وضع داكن
29-03-2024
Logo
طريق الهدى - الحلقة : 03 - الشهوة - الاختيار - القوة - الشرع - الزمن.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على نعمة الإيمان والإسلام وكفى بها نعمة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 طريق الهدى والنور حلقة جديدة، ولقاء جديد يتجدد بإذن الله تعالى، معكم أيها الإخوة المستمعون، ومع فضيلة الدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي، أهلاً ومرحباً بكم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
 الأستاذ:
 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أستاذ زياد.
 المذيع:
 ما زلنا في إطار الحديث عن حمل الأمانة، وقد منحنا الله سبحانه وتعالى مقومات حمل الأمانة عندما كرم الإنسان، كرم بني آدم، حدثنا عن مقومات الأمانة، ألا وهي الكون، ومعرفة الله سبحانه وتعالى من خلال هذا الكون، والعقل والوسيلة لمعرفة الله، وكذلك الفطرة، يتبقى لدينا مجموعة من المقومات، الشهوة، الاختيار، القوة، الشرع، الزمن، قيمة الوقت، لنتحدث عن الشهوة، فقد ختمنا حديثنا أمس عن الفطرة، الشهوة قد تكون من نتاج هذه الفطرة.
 الأستاذ:
 بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، قال تعالى:

﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ﴾

(سورة آل عمران)

 الله جل جلاله أودع فينا الشهوات، إلا أن هـذه الشهوات حيادية، أودعها فينا لنرقى إلى رب الأرض والسماوات، إلا أنه أودع فينا حب الطعام والشراب، وإلا لما رأيت في الأرض شيئاً، دافع الطعام والشراب يدفعك لتعمل، كل شيء تراه عينك مـن أجل أن تكسب مالاً تأكل به، فأودع فينا حب الطعام والشراب كي نبقى أحياء للحفاظ على الفرد، وأودع فينا حب المرأة للحفاظ على النوع، لولا هذه الشهوة التي أودعها الله في الإنسان لانقرض النوع البشري، وأودع فينا تأكيد الذات كي نحافظ على بطولاتنا، أنت بحب الطعام والشراب تبقى حياً، وبالجنس يبقى المجتمع البشري مستمراً، وبتأكيد الذات يكون التفوق وإثبات الذات.
 إذاً: هناك شهوات أودعها الله فينا حيادية، هي سلم نرقى بها أو دركات نهوي بها، لأن الإنسان مخير فكل خصائصه حيادية، يمكن أن توظف في الخير أو أن توظف في الشر.
 المذيع:
 وهذا ما سنأتي عليه في درسنا عن الاختيار، ولكن هذه الشهوات قد يتساءل المرء ذو العقل الصريح: لماذا أنا أسعى، وأشقى في هذه الدنيا، هل لأكسب المال كي أطعم وأشرب، ولإشباع رغبتي في الطعام والشراب ؟ هل لأتزوج وأكوّن الأسرة لإشباع هذه الغريزة التي أودعها الله في نفسي، هناك مجموعة تساؤلات، لماذا يسعى، ويشقى في هذه الدنيا، ويحزن إن فشل في مسعاه ؟
 الأستاذ:
 أنا أضرب لك مثلا يوضح هذه الفكرة: لو أن إنسانًا سافر إلى بلد أجنبي، فرنسة مثلاً، ونزل في أحد فنادقها، واستيقظ في صبيحة اليوم الأول، وقال: إلى أين أذهب ؟ نقول له نحن: لماذا جئت إلى هنا ؟ إن كنت جئت طالب علم فاذهب إلى المعاهد والجامعات، وإن جئت سائحاً فاذهب إلى المقاصف والمتنزهات، وإن جئت تاجراً فاذهب إلى المعامل والمؤسسات، فلا يمكن أن تصح حركتك إلا إذا عرفت سر وجودك، أنا أقول: مشكلة الإنسان اليوم الذي شرد عن الله أنه إنسان بلا هدف، كل حركته في طرق مسدودة، ينشأ فيرى المال كل شيء، في وسط عمره يراه شيئاً، وليس كل شيء، فإذا قارب على النهاية لا يراه شيئاً، عند أهل الدنيا تحديداً السعادة بتعريفهم لابد لها من ثلاثة شروط: لابد لها من وقت، ومن صحة، ومال، ودائماً يفتقد الإنسان أحد هذه الشروط، ففي أول حياته صحة جيدة، ووقت طويل، ليس معه مال في وسط حياته، يؤسس عملاً، يحتاج إلى دوام كامل، فصحة طيبة، ومال وفير، لكن لا يوجد وقت، في آخر حياته أسس عملاً، وسلمه لأولاده، وله دخل كبير، وقت طويل، ومال وفير، لكن لا يوجد صحة، لو أن الإنسان شرد عن الله، ونسي الهدف الذي خلق من أجله لشقي دائماً، لأنه يفقد دائماً أحد مقومات السعادة بالمفهوم المادي، أما المؤمن فلما عرف أن الله خلقه من أجل جنة عرضها السماوات والأرض، لذلك كان هدفه واضحًا، والوسائل واضحة أمامه، فسعادته بمعرفة ربه وبطاعته، وبخدمة خلقه، لذلك بعض العارفين بالله قال: " يا رب لا يحلو الليل إلا بمناجاتك، ولا النهار إلا بخدمة عبادك "، المؤمن تراه شاباً، وهو في التسعين، قضية الشباب لا علاقة لها بالزمن، أتفه أعمار الإنسان عمره الزمني، قد تجد شاباً في التسعين، وشيخاً في الأربعين، الإنسان الذي بلا هدف إنسان تافه، ملول، يسأم، يضجر، يقع في ظروف صعبة جداً، لذلك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا ؟ أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ؟ أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ؟ أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا ؟ أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ؟ أَوِ الدَّجَّالَ ؟ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ))

(سنن الترمذي)

 إذا نسي الإنسان الآخرة، وأسقطها من حساباته فهو إنسان شقي، لأنه يمشي في طريق مسدود، هذا المال الذي جمعه قِرشًا قرشًا يخسره في ثانية واحدة، الإنسان يتنامى، حينما يبلغ الأوج يأتيه ملك الموت، الحقيقة أن الصعق الذي لا يحتمل حينما يكتشف الإنسان عند الموت أنه خسر الآخرة.

 

﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً(104)﴾

 

(سورة الكهف)

﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾

(سورة الزمر)

 فهذه الشهوات أودعها الله فينا لتكون قوى محركة هي تماماً كالمحرك في السيارة، ما قيمتها من دون محرك ؟ لكن ما قيمتها من دون مقود ؟ العقل هو المقود، والشهوة هي المحرك، وما أودع الله فينا شهوة ـ دقق أستاذ زياد ـ إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، ليس في الإسلام حرمان، أودع فيك حب النساء، وأمرك أن تتزوج من قناة نظيفة، أودع فيك حب المال، وسمح لك أن تسعى لكسبه من طريق حلال، أودع فيك حب العلو في الأرض، وجعل هذا العلو عن طريق طاعة الله والعلم، لذلك هذه الشهوات حيادية مئة بالمئة، يمكن أن نصل بها إلى أعلى الدرجات، ما قيمة المال حينما تدفعه إلى فقير إن لم تكن تحبه ؟

 

﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ﴾

 

(سورة البقرة)

 ما قيمة غض البصر عن امرأة حسناء إن كنت لا تحب الناس ؟ ما قيمة التواضع إن كنت لا تحب العلو في الأرض ؟ لذلك قالوا: هناك طبع وهناك تكليف، وتناقض الطبع مع التكليف ثمن الجنة، فأنت بطبعك تتمنى أن تطلق بصرك في الطريق، والتكليف يأمرك بغض البصر، تتمنى أن تنام، والتكليف يأمرك أن تستيقظ وتصلي، تتمنى أن تأخذ المال، والتكليف يأمرك أن تدفع المال، لابد من تناقض الطبع مع التكليف، التناقض ثمن الجنة.
 المذيع:
 وقهر الشهوة ليس حرمانها، ولكن ضبطها.
 الأستاذ:
 يوجد دليل قوي:

 

﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾

 

(سورة القصص)

 عند علماء الأصول هناك المعنى المخالف، يعني من يتبع هواه وفق هدى الله فلا شيء عليه، بل إن هذا يعد عملاً صالحاً، هذا الذي يحب زوجته، هذا الذي يكسب مالاً حلالاً ليطعم أولاده، هذا عند الله مكرّم، هو ماذا فعل ؟ جاء بالمال وتزوج، وهذه ميول طبيعية أودعها الله في الإنسان، مثلاً: أنت تحب أن تبوح بأسرار الناس، هذا هو الطبع ـ التكليف يقول لك: اصمت، لا تغتب فلاناً، الدليل القوي:

 

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(41)﴾

 

(سورة النازعات)

 حينما تنهى نفسك عن الهوى، أما الهوى حينما تستخدمه وفق منهج الله فلا شيء عليك، لذلك ليس في الإسلام حرمان، ولكن هناك تنظيم، وما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، فالمؤمن حينما يتزوج، ويسعى، ويعمل، ويتفوق، يحقق ذاته، ولا يتناقض هذا مع بلوغه الجنة، هناك عند الناس مفهوم خاطئ: إما الدنيا أو الآخرة ؟ من قال لك ذلك ؟ الدنيا والآخرة متكاملتان، ورد في الأثر: " ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته، ولا من ترك آخرته لدنياه "، قال تعالى:

﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾

(سورة النور)

 إذاً هم يتاجرون، ويبيعون، ويشترون، هناك توازن، إذاً: الشهوات حيادية أودعها الله فينا كي نرقى بها إلى رب الأرض والسماوات، وهي قوى دافعة، تماماً كالوقود في المركبة، الوقود السائل، إذا وضع في مستودعاته المحكمة، وسال في الأنابيب المحكمة، وانفجر في المكان المناسب، وفي الوقت المناسب ولّد حركة نافعة نقلتك أنت وأهلك إلى مكان جميل، ماذا يحدث ؟ انفجار في المحرك، لكن في المكان الصحيح، والزمن الصحيح، تسبّب في حركة نافعة، أما لو خرج هذا الوقود عن مساره، وأصاب المركبة شرارة لأحرق المركبة ومَن فيها، الشر من أين يأتي ؟ من ممارسة الشهوة بخلاف منهج الله، هذا الشر، إنسان أودعت فيه الشهوات، وهنا موقع الاختيار، الإنسان مخير بتحريك هذه الشهوات، لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب، لو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب، لو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة، لا يمكن إلا أن يكون الإنسان مخيراً، لكن الله يعلم علم كشف لا علم جبر.
 المذيع:
 هو مسير في كونه متى خُلق ؟ متى يموت ؟ وهكذا، ومخيّر بتسيير هذه الشهوات في منهج الله، أو في غير ذلك.
 الأستاذ:
 أنت مسيّر في أشياء ثابتة في حياتك، كونك من فلان وفلانة، هذا لا اختيار لك فيهما، أمُّ الإنسان وأبوه هما قدَرُه، مسيّر في مكان ولادته، مسيّر في زمان ولادته، مسيّر في الإمكانيات التي أودعها الله فيه، إلا أن الحقيقة الصارخة أن كل هذه الأشياء التي سيّرك الله بها هي لصالحك، عبر عن هذه الحقيقة الإمام الغزالي رحمه الله تعالى قال: " ليس في الإمكان أبدع مما كان "، أي ليس في إمكاني أبدع مما أعطاني، فأمك وأبوك وبلدتك وزمن ولادتك وإمكانياتك هي أنسب شيء لسعادتك الأبدية، لذلك قيل: " واللهِ لو كشف الغطاء لرأيتم الذي وقع هو خير "، الذي وقع هناك حقيقة خطيرة جداً، كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادته ومتعلقة بالحكمة مطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق، لا يمكن أن يقع في ملك الله مالا يريده الله، وإذا رأيت الإنسان يطغى، ويبغي فخطة الله استوعبت خطته.

 

﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)﴾

 

(سورة القصص)

 إن رأيت إنساناً قوياً يفعل، ويبطش، ويفعل مالا يرضي الله معنى ذلك أن الله سمح له لحكمة يريدها، أي أن خطة الله عز وجل استوعبت خطته، أما أن يقع في الكون شيء لا يريده الله فهذا شيء مستحيل.

 

﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾

 

(سورة يونس)

﴿ وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ ﴾

 المذيع:
 إذاً الإنسان مسيّر كما ذكرتم في أمور تقريرية قررها الله سبحانه وتعالى، وحجب عنه أيَّ خيار فيها، أما هو فمخيّر في كل مسار حياته.
 الأستاذ:
 هو مخيّر في كل ما كلّف به بالضبط، كإنسان يركب مركبة، فجاء إلى تقاطع، هناك إشارة حمراء، هو مخير أن يتجاوز هذه الإشارة مخالفاً للقانون، أو أن يلتزم بقواعد السير، لو فرضنا إنسانًا اختار أن يغش المسلمين في البيع والشراء، يسلط الله عليه جهة قوية، تأخذ منه ماله الذي ربحه بالحرام، فأنا مخير في حدود ما كلفني الله به، لكن قبل هذا التخيير هناك تسيير لصالحي، والدتي ووالدي، ومكان وزمن ولادتي وإمكاناتي، وبعد هذا التكليف هناك تسيير لتربيتي، إما أن يكافئني ربي، أو أن يعاقبني بحسب اختياري، لأن الله رب العالمين، فأنت مسير ومخير، والتسيير والتخيير لا يتناقضان بل يتكاملان، لكنك بشكل واضح مخير فيما كلفت، أمرك أن تصلي، بإمكانك أن تصلي أو لا تصلي، أمرك أن تكون صادقاً بإمكانك أن تصدق أو لا تصدق، مخير فيما كلفت.
 المذيع:
 واعلم أن هناك ثوابًا وعقابًا لكل عمل، أو لكل اختيار تختاره.
 الأستاذ:
 أما حينما أختار شيئًا لا يرضي الله، سيسيّرني الله لدفع هذا الثمن تأديباً لي، قال تعالى:

 

﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)﴾

 

(سورة السجدة)

 هذه حقيقة صارخة من دون اختيار العمل لا يثمّن، لو أن طالباً اشترى باقة زهر، وقدّمها لأستاذه، تراه طوال اليوم متألقًا، يرى عمله طيبًا أنْ قدم لأستاذه باقة زهر، لو أن أستاذه علم أن والد هذا الطالب عنده محل أزهار، وقال له: ائتني بباقة زهر غصباً، ما قيمة هذا العمل ؟ ليس له قيمة إطلاقاً، فالاختيار يثمّن العمل، ولولا الاختيار لما وجدت عملاً طيباً، الله عز وجل قال:

 

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ(22)﴾

 

(سورة المعارج)

 لأن المال تحبه وتحرص عليه إنفاقه ترقى به، فالمؤمن لا يصر على شيء، يصر على طاعة الله، بينما أهل الدنيا يصرون، فإذا أصروا أمدهم بما يشتهون.

 

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ(44)﴾

 

(سورة الأنعام)

 المذيع:
 فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي، نتابع غداً هذه المقومات، وهي حمل الأمانة.

 

﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾

 

(سورة الأحزاب)

 شكراً لكم، وأشكر الإخوة المستمعين لحسن إصغائهم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور