وضع داكن
28-03-2024
Logo
رحلة استراليا 2 - المحاضرة : 1 - سؤال وجواب1.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركاته.
 مستمعينا الأعزاء، أسعد الله مساءكم بكل خير، وأهلاً بكم إلى هذه الفترة من البث المباشر، يزور أستراليا حالياً، وبدعوة من الصوت الإسلامي والمجلس الإسلامي في ولاية (نيوث أوس ويرز) كبير من أعلام الدعوة الإسلامية، وداعية إسلامي ذاع صيته في كل أنحاء العالم، غزير المعرفة، عميق الفكر، واسع الإدراك، يعمل ليل نهار، وعلى مدار الساعة لخدمة هذا الدين العظيم، إنه ضيفنا الكبير المفكر الإسلامي فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي حفظه الله، الذي يسعدنا، ويشرفنا أن نرحب به باسم كل الجالية في أستراليا، ونستضيفه معنا اليوم بهذه الأمسية في استديو إذاعة الصوت الإسلامي لنطرح عليه بعض الأسئلة ثم لنستقبل بعد ذلك بإذن الله مكالماتكم.
 فضيلة الدكتور السلام عليكم وأهلاً بكم.
 الأستاذ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وشكراً لكم.
 المذيع: يسعدنا كثيراً أن تكون معنا هذه الليلة، وقد سعدنا جداً جداً من اللقاء ليلة أمس، ومن هذه المحاضرة القيمة جداً التي تكرمتم بها علينا، جزاكم الله خيراً.
 الأستاذ: بارك الله بكم، ونفع بكم.
 المذيع: سيدي الكريم، فكرت كثيراً في انتقاء موضوع نتحدث به مع فضيلتكم هذه الليلة، ثم
اخترت أن نسأل أسئلة نستطيع من خلالها أن نتشعب، ونتوسع.
 سؤالنا الأول لفضيلتكم: خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، وفضله على باقي المخلوقات، فهل لهذا الإنسان دور أنيط به، وما هو هذا الدور ؟
 الأستاذ: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الحقيقة أن الإنسان هو المخلوق الأول رتبة، وأن الله سبحانه وتعالى قال:

﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾

(سورة الأحزاب )

 فلما حملها الإنسان فضله الله على جميع المخلوقات.

 

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)﴾

 

(سورة الإسراء)

 ولما قبل حمل الأمانة سخر الله له ما في السماوات الأرض تسخير تعريف وتكريم، كلما في الكون يعرف بالله عز وجل، وكل ما في الكون تكريم وأي تكريم لهذا المخلوق الأول، لذلك من عرف نفسه عرف ربه، وأن هذا الإنسان حينما جاء الله به إلى الدنيا كلفه أن يعبده، والعبادة علة وجوده في الدنيا، لقوله تعالى:

 

﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

 

(سورة الذاريات)

 فالإنسان لا تصح حركته إلا إذا عرف سر وجوده، وغاية وجوده، يبين الله له أن غاية وجوده أن يعبده، لو أردنا أن نضغط الدين كله في كلمات ثلاث تعرفه فتعبده فتسعد به في الدنيا والآخرة، لذلك العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، طاعة طوعية ليست قسرية، لو أرادها قسرية لكان، ولكن الطاعة القسرية لا تثمر سعادة، ولو شاء ربك لهدى الناس جميعاً، علاقة الحب هي أساس علاقة الإنسان بربه، يريد الله من الإنسان أن يأتيه مختاراً بمبادرة منه محباً، أما لو شاء لجعل الناس أمة واحدة، رئيس الجامعة لو أراد لوزع على الطلاب أوراق الإجابة، وقد كتبت عليها الإجابة التامة، ووضعت علامة مئة، وما على الطالب إلا أن يكتب اسمه فقط، هذا نجاح، لكن ما قيمة هذا النجاح ؟ لا قيمة له لا في الأوساط الجامعية، ولا عند الناس، ولا عند الطالب إطلاقاً ! نجاح تافه ساقط ! ولو أراد الله عز وجل لهذا الإنسان أن يستقيم قسراً لخلق ذلك القسر، ولكن هذه الاستقامة، وتلك الطاعة التي أجبر عليها لا قيمة لها عند الله إطلاقاً، لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لسقط الثواب، ولو أجبرهم على المعصية لسقط العقاب، ولو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة، إن الله أمر عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلف يسيراً، ولم يكلف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، فالإنسان مخير.
 إذاً هي طاعة طوعية، لكنه ما عبد الله من أطاعه طاعة طوعية، ولم يحبه، وما عبد الله من ادعى محبته، ولم يطعه، طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
 المذيع: ما شاء الله دكتور نحن نطرح السؤال،فإذا بك كالنبع المستفيض، من يسمع في بيته يظنك تقرأ في كتاب، ولا يظنك أنك ترتجل الإجابة ارتجالا !
 أعزائي المستمعين، نشكركم جزيل الشكر، وقبل أن نشكركم نشكر الضيف الكبير الداعية الدكتور محمد راتب النابلسي على هذا اللقاء الطيب، وعلى تكرمه بالجلوس معنا هذا الوقت الطويل، آملين أن نسهر معه سهرات مستمرة دائمة نشبع من وجوده، ونغرف من علمه ما شاء لنا الله، وباسمكم جميعاً نشكره مرة أخرى، سائلين له طيب الإقامة إن شاء الله تعالى بين ظهرانينا.
 فضيلة الدكتور شكراً جزيلاً ونلقاكم في المحاضرة في كينسي.
 الأستاذ: بارك الله بكم، ونفع بكم، وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنكم إن شاء الله.

 

إخفاء الصور