وضع داكن
20-04-2024
Logo
الخطبة : 0511 - الدعاء - الضرورات الثلاث التي تبيح الكذب .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى:
 الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذن بخبر ، اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

انعدام الوسيط بين العبد و ربه :

 أيها الأخوة الكرام ؛ يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾

[سورة البقرة : 189]

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾

[سورة البقرة : 217]

﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾

[سورة البقرة: 220]

﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾

[سورة البقرة:222]

﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾

[سورة المائدة: 4]

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾

[سورة البقرة: 219]

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾

[سورة الأعراف : 187]

﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

[سورة الإسراء: 85]

﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً ﴾

[سورة الكهف: 83]

﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً ﴾

[سورة طه: 105]

 في اثنتي عشرة آية في كتاب الله توسط بين السؤال والجواب كلمة قل إلا في آية واحدة يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾

[سورة البقرة: 186]

 فليس بين العبد وربه وسيط .

 

شروط الدعاء المستجاب :

1 ـ الإيمان بالله و الاستجابة لأمره :

 أيها الأخوة الكرام ؛ الله سبحانه وتعالى يقول :

﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾

[سورة غافر: 60]

 الولي الذي تجده عند الحلال والحرام
ما أمرنا بالدعاء إلا ليستجيب لنا ، أما قوله تعالى :

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾

[سورة البقرة: 186]

 ليطبقوا أمري ، ليأتمروا بما أمرت ، لينتهوا عما نهيت ، ليفعلوا العبادات كما أردت ، ليقفوا عند حدودي ، ليقفوا عند الأمر والنهي ، ليس الولي الذي يطير في الهواء ، ولا الذي يجري على سطح الماء ، لكن الولي كل الولي الذي تجده عند الحلال والحرام .
 اتق المحارم تكن أعبد الناس ، يبدو أنهم لن يستطيعوا أن يستجيبوا إلا إذا عرفوا، تستجيب لمن ؟ تأتمر بأمر من ؟ قبل أن تعرف الله سبحانه وتعالى ، قبل أن تعرف عظمته ، قبل أن تعرف وحدانيته ، قبل أن تعرف كمالاته ، قبل أن تعرف أسماءه الحسنى .

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾

[سورة البقرة: 186]

 إذا آمنوا بالله واستجابوا لأمره ، الآن يرشدون إلى الدعاء الصحيح .

2 ـ الافتقار إلى الله و التذلل له :

 آية ثانية من آيات الدعاء . الله سبحانه وتعالى يقول :

﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

[سورة الأعراف: 55]

 التضرع التذلل ، الافتقار ، العبودية لله عز وجل ، فمن لوازم الدعاء الصحيح أن تفتقر إلى الله ، أن تتذلل له ، أن تمرغ جبينك في أعتابه .

﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ﴾

 رفع الصوت بالدعاء يقرب من الرياء ، رفع الصوت بالدعاء يضعف الإخلاص، فلعل من الأحوال الطيبة التي يرتضيها الله عز وجل لعبده وهو يدعوه أن يكون الدعاء مع التضرع ، وأن يكون الدعاء مع الخفاء .

﴿تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾

[سورة الأعراف: 55]

 قال المفسرون : هناك عدوانان ، إما أن تعتدي في آداب الدعاء فترفع الصوت ، وإما أن تعتدي فتدعو من دون تضرع ، ومن دون تذلل . فمن لوازم الدعاء المستجاب التضرع ، وأن يكون الدعاء بينك وبين الله عز وجل .

﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً ﴾

[سورة مريم: 3]

 قال ابن المبارك : لقد أدركنا أقواماً ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علانية . كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يُسمع لهم صوت ، لقد كان همساً بينهم وبين ربهم .

﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

[سورة الأعراف: 55]

 لا يحب الذي يعتدي على شروط الدعاء فيجعله عالي الصوت وقد اقترب من الرياء ، أو يجعله بعيداً عن التذلل وقد ابتعد عن الافتقار والعبودية .

3 ـ عدم الإطالة فيه :

 وهناك معنى ثالث قاله بعض المفسرين : إطالة الدعاء إلى درجة مملة هذا من العدوان في الدعاء . الإنسان إذا دعا لنفسه ساعات طويلة لا تثريب عليه ، بل هو مستحب ، أما إذا دعا وحوله أناس فإذا جعل الدعاء ساعة أو أقل فقد اعتدى ، لأنه نفَّر الناس من الدعاء.

4 ـ الابتعاد عن العدوان :

 والمعنى الرابع :

﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

[سورة الأعراف: 55]

 أي أنكم يا عبادي إذا اعتديتم على بعضكم فإني لا أستجيب لكم ، لا تعتدوا على بعضكم ، لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، لا تعتدوا على أعراضكم ، لا تأخذوا ما ليس لكم ، إن فعلتم ذلك فمهما دعوتموني لن أستجيب لكم .

 

إعفاء المضطر من شروط الدعاء :

 أيها الأخوة الكرام ؛ الآية الثالثة في الدعاء :

﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ﴾

[سورة النمل: 62]

 قال بعض المفسرين : المضطر مُعفى من شروط الدعاء . أي إنسان وقع في ضرورة فليدع ربه ، فإن الله سبحانه وتعالى يستجيب له ويقربه .

﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ﴾

[سورة النمل: 62]

 وآيات الدعاء في القرآن تقترب من ثلاثمئة آية . يقول الله سبحانه وتعالى :

﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾

[سورة يونس: 106]

﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾

[سورة الشعراء: 213]

 أي عذاب هذا ؟ عذاب الإحباط . إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ، ضعاف أمثالكم ، مفتقرون إلى الله عز وجل ، فما معنى أن تدعوهم ؟

﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ﴾

[سورة الأعراف : 197]

 كالمستجير من الرمضاء بالنار .

﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[سورة فاطر: 14]

الدعاء أعلى درجات الاتصال بالله عز وجل :

 أيها الأخوة الكرام ؛ لكن الآية الدقيقة التي تجعل العبادة كلها دعاءً هي قوله تعالى :

﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً ﴾

[سورة الفرقان : 77]

 حقيقة الدين اتصال بالخالق وإحسان إلى المخلوق
ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ؛ أي لولا عبادتكم ، لأن الله سبحانه وتعالى كما قال في كتابه الكريم :

﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[سورة الذاريات: 56]

 والدعاء مخ العبادة ، والدعاء هو العبادة ، والعبادات كلها دعاء ، والدعاء أعلى درجات الاتصال بالله عز وجل ، وحقيقة الدين اتصال بالخالق ، وإحسان إلى المخلوق ، حقيقة الدين أن تستمد من خالق الأرض والسموات سعادتك ، وأن يزكو عملك .

﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيّاً ﴾

[سورة مريم : 31]

 أيها الأخوة الكرام ؛ الحديث عن الدعاء حديث طويل ؛ لأن آيات الدعاء ، والأحاديث الشريفة الصحيحة المتعلقة بالدعاء فيها من المعاني الدقيقة والجليلة ما لا تتسع لها خطبة واحدة ، ولكن أردت أن تكون هذه الخطبة في مقدمات الدعاء .

 

دعاء يدعوه بعض المسلمين في ليلة النصف من شعبان :

 هناك دعاء يدعوه بعض المسلمين في ليلة النصف من شعبان ، هذا الدعاء : اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً محروماً ، أو مطروداً ، أو مقتراً عليّ في الرزق، فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني ، وطردي وإقتار رزقي ، وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات ، فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل:

﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾

[سورة الرعد: 39]

 أيها الأخوة الكرام ؛ هذا الدعاء لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل إنه يشفُّ عن عقيدة الجبر ، وهي عقيدة فاسدة ، والأصل في نفي الجبر قوله تعالى :

﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾

[سورة الأنعام: 148]

 لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب ، ولو أنه أجبرهم على المعصية لبطل العقاب ، ولو أنه تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة ، إن الله أمر عباده تخييراً ، ونهى تحذيراً ، وكلف يسيراً ، ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يعص مغلوباً ، ولم يطــع مكرهاً "
 هذا الذي جاء عمر بن الخطاب وقد شرب الخمر ، فقال : " يا أمير المؤمنين إن الله قدّر عليّ ذلك ؟ فقال رضي الله عنه وهو الذي يعرف حقيقة القضاء والقدر : أقيموا عليه الحد مرتين ، مرةً لأنه شرب الخمر ، ومرةً لأنه افترى على الله ، قال : ويحك إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار " .

 

الاختيار أساس الثواب و العقاب :

 أيها الأخوة الكرام ؛ الأمر والنهي في القرآن الكريم من لوازمه الاختيار الاختيار أساس الثواب والعقاب
الندم الذي صرَّحت به آيات كثيرة في القرآن الكريم ، ندم الإنسان يوم القيامة ، الندم من لوازم الاختيار ، الاختيار أيها الأخوة حرية الكسب . .

﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾

[ سورة الكهف: 29 ]

﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[سورة الإنسان: 3]

﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾

[سورة البقرة: 148]

﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾

[سورة يس: 12]

 أيها الأخوة الكرام ؛ الاختيار أساس المسؤولية ، أساس الثواب والعقاب ، أساس الجنة والنار ، أساس المكافأة .

 

الدعاء بأدعية النبي صلى الله عليه و سلم :

 يا أيها الأخوة الكرام ؛ لو تفحصنا هذا الدعاء الذي لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا نجد فيه ؟ . إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً محروماً من الرزق فامح اللهم . . ماذا يقول عليه الصلاة والسلام في الدعاء يقول :

((لا يَقُلْ أَحَدُكُمُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ، وَليَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ لَا مُكْرِهُ لَهُ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

 بل ينبغي أن يقول : اللهم اغفر لي وارحمني وارزقني بالجزم واليقين .
 الدعاء مشروط ؛ إن كنت كتبتني عندك في أمّ الكتاب شقياً فامح اللهم . . هذا خلاف التوجيه النبوي السديد .
 أيها الأخوة الكرام ؛ ومن تتمة الدعاء : إلهي بالتجلي الأعظم في ليلة النصف من شعبان المكرم التي يُفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم ، أن ترفع عنا البلاء ما نعلم وما لا نعلم . . فالليلة التي يُفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة القدر ، هي الليلة التي أنزل فيها القرآن ، وهي في رمضان . وأما ما جاء في حديث أن ليلة النصف من شعبان ، تُقطع الآجال فيها من شعبان إلى شعبان ، فهو حديث ضعيف كما قال ابن كثير . إذاً ما الحل ؟ الحل أن ندعو بدعاء النبي عليه الصلاة والسلام .

(( فقد روتْ عَائِشَةُ رَضِي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : إنَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنَ الدُّعَاءِ وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ ))

[ أبو داود عن عائشة]

 أكثر دعاء النبي عليه الصلاة والسلام : " اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " و :

((اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ))

[ مسلم عن ابن مسعود]

 هذا من جوامع الدعاء .

((اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني - فقال عليه الصلاة والسلام فإن هؤلاء اغفر لي وارحمني في أمر الدين ، وعافني وارزقني في أمر الدنيا - فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك ))

[مسلم وابن ماجه وأحمد عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه]

 اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك . هذا من جوامع الدعاء .
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر . هذا من جوامع الدعاء .
 أما : إن كنت كتبني عندك في أم الكتاب فامح اللهم . أم الكتاب لا يُمحى فيها شيء ، ولا يُثبت شيء ، لكن الذي يُمحى ويثبت في صحائف الملائكة ، فهذا الدعاء مناقض لما في القرآن الكريم ، أما هذه الأدعية الجامعة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم فينبغي أن ندعو بها . اللهم اهدني واهد بي . اللهم ارزقني طيباً واستعملني صالحاً . اللهم أني أعوذ بك من العجز والكسل ، والجبن والبخل ، وأعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات . اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .
 هذه من جوامع الدعاء . اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجأة نقمتك ، وجميع سخطك . اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها . اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يُستجاب لها . اللهم ارزقنا العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة. اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا يا كريم . أرأيتم إلى الأدب النبوي في أدعيته ؟ . . اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك .

 

الدعاء مخ العبادة :

 أيها الأخوة الكرام ؛ ما أكثر الكتب التي تُطرح في الأسواق حول الدعاء المستجاب المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولعل كتاب الأذكار للإمام النووي فيه أدعية النبي عليه الصلاة والسلام في كل أحواله .
 أيها الأخوة الكرام ؛ موضوع الدعاء موضوع طويل ، ما أردت في هذه الخطبة إلا أن يكون مقدمة إن شاء الله تعالى لموضوعات فيها تفاصيل الدعاء . يجب أن تعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال :

(( الدعاء هو العبادة ))

[الترمذي عن أنس ]

 وفي قول آخر :

(( الدُعَاءُ مُخُّ العِبَادَةِ ))

[الترمذي عن أنس ]

(( إن الله يحب الملحين في الدعاء ))

[الحكيم ابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة]

 إن الله يحب من العبد أن يسأله حاجته كلها ، وأنت بالدعاء أقوى الناس ، وأنت بالدعاء تستطيع أن تصل إلى كل ما تريد ، إذا أراد الله سبحانه وتعالى ، فينبغي أن نعرف قيمة الدعاء ، وهذا ما سنعالجه إن شاء الله في خطب قادمة ، والحمد لله رب العالمين .

* * *

الخطبة الثانية :
 أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الضرورات الثلاث التي تبيح الكذب :

 أيها الأخوة الكرام ؛ رغب إليّ بعض الأخوة الكرام أن أعالج في الخطبة بعض الموضوعات الفقهية التي تشتد الحاجة إليها ، فقال لي هذا الأخ : إنك تعالج في كل خطبة موضوعاً عليماً ، فحبذا لو جمعت إلى الموضوع العلمي موضوعاً فقهياً ، فأردت أن يكون في خطبة موضوع علمي ، وفي خطبة موضوع فقهي ، أو أن أجمع بين موضوعين قصيرين إن شاء الله تعالى .
 الكذب له مضار كبيرة على المجتمع والأسرة والفرد
قد تسأل المرأة زوجها أتحبني ؟ هذا الزوج الذي سُئل في هذا الموضوع بالذات ماذا يجيب لو أنه لا يحبها مثلاً ؟ أو لو أنه لا يحبها كما تتمنى أو تريد ماذا يقول ؟ . أيصدق ويقول لها الحقيقة فتنهدم العلاقة بين الزوجين وتغدو الحياة الزوجية فارغة من المضمون ؟ أم يكذب وفي هذا تأليف لقلب الزوجة وتطييب لخاطرها ؟ وكذلك الأمر لو كان السؤال من الزوج .
 أيها الأخوة الكرام ؛ ما حكم الشرع في هذا الموضوع ؟ . لو أن الزوجة سألتك أو لو أنك سألت زوجتك ، أتحبينني أو أتحبني ؟ هل يصدق الرجل أم يكذب ؟ والمرأة هل تصدق أم تكذب ؟ ما حكم الشرع ؟ مع أن الكذب أكبر الكبائر .

(( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

 قد يكون المؤمن عصبي المزاج ، وقد يكون منفتحاً ، وقد يميل إلى العزلة ، أي هناك صفات كثيرة جداً يتصف بها المؤمن ولا تقدح في إيمانه ، وعلم الطباع يؤكد هذه الحقيقة.

((يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ))

[أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

 فإذا كذب المؤمن انتفى عنه الإيمان .
 أيها الأخوة ؛ الأصل في الكذب هو الحرمة المشددة ، لما في الكذب من مضار على الفرد والأسرة والمجتمع ، ولكن الإسلام أباح الخروج عن هذا الأصل لأسباب خاصة ، وفي حدود ضيقة محددة ، ذكرها الحديث النبوي الصحيح :

(( عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ قَالَتْ : مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَذِبِ إِلا فِي ثَلَاثٍ الرَّجُلِ يَقُولُ الْقَوْلَ يُرِيدُ بِهِ الْإِصْلَاحَ ، وَالرَّجُلِ يَقُولُ الْقَوْلَ فِي الْحَرْبِ ، وَالرَّجُلِ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ وَالْمَرْأَةِ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا ))

[أحمد وأبو داود عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ]

 هذه الضرورات الثلاث ، فليس من المقبول أن ينقل من يريد الإصلاح ما يسمعه من كلا الخصمين في حق صاحبه ، فيزيد النار اشتعالاً ، بل يحاول تلطيف الجو ولو بشيء من حلو الكلام والزيادة فيه ، وإنكار ما قاله أحدهما من سب وإهانة ، ففي الإصلاح جائز . وليس من المعقول أن يُعطى العدو ما يريد من معلومات تكشف أسرار الجيش ، أو تدل على عورات البلد ، أو تنبئ عن مواطن الضعف تحت عنوان الصدق ، بل الواجب إخفاء ذلك فإن الحرب خدعة . وليس من الحكمة أن يصارح الرجل امرأته في مشاعره نحوها ، أو أن تصارحه في مشاعرها نحوه ، فتُدمر الحياة الزوجية باسم الصدق . ولهذا كان هذا الحديث النبوي الشريف في غاية الحكمة والصواب حيث استثنى ما يحدث بين الزوجين من كلام في هذه النواحي من الكذب الحرام ، رعاية للرباط الزوجي .
 حدث في عهد عمر رضي الله عنه أن أبا عذرة الدؤلي كان يخلع النساء اللاتي يتزوج بهن ، فطارت له في الناس من ذلك أحدوثة يكرهها ، فلما علم بذلك أخذ بيد عبد الله بن الأرقم حتى أتى به إلى منزله ، ثم قال لامرأته : أنشدك بالله هل تبغضينني ؟ قالت :لا تنشدني، قال : فإني أنشدك الله ، قالت : نعم - أي أبغضك - فقال لابن الأرقم أتسمع ؟ ثم انطلقا حتى أتيا عمر بن الخطاب فقال : إنكم لتحدثون أني أظلم النساء وأخلعهن فاسأل ابن الأرقم ؟ فسأله عمر فأخبره ، فأرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى امرأة ابن أبي عذرة ، فجاءت هي وعمتها فقال : أنت التي تحدثين لزوجك أنك تبغضينه ؟ قالت : إني أول من تاب وراجع أمر الله تعالى ، إنه ناشدني الله فتحرجت أن أكذب ، أفأكذب يا أمير المؤمنين ؟ قال : نعم اكذبي ، فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك ، فإن أقل البيوت الذي يُبنى على الحب ، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب .
 هذه الحدود الضيقة جداً التي رخص فيها النبي عليه الصلاة والسلام للكذب في ثلاثة مواطن .

(( الرَّجُلِ يَقُولُ الْقَوْلَ يُرِيدُ بِهِ الْإِصْلَاحَ ، وَالرَّجُلِ يَقُولُ الْقَوْلَ فِي الْحَرْبِ ، وَالرَّجُلِ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ وَالْمَرْأَةِ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا ))

 وفي الحرب ولا يُعقل أن يُعطى العدو الحقائق تحت اسم الصدق ، لأن في هذا هلاكاً للمسلمين . والرجل يحدث امرأته وتحدث زوجها . ما الذي حصل ؟ . . الأزواج توسعوا في الكذب على الزوجة ، توسعوا في الكذب حتى فقدوا مصداقيتهم عندها ، توسعوا في الكذب في كل شيء . في موضوع واحد . لو أنها سألتك أتحبني ؟ . . أما في الأسعار ، وفي الحاجات ، وفي من زارك ، ومن لم يزرك ، إذا كذبت في كل شيء فقدت المصداقية ، وإذا كذبت وتوسعت في فهم الكذب ربما طُلقت ، لأن أشنع صفة في الإنسان هي الكذب .
 فيا أيها الأخوة الكرام ؛ يجب أن نبقى في حدود السنة ، لو أنها سألتك : أتحبني؟ ولو أنه سألها أتحبينني ؟ في هذا الموضوع المحدد لك أن تقول كلاماً تطيب خاطرها وتدفع عنها اليأس . أما أن تتوسع في هذه الرخصة فتجعلها ديدنك في علاقاتك معها ، فهذا ما جعل العلاقة بين الزوجين غير صادقة ، بل إن الزوج ليكره من زوجته الكذب كما يكره الشيطان. فإذا قرأنا رخصة في حديث رسول الله فلنقدر هذه الرخصة بقدرها ، لا أن نتوسع بها .

الدعاء :

 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك ونتوب إليك ، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك . اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين . اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك . اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين . اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء . اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله عوناً لنا فيما تحب ، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب . اللهم صن وجوهنا باليسار ، ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شرّ خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء . اللهم كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم فأقرر أعيننا من رضوانك يا رب العالمين . اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

 

تحميل النص

إخفاء الصور