وضع داكن
19-04-2024
Logo
رحلة استراليا 1 - المحاضرة : 02 - حلاوة الإيمان - مسجد لاكمبا
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 ومطالعة ملك هذه الحقائق، وكانتا خارطة، أمات الذي يملك حلاوة الإيمان هو الذي يسكن هذا الخط، يملكه و يسكنه، هنا المفارقة، بين أن تملك صورة لسيارة جميلة جدا، و بين أن تركب هذه السيارة، كم هي المسافة واسعة بين حقائق الإيمان التي يدركها أي إنسان، و بين حلاوة الإيمان الذي لا يذوقها إلا من دفع، لها ثمن، نحن عندنا قاعدة، كل شيء له ثمن في الحياة، من أجل أن تذوب سعادة باللقاء مع الواحد الديان، من أجل أن تنقلب مقايسك، فتجعل العطاء ديدينك، من أجل أن تشعر أنك أسعد الناس في الدنيا، ينبغي أن تذوق حلاوة الإيمان، وحلاوة الإيمان ذهب.
 بالمناسبة أيها الإخوة، أنت يمكن أن تعرف أمر الله، كتب الفقه دونك، أمامك، يمكن أن تعرف خلق الله، خلق الله جامعات العالم ؛ الفيزياء و الكيمياء والرياضيات والفلك والهندسة و الجبر، وعلم الطب وعلى الوراثة وعلم الأجنة، علوم الأرض تدرسها جامعات الأرض، هناك كليات آداب، كليات علوم، كليات فنون، كليات عفلم تجريبي، كليات علم تطبيقي، فيزياء نووية، كيمياء عضوية، كيمياء فيزيائية...إلخ، هذه علوم خلق الله تدرسها جامعات العالم، وهناك علوم أمر الله تدرسها كليات الشريعة في العالم، أحكام الطلاق والزواج و البيع و الشراء و الوديعة و الوكالة و الحوالة وما إلى ذلك، لكن الشيء الذي نفقده هو العلم بالله.
 إخواننا الكرام ؛ العلم بخلق الله، و العلم بأمر الله يقتضي المدارسة فقط، يحتاج إلى أستاذ و إلى كتاب و إلى فكر وإلى وقت، وإلى إنفاق، طلاب الجامعة ينفقون أموالهم، وأقساط و ثمن كتب، ويداومون على محاضرات الجامعة، و يقرؤون في الليل ويؤدون الامتحان و يأخذون الشهادة و يتسلمون مناصب، هذا علم بأمر الله، إن كان في أمور الدين هذا علم بأمر الله، وإن كان في أمور الدنيا فهذا علم بخلق الله، لكن الشيء الذي برع فيه أصحاب رسول الله أنه كان لهم علم بالله، فرق كبير بين العلم بأمر الله، وبين العلم بالله، إنك إن عرفت الله ثم عرفت أمره تفانيت في طاعة الله، أما إذا عرفت الأمر فقط ولم تعرف الله تفننت في التفلت من أمره، العلم بأمر الله و خلق الله يقتضي المدارسة، أستاذ و كتاب ووقت و إنفاق، و امتحان و شهادة ومنصب، لكن بالعلم بالله يقتضي المجاهدة، قال حجة الإسلام الإمام الغزالي: " جاهد تشاهد "، قال تعالى:

﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾

(العنكبوت الآية: 69)

 العلم بالله يقتضي المجاهدة، الثمن باهظ، طبعا ضبط الحياة كلها ؛ الجوانح، ضبط الدخل، ضبط الإنفاق، ضبط الأسرة، ضبط البيت، ضبط العمل، هذه المجاهدة، أن تضبق أمر الله، مرة اطلعت على كتاب في التصوف فيه مقدمة أعجبتني، أتى بأربعة أدعية، يقول مؤلف الكتاب: " اللهم إني أعوذ بك - بالمناسبة أنا لا أريد و لا أرضى ولا يجوز أن نحدث في الإسلام مصطلحات جديدة، نحن عندنا في الإسلام، إسلام و إيمان وإحسان، عندنا منهج النبي عليه الصلاة و السلام، عندنا سنة مطهرة، فلا يجوز أن نحدث في الإسلام مصطلحات جديد لكن هذا الكتاب يقول: " اللهم إني أعوذ بك أن يكون أحد أسعد بما علمتني مني "، أي أنا أشرح حديثا، أبيِّن آية، يأتي المستمع ويتأثر بها، و يعقلها و يطبقها و يقطف ثمارها، والذي ألقى الدرس لم يطبقها، فشقي بعلمه و سعد الآخرون بعلمه، " اللهم إني أعوذ بك أن يكون أحد اسعد بما علمتني مني، اللهم إني أعوذ بك أن أقول قولا فيه رضاك ألتمس أحدا سواك "، هذه الكلمة الحق التي تُلقى من أجل باطل، اللهم إني أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك ؛ أي يوم الجمعة أرتدي ثوبا أبيض، و أتعطر، و أضع المسواك في جيبي، و أمسك سبحة بيدي، و أسبح، و في ليلة سابقة كنت في حال لا يرضي الله، اللهم إني أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك، و الشيء الرابع " اللهم إني أعوذ بك أن أكون عبرةً لأحد من خلقك "، أن أكون قصة تُروى في كل مجال، اللهم إني أعوذ بك أن أكون عبرةً لأحد من خلقك.
 فيا أيها الإخوة ؛ العلم بالله يقتضي المجاهدة، الثمن باهظ، الواحد يملك ألف مليون، يدفع مليونا و يكسب سمعة كبيرة، يسمى المحسن الكبير، و يشاد به في المجالس، ويثنى عليه في الكلمات، وهو دفع واحدا من ألف من ثروته، و كسب معنويات أضعافا مضاعفة، قال تعالى:

 

﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ﴾

 

(التوبة: الآية 19)

 قد يكون إنفاق المال سهلا عند الغني، ذي الغنى الفاحش، لكن أن تغض بصرك عن محارم الله، أن تضبط لسانك، أن تؤدي الصلوات بخشوع و إتقان، أن تكون وقافا عند حدود الله، أن تحل الحلال، تحرم الحرام، هذه البطولة، إذًا مبدئيا هناك علم بالله يقتضي المجاهدة، وعلم بأمره يقتضي الدارسة، وعلم بخلقه يقتضي المجاهدة، هذا أيضا تمهيد للحديث، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))

 

(متفق عليه)

 بربكم لو سالنا مليار و مئتي مليون مسلم فرضا باستبيان: هل تحب الله و رسوله حباأشد من حبك لأي شيء آخر ؟ لأجاب المليار و المئتا مليون مسلم: نعم، القضية سهلة، فما معنى الحديث إذًا ؟ معنى الحديث حينما تتعارض مصالحك المادية مع الحكم الشرعي في الكتاب و السنة، قال تعالى:

 

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾

 

(الأحزاب: الآية 36)

 كيف المفاوضات، يقول لك المفازض العنيد: هذا البند لا يمكن أن أسمح بإدراجه في جدول الأعمال، المؤمن الصادق حينما يثبت له حكم شرعي من خلال الكتاب و السنة ليس له خيار إطلاقا أن يضعه موضع المناقشة:

 

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾

 

(الأحزاب: الآية 36)

 وقال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾

 

(الحجرات: الآية 1)

 قال لي واحد في الشام: لو ألغينا فريضة الحج وأنفقنا الأموال لمصالح المسلمين ؟ قلت له: ما شاء الله كان، خالق الأكوان غابت عنه مصالح المسلمين، فأمرنا بأمر ثبت أنه غير ذي نفع، هنا المشكلة، أنت حينما تدخل إلى عيادة طبيب متفوق، وأنت في أمس الحاجة إليه، والله لا تجرؤ في قلبك أن تناقشه، طبيب يحمل بورد، له باع طويل في الطب، لا تجرؤ أن تناقش إنسانا كبيرا، تنفِّذ و كفى، لكن مع خالق الأكوان، لِمَ هذه الفريضة ؟ و ما حكمة الصلاة ؟ ولم الصيام، و لم الحج، لم ذبح الأضاحي في الحج ؟....إلخ، المؤمن لا يقد م بين الله و رسوله شيئا، لا يقدم شيئا خلاف القرآن ؛ اقتراحات، و لا يقد شيئا خلاف السنة، لأن الكتاب و السنة الأول وحي السماء، و الثاني تبيان سيد الأنبياء، فأن يكون الله في كتابه، والرسول في سنته أحب إليه من حطام الدنيا، يعني بيت سُجِّل باسمك باحتيال، بيت فخم، جميل، له إطلالة، واسع، لكن طريقة تملكه ليست شرعية، فإن آثرت هذا البيت على طاعة الله فالطريق إلى الله غير سالك، غير سالك و لا آمن، قال تعالى:

 

﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)﴾

 

(التوبة: الآية 24)

 هذا كلام خطير، وهذه حقيقة مرة، نحن مشكلتنا عدم المجاملة، لا تجامل، كن مع الحقيقة المرة و لا تكن كالنعامة، حينما تؤثر، نحن في العيد ما نقول عقب الصلوات الخمس ؟ نكبِّر ؛ الله أكبر، الله أكبر، اصغوا إلى ما سأقوله لكم: من قال: الله أكبر ألف مرة، و أطاع مخلوقا و عصى خالقه ما قالها و لا مرة و لو ردّدها بلسانه ألف مرة، الحقيقة ما هي أنه رأى طاعة هذا الإنسان أكبر عنده من طاعة الله، فأطاعه وعصى ربه، قل: الله أكبر مليار مرة، لا تسجل لك ولا واحدة، لأن حقيقتك وواقعك مخالف لها، من أطاع زوجته في معصية و عصى خالقه، ما قال الله أكبر ولو رددها بلسانه ألف مرة، لماذا ؟ لأنه رأى أن رضا زوجته أكبر عنده من رضا الله، امرأة لأحد الصحابة طالبته بأشياء من الدنيا، قال لها: اعلمي أيتها المرأة أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس و القمر، فلأَن أضحي بكِ من أجلهن أهون من أضحي بهن من أجلكِ، فالقضية قضية تعاكس عند التضارب، حينما يأتيك دخل غير مشروع، و القرآن يحرم هذا الدخل، و تقول: ماشي الحال الله يغفر لنا، نحن عبيد إحسان ولسنا عبيد امتحان، ما نفعل، الناس كلهم هكذا، أنت ما قلت: الله أكبر و لا مرة، وأنت ما عرفت حلاوة الإيمان، لأن مصلحتم أغلى عندك من طاعة الرحمن، أن يكون الله في كتابه و النبي في سنته أحب إليك من كل ما في الدنيا من مكاسب عند التعارض، لو لا يوجد تعارض ليس هناك مشكلة، أنت متمني أن تتزوج و الزواج مسموح شرحا، تزوجت و سعدت بهذا الزواج، ليس هناك مشكلة، أما عند التعارض، حينما تتعارض مصلحتك مع الحكم الشرعي الكتاب والسنة فأنت ضحّيت بحلاوة الإيمان.
 مرة شاب قال: يا رب، لقد عصيتك و لم تعاقبني، ناجى ربَّه، قال: وقع في قلبه أن يا عبدي قد عاقبتك و لم تدري، ألم أحرمك لذة مناجاتي، فإذا الإنسان آثر طاعة من حوله، أو آثر مصالحه على النص الشرعي حُجب عن الله و فقد حلاوة الإيمان، ما الذي يحصل بعد هذا ؟ يصبح الدين عبئا عليه، ثقيلا، العبادات متعبة، الصلوات في المسجد متعبة، الالتزام صعب، غض البصر صعب، يستثقل أوامر الله، لأنه حب عن حلاوة الإيمان، بقي مع حقائق الإيمان، الحقائق ثابتة، أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما، إذا آثرلات طاعة الله، بالمناسبة إخواننا الكرام، هناك نقطة دقيقة جدا، مثلا مبلغ كبير جدا يأتيك من طريق مشبوه، نحن عندنا قواعد، قواعد التعامل، هناك قوانني مستنبة من حركات الحياة، أوضحها لكم، أنت أقرضت إنسانا مائة ألف دولار، قرضا حسنا، بحسب قوانين الأرض هذه تأخذها بعد عام وقدد فقدت من قيمتها الشرائية جزءا من قيمتها الشرائية، في كل مكان في العالم، فهذا القرض خاسر، أما حينما تقرض إقراض ربويا تأتيك الفائدة لعلها ترمم التضخم النقدي، فهذا قرض رابح، فعلى الآلة الحاسبة القرض الربوي رابح، و القرض الحسن خاسر، في القرآن:

 

﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾

 

(البقرة: الآية 276)

 كيف نوفق ؟ أقول لكم: هناك حركة الحياة، يستنبط منها قوانين، هذه القوانين صحيحة، و لكن مع التحفظ، أنت حينما تدوس بلقدمك على مصالك المادية تؤثر طاعة الله، تخضع لقوانين أخرى، لمنظومة قوانين أخرى، هي منظومة القوانين الإلهية، هذه ليس لها قاعدة، وغير مكشوفة للناس، أنت حينما ترفض دخلا مشبوها يأتيك بعد حين إنسان تنتفع منه بشكل مشروع أضعاف أضعاف من هذا الدخل، أنت على قوانين حركة الحياة خاسر في هذا الموقف، لكن على قوانين الله، على قوانين العناية الإلهية الخاصة رابح في المستقبل، مثلا، مطعم يبيع طعاما مع خمر، دخله كبير جدا، في الشام هناك مطعم أعرق مطعم في دمشق و في أعرق أحياء دمشق، يبيع الخمر خمسا و عشرين سنة، أقسم لي صاحبه، قال: أكثر من عشرين شركة إفرنسية تعاقدت معها والأرباح خيالية، لكن أسعار عشر أضعاف، شركات فرنسية موظفوها و ضيوفها يأكلون في هذا المطعم، وأكل نار، أكل بحري، قيأتي بالأسماك البحرية الطازجة، له أساليب وتفننات في عرضها، ويأخذ عشر أضعاف، حج بيت الله الحرام، دخل فلكي، قال لي: والله ثمن الألبسة له ولزوجته بالملايين، أثاث بيته يجد كل عامين، دخل مخيف، عشرون عقدا مع شركة، يضع أسعارا كما يريد، ويرضيهم بالطعام و الشراب مع الخمر، حج بيت الله الحرام، وهو يبيع الخمر، هنا المشكلة، هذه القصة توضح هذا الحديث، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، تاب إلى الله و أوقف بيع الخمر، أقسم لي بالله الدخل هبط إلى الواحد بالمائة، طبعا الشركات لما امتنع عن بيع الخمر كلها ألغت عقودها معه، و المطعم فخم جدا، بأرقى أحياء دمشق، له رواد مخصوصون، فلما ترك بيع الخمر لم يأته أحد، و بدأ يشكو ضيق ذات اليد، يحضر دروسي دائما، واللهِ أحيانا أستمد من وجهه بعض الإشراق، يبكي، عمل عملا عظيما، وضع مصلحته تحت قدمه، داس بقدمه ثروته، لكنها من حرام، و آثر الحكم الشرعي ؛ أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما، أحيانا تسكن بيتا مغتصَبا، تملك شركة مغتصبة أحيانا، تدير شركة تبيع مواد محرمة أحيانا، مواد تكرس الفساد في الأرض، والآن التجارات غير المشروعة رابحة جدا، و لحمة بالغة بالغة بالغة جعل الله الحرام سهلا والحلال صعبا، لو أن الآية معكوسة، لو أن الحلا سهل والحرام صعب، لأقبل الناس جميعا على الحلال، لا حبا لله، ولا طاعة له و لكنه سهل، أما إنسانة تعمل ثماني ساعات في تنظيف البيت تأخذ مبلغا، إنسانة أخرى ترتزق بجسمها، وتأخذ مائة ضعف على أجر الأولى، في ربع ساعة، أو نصف ساعة، إذًا الحلال صعب، هذا فرز للمؤمنين، المؤمن يقول: معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين، لا تكون مؤمنا حتى يستوي التبر مع التراب، المائة مليون كالليرة الواحدة، كالدولا ر الواحد في جنب الله عز وجل.
 أحد قال لي: كنت منحرفا أشد الانحراف، و كنت مسرفا على نفسي في المعاصي، و قال: أقول لك واللهِ ما من معصية تخطر على بالك إلا واقترفتها عدا القتل، ما قتل، أما كل أنواع المعاصي الأخرى اقترفها، قال لي: ولي شبكة علاقات مخيفة، ولي معارف و أصدقاء في مراكز حساسة، وأموري ميسرة، و مصالحي في أعلى درجة، هذا أصيب بأزمة قلبية فدخل المستشفى، شعر أنه على وشك مغادرة الدنيا فنجا ربه، و قال: يا رب أتريد أن ألقاك عاريا يا رب، أعطني مهلة أتوب إليك، فالله عز وجل أعطاه مهلة، فبعد أن تاب إلى الله، بدأ يحضر دروس العلم، أنا عندي يوم الجمعة دروس، الفجر و الظهر و المغرب، والسبت و الاثنين، حضرها كلها، وزيارات شخصية، قال لي: لا يكفيني، قال: بقي لي ثلاة أيام الثلاثاء والأربعاء و الخميس، أنا منلي في هذه الثلاثة الأيام ؟ أنا لم أر طالب علم بهذا الإصرار، بعدئذ حدثني هذا الحديث، قال لي: ناجيت الله عز وجل، قلت يا رب: طل هذه السعادة بسبب الاتصال إليك، بسبب هذه الجلطة، فلم لم ترسل لي هذه الأزمة قبل عشر سنوات ؟لو جلطة تعمل قربا من الله لزهدت في الدنيا، هذه حلاوة الإيمان، حلاوة الإيمان تجعلك أسعد إنسان، حلاوة الإيمان تجعلك تضحي بالغالي والرخيص والنفس والنفيس، حلاوة الإيمان تجعلك تصمد أمام أجمل امرأة، حلاوة الإيمان تفقد قوة تأثير سياط الجلادين و سبائك الذهب اللامعة، لا هذه تغريك، و لا تلك تشقيك، هذه حلاوة الإيمان، المؤمن دولة، أمة، "

 

﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾

 

(النحل: الآية 120)

 أيعقل أن يمد الصديق سيدما خالدا، طلب خمسين ألف مدد ليمده بواحد، اسمه القعقاع، ما هذا التاريخ الذي تدرسه، قال له: أين المدد ؟ قال: أنا، قال: أنت المدد ؟ قال: لا تعجب يا خالد هذا الكتاب، قرأ الكتاب " من أمير المؤمنين أبي بكر الصديق إلى خالد بن الوليد، أحمل الله إليك، اعلم يا خالد أنه والذي بعث محمدا بالحق إن جيشا فيه القعقاع لا يُغلب "، و انضم هذا الفرد إلى هذا الجيش و انتصر، كان أصحاب رسول الله الواحد بألف، بينما المسلمون الألف كأف:

 

﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105)﴾

 

(الكهف: الآية 105)

 خان أمر الله عليهم فهانوا على الله، قال: ماذا قول ؟ طبعا قد تنطبق هذه في بلاد أخرى، كلما قل ماء الحياء قلّ ماء السماء، و كلما رخص لحم النساء غلا لحم الضان، وكلما اتسعت الصحون على السطوح ضاقت صحون المائدة، أما في البلاد فيها رخاء يفوق حد الخيال، و معاصي تفوق حدَّ الخيال، هذه تنطبق عليها الآية الكريمة:

 

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾

 

(الأنعام: الآية 44)

 لم يقل: باب كل شيء، أبول جمع، لم يقل: أبواب شيء، أبواب كل شيء، لا يوجد أوسع من هذا الكلام، مال، وغنى، و جمال طبيعة، ونساء فاتنات، و قصور جميلة، و دخل فلكي، وغطرسة وعنجهية واستعلاء وكبر، بربك لو كنت طبيبا مخلصا، و جاءك مريض معه سرطان من الدرجة الخامسة، ولا شفاء له، قال له: ماذا آكل، كل كل شيء، أي شيء، لا مشكلة، هذا منتهي، البطولة أن تكو ضمن العناية الإلهية المركزة، أن تكون في العناية المشددة، أما حينما يكون الإنسان خارج هذه العناية لا قيمة له عند الله، عندنا تعبير في الشاك، تعبير باللغة الدارجة، خذها وانمحق:

 

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)﴾

 

(الأنعام: الآية 44)

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5)﴾

(فاطر: الآية 5)

 هناك آية دقيقة جدا ؛ قال تعالى:

 

﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)﴾

 

(آل عمران: الآية 196-197)

﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾

(البقرة: الآية 126)

 هكذا سيدنا إبراهيم، فقط:

 

﴿مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾

 قال:

 

 

﴿قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)﴾

 

(البقرة: الآية 126)

((أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُما))

 الآن:

 

(( وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ))

 فالمؤمن يعطي لله، يمنع لله، و يصل لله، ويقطع لله، ويوالي لله و يعاجي لله، و ينفق لله، و يمنع ماله لله، يجتمع على الله و يتفرق على الله، قد يجمعك مع إنسان الإيمان، فإذا انحرف تبرأت منه، الذي جمعني معك فرَّقني عنك، أبعدني عنك، هذا هو الإيمان ولاء وباء، أما هؤلاء المسلمون المقصرون حينما يوالون أهل الدنيا الأقوياء والأغنياء هم خرجوا من أساسيات الإيمان، تجد المسلم على أخيه المشسلم قويا، أما أمام غير المسلم ضعيف ذليل، لذلك من جلس غلى غني و تضعضع له ذهب ثلثا دينه"، ينبغي أن تكون عزيزا، أن تقول: لا الله، الغني، أن تكون في حياتك كلمة " لا " تقولها بملء فمك و لا تخشى في الله لومة لائم.
 قصص كثيرة تؤكد هذه الحقيقة، مرة الحسن البصري تكلم كلاما فاستحق غضب الحجَّاج، و القصة ذكرتها لكم البارحة فيما أذكر، قال: ائتوني به لأقطع رأسه، وجاء بالسياف و مُد النطع، فدخل الحسن البصري، رأى الوضع ففهم كل شيء، فحرك شفتيه، فقيل له: ماذا قلت، هو لما دعا الله، الحجاج قال: أهلابأبي سعيد، أنت سيد العلماء، و قربه و أجلسه إلى حنبه، و دعا له، وأكرمه وشيعه، فقال له الحاجب: يا أبا سعيد لقد جيء بك لغير ما فُعل بك، فما قلت لربك ؟ قال: قلت: يا ملاذي عند كربتي، يا مؤنسي في وحشتي اجعل نقمته عليَّ بردا و سلاما، كما جعلت النار بردا سلاما على إبراهيم، إذا كنت مع الله كان الله معك.
 بالمناسبة:

 

 

﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾

 

(الحديد: الآية 4)

 هذه معية عامة، مع أي مخلوق كائنا من كان، مع أي مخلوق بعلمه، لكن إذا قال الله: إن الله مع المؤمنين، مع المتقين، مع الصادقين، قال: هذه معية خاصة، معية النصر والتأييد والحفظ والتوفيق احفظوها معية النصر و التأييد والحفظ و التوفيق، فإذا كنت مع الله كان الله معك،

 

كن مع الله تر الله معك  واترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطاك من يمنعـه  ثم من يعطي إذا ما منعك
***

 هذه ملة طه فخذ بها.
 الشيء الثالث، الأول:

 

((أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ))

 الشيء الثاني:

((وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ))

 والشيء الثالث:

((وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))

 كيف ؟ يجب أن تكون في الأعماق، لو أن إنسانا جالس على شاطئ بحر، و جاءت موجة عاتية تغمره بالماء، أما إذا جالس في قمة جبل لا يمكن لهذه الموجة أن تصل إليه، فإذا كان ضعيف الإيمان، على حرف، أقل ضغط يخرجه من الإسلام، وأقل إغراء العابد مقاوته هذا الشيء، اقل ضغط يخرجه من الإسلام، وأقل إغراء يخرجه من الإسلام، في آخر الزمان كما أخبر النبي يصبح الرجل مؤمنا و يمسي كافرا، يمسي مؤمنا و يصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، أم وصف الله المؤمنين، قال:

 

﴿رِجَالٌ﴾

 

(النور: الآية 37)

 وبالمناسبة كلمة " رجل " في القرآن لا تعني ذكر، تعني أنه بطل:

 

﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾

 

(النور: الآية 37)

 الله عز وجل وصف هؤلاء المؤمنين بأنهم لم يبدلوا ولم يغيروا:

 

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)﴾

 

(الأحزاب: الآية 23)

 ما بدل و لا غيّر و لا خضع، ولا خنع، و لا قًهر، بقي مع الله:

 

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)﴾

 

(آل عمران: الآية 139)

 يا إخواننا الكرام، أكبر خطر يواجه المسلمين اليوم الانهزام من الداخل، من الخارج الحرب جولات و جولات، العبرة ألاّ نُهزم من الداخل، أن نثق أن الله إن كنا معه كان معنا، إن كنا معه كان معنا، كلكم يعلم أن هناك نصرا استحقاقيا، و أن هناك نصرا تفضليا، وأن هناك نصرا تكوينيا، النصر التكويني فئتان شاردتان عن الله، مَن عدده أكبر، و أسلحته أحسن، ومن عنده تنظيم أشد ينتصر، نصر تكويني بعوامل أرضية بحتة، هذا النصر التكويني بين فئتين شاردتين عن الله، النصر الاستحقاقي أحدهمتا أقرب إلى الإيمان، وليس لا يستحق النصر، و لكن شاءت حكمة الله أن ينتصر، قاتل تعالى:

 

﴿الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4)﴾

 

(الروم: الآية 1-4)

 هذا نصر تفضلي، أما الاستحقاقي أن تكون على منهج الله قائما، و بالله مستعينا، تستحق النصر استحقاقا، لذلك أقول دائما: المعركة بين حقين لا تكون، لأن الحق لا يتعدد، و المعركة بين الحق و الباطل لا تطول، لأن الله مع الحق، أما المعركة بين باطلين فلا تنتهي، معركة العمر، لأنهما باطلان باطل و حق تطول، وبين حقين لا تكون، بين حقين لا تقع، بين باطلين لا تنتهي، بين باطلين لا تطول، هذه الحقيقة، فالعبرة أيها الإخوة أن نكون في الأعماق، الإمام الشافعي سئل: أندعو الله بالتمكين أم بالابتلاء، فابتسم و قال: لن تُمكّن قبل أن تُبتلى "، وطنوا أنفسكم على أن هذه الدنيا دار ابتلاء، دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يعرف لرخاء، و لم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، و جعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي، و يبتلي ليجزي، فنحن نريد أن نؤكد أنه ينبغي أن تكون في الأعماق لا أن تكون على الهاوية، هذا الذي يعبد الله على حرف، مقاومته هشّة، أقل ضغط يخرجه من الدين، أقل إغراء يخرجه من الدين.
 هذا الحديث أيها الإخوة أصل في حلاوة الإيمان، وأصل في معرفة الواحد الديان، والحمد لله رب العالمين، وأنا في انتظار بعض الأسئلة المكتوبة، ومن حقي ألا أجيب لحكمة أراها.
 يعني فئتان مبطلتان، لا تعرفان الله، واحد عنده هيليكوبتر، مداها الموجي سبعة كيلومتر، والثاني عنده دبابات مداها ثلاثة كيلومتر، طائرة واحده هيليكوبتر تدمر مائتي دبابة، وهي مرتاحة، الدبابة مداها الموجي ثلاثة كيلومتر، أما الهيليكوبتر فسبعة كليومتر، فمن كان معه سلاحان مبطلان فالذي معه هيليكوبتر ينتصر، أبدا، هذه قضية، و الذي معه قنبلة نووية ينتصر، طبعا، القوا على هيروشيما قنبلة فانتصروا، ومن معه سلاح أفتك ينتصر، هذا إذا لم يتدخل الله، إذا كان الطرفان لا يستحقان تدخل الله عز وجل، ينتصر الأقوى، نعم، أما نحن كمؤمنين بالمناسبة، هذا كلام دقيق، من رحمة الله بنا أنه ما كلفنا أن نعد القوة المكافئة، و لكن كلفنا أن نعد القوة المتاحة، لقوله تعالى:

 

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾

 

(الأنفال: الآية 60)

 والباقي عليه، تحرك حركة و الباقي على الله، والآية واضحة، ولكن الآية:

 

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾

 

 القوة كلمة جاءت منكرة تنكير شمول، أسي القوة كانت في الخيل، ثمك ًبحت بالمنجنيق، ثم أصبحت بالسفن، ثم أصبحت بالمدرعات، ثم بالطائرات، ثم بالجيوش، الآن بالقصف الجوي فقط، كحرب البلقان، ليس هناك جيش
 أبدا، والخليج ليس هناك جيش، بالقصف الجوي، الآن الأقمار الصناعية، حركة من الطرف الآخر مرصودة بالميليمترات، الأرض مغطاة بالأقمار الصناعية، فمن معه أقمار صناعية، و تأتي القنبلة في غرفة النوم، بالكومبيوتر في البنتاغون، من البنتاغون من غرفة النوم تأتي، كلها إحداثيات رياضية، فالآن الحرب حرب بين عقلين، الحرب التقليدية انتهت، الآن حرب بين عقلين، فإذا قال الله لنا:

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾

(الأنفال: الآية 60)

 يعني نحن يجب أن ندخل لغة العصر، أن نتقن، أنا أقول لكم هذا من أعماقي، نحن بين كبيرتين، فئة آمنت بالأسباب واتخذتها و عبدتها من دون الله، واستغنت بها عن الله، هم الغربيون، وفئة أهملت الأخذ بالأسباب، الشرقيون، فالغرب أخذ بالأسباب واعتمد عليها وأشرك، و الشرق لم يأخذ بها فقصّر، الحد الكامل أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، من السنة النبي عليه الصلاة والسلام قبل الهجرة ؛ أولاً سار مساحلا، على عكس المتوقع، المدينة باتجاه، واتجه باتجاه معاكس، واختبأ في غار ثور، وهيّأ من يأتيه بالأخبار، و هيأ من يمحو الآثار، و هيأ من يأيته بالزاد، و اختار خبيرا مشركا غلّب الخبرة على الولاء، مثل واحد مع زوجته مرض خطير جدا، يحتاج إلى طبيب نادر، و قد لا يكون مسلما، فأنت مضطر إلى أن تأخذها إلى هذا الطبيب، ولو كان غير مسلم، فغّب النبي الخبرة على الولاء، وأخذ بكل الأسباب، و مع ذلك وصلوا إلى الغار، هو مطمئن، و قد أدى الذي عليه، هو ما أخذ بالأسباب اعتمادا عليها، و لكن طاعة لله، لأننا نحن نتوهم أن السبب خالق النتيجة، هذا وهم، السبب لا يخلق النتيجة، السبب يترافق مع النتيجة، والنتيجة لا يخلقها إلا الله، فلما وصلوا قال: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ هذا هو التوكل، هو أخذ بكل الأسباب، ولكن هنا جاء للتوكل، في رواية أن الصديق قال: لقد رأوني، قال له يا أبا بكر أما قرأت قوله تعالى:

 

﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198)﴾

 

(الأعراف: الآية 198)

 هذا الدين، أن تأخذ بالأسباب و كأنها كل شيء، وأن تتوكل على الله وكأنها ليس بشيء، هذا الموقف ليس سهلا، التطرف سهل، كيف سهل، الواحد يكون مع ابنه قاسيا، سهل، ويكون متساهلا سهل، أما أن يكون في موقف محير، الابن يخاف أباه و يرجو رضاه و يحبه، هذه بطولة، دائما الموقف المتوازن المعتدل الوسطي صعب جدا، والتطرف سهل، فأن تأخذ بالأسباب و تنسى الله قضية سهلة، واحد يراجع سيارته، و له سفر طويل، ولا مشكلة، راجعت العجلات، و المكابح، و كل شيء، أما ألا يأخذ بالأسباب و يهمل مراجعتها، أيضا قضية سهلة، اركب و توكل على سيدك لا يحدث معك شيء، هذه جدبة لا علاقة لها بالتوكل، أما أن تأخذ بالأسباب، تراجع العجلات و المكابح و كل شيء في السيارة، و تقول: يا رب أنت المسهل وأنت الحافظ، هذه البطولة، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء و تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، يعني قال عليه الصلاة و السلام:

((إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))

(رواه أبو داود عن عوف بن مالك)

 هكذا الواحد يستسلم، ما ذا أفعل، هذا مصيري، انتهيت، ليس بيدي شيء، لماذا انتهيتم ؟ الله موجود، اله معكم، فالموقف التالي، قال:

((إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))

(رواه أبو داود عن عوف بن مالك)

 دبِّر، فكِّر، خطِّط، تحاور مع أخيك، حل مشكلة.

 

(( فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.))

 أوضح مثل ؛ طالب لم يدرس فرسب، هذا ترتيب الله، لا نصيب لي في النجاح هذه السنة، سبحان الله هناك حكمة، لا أعرف هذه الحكمة، هذه زعبرة، أما درس تمام وجاءه مرض خطير، فمنعه من إنهاء الامتحان، هنا إذا غلبك أمر فقل حسبي الله ونعم الوكيل، أنا آخذ بالأسباب، هنا المشكلة عند المسلمين، مشكلة ثانية، أحيانا يروق لي أن أفسر آية باللغة العامية، الله عز وجل قال:

 

 

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 

(الرعد: الآية 11)

 ملخص الآية مبسوط، لا تغيِّر لا يغيِّر، لست مبسوطا غيِّر يغيِّر، أبدا، هناك شيء أزعجك غيِّر يغيِّر، مرتاح لبا تغير لا يغيِّر:

 

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

 

(الرعد: الآية 11)

 فأنت لم تغيِّر فالله لا يغيِّر، متواضع، منفق، تدفع زكاة مالك، تربي أولادك، مبسوط ليس لديك مشكلة، الله لا يغيِّر فاطمئن، اتل قوله تعالى:

 

﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾

 

(التوبة: الآية 51)

 أما هناك مشكلة كبيرة، هناك خلاف زوجي عويص، معناه هناك مشكلة مع الله، ماذا قال أحد العارفين: إني لأعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي "، أحيانا تحرن الزوجة، تكون هناك مشكلة مع الله، إذا أصلحت ما بينك و بين الله أصلح الله ما بينك و بين الناس، و الزوجة من أقرب الناس إليك، فهذه القضية.
 أنا أنبئك بهذا ؛ هناك دعوة إلى الله خالصة، وهناك دعوة إلى الذات مغلفة بدعوة إلى الله، فمن دعا إلى الله بإخلاص من خصائص هذه الدعوة بإخلاص الاتباع لا الابتداع، و التعاون لا التنافس، والاعتراف بفضل الآخرين لا الإنكار عليهم، لكن من دعا إلى ذاته دعوة مغلفة بدعوة إلى الله، من خصائص هذه الدعوة الابتداع، أقول لك: أنا جئت بجديد، حتى تتناسب دعواه، ليس هناك غير في الأرض، أنا الوحيد في الأرض، لا بد أن يأتي بشيء جديد لم يأت به أحد سابقا، و من خصائصه التنافس لا التعاون، ومن خصائصه الأخرى أيضا إنكار فضل الآخرين، و أنا أقول لكم هذه الحقيقة: ما من فرقة ضالة في العالم الإسلامي، من عبد الله بن سبأ وإلى آخر الزمن وإلا ولها أربع خصائص، احفظوها؛ أولاً تأليه الأشخاص، واعتمتد النصوص الضعيفة و الموضوعة، وتخفيف التكاليف والنزعة العدوانية، أبدا، لن تجد فرقة ضالة في العالم الإسلامي من عهد عبد الله بن سبأ إلى يوم القيامة إلا ولها هذه الخصائص الأربع، تأليه الأشخاص، تخفيف التكاليف، اعتماد النصوص الموضوعة، النزعة العدوانية، يقابل هذا الدعوة الصحيحة، المبادئ لا الأشخاص، المضامين لا العناوين.

إخفاء الصور