وضع داكن
29-03-2024
Logo
إتحاف المسلم - الدرس : 39 - الشيطان ومرافقته للإنسان.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

شبهة دخلت على العالم الإسلامي إليكم بيانها, وما مغزاها في محور درسنا اليوم :

 أيها الأخوة الكرام, عن جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما, أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

((إذا دخل الرجلُ مَنزِلَه, فذكر اللَّه عند دخوله, وعند طعامه، قال الشيطان: لا مَبيتَ لكم ولا عَشاءَ، وإن ذكر اللَّه عند دُخوله، ولم يذكره عند عشائه، يقولُ: أدركتم العَشاء، ولا مَبيِتَ لكم، وإذا لم يذكر اللَّه عند طعامه, قال: أدركتم المبيتَ والعَشاء))

[أخرجه مسلم وأبو داود عن جابر بن عبد اللّه]

 في نقطة بالحديث مهمة جداً: هي أن العالم الإسلامي في مقتبل عصر النهضة: كان يعظم الغرب تعظيماً شديداً, الغرب كان في ثورة علمية, فكل شيء بالإسلام غير ملموس, ففي محاولة لطمسه, إن الشيطان رمي للشر فقط, أما إنه كائن مخلوق, قرين بالإنسان؛ يوسوس, يخلق شروراً, ما في..... معظم الناس ليسوا بمستوى أن يصدقوا هذا الكلام.
 فكل شيء متعلق بالشيطان, في عملية ضبابية, أما عملياً: تجد شخصاً ينطق بلسان الشيطان, يكون في سهرة مثلاً: إن تكلم آية, أو حديث, كل تقكيره يتجه لتسكيت هذا الرأي, يخلق شبهة, إن مدح شخص يطعن فيه, هذا الذي يتكلم بلسان الشيطان, وهو لا يشعر, هذه وسوسة:

 

﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾

[سورة الناس الآية:4]

 أحياناً: كلمة يقولها الزوج, قاسية جداً, غافل عن الله, معه الشيطان, قل لها: هكذا؛ حدثها عن أبيها, حدثها عن أمها, صار في نفور, أحياناً: الزوجة ترد بكلام قاس جداً, يلبسها الشيطان.
 أحياناً الإنسان لا يرغب الشر, أو أحياناً يؤذي أخوة, لا ينتفع إطلاقاً, لو في نفع, قضية مصلحة, لا يوجد نفع, لكن عملية تخريب.
 في أشخاص بشكل صارخ, ينطقون بلسان الشيطان, دون أن يشعر, يقول لك: الإمام أطال فرضاً, طيب تجلس عشر ساعات أنت, لحديث فارغ, سبع ساعات على الواقف؛ كله غيبة, ونميمة, إذا كان اثنان زيادة, تجد المتكلم ليس له مصلحة بالكلام, يريد أذى, ولم ينتفع, الإنسان يؤذي لينتفع, أما يؤذي بدون أن ينتفع, يخلق شراً, يفرق بين اثنين.....
 يكون قريب من أقربائه, في شاب طوال حياته ضائع, لم يتكلم ولا كلمة, لما صار صاحب دين؛ ومن هو شيخك؟ أين تذهب؟ همه يطعن بشيخه, همه يسفه الدين, همه......
 مثل هؤلاء الأشخاص معهم الشيطان, وينطقون بلسانه, ويوسوس لهم كل شر, وهو لا يشعر, فالاستعاذة بالله من الشيطان أمر الهي:

 

﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾

[سورة الأعراف الآية:200]

﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾

[سورة الأعراف الآية:200]

 إذا دخلت للبيت, قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, بسم الله الرحمن الرحيم, تجد صار الجو آخر, لم يبق في شيطان, ذهب الشيطان, بقدر ما عمله خطير جداً, يقود أسراً....
 لو اتبعت ما يجري في البيوت, أحد الزوجين غافل عن الله, فمعه الشيطان, كلامه كلام شيطان, كلام تفرقة, كلام إساءة, كلام حقد, كلام بعد, والطرف الثاني: لو كان غافلاً أصعب, صار الاثنان غافلين, تجد كل عوامل السعادة موجودة, هم أشقى الزواج.
 تجد زوجين مؤمنين, كل عوامل الشقاء؛ من فقر, بيته صغير, مليون مشكلة, لكن هم أسعد الناس, لما نطرد الشيطان من حياتنا, حياتنا جميلة.

من أساليب الشيطان في خداع الإنسان الذي يلتزم طريق الاستقامة :

1-إغراؤه ببريق الحضارة الغربية وبأية حضارة من هذا القبيل :

 أيها الأخوة, الذي يفكر هنا, هذا الكائن ليس قوياً, شر كائن:

﴿قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾

[سورة الأعراف الآية:14]

 قال:

 

﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾

[سورة الأعراف الآية:16]

تجد طوال عمره الشاب قبل أن يستقيم, لا يوجد عنده مشكلة؛ من ملهى إلى ملهى, سهر, انحراف, تفلت, لما يلتزم بالدين: تأتيه وساوس عويصة.
والآية واضحة: لما الإنسان يمشي منحرفاً, الشيطان مرتاح, طرق الملاهي: لا يوجد شيطان, أما طريق الجامع: في ألف شيطان:

 

﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾

[سورة الأعراف الآية:16]

﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾

[سورة الأعراف الآية:17]

 يعتبر الحضارة الغربية, أو التقدم, والعلم, والمنجزات الحضارية, والتفلت, هي الحياة, فيعظم كل شيء جديد بعيد عن الدين, أو يعظم كل شيء قديم, يقول لك: تراث, وثقافة, وحضارة, ونحن قبل الإسلام كنا آراميين, آشوريين, عندنا حضارة, عندنا كذا.... لو كان حضارة وثنية بعضها, ويغفل الإسلام, فيعظم المستقبل الملحد, أو العلماني, يعظم الثقافة والتاريخ, والتراث القديم غير الإسلامي .
 مرة قرأت كتاب, بدأ بالحياة في الجاهلية؛ مجد القيم الجاهلية, مجد الحياة الجاهلية, رأساً انتقل إلى عصر النهضة, هذا الإسلام العظيم الذي غير مسار التاريخ, تعتيم كامل, هذا من فعل الشيطان.
 لا تظنوا مفهوم الشيطان: مفهوم ضبابي, الشيطان: رمز الشر, لا, الشيطان موجود؛ هو الذي يفرق بين الزوجين, يكره الإنسان زوجته, يحبب له امرأة أخرى لا تحل له, فتجده لطيفاً جداً مع امرأة أخرى, قاسياً مع زوجته, شيطان؛ هذه حلالك, هذه التي سمح الله لك بها, هذه المرأة التي هي من نصيبك, هي امرأة, فإذا كنت لطيفاً, ودوداً؛ صار في ود, وصار في حب, وصار في وفاق, بمنتهى النعومة مع النساء الأخريات, بمنتهى القسوة مع زوجته, شيطان معناها, هذا ينطق بلسان الشيطان.
 تجده يتعامى عن أكبر خطيئة للكافر, يحاسب المؤمن على أقل خطوة, يعده نبياً, مؤمن هذا, مؤمن لكن طول بالك عليه, أليس صاحب دين؟ هذا ينبغي أن يكون المؤمن نبياً, حتى يخلص من لسانه؛ شيطان معناها.

 

2-تخويفه من الالتزام بالحق, ويحذره بالفقر إذا أراد الإنفاق :

 أيها الأخوة, يخوفك إذا كان تدخل بمليون مغامرة, الشيطان لا يتكلم, لكن تلتزم بجامعك, يقول لك: تفقد مستقبلك, تفقد عملك, يخوفك من الالتزام بالحق, مثلاً: تريد أن تنفق, يحذرك من الفقر, والله نبهنا قال:

﴿يَعِدُكُمُ الْفَقْر﴾

[سورة البقرة الآية:268]

﴿وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ﴾

[سورة البقرة الآية:268]

 مهماته الكبرى واضحة في القرآن .

احذر من هذا المنعطف :

 أيها الأخوة, تجد الإنسان يقوم بدور الشيطان, أو هو شيطان: إذ ينطق بلسان الشيطان.
 دخلت لبيت أختك, والأخت متزوجة إنسان صاحب دين, مؤدب, من بيته لعمله, بيتها صغير, يعمل, ينبغي أن يعمل تعليقاً على البيت, تكرهها ببيتها, شيطان, ماذا فعلت أنت؟ قلت: ما هذا البيت!؟ لا يسكن, كيف تقبلين أن تعيشي فيه؟ النبي بيته كان غرفة؛ لكن خرب, فرق.....
 فانتبهوا يا أخوان, أحياناً: الإنسان وهو مؤمن, ومسلم, لكن بساعة غفلة: معه شيطان, تعليقاته, كلماته, ملاحظاته.
 أحياناً: مزحة تهوي بها في جهنم خمسين خريفاً, ليس مزح, هذا مزح يمس العرض, لا يجوز أن تمزح هذا المزح, أو لست متأكداً, روج قصة ليس متأكداً منها, لا أتكلم بها, تعمل تفرقة, لأنك إذا لم تكن متأكداً, تعمل تفرقة.
 أجلس جلسات كثيرة, أشعر المتكلم يتكلم شيطان, لأنه لا ينتفع فقط, يضر:

 

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً﴾

[سورة مريم الآية:83]

 حركاته, سكناته, جلسته: كلها شيطانية.

أمر ﺇلهي موجه إليك أيها المسلم :

 أيها الأخوة, فالله عز وجل أمرنا أن نستعيذ من الشيطان الرجيم, فبقدر ما له شرور كبيرة جداً, بقدر ما له انحرافات كبيرة جداً, بقدر ما له جرائم, بقدر ضعفه, ضعفه يأتي من الاستعاذة بالله:

 

﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾

[سورة الناس الآية:1]

﴿مَلِكِ النَّاسِ﴾

[سورة الناس الآية:2]

﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾

[سورة الناس الآية:3]

﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾

[سورة الناس الآية:4]

 وسواس لكنه خناس, لمجرد أن تقول: أعوذ بالله, انتهى التعليق.
 أنت لاحظ اثنين يتخاصمان, سيؤدي إلى تضارب, لأنه كل واحد في شيطان, إذا كان في اثنين متخاصمين, والشيطان بواحد في شر, إذا في اثنين في شيطان, والعياذ بالله يحصل حريق, اذكر الله عز وجل, تجد هدؤوا, قرآن كريم تجد:

 

﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾

[سورة الأعراف الآية:200]

﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا﴾

[سورة الأعراف الآية:201]

 اذكر الله عز وجل, استعذ, واذكر؛ يوجد عندك المعوذتين, ويوجد عندك الآيتين, هاتان الآيتان, وتلك المعوذتان: أسلحة المؤمن في مواجهة الشيطان.

من أعمال الشيطان في بني آدم :

 أيها الأخوة, لما سيدنا موسى نصر الإسرائيلي على القبطي, في اليوم الثاني: نصره مرة ثانية, قال: هذا من عمل الشيطان.
 تجد المجرم, ارتكب جريمة, أربعة أيام؛ بعد ذلك: ألقوا القبض عليه, بعد ذلك: أعدموه, كيف صار الشيء؟ تحليل نفسي, يقول لك: معقول تقتل شخص, وتدفنه, وفي مليون أثر للجريمة, تنجو, ماذا أوهمه الشيطان؟ تأخذ الذهب, تعيش ملكاً, ولا أحد يعلم, يمكن ما في مجرم, ما توقع أن يتحاسب؛ وخمسة, ستة أيام, عشرة أيام, شهر, ألقي القبض عليه, سيق للمحاكمة, أعدم.
 في قصص, وإن كانت هي حادة جداً, لكن مؤاثرة, سبعة أشخاص هاجموا صائغاً بالبنك, وأخذوا منه ثلاثة عشر كيلو ذهباً, ودفنوه في بئر, وسرقوا سيارة؛ أربع, خمس ساعات, حوالي عشرة أيام, عشرين يوم, أعدموا, وفي شخص منهم: مهندس زراعي, وشخص له عمل ﺇسلامي, طيب: هل يعقل إنسان يقتل شخصاً من دون أثر للجريمة؟ لم يستفيدوا شيء, ما دام بعد عشرين يوم أعدموا, هذا من عمل الشيطان, والشغلة غير معقولة, هذا من عمل الشيطان:

 

﴿إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾

[سورة القصص الآية:15]

 طبعاً حالات الجريمة حادة جداً, لكن في حياتنا: حالات غير حادة؛ شقاق بين الزوجين, أخت وأخ متحاربان على طول, كلمة قاسية تكلمتها الأخت, غير معقول, تكلمتها بساعة غفلة, الشيطان قال لها: اعملي هكذا....
 فأحياناً: الإنسان يشعر؛ اعمل هكذا, لا تفعل....
 فمن باب العدالة: شيطان, ومعه ملك؛ الملك: يلهمه الخير, والشيطان: يوسوس له الشر, بالقدر نفسه, في معك ملك يلهم, وشيطان يوسوس؛ في مهننا, في حرفنا, في حياتنا اليومية, في بيوتنا, في أعمالنا, في علاقاتنا, في كل لقاءاتنا.....
 فلما تجد نفسك تخطئ, معناها في غفلة, والشيطان موجود, لما تجد نفسك على صواب, معناها في صحوة, والملك موجود, فالصحوة فيها ملك, الغفلة فيها شيطان, ولو استعذنا بالله دائماً, لا يوجد عندنا مشكلة في حياتنا, الإنسان خير بطبعه, أما مع الشيطان شرير.
 والشيء الدقيق مثلاً: دخل إنسان للبيت, غافل عن الله, تجد البيت نظيفاً, مرتباً, الزوجة قد طبخت, يخلق مشكلة بلا سبب, خمس ساعات تعمل, من أجل أن تسمع كلمة طيبة من زوجها, كلمة ثناء, وجدته ينتقدها, ترد عليه أقسى, يتحاربان, تذهب إلى بيت أهلها, يظنها قد حردت, لم يخبرني, لا تأتي, كبر رأسها, ساعة من ساعات الغفلة, الأسرة انتهت للطلاق, كلاهما مع الشيطان.
 لو راقبنا أنفسنا, الحديث واضح:

((إذا دخل الرجلُ مَنزِلَه, فذكر اللَّه عند دخوله, وعند طعامه, قال الشيطان: لا مَبيتَ لكم ولا عَشاءَ، وإن ذكر اللَّه عند دُخوله، ولم يذكره عند عشائه، يقولُ: أدركتم العَشاء، ولا مَبيِتَ لكم، وإذا لم يذكر اللَّه عند طعامه قال: أدركتم المبيتَ والعَشاء))

[أخرجه مسلم وأبو داود عن جابر بن عبد اللّه]

 لكن لا يكفي الأسر, أحياناً: تجد الأب لوحده, الأم لوحدها تأكل, الولد لوحده, لا يكفي الطعام, تفرقة, أما اجتمعوا على الطعام, يصبح في بركة.

خاتمة القول :

 أيها الأخوة, مفهوم الشيطان: لا تظنوه... كائن مخلوق, كل إنسان مع شيطان, وفي أحاديث دقيقة وكثيرة.....
 كل إنسان معه شيطان, وكل إنسان معه ملك, فلما يتكلم كلمة؛ فيها أذى, فيها حقد, فيها إبعاد, فيها تسليط عزيمة, فيها تخويف, فيها تكريه زوج بزوجته, يعرف نفسه؛ الشيطان قال له, وقال له: سمعاً وطاعة, والحل بالاستعاذة .
 دائماً بالصلاة: من السنة أن تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, الشيطان: ليس رمزاً لقوى الشر, الشيطان: كائن موجود, وقرين مرافق, وبكل قضية يدلي بدلوه, ولما تجد نفسك, لما تتكلم خطأ, وشر, ونقد, وتفريق بين أسر, وكبر, واستعلاء, تجد النساء بين بعضهن, يتباهين على بعضهن, شيطان.
 قالت:

((إنها قصيرة, قال: يا عائشة, لقد قلت كلمة, لو مزجت بمياه البحر, لأفسدته))

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور