وضع داكن
19-04-2024
Logo
ندوات الإعجاز العلمي - الندوة : 26 - دودة القز - العنكبوت.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[ سورة الذاريات : 21 ]

 السماء ، البرزخ ، النحل ، الأرض ، ظلمات الفضاء ، الكون ، النمل ، الكواكب ، دقة الإنسان .
 التفكر في الخلق والكون ، حوارات مع الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي أحد علماء دمشق ، يجريها عبد الحليم قباني .
المذيع :
 اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 أيها الأخوة ؛ السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
 إن الزمان الذي نحيا فيه ، والذي يعرف باسم زمن العلوم والتقنية قد وفّر فيه للإنسان من المعرفة بالكون ومكوناته ما لم يتحقق لجيل من البشر من قبل ، لذلك النظر الآن في هذه الآية الكونية الواردة في كتاب الله عز وجل على ضوء الحقائق العلمية المتوفرة يعتبر من أوضح البراهين على هذا الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ، وقد جاءت الآيات القرآنية في القرآن الكريم كلها مقام الشهادة لله سبحانه وتعالى بطلاقة القدرة وبديع الصنعة .
 معنا اليوم فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي في هذه الحلقات ، يحدثنا عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، أهلاً وسهلاً بكم .
 فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي الأستاذ المحاضر في كلية التربية في جامعة دمشق ، والخطيب والأستاذ الديني في جوامع دمشق ، إن أردنا أن نفكر في شيء معين ، وإن أخذنا مثلاً ما نلبس من سترة لوجدنا أنها مرت بمراحل كثيرة كي تصبح على هذا الشكل ، فلنتفكر في هذه الحلقة مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، ومع دودة القز والحرير لنرى عجائب قدرة الله سبحانه وتعالى ، وهو أول مرحلة من مراحل صنع اللباس .

 

كل شيء في الأرض وفي السماء ينطق بوجود الله وبكماله :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
 أستاذ عبد الحليم - جزاك الله خيراً - لابد من توضيح دقيق ، أن هذه الأرض فيها آيات للموقنين ، إن أردت اليقين :

﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾

[ سورة الذاريات: 20]

 إن كل شيء في الأرض وفي السماء ينطق بوجود الله ، وبكماله ، وبوحدانيته ، والصنعة تدل على الصانع ، والحكمة تدل على الحكيم ، والقدرة تدل على القدير ، وقد قال أعرابي مرة : " البعرة تدل على البعير ، والماء يدل على الغدير ، والأقدام تدل على المسير ، أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج ألا تدلان على الحكيم الخبير ؟! " . بالتأكيد إن الله سبحانه وتعالى حينما قال :

﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾

[ سورة الأنعام : 103 ]

 حواسنا الخمس لا تستطيع أن تدرك ، أو أن ترى الإله العظيم .

﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً﴾

[ سورة الأعراف : 143 ]

 معنى ذلك أن حواسنا الخمس لا يمكن أن ترى الله عز وجل ، إلا أن عقولنا التي أكرمنا الله بها يمكن من خلال الآثار أن تعرف المؤثر ، من خلال النظام أن تعرف المنظِّم ، من خلال الخلق أن تعرف الخالق ، فنحن نملك وسائل معرفة الله عز وجل ، إنها الآثار التي تدل عليه ، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد .

دودة القز والحرير من آيات الله الدالة على عظمته :

 هذه الدودة ، دودة القز والحرير من آيات الله الدالة على عظمته ، يسميها العلماء ملكة الأنسجة بلا منازع ، مهما تفنن الإنسان في صنع قماش لطيف ليّن خفيف الوزن ، لا يمكن أن يرقى إلى مستوى صناعة دودة القز لهذا الحرير .
 الحقيقة أن خيط الحرير لعاب هذه الدودة ، فإذا لامس لعاب هذه الدودة الهواء أصبح خيطاً ، هذا اللعاب مطلي بمادة بروتينية ، يعطيه لمعاناً لؤلئياً ، خيط أساسه لعاب جفّ في الهواء ، مطلي بمادة بروتينية تجعله لامعاً ، ودودة القز تستطيع أن تنسج ست بوصات في الدقيقة الواحدة ، وطول خيطها ثلاثمئة متر ، كل ثلاثمئة وستين شرنقة تساوي قميصاً حريرياً واحداً ، كم وزن هذا القميص ؟ هذا القميص خفيف جداً لا يزيد وزنه على عشرة غرام .
 إن عشرة آلاف شرنقة تساوي كيلوًا واحدًا من الحرير ، إذاً الحرير خيط متين أمتن من الفولاذ ، فلو أمكننا أن نسحب الفولاذ بقطر خيط الحرير لكان خيط الحرير أمتن من الفولاذ ، هذه حقيقة قد لا تصدق ، فهو متين ، وخفيف ، ولامع ، وهو في الأصل لعاب يجفّ إذا لامس الهواء ، وهو مستمر ، ثلاثمئة وستون مترًا تقريباً طول خيط دودة القز ، نعيد ونؤكد أن :

﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾

 ما العلاقة بين صنع الله الذي أتقن كل شيء وبين قوله :

﴿ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾

 يتمتع الحرير بألوان زاهية ، فهناك دود يصنع الحرير الذهبي ، وهناك دود يصنع الحرير الفضي ، كاللؤلؤ تماماً ، والحرير الذهبي بلون طبيعي لا يتأثر بالشمس ، ولا يحتاج إلى تثبيت ، فهو لون ثابت كالذهب ، ولون ثابت كاللؤلؤ .
 مرة أمسكت عباءة مصنوعة من الحرير الطبيعي ، لمعانها ووزنها الخفيف شيء لا يكاد يصدق ، لذلك الحرير من أرقى أنواع الأنسجة ، وهو من صنع هذا المخلوق الصغير الذي يسمى دود القز .

 

الإنسان دائماً في قبضة الله :

 أنا ألاحظ أن الإنسان كلما أراد أن يبلغ الكمال في صنعته يقترب من صنعة الله ، فالصوف الطبيعي غالٍ جداً ، السبب أن خيط الصوف مفرغ ، خيط الصوف الذي تصنع منه الألبسة الشتوية مفرغ في داخله ، وهذا سرّ الخاصة التي يتمتع بها الصوف ، أما الإنسان حتى الآن فلم يستطع أن يصنع خيطاً مفرغاً من داخله بدقة خيط الصوف ، الآية الكريمة :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة آل عمران: 190-191 ]

 أنا حينما أستخدم عبارة " متين " ، فهذه عبارة فيزيائية دقيقة ، المتانة صفة تقاوم قوى الشد ، والقساوة صفة تقاوم قوى الضغط ، فأنا حينما أضغط أو أشد قوى الضغط تقابلها قوة القساوة ، وقوى الشد تقابلها قوة المتانة ، فالفولاذ المضفور أمتن العناصر على الإطلاق ، لذلك تصنع منه الحبال الفولاذية التي تحمل المصاعد ، وتحمل التلفريك ، فأمتن عنصر على وجه الأرض هو الفولاذ المضفور ، إن خيط دودة القز أمتن من الفولاذ ، ولكن لا يستخدم في الصناعة، بينما أقسى المواد على الإطلاق الماس ، وميناء الأسنان يأتي بعد الماس في درجة القساوة ، الآن لو فكرنا في قوله تعالى :

﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾

[ سورة الأعراف : 183]

 ما علاقة المتانة هنا مع كيد الله عز وجل ؟ كيد الله هو تدبيره ، ومعنى : " إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ " ، أي إن الإنسان مهما بدا كبيراً ، مهما بدا قوياً ، مهما بدا متألهاً ، فهو مربوط بحبل متين لا يستطيع التفلت من أمر الله ، ومعنى قوله تعالى :

﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا﴾

[ سورة الأنفال : 59]

 معنى ،

﴿ سَبَقُوا ﴾

  أن الذين كفروا بالله عز وجل لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً ما أراده الله ، وأن الذين كفروا بالله عز وجل لا يستطيعون أن يتفلتوا من منهج الله ، إذاً المتانة تعني مقاومة قوى الشد ، والقساوة تعني مقاومة قوى الضغط ، ما دام الحديث قد وصل إلى هذا أذكر أن الإسمنت السنتمتر المكعب منه يتحمل من قوى الضغط ما يزيد عن خمسمئة وخمسين كيلو ، لكن هذا السنتمتر المكعب من الإسمنت لا يتحمل من قوى الشد إلا خمسة كيلو ، خمسة كيلو تكسره شداً ، وخمسمئة وخمسون كيلو يتحملها ضغطاً ، لذلك لابد في الإسمنت من تسليحه بالحديد .
 أما الذي ذكرته قبل قليل :

﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾

  أي إن الإنسان في قبضة الله ، قد يتوهم أنه طليق ، هو ليس طليقاً ، ولكنه مربوط بحبل مرخى إلى أن يحين الحين .
 إذاً يمكن أن تكون هذه الدودة بخيطها الذهبي أو اللؤلئي ، بخيطها المتين البراق الذي يفوق في متانته الفولاذ ، وبهذا الطول المديد ثلاثمئة متر ، وبهذا الوزن الخفيف آية من آيات الله الدالة على عظمته .
المذيع :
 حكمة أودعها الله سبحانه وتعالى في خلقه ، كما تحدثنا عن دودة القز ، والحرير ، وهذا الصنع من لعاب دودة القز ، وهذا النسيج الذي يخرج منها ، وهو من أجمل ما رأينا من نسيج ، إن خرج ذهبياً أو لؤلئياً .
 حكمة أخرى ذكرها الله سبحانه وتعالى في آية كريمة تحدثت عن بيت العنكبوت ، وهذا ما ذكرتم في كتابكم ، فحبذا لو تحدثونا عن هذه الآية الكريمة .

 

لفت نظر الإنسان غاية كل شيء مذكور في القرآن الكريم :

الدكتور راتب :
 إن بيت العنكبوت ذكره الله في القرآن الكريم فقال :

﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة العنكبوت : 41]

 الوهن هو الضعف ، بيت العنكبوت أوهن بيت بنص هذه الآية ، فقال العلماء : " إنّ هي حرف مشبه بالفعل يفيد التوكيد ،

﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ ﴾

 اللام في قوله :

﴿ لَبَيْتُ ﴾

 هي في إعراب النحاة لام المزحلقة ، هي أساسها لام التوكيد ، زحلقت من اسم إنّ إلى خبرها ، إذاً يوجد توكيدان في الآية :

﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾

  إنّ تفيد التوكيد ، واللام المزحلقة تفيد التوكيد أيضاً ، يقول الله عز وجل :

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾

[ سورة العنكبوت : 43]

 إذا ذكر الله شيئاً من خلقه فليلفت نظرنا إليه ، وبعضهم قالوا : إذا أقسم الله بشيء فالنسبة إلينا ، إنه عظيم بالنسبة إلينا لا بالنسبة إليه ، وإذا لم يقسم فمعنى ذلك بالنسبة إليه هذا توجيه للقسم ، لقوله تعالى :

﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾

[ سورة الشمس : 1]

 وفي قوله تعالى :

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾

[ سورة الواقعة : 75]

 فإذا أقسم فبالنسبة إلينا ، وإذا لم يقسم فالنسبة إلى ذاته ، هذه بعض توجيهات الآيتين الكريمتين ، الله عز وجل هنا يؤكد مرتين بإنّ وباللام المزحلقة :

﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ﴾

.

 

بيت العنكبوت درس لنا في مواجهة أعدائنا أعداء الأمة :

 جاء في بعض التفاسير أن بيت العنكبوت ضعيف ، لأنه لا يغني عنها من حر ، ولا من قر ، ولا من مطر ، ولا من رياح ، وهو ضعيف لتفاهته وحقارته ، هكذا ورد في بعض التفاسير . ولكن أستاذاً في علم الحشرات في كلية العلوم في إحدى الجامعات العربية يقول في بعض كتبه العلمية : إن في قوله تعالى :

﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً﴾

[ سورة العنكبوت : 41]

 في هذه الآية إعجاز علمي حيث إن التي تبني البيت هي الأنثى ، فجات تاء التأنيث في قوله تعالى :

﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ﴾

 أي هل يستطيع واحد في عهد النبي أن يفرق بين ذكر العنكبوت وأنثاها ؟ مستحيل ، الآن ثبت أن التي تبني البيت هي الأنثى .
 هناك ملمح آخر في قوله تعالى :

﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي﴾

[ سورة النحل : 68]

 فالنحلة التي تبني بيت الشمع أيضاً أنثى ، بعض العلماء استنبط - ولعل هذا قريب من الصحة - أن في عالم الحيوان الأنثى هي المسيطرة ، وهي التي توجّه ، وأن دور الذكر محدود جداً أمام مهمات الأنثى .
 فلذلك حينما يتخلى الإنسان عن قوامته التي كرمه الله بها ، ويعطي دفة القيادة إلى زوجته ، فكأنه ابتعد عن إنسانيته التي شرفه الله بها ، حينما قال :

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾

[ سورة النساء : 34]

 لكن أنا اطلعت على بحث جديد في العنكبوت أن خيطه أمتن من الفولاذ بخمسة أمثال ، بل إن بعض الأنسجة التي تصنع منها القمصان التي تقاوم الرصاص مصنوعة من مواد تشبه المواد التي صنعت منها خيوط العنكبوت ، فالوهن هنا أنه لا يقيها لا من حر ، ولا من برد، ولا من رياح ، ولا من مطر ، أما خيط العنكبوت كخيط دودة القز فأمتن من الفولاذ ، وهذا من آيات الله الدالة على عظمته .
 الأنثى في العنكبوت هي التي تغزل البيت ، وهي التي ترغب الذكر في الدخول إلى البيت ، حيث تقوم أمامه بحركات مغرية ، وتسمعه بعض الألحان الطنانة ، فيأوي إلى بيتها ، وبعد التلقيح تأكله ، وتفترسه ، وتأكل أولادها من بعده ، ويأكل بعض أولادها بعضهم الآخر ، فضعف البيت هنا إضافة إلى أنه يقيها لا من حر ، ولا من قر ، ولا من رياح ، ولا من مطر ، فضعف هذا البيت يتأتى من ضعف علاقاته الداخلية ، وقد يجمع الضعفان في ضعف واحد .
المذيع :
 الحمد لله أن الإنسان بعيد عن هذا الأمر .
الدكتور راتب :
 هذه من آيات الله الدالة على عظمته ، هذه الرحمة التي أودعها الله في الإنسان هي من الله عز وجل ، بدليل أنه لم يدعها في بعض الحيوانات ، يلقحها ثم تفترسه ، ثم تأكل أولادها، بل إن بعض أولادها يأكل بعضهم الآخر ، فالوهن هنا التمزق الداخلي ، وفي هذه الآية ملمح كبير لنا ، فكلما اختلفنا ، وكلما تنازعنا ضعفنا ، قال تعالى :

﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾

[ سورة الأنفال : 46]

 ومعنى تفشلوا ؛ تضعفوا ، نستخدمها نحن خطأ في الإخفاق ، الفشل هو الضعف ، " وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ " ، طبعاً هذا درس لنا في مواجهة أعدائنا أعداء الأمة ، لابد من التماسك الداخلي حتى نكون أقوى على مواجهة الأخطار الخارجية .

 

خاتمة وتوديع :

المذيع :
 إذاً أيها الأخوة والأخوات ، فكما شاهدنا وسمعنا أن لكل خلق الله ، أو لكل حيوان من الحيوانات التي خلقها الله سبحانه وتعالى ، وكل حشرة من الحشرات هناك حكمة من وراء صنعها وخلقها ، فدودة القز هي التي تعطي الحرير ، وهو الحرير المتين جداً ، وصاحب هذه الألوان البهية ، وبيت العنكبوت والذي ضربه الله عز وجل مثلاً في آياته :

﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ﴾

 يدل على هذا الوهن الداخلي والخارجي .
 نتابع مع الدكتور محمد راتب النابلسي هذه السلسلة من الحلقات ، وإلى حلقة قادمة بإذن الله تعالى ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور