وضع داكن
29-03-2024
Logo
الخطبة : 0635 - تغير الأحكام بتغير الأزمان - شمولية الشريعة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين. اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرِنا الحــق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

شمول الشريعة الإسلامية لكل أحوال الإنسان :


أيها الأخوة الكرام، في الخطبة السابقة بينت بتوفيق الله عز وجل أن هذه الشريعة التي هي من عند الله رحمة كلها، وعدل كلها، ومصلحة كلها، وحكمة كلها، وأنها ثابتة على مدى العصور والأزمان، وأن هذه الشريعة شاملة لكل أحوال الإنسان. هي ثابتة على مدى العصور والأزمان، وشاملة لكل أحوال الإنسان.
أيها الأخوة الكرام، بشكل مختصر الإنسان أعقد آلة في الكون، ولهذه الآلة المعقدة صانع عليم خبير، فتعليمات الصانع هي التعليمات التي ينبغي أن يُؤخذ بها، ولا يمكن أن نأخذ بتعليمات جهة أخرى غير الجهة الصانعة، فالشريعة تشمل كل ما يحتاجه الناس على الإطلاق، في جميع الأمصار، وفي جميع الأقطار، وفي جميع الأحوال، وحينما يعتقد المؤمن أن هذا الشرع القويم يغطي كل حاجاته، ويتجاوب مع كل متطلباته، وأنه ثابت ثبات هذا الكون، عندئذ يشعر أنه يمشي بتعليمات الصانع، وأن الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر: 14]

المعاني أيها الأخوة التي تضمنتها الشريعة تعم جميع الحوادث وتسعها إلى يوم القيامة.. أضع بين أيديكم هذه المقولة: فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه..
كم هي المسافة كبيرة بين كلام خالق الكون وبين كلام المخلوق كذلك هي المسافة نفسها بين شريعة خالق الأكوان وين شريعة الإنسان. لا يمكن أن توازن شريعة خالق الأكوان بشريعة الإنسان، بأنظمة الإنسان.

 

الله تعالى لم يترك شيئاً إلا وبينه للناس وجعل في القرآن دلالة عليه :


أيها الأخوة الكرام، الدليل الأول على هذا المنطلق هو شمول الشريعة لكل الأزمان، والأمصار، والأقطار، والأحوال. والمؤمن حينما يستمع لقول الله عز وجل يعلم علم اليقين أن هذا القول هو الحق، ولا حق سواه، والحق لا يتعدد، يقول الله عز وجل:

﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة النحل: 89]

هل هناك من آية أشمل من هذه الآية؟

﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة النحل: 89]

معنى ذلك أن الله جل جلاله لم يترك شيئاً إلا وبينه للناس، وجعل في هذا الكتاب دلالة عليه؛ إما دلالة مبينة مشروحة، أو مجملة يُتلقى بيانها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو من الإجماع، أو من القياس الذي ثبت بنص الكتاب، ألم يقل الله عز وجل:

﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾

[سورة الأنعام: 38]

من تفيد استغراق أفراد النوع، من شيء مهما بدا لك الشيء صغيراً، هذا القرآن الكريم ما فرط فيه إطلاقاً، معنى هذه الآية أن القرآن الكريم فيه بيان كل شيء.

﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة النحل: 89]

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:" فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها، والدلالة هنا إما نصاً أو جملة."
ما من مشكلة إطلاقاً تنزل بإنسان إلا وفي كتاب الله سبيل الهدى فيها، سبيل الخلاص منها، طريق الرشد في معالجتها، لكن هذا الكتاب يجهله أكثر المسلمين، يجهلون ما فيه من منهج قويم، وصراط مستقيم، وحبل من الله متين.
أيها الأخوة الكرام، الإمام الطبري له في هذه الآية شرح لطيف، يقول:" إن الله نزل هذا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم بياناً لكل ما بالناس إليه الحاجة من معرفة الحلال والحرام، والثواب والعقاب، وهدى من الضلال، ورحمة لمن صدّق به، وعمل بما فيه من حدود الله وأمره، ونهيه، وحلاله، وحرامه، إنه إن حرم حرامه كان بشارةً له، بشارةً لمن أطاع الله، وخضع له بالتوحيد، وأذعن له بالطاعة، يبشره بجزيل ثوابه، ثوابه بالآخرة وعظيم كرامته في الدنيا ".

﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة النحل: 89]

أيها الأخوة الكرام، هذه الآية تدل دلالة قاطعة على شمول هذه الشريعة بجميع ما يحتاجه الناس في جميع المجتمعات على مر العصور وتغير الأحوال.

 

القرآن الكريم حجة الله على الخلق :

أما هؤلاء المسلمون ضعيفو الثقافة، الذين لم يستقوا العلم من مصادره الصحيحة، الذين لم يبنوا إيمانهم على علم، هم عرضة لسوء الظن بشريعتهم، يظنون أن شريعتهم لا تكفي هذا العصر الحديث، يبحثون عن أشياء من هنا ومن هناك، يستوردونها ليحلوا مشكلاتهم، وغاب عن ذهنهم أنهم زادوا هذه المشكلات مشكلاتٍ إلى مشكلاتهم.

أيها الأخوة الكرام، هذا القرآن الكريم الذي بين أيدينا، والذي أنزله الله على نبيه الكريم تبياناً لكل شيء، سُمي فرقاناً، يفرق بين الحق والباطل، سُمي هدىً تهتدي به، سُمي برهاناً دليلاً قطعياً على صواب ما فيه، سُمي بياناً شرحاً تفصيلياً، سُمي تبياناً وتبياناً لكل شيء، وهو حجة الله على الخلق على الجملة والتفصيل والإطلاق والعموم، هذا هو الدليل الأول قال تعالى:

﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً﴾

[ سورة النحل: 89]

وأما الدليل الثاني ففي قوله تعالى:

﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة الأعراف : 52]

فيه تفصيلات، فيه ذكر للجزئيات، فيه أدق الأحكام، قال تعالى:

﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة الأعراف : 52]

أي مفصلاً، مبيناً فيه الحق، مبيناً فيه الحلال والحرام والخير والشر، وكل ما يحتاجه الإنسان، وفيه آية أخرى تدعم هذه الآية:

﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ﴾

[ سورة الإسراء: 12]

جاء الكتاب لا بمجمل الأحكام بل بتفاصيل الأحكام، وفي آية ثالثة:

﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾

[سورة يوسف: 111]

أيها الأخوة الكرام، عندك آلة بالغة التعقيد، عظيمة النفع، غالية الثمن، أصابها عطب إلي أين تذهب؟ لا شك أنك تذهب إلى صانعها، أو إلى من أرسله صانعها ليصلح هذه الآلة، لا تذهب أبداً إلى إنسان لا يعلم خصائصها ولا دقائقها ولا أسلوب تشغيلها ولا صيانتها.
حفاظاً على آلة بين يديك تبحث عن الخبير، حفاظاً على آلة بين يديك تبحث عن العليم، حفاظاً على آلة بين يديك تبحث عن وكيل الشركة، وعن الخبير الذي يعلم دقائق عملها، ألست أنت أعظم آلة؟ ألا ينبغي أن تبحث عن تعليمات الذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً؟

 

المؤمن الحق يبحث عن حلّ مشكلاته في الكتاب و السنة :

أيها الأخوة الكرام:

﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾

[سورة يوسف: 111]

قال الإمام القرطبي في شرح هذه الآية:" تفصيل كل شيء مما يحتاج العباد إليه من الحلال والحرام والشرائع والأحكام."
أي شيء في الحياة الدنيا لو أن له أثراً طفيفاً جداً، واحد بالمليار إيجابياً أو سلبياً، في علاقتك بالله، وفي معرفتك بالحق، وفي سعادتك الأبدية، أي شيء في الدنيا لو كان أثره واحد بالمليار سلباً أو إيجاباً فيما يتعلق بحياتك الدنيوية والأخروية، الشرع الحكيم بينه وفصله. أما الشيء الذي سكت عنه كلياً فهذا لا يتعلق به حلال ولا حرام، ولا خير ولا شر، ولا حق ولا باطل، هناك أشياء كثيرة سكت عنها الشرع لأنه ليس لها أثر إيجابيّ ولا سلبيّ في قربك من الله وبعدك عنه.
أيها الأخوة الكرام، اعتماداً على هذه الحقيقة يقول الله عز وجل:

﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾

[ سورة الأنعام: 114]

نحن أمام مشكلة، كيف نحلها؟ المؤمن يبحث عن حلها في الكتاب والسنة، وغير المؤمن يبحث عن حلها في التشريعات الأرضية، إذا كنت مؤمناً حقاً لا ينبغي أن تبحث عن حل مشكلة خارج الكتاب والسنة، إنك إذاً بعيد عن شرع الله عز وجل، بعيداً عن حقيقة السنة:

﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾

[ سورة الأنعام: 114]

أي ليس لي أن أبتعد أو أن أتعدى حكم الله عز وجل ولا أن أتجاوزه لأنه لا حكم أعدل من الله و من حكم الله عز وجل، ولا قائل أصدق منه:

﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً﴾

أيها الأخوة الكرام، آية كريمة يغفل عنها معظم الناس:

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً ﴾

[ سورة الأحزاب: 36]

في موضوع ما، الشرع الحكيم له حكم، حكم الشرع في هذا أنه حرام، أو أنه حلال، أو أنه مندوب، أو أنه مستحب، أو أنه مباح، إذا كنت مؤمناً حقاً لا يمكن أن تفكر في حكم غير حكم الله عز وجل:

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً ﴾

[ سورة الأحزاب: 36]

أي لا نحتاج حكماً في شؤون حياتنا غير حكم الله عز وجل، لأنه لا كتاب غير هذا الكتاب، ولا شريعة غير هذه الشريعة، ولا نظام غير هذا النظام، هذا منهج الله عز وجل، وهذا دين الله، وهذا حبل الله المتين، كل من تمسك به نجا، وكل من تركه هلك.

 

القرآن جمع الكليات و السنة بيّنت التفصيلات :

أيها الأخوة الكرام، بقي دليل ثالث على أن هذه الشريعة شاملة لكل زمان ومكان، شاملة لكل الأمصار، ولكل الأقطار، ولكل الأحوال، يقول الله عز وجل:

﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

[ سورة المائدة : 3]

يقول ابن عباس رضي الله عنه:" إن الله أتمّ لعباده هذا الدين وأكمله فلا يحتاجون إلى غيره أبداً- وأبداً كما تعلمون لاستغراق المستقبل - ولا يحتاجون إلى زيادة فيه أبداً".

﴿أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾

الإكمال نوعي.

﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾

والإتمام عددي.

﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾

وحينما يرضى الله عن شيء فهو الرضا المطلق، فإذا كان الله قد أكمل دينه إذاً أي زيادة عليه اتهام له ضمنياً بالنقص، أو أي حذف منه اتهام ضمني بالزيادة.. لا زيادة ولا نقص، لذلك لا يمكن ولا يُعقل أن يكون هناك منهج أكمل من هذا المنهج، ونظام أحكم من هذا النظام، وتشريع أصدق من هذا التشريع.
يقول الإمام الطبري في شرح هذه الآية:" اليوم أكملت لكم أيها المؤمنون فرائضي عليكم، وحدودي، وأمري إياكم، ونهيي، وحلالي، وحرامي، وتنزيلي من ذلك ما أنزلت فيه بوحيي على لسان رسولي، والأدلة التي نصبتها لكم على جميع ما بكم هي الأدلة الكافية الكاملة من أمر دينكم فأتممت لكم جميع ذلك فلا زيادة فيه بعد اليوم".
يقول بعض أئمة علم الأصول:" تعريف القرآن بالأحكام الشرعية أكثره كلي لا جزئي، وبالاستقراء نجد أنه من استقرأ السنة وجدها على كثرة نصوصها، وكثرة مسائلها بياناً لكتاب الله عز وجل " يؤكد هذا قوله تعالى:

﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

[سورة النحل: 44]

فالقرآن جمع الكليات، لذلك احتاج الناس إلى السنة لأن فيها بياناً للتفصيلات.
من كليات القرآن الكريم مثلاً: الصلاة، والزكاة، والصوم، والنكاح، والعقود، والقصاص، والحدود، وبيانها إنما جاء في السنة، فالسنة أمر القرآن أن نأخذ بها، قال تعالى:

﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾

[سورة الحشر: 7]

وأما الإجماع فقد قال الله عز وجل:

﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾

[سورة النساء: 115]

﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾

هذه الآية أصل في مشروعية الإجماع، وهو الدليل الثالث بعد الكتاب والسنة. وأما القياس فأصله في القرآن الكريم:

﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً ﴾

[سورة النساء: 105]

تقيس حادثة لم يرد بها نص على حادثة أخرى ورد بها نص، إن التقت العلتان تسحب حكم الثانية على الأولى.

 

المنهج الإلهي منهج كامل وتام :

أيها الأخوة الكرام، القرآن أوجب اتباع السنة، لأن السنة كما قلت قبل قليل تفسر الكتاب وتبينه، وإذا قلنا: إن القرآن فيه بيان لكل شيء، أي القرآن والسنة والإجماع والقياس، كل هذا مجموع بعضه على بعض، كل هذا ينتج عنه أن القرآن فيه كل شيء وبيان لكل شيء.
أيها الأخوة الكرام، ورد في الصحاح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود:

((قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ لِخَلْقِ اللَّهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ قَالَ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَتْ: إِنِّي لَأَقْرَأُ مَا بَيْنَ لَوْحَيْهِ فَمَا وَجَدْتُهُ قَالَ إِنْ كُنْتِ قَرَأْتِهِ فَقَدْ وَجَدْتِهِ أَمَا قَرَأْتِ

﴿ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾

(( قَالَتْ: بَلَى قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْهُ، قَالَتْ: فَإِنِّي لَأَظُنُّ أَهْلَكَ يَفْعَلُونَ، قَالَ: اذْهَبِي فَانْظُرِي فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولِينَ مَا جَامَعَتْنَا ))   ))

[ متفق عليه عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود]

إذاً السنة وحي غير متلو، والقرآن وحي متلو، والسنة مبينة ومفصلة، فمن لوازم اتباعك أمر الله عز وجل أن تتبع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أمر الإجماع، أو أمر القياس. العبرة أن يطمئن المؤمن إلى أن المنهج الإلهي منهج كامل، ومنهج تام، وكماله مطلق:

﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

[ سورة المائدة : 3]

وأي تطلع إلى منهج آخر، إلى تشريع وضعي آخر، إلى نظام آخر، إلى غير ما هم عليه أهل السنة والجماعة، هذا التطلع دليل جهل في الدين، دليل فجاجة في الإدراك، دليل قصور في الفهم، إذا تمكنت من هذا الدين القويم وجدته المرجع لكل مشكلة يعاني منها الإنسان.

 

خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط :

أيها الأخوة الكرام، لاشك أن أهل الشرق وأهل الغرب شاؤوا أم أبوا، أعجبهم أم لم يعجبهم، يعودون إلى أحكام هذا الدين مكرهين، لا عودة عبادة وتوبة، ولكن عودة قهر وإلزام، فكلما تقدم الزمان وجد أهل الشرق والغرب أن الخلاص في منهج وسطي هو منهج الإسلام، ألم تحرم بعض التشريعات، بعض الكتل الكبرى في الشرق الخمر قبل سنوات؟
هناك جامعات في أمريكا ليس فيها اختلاط، سوف يصل العالم إن عاجلاً أم آجلاً إلى أن هذا الدين هو الشرع القويم، والصراط المستقيم، وأن خلاص البشرية فيه، ولكن المشكلة أن الإنسان أحياناً قد يعرف الحقيقة بعد فوات الأوان، ما كل معرفة للحقيقة تأتي في حينها، في حينها حينما تستفيد منها، وحينما يخرج الأمر من يدك، وتتفاقم الأمور، وتعلم الحقيقة، هذا علم لا قيمة له، لأن أكثر كفار الأرض حينما أدركه الغرق قال:

﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[سورة يونس: 90]

أيها الأخوة الكرام، خيارك مع الإيمان خيار وقت، لا خيار قبول أو رفض، لأنه ما من إنسان على وجه الأرض مهما كان كفره شديداً إلا وسيعرف الحقيقة عند الموت، فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد، ولكن ما قيمة هذه الحقيقة بعد فوات الأوان؟ ما قيمة أن تعرف جواب هذا السؤال بعد أن تخرج من الامتحان وبعد أن تقدم الورقة بيضاء؟ ما قيمة معرفة الجواب إن عدت إلى الكتاب ورأيت الجواب ولكنك قدمت الورقة بيضاء؟ ما قيمة هذه المعرفة؟

هل بإمكانك أن تقول: أنا عرفت الصواب أعيدوا الامتحان؟ انتهى الأمر، فلذلك خيارك مع الإيمان خيار وقت، إما أن تؤمن في الوقت المناسب، إما أن تؤمن فتنتفع بإيمانك واستقامتك، وإما أن تكون المعرفة متأخرةً جداً وجاءت بعد فوات الأوان، وعندئذ لا ينفع الندم، ولا ينفع التحسر.
أيها الأخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.

* * *

الخطبة الثانية :
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخير والفوز والتفوق يكمن في طاعة الله عز وجل :


أيها الأخوة الكرام، في بحث علمي أجراه عدد من أساتذة كلية الطب في بلد عربي مسلم أكد هؤلاء الباحثون أن الإنسان يتوضأ في اليوم خمس مرات، ينظف أنفه من الجراثيم والأتربة والمعلقات، وقالوا: إن الذي لا يتوضأ يتعرض أنفه إلى عدد من الجراثيم قد يصل عددها إلى أحد عشر جرثوماً. وإن الوضوء يكفل للمتوضئ الوقاية من نمو الفطريات بين أصابع القدمين

كما يمنع إصابة الجلد بالالتهابات والتقيحات والتجمعات الصديدية، ويقلل من احتمال حدوث سرطان الجلد، لأنه يزيل المواد الكيماوية قبل أن تتراكم، وقبل أن تتجمع على سطح الجلد، لذلك هناك حقيقة ثابتة: تقل الإصابة بسرطان الجلد في البلاد الإسلامية. كذلك دلك الأعضاء ينبه الدورة الدموية، فينشط تغذية الأعضاء بالدم، وبذلك تزداد حركة الدماء إلى المخ والكليتين، ويخفف الوضوء من اختناق الجهاز العصبي المركزي فينشط الذاكرة، والإسلام كما تعلمون اشترط لصحة الصلاة طهارة البدن، وطهارة الثوب، وطهارة المكان معاً، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

((الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا))

[مسلم عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ]

هناك إحصاء أجرته منظمة الصحة العالمية، كان الرقم مخيفاً ثلاثمئة مليون إنسان مصاب بأمراض القذارة، والمسلمون بشكل بسيط وعفوي عن علم أو عن غير علم، ما داموا يتوضؤون فهم ناجون من أمراض القذارة، ثلاثمئة مليون إنسان في العالم، هذا إحصاء منظمة الصحة العالمية مصابون بأمراض سببها القذارة فقط، والوضوء يسبب الوقاية من هذه الأمراض.

لذلك قالوا: الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به، أي ممكن أن تتوضأ مؤدياً للطاعة، فتقطف ثمار الوضوء التي تعلمها، والتي لا تعلمها، وأنت لا تعلم يكفي أن تنصاع لأمر الله عز وجل معتقداً أن الله سبحانه وتعالى أمره خير مطلقاً، عندئذ تقطف ثمار هذا الأمر.
حينما يطبق الإنسان منهج الله عز وجل فهو في خير ما بعده خير، وهو في سعادة ما بعدها سعادة، وهو في وقاية ما بعدها وقاية، وهو في أمن ما بعده أمن، إن الخير كله، والفوز كله، والنجاح كله، والتفوق كله، والعقل كله في طاعة الله عز وجل، قال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

[ سورة الأحزاب: 70-71]

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك. اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، مولانا رب العالمين. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك. اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين. اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، وآمنا في أوطاننا، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً، وسائر بلاد المسلمين. اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك، ومن الفقر إلا إليك، ومن الذل إلا لك، نعوذ بك من عضال الداء، ومن شماتة الأعداء، ومن السلب بعد العطاء. اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب. اللهم صن وجوهنا باليسار، ولا تبذلها بالإقتار، فنسأل شر خلقك، ونبتلى بحمد من أعطى، وذم من منع، وأنت من فوقهم ولي العطاء، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء.
اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين. اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير. 

تحميل النص

إخفاء الصور