وضع داكن
28-03-2024
Logo
المؤلفات - كتاب الهجرة - الفقرة : 02 - ثمن السعادة الأبدية
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

4 ـ الإنسان فطر على حب الأرض التي وُلِد فيها :

 أيها الإخوة المؤمنون، أيتها الأخوة المؤمنات، والإنسان فطر على حب الأرض التي وجد فيها والتعلق بالمعالم التي لابست نشأته، حينما ينتزع الإنسان من بيئته التي ترعرع فيها، ويخرج من أرضه التي أحبها تتمزق نفسه، ويعظم همُّه، وربما آثر الموت على هذا الخروج الذي هو اقتلاع من جذوره، لذلك أشارت الآية الكريمة إلى هذه الحقيقة بقوله تعالى:

 

﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (66)﴾

 

( سورة النساء )

5 ـ مهمة الإنسان عبادة الله:

 هذا من جهة، ومن جهة ثانية، الإنسان مكلفٌ أن يعبد الله تعالى من خلال التعرف إليه، والتعرف إلى منهجه، ومكلف أن يعبد الله عز وجل من خلال أدائه فروض العبودية، من صيام، وصلاة، وحج، ومن خلال التزامه بالأمر، والنهي، ومن خلال الأعمال الصالحة التي هي ثمن سعادته في الآخرة الأبدية، قال تعالى:

 

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

 

( سورة الذاريات )

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)﴾

( سورة البقرة )

6 ـ الأرض التي تمنع المسلم من عبادة الله يجب الهجرة منها:

 هاتان حقيقتان أساسيتان ينشأ عنهما معا أن الإنسان إذا وُجد في أرض حالت قوى الشر فيها بينه وبين أن يستجيب لنداء فطرته في عبادة ربه، وحالت بينه وبين أن يصغيَ لصوت العقل في تطبيق منهج خالقه، وكان هذا الإنسان من الضعف حيث لا يستطيع أن يقنع هذه القُوى بالكف عنه، ولا أن يقف في وجهها فيلزمها ماذا يفعل ؟ أيخسر سعادته الأبدية من أجل النوازع الأرضية ؟ قال تعالى:

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97)﴾

 

( سورة النساء )

 هذا هو الجواب، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وهذا هو المنطلق الفلسفي لهجرة النبي عليه الصلاة والسلام، ونحن في مناسبة الهجرة.

إخفاء الصور