وضع داكن
29-03-2024
Logo
مختلفة - سوريا - الدرس : 25 - إدلب - أسباب تفرقة المسلمين.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الأخوة الكرام:
 بادئة ذي بدء أشكر لكم مراراً وتكراراً دعوتكم الكريمة وحضوركم الذي أعتز به وأرجو الله أن أكون عند حسن ظنكم، وأعتذر عن التأخر لأسباب قاهرة.
 أيها الأخوة الكرام:
 لعلكم قرأتم أن عنوان هذه المحاضرة وحدة المسلمين، ولا أعتقد أن في تاريخ الأمة الإسلامية مرحلة نحن فيها من أشد الأمم حاجة إلى وحدتنا، وتآلفنا، وتعاوننا، وتضامننا، لأن الطرف الآخر يستهدف كل المسلمين، بشتى اتجاهاتهم، ومنازعهم، وانتماءاتهم، وطوائفهم ومذاهبهم، فالوحدة ضرورة وفريضة.
 أيها الأخوة:
 لا بد من تقديم لهذه الوحدة، أولاً: لحكمة بالغة بالغة أرادها الله جل جلاله جعل الطبع مناقضاً للتكليف، سأوضح هذا ببعض الأمثلة.
 طبع الإنسان أن يملئ عينيه من محاسن النساء، والتكليف يأمره بغض البصر.
 طبع الإنسان يأمره أن ينام، والتكليف أن يستيقظ ويصلي.
 طبع الناس يقتضي أن يخوض في أحاديث الناس وفي فضائحهم والتكليف يأمره أن يسكت، ألا يخوض في عورات الناس.
 الآن الطبع فردي، والتكليف جماعي تعاوني، فأنت بطبعك تحب أن تكون فردياً وأن تكون عالياً وحدك، وأن تكون مستأثراً وحدك بكل شيء، والتكليف يأمرك أن تتعاون فالذي يتنافس ولا يتعاون هذا يدل على تفلته من منهج الله، والذي يستأثر ولا يكون غيرياً هذا دليل أنه لا يطيع الله عز وجل، فبقدر طاعتك لله تتعاون مع إخوانك، وبقدر معصيتك لله تستأثر بفرديتك، منطلق التعاون، ومنطلق الفردية هو أن الإنسان إذا كان عاصياً لله فهو فردي، ليس عنده مانع أبداً، أن يبني مجده على أنقاض الناس، أن يبني غناه على إفقارهم، أن يبني حياته على موتهم، أن يبني أمنه على خوفهم، إذا كان متفلتاً من منهج الله، بعيداً عن طاعة الله، أما إذا كان مطيعاً لله يتعاون، ويتكاتف، ويتضامن فأنت حينما تكون مخلصاً، وحينما تكون مطيعاً تجد أنك منساق إلى التعاون مع إخوانك، هذه أول حقيقة، النزعة الفردية في الإنسان دليل تفلته من منهج الله، والنزعة التعاونية، نزعة المؤاثرة دليل طاعته لله عز وجل، وربما كان التعاون والتآزر والتضامن رمزاً لطاعة الله عز وجل، فحينما يضعف الإيمان في المجتمع الإسلامي تنشق صفوفهم ويتشرذمون، ويكون بأسهم بينهم، وحينما ينساقون إلى طاعة الله جميعاً تجدهم متعاونين، متضامنين، متكاتفين، متباذلين، مضحين لبعضهم بعضاً، هذه أول حقيقة.
 شيء آخر:
 في حديث شريف رائع يقول عليه الصلاة والسلام:

((ما تودا اثنان في الله ففرق بينهما إلا بذنب أصاب أحدهما.))

 نحن إذا أطعنا الله عز وجل نتوادد، والدليل أن الله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً (96)﴾

 

( سورة مريم )

 من تفسيرات هذه الآية أن تكون هناك مودة بينهم وبين الله، في تفسير آخر لهذه الآية: سيجعل الله وداً فيما بينهم، فالود بين المؤمنين علامة طاعتهم، والبغض بين المؤمنين علامة تقصيرهم في طاعتهم لله عز وجل، هذا بند آخر، التعاون دليل طاعة، الود دليل طاعة والله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)﴾

 

( سورة الأنفال )

 فالألفة بين المؤمنين من خلق الله عز وجل، ولا تستطيع جهة في الأرض أن تفرق بينهم، إلا أن يعصي بعضهم ربه، فإذا دخلت المعصية بينهم تفرقوا، وتباغضوا، وتشاحنوا وتراشقوا التهم، وكان بأسهم بينهم كأنه ينبغي أن يكون الود بيننا قانوناً، وأن يكون التعاون بيننا منهجاً.
 شيء آخر:
 حينما ندعو إلى الله نتوادد، يحب بعضنا بعضاً، وحينما ندعو إلى أنفسنا نتفرق لذلك بشكل بسيط ورائع يمكن أن نقول أن هناك دعوة إلى الذات مغلفة بدعوة إلى الله، هذه الدعوة إلى الذات المغلفة بدعوة إلى الله أساسها الابتداع، لا بد من أن تبتدع في الدين شيئاً حتى تتميز به وتقول أنا وحيد في الساحة، وكل من حولي في ضلال، إذاً حينما تدعو إلى ذاتك دعوة مغلفة بدعوة إلى الله لا بد من أن تبتدع حتى تدعي أنك الوحيد في الساحة، وأن كل ما سواك شارد وضال عن المنهج السليم، وهذه مشكلة تعاني منها أكثر الدعوات إلى الله، إصباغ الكمال ادعاء العصمة، وإلغاء الطرف الآخر، والطرف الآخر يصبغ على نفسي العصمة ويلغي الطرف الأول، وهكذا ندخل في معركة جانبية لا ينتفع منها إلا أعداء الإسلام، فإذا نقضوا عهد الله وعهد رسوله جعل بأسهم بينهم.
 إذاً: البند الثالث حينما يدعو الإنسان إلى ذاته بدعوة مغلفة إلى الله عز وجل، من سمات هذا الدعوة الابتداع، ومن سمات هذه الدعوة التنافس لا التعاون، ومن سمات هذه الدعوة إنكار ما عند الآخرين من فضل، أما من دعا إلى الله مخلصاً حقيقةً صادقاً أول سمات هذه الدعوة الإتباع، ماذا قال سيدنا الصديق رضي الله عنه:
 إنما أنا متبع ولست بمبتدع.
 فإذا كنت متبعاً فلك نظراء، ولك أمثال كثيرة، عندئذٍ لا تتكبر.

 

﴿قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾

 

( سورة الأعراف الآية: 203 )

 أنت إن كنت متبعاً لا تتكبر، إن كنت متبعاً لا تدعي العصمة، إن كنت متبعاً لا تتنافس مع الآخرين، فالذي يتبع منهج النبي عليه الصلاة والسلام.
 أولاً: يتعاون ولا يتنافس.
 ثانياً: يتبع ولا يبتــدع.
 ثالثاً: يقر بما عند الآخرين من فضل.
 أنت حينما تقر لأخيك بالفضل يحبك، أنت عندما تعرف ما عند أخيك من علم يحبك، أنت حينما تتعاون معه يحبك، أنت حينما تتواضع له يحبك.
 في قصة لها مغزى، أن إنسانة أتت مشعوذة، تريد تصلح علاقتها مع زوجها فالمشعوذة أخذت مبلغاً كبيراً وأعتطها توجيهات، هذه التوجيهات هي تطبيق سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا بهذه الزوجة يحبها زوجها، ويحسن إليها، وترتاح معه، وغفلت عن أن هذه التوجيهات التي أعتطها المشعوذة ما هي إلا توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام في العلاقة بين الزوجين.
 لو عدنا إلى ديننا، لو عدنا إلى قرآننا، لوجدنا فيه من توجيهات القرآن الكريم وتوجيهات النبي الكريم عليه أتم الصلاة والتسليم ما يقوي العلاقة بيننا، لذلك قد يقول بعض علماء الحديث، إن محور كل الأحاديث المتعلقة بالأخوة الإيمانية، أن كل شيء يؤذي أخاك نهاك عنه النبي، نهاك عن أن تغتابه، نهاك عن أن تسلمه، نهاك عن أن تزدريه، نهاك عن أن لا تلبي دعوته، نهاك عن أن لا ترد عليه السلام، فكل ما من شأنه أن يقوي العلاقة بين الأخوة المؤمنين أمرك النبي به، وأن كل ما من شأنه أن يعمق الخلاف بين المؤمنين نهاك النبي عنه أنت لمجرد أن تتبع سنة النبي عليه الصلاة والسلام تقترب من أخيك.
 أيها الأخوة:
 إذاً: الدعوة إلى الذات المغلفة بدعوة إلى الله، من خصائصها الابتداع، ومن خصائصها المنافسة، ومن خصائصها إنكار ما عند الآخرين من فضل، وأما الدعوة الخالصة إلى الله عز وجل، فمن خصائصها الإتباع، والتعاون، والاعتراف بما عند الآخرين.
 أيها الأخوة:
 الإنسان مخير، ولأنه مخير قد يختار جزئيةً ويدع جزئيةً، فنحن حينما نتوقع أن يتفق المسلمون في كل بقاع الأرض نتوقع شيئاً مستحيلاً لكن كحل واقعي هناك مساحة في الدين لا بد من أن نتفق فيها، قطعاً قال عنها العلماء ما علم من الدين بالضرورة، أركان الإيمان وأركان الإسلام، وفرضية الصلاة مثلاً، وفرضية الزكاة والحج والصيام والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وأن الجنة حق وأن النار حق، وأن الزنى من أكبر الكبائر، والسرقة وما إلى ذلك، هذه مساحة لا بد من أن يتفق جميع المسلمون عليها، ثم إن هناك نص قطعي الثبوت، وقطعي الدلالة، لا يختلف فيه مسلمان، ما ينبغي أن يعلم من الدين بالضرورة والنصوص قطعية الدلالة والثبوت هذه منطقة الاتفاق والإجماع، واتفاق جميع المسلمين، ولا ينبغي لواحد من المسلمين أن يشذ عن هذه المسلمات ولكن ما لم يرد به نص، هو محل اجتهاد وما اجتهاد أولا من اجتهاد النص ظني الدلالة، محل اجتهاد، إن لم يرد في مسألة نص، أو ورد نص ظني الدلالة فهذا النص مجال اجتهاد، وما اجتهاد أولا من اجتهاد هذه منطقة اختلاف ولا تثريب على المسلمين فيها لذلك لا ينبغي أن يكون الاختلاف في قضية سبباً في العدواة بين المسلمين، منطقة لا بد من أن نتفق فيها، ومنطقة يمكن أن نختلف فيها، فقد ثبت أن الصحابة الكرام اختلفوا فيما بينهم في بعض المسائل الاجتهادية، بل إن بعض الأنبياء سيدنا موسى وهارون كل كان له وجهة نظر خاصة في شأن السامري، حتى إن سيدنا موسى أخذ بلحية أخيه يجره إليه، وقد غضب، لا لأن الأول على حق والثاني على الباطل، كلاهما نبي كريم، ولكن لأن الأول اجتهد اجتهاداً، والثاني اجتهد اجتهاداً آخر، إذاً ينبغي أن نسمح لهامش من الخلاف مقبول، ولا يؤثر في المودة بين المؤمنين، ولا يفسد في الود قضية، هذا شأن الحقيقة الإسلامية منطقة مسموح فيها الاختلاف ومنطقة ممنوع فيها الاختلاف.
 لكن أيها الأخوة:
 يقول بعضهم هناك اختلاف طبيعي أساسه نقص المعلومات وهناك اختلاف قذر أساسه الحسد والبغضاء، الحسد والبغي.

 

﴿وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾

 

( سورة آل عمران الآية: 19 )

 وهناك اختلاف محمود هو اختلاف التنافس.

 

﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)﴾

 

( سورة المطففين )

 قد يجتهد أحد المؤمنين فيرى أن إنفاق المال هو أعظم شيء في الإسلام، وقد يجتهد أحد المؤمنين فيرى أن تأليف الكتب أعظم شيء في الإسلام، وقد يجتهد أحد المؤمنين فيرى تسليك القلوب إلى الله أعظم شيء في الإسلام، هذا اختلاف التنافس، محمود، اختلاف الحسد والبغضاء مذموم، الاختلاف الناتج عن نقص المعلومات طبيعي.
 أيها الأخوة الكرام:
 ثم إن الله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾

 

( سورة المائدة الآية: 14 )

 يعني هو أخذ حظاً من الدين، ونسي حظاً آخر، ليته نسي الحظ الآخر واعترف أنه قصر في هذا الحظ الآخر، لا، أخذ حظاً ولم يعبأ بمن أخذ بالحظ الآخر، بل ازدرى من أخذ بالحظ الآخر، فالآخر ازدراه أيضاً وعاداه وتراشق الفريقان التهم فكان أن أخذ الأول حظاً من الدين، ولم يعبأ بالحظ الآخر كان هذا سبب العداوة البغضاء بينهما.

 

﴿ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾

 بل إن بعض المفسرين يقول: إن للعداوة والبغضاء قانوناً، هو هذه الآية، لا يمكن أن ينشأ خلاف بين المؤمنين المخلصين المستقيمين الطائعين إلا بسبب أن ينسى بعضهم حظاً من الدين، يأخذ بحظِ وينسى حظاً فتقع العداوة والبغضاء بين المؤمنين.
 تعلمون أيها الأخوة أن العبادة طاعة طوعية، أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية، فما دمنا متوازنين، ما دمنا نعلم أن العبادة فيها جانب سلوكي أساسي سببه جانب معرفي وفيها جانب جمالي هو ثمرة العبادة، إذا مشينا في الخطوط الثلاثة معاً في التعلم، وفي السلوك وفي العبادة الحقة، اتفقنا واجتمعنا.
 أيها الأخوة الكرام:
 قد يكون التاريخ، وما في التاريخ من روايات باطلة، وما في التاريخ من مبالغات باطلة، وما في التاريخ من تزوير للحقائق أحياناً، قد يكون التاريخ الإسلامي، وقد كبر أعداءه الفتن التي ظهرت في صدر الإسلام، هذا التاريخ حينما نستقدمه، ونجعله محل خلاف بيننا هذا التاريخ برواياته الضعيفة، وبافتراءاته المكشوفة، وفي عدم تمحيصه قد يكون سبباً من أكبر الأسباب في التفرقة بين المسلمين، لذلك الآية الحاسمة في هذا التاريخ الذي لم يمحص، ولم يدقق، فيه مبالغات كبيرة جداً، يعني مثلاً:
 هناك من يقول، إن بين سيدنا خالد بن الوليد وعمر بن الخطاب أحقاداً في الجاهلية هذه تمثلت في أن عمر بن الخطاب حينما تولَ خلافة المسلمين أول شيء فعله أن عزل سيدنا خالد، هذا شيء يعانيه المجتمع الحديث، لا ينبغي أن نجعله مقياساً للمجتمع البطولي، والحقيقة أن هذا رأي خاطئ، ورأي لا أصل له، بل إن بعض الروايات تؤكد أن سيدنا خالد حينما عزل أتى عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين لمَ عزلتني ؟ قال والله يا أبى سليمان إني أحبك، فقال له: لمَ عزلتني ؟ قال: والله إني أحبك، قال: لمَ عزلتني ؟ قال له: والله إني أحبك، والله ما عزلتك يا ابن الوليد إلا مخافة أن يفتتن الناس بك لكثرة ما أبليت في سبيل الله، أراد أن يعلم الناس أن الناصر هو الله، الناس بدؤوا يتوهمون أن خالد بن الوليد هو الذي ينتصر، أنقذ التوحيد من الشرك الخفي، رواية واضحة، فنحن حينما نستقدم من التاريخ الخلافات التي بين سيدنا علي وسيدنا معاوية نستقدم موقعة الجمل، نستقدم بعض الفتن، هذه روايات مبالغ فيها روايات بعضها مزور، بعضها غير صحيح، وعندئذٍ نقيم خلافاً فيما بيننا الآية التي تحسم التاريخ:

 

 

﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)﴾

 

( سورة البقرة )

 أنا مؤمن أمامي كون ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله، وأمامي وحي إلهي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومعي سنة صحيحة فيكفي أن أتعرف إلى الله من خلال خلقه وأفعاله وكلامه، ويكفي أن أطبق منهج الله عز وجل عندئذٍ أبلغ أعلى مرتبةٍ أطمح إليها ماذا يفيدني أن أستقدم من التاريخ خلافاً حول الحسن والحسين، وحول علي ومعاوية وحول موقعة الجمل، وحول هذه الفرق التي تناحرت في الماضي، ماذا أنتفع بهذا، هذا لا يقدم ولا يؤخر، ولا يغير في اتجاهي إلى الله عز وجل فلذلك ينبغي أن نمتنع عن قصد، وعن وعي وعن تركيز، عن استيراد أي مشكلة تاريخية لتكون سبباً لفرقتنا، وتشرذمنا، وبغضنا لبعضنا بعضاً.
 أيها الأخوة الكرام:
 لا بد أن في الدين أصولاً وفروعاً، أنا حينما أتعلق بفرع من فروع الدين ولا أهتم إلا به، وأكبر هذا الفرع لأجعله أصلاً، وحينما أقاتل الناس من أجل موقفهم من هذا الفرع أنا أكون قد ساهمت في تهديم الجسور بين المؤمنين، في الدين أصول وفي الدين فروع، في الدين مقاصد، وفي الدين جزئيات، فأنا حينما أعتني بالجزئيات وأحلها محل المقاصد، حينما أتعني بالفروع وأحلها محل الفروع، عندئذٍ أقع في شعور بالتفوق وشعور بالازدراء، وأشرك وأبدع، وأكفر من لم يكن على شاكلتي.
 إذاً: يجب أن نتفق أن في الدين أصولاً، وفي الدين فروع، يعني مثلاً فرضية الصلاة أصل، لكن حكم تارك الصلاة فرع، قد يجتهد أناس فيرون أن ترك الصلاة مطلقاً كفر ومعهم أدلتهم، وقد يجتهد أناس فيقولون لا، إن ترك الصلاة تقصيراً معصية، أما تركها جحوداً كفر فأنا متفق على فرضية الصلاة لكن قد أختلف مع أخي في حكم تاركها، هناك أشياء كثيرة جداً في أي حكم شرعي، في مساحة هي أصول هذا الحكم وفي مساحة ثانية موطن الاختلاف الاجتهادي فيه.
 أيها الأخوة:
 لا زلت في هذه الفكرة الدقيقة جداً، هناك وسائل، وهناك غايات فمثلاً علم أصول الفقه وسيلة خطيرة جداً لمعرفة أحكام الفقه، فقد يمضي الإنسان طول حياته في تعلم هذا العلم وهذا علم جليل لكن إذا سئل عن حكم شرعي لا يعلم، اكتفى بفرع وترك الأصل، الأصل أن تتعلم الأحكام الشرعية، الأصل أن تعلم الحكم الشرعي في كل قضية تعيشها أو تسئل عنها، أما أن أغرق إلى قمة رأسي في علم وسيلة، وأنسى الأصل فهذا أيضاً يفرق المؤمنين عن بعضهم بعضاً، أيام الإنسان يتفوق في علم ولا يكون هداه بمستوى علمه، يأتيه الكبر، من ازداد علماً ولم يزدد هدى ازداد علمه ولم يزدد هداه إلى الله عز وجل، فهذا العلم الذي تفوق فيه من دون هدى يوازيه ربما أورثه الكبر، والمتكبر دائماً له أعداء، فالذي يتكبر يجد من يتكبر عليه في موضوع آخر، وهكذا يدخل ضعاف المؤمنين في دوامة العداوة والبغضاء فيما بينهم.
 أيها الأخوة:
 أيضاً المبالغات في الجزئيات، يعني مثلاً إنسان تفوق في التجويد علم التجويد على العين والرأس، ونحن جميعاً بحاجة إليه لأن الله سبحانه وتعالى يقول:

 

﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾

 

( سورة البقرة الآية: 121 )

 ولكن ألا ترى في الدين إلا التجويد، ألا ترى في الدين إطلاقاً إلا المدود والغنن والإقلاب والإظهار، ثم تدعي أن أربعة من الصحابة فقط أتقنوا حرف الضاد منهم عمر، فاتحة الكتاب فيها حرفا ضاد، أربعة رجال من كل أصحاب النبي أتقنوا حرف الضاد، لا، هذه مبالغة لا تقبل أبداً، أما أن تدعي أن في الفاتحة أربعة عشرة شدةً من لم يأتِ بها جميعاً فصلاته باطلة هذه مبالغة ما أنزل الله بها من سلطان، ذلك أن النبي يشير إلى أن من تتعتع بالقرآن له أجر فهذه المبالغات تتحدث عن الصلاة فتقول فلان التابعي لا بد من قطع يده قطعت أثناء صلاته ولم يشعر، هذه مبالغة كبيرة جداً، هذه تعني أن كل صلاتنا غير مقبولة، ما دام قطعت يده من دون تخدير، وضعت في القطران ونشرت في المنشار ولم يشعر هذه مبالغة أيضاً، الإمام الحنفي صلى الفجر بوضوء العشاء أربعين عاماً يعني أربعين عام ما نام الليل، أحياناً نختلف حول وسائل الدعوة ثم لا يدعو إلى الله عز وجل، ما حكم مثلاً استخدام الانترنيت في الدعوة ؟ قد تنشأ مشكلة، هناك من يناصر هذه، هناك من يعارضها، طيب العبرة أن تدعو إلى الله استخدم أية وسيلة، العبرة أن تدعو، أحياناً نختلف في الوسائل ولا نحقق الغايات هذا أيضاً يفرق بين صفوف المؤمنين.
 نبحث عن أسماء البراقة، وهناك حالات طلاق بين الزوجين لاختلاف الزوجين على الاسم، وبعد ذلك لا يربى الطفل تربية إسلامية وليس له علاقة باسمه إطلاقاً، في شكلية في حياتنا، هذه الشكلية ربما سببت فرقتنا.
 واحد سأل أحد الفقهاء كيف أمشي في الجنازة، أمشي وراءها أم أمامها، عن يمينها أم عن شمالها، أمشي رافع اليدين أم مسبل اليدين أصمت أو أتكلم، قل يا سيدي كيف أمشي في الجنازة، فقال له لا تكن في النعش وامشِ كيف ما تريد.
العبرة أن تدعو إلى الله، لا تجعل بعض وسائل الدعوة محط خلافك، وسبب فرقتك لا بد من أن تكون داعياً لله عز وجل.
 أيها الأخوة:
 المسلم أحياناً يهتم بقضايا بعيدة عنه كثيراً، ويمضي الساعات الطوال لسماع الأخبار وفي التحليل، ويختلط مع إخوانه في التحليل والموضوع لا يمس المسلمين لا من قريب ولا من بعيد، موضوعات ما أنزل الله بها من سلطان، قد تكون في أطراف الدنيا، نمضي سهرةً طويلة في الحوار، والنقاش، والتهجم، والدفاع عن رأي سياسي متعلق في موضوع بعيد عن العرب والمسلمين، أيعقل أن تفرغ طاقتنا في هذه الخلافات أيضاً، هذا أيضاً مما يعانيه المسلمون.
 ثم إن هناك مرضاً، أنا أسميه مرض يعني أي خلل في حياتنا ينسب إلى الصهيونية العالمية، مع أن هناك أخطاء لا تعد ولا تحصى هي من صنع أيدينا، من فعلنا، دائماً أعطينا هؤلاء الصهاينة حجماً كبيراً جداً هم يخططون، تنفسنا بإرادتهم، حياتنا بإرادتهم، هذا سلوك المسلمين هذا نوع من التأليه، إما أن نأله الغرب، وإما أن نأله الصهيونية العالمية وهذا أيضاً يضعف لك حماسك، الله موجود، كنت أقول دائماً استمع إلى الأخبار إذا شئت، واسمع إلى التحليلات، واقبل بعضها، وارفض بعضها الآخر، ولا تنسى للحظة واحدة أن الله موجود وأن الله بيده الأمر كله وأن الله قادر على أن يبدل موازين القوى في ساعة واحدة، والذي حدث قبل سنوات عدة حينما تشقق الإلحاد في شرق الأرض، من كان يصدق أن هذه القلعة الكبيرة القوية الجبارة، التي تتزعم منهج الإلحاد في الأرض إنها تتداعى من الداخل، وتسقط، فأنت حينما تأله الإنسان، وتعطيه فوق حجمه الكبير تُيئس الناس من رحمة الله.
 أحد الأعراب قال للنبي الكريم: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، قال له يا أخي لقد حجبت واسعاً، رحمة الله واسعة، هناك من المسلمين اليوم يُيئسك من فرج الله عز وجل، ومن نصر الله عز وجل يعطي الأجانب قوة وطلاقة وتصميماً، يفعلون ما يشاءون، أي بادرة أمل يقول لك سوف يضربونها، سوف يحطمونها، معنى أنت تعبدهم من دون الله، أنت حينما تصبغ على الغرب قدسية الألوهية، أو تصبغ على الصهيونية العالمية أيضاً ألوهية، أو على بعض الأقوياء ألوهية، أنت تُيئس من نصر الله عز وجل، الله عز وجل موجود كن فيكون وزل فيزول.

 

﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)﴾

 

( سورة البقرة )

 عدد ليس بالقليل من شباب المسلمين أقلقوا العالم كله حينما ضحوا بأنفسهم.
 إذاً أيها الأخوة:
 كلما وجدنا جهة قوية نصبغ عليها التأليه المفتعل هذا يشق صفوف المسلمين، أنا ذهبت إلى بلاد بعيدة مرات عديدة، أنا عتبي على الجالية الإسلامية، يعني كلما ألمحت لهم ببادرة خير في بلادنا لن تنجحوا، هؤلاء يضربون كل إنسان رفع رأسه، هكذا شعورهم، الله عز وجل موجود الله عز وجل لا يسمح لجهة أن تتأله.
 العزة رداءي، والعظمة إزاري، فمن نازعني منهما شيئاً أذقته عذابي ولا أبالي.
 أنا أتكلم عن أمراض المسلمين، هذه إذا تلافينا اتحدنا، واجتمعنا وتعاونا، وتكاتفنا وتناصرنا.
 أيها الأخوة الكرام:
 هناك من يشتغل بقضايا لا وجود لها إطلاقاً، وهذه القضايا التي لا وجود لها إطلاقاً تسبب نفرةً من الدين، أحكام الرقيق، أين الرقيق ؟ هات لي في العالم الإسلامي كله رقيقاً، أو أمةً واحدةً، أو عبداً واحداً، فهناك كتب، وهناك دروس، مرة حضرت في الحرم المكي درساً أمضى فيه المتكلم ساعة ونصف حول أحكام الرقيق، والرقيق لا وجود له الآن إطلاقاً.
 إذاً أيضاً حينما يرى الإنسان المؤمن أن الموضوع الذي تعالجه، لا يمس حياته لا من قريب ولا من بعيد، يبتعد عن الدين، أو حينما تأتي بعض دقائق الشريعة لتكون هي الدين أقسم لي أحدهم كان في بلد إسلامي قال اطلع في المكتبة على تسعة كتب حول أيهما أوجب أن تهوي إلى الأرض بركبتيك أم بيديك، أو حول تحريك الإصبع في التشهد، أو حول أشياء يمكن أن نبحث فيها وأن نأخذ حكماً شرعياً دون أن نجعلها محل نزاع، دون أن نجعلها محل تقييم دون أن نجعلها محل قياس لإتباع السنة أو عدم إتباعها.
 أولاً: أن نبحث في موضوعات لا وجود لها إطلاقاً هذا أيضاً مما يسبب نفور بعض المسلمين من هذا الدين الذي هو دين الله عز وجل، أو حينما نعالج موضوعات افتراضية، هل تصدقون أن كتاب ألف حول كيف يؤدي من كان على كوكب آخر الصلوات الخمس، كيف يتجه إلى القبلة لو أن هناك امرأةً وجاءتها الدورة كيف تمضي أيام الحيض، وكم يوم اليوم هناك بمئة عام أحياناً، يعني موضوعات، خطباء عاشوا في مرحلة الترف الفكري، فيأتي طالب العلم ويعني بهذه الموضوعات الافتراضية في موضوعات غير موجودة كالرق والعبيد، في موضوعات افتراضية لا يمكن أن تقع في الألف العام مرةً.
 أيها الأخوة أردت من هذا الموضوع، وأرجو أن أوفق في أن أضع يدي على الجراح التي يعاني منها المسلمون، كما بدأت المحاضرة بأنه ما من مرحلة في تاريخ أمتنا نحن في أمس الحاجة إلى وحدتنا واتفاقنا وتعاوننا كهذه المرحلة، فلذلك هذه بعض الأسباب التي تؤدي إلى تفرقة المسلمين، وشق صفوفهم، وأن يكون البأس بينهم.
 شيء آخر أيها الأخوة:
 إذاً:
 الموضوعات التي لا وجود لها الآن ينبغي ألا نعالجها...
والموضوعات الافتراضية ينبغي ألا نعالجها أيضاً...
 ذلك أن بعض الصحابة الكرام سئل عن موضوع فسأل هل وقع هذا ؟ قالوا: لا قال نفتي حينما يكون.
هناك معالجة لقضايا قد نجد أهم منها، فقد يسود جدل طويل حول حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن، والحقيقة القضية خلافية لكن أنا قلت الأسبوع الماضي في الخطبة، كيف إن أردنا أن نعلم مليون طالب في القطر التربية الإسلامية ؟ نحتاج إلى مدرسين متفرغين يعطون كل وقتهم لتعليم الدين، طيب هذا المتفرغ الذي له زوجة وأولاد يعني هل مقبول أو معقول أن يعمل بلا أجر ؟ قضية محلولة الآن أنت حينما تعين أستاذ تربية إسلامية ليعلم الدين يتقاضى أجر، أما إنسان غني يعمل بالتجارة لو أنه أتقن التجويد وعلمه لا ينبغي أن يأخذ أجرة، أما أنا حينما أفرغ إنسان ليدرس الدين ينبغي أن نعطيه ما يكفيه في الشهر، شيء بديهي، لكن بدل أن يثور هذا الخلاف ينبغي أن نفتح معاهد لتحفيظ القرآن ينبغي أن نكون عمليين لا نظريين، فهناك من المسلمين يبقى في النظريات، ويبقى في الجدال، والأخذ، والرد، ولا يفعل شيئاً، مع أنك لو فعلت شيئاً لكنت عند الله معذوراً، يعني ننتقد ونسأل ونناقش.
 واحد سألني سؤال، قلت له لا تقل من قال ذلك، إن قلت من قال ذلك لن أجيبك أما إن سألتني سؤالاً موضوعياً أجيبك، في ظاهرة أنه طالب علم يحضر درس علم، يسمع فتوى يأتي إلى عالم آخر يسأله عن هذا الموضوع يقول له فلان قال كذا، يقول لا غلط هذا الكلام يذهب إلى الأول يقول له خطأك فلان، فقد تجد طلاب علم يوقعون هوة كبيرة بين الدعاة، وقد يكون الأول معه دليل والثاني معه دليل، لكن أنت حينما توقع بين الدعاة إلى الله، أنت لا تدري أنت تسلك سلوكاً شيطانياً، لصالح من ؟ لصالح الشيطان وحده، إذاً القضايا النظرية فقط ينبغي أن تبتعد عنها كن عملياً، افعل شيئاً للمسلمين.
 مرة جلست في مجلس، بدأ الحاضرون ينتقدون بعض الدعاة معكم أسبوع، بعد أسبوع ليقل أحدكم ماذا فعل لخدمة المسلمين، قبل أن تطاول على الدعاة، أنتم ماذا فعلتم لخدمة المسلمين ؟ أنا كنت أقول لكم أنني أقدس النبي عليه الصلاة والسلام تقديساً لا حدود له لأنه معصوم وأحتقر إنساناً آخر لا يخطئ، لا لأنه معصوم بل لأنه لا يعمل، فالذي لا يعمل لا يخطئ، ما قدم شيء، أما الذي يعمل قد يخطئ وقد يصيب ينبغي أن تأخذ منه صوابه، وأن تتأدب في توجيهه إلى خطئه دون أن تهدر ما عنده من إيجابيات، وتكتفي بالسلبيات.
 أيها الأخوة الكرام:
 نشأت بين المسلمين عادة النقد، يعني كل إنسان يشعر براحة حينما يوجه التهم لمن تفوقوا عليه كثيراً في العلم والعمل، هو لا يقدم شيئاً إلا أنه ينتقد، هذا أيضاً يشق صفوف المسلمين ويسبب حرجاً فيما بينهم، ثم إننا نتجه أحياناً إلى فقه العبادات، ونقفل فقه المعاملات وهذا خطأ كبير العبادة التعاملية مقدمة على العبادة الشعائرية، لأنها إن صحت قبلت العبادة الشعائرية.
 يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة، يجعلها الله هباءً منثورا قيل يا رسول الله جلهم لنا، قال:

((إنهم يصلون كما تصلون، ويصومون كما تصومون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلو محارم الله انتهكوها.))

 معنى العبادة التعاملية إن لم تصح لا تقبل العبادة الشعائرية فالتركيز أحياناً على العبادة الشعائرية فقط، والعبادة التعاملية كالصدق والأمانة، والاستقامة، وأداء الواجب، وحفظ العهد، والوفاء بالوعد هذا كله مقفل، وسيدنا النبي عليه الصلاة والسلام حينما جاء بهذا الدين ماذا قال عنه أصحابه ؟ قال: نعرف أمانته وصدقه وعفافه ونسبه.
 قبل أيام التقيت بإنسان ليس من المسلمين، يعني تعامل مع مسلم أعجب باستقامته وصدقه وأمانته وعفافه، قال بدأ يصلي، بدأ يقرأ القرآن فذكرت قول النبي العدنان:

 

((استقيموا يستقم بكم.))

 " استقيموا " أنت حينما تستقيم أنت أكبر داعية في الدين، لأن أمانتك دعوة وصدقك دعوة، وعفتك دعوة، وإنصافك دعوة، فنحن بحاجة إلى دعاة، نحن بحاجة إلى مسلم متحرك لا إلى مسلم قوال وليس فعال.
 أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون وضعت يدي على بعض نقاط الضعف في مجتمعاتنا الإسلامية، والتي هي سبب الفرقة، والعداوة والبغضاء، وأن يكون بئس المسلمين فيما بينهم، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً إلى أن نعمل بما نعلم، وأن يزدنا علماً.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 هنا سؤال يقول:
 قال هناك ألعاب في الكمبيوتر يستخدم فيها اللاعب سلاحاً، مسدس أو رشاش لهزم خصمه في اللعبة، ولكن هذه الألعاب لا يوجد فيها سوى رجال، ولا يوجد فيها أشكال مخيفة، كالوحوش، فهل هذه الألعاب حرام ؟
 جواب:
 أخوانا الكرام في الفقه الإسلامي حكمان دقيقان.
 الحكم الأول: هناك شيء محرم لذاته.
 والحكم الثاني: هناك شيء محرم لغيره.
 إذا دخلت إلى مطعم وأكلت لحم غنم حلالاً ولم تدفع الثمن، العمل حلال أم حرام ؟ حرام، أنا أكلت لحم ضأني يا أخي، أنا لا أخالف الشرع لكنك لم تدفع ثمنه، فهذا العمل محرم لغيره.
 أما لو لا سمح الله ولا قدر أكلت لحم خنزير هذا محرم لذاته.
 ففي عنا شيء محرم لذاته، فأحياناً يحرم الشيء لا لذاته، أنت حينما تضيع وقتاً ثميناً من وقتك، في وقت بناء شخصيتك، بناء دارستك بناء مستقبل، في وقت أنت في أمس الحاجة إليه، يمكن أن تتعلم، يمكن أن تعمل عملاً صالحاً، يمكن أن تبر والديك، يمكن أن تقرأ موضوعاً علمياً، يمكن أن تحفظ القرآن، يمكن تحفظ سنة، يمكن أن تقدم خدمة تجلس ساعات طويلة بلا فائدة، ولا ثمرة، ولا نتيجة، وقد تأخذ من جيب من لا ينبغي أن تأخذ من جيبه من دون إذنه، وقد تمضي ساعات طويلة وكون في رجال ما في رجال، ليس هذا هو السؤال، أن تمضي الساعات الطويلة في ألعاب الكمبيوتر فهذا من البلاء الذي صدره لنا الغرب والشرق معاً.
 حدثني أخ أن شركة واحدة عندها ألعاب كمبيوتر لو أمضيت مئتين عام مع كل لعبة ربع ساعة لا تنتهي، فنحن يتعطل جيلنا، لا يدرس، لا يتعلم، انتهى، الآن منتشرة انتشار كبير جداً، ساعتين ثلاث أربع بالكمبيوتر، وكلها لا تعلم شيئاً لا خلقاً، ولا حكمة، ولا علماً فالآباء ينبغي أن يراقبوا أبناءهم، في شيء أخطر من ذلك، الآن في سيديات إباحية، أنت لا تحس على حالك، يضعه في الجيبة، عندما تنام يراه ابنك فينبغي أن تنتبه، وهذه أيضاً منتشرة فالأب المؤمن هو الذي يكشف بوادر الشر قبل أن يقع، لكن بعد أن يقع انتهى الأمر، هذا الجواب.
 أخ يقول: يوجد شخص لا يؤدي أي ركن من أركان الإسلام ثم تاب وحج والتجأ إلى الله فهل تجوز توبته ؟.
 الجواب:
 تجوز يا أخي:

 

 

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)﴾

 

( سورة الزمر )

 لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم جئتني طائعاً تائباً غفرتها لك ولا أبالي.

 

تحميل النص

إخفاء الصور