وضع داكن
18-04-2024
Logo
مختلفة- لبنان - المحاضرة : 06 - مسجد بلال بن رباح بمجدل عنجر - التحديات التي تواجه العالم الإسلامي والحلول القرآنية .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين بداية واختصاراً للوقت ولا اختصار مع العبادة الجميع يقرأ كل منا ما تيسر وما شاء وباعتباره أن الكل يعرف الفاتحة نقول الفاتحة عن أرواح شهدائنا الأبرار الذين سقطوا ويسقطون ونعتبرها بداية لبداية هذا اللقاء، في البداية نعرف بتعريف موجز فضيلة الدكتور الذي شرفنا بهذه الأمسية الكريمة، الدكتور محمد راتب النابلسي من دمشق مواليد 1938 ـ درس الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي في دمشق، في الأدب العربي والتربية، أيضاً تلقى العلوم الشرعية على نخبة من علماء دمشق، أستاذ محاضر في كلية التربية في جامعة دمشق خطيب لمسجد النابلسي في منطقة ركن الدين، مدرس ديني في مساجد دمشق، حضر العديد من المؤتمرات الدولية بتوجيهات من الدولة السورية، له العديد من الكتب والمؤلفات، ولا بد لنا من كلمة، وكلمتي اختصرت فيها عن مجموعة قصيرة من الأبيات الشعرية لأنكم جميعاً لم تأتوا لتستمعوا إلي إنما جئتم من أجله.

مع العلم يجنى ما يلذ ويجتبــى  ونصغي إلى قول من الماء أعــــذب
مع العقل والأخلاق نصغي سوية  إلى عالم أعطى وأغنــــى وأوهـب
مع الفارس الند الذي طار سيطه  مع المنبر المشهود نصغي تحبــــب
إلى منطق كالسيف تفري شفاره  إذا هز في جنح الـــدجى وصار أشيب
سألقي سلامي عند من هز سيفه  بوجه التحدي يــبعث الروح والإبــى
بوجه دمشــقي ونفس تقيـة  وأصل عريق طير النجم مركــــــب
أرحــب بالجمهور مني تحية  وبالركاب العملاق أهلاً ومرحبــــــا
***

 أترككم مع الدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي ليتحدث التحديات التي تواجه العالم الإسلامي.

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الأخوة الكرام:
 بادئة ذي بدء أشكركم أعمق الشكر وأحر الشكر على هذه الدعوة الكريمة، وعلى هذا الحضور الذي يعبر عن محبتكم واهتمامكم أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون عند حسن ظنكم.
 أيها الأخوة الأحباب:
 موضوع المحاضرة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية والحلول القرآنية.
 لو قرأنا القرآن الكريم، نقرأ في قوله تعالى:

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾

( سورة النور: 55 )

 أين الاستخلاف ؟ والله لا استخلاف.

 

﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾

 

( سورة النور: 55 )

 أين التمكين ؟

 

﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾

 

( سورة النور: 55 )

 أين التطمين ؟
 ماذا نفعل بهذه الآيات ؟ ماذا نفعل بقوله تعالى:

 

﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)﴾

 

( سورة الصافات: 173 )

 ماذا تفعل بقول تعالى:

 

﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)﴾

 

( سورة الروم: 47 )

 ماذا نفعل بقوله تعالى:

 

﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾

 

( سورة غافر: 51 )

 ماذا نفعل بقوله تعالى:

 

﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)﴾

 

( سورة النساء: 141 )

 أيها الأخوة الأحباب:
 لا بد من تطابق الواقع مع وعد الله عز وجل، إن زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، وهذه آيات قرآنية من كلام خالق الأكوان، وهي واضحة الدلالة، بل قطعية الدلالة، فكيف نوفق بينها وبين واقع المسلمين، كلكم يعلم أن الحق دائرة تمر بها أربعة خطوط:
 1 ـ خط النقل الصحيح.
 2 ـ خط العقل الصريح.
 3 ـ خط الفطرة السليمة.
 4 ـ خط الواقع الموضوعي.
 النقل الصحيح القرآن الكريم مؤول وفق علم الأصول، وما صح من السنة.
 العقل الصريح هو العقل البريء من التبرير.

 

 

﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19)﴾

 

 

( سورة المدثر: 18 ـ 19 )

 هذه العين البشرية لا قيمة لها من دون نور يتوسط بينها وبين المرئيات، كذلك العقل لا قيمة له من دون وحي يرشده إلى الصواب فلا بد من نقل صحيح، ولا بد من عقل صريح، بعيد عن التبرير، ولا بد من فطرة سليمة.

 

﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)﴾

 

( سورة الشمس: 7 ـ 8 )

 ولا بد من واقع موضوعي، الحق دائرة تتقاطع فيها خطوط أربعة:
 خط النقل الصحيح، وألح على الصحيح، لأن هناك نقل غير صحيح، أو نقل صحيحاً أول تأويلاً غير صحيح، وألح على العقل الصريح، لأن هناك عقل تبريرياً في خدمة الشهوات، وألح على الفطرة السليمة لأن هناك فطرة اقتبست، وألح على الواقع الموضوعي لأن هناك واقع مزوراً.
 أعداء المسلمين، يتهمون كل عمل إرهابي في زعمهم بأنه عمل أصولي إسلامي صديق لي هو رئيس الجالية الإسلامية في أمريكا أجرى دارسة كلفته سنوات فإذا نسبة العمل العميل على يد المسلمين لا تزيد عن ثلاث بالمئة، إذاً لا بد من نقل صحيح ولا بد من عقل صريح ولا بد من فطرة سليمة ولا بد من واقع موضوعي، لماذا يخترق الواقع واقع المسلمين عن وعود رب العالمين ؟ لا يمكن إلا أن تحقق وعود الله عز وجل، لأنه أصدق القائلين.

 

﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾

 

( سورة التوبة: 111 )

﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً (87)﴾

( سورة النساء: 87 )

 وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعود للمؤمنين ونحن نعاني ما نعاني نعاني من تحديات وكأن حرب عالمية ثالثة أعلنت على المسلمين في شتى بقاع الأرض، في أوربا المسلمة، وفي آسيا، وفي أندونيسيا، وفي ماليزيا، وفي الشيشان، وفي الصومال وفي السودان، أن اتجهت للإسلام في بلد وجدته كالطير مقصوص جناحيه.
 أيها الأخوة الكرام:
 لو أردنا أن نبقى في القرآن الكريم، أين الحل ؟ في القرآن الكريم، هذا كلام دقيق وخطير حينما قال الله عز وجل:

 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي﴾

 النبي عليه الصلاة والسلام أردف معاذ وراءه، قال:

 

 

(( يا معاذ: ما حق الله على عباده قال: الله ورسوله أعلم قال يا معاذ: ما حق الله على عباده، ثم أجابه النبي قال: حق الله على عباده أن يعبدوه، ثم سأله يا معاذ: ما حق العباد على الله إذا هم عبدوه ؟ قال ألا يعذبهم))

 إن شاء الله لك حق عليه، هذا كلام موجه لكل مسلم ولكل مسلمة، أفراداً وجماعات، إن شاء الله لك حق عليه، بل إن الإمام الشافعي، رحمه الله تعالى، استنبط من قوله تعالى:

 

 

﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

 

( سورة المائدة: 18 )

 لو أن الله قبل دعواهم لم عذبهم، لأنه لم يقبل دعواهم إذاً هو يعذبهم، وإذا أردنا أن نطبق هذه الآية على المسلمين نقول:

﴿ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

 من هنا فهم السادة العلماء أن أمة محمد أمتان، أمة الاستجابة وأمة التبليغ، أمة الاستجابة هي الأمة التي وصفها الله عز وجل في قول تعالى:

 

﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾

 

( سورة آل عمران: 110 )

 علة هذه الخيرية.

 

﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾

 

( سورة آل عمران: 110 )

 أما إلا نأمر بالمعروف، وإلا ننهى عن المنكر، وإلا لم نؤمن بالله فقدنا خيرتنا فنحن أمةٍ كأية أمة لا شأن لنا عند الله، أما أمة الاستجابة هي التي استجابت لله ولرسول حينما دعاها لما يحيها.
 يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامه يجعلها الله هباء منثورا، قيل يا رسول الله جلهم لنا، قال:

 

((أنهم يصلون كم تصلون ويصومون كم تصومون، ويؤخذون من الليل كم تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها.))

 أيها الأخوة الكرام الجواب الأول:

 

 

﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59)﴾

 

( سورة مريم: 59 )

 ولقد لقي المسلمون ذلك الغي.
 أيها الأخوة الأحباب، الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، تعامل مع الحقيقة المرة كن واقعياً، كن جرئياً في مواجهة المشكلات، إذاً:

﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ ﴾

 أجمع العلماء على أن إضاعة الصلاة لا يعني تركها، يعني أن تفرغ من مضمونها، أن نغش المسلمين ونصلي، أن نكذب ونصلي، أن نحتال ونصلي، أن نغتصب ونصلي، أن نزوغ ونصلي، أن نهمل واجباتنا ونصلي.

 

﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ ﴾

 تضيع الصلاة يعني تفريغها من مضمونها، وعدم الخشوع فيها، بل إن الله عز وجل حينما قال:

 

 

﴿أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)﴾

 

( سورة المؤمنون: 1 ـ 2 )

 قالوا الخشوع في الصلاة ليس من فضائلها، بل من فرائضها ليس كل مصلي يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، وكف شهواته عن محارمي، ولم يصر على معصيتي، وأطعم الجائع، وكسا العريان، ورحم المصاب، وآوى الغريب، كل ذلك لي وعزتي وجلالي إن نور وجهه لأضوء عندي من نور، الشمس، على أن أجعل الجهالة له حلم والظلمة نورا، يدعوني فألبيه ويقسم علي فأبره أكلؤه بقربي واستحفظه ملائكتي، مثل عندي كمثل الفردوس لا يمس ثمرها ولا يتغير حالها.
 الحل أن نحكم اتصالنا بالله، ولن تستطيع أن تحكم اتصالك بالله إلا إذا كنت طائعاً لله إلا إذا كنت ملتزماً بالأمر والنهي، ليس الولي الذي يمشي على وجه الماء ولا الذي يطير في الهواء، الولي كل الولي الذي تجده عند الحلال والحرام، أن يراك حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك.

 

﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)﴾

 

( سورة يونس: 62 )

 أيها الأخوة:
 آية قرآنية والله الذي لا إله إلا هو لو عقلناها لمتلئ قلبنا أمن وسعادة.

 

﴿حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)﴾

 

( سورة الجاثية: 21 )

 أن يستوي الصادق مع الكاذب، والمستقيم مع المنحرف والمخلص مع الخائن والمحسن مع المسيء، أن يستوي هؤلاء هذا لا يتناقض مع عدالة الله فحسب بل يتناقض مع وجوده.

 

﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ (18)﴾

 

( سورة السجدة: 18 )

﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)﴾

( سورة القلم: 35 ـ 36 )

﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)﴾

( سورة القصص: 61 )

﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ(21)﴾

( سورة الجاثية: 21 )

 أيها الأخوة:
 الحل الأول: أن نحكم اتصالنا بالله، والصلاة عقل، ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها والصلاة ذكر، وأقم الصلاة لذكري والصلاة قرب، واسجد واقترب، والصلاة طهور والصلاة نور والصلاة حبور، والصلاة معراج المؤمن، ليس كل مصلي يصلي.

 

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19)﴾

 

( سورة المعارج: 19 )

 هذا ضعف خلقي:

 

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22)﴾

 

( سورة المعارج: 19 ـ 22 )

 من هؤلاء المصلون ؟ لو قلت إنسان تنطبق على ستة مليارات لو قلت إنسان مسلم تنطبق على مليار ومئتين مليون، كلمة واحدة ضاقت الدائرة، لو قلت إنسان مسلم عربي ضاقت الدائرة إلى مئتين وخمسين مليون، لو قلت إنسان مسلم عربي مثقف إلى مليون، لو قلت إنسان مسلم عربي طبيب إلى خمسمئة ألف، لو قلت إنسان مسلم عربي مثقف طبيب قلب إلى مئة ألف، لو قلت إنسان مسلم عربي مثقف طبيب قلب يسكن في البقاع عشرة، مثلاً، فكلما أضفت صفة ضاقت الدائرة هذا تمهيد.

 

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30)﴾

 

﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ(33)﴾

( سورة المعارج: 19 ـ 33 )

 كلما أضفنا صفة ضاقت الدائرة، إذا ليس كل مصلي يصلي إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، وكف شهواته عن محارمي ولم يصر على معصيتي، وأطعم الجائع، وكسا العريان، وحرم المصاب، وآوى الغريب، كل ذلك لي وعزتي وجلالي إن نور وجهه لأضوء عندي من نور الشمس، على أن أجعل له الجهالة له حلم والظلمة نور يدعونني فألبيه، يسألني فأعطيه، يقسم علي فأبره، أكلؤه بقربي، أستحفظه ملائكتي، مثل عندي كمثل الفردوس لا يمس ثمرها ولا يتغير حالها.
 تقول السيدة عائشة كان عليه الصلاة والسلام إذا حضرت الصلاة: فكأننا لا نعرفه ولا يعرفنا، كان إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة فمن أجل أن تحقق وعود الله ينبغي أن نتقن صلواتنا.

 

﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾

 

( سورة الشعراء: 88 ـ 89 )

 من أدق تعريفات القلب السليم، القلب الذي برء من شهوة لا ترضي الله، والقلب الذي برء من تحكيم لغير شرع الله، والقلب الذي يرفض أي خبر يتناقض معه وحي الله، والقلب الذي لا يعبد غير الله هذا هو القلب السليم.
 أيها الأخوة الكرام:
 إحكام الاتصال بالله، وترك كل شهوة لا ترض الله، هذا الحل الأول، الحل الثاني أيها الأخوة، يقول الله عز وجل:

 

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾

 

( سورة النور: 55 )

 أي دين وعدهم أن يمكنه لهم، مقيد هذا الدين بصفة أن يرتضيه الله لهم، أي دين وعد الله أن يمكن في الأرض ؟ الدين الذي يرتضيه الله، فإن لم نمكن، معنى ذلك أن أوهامنا عن الدين لا ترضي الله عز وجل، هناك من يقول أن عندي خلفية إسلامية، أرضية إسلامية نزعة إسلامية، اتجاه إسلامي، عاطفة إسلامية، اهتمام إسلامي، لكنه غير مسلم، لا ينصاع لحكم الله، النبي الكريم سأل أصحابه، من المفلس ؟ دققوا: الحديث...

 

((عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ المُفْلِسُ ؟ قالُوا المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ الله من لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: المُفْلِسُ مِنْ أَمّتِي مَنْ يَأتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةِ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَد شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا، فيقعُدُ فَيَقْتَصّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصّ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمّ طُرِحَ في النّارِ.))

 

[ أخرجه الترمذي وقال هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ]

 الالتزام الالتزام، العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية.
 الأصل في العبادة السلوك، وهذا السلوك سببه المعرفة اليقينية وثماره سعادة أبدية في هذا التعريف جانب معرفي، وجانب خلقي وجانب جمالي، من حقق هذه الخطوط الثلاثة تفوق، ومن اكتف بخط واحد تطرف، وشتان بين التفوق والتطرف، العبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية.
 إذاً الدين دين التقاليد دين العادات، دين الفلكلور، دين المظاهر دين الاستعراض، دين الألفاظ العلمية، دين المؤتمرات الفارغة، هذا الدين الذي تتوهم ديناً، هو ليس عند الله ديناً الدين، إن الدين عند الله الإسلام، بمعنى واسع أن تستسلم لشرع الله، ألا تحكم في حياتك إلا شرع الله، ما الذي يحصل ؟ هناك عبادات شعائرية، وهناك عبادات تعاملية، والعبادات الشعائرية لا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية.

 

((عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله إن فلانة، فذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها. قال: هي في النار.))

 

[ أخرجه أحمد والبزار ]

 الحاج الذي يحج بمال حرام إذا وضع رجله في الركاب ينادى إذا قال لبيك اللهم لبيك ينادى أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك لو تتبعت النصوص الصحيحة بالكتاب والسنة لوجدت أن العبادات الشعائرية لا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية، العبادات التعاملية كالعام الدراسي، والعبادات الشعائرية كساعات الامتحان الثلاثة، كالذي لم يدرس في العام الدراسي، ما قيمة هذه الساعات الثلاث، ماذا يفعل بها، لو جاء بأقلام عديدة، وجاء بماء بارد وجاء بشطائر، لم يدرس.
 أيها الأخوة الكرام:
 إذاً الحل الثاني أن نبحث عن الدين الذي يرتضي الله، دين الاستقامة، دين أن تقف عند حدود الله عز وجل:

 

﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾

 

( سورة البقرة: 187 )

﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾

( سورة البقرة: 229 )

 الدين الالتزام، يقول بعض العلماء: ترك درهم من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام، حينما نفهم الدين استقامة وورعاً ونفهم الدين خدمة للناس، دخل ابن عباس ليعتكف فرأى رجل كئيباً قال مالي أراك كئيباً، قال يا بن عباس ديون لزمتني، لا أطيق سدادها، فقال ابن عباس لمن ؟ قال لفلان، قال أتحب أن اكلمه لك، قال إذا شئت فخرج من معتكفه، قال له أحدهم: يا ابن عباس أنسيت أنك معتكف قال لا والله، ولكنني سمعت صاحب هذا القبر وأشار إلى قبر النبي صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم والعهد به قريب، والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من قيام شهر واعتكافه في مسجد هذا، معنى ذلك عفة عن المحارم عفة عن الشهوات، وعمل في الطاعات، إذا فهمنا الدين هذا الفهم، دين التزام، دين ورع، ركعتان من ورع، ورد في الأثر، خير من ألف ركعة من مخلط، يعني خلط عمل صالحاً وآخر سيئاً، من لم يكن له ورعاً يحجبه عن معصية الله إذا خلى لم يعبئ الله بشيء من عمله توجه النبي صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم إلى المرأة، قال:

 

(( اعلم أيتها المرأة وأعلمِ من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله ))

 والجهاد كم تعلمون ذروة سنام الإسلام، ومن لم يجاهد، ومن لم يحدث نفسه بالجهاد مات على ثلمة من النفاق، فالمرأة التي ترعى حق زوجها وأولادها هي عند الله عز وجل مجاهدة، بل ورد في الأدب المفرد للإمام البخاري أن النبي صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم قال:

 

((أول من يمسك بحلق الجنة أنا، فإذا امرأة تنازعني تريد أن تدخل الجنة قبلي، عجيب قلت من هذه يا جبريل، قال هي امرأة مات زوجها وترك لها أولاد فأبت الزواج من أجلهم ))

 كم هي تربية الأولاد عند الله كبيرة، كم هي رعاية الزوج كبيرة، وتوجه إلى الرجال، قال:

 

(( أكرموا النساء فو الله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، في زيادة وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً. ))

 أخوانا الكرام:
 أعطيكم نموذج من حياة المسلمين حياة السلف الصالح، يروى أن القاضي شُريح لقيه صديقه الفُضيل، قال كيف حالك يا شُريح ؟ قال والله منذ عشرين عام لم أجد ما يعكر صفائي يعني من زوجتي، قال وكيف ذلك يا شُريح، قال خطب امرأة من أسرة صالحة، فلما كان يوم الزفاف وجدت صلاحاً وكمالاً، يقصد صلاحاً في دينها، وكمالاً في خلقها، فصليت ركعتين شكراً لله على نعمة الزوجة الصالحة، فلما سلمت بصلاتي وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي وتشكر شكري، فلم خلى البيت من الأحباب دنوت منها فقالت لي على رسلك يا أب أمية انتظر، وقامت فخطبت، قال أما بعد فيا أبى أمية: إنني امرأة غريبة، لا أعرف ما تحب ولا ما تكره، فقل لي ما تحب حتى آتيه، وما تكره حتى اجتنبه، ويا أبى أمية لقد كان لك من نساء قومك من هي كفؤٌ لك، وكان لي من رجال قومي من هو كفؤٌ لي، ولكن كنت لك زوجة على كتاب الله وسنة رسوله ليقضي الله أمراً كان مفعولاً أتقي لله فيّ، وامتثل قول تعالى:

 

 

﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾

 

( سورة البقرة: 229 )

 ثم قعدت، قال فألجأتني إلى أن أخطب، ولم يفكر أن يخطب في هذه الساعة، قال وقفت وقلت أما بعد فقد قلت كلاماً أن تصدق فيه تثبتِ عليه يكن لك ذخراً وأجل، وأن تدعيه يكن حجةً عليك، أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا، وما وجدت من حسنة فنشريها، وما وجدت من سيئة فاستريها، لأن النبي صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم وصف المرأة المسلمة بأنها ستِره، وكان يقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( إن أكره المرأة تخرج من بيته تشتكي على زوجها، وأيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس لا ترح راحة الجنة))

 قالت: فمن من الجيران تحب أن أسمح لهم بدخول بيتك ومن تكره، قال بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم غير ذلك قال وبعد عام، عدت فيه إلى البيت فإذا أم زوجتي عندنا رحبت بها أجمل ترحيب، وكان قد علمت من ابنتها أنها في أهنأ حال، قالت يا أبى أمية: كيف وجدت زوجتك، قال: والله هي خير زوجة، قالت يا أبى أمية: ما أوتي الرجال شراً من المرأة المدللة فوق الحدود، فأدب ما شئت أن تأدب، وهذب ما شئت أن تهذب، ثم ألتفت إلى ابنتها تأمرها بحسن السمع والطاعة، قال ومضى علي عشرون عام لم أجد ما يعكر صفائي، إلا ليلة واحدة كنت فيها أنا الظالم، وقد يقول أحدهم، مضى علي عشرون عام لم أكن مرتاح ليوم واحد، هكذا كانت سيدات المسلمين أيها الأخوة.
 أيها الأخوة:
 الحل الأول إتقان الصلاة، وإتقان الصلاة يحتاج إلى استقامة إلى التزام إلى ورع، والحل الثاني أن يكون ديننا كما أراد الله، وكما شاء، الحل الثالث:
 قال تعالى:

 

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ﴾

 

( سورة إبراهيم: 46 )

 الطرف الآخر كفار.

 

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

 

( سورة إبراهيم: 46 )

 إله عظيم، خالق السماوات والأرض، يقول:

 

﴿ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

 كم مكرهم إذاً ؟
 أيها الأخوة:
 فيما يبدو الطرف الآخر يتحدون المسلمون بالإفقار، يذهبون ثرواتنا، يبددون طاقاتنا يجعلون بأسنا بيننا، يسرقون شبابنا، ينهبون ثرواتنا، لذلك هذا التحدي يجب أن يقابله كسب المال الحلال، وإنفاقه لحل مشكلات المسلمين هو العبادة الأولى، المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، فكسب المال الحلال وإنفاقه في وجوه الخير وفي حل مشكلات المسلمين هو العبادة الأولى، ولكن لماذا النبي أثنى على المؤمن القوي، وأثنى على المسكين أيضاً، كيف نوفق بين الحديثين، إذا كان طريق القوة وفق منهج الله ينبغي أن تكون قوياً، إذا كان طريق الغنى وفق منهج الله ينبغي أن تكون غنياً، أما إذا كان طريق القوة محفوفاً بالشهوات والمعاصي والآثام والنفاق، أن تكون مسكيناً ضعيفاً وسام شرف على صدرك، إذا كان طريق الغنى وفق منهج الله ينبغي أن تكون غنياً كي تنفع المسلمين، أما إذا كان طريق الغنى مبنياً على الكذب والغش واستغلال الآخرين مرحباً بالفقر فهو وسام شرف.
 أيها الأخوة:
 في تحدي الإفقار لا بد أن نأكل ما نزرع، وأن نلبس ما ننسج وأن نستخدم من الآلات ما نصنعها.
 سيدنا عمر مر على قرية كل فعالياتها الاقتصادية بيد غير المسلمين، فعنفهم تعنيفاً شديداً اعتذروا كم يعتذر أصحاب البترول أنه الله سخرهم لنا، فقام سيدنا عمر فقال كيف بكم إذا أصبحتم عبيد عندهم قبل أربعة عشر قرناً أدرك هذا الخليفة العملاق أدرك أن المنتج قوي وأن المستهلك ضعيف، كيف بكم إذا أصبحتم عبيد عندهم، المال قوام الحياة، ينبغي أن نكسب المال، لكن حينما تكون حرفتك في الأصل مشروعة، وحينما تقصد بها الغش المشروعة وحينما تبتغي بها كفاية نفسك وأهلك، وحينما تبتغي بها خدمة المسلمين، وحينما لا تشغلك عن طاعة أو عن واجب ديني، تنقلب حرفتك إلى عبادة، لأنك في خدمة المسلمين، لذلك المؤمن عاداته عبادات، والمنافق عباداته سيئات عباداته أساسها النفاق والدجل وإيهام الناس، المؤمن عاداته عبادات والمنافق عباداته سيئات، إنسان لا يعمل سأله النبي الكريم من يطعمك قال أخي قال:

 

 

((أخوك أعبد منك ))

 أمسك النبي بيد عبد الله بن مسعود وكانت خشنة من العمل، أمسكها ورفعها وقال:

 

 

((إن هذه اليد يحبها الله ورسوله.))

 أخوانا الكرام:
 أعدائنا أقويا جداً، وأغنياء جداً، وأذكياء جداً، لا بد من أن نكسب المال الحلال كي نحل به مشكلات المسلمين، هذا هو الرد على تحدي الإفقار، أما إذا كان التحدي، تحدي إضلال موضوع معابد الدين وبيان مبادئ الإسلام، وتعزيز قويم الإسلام أول العبادات، لا بد من نشر العلم.

 

 

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ﴾

 

( سورة الأحزاب: 39 )

 في بالآية أيها الأخوة ملمح رائع، ذلك أن الصفة بالقرآن صفة محكمة، علاقة الصفة بالموصوف علاقة ترابطية، لو ألغيت الصفة لألغي الموصوف، يعني مثلاً، لو قلت هذه الطائرة كبيرة، والباخرة كبيرة، هذه الطائرة غالية الثمن، والباخرة غالية الثمن، والبيت غالي الثمن، أما إذا قلت هذه الطائرة تتطير هذه الصفة مترابطة مع الموصوف ترابط وجوهي، إذا ألغيت الصفة ألغي الموصف، طيب:

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ﴾

 ما صفتهم ؟ لم يحدثنا ربنا لا عن صلاتهم ولا عن صومهم، ولا عن أداء زكاتهم، ولا عن تواضعهم، ولا عن لينهم، ولا عن محبتهم، قال:

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ﴾

 صفتهم الوحيدة أنهم:

﴿ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ﴾

 لو ألغيت هذه الصفة، لو أن هؤلاء الذين يبلغون رسالات الله سكتوا عن الحق خوفاً من جهة قوية، أو نطقوا بالباطل إرضاء لجهة قوية، انتهت دعوتهم، ما قيمة صلاتهم وصيامهم، أكتف ربنا عز وجل بصفة واحدة.

 

﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ﴾

 

 الإمام أبو حنيفة النعمان دخل على أبي جعفر المنصور قال يا أمام: لو تغشانا، قال ولما أتغشاكم، وليس لي عندكم شيء أخافكم عليه وهل يتغشاكم إلا من خافكم على شيء، الإمام الحسن البصري كان عند والي البصرة جاءه توجيه من يزيد، إن نفذه أغضب الله، وإن لم ينفذه أغضب الخليفة، قال ماذا أفعل ؟ يسأل الحسن البصري، والله قال له كلمة تكتب بماء الذهب قال: إن الله يمنعك من يزيد ولكن يزيد لا يمنعك من الله، الإمام الحسن سؤل فيما نلت هذا المقام قال بالاستغناء عن دنيا الناس، وحاجتهم إلى علمي، فكيف إذا احتاج من يعمل بالحقل العلمي إلى ما عند الأمير وكان الأمير مستغنياً عن علمه، انتهى العلم إذا استغنى الأمير عن علم العالم ووقف الأمير بباب هذا القوي انتهى العلم، يقول سيدنا علي و الله والله مرتين، لحفر بئرين بإبرتين، وكنس أرض الحجاز في يوم عاصف بريشتين، ونقل بحرين ذاخيرين بمنخلين وغسل عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين، أهون علي من طلب حاجة من لئيم لوفاء دين.
 يروى أن الإمام الحسن البصري أدى مهمة البيان التي أناطها الله بالعلماء في زمن الحجاج، فغضب عليه الحجاج غضب شديداً، فقال لجلسائه و الله يا جبناء لأروينكم من دمه وأمر بقتله، فجاء بالسياف ومد النطع، وطلب الحسن البصري، لما دخل ورأى الغضب مشتداً والسياف واقف فتمتم الحسن البصري بشفتيه لم يسمع أحد ماذا قال، فإذا بالحجاج يقف له ويستقبله ويدنه من مجلسه، ويضعه إلى جانبه، ويسأله ويستفتيه، ويعطره، ويشيعه إلى باب القصر، من الذي صعق ؟ السياف والحاجب، تبعه الحاجب قال: لقد جاء بك لغير ما فعل لك يا أبى سعيد لقد جاء بك لغير ما فعل لك، ماذا قلت لربك، قال قلت: يا ملاذي عند كربتي يا مؤنس في وحشتي اجعل نقمته علي برداً وسلاماً كم جعلت النار بردا وسلاماً على إبراهيم.
 انتهى الوجه الأول من الشريط:
 ينزل بالمسيء منهم أشد العقاب، يزل كبريائه، وبعد حين يأخذ من أولاده كل شيء كل شيء ويحاسبهم عن كل شيء، ويجزى كل منهم بحسب عمله.
 أيها الأخوة:
 تحدي الإضلال لا بد من توضيح معالم الدين، بجزئه، الآن تحدي الإفساد، أنا أقول دائماً كلما قل ماء الحياء قل ماء السماء، وكلما رخص لحم النساء غلى لحم الضأن، وكلما ارتفعت الصحون على السطوح ديجيتل، ضاقت صحون المائدة، لذلك في تحدي الإفساد ينبغي أن نجتمع في بيوت الله، وأن نتصل بالله، وأن نناجي الله عز وجل وأن نخشع له، وأن نصنع حالاً روحياً عالياً يقف أمام هذا التيار الإباحي.
 شاب في أوربا، وهذا الفساد انتقل إلينا، أحب فتاة فاستأذن والده بالزواج منها، قال له لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري، فلما أحب فتاة ثانية، قال له أبوه ثانية لا يا بني إنها أختك أيضاً وأمك لا تدري، فلما أحب فتاة ثالثة، قال له ثالثة لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري فضجر وذكر لأمه ما كان من أبيه، قالت له تزوج أين شئت فأنت لست أبنه وهو لا يدري، هذا الفساد بدأ ينتقل إلينا عبر المحطات الفضائية في تحدي الإفساد لا بد من أن نعتصم بالله.
 أخوانا الكرام:
 سابقا وضع المسلمين كحديقة حيوان تقليدية، الوحوش في أقفاصها، والزوار طلقاء يعني أماكن الفساد محدودة، أما الحالة اليوم كحديقة حيوان بأفريقيا الوحوش طلقاء، فإذا لم يدخل الزوار إلى سيارات مصفحة يؤكلون، إن لن نحصن أنفسنا، كل شيء يأخذ ابنك منك، كل شيء فلم، شمة واحدة، صديق سوء، برنامج، محطة فضائية، سي دي، غير تبع المشايخ، يعني قرص ليزر، كل شيء يمكن أن يأخذ ابنك منك، في تحدي الإفساد لا بد من أن نأوي إلى الكهف، ما الكهف ؟ بيوت الله، وبيوتنا.

﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (16)﴾

( سورة الكهف: 16 )

 بقي تحدي الإفقار: أن نكسب المال الحلال، نصنع ثرواتنا، أن نفق هذا المال في وجوه الخير.
 كنت في تركيا، سمعت أن أحد كبار الصناعيين تبرع للمؤمنين بمبلغ بسيط جداً ثلاثمئة مليون دولار، وكان أحد علماء دمشق هناك فعجب لهذا المبلغ قال والله أتمنى أن أجلس معه وأن أتناول معه طعام الفطور ثلاثمئة مليون دولار، جاء هذا العالم الدمشقي إلى مكان الدعوة وجلس نصف ساعة ولم يأتِ هذا الغني قال أي صاحبكم ؟ قال جاء قبلك هذا الذي يجلس هنا، لشدة تواضعه ما ظنه أنه هذا هو، أحدنا يدفع عشرة آلاف بدو رخامة، لا يقبل إلا برخامة، أنشأ هذا الشيء المحسن الكبير فلان، لذلك إخوانا الكرام لا بد من إنفاق المال في سبيل الله، لا بد من ترسيخ قواعد الدين وقيم الدين، لا بد من إنشاء تيار روحي قوي الذكر، وصلاة، وتلاوة، ورحلة جماعية، وتكريس، أما هذا الوسائل التي تأتينا من الخارج والله سموم بسموم، بقي تحدي الإذلال.
 في عهد سيدنا عمر أسلم أحد الملوك، اسمه جبلة بن الأيهم رحب به عمر أشد الترحيب، ثم طاف حول الكعبة، فإذا بدوي من فزارة يدوس طرف ردائه، هو ملك، ألتف نحوه وضربه ضربة هشمت أنفه، هذا البدوي من فزارة اشتكى إلى عمر، عمر أستدع هذا الملك جبلة، في شاعر معاصر صاغ الحوار شعراً:
 قال عمر:
 أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح.
 فقال جبلة:
 لست ممن ينكر شيئاً.
 أنا أدبت الفتى أدركت حقي بيدي.
 قال عمر:
 أرضِ الفتى، لا بد من إرضائه مازال ظفرك عالقاً بدمائه، أو يهشمن الآن أنفك، وتنال ما فعلته كفك.
 قال جبلة:
 كيف ذلك يا أمير، هو سوقة ـ من عامة الناس ـ وأنا عرش وتاج كيف ترضى أن يخر النجم أرض.
 قال عمر:
 نزوات الجاهلية ورياح العنجهية قد دفناها أقمنا فوقها صرحاً جديد، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً.
 قال جبلة:
 كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعز، أنا مرتد إذا أكرهتني.
 قال عمر:
 عنق المرتد بالسيف تحز، عالم نبنيه، كل صدع فيه بشب السيف يداوى، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى.
 إذا كان تحدي إفقار كسب المال الحلال، وإنفاقه في طاعة الله إذا كان التحدي إضلال ترسيخ مبادئ الدين، وأن ترد على كل شبهة وأن تأتي بالدليل التفصيلي، وإذا كان التحدي إفساد أن نعتصم بالمساجد وبالتلاوات، وببيوتنا، وإذا كان التحدي إذلال، ينبغي أن نعتز بديننا يعني المسلم الورع إذا دعي إلى مائدة عليه خمر بقلك معي قرحة، لا قول أنا مسلم لا تستحي بدينك.

 

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾

 

( سورة فصلت: 33 )

 وإذا كان التحدي اجتياح لا بد من الجهاد في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله أنواع ثلاثة جهاد النفس والهوى، والذي ينهزم أمام نفسه لا يستطيع أن يقاتل نملة، وهنالك جهاد الدعوة.

 

﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (52)﴾

 

( سورة الفرقان: 52 )

 في اجتياح جهاد قتالي، بقي فقرة واحدة، آية كريمة كلمات معدودة، والله أيها الأخوة الذي لا إله إلا هو له عقلها المسلمون لكانوا في حال آخر، قال:

 

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا﴾

 

( سورة آل عمران: 120 )

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

( سورة إبراهيم: 46 )

 تحدي الإفقار، تحدي الإذلال، تحدي الإضلال، وتحدي الإفساد وتحدي الاجتياح، قال:

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)﴾

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾

( سورة آل عمران: 120 )

 انتهى، انتهى كل شيء، لا طائرات ولا كيد ولا صواريخ، ولا مروحيات، مداها المجدي سبعة كيلومتر، كل هذا التفوق ينتهي، لأن حرباً بين حقين لا تطول، لأن الحق لا يتعدد، وإن حرباً بين حق وباطل لا تطول، لأن الله مع الحق، وإن حرباً بين باطلين لا تنتهي بين حق وحق لا تكون، الحق لا يتعدد، وبين حق وباطل لا تطول بين باطلين لا تنتهي.

 

﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا ﴾

 إن تصبروا على الطاعات وتصبروا عن المعاصي، وتصبروا على قضاء الله وقدره، وتتقوا أي أن تستقيموا على أمر الله.

 

 

﴿لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾

 أيها الأخوة:
 كيف أن هؤلاء المسلمين كانوا رعاة للغنم، فصاروا قادة للأمم بطاعتهم لله، سيدنا رسول الله أرسل عبد الله بن رواحه بخيبر ليقيم تمراً، تنفيذاً لاتفاق بين النبي وبين اليهود أغروه بحلي نسائهم كي يخفف التقدير، فقال هذا الصحابي الجليل: والله قد جئتكم من عند أحب الخلق إلي، ولأنتم عندي أبغض من القردة والخنازير، ومع ذلك لن أحيف عليكم، فقالت اليهود، بهذا قامت السماوات والأرض، وبهذا ملكتمونا والله الذي لا إله إلا هو لو أن أصحاب النبي رضوان الله عليهم فهموا الإسلام كما نفهمه نحن لما خرج الإسلام من مكة، كيف وصل إلى الصين لأنهم فهموا عدلاً، وفهموا ورعاً، كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الرحم، ونسئ الجوار حتى بعث الله فينا رجل نعرف أمانته وصدقه وعفافه ونسبه فدعانا إلى الله نعبده ونوحده، ونخلع ما كان يعبد آبائنا من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء معنى ذلك الإسلام بناء أخلاقي.
 لذلك حينما قال عليه الصلاة والسلام:

 

((بني الإسلام على خمس))

 الإسلام شيء والخمس شيء آخر، بناء أخلاقي الخمس دعائم الإسلام، أما إذا توهمنا أنه أفعل ما تشاء، وعش عصرك ودع الناس يعيشون بحرية، وصلي، وصوم، وحج، وزكي، ليس هذا هو الإسلام، الإسلام التزام كامل، أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا وأن تكون هذه الحقائق في خدمة الأخوة الحضور، وأنا والله أشكر لكم من أعماقي اهتمامكم بهذه المحاضرة وهذا الحضور القوي وأرجو أن أكون عند حسن ظنكم، وأرجو أن يقبل الله عبادتنا، ودعوتنا إنه نعم المولى ونعم المصير، وأشكر كل القائمين عن هذا المجمع الإسلامي الضخم، وعلى هذه الدعوة الكريمة.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 في الحقيقة احترت كيف أتوجه بالشكر للدكتور، لأنه لو أردنا أن نوفيه الحق ربما لعجزة الأقلام ولجفت الصحف، وأختصر على الشكر التقليدي، نشكر الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي الذي توجنا وتكرم على منطقتنا بإكرام من الله عز وجل حيث توجنا بهذا اللقاء الطيب المبارك كما أتوجه بالشكر الكبير إلى السادة العلماء الذين شاركونا الجلسة فإنه لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل، وأشكركم جميعاً لتتبعكم للعلم فمتتبع العلم عالم بما تتبع كما وأشكر جميع الأخوات النساء اللواتي أتينا وحضرنا طاعة لله عز وجل ولتكسب العلم، نفسح المجال الآن لمن لديه سؤال، في الحقيقة هناك سؤال هو محور خلاف خصوصي أنه طلع على الفضائيات، وطلع على الإذاعات، وصار مشادات كثيرة فضيلة الدكتور الأخ السائل أو الأخت السائلة تقول:
 س ـ ما حكم استعمال المعازف والاستماع إليها ؟
 ج ـ والله أنا العبد الفقير متشدد جداً، ما لكم مصلحة تسألونني ليس منا من لم يتغنى بالقرآن، قلب تشرف بالقرآن لا يصغي إلى الغناء ولا إلى المعازف، ليس منا من لم يتغنى بالقرآن، هناك شريط عن الغناء مطول جداً، أتيت بكل الأدلة على تحريمه، موجود فيحتاج إلى ساعة، الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الغناء، أما إسلام مع غناء وإسلام مع رقص وإسلام مع تمثيل، وإسلام مع تفلت، وإسلام مع اختلاط، هذا صار إسلام فلكلوري.

 س ـ هل من نصيحة توجهونا للآباء والأمهات بشأن عدم أمرهم لبناتهم الالتزام بالحجاب ؟

 ج ـ والله أيها الأخوة ورد في الأثر أن المرأة أحياناً تقف بين يدي الله يوم القيامة تقول يا ربي، لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي، لأنه سبب تفلتي، فهذا الأب الذي يصلي وابنته تمشي في الطريق تظهر كل مفاتنها، هذه تعدي على المسلمين، تعدي عليهم، لأن بين الشباب وبين الزواج عشرين عام، فإذا أظهرت مفاتنها ولم تتقِ الله عز وجل عندئذٍ الله عز وجل سيحاسبها حساباً شديداً، المرأة المؤمنة لا تؤذي الشباب لتفلتها، لكنها تتستر، لذلك لا يمكن أن يسعد أب إذا كان أولاده متفلتين.

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (74) ﴾

[ سورة الفرقان: 74  ]

 لو ملكت أعلى منصب في الدنيا، وجمعت أعلى ثروة في الأرض، ووصلت إلى أعلى درجة علمية، ولم يكن ابنك كم تتمنى فأنت أشقى الناس، ما لي أرى امرأة ملتزمة محجبة تسير إلى جانبها ابنتها وقد تفلتت من منهج الله، كيف ترضى هذه الأم لهذه البنت.

 س ـ ما حكم شركات التأمين وخصوصاً إذا كان هناك فيها تأمين على الحياة.

 ج ـ الأمن لا يشترى ممن لا يملكه، لكن الإسلام منهج إلهي، لا يعقل أن يعجز الإسلام عن حل المشكلة، الدليل:

﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً ﴾

[ سورة المائدة: 3  ]

 الدين تام وكامل، تام عدد وكامل نوعاً، أي أن عدد القضايا التي عالجها الدين تام وأن طريقة المعالجة كاملة، التأمين التجاري محرم التأمين التعاوني مندوب إليه، التأمين التعاوني مجموعة يضعون في صندوق مبلغ من المال كل واحد مبلغ فإذا أصيب أحدهم بشيء يؤخذ من هذا الصندوق، إن لم يصب بشيء هذا المال لهم، هذا التأمين مندوب.

 لنا أخوة في أمريكا، أي مريض إذا أقام دعوة على طبيب قد يأخذ منه كل ثروته الطبيب لا بد من أن يؤمن، والمبلغ يقترب من مليونين ليرة بالسنة، فهؤلاء الأخوة في فرانكلنك اجتمعوا ثلاثمئة طبيب، وضع كل واحد مليون في صندوق، أي طبيب أقيمت عليه دعوة يأخذ من هذا الصندوق، قال لي مضى عامان ولم تقم أي دعوة على أي طبيب، فهذا المال مالنا التأمين التعاوني مندوب إليه، والتجاري محرم.

 س ـ بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعد هناك أي شخص معصوم ومع وجود المؤسسات اليوم نجد تعلق الأشخاص بالرجال وليس بالمؤسسات، ألا ترون أن الأفضل والأصلح للدعوة أن يكون التعلق بالمؤسسة وليس بالشخص.

 ج ـ النبي صلى الله عليه وسلم معصوم بمفرده، بينما أمته معصومة بمجموعها، لا تجتمع أمتي على خطأ، معصومة بمجموعها فإذا ألقيت محاضرة، أو ألفت كتاباً، ولم يعترض أحد هذا اسمه إجماع سكوتي، فالأمة معصومة بمجموعها، وليست بأفرادها، أما النبي عليه الصلاة والسلام وحده معصوم بمفرده.

 س ـ فضيلة الدكتور لقد تحدثت عن عدة تحديات تواجه الأمة فما هو توجيهكم إذا كان التحديات عن طريق الفرق والجماعات الناشئة في الأمة.

 ج ـ ما لم يكن انتمائك إلى مجموعة المؤمنين فلست مؤمناً.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾

[ سورة الأنعام: 159 ]

 كلما على إخلاصك تواضعت لأخيك، هناك دعوة إلى الله خالصة، وهناك دعوة إلى الذات، الدعوة إلى الله من خصائصها الإتباع ومن خصائصها التعاون، ومن خصائصها أن تعترف بفضل الآخرين بينما الدعوة إلى الذات من خصائصها الابتداع، ومن خصائصها المنازعة، والطعن بالأخريين، ومن خصائصها التنافس لا التعاون.

 س ـ ما حكم لبس البنطال إن كان عريضاً وفوقه ساتر.

 ج ـ النساء أحياناً يعترضن على الرجال لكم الجمعة والجماعات، لكم الجهاد في سبيل الله نحن ما لنا، أنا أقول حجاب المرأة جزء من دينها، بل إن كل سنتمتر من ثيابها مرتبط بدينها كل سنتمتر هذه عبادة إعفاف الشباب، المرأة حينما تستر كل مفاتنيها وتكون لزوجها في نحن بالتكسيات نمرة سوداء ونمرة حمراء سوداء خصوصي يعني وحمراء عمومي عندكم كيف عندكم المرأة حينما تسهم تتحجب وتستر مفاتنها عن الشباب تسهم في إعفاف الشباب، وهذه عبادتها الأولى التي تتميز بها، أما حينما يكون ما عندها مشاعاً، هذه خرجت من قواعد الدين.

 س ـ فضيلة الدكتور الأخ السائل يقول ما هذا الواقع المزني للمسلمين أمام اليهود والقرآن رمز للوحدة.

 ج ـ والله كل محاضرتي جواب عن هذا السؤال.

﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) ﴾

[ سورة مريم: 59  ]

 نحن معنا أكثرنا خلوي، مين منكم معه خليوي لا يشحنه يقف والمؤمن إذا ما شحن يقف، ما في شحن لأنه، الواقع المزري في شحن لو في شحن علمي وروحي يصبح الإنسان شيء آخر.

 س ـ فضيلة الدكتور الأخ السائل أو الأخت السائلة، يبدو أنهم جاءوا من ؟ إذا كان لدينا أب وأم ولكنهم لا يصلون مع كبر سنهم ويجاهرون بكفرهم أحياناً أمام الناس، وأمام الناس يدعون أنهم متحجبون وملتزمون، فما رأيكم بذلك الادعاء؟

 ج ـ أدي الذي عليك لأمك وإلى أبيك، وطلب من الله الذي لك.

﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾

[ سورة لقمان: 15 ]

 أدي الذي عليك وطلب من الله الذي لك، الأب والأم لا يمكن أن يستجيب لك إلا بالإحسان، كنت صغيراً، أنت لست عندهم كبيراً، أما إحسانك يأسرهم، إحسان الولد، وأدب الولد مع أب فاسق فاجر يلجمه.

 س ـ تتابع الأخت السائلة فتقول ما حكم الشرع في طاعتهم لما لو منعوها من حضور جلسات الدين، أو دروس العلم.

 ج ـ لو أن الأب منع ابنته من حضور مجالس العلم لعلة نقنع بها في فساد، في اختلاط في مجيء بساعة متأخرة من الليل معهم حق أما لغير سبب وجيه، طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، قالوا على كل مسلم، أي على كل شخص مسلم والمسلمة يعني المرأة متساوية مع الرجل تماماً في التكليف، وفي التشريف، وفي المسؤولية، لكنها مختلفة عنه في خصائصها وكل من المرأة والرجل خلق لها خصائص جسمية ونفسية واجتماعية تتناسب مع مهمتها.

 نشكركم جميعاً وبارك الله لكم والسلام عليكم.


تحميل النص

إخفاء الصور