؤمنين من أجل الطاعات ـ لذلك المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ـ طبعاً فمن خالط الناس وصبر على أذاهم خير ممن لم يخالطهم ولم يصبر على أذاهم، فالضابط في هذا الموضوع مدى قدرتي على أخذهم إلى الله ورسوله، فإن أخذوا بيدي إلى المعصية فلا خير في هذا اللقاء لذلك:

 

(( الوحدة خير من جليس السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة))

 

[ أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي ذر ]

 بل إنك لن تستطيع أن تكون مؤمناً إلا إذا كنت مع المتقين، لقوله تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾

 

( سورة التوبة )

 الأستاذ زهير:
 السؤال الثاني: في القرآن الكريم آيات كثيرة تحدثت عن الليل والنهار يعني لماذا الليل، الليل يأتي قبل النهار ما الحكمة منه ؟
 الأستاذ راتب:
 الأصل هو الليل والنهار طارئ، لولا هذا الكوكب الشمس، لولا الشمس لما كان نهار، فالأصل في الكون هو الظلام الدامس، بل إن رواد الفضاء حينما تجاوزوا منطقة تناثر الضوء وجدوا ظلاماً دامساً، فالأصل في الكون أنه مظلم ما لم تكن هناك كواكب مشتعلة ملتهبة تطفي على هذا الليل الضياء.
 الأستاذ زهير:
 والآية الكريمة:

 

﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)﴾

 

( سورة يس )

 يعني كل كوكب يسبح في فلك مغلق حول كوكب آخر.

 

﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾

 فالليل والنهار هنا من حركة الكواكب، نحن الآن لماذا عندنا ليل ونهار ؟ لأن الأرض تدور حول الشمس، فحينما يكون وجهها الأول مقابل للشمس فهو نهار، فالليل والنهار ناتجة عن حركة الأرض حول نفسها.
 الأستاذ زهير:
 السؤال الثالث:
 الحكمة في تقديم السمع على غيره من الحواس ؟
 الأستاذ راتب:
 في 18 آية قدم السمع على البصر لأن السمع ينشأ في بطن الأم في الرحم، بينما البصر لا يبدأ إلى بعد الولادة بأشهر، فلذلك هو تقديم ترتيب، إلا أن الله سبحانه وتعالى في آية واحدة قال:

 

 

﴿أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا ﴾

 

( سورة السجدة الآية: 12 )

 أنت حينما تبصر سرعة الضوء 300 ألف كم بالثانية، أما سرعة الصوت قليلة جداً 330 متر بالثانية، فأنت إذا نظرت من بعيد إلى من يضرب حجراً تستمع إلى الصوت بعد أن ترى حركة اليد، لأن سرعة الضوء 300 ألف كم بالثانية، بينما سرعة الصوت 330 متر بالثانية ـ هنا هذا متعلق بالسؤال الأخير للأخت صفاء، قال:

﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ﴾

 استمعوا له ؛ يعني اسكتوا، ليس من الحكمة وليس من المستحسن إذا كان القرآن يقر أن نتكلم.

 

﴿ فَاسْتَمِعُوا ﴾

 أن نصمت، الآن:

 

 

﴿ أَنْصِتُوا ﴾

 أن نتدبر في أول أمر أن تصمت حتى لا تشوش على قارئ القرآن، والأمر الثاني أن تتدبر هذه الآيات، الإنصات يعني الإصغاء، وبالقرآن الإصغاء يعني التطبيق.

 

 

﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ﴾

 

( سورة التحريم الآية: 4 )

 علامة الإصغاء التطبيق.
 الأستاذ زهير:
 اسمح لي أستاذي أن نتوقف قليلاً لعناوين أخبار العاشرة والنصف بعد ذلك نعود ونتابع وإياكم أيها الأخوة هذه الحلقة من برنامجكم اسألوا أهل الذكر.

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

 نعود ونتابع وإياكم أيها الأخوة هذه الحلقة من برنامجكم اسألوا أهل الذكر، ومعنا في الاستديو على الهواء مباشرة ليجيب عن الأسئلة والمداخلات فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي الأستاذ والمحاضر في كلية التربي في جامعة دمشق، خطيب جامع النابلسي، والمدرس الديني في مساجد دمشق.
 سؤال الأول:
 الصلاة عائلية في البيت، الإمام امرأة، وبناتها حولها يصلون وراءها، فجاء ابنها وأتم بها وعمره أكثر من عشرين عام، هل صحت صلاة الجماعة أو تصح الإمامة ؟
 سؤال الثاني:
 ليس بسؤال إنما للمجاهدين المقاتلين في هذا الجو وفي هذا الوقت العصيب أرسل لهم تحيات من معركة اليرموك، سيدنا عكرمة رضي الله عنهم إذ خرج بين الناس ونادى من يبايعني على الاستشهاد، فخرج معه 400 شخص 400 مجاهد، فانطلق نحوه خالد بن الوليد رضي الله عنه وقال يا عكرمة لا تفعلها، لا تفعل هذا العمل الاستشهاد يعني، قال والله لأفعلنها، قال لا تفعلها، قال والله لأفعلنها، لقد أسأنا إلى الإسلام كثيراً واليوم نكفر عن ذنوبنا، وكانت المعركة بالسنة 13 للهجرة ما كان هذا الأمر يا أخونا الكريم ويكرم الناس أجمعين، المجاهدين والذين يقولون هذا ليس بالاستشهاد، هذا العمل لما اتجه 400 إنسان نحو اليرموك.... ولم يعد منهم أحد، واستشهدوا جميعاً فكان ذلك قصم ظهر للروم فما كان لجيش المسلمين إلا أن انتصر في هذه المعركة انتصاراً عظيماً، 400 شهيد كانوا سبباً النصر في تلك المعركة والآن إن شاء الله مجاهدونا هو الذين سيسطرون لنا النصر، وكلما كثر الاستشهاد كلما قرب النصر بإذن الله، وجزاكم الله خيرا.
 الأستاذ زهير:
 كان معنا سؤال ومداخلة من الأستاذ عماد شموط سأل عن البعد بشكل عام طبعاً هو عن تطبيق الشرائع السماوية، وكنت قد أشرت أن المسلمين يبعدون عن تطبيق القرآن بحد ذاته.
 الأستاذ راتب:
 يعني أصحاب الشرائع السماوية حينما لا يطبقون منهج ربهم يقعون في متاهة كبيرة، وقد يغرون بالعداوة والبغضاء بينهم، الأصل هو التطبيق، من أدق تعريفات العبادة أنها طاعة طوعية هذه الطاعة الطوعية ممزوجة بمحبة قلبية أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية، فالأصل هو الطاعة، إن لم يكن هناك طاعة فالدين ثقافة، عادات، تقاليد، فلكلور سمه ما شئت إلا أن يكون ديناً، العبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية، فإذا ألغينا من الدين الطاعة والائتمار بما أمر والانتهاء عما عنه نهى وزجر، ألغينا الدين، بقي الدين ثقافة، لذلك هناك علم بخلقه، جامعات العالم تعلم قوانين الخلق فيزياء كيمياء رياضيات طب هندسة، وهناك علم بأمره كليات الشريعة بالعالم الإسلامي، وهناك علم به، أنا حينما أعرفه لا أعصيه، حينما أعرفه يستحيل أن أعصيه، لأنه من عرف الله زهد فيما سوى الله، أنت وصلت إلى كل شيء.

(( يا ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ))

 لكن تقييم الأشخاص من شأن الله وحده ليست مهمتنا أن نقيم أحداً تقييم الأشخاص.

 

﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (17) ﴾

 

( سورة الإسراء )

﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)﴾

( سورة النجم )

 فالتزكية أن تمدح نفسك هذا في مأخذ كبير على الإنسان حينما يمدح نفسه ويزكي نفسه وكأن الله عز وجل لا يعلم وهو يعلم، فأنا أرى أن كل إنسان عليه واجب أن يكون مطبقاً لمنهج ربه، وألا يكون حشرياً بمعنى أن يقيم الناس، تقييم الناس من شأن الله وحده، إلا أن ترى كفراً بواحاً أو معصية جلية فهذا أمر آخر.
 الأستاذ زهير:
 سؤال الأول:
 ممكن أن أدخل بمداخلة إن شاء الله نستفيد منها وأكيد الدكتور تكلم عن جزء منها، أتكلم عن السيد المسيح والتوحيد طاف سيدنا المسيح عليه السلام في البلاد سائحاً يدعو العباد للتوحيد الخالص وهي عبادة الله وحده وراحوا يدعو بني إسرائيل بآيات الإنجيل.... الألباب، فقد كان عليه السلام كالحكمة الطائفة كأنفاس الحياة يزرع الخير ويغرس شجرة التوحيد والعبودية لله الواحد الأحد قال المسيح:

﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ﴾

 وثمة كلمة أقولها نحن المسلمين في المسيح عليه السلام إن المسلم لا يكون مسلم أبداً إن لم يؤمن بأنبياء الله كلهم كإيماني بمحمد عليه الصلاة والسلام فإذا كفر الواحد منهم أو تناوله بكلمة سوء واحدة قد انسلخ عن الإسلام فمن لا يؤمن برسول من الرسل الكرام كمن لا يؤمن بهم كلهم وأن تاريخ المسلم هو تاريخ رسالات السماوية كلها فهو يؤمن بهم.

 

﴿ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ﴾

 والمسلم طبعاً عليه أن يسير بركب الأنبياء عليهم السلام،. خطاهم ويعتبر تاريخهم تاريخه ونحن المسلمين منذ أن كنا صغاراً تفتحت قلوبنا على آدم في جنته، وعلى نوح في سفينته، وعلى إبراهيم محطم الأصنام وعلى موسى يشق البحر بعصاه، وعلى عيسى بن مريم إذا أتت به قومها تحمله فكلمهم في المهد، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم في غار يردد قول الأمين جبريل أقرأ باسم ربك، نحن المسلمين إذا حاربنا اليهود تحت راية موسى، حاربناهم تحت راية موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام وكل الأنبياء، ونحن المسلمين لا نعيش بحمد الله أي عقيدة تجاه أي رسالة سماوية أو أي رسول عقيدة سيئة بل العقيدة متفقة، ونحن كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أولى الناس بعيسى بن مريم إذ يذكر حبه وحب أمه الطاهرة في أعماقنا وهذا الحب لا يوازيه إلا محبتنا لسائر الأنبياء الكرام، والسلام عليكم.
 الأستاذ زهير:
 الأخ عماد شموط أستاذي الكريم سأل سؤال آخر عن الحقوق المتبادلة بين الآباء والأبناء.
 الأستاذ راتب:
 نعم الحقيقة أن حقوق الآباء شيء والأنباء شيء آخر، لا نجد آية في كتاب الله توصي الآباء بأبنائهم ذلك لأن العناية بالأبناء طبع مودع في أصل الخلق، فأي أب وأية أم بسبب من طبعهما يرعيان أولادهما، وهذا من رحمة الله بالإنسان، لكن عناية الابن بأبيه تكليف، أستاذ زهير كلمة تكليف وطبع كلام دقيق جداً، الطبع لا يحتاج إلى كسب أو إلى سعي، أنت تأكل كل يوم لا يعقل أن يصدر مرسوم تشريعي يجبر المواطنين على تناول الطعام، هذا شيء طبع لأنه، محبة الآباء للأبناء طبع، تناول الطعام طبع، طلب السلامة طبع، طلب السعادة طبع، وفي تكليف، من تناقض الطبع مع التكليف يكون ثمن الجنة، يعني كيف، أنا حينما طبعي يقتضي أن أملئ عيني من محاسن النساء بينما التكليف يأمرني أن أغض البصر، في تناقض بينهما، هذا التناقض ثمن الجنة، طبعي يأمرني أن أنام والتكليف يأمرني أن أستيقظ لأصلي، التناقض بين الطبع والتكليف هو ثمن الجنة، طبعي يأمرني أن أخذ المال والتكليف يأمرني أن أدفع المال التناقض بيع الطبع والتكليف ثمن الجنة، طبعي يقتضي أن أستقل مع زوجتي وأولادي ويكون الأب حينما يتقدم في السن عبأ على ابنه فطبعه يقتضي أن يبتعد عن أبيه لكن التكليف يأمره ويقول:

 

 

﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً(23)﴾

 

( سورة الإسراء )

 فالطبع يقتضي أن تبتعد عن الأم والأب وهما كبيران في السن ولهم أراء وعقلية مخالفة لعقلك الفتي، ولهما أعباء، ولهما مطالب أنت في غنى عنها، لذلك هناك آيات كثيرة ترفع العناية بالآباء إلى مستوى عبادة الله.

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

 عند علماء اللغة الواو تفيد المشاركة، يعني أنت لا تقول اشتريت قصراً وملعقة مستحيل، قصراً وأرضاً، قصراً ومحلاً تجارياً، مركبة وبيتاً، فلابد من تناسب بين المتعاطفين فحينما يقول الله عز وجل.

 

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

 معنى ذلك أن الله رفع منزلة الآباء أو بر الآباء إلى مستوى عبادته، ذلك أن الله سبحانه وتعالى منحك الوجود والذي كان سبب الوجود هو أمك وأبوك، إذاً كما أنك مكلف أن تعبد الله الذي منحك أصل الوجود ينبغي أن تكون باراً بأمك وأبيك الذين منحاك سبب الوجود، فبر الأبناء للآباء تكليف من الله عز وجل بينما من أجل أن تستمر الحياة من أجل أن يعيش الناس عناية الأب بابنه والأم بابنها طبع قد تجد أماً متفلتةً، أماً مستقيمةً، أماً مسلمة، أماً فاسقة ً، أماً فاجرةً، كل الأمهات يعتنين بأبنائهن، فحق الأب على ابنه كبير جداً رفعه الله إلى مستوى العبادة.

 

 

(( ما بر أباه من شد إليه الطرف بالغضب ))

 

[ أخرجه الطبراني عن عائشة ]

﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾

 لو أن في اللغة كلمة أقل من أف لقالها الله عز وجل، ويحمل على أف مئات التصرفات التي تؤذي الأب هكذا، أما عناية الآباء بالأبناء طبع، كما أنه لا يعقل أن يصدر مرسوم تشريعي يلزم المواطنين بتناول الطعام، شيء لا معنى له وهذا من رحمة الله بنا، بل إنك حينما ترى رحمة الأب والأم بك هذه جزء من رحمة الله بك.
 يروى أن النبي الكريم مرَ بامرأة تخبز وابنها على التنور، كلما وضعت رغيفاً تقبله فقال النبي أترون أنها واضعة ابنها في النار، قالوا معاذ الله، قال:

 

(( والذي نفس محمد بيده لله أرحم بعبده من هذه بولدها.))

 تروي الكتب القديمة أن سيدنا موسى رأى امرأة تقبل ابنها وهي تخبز على التنور ـ قصة أخرى ـ فعجب من هذه الرحمة كلما وضعت رغيفاً ضمته وشمته وقبلته، قال يا موسى هذه رحمتي أودعتها في قلبها وسأنزعها فلما نزع الله الرحمة من قلب هذه الأم ألقته بالتنور.
 فإذا وجد الابن أباً يرحمه أو أما ترحمه هذه رحمة الله به، جعلها عن طريق الأم والأب، وهذا معنى قوله تعالى:

 

 

﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾

 

( سورة طه الآية: 39 )

 الذي ألقى محبة الأبناء في قلوب الآباء والأمهات هو الله عز وجل.

 

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾

 

( سورة النساء الآية: 1 )

 من يجرؤ أن يسأل إنسان غريب أن أعطني مئة ليرة، أما الابن يجرؤ ويسأل أباه ألف ليرة، ويصر عليه لأنه يعلم رحمته به، لذلك رحمة الآباء بالأبناء طبع، مضطر أنا أن أشعب الموضوع، قد يكون الأجر فيه ضعيفاً لأنه غير كسبي، أي أب يتمنى أن يكون ابنه سليماً معافاً صحيحاً متفوقاً في دراسته أما إذا اهتم بدينه واتهم بآخرته واهتم بصلاته عندئذٍ تكون هذه العناية كسباً، أما أن تعتني بصحته وطعامه وشرابه وتحصيله فقط هذا طبع، عند الناس جميعاً، أما حينما تعتني بتربيته وبأخلاقه وبإيمانه وبدينه و بآخرته يكون هذا تكليفاً.
 الأستاذ زهير:
 الموضوع يطول أستاذي الكريم لم نتحدث إلا بالعموميات في هذه الحقوق.
 سؤال الأول:
 من أجل الصوم، إذا إنسان عليه قضاء من رمضان يجوز أن يصوم ستة من شوال قبل أم أن يقضي ـ القضاء أول ـ يجوز أن يكون القضاء شهراً مثلاً ـ هو في بعض الأقوال أنه إذا أدى ما عليه من قضاء رمضان تحسب هذه الأيام التي صامها قضاء من الستة من شوال إن شاء الله ـ
 سؤال الثاني:
 إذا إنسان يصوم نوافل نسي وأكل يجوز أن يواصل ـ إذا أكل سهياً لا شيء عليه لكن نحن الشرع علمنا إذا إنسان متقدم بالسن يصوم صوماً نفلاً وأكل ناسياً ينبغي ألا تذكره رحمة به، أما إذا رأيت شاباً يصوم صوماً نافلاً وأكل ينبغي أن تذكره أنه صائم.
 سؤال ثالث:
 من أجل الحج إذا في امرأة.... وأبوه وأمه يحجون، يجوز أن تحج معهم المرأة، يجوز أن تعقد عقدها على أبوه، هل يجوز ـ لا والله لا يجوز هذا لعب بدين الله، ليس لا يجوز فقط هذا منتهى الخطر هذا الزواج أقدس عقد بين إنسانين على وجه الأرض:

 

﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً (21)﴾

 

( سورة النساء )

 عقد الزواج لشراء سيارة كما كان سابقاً أو لذهاب إلى حج ؟
 الأستاذ زهير:
 هذه النقطة سنثيرها بعد قليل أستاذي الكريم، نكتفي بهذا القدر من الأسئلة أدركنا الوقت الآن.
 سؤال:
 سيدي الكريم، فضيلة الدكتور أورد.... في سياق حديثه أن الدين إذا خلا من الطاعة تحول إلى عادة وبعدنا عنه، عن شرع الله هذا ما يريده أعداء الإسلام بنا، فديننا الآن ومنذ أربعين سنة خلت نراه أنه يتحول من العبادات إلى العادات، هم يريدون أن يبعدون عن روح الدين فوهنت الأمة، كلنا بعيدون عن الروح في الدين، نحن منغمسون في عادات الدين فقط، أما لماذا فلا نعلم، الطاعة بعيدة عنا ونحن بعيدون عن روح الله فوصلنا إلى ما وصلنا إليه ووهنت الأمة، ليست الأمة على وضعها الراهن بأضعف من يوم من الأيام لو عدنا حتى إلى أيام الحروب الصليبية، لماذا هذا الضعف ؟ بعد عنا تشريع العلماء، العالم الآن بعيد عن السياسة، العالم الآن بعيد عن التخطيط للأمة، العالم الآن منعزل في برجه العاجي، فلا تكاد تناقش شيخاً في أية مسألة تخص الإسلام في وضعنا الراهن إلا يقول لك الله ولي الفرج، لماذا هذا الكلام، أين تشريع العلماء في وضعنا، الأمة تضرب في قلبها الآن، الحشود على العراق موجودة، القتل في فلسطين موجود، من يشرع ؟ من يقول ؟ من يتكلم ؟ السياسيون الآن في معظم البلدان العربية لا أقول كلها، كلهم بعيدون عن أي تخطيط لدرء هذا الخطر، كلهم بالمطلق، لكن أنا أستثني منهم ولكن الوضع بالمرآة الظاهرة هي أنهم كلهم بعيدون عن التخطيط لرفع الخطر أين تشريع العلماء، ألم يكن تحرير الأمة بأيدي علماءها في الأصل أفيدونا جزاكم الله خيرا.
 الأستاذ زهير:
 كان معنا سؤال أيضاً أخي الكريم الدكتور، من الأخ فايز الصلاة عائلية في البيت والإمام امرأة، بناتها وراءها، ولدها عمره عشرين عام صلى مع أخواته ائتم بأمه هل تصح الإمامة ؟
 الأستاذ راتب:
 تصح إمامة المرأة في بعض المذاهب على ألا يكون صوتها خارج البيت، خير صلاة المرأة في قعر بيتها، إذا كان في غرفة داخلية لأن صوت المرأة عورة، فلو صلت المرأة إمامة قبلت صلاتها بشرط ألا يكون صوتها خارج بيتها.
 الأستاذ زهير:
 كانت هناك مداخلة من الأخت رغداء الطاير تحدثت عن دعوة السيد المسيح عليه السلام وقالت تاريخ المسلم هو تاريخ الرسل كلهم ونحن مسلمون إذا حاربنا الكفر تحت راية الأنبياء والرسل، هل من تعليق على هذه المداخلة ؟
 الأستاذ راتب:
 والله مداخلة طيبة جداً.
 الأستاذ زهير:
 أيضاً هذه النقطة أثارها الأخ سمير العماري إذا أرادت المرأة أن تؤدي فريضة الحج وليس هناك من محرم فعقدت قرانها على قريب لها.
 الأستاذ راتب:
 أنا أسأل هل أعبد الله على مزاجي، أم وفق منهج الله، فالمرأة الذي ليس لها محرم ليس عليها حج، نحن لا نعبد الله وفق أمزجتنا، نحن لا نخترع بالدين، لا نبتدع، نحن لا نستهين بعقد الزواج الذي هو أقدس عقد، كم من عقد زواج تم من أجل بيع سيارة سابقاً، وكم من عقد زواج تم من أجل حج والمفاسد التي تصدر عن هذا العقد لا تعد ولا تحصى، هذا لعب بدين الله، المرأة التي ليس لها محرم ليس عليها حج، والمرأة التي لا تملك نفقات الحج ليس عليها حج، هناك من يستقرض، هناك من يتسول ليحج، الحج على المستطيع، نريد أن نعبد الله وفق مزاجنا لا وفق منج الله، لا يعبد الله إلا بما شرع، أنا ينبغي أن أتأدب مع الله عز وجل لا يعبد الله إلا بما شرع، أما أن من أجل الحج أستقرض، من أجل الحج أتسول، من أجل الحج أكون عبأ على الآخرين، من أجل الحج أعقد عقد زواج صوري، من أجل الحج أفعل ما لا يرضي الله عز وجل ـ والبعض يأخذ أجراً على هذا العقد ـ طبعاً، هذا محرم أشد التحريم، أنا أقول أنه لعب بدين الله.
 الأستاذ زهير:
 المداخلة الأخيرة كانت طيبة ونبيلة من الأخ محمد نبيل من دمشق يعني هذه الخطوط العريضة التي أثارها دكتور، إذا خلا الدين من الطاعة وتحول إلى عادة، ضعف الأمة الآن يعني الأمة ضعيفة وذلك بسبب بعد العلماء عن القضايا وهموم الأمة، أين تشريع العلماء في هذا الواقع المؤلم؟
 الأستاذ راتب:
 أنا لي ملاحظتان على هذه المداخلة:
 أول ملاحظة: ينبغي لطالب العلم ألا يعمم يعني القرآن قال:

 

﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾

 المن للتبعيض، في القرآن الكريم تحفظات كبيرة جداً، فأنت هل اطلعت على كل ما يفعله العلماء في العالم الإسلامي ؟ إذا كنت مطلعاً على كل أفعالهم لك أن تعمم، ففي بالتعميم خطأ، أنا لا أعمم، أما أنا متألم معه أشد الألم، لكن لو أنك اطلعت على ما يفعله العلماء وعلى ما تم بفضل مداخلاتهم في قضايا الأمة العامة، وكيف منعوا بعض المنكرات وكيف حملوا بعض الأقوياء على فعل الخير، وهذا شيء يحتاج إلى بحث ودرس، ينبغي ألا أعمم، بل إن هناك كلمة رائعة أقول التعميم من العمى هل لك أن تقول أن كل أهل هذه البلدة سيئون، هذا كلام غير مقبول، الله عز وجل في آيات كثيرة أعطى حكم موضوعي.
 لكن الغرض من مداخلة الأخ محمد نبيل أستاذي الكريم هو لا يريد التعميم وأنا واثق الأخ نبيل نعرفه من مداخلاته ومشاركاته في هذا البرنامج وفي رسالة التجديد أيضاً، يعني الغرض من هذه المداخلة إن كان هناك تناول لواقع الأمة من قبل العلماء فهذا التناول يكون سطحياً ـ
 لأن أعداء المسلمين يردون الإسلام أن يكون إسلام حيض ونفاس وجنابة، واستنجاء، واستبراء فقط، أما الدين هو الحياة، الدين هو أن تعيش الأمة عيشة كريمة، الدين هو أن نهيئ لأطفالنا فرص عمل، الدين هو أن نحل مشكلات شبابنا، الدين أن نزوج شبابنا، الدين أن نستخرج ثرواتنا، نحن مأمورون في الدين أن نقلد أن نتبع، لكن في الدنيا أن نبتدع أن نطور حياتنا، أن نرتقي بمستوى معيشتنا، أن نحل مشكلاتنا، هذا كله مأمورين به، نحن فهمنا الدين فهم عبادات شعائرية وهذا أخطر شيء في الدين، أقول لك هذه الكلمة.
 سيدنا ابن عباس كان معتكفاً في مسجد النبي رأى رجل كئيب قال له ما لي أراك كئيباً ؟ قال له ديون لزمتني لا أطيق سدادها، قال له لمن ؟ قال له لفلان، قال له أتحب أن أكلمه لك ؟ قال له إذا شئت، فخرج من معتكفه، فقال له أحدهم يا ابن عباس أنسيت أنك معتكف، أنت في أرقى عبادة، قال له لم أنس أني معتكف، ولكن سمعت صاحب هذا القبر والعهد به قريب، وبكى، والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا.
 أنا حينما أفهم الدين أن ترك دانق من حرام خير من ثماني حجة بعد الإسلام، وأنك إذا مشيت مع أخ في حاجته خير لك من أن تعبد الله سنوات طويلة نفهم حقيقة الدين، الدين عمل، الدين إخلاص، الدين خدمة كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الرحم، ونسيء الجوار، حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف أمانته وصدقه وعفافه ونسبه، إذا حدثك صادق، إذا عاملته أمين، إذا استثيرت شهوته عفيف، قال فدعانا إلى الله لنعبده ونوحده ونخلع ما كان يعبد آباءنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم وال

إخفاء الصور