وضع داكن
29-03-2024
Logo
رحلة أمريكا 1 - المحاضرة : 08 - الأخوة الإيمانية.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الأخوة الأكارم:
 ترابع الناس على مجموعة قيم يقيمون فيها أنفسهم و يتراجحون فيما بينهم من خلال هذه القيم قيمة القوة، و قيمة الغنى، و قيمة الوسامة، و قيمة الذكاء،......إلى آخره.
 و لكن الله جل جلاله يضع في كتابه العزيز مقياساً واحداً يقول عز وجل:

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13)﴾

(سورة الحجرات)

 حجمك عند الله بحجم طاعتك و من سعادة المرء أن تترافق مقاييسه مع مقاييس القرآن الكريم فأنت حينما تحترم المرء لاستقامته و تقواه و علمه فأنت على حق، أما حينما تعظم أرباب الأموال لأموالهم فقد انحرفت عن منهج الله، ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

 

(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))

 أي إذا عظمت أرباب الأموال لأموالهم، إذا عظمت أرباب السلطان لسلطانهم ذهب ثلثا دينك يقول الله عز وجل:

 

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13)﴾

 

(سورة الحجرات)

 أيها الأخوة الكرام:
 من أصحاب رسول الله المتفوقين سيدنا سعد بن أبي وقاص، ما من صحابي فداه النبي بأمه و أبيه كهذا الصحابي، في بعض المعارك يقول عليه الصلاة و السلام: ارم سعد فداك أبي و أمي و ما من صحابي كان عليه الصلاة و السلام يلاعبه كهذا الصحابي الجليل فإذا دخل على النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا خالي أروني خالاً مثل خالي، في عهد عمر رضي الله عنه قال له سيدنا عمر: يا سعد لا يغرنك أنه قد قيل خال رسول الله فالخلق كلهم عند الله سواسية ليس بينه و بينهم قرابة إلا طاعتهم له.
 أول نقطة في هذا الدرس: المقياس الوحيد الذي يرفعك عند الله طاعتك له، قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13)﴾

 

(سورة الحجرات)

 شيء آخر: لو استطعت أن تنتزع من فم النبي و هو سيد الخلق و حبيب الحق أن تنتزع من فمه الشريف حكماً لصالحك و لم تكن على حق لا تنجو من عذاب الله، يؤكد هذا الحديث الصحيح:

 

(( عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلا يَأْخُذَنَّ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ ))

 لا زلت أركز على أن هناك مقياساً وحيداً في القرآن الكريم هو طاعتك لله، لذلك قال لي بعضهم و قد حج بيت الله الحرام قال: و الله يا أستاذ ليس في الأرض من هو أسعد مني، كأني التقطه إلا أن يكون أتقى مني فأنت لك حجم عند الله بحجم طاعتك له و الناس يتراجحون بهذه القيمة يوجد آية أخرى تعطي تفصيلات، يقول الله عز وجل:

 

 

﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19)﴾

 

(سورة الأحقاف)

 حجمك أيضاً بحجم عملك و حجمك أيضاً بحجم علمك قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(11)﴾

 

(سورة المجادلة)

 فبعلمك و عملك مجموعهما تقواك ترقى عند الله، كل التقسيمات الأخرى لا قيمة لها، سيدنا سلمان الفارسي سلمان منا آل البيت، عم النبي تبت يد أبي لهب و تب، نعم العبد صهيب، سيدنا أبو ذر في ساعة الغضب قال لسيدنا بلال: يا بن السوداء، فقال عليه الصلاة و السلام: إنك امرؤ فيك جاهلية، لن يرضى هذا الصحابي الجليل إلا أن يضع رأسه على الأرض ليدوسه بلال بقدمه هذا هو الإسلام، فلا يوجد بالإسلام طبقية و لا مراتب دنيوية و لا مراتب بحسب المال و لا بحسب النسب، هذا كله مهمل في الدين، مكانتك عند الله بحجم معرفتك بالله و بحجم العمل الصالح الذي قدره الله على يديك لذلك قال عليه الصلاة و السلام:

 

(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ ))

 ورد عن بعض العلماء أن الشريعة عدل كلها، مصلحة كلها، رحمة كلها، حكمة كلها، فكل قضية خرجت من العدل إلى الجور ومن المصلحة إلى المفسدة ومن الحكمة إلى خلافها ومن الرحمة إلى القسوة فليست من الشريعة ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل، هذا دين الله لذلك من يدعو إلى الله بمضمون هزيل، بمضمون متناقض أو يدعو الله بمضمون عميق لكن المدعو لا يجد مصداقية بالداعية قال هذا الداعية بهذه الطريق وبهذا التناقض وبهذه الازدواجية وبهذه السطحية ليس مبلغاً عند الله ويقع أجر تفلته من منهج الله على من دعاه بهذه الطريقة.
 دين الله يجب أن يتناسب مع عظمة الله عز وجل، دين الله هو الحق المتين الذي لا يخشى البحث، ابحث ما شئت لن تجد في هذا الدين تناقضاً ولن تجد فيه ضعفاً ولن تجد فيه خللاً، دين الله لا يخشى البحث ودين الله لا يستحيا به، تستحي بهذا الدين إنه منهج الله عز وجل.
 بالمناسبة الجامع الأموي بدمشق يتسع لمائة ألف مصلي بحرمه وصحنه لو أننا جئنا بأعلى خطيب في البلاد الإسلامية وألقى خطبة في مائة ألف مصلي وأرتجنا الباب فالخطبة باطلة، لأن دين الله لن يكون مغلقاً، لن يكون محدوداً، دين الله لكل الخلق.
 أيها الأخوة:
 النقطة التي يجب أن تقال في هذا الدرس قال تعالى:

 

 

﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)﴾

 

(سورة الأعراف)

 فالإنسان هو الإنسان في أي مكان وزمان قال تعالى:

 

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19)﴾

 

(سورة المعارج)

﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً (28)﴾

(سورة النساء)

﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37)﴾

(سورة الأنبياء)

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)﴾

(سورة العصر)

 اقرأ القرآن الكريم، أية كلمة إنسان في القرآن الكريم، جاءت معرفة بأل فهذه طبيعة الإنسان قبل أن يعرف الواحد الديان، فإذا عرف الواحد الديان صار إنساناً آخر، قال تعالى:

 

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22)﴾

 

(سورة المعارج)

 المصلي مستثنى من هذا الضعف الخلقي الذي ركبه الله في أصل خلقه لصالح إيمانه، شي آخر يعني خصائص البشر واحدة.

 

(( يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها ))

 أنتم في هذه البلد باستقامتكم وصدقكم واستقامة عملكم ونظافة عملكم تمتلكون قلوب من حولكم ولو أن كل واحد منكم عد نفسه سفيراً للإسلام لكان هذا البلد غير هذا الحال ولكانت علاقته بالمسلمين أرقى مما هو عليه الآن، كل واحد منكم سفير للإسلام.
 يقول عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك ))

 شي آخر قال تعالى:

 

 

﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(30)﴾

 

(سورة الروم )

 يعني أن تقيم وجهك للدين حنيفاً وتقيم وجهك لله تعالى هذه الإقامة و ذاك الميل و هذا الخضوع هو مطابق لفطرتك التي فطرت عليها لذلك الإنسان يوجد عنده فراغ لا يملؤه المال أبداً و لا يملؤه السلطان و لا المرتبة العلمية و لا المرتبة الإدارية و لا الانغماس في الشهوات الدنيوية، لا يملؤها إلا الإيمان بالله عز وجل، إن الله يعطي الصحة و الذكاء و المال و الجمال للكثيرين من خلقه و لكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين.
 أيها الأخوة الكرام:
 الإنسان من طبيعة واحدة قال تعالى:

 

﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)﴾

 

(سورة الأعراف )

 والفطرة واحدة فلماذا الاختلاف في الدنيا ؟ لماذا الصراع ؟ لماذا البغضاء ؟ لماذا الحقد ؟ لماذا الخلافات ؟ قال: لأن الدنيا تفرق و الآخرة تجمع، في الدنيا المصالح تتضارب، الإنسان إذا تحرك في الحياة الدنيا بدافع من شهواته هذه الحركة غير المضمنة منهجاً تصطدم مع حركة أخرى من هنا تأتي الخصومات و تأتي المنافسات و تأتي المشكلات و تأتي الأحقاد، حركة عشوائية بلا منهج لطار، لولا أن هناك برج ينظم هبوط الطائرات لاحترقت الطائرات حينما تصطدم ببعضها بعضاً، فالمنهج الإلهي ينظم حركة الإنسان بالحياة لذلك المجتمع البشري المسلم لا يوجد مشكلات فيه، نقف في هذه الآيات:

 

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)﴾

 

(سورة الروم )

 ما الفساد ؟ مخلوق أودعت به الشهوات ليرقى بها إلى الله تحرك بدافع منها من دون منهج يسير عليه صار هناك اصطدام كحركة الطائرات في المطار من دون برج قيادة لا بد من التصادم، فالدنيا تفرق، المصالح الدنيوية تفرق لذلك نقف في هذه الآيات.
 هناك ثلاث أنواع من الخلافات: خلاف طبيعي سببه نقص المعلومات قال تعالى:

 

﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(213)﴾

 

(سورة البقرة )

 و خلاف قذر سببه البغي و الحسد، و خلاف محمود سببه التنافس، فالخلاف الأول خلاف معذور، المعلومات الناقصة تسبب تكهنات متضاربة أما الخلاف الثاني قال تعالى:

 

﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(213)﴾

 

(سورة البقرة )

 يوجد قرآن و القرآن واضح و واحد و يوجد سنة صحيحة و يوجد منهج واضح و مع ذلك يختلف المسلمون، اختلاف المسلمين مع وجود العلم الموحد، مع وجود الجذع الواحد الموحد سببه الحسد و البغي و الرئاسات و الزعامات، فمصالح الإنسان المادية تصطدم مع مصالح الإنسان الأخرى لذلك تنشأ الخصومات، إن أردنا الوحدة و الوئام و الحب و الصفاء فلا بد من أن نرجح مصالح المسلمين على مصالحنا الفردية.
 أيها الأخوة الكرام:
 ذكرت قبل أن آتي إليكم في لقاء مع بعض الأخوة الكرام أن الإنسان في طبعه فردي و أن التعاون تكليف فأنت تتعاون مع أخوانك المؤمنين بقدر طاعتك لله و تختلف معهم، تتنافس معهم، تؤكد ذاتك على حساب ذواتهم بقدر تفلتك من منهج الله، فالمتعاون طافر و المتنافس عاصي، كل إنسان يدعو إلى ذاته بدعوة مغلفة بدعوة إلى الله من شأن هذه الدعوة إلى الذات الابتداع و التنافس و الطعن بالآخرين وكل إنسان يدعو إلى الله بإخلاص شديد يرجح مصلحة مجموع المسلمين على مصلحته الشخصية، سيدنا الصديق عين سيدنا عمر رضي الله عنه وزير عدل قاضياً، جاءته قضية أراد أن يستشير بها سيدنا عمر فبعث صاحب القضية إليه، سيدنا عمر رأى أنه من المناسب ألا ينفذ هذا الأمر فرفضها، أراد هذا الرجل أن يوقع بين الصديق و بين عمر فذهب إلى الصديق رضي الله عنه و قال له: الخليفة أنت أم هو، أي أخذ دورك، قال له: هو إذا شاء، أي أحد ملامح إيماننا التعاون و أن نضع أنفسنا تحت أقدامنا من أجل المصلحة العامة و قد قيل: إذا عز أخوك فهن، كن في خدمته قال تعالى:

 

﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)﴾

 

(سورة الفتح )

 في زمن تخلف المسلمين، المسلمون رحماء مع الكفار أشداء فيما بينهم مع غير المسلم كالغنمة الوديعة، مع أخيه المسلم كالسبع الذي لا يرحم من وصف المؤمنين قال تعالى:

 

﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)﴾

 

(سورة المائدة )

 فكيف بحال المسلمين إذا كانوا أذلة على غير المسلمين أعزة على بعضهم بعضاً.
 أيها الأخوة:
 الآن نبدأ بالآية الأولى و هي قوله تعالى:

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)﴾

 

(سورة الحجرات )

 هذا كلام رب العالمين، نقف وقفة متأنية مع هذه الآية، الترتيب اسمي أي مبتدأ و خبر، المؤمنون أخوة، العلماء قالوا: التركيب الاسمي يدل على الاستمرار بينما التركيب الفعلي يدل على الانقطاع، الحدوث و الانقطاع، تقول دخل فلان ؛ دخل و انتهى الدخول، أما فلان حليم فمادام التركيب اسمي مبتدأ و خبر هذا التركيب يدل على الاستمرار،
قال تعالى:

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)﴾

 

(سورة الحجرات )

 أي هذا شأنهم دائماً، هذه صفتهم المستمرة، هذه أبرز خصائصهم،

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)﴾

 

(سورة الحجرات )

 هذه واحدة، الأخوة هم أخوة النسب فالله سبحانه و تعالى رفع العلاقة بين المؤمنين إلى أمتن علاقة خلقها و هي علاقة الأخوة، ما قال إنما المؤمنون أخوان، كلا، إنما المؤمنون أخوة، قال: إن و هو حرف مشبه بالفعل يفيد التوكيد، و قال إنما و هي أداة قصر فالقصر يعني أنه ما لم تشعر بانتمائك إلى مجموع المؤمنين فلست مؤمناً، يجب أن تنتمي إلى مجموع المؤمنين لا إلى فقاعة، لا إلى جماعة، لا إلى فئة قليلة، أنت مع المؤمنين كلهم لذلك هذه الآية الكريمة:

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)﴾

 

(سورة الحجرات )

 الأصل أنهم أخوة، لو نشب خلاف بينهم هذه حالة مرضية طارئة استثنائية قال تعالى:

 

﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)﴾

 

(سورة الحجرات )

 فالخصومة و المنازعة و البغضاء و الحقد و الحسد هذه حالات مرضية خطيرة إذا فشت بين المؤمنين انتهى الإيمان.
يا أيها الأخوة الكرام:
 الشيء الذي لا يصدق أن النبي عليه الصلاة و السلام يقول:

 

((عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ))

 لا يؤمن أحدكم نفى عنه ماذا ؟ نفى عنه الإيمان، أنت ممكن أن ينفى عنك أنه لا يوجد عندك بيت واسع، أما أن ينفى عنك اختصاصك، شهادتك العلمية، هويتك بالحياة، هذا أخطر اتهام قال:

 

 

((عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ))

 لذلك قال العلماء: لا يؤمن أحدكم الإيمان أصلاً و قال بعضهم: لا يؤمن أحدكم الإيمان الكامل حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
 الآن أضع بين أيديكم مقياس لطيف: أخوك ارتقى، اشترى منزل، تزوج، تألق نجمه في عمله و الله لا أبالغ إن لم تشعر براحة و سرور
 و كأن هذه المرتبة لك، إن لم تشعر بارتياح لما ناله من خير فابحث عن إيمانك فهو في شك، علامة إيمانك أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك لذلك الله عز وجل وصف المنافقين قال:

 

 

﴿إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50)﴾

 

(سورة التوبة )

 شيء خطير، لمجرد أن تتألم إذا ارتقى أخوك، نال درجة علمية، نال مكانة اجتماعية، حقق شيئاً من أهدافه المشروعة، لمجرد أن تتألم لخير أصاب أخاك فهناك خلل في إيمانك خطير لذلك: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه و يوجد زيادة، و حتى يكره لها ما يكره لنفسه لذلك عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، و الله الذي لا إله إلا هو لو طبقت هذه القاعدة لأغلقت المحاكم كلها أبوابها، عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، كيف تحب أن تعامل ابنتك عند زوجها؟ عامل زوجة ابنك كما تحب أن تعامل ابنتك، كيف تحب أن تعامل إذا دخلت إلى مكان و لك حاجة تحب أن تلبى هذه الحاجة ؟ عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، لذلك لا يؤمن أحدكم نفى عنه الإيمان أصلاً على قول، و نفى عنه كمال الإيمان على قول آخر، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، من هو أخوه ؟ كلكم سيقول أخوه بالإيمان لكن شراح الحديث قالوا: المطلق على إطلاقه، أوسع دائرة أخوة أخوك في الإنسانية لذلك بعض شراح الحديث أو جلهم على أن الأخ هنا هو الأخ في الإنسانية، أنت من هو عدوك التقليدي ؟ الكافر، قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)﴾

 

(سورة المائدة )

 أي إذا عدلت مع الكافر قربته إلى الدين، قربته إلى الله عز وجل، قربته إلى الإسلام، أي في حالات كثيرة قد يسلم هذا الإنسان بكلمة صادقة، قد يسلم بنصيحة مخلصة، قد يسلم لسلام حار، فأنت لا تضن على الآخرين بأخلاقك العلية فهي سفيرك إليه، طبعاً تعلمون القول المشهور: الخلق كلهم عيال الله و أحبهم إلى الله أنفعهم لعياله.
 و الإنسان حينما ينطلق من نظرة إنسانية يرقى عند الله، كل هؤلاء الخلق عباد الله، أنا علي أن أكون منصفاً معهم، علي أن أنصحهم، علي أن أتقن عملي معهم، علي أن أقدم لهم نموذجاً كاملاً، دققوا في هذه الكلمة، يمكن أن تكون أكبر داعية على الإطلاق و أنت سعيد، عملك دعوة، إتقان عملك دعوة، نصيحتك دعوة، تسامحك دعوة، حلمك دعوة، رحمتك دعوة، أي أنت ممكن بعملك أن تعطي نموذجاً رائعاً للإسلام و أنت ساكت، أنت أكبر داعية و أنت ساكت، لذلك الناس يتعلمون بعيونهم لا بأذانهم و لغة العمل أبلغ من لغة القول و الشيء الذي جاء به الأنبياء العظام هو أنهم فعلوا ما قالوا و قالوا ما فعلوا، لا تجد ازدواجية في حياتهم و لا في شخصياتهم و لا مسافة بين أقوالهم و أفعالهم، هذا الذي ينصر ديننا، الحقيقة هناك تخمة علم و كتب و أشرطة، نحن بحاجة إلى مسلم يتحرك أمامنا، نحن بحاجة إلى قرآن يمشي بيننا، إنسان مستقيم ورع طاهر عنده سلامة صبر و ليس عنده حقد، إنسان يحب الله يحب المؤمنين يضع نفسه تحت قدمه في سبيل أخوانه أي إذا أسعدت الناس فأنت أسعدهم، إن تواضعت لهم فأنت سيدهم، سيدنا عمر رضي الله عنه قال:
 " أريد أميراً إن عينته أميراً بدا و كأنه واحد من الناس و إن لم يكن أميراً بدا و كأنه أمير "
 إن لم يكن أميراً لشدة حرصه على المصلحة العامة، مصلحة المسلمين بدا و كأنه أمير، و إن كان أميراً فعلاً لتواضعه الجم بدا و كأنه واحد منهم، هذه أخلاق المؤمنين.
 أخوانا الكرام:
 ممكن أن يوجد بالإسلام ثقافة، تقاليد، عادات، أما الإسلام شيء آخر، الإسلام حتى بعث الله فينا رسولاً نعرف أمانته و عفته و صدقه فدعانا إلى الله لنعبده و نوحده و نخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة و الأوثان و أمرنا بصدق الحديث و أداء الأمانة و صلة الرحم و حسن الجوار و الكف عن المحارم و الدماء، هذا هو الإسلام.
 الآن دخلنا في صلب الدرس:
 أي شيء يضعضع العلاقة بينك و بين أخيك نهى الله عنه قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)﴾

 

(سورة الحجرات )

 ماذا قالت السيدة عائشة: قال عن ضرتها، و الضرة مرة، قالت عنها إنها قصيرة، فقال عليه الصلاة و السلام:

 

(( يا عائشة لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ))

 قصيرة فما بال من يقلن غير ذلك و أكبر من ذلك، كلمة واحدة، قالت إنها قصيرة قال:

 

 

(( يا عائشة لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ))

 لذلك لا يسخر قوم من قوم، لا بالتلميح و لا بالتصريح و لا بالمحاكاة و لا بالتقليد و لا بالتصغير هذا كله محرم، أعيد و أقول: أي تصرف من شأنه أن يضعضع العلاقة بين المؤمنين حرمه الله قال تعالى:

 

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ(12)﴾

 

(سورة الحجرات )

 قال العلماء: التجسس هو تتبع الأخبار السيئة و التحسس تتبع الأخبار الطيبة، و إن شاء الله هناك ستة أشرطة عن الغيبة يوجد فيها بحث لطيف جداً دقيق و معه أدلة و قصص أتمنى أن تسمعوا هذه الأشرطة الغيبة، الذي يفت في عضد المسلمين الغيبة، الذي يفرق جمعهم الغيبة الذي يفسد العلاقة بينهم الغيبة، الذي يحمل الأحقاد عليهم الغيبة قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ(12)﴾

 

(سورة الحجرات )

 أخوانا الكرام:
 حديث خطير، النبي عليه الصلاة و السلام سأل أصحابه الكرام قال:

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ، قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ))

 و كذلك:

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ فُلانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ ))

 تكثر من صلاتها أي صبح، ظهر، عصر، مغرب، عشاء، الأوابين و قيام الليل، و الضحى، و صدقتها أي فوق الزكاة هناك صدقة و صيامها ست أيام البيض و ستة من شوال غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال: هي في النار.
 فيا أيها الأخوة:
 كل شيء يضعضع العلاقة بين المؤمنين حرمه الله عز وجل في الصحيح:

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَخُونُهُ ولا يَكْذِبُهُ ولا يَخْذُلُهُ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ عِرْضُهُ وَمَالُهُ وَدَمُهُ التَّقْوَى هَا هُنَا بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْتَقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ))

 هذا الحديث جامع مانع، هذا الحديث أصل في هذا الباب، ينبغي ألا تخونه و ألا تعمل من وراء ظهره، ينبغي أن لا تكذبه، ينبغي ألا تخذله، ينبغي ألا تظلمه، ينبغي ألا تحقره، أي أحياناً إنسان يحتقر إنساناً بهذه العملية، كيف فلان ؟ يقول: الله أعلم، لم يتكلم و لا كلمة لكنه اغتابه، أحياناً يعرض عنه، أحياناً يغمز بعينه، هذا كله مسجل قال تعالى:

 

 

﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾

 

(سورة الحجر )

 كلما كان انضباطك أشد كنت أقرب إلى الله، العبرة أن تكون في مستوى الشريعة لا أن تكون حافظاً لها.
 أيها الأخوة الكرام:
 لماذا قال عليه الصلاة و السلام:

((المسلم أخو المسلم لا يظلمه))

 و لم يقل لا تظلموا ؟ قال علماء البلاغة: التعبير الإخباري أبلغ من التعبير الإنشائي، الإخباري أن تقول فلان لا يظلم فلاناً، أما الإنشائي لا تظلم، إذ1 قلت لك لا تظلم أو قال أحدهم لابنه لا تظلم مثلاً اشتري كيلو حليب و إياك أن تأخذ من هذا المبلغ لك شيئاً فقد نبهه فهو لم يكن منتبهاً، عندما نهاه عن شيء فلم يكن خاطراً بباله أن يأخذ شيئاً فلما نهاه أدخل في تصوره أن يأخذ شيئاً، أما هذا التعبير الخبري أبلغ، من شأن المسلم ألا يفعل هذا، قال تعالى:

 

﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68)﴾

 

(سورة الفرقان)

 نفى عنهم الزنا كلياً، إذاً التعبير الإخباري أبلغ في الأمر من التعبير الإنشائي.
 شيء آخر أيها الأخوة: يقول عليه الصلاة و السلام:

 

(( سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تَحَاسَدُوا و لا تَنَاجَشُوا و لا تَبَاغَضُوا و لا تَدَابَرُوا و لا يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ))

 هناك سؤال محرج: القلب ليس بيدك، و الإنسان لا يملك مشاعره فما معنى قول النبي لا تباغضوا ؟ معنى هذا القول لا تفعلوا شيئاً يؤدي إلى التباغض:

 

 

﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79)﴾

 

(سورة القصص)

 التباغض، لا تفعل أسباب البغضاء و لا أسباب الحسد، يقول لك: كسرت عينه، أريته بيتي، لا كن أنت متواضعاً.
كثرة الظهور تقصم الظهور.
 لا تتباهى بما عندك، اشكر الله عز وجل هذا من فضل الله عليك، فالإنسان أحياناً يتجه إلى الزهو بما عنده و هذا سلوك غير مستحب و سلوك منهي عنه، ماذا فعل قارون ؟ قال تعالى:

 

﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79)﴾

 

(سورة القصص)

 و كذلك:

 

﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81)﴾

 

(سورة القصص)

 فتواضع، قال هناك ثلاثة نصائح تكتب على ظفر: اتضع لا ترتفع، اتبع لا تبتدع، الورع لا ينكسر، كن متواضعاً، انظر إلى الأكحال، الكحل حجر لكن لين أي هي حجارة لانت فصار مقرها في الأعين أي انظر إلى الأكحال و هي حجارة لانت فصار مقرها في الأعين
 فالإنسان كلما كان ليناً دققوا أيها الأخوة هذه مهمة جداً قانون: قال تعالى:

 

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ(159)﴾

 

(سورة آل عمران)

 الباء سببية، يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا لنت لهم، صار القانون: تتصل بالله من خلال هذا الاتصال تستقر الرحمة في القلب، من خلال هذه الرحمة تكون ليناً مع الخلق، من خلال هذا اللين يلتف الناس حولك.
الحالة الثانية: من خلال انقطاعك عن الله يقسو القلب، من خلال قسوة القلب تكون فظاً غليظاً، من خلال هذه الغلظة و الفظاظة ينفض الناس من حولك، لذلك:
 " ما أخلص عبد لله إلا جعل قلوب المؤمنين تهفو إليه بالمودة والرحمة "
 بقدر إخلاصك و تواضعك و لينك يلتف الناس من حولك، و بقدر اعتدادك بنفسك و بعدك عن الله يقسو قلبك و مع القسوة هناك قسوة فمع القسوة بالقلب هناك قسوة بالسلوك هذه القسوة تدعو الناس إلى النفور منك، أي بشكل أو بآخر إنسان عرف الله فانضبط بمنهجه أحسن إلى خلقه سعد في الدنيا و الآخرة، إنسان غفل عن الله انقطع عنه تفلت من منهجه أساء لخلقه شقي في الدنيا و الآخرة هذا قانون و لن تجد إنساناً ثالثاً، الناس رجلان بر تقي كريم على الله و فاجر شقي هين على الله شيء آخر:
 إذاً لا تحاسدوا، لا تعطي أسباب الحسد، أنا سافرت صرفت أربعمائة ألف، أنا نزلت بأرقى فندق، أنا اشتريت أعلى أثاث، تجد حديث الناس كله للإغاظة أي ليغيظوك، هذا واقع المسلمين يريد أن يعلو يريد أنه هو أغنى منك و أفهم منك و ذوقي أعلى منك، قال لا تحاسدوا، لا تفعلوا أسباب الحسد، و لا تناجشوا أي لا تعمل عمليات أي تمثيلية لضرب أخيك، لا تباغضوا أي لا تفعل أسباب البغضاء، لا تدابروا أي لا تفعل أسباب التدابر، لا يبع بعضكم على بيع بعض و كونوا عباد الله إخواناً.
 أخوانا الكرام:
 الشرك الجلي في العالم الإسلامي أن تجد صنم بوذا فهذا مستحيل قال: إن الشيطان يئس أن يُعبد في أرضكم فهذا الطريق صار مسدوداً و لكن رضي فيما دون ذلك في التحريش بين المؤمنين، الشيطان أكبر مهمة له هو التحريش بين المؤمنين، إيقاع العداوة و البغضاء بينهم، و التفريق بين الزوجين من فعل الشيطان، و أي عملية إبعاد المؤمن عن أخيه المؤمن بفعل الشيطان هناك آية قرآنية دقيقة جداً قال تعالى:

 

﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)﴾

 

 

(سورة الأعراف)

 عندما إنسان يتوب إلى الله تجد عندئذ وساوس الآن بدأ عمل الشيطان عندما كان معه متفلت، لا يصلي، يطلق بصره، ماله حرام كان الشيطان تاركه لأنه محقق هدفه، فلما اصطلح مع الله دخله الوساوس:

 

 

﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)﴾

 

(سورة الأعراف)

 و لأتينهم من أربع جهات، هم ستة جهات، اثنتين مغلقتين على الشيطان عندنا علو و دنو و يمين و يسار و أمام و خلف قال تعالى:

 

﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ(17)﴾

 

(سورة الأعراف)

 هناك دعوة التقدم و العلمانية و العصرنة و التجديد، حياة الكومبيوتر، حياة العلم، حياة الاختلاط، المرأة نصف المجتمع من بين أيديهم، ومن خلفهم التقاليد و العادات و التراث، و عن أيمانهم وضوءك ليس صحيحاً معنى ذلك أن كل صلاتك باطلة فدخلته الوسوسة، أحياناً يصاب بوسوسة متسلطة، أنه يوجد بالفاتحة أربعة عشر شدة و قد أنقصت واحدة، فالله يعينك ذهبت كل صلاتك هذا شيء مضحك، و عن شمائلهم المعاصي، فالشيطان له أربع جهات من بين أيديهم من أمامهم، من خلفهم التقاليد و العادات و التراث إذا كانت مخالفة للدين و الحداثة و العصرنة و التجديد إذا كان مخالفاً للدين، يقول لك والدي دقة قديمة فهل يعني هذا أنك أنت دقة جديدة، عن أيمانهم الوسوسة، عن شمائلهم المعاصي، أما جهة العلو هذه مغلقة على الشيطان بر الله عز وجل سالك دائماً و الدنو الافتقار إلى الله و الافتقار طريقه سالك و الالتجاء إلى الله طريقه سالك، أما من بين أيديهم ومن خلفهم و عن أيمانهم و عن شمائلهم فالطريق موجود فيه الشياطين.
 يا أيها الأخوة الكرام:
 إياكم و سوء ذات البين هذا أخطر حديث بالناس، العلاقة بين المؤمنين، قال فإنها الحالقة، لا أقول حالقة الشعر و لكن أقول حالقة الدين، هل تصدقون أن الدين ينتهي بسوء العلاقة بين المؤمنين هذه مشكلة المسلمين الآن، حقد و حسد و بغضاء و تنافس و عداوة و طعن و استخفاف ماذا قال الله عز وجل:

 

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)﴾

 

(سورة الأنفال )

 لهذه الآية ثلاثة معاني، أصلح علاقتك مع الله اصطلح معه هذه واحدة أصلح علاقتك مع كل من حولك، الثالثة أصلح أية علاقة بين اثنين، قال أحدهم للآخر أختك تعذبني أي لأخو زوجته فقال له: طلقها هكذا النصيحة يا بلى، أحياناً إنسان يدخل لبيت أخته يقول كلمتين يخرب العلاقة بينه و بين زوجته.

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ))

 ماذا أحضر لك عل العيد ؟ لم يحضر لي شيئاً، أيام يوجد كلمة مثل القنبلة، فالمؤمن يجمع ولا يفرق، يطمئن ولا يبعث البغضاء بين الناس علامة المؤمن أنه يجمع وأنه يقرب، أنه يبث في روع الناس أنه خير.

 

 

(( عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ حارقة الدِّينِ لا حَالِقَةُ الشَّعَرِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفلا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ ))

 أحياناً إنسان ترى يوجد خلافات وشحناء، يوجد أنا متمكنة يقول يا أسفاه على المسلمين إذا كان هذا حالهم، أين الصحابة ؟ أحدهم غمز في صحابي أمام رسول الله فقال أحدهم: والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً، قال: يا رسول الله لقد تخلف عنك أناس ما نحن بأشد حباً لك منهم ولو أنه علموا أنك تلقى عدواً ما تخلفوا عنك.
 أنا أتمنى أن تدافع عن أخوك وتعاونه، لو غلط مرة تجاوز عنه، أعنه على الشيطان ولا تعن الشيطان عليه، احتويه لو أساء، أخلاق الأنبياء تسع.

 

 

(( قال: أمرني ربي بتسع، خشية الله في السر والعلانية، كلمة العدل في الغضب والرضا، القصد في الفقر والغنى، وأن أصل من قطعني، وأعفو عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأن يكون صمتي فكراً وونطقي ذكراً ونظري عبادة ))

 أعرف امرأة في الشام قصة غريبة جداً، هي أم لرجل اشترى لزوجته غسالة أوتوماتيك فعنفته وتكلمت كلاماً غير جيد، في نفس اليوم اشترى صهرها لابنتها غسالة أوتوماتيك، فقالت: الله يرضى عليك، في نفس اليوم أثنت على صهرها لأنه اشترى لابنتها ولامت ابنها لأنه اشترى نفس الشيء.
 أنا مرة كنت في محل تجاري يوم عطلة رسمية صاحب المحل ابنه في المحل وعنده صانع بسن ابنه وهو بائع أقمشة، حمل الصانع أول توب وثاني توب وثالث توب ورابع توب قال له الصانع: لا أستطيع أن أحمل فقال له صاحب المحل: أنت شاب، حمل ابنه توب واحد فقال له: انتبه يا بني ظهرك.
 شيء حقير في الإنسان ابنه يضع له مليون ليرة دروس خاصة حتى يصبح طبيب، أما عنده صانع في المحل طلب منه ساعة في نهاية الدوام أن يدخل مدرسة مسائية لا يسمح له.
 هذا مسلم هذا ؟ إذا لا يوجد عندك رحمة لكل المسلمين، وإذا لم تعامل الناس مثل ابنك أنت ليس مسلم.
 هناك رحمة خاصة ورحمة عامة، إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم.
 أن تلقى أخاك بوجه باش هي لك صدقة، إذا اعتذرت وسلمت عليه سلام حار.
 مرة أخ من إخوانا قال لي قصة تأثرت بها كثيراً: يوجد شخص اشترى بيت وهو ينقل أثاث البيت وكلما يسمع أنا في البيت يحضر إلي إبريق شاي ويعاوني في حمل البراد شيء ليس طبيعي فقال له: أنت من أين قال له: أنا من... إذاً نحن إخوان من نفس المكان، فقال له: أنت كيف عرفت هذا الجامع، قال له: أنا لي ابن خالة أخذني لأحضر دروس في هذا الجامع وأنا ليس لدي وقت، مرة ذهبت معه لكي أنتهي من كلامه، وأنا سلامي كان حاراً جداً، فقال لي: ابن خالتي، قله له: أهلاً وسهلاً ورحبت به جداً وقلت له: هل الدرس أعجبك، قال لي: نعم، قلت له: اجعلنا نراك دائماً.
 أنا لا أعرف ماذا قلت، هذا السلام الحار جعله لا يترك ولا درس، وهو كان ينوي أن يحضر درس واحد فقط.
 أيام السلام الحار بأدب، نحن نريد حب، كل شيء يوجد عندنا، كله على الزرار ولكن لا يوجد حب على الزرار، نريد حب وتواضع وتعاون ونريد بذل.

 

 

(( حَدَّثَنَا مُعَاذُ ابْنُ جَبَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُتَحَابُّونَ فِي جلالِي

تحميل النص

إخفاء الصور