وضع داكن
23-04-2024
Logo
الخطبة : 1108 - مقاييس المؤمن تطابق القرآن الكريم - الله عز وجل بيده الأمر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخــطــبـة الأولــى :

     الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وآل بيته الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.

بطولة المؤمن أن تكون المقاييس التي يعتمدها مطابقة لمقاييس القرآن الكريم :

     أيها الأخوة الكرام، أي إنسان على وجه الأرض، الستة آلاف مليون إنسان ما منهم واحد إلا ويتمنى السلامة والسعادة، يحب وجوده، وسلامة وجوده، وكمال وجوده، واستمرار وجوده، لذلك من أحب الأشياء إلى الإنسان النجاح، التفوق، الفوز، التوفيق، هذه أشياء ثابتة في حياة كل إنسان، ولكن بطولة المؤمن أن تكون مقاييس الفوز والنجاح عنده متطابقة مع مقاييس الفوز والنجاح في القرآن الكريم، بينما أهل الدنيا المقاييس التي يعتمدونها في الفوز والنجاح ليست مطابقة لما في القرآن الكريم، فالفائز عند أهل الدنيا من كان غنياً، أو من كان قوياً، أو من استمتع بكل ما آتاه الله من قوة، أو إلى آخره، ولكننا لو فتحنا القرآن الكريم وبحثنا عن مقياس الفوز، عن مقياس النجاح، عن مقياس الفلاح، عن مقياس التفوق، عن مقياس أن تكون شيئاً مذكوراًً، قال تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

( سورة المؤمنون )

     معنى قد أفلح، الفلاح والنجاح والفوز والتفوق أن تكون مؤمناً:

﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾

( سورة آل عمران )

     أي بطولة المؤمن أن تكون المقاييس التي يعتمدها في النجاح، والفلاح، والفوز، والتفوق، مطابقة لمقاييس القرآن الكريم:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ (7) ﴾

( سورة المؤمنون )

أدب القرآن الكريم و دقته :

     أرأيتم إلى دقة القرآن الكريم ؟ وإلى أدب القرآن الكريم ؟ وإلى التلميح لا التصريح:

﴿ فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ (7) ﴾

( سورة المؤمنون )

     كل أنواع الشذوذ الجنسي تنطوي تحت هذه الكلمة:

﴿ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ(7)وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8)وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ(9)أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ(10)الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(11) ﴾

( سورة المؤمنون )

     هناك ثلاث آيات لا غير وردت فيها كلمة قد أفلح، قد أفلح المؤمنون، فإن كنت مؤمناً كما ينبغي فأنت من الفالحين، وأنت من الناجحين، وأنت من الفائزين، وأنت من المتفوقين، وأنت من سعداء الدنيا والآخرة.

 

الصفة في علم المنطق قيد :

     لكن أيها الأخوة الكرام، كلام دقيق جداً إذا قلت: قد أفلح المؤمنون فأي إنسان يتوهم أنه مؤمن، لكن الصفة في علم المنطق قيد:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

( سورة المؤمنون )

     ما كل المؤمنين:

﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2) ﴾

( سورة المؤمنون )

     للتقريب: كلمة إنسان تغطي ستة آلاف مليون، أضف كلمة مسلم مليار ونصف، إنسان مسلم عربي، خمسمئة مليون، إنسان مسلم عربي مثقف مئة مليون، إنسان مسلم مثقف عربي طبيب خمسمئة ألف، إنسان مسلم مثقف عربي طبيب قلب مئة ألف، إنسان مسلم مثقف عربي طبيب قلب جراح ألف، مقيم في دمشق عشرة، فكلما أضفت صفة ضاقت الدائرة:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ (7) ﴾

( سورة المؤمنون )

إلى آخر الآيات كلما أضيفت صفة ضاقت الدائرة.

 

زكاة النفس ثمن الجنة :

     أيها الأخوة الكرام:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾

( سورة الأعلى )

     زكى نفسه: عرفها بربها، حملها على طاعته، حملها على التقرب إليه، فاتصلت به فزكت، زكاة النفس ثمن الجنة:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾

( سورة الأعلى )

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) ﴾

( سورة الشمس )

     إذاً الفلاح أن تكون مؤمناً أولاً، وأن تزكي نفسك ثانياً، هذا مقياس النجاح، والفلاح، والفوز، والتفوق عند الله، فبطولتك أيها المؤمن أن تعتمد هذين المقياسين.

 

على الإنسان أن يكون قوياً إذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله :

     أيها الأخوة الكرام، الآن ما دامت التزكية تحتاج إلى عمل صالح، وإلى استقامة، وإلى إيمان بالله،، لذلك تأتي الآية الكريمة:

﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ(26) ﴾

( سورة القصص )

     ينبغي أن تكون مؤمناً، الأصل أن تكون مؤمناً، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( المؤمن القويُّ ))

[أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]

     أما غير المؤمن القوي كما ترون، يسفك الدماء، يهدم البيوت، ينهب الثروات، يدمر الشعوب، من أجل مستوى معيشة خيالية يعيشها من حوله، قال تعالى:

﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ(26) ﴾

( سورة القصص )

     فإذا كنت مؤمناً حقاً، وتبتغي الدار الآخرة، ينبغي أن تكون قوياً، والقوة تعني أن تكون في منصب حساس، أو أن تكون عالماً، أو أن تكون غنياً، المال قوة، والمنصب قوة، والعلم قوة.

 

الكفاءة والإخلاص مقياسان اعتمدهما سيدنا عمر في تعيين الولاة :

﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ(26) ﴾

( سورة القصص )

     في مصطلح العصر: الكفاءة والإخلاص، أن تتمتع بكفاءة عالية، وأن يكون لك ولاء لهذا الدين العظيم، هذان المقياسان اعتمدهما سيدنا عمر عندما عين والياً، وقال له:
" اذهب إلى عملك، واعلم أنك مصروفٌ رأس سنتك، وأنك تصير إلى أربع خلال، فاختر لنفسك، إن وجدناك أميناً ضعيفاً استبدلنا بك لضعفك، وسلّمتك من معرتنا أمانتك، وإن وجدناك خائناً قوياً استهنا بقوتك، وأوجعنا ظهرك، وأحسنا أدبك، وإن جمعت الجرمين جمعنا عليك المضرتين، التأديب والعزل ـ أمين ضعيف يعزل، خائن قوي يؤدب، خائن ضعيف يعزل و يؤدب ـ وإن وجدناك أميناً قوياً زدناك في عملك ورفعنا لك ذكرك".

 

العمل الصالح ثمن الجنة :

     أيها الأخوة الكرام، لأن الجنة من أعظم أثمانها العمل الصالح، والعمل الصالح يحتاج إلى أن تكون خبيراً، أن تكون قوياً ؛ إما قوة المال، أو قوة العلم، أو قوة المنصب، أي أن تكون في مكان بجرة قلم تحق حقاً أو تبطل باطلاً، تقر معروفاً أو تزيل منكراً، تقرب مخلصاً ناصحاً، أو تبعد فاجراً منافقاً.
     لذلك أيها الأخوة، استمعوا إلى هذا الحديث الشريف الصحيح:

(( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ))

[أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]

     لكن بالتعبير الدارج النبي عليه الصلاة والسلام جبار خواطر، قال:

((وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ))

     والمؤمن الضعيف على العين والرأس:

(( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ))

[ مسلم عن أبي هريرة ]

     الآن أيها الأخوة، إذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله، وفق المبادئ و القيم التي تؤمن بها، ينبغي أن تكون قوياً، أما إذا كان طريق القوة على حساب مبادئك، وقيمك، فوسام الشرف أن تكون ضعيفاً، واسلم بقيمك وبمبادئك.

 

الافتقار إلى الله فقر بطولي :

     أيها الأخوة، الآن سأورد بعض المصطلحات، هل هناك فقر بطولي ؟ هل هناك مرتبة متعلقة بالفقر من أعلى المراتب ؟ إنها الافتقار إلى الله:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾

( سورة فاطر )

     الصحابة الكرام على علو مقامهم، وعلى أنهم نخبة البشر، وفيهم سيد البشر، في بدر افتقروا إلى الله، فانتصروا، وفي حنين اعتدوا بقوتهم وبعددهم فلم ينتصروا:

﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ(25) ﴾

( سورة التوبة )

 

التولي و التخلي :

     إما أن تقول: الله، عندئذ يتولاك، أو أن تقول: أنا، عندئذ يتخلى الله عنك، أن تقول: أنا، قالها قارون:

﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ﴾

( سورة القصص: من آية " 78 " )

     فأهلكه الله، قالها فرعون:

﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾

( سورة الزخرف الآية: 51 )

     قالها أهل بلقيس:

﴿ نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾

( سورة النمل الآية: 33 )

     قالها إبليس:

﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾

( سورة الأعراف الآية: 12 )

     فأنا، ونحن، ولي، وعندي، كلمات إن أردت بها أنك تتمتع بشيء من القوة فهذا نوع من الشرك.

 

أنواع الفقر :

1 ـ الفقر البطولي:

     أيها الأخوة، الفقر البطولي أن تكون مفتقراً إلى الله وأنت في أوج قوتك، وفي أوج غناك، وفي أوج شبابك.
     شاب قوي، غني، صحيح، معافى، و مفتقر إلى الله، هذا شيء بطولي، طبعاً من السهل جداً عندما تأتي المصيبة فتنكسر بها أن تفتقر، أي إنسان على وجه الأرض إن جاءته المصيبة ينكسر بها، لكن البطولة أن تكون في أوج قوتك، وغناك، وشبابك، ومفتقر إلى الله.

2 ـ الفقر الحقيقي:

     أيها الأخوة، هناك فقر حقيقي، ما الفقر الحقيقي ؟ قال: فقر العمل الصالح، أموال طائلة، بيوت فاخرة، مركبات فارهة، حياة ناعمة، دخل كبير، زوجة جميلة، أولاد، سفر، سياحة، يمضي وقته في المباهج واللذائذ، وهو عند الله من أفقر الفقراء لأنه مفتقر إلى عمل صالح،.
     أول مصطلح: الفقر البطولي، أن تكون مفتقراً إلى الله.
     المصطلح الثاني: الفقر الحقيقي، هو فقر العمل الصالح، قال تعالى يحدثنا عن سيدنا موسى:

﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ(23)فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ(24) ﴾

(سورة النحل)

     الفقر الحقيقي أن تفتقر إلى عمل صالح، والغنى الحقيقي غنى العمل الصالح، قد تكون أفقر فقراء المدينة لكن الهِ أكرمك بأعمال صالحة تنهد لها الجبال، لذلك قال سيدنا علي: " الغنى والفقر بعد العرض على الله ".

 

     لا يسمى الغني غنياً في الدنيا لأن هذا المال سيزول، ولا يسمى الفقير فقيراً في الدنيا لأن هذا الفقر سيزول، بل لأن الموت ينهي قوة القوي، وغنى الغني ، وذكاء الذكي، وفقر الفقير، ووسامة الوسيم، ودمامة الدميم، ينهي صحة الصحيح، ومرض المريض، ينهي كل شيء، " الغنى والفقر بعد العرض على الله ".

3 ـ فقر الجهل:

     هناك فقر بطولي، أن تكون مفتقراً إلى الله وأنت في أوج قوتك، وهناك فقر حقيقي فقر العمل الصالح، وهناك فقر الجهل، قال تعالى:

﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(268) ﴾

( سورة البقرة)

     إياك أن تنفق، إياك أن تنفق مالك للفقراء، دعهم لربهم، لهم رب يكرمهم:

﴿ أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ (47) ﴾

( سورة يس)

     هذه مقولة أهل الدنيا، الفقر الحقيقي فقر الجهل، أن تظن أنك إذا أنفقت مالك فالله سبحانه وتعالى سيجعلك فقيراً، مع أنه يوجد في القرآن الكريم آيات كثيرة تلخص ببندين:

﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) ﴾

( سورة سبأ )

﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) ﴾

( سورة البقرة )

     وما نقص مال من صدقة:

(( أنفق بلالا، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا ))

[ الطبراني في المعجم الكبير والأوسط بسند حسن عن أبي هريرة ]

(( يا عبدي، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ))

[ الترغيب والترهيب بسند صحيح ]

     إذاً هناك فقر بطولي، فقر حقيقي أي فقر العمل الصالح، فقر الجهل أن تتوهم أنك إذا أنفقت مالك تغدو فقيراً.

4 ـ فقر الكفر:

     فقر الكفر:

﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ (181) ﴾

( سورة البقرة )

     أحياناً مرض عضال يقول لك الطبيب: لا يوجد أمل إطلاقاً، عندئذ و في أحيان كثيرة يتفضل الله عليك بشفاء تام، مع أن كل أهل الطب قالوا: لا أمل في الشفاء، لذلك حينما تتعلق بما عند الله فأنت مؤمن.

5 ـ فقر القدر:

     أيها الأخوة، لابدّ من أن نتابع أنواع الفقر، هناك فقر القدر، صاحبه معذور، قال تعالى:

﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ (273) ﴾

( سورة البقرة )

     هاجروا مع النبي عليه الصلاة والسلام، تركوا أموالهم، تركوا بيوتهم، تركوا تجارتهم:

﴿ يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ(273) ﴾

( سورة البقرة )

     هذا فقر القدر.

 

الله تعالى جعل المال الحرام سهلاً والمال الحلال صعباً لحكمة بالغة :

     أحياناً حينما تختار طريق الحق، قد توضع بين خيارين صعبين، أن تكون غنياً من مال حرام تقول: معاذ الله، ترضى بدخل يسير حلال، وتركل بقدمك المال الوفير القادم من الحرام، ولحكمة بالغة بالغة جعل الله المال الحرام سهلاً، والمال الحلال صعباً، لو عكست الآية لأقبل الناس على المال الحلال لا حباً بالله، ولا حباً بالجنة، بل لأنه أسهل، المال الحرام سهل، أي بغض بصر تأتيك ملايين مملينة، بغض بصر عن مستودع تأخذ ملايين مملينة، أما من أجل أن تُحصّل هذه الملايين من تجارة شرعية إسلامية تحتاج إلى جهد كبير جداً.
     أيها الأخوة، هذا فقر القدر، ولكن أعتقد أنه إذا خطب ابنتك شاب مؤمن صالح ولو كان فقيراً الفقر ليس قدراً دائماً، الدليل قال تعالى:

﴿ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(32) ﴾

( سورة النور)

     فقر قدر لحكمة بالغة، والله مرة كنت أمشي في الطريق، بأحد أسواق دمشق، خرج إنسان من دكانه ودعاني إلى أن أزوره، سألني قال لي: جاءنا خاطب وسيم أي جميل الصورة، غني جداً، عنده معمل وسيارة، لكن هناك رقة في دينه، ما تقول ؟ قلت له: ألا تقرأ القرآن ؟ قال: نعم، قلت له: قال تعالى:

﴿ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ﴾

(سورة البقرة: 221 )

     وأنت إذا قرأت القرآن الكريم، ثم انتهيت من قراءته ماذا تقول ؟ تقول: صدق الله العظيم، فإن زوجت ابنتك من هذا الشاب الضعيف الإيمان، الضعيف الدين تكون قد كذبت ربك، لم تصدق ما قاله الله عز وجل، الذي حصل أنه زوجها وبعد سبعة عشر يوماً طلقها.
     أيها الأخوة، الفقر ليس قدراً دائماً.

6 ـ فقر الجهاد:

     الآن أعلى مستويات الفقر هو: فقر الجهاد، قال تعالى:

﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ(8) ﴾

(سورة الحشر).

     أحياناً يوجد فرص كبيرة جداً أمامك، لأنك مؤمن، ومستقيم، وعندك مبادئ وقيم، لا تقبل بدخل حرام، فأنت فقير، هذا فقر الجهاد وفقر الإيمان.

7 ـ فقر الإنفاق:

     هناك فقر يعلو على كل فقر هو فقر الإنفاق، يا أبا بكر ماذا أبقيت لنفسك ؟ قال: الله ورسوله، أنفق كل ماله على النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يقبل من غيره إنفاق المال كله إلا من الصديق، يا أبا بكر ماذا أبقيت لنفسك ؟ قال: الله ورسوله، وفي نص آخر ورد في الأثر: قال يا رسول الله " والله إني أحبُّك "، قال: " انظر ما تقول "، قال: "والله إني أحبُّك "، قال: " انظر ما تقول "، قال: " والله إني أحبُّك ". فقال عليه الصلاة والسلام:

(( إن كنت صادقاً فيما تقول للفقر أقرب إليك من شِرك نعليك ))

[ ورد في الأثر]

     طبعاً ليس في الصحاح.
     أنت مؤمن ومؤمن كبير، ومعك مال، وحولك أناس يحتاجون لهذا المال، هل يعقل ألا تنفق من هذا المال عليهم شيئاً ؟ من لوازم الإيمان أن تنفق من مالك جزءاً كبيراً لمن حولك.

 

على كل إنسان أن يحمل رسالة سامية يسعى لتحقيقها للقضاء على فقر الكسل :

     أيها الأخوة، كل هذه الأنواع من الفقر أوسمة شرف، فقر الإنفاق، فقر الجهاد، فقر القدر، عدا فقر الكفر طبعاً، فقر الجهل، الفقر الحقيقي، الفقر البطولي، إلا أن المشكلة الكبيرة في فقر الكسل، فقر الكسل صاحبه مذموم، إهمال في العمل، إرجاء، عدم الدقة، التنافس، الاحتكار، مثلاً دول العالم الثالث، دول الجنوب، هذه الدول تستورد أضعاف ما تصدر، هناك إهمال، فيها بطالة عالية، فيها أمية، فيها فقر، فيها عنوسة، هؤلاء الشعوب الغير متقدمة بالمقياس العلمي بأسهم بينهم، سلمهم لأعدائهم، لا يتعاونون بل يتنافسون، لا يتناصحون بل يتفاضحون، يقلدون في دنياهم ويبتدعون في دينهم، صناعاتهم لا تلبي حاجاتهم، أي عندنا أخطاء كثيرة، هذا الفقر المذموم هو فقر الكسل، ما العمل ؟
     العمل أيها الأخوة، ينبغي من خلال الأمر القرآني أن نعد للطرف الآخر ما نستطيع من قوة، ومن رباط الخيل، بمفهوم القوة الواسع، الأسر ينبغي أن تتماسك، الأمهات ينبغي لهن أن يتفرغن لتربية أولادهن، لأنه لم يبقَ في أيدي المسلمين من ورقة رابحة إلا أولادهم، طالبنا ينبغي أن يتفوق، وأنت إذا تفوقت في الدراسة خدمت أمتك الإسلامية، ومعلمنا ينبغي أن يحمل رسالة سامية يسعى لتحقيقها.
     عندنا أستاذ في الجامعة قال: إن أردت أن أدعو لإنسان أن يكون أسعد الناس أدعو له أن يكون معلماً، وإن أردت أن أدعو لإنسان أن يكون أشقى الناس أدعو عليه أن يكون معلماً، كيف نفسر هذا الكلام المتناقض ؟ أي معلم بلا رسالة من أشقى الحرف، معلم برسالة على منهج رسول الله:

(( إنما بعثت معلماً ))

[ ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو ]

(( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ))

[ أحمد عن أبي هريرة ]

     التعليم مع الرسالة صنعة الأنبياء، من دون رسالة هو أشقى الناس.
     أيها الأخوة الكرام، يا من تعملون في التعليم احرص على أن تحمل رسالة إلى الطلاب، أن تحمل رسالة الهدى، أن توجههم توجيهاً صحيحاً، أن تصحح عقائدهم، أن تكون مثلاً أعلى أمامهم، عندئذ ترتقي حرفتك فتكون على صلة بصنعة الأنبياء.

 

الإيمان بالله و اليوم الآخر يحمل الإنسان على الإتقان في عمله :

     أيها الأخوة الكرام، عاملنا ينبغي أن يتقن عمله:

(( إن الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه ))

[الجامع الصغير عن عائشة]

     فلاحنا ينبغي أن يرتبط بأرضه ليزرعها، موظفنا ينبغي أن نعطيه حقه، وينبغي أن يتفانى في خدمة المواطنين، قاضينا ينبغي أن يعدل، عالمنا ينبغي أن يؤثر خدمة أمته على حظوظه من الدنيا.
     لذلك إذا شخص أكرمه الله عز وجل بشهادة عالية، باختصاص نادر، إذا كان مؤمناً حقاً يضع اختصاصه في خدمة أمته، داعيتنا ينبغي أن ينصح لا أن يمدح، ضابطنا ينبغي أن يوقن أن المعركة مع العدو قادمة لا محالة، وأن حديث العدو عن السلام مراوغة، وكذب، وكسب للوقت ليس غير، ثرواتنا ينبغي أن تستخرج، مصانعنا ينبغي أن تتطور، أرضنا ينبغي أن تستصلح، مياهنا ينبغي أن يرشد استهلاكها.
     أيها الأخوة الكرام، ينبغي أن نقلد في ديننا وأن نبتدع في دنيانا، أن نحل مشكلة الشباب، هؤلاء هم المستقبل، يحتاجون إلى فرص عمل، وإلى بيوت، وإلى زواج، عندئذ يكونون دعماً لمستقبل الأمة، ألا نهملهم.

 

أنواع الجهاد :

     أيها الأخوة الكرام، هذا لن يكون بكلام فارغ، يكون بإيمان بالله يحملنا على طاعته، وإيمان باليوم الآخر يحملنا على ألا نظلم بعضنا بعضاً، وأن نطلب جزاء جهدنا وجهادنا في الجنة، هذا نوع من الجهاد لا تقطف ثماره عاجلاً بل آجلاً، هذا جهاد النفس والهوى.
     هناك جهاد نفسي هو جهاد النفس والهوى:

﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾

( سورة العنكبوت الآية: 69 )

     وهناك جهاد دعوي:

﴿ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾

( سورة الفرقان )

     وهناك جهاد بنائي:

﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 60 )

     وبعد كل ذلك يأتي الجهاد القتالي.

 

على كل إنسان أن يفكر في الموقع الذي يفرغ فيه طاقته ويؤدي من خلاله دوره ورسالته:

     أيها الأخوة، أنا أخاطب الشباب حينما نقول لطالب: واصل دراستك، كن متفوقاً، خطط لسنوات قادمة، لتكون شيئاً مذكوراً في حياة الأمة، ومستقبلها، لاستثقل هذا، وآثر سماع الأخبار، وأن يكون منفعلاً لا فاعلاً، إن بعض الاندفاع قد يضاعف المعاناة بدلاً من حلها.
     أيها الأخوة، هنا يبرز الجهاد البنائي بمفهومه الواسع.
     فاستفراغ الطاقة في تحصيل المراد، والغفلة عن المستقبل، سوف تجعلنا مشغولين بإطفاء الحرائق هنا وهناك عن العمل الجاد الذي يخفف المعاناة عن أجيالنا اللاحقة.
     وإن علاج الجرح المفتوح على أهميته يجب ألا ينسينا التفكير في مستقبل أجيالنا التي سوف تتساءل: هل تركنا لها شيئاً آخر غير الجراح ؟
     أيها الأخوة الكرام، ينبغي أن يفكر الفرد الواحد في الموقع الذي يفرغ فيه طاقته، و يؤدي من خلاله دوره، ورسالته، بتحديد الهدف، والسير نحوه بخطوات ثابتة ليقطع مراحل منه، فيكون قد رسم الهدف، وحدد الطريق، وبدأ السعي، وهذا يوصل وفق السنة الربانية إلى الهدف ، ومن ثم تتزايد الأعداد الإيجابية التي تمارس بشكل صحيح بدلاً من أن تكون هذه الأعداد تتساءل فقط ماذا نعمل ؟ ثم لا تعمل شيئاً.

الله عز وجل وحده القادر على رفع المعاناة عن الأمة الإسلامية :

     أيها الأخوة الكرام، لا ينبغي أن يكون تفكير الفرد الواحد دائماً هو أن يرفع المعاناة عن الأمة كلها، فالواحد القادر على رفع المعاناة هو الله عز وجل وحده، أما البشر فيكفي أن يستفرغ المرء جهده وطاقته ولا يدخر منها شيئاً في موقع معين، ثم لا يضيره أن تتحقق النتائج على يد غيره بعد وضع الأساس وبدء البناء.
     نحن في معركة نكون أو لا نكون، الغرب اتخذ قراراً بإفقارنا، وإضلالنا، و إفسادنا، وإذلالنا، وإبادتنا، فمعركتنا معه معركة وجود أو عدم وجود، معركة نكون أو لا نكون، وأنا أخاطب الشباب الذين هم عماد الأمة، افعل شيئاً لأمتك، افعل شيئاً لتكون عند الله مرضياً، افعل شيئاً كي تحصن هذه الأمة، افعل شيئاً قد تكون بهذا الشيء في أعلى عليين.
     أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين أستغفر الله.

* * *

الخطبة الثانية :

     الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

آيات الله الدالة على عظمته :

     أيها الأخوة الكرام، الله عز وجل كما قلت في خطب سابقة يرينا آياته، من آياته الدالة على عظمته أنه موجود، والأمر بيده، والنصر بيده، وقد رأينا بفضل الله عز وجل كيف أن فئة قليلة مستضعفة استطاعت أن تقف في وجه عدوان طاغ، وجيش كبير، وأسلحة فتاكة، لكن هذا الجهد، وهذه المعاناة، وهذا الإصرار، ما نتيجته ؟ عثرت في موقع معلوماتي على تقرير لوكالة "سي آي ايه"، يقول هذا التقرير: " إن انهيار إسرائيل خلال السنوات المقبلة أمر محتوم لا مناص منه ".
     وهناك أيضاً تقرير نشر مؤخراً، وزع على نواب مجلس الشيوخ الأمريكي، جاء في هذا التقرير: إن أكثر من مليوني صهيوني بينهم خمسمئة ألف يحملون البطاقة الخضراء، أو جواز السفر، سوف يتوجهون إلى أمريكا خلال الأعوام المقبلة، مضيفاً أن حوالي مليون و ستمئة ألف يستعدون للعودة إلى أوطانهم في روسيا وأوروبا الشرقية والغرب.
     نحن إذا أصررنا يمكن أن نصل إلى أهدافنا، فلذلك: بدأت الحرب بالإنسان، ثم أصبحت بين ساعدين، ثم بين آلتين، ثم بين عقلين، و انتهت بالإنسان، فأحد كبار موظفي البنتاغون يقول: ماذا نفعل بحاملات الطائرات ؟ وماذا نفعل بالصواريخ العابرة للقارات وليس على وجه الأرض دولة تجرؤ أن تحاربنا ؟ لكن ماذا نفعل بهذا الإنسان الذي أراد أن يموت فيهز كياننا ؟

الصلح مع الله عز وجل و الإقبال عليه و اتباع منهج نبيه طريق المسلمين للانتصار :

     أيها الأخوة الكرام، الأمل بالله كبير، نحن إذا اصطلحنا مع الله قد نرى أشياء يمكن ألا تصدق.
     أيها الأخوة، أخطر شيء يصيب الأمة أن تهزم من الداخل، هذا التقرير يؤكد أن العمر المتبقي لهذا العدوان الغاصب لا يزيد عن عشرين عاماً، وانهيار النظام المالي أيضاً يؤكد عظمة هذا الدين، وكيف أن الله يمحق الربا ويربي الصدقات، وتحريم الخمر في الاتحاد السوفيتي قبل أن ينهار يؤكد صحة ما في هذا الكتاب الكريم، الأمور لصالح المؤمنين، الأمور لصالح المسلمين، الخط البياني للطرف الآخر بدأ بالانهيار، ونسأل الله عز وجل أن يمتعنا، وأن نرى ونحن أحياء انتصار المسلمين، لكن هذا يحتاج إلى صلح مع الله عز وجل، إقبال عليه، اتباع لمنهج نبيه، قال تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (33) ﴾

( سورة الأنفال)

الدعاء :

     اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور