- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠73ندوة : كيف نعرف الله - قناة الإيمان اليمنية
مقدمة :
الأستاذ:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا أشرف خلق الله أجمعين محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
أيها الأخوة الكرام أينما ما كنتم، مشاهدو قناة الإيمان الفضائية نرحب بكم، في هذا اللقاء المباشر وعلى الهواء من جامع الصالح بالعاصمة صنعاء.
أخوة الإيمان أينما كنتم، ما أروع أن يتفقه المؤمن في دينه، وما أحسن أيضاً أن يتفهم المعاني الجليلة بنعمة ديننا الإسلامي الحنيف، كيف ينبغي لنا أن نتعلم هذا الدين؟ كيف ينبغي لنا أن نهيئ عقولنا وقلوبنا أيضاً لسماع الموعظة الحسنة بالحكمة؟ وكيف ينبغي لنا أن نتفقه في كل ما يتعلق بكتاب الله وسنة رسوله؟ كيف نتعرف إلى الإعجاز العلمي في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟ كيف نسخر عقولنا ونهيئها لما يفيد الأمة لما يفيدنا في دنيانا ويفيدنا في آخرتنا أيضاً؟ كيف ينبغي لنا أن نساعد أولئك الشباب الذين ينجرون أحياناً وراء الأهواء ووراء التأويلات الباطلة بدون بصيرة؟ كيف ينبغي لنا أن نفقه الشباب؟ كيف ينبغي لنا أن نفقه أنفسنا؟ كيف ينبغي لنا أن نتدبر آيات الله؟ بل كيف نعرف الله تعالى؟ كيف نعرف مخلوقاته؟ كيف ينبغي لنا أن نرسخ مبدأ الوسطية والاعتدال في سلوكنا وفي عبادتنا مع الله سبحانه وتعالى؟ وكذلك أيضاً في أسلوب الدعوة إلى الله؟.
معنا في هذا اللحظات المباركة وفي هذا المكان المبارك بجامع الصالح بالعاصمة صنعاء، لدينا ضيف كريم عزيز شرفنا، يزور بلده الثاني اليمن، إنه شيخٌ فاضلٌ، وأستاذ أكاديمي متفرد في طرحه، متفرد أيضاً في علمه، متفرد أيضاً في أسلوبه الجذاب، من سمعه أنصت إليه، وانجذب إلى حديثه الشيق، من أجل ألا نقطع تلك اللحظات الرائعة لا بد من أن نعرف بضيفنا الكريم العزيز، هو فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة، بكلية التربية بجامعة دمشق، فمرحباً بك في هذا اللقاء المباشر عبر نافذة قناة الإيمان وفي هذا الصرح الإسلامي الشامخ جامع الصالح بالعاصمة صنعاء.
الدكتور راتب:
بارك الله بكم، ونفع بكم، وجعل هذه القناة أسلوباً من أساليب الدعوة الحديثة إلى الله.
الأستاذ:
آمين يا رب العالمين، نرحب بك في هذا اللقاء، والمشاهد الكريم يعرفكم من خلال مشاهدته لدروسكم التي تبث عبر القنوات الفضائية المفيدة بإذن الله تعالى، حبذا لو أردنا من فضيلتكم أن تعرف المشاهد الكريم كيف ينبغي له أن يعرف الله تعالى من خلال مخلوقاته؟ من خلال قدراته في مخلوقاته؟
أصل الدين معرفة الله :
الدكتور راتب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابه الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، ندعو فنقول: اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الحقيقة الدقيقة: أن أصل الدين معرفة الله، ذلك أن الإنسان إذا عرف الله أولاً، أو عرف الآمر ثم عرف الأمر تفانى في طاعة الآمر، أما إذا عرف الأمر ولم يعرف الآمر تفانى في معصيته، فإذا أردت أن تضع يدك على مشكلة المسلمين الأولى أنهم من خلال نشأتهم، ودراستهم، ومن خلال خطباء المساجد، تعرفوا إلى الأمر، إلى الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، تعرفوا إلى بعض أحكام الفقه، لكنهم غفلوا عن أصل الدين وهو معرفة الله عز وجل، الله عز وجل ذات كاملة لا تدركها الأبصار، ولكن العقول تصل إليها من خلال آثارها، فالكون كله أثر من آثار خالق السماوات والأرض، فنحن بالإمكان أن نعرف الله من خلقه.
العبادة الأولى هي التفكر في خلق السماوات والأرض :
لذلك التفكر في خلق السماوات والأرض هي العبادة الأولى، والشيء الذي يلفت النظر أنك إذا قرأت آية في كتاب الله فيها أمر هذه الآية تقضي أن تأتمر، وإذا قرأت آية فيها نهي هذه تقضي أن تنتهي، وإذا قرأت آية فيها وصف لحال أهل الجنة تقضي هذه الآية أن تسعى إلى الجنة، وإذا قرأت آية فيها وصف لحال أهل النار تقضي هذه الآية أن تفر من النار، وإذا قرأت قصة قوم سابقين عصوا ربهم فأهلكهم الله تقضي أن تعتبر، لكن إذا وجدت في القرآن ألف و ثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان، هذه الآيات ما موقفك منها؟ أنا أراها وأظن أنني على صواب أنها منهجٌ للتفكر في خلق السماوات والأرض، لأن الله عز وجل يمكن أن نصل إليه من خلال خلقه، وكأن هذه العبادة فيها أمر قطعي الدلالة:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
يتفكرون فعل مضارع يفيد الاستمرار:
﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
التفكر في خلق السماوات و الأرض أرقى عبادة على الإطلاق :
نحن أستاذنا الجليل إذا تفكرنا في خلق السماوات والأرض عرفنا الله، وإذا عرفناه أطعناه، لأن الإنسان حينما يعرف الآمر ينفذ الأمر
أما إذا غفلنا عن هذه العبادة واكتفينا بالأوامر فربما تغلبنا شهوتنا فلا نلبي هذه الأوامر، فلذلك أصل الدين معرفته، وطريق معرفته التفكر في خلقه، لله عز وجل آيات ثلاثة، موضوعات كبرى، له آيات كونية هي خلقه، وله آيات تكوينية هي أفعاله، وله آيات قرآنية هي كلامه، فالطريق إليه من خلال الآيات الثلاثة: الكونية والقرآنية والتكوينية.
وقد قيل: القرآن كون ناطق، والكون قرآن صامت، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآنٌ يمشي، إذاً الذي يمكن أن نعالجه في هذا اللقاء الطيب، كيف نعرف الله من خلال خلقه؟ الأداة هي التفكر، وكأن الله أمرنا أن نتفكر في خلق السماوات والأرض، بل أن يأتي التفكر على شكل خبر وهذا أبلغ عند علماء البلاغة.
﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ ﴾
ولم يقل أيتها الوالدات أرضعوا أولادكن، هذا شيء لا بدّ من أن يكون، إذاً من صفات المؤمن:
﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
هذه العبادة تعد أرقى عبادة، بل إن هذه العبادة تضعك وجهاً لوجه أمام عظمة الله، هذه العبادة هي أقصر طريق إلى الله وأوسع بابٍ ندخل منه على الله.
الأستاذ:
العبادة بمفهومها الواسع، والعبادة بمفهومها الضيق عند من لا يفقه، هل هناك عبادة تستحق أن تكون عصرية غير العبادة المعروفة حتى نتقرب بها إلى الله من أجل أن نتفكر بمخلوقاته؟.
العبادة طاعة طوعية و ليست قسرية :
الدكتور راتب:
بالأصل العبادة واسعة جداً، نحن ضيقنا مفهوم العبادة بخطأ منا، فالعبادة طاعة طوعية، خضوع لمنهج الله، لتفاصيله، طاعة طوعية وليست قسرية، لأن الله سبحانه وتعالى ما أراد أن تكون علاقتنا به علاقة إكراه، قال:
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
أراد الله عز وجل أن تكون علاقتنا به علاقة حب، أن تكون المحبة أساس العلاقة بيننا وبينه، لذلك ما أراد أن يكرهنا بالدين،
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
فهي طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أي أرادنا أن نأتيه باختيار منا، أرادنا أن نأتيه بمبارده منا، أرادنا أن نأتيه محبين، أرادنا أن تكون علاقتنا به علاقة حب، هي طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، لذلك قالوا: ما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، وما عبد الله من أحبه ولم يطعه، هي طاعة ليست قسرية ولكنها طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، في هذا التعريف أنا أسميه تعريفاً جامعاً مانعاً، هناك جانب سلوكي هو الأصل، وجانب معرفي هو السبب، وجانب جمالي هو الثمرة، أولاً: إذا ألغيت الاستقامة من الدين، إذا ألغيت تطبيق منهج الله بتفاصيله، إذا ألغيت المنهج القويم الذي جاء به سيد المرسلين، إن ألغيت التطبيق، إن ألغيت الحركة، وبقي الإسلام إعجاباً سلبياً، هذا الإسلام عندئذٍ لا يقدم ولا يؤخر.
ولا بدّ من التذكير بهذه الحقيقة، يقول سيدنا سعد بن أبي وقاص: ثلاثةٌ أنا فيهن رجل، وكلمة رجل في الكتاب والسنة والسيرة لا تعني أنه ذكر، تعني أنه بطل، قال: ثلاثة أنا فيهن بطل، وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس، من هذه الثلاثة: ما سمعتُ حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علمت أنه حقٌ من الله تعالى.
توجيهات النبي ليست من اجتهاده ولا من معطيات عصره إنما هي وحي يوحى :
ذلك أن النبي وحده الذي قاله ليس من خبرته، ولا من تجاربه، ولا من اجتهاده، بل ولا من معطيات عصره، الذي جاء به وحي من السماء.
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
هذا الذي جاء به النبي الكريم حقٌ صرف، لأن الله عصمه من أن يخفق في أقواله وأفعاله وإقراره، لأنه أمرنا أن نطيعه، فلو أنه يخطئ لكان الأمر بالمعصية، إذاً لا بد من أن نعتقد جازمين أن النبي عليه الصلاة والسلام معصومٌ في أقواله، وأفعاله، وإقراره، لكن قد يقول أحد الأخوة المشاهدين: ألم يقل الله عز وجل؟
﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ﴾
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴾
أنا لي تأويل لطيف حول هذا الموضوع: هذا التصويبات هي وحي السماء، بل إن الله ترك للنبي الكريم هامشاً ضئيلاً جداً اجتهادياً، فإذا أصاب في اجتهاده سكت الوحي وأقره عليه، وإن لم يكن هذا الاجتهاد كما يريد الله عز وجل يأتي الوحي ويصوبه للنبي عليه الصلاة والسلام، لماذا؟ ليكون هناك فرقٌ بين مقام الألوهية المطلق وبين مقام البشرية، فهذا الاجتهاد إن لم يأت كما أراد الله يأتي الوحي ليصوبه ليكون هذا الإنسان بشراً لئلا يعبد من دون الله، لذلك النبي الكريم بشر يحب كما يحب البشر، ويكره كما يكره البشر.
والله عز وجل من حين لآخر يسمح له أن يجتهد، فإذا لم يأتِ اجتهاده كما أراد الله الوحي يصوب له، وهذا الهامش الضيق من الاجتهاد الذي سمح الله به ليكون الفرق الكبير بين مقام الألوهية ومقام البشرية.
الأستاذ:
من خلال هذا الطرح العبادة أحياناً الناس يظنون بأنها فقط بالصلاة، بالصيام، بالانزواء، أحياناً لا يشملون الحياة في أن تكون جزءاً من العبادة، وهو ما نريده و ما يحتاج إليه أبناؤنا.
الإسلام منهج تفصيلي :
الدكتور راتب:
صدق أستاذنا الجليل، صدق ولا أبالغ، إذا توهم الناس أن الإسلام العبادات الخمسة فقط فهذا خطأ فادح، والدليل يقول عليه الصلاة والسلام:
(( بُنِي الإسلامُ على خَمْسٍ ))
الإسلام كيان آخر غير الخمس، الخمس دعائم.
((بُنِي الإسلامُ على خَمْسٍ ))
بناء من عشرات الطوابق له خمسة أعمدة، هذه الأعمدة ليست هي البناء، هي أعمدة البناء، فالإسلام بني على خمس، إذاً ما الإسلام؟ الإسلام منهج تفصيلي، منهج لهذا الإنسان تفصيلي، أنا أقترح رقماً ولا أظنني مبالغاً، أي يبدأ هذا المنهج من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية، وقد يصل إلى خمسمئة ألف بند، الإسلام منهج تفصيلي، كيف تكسب مالك؟ كيف تنفقه؟ كيف تتزوج؟ كيف تكون علاقتك مع زوجتك؟ كيف تنجب الأولاد؟ كيف تربي الأولاد؟ كيف تؤدي عملك؟ كيف تحرص على أن يكون الدخل حلالاً؟ آلاف الأسئلة، آلاف الموضوعات، ولا أبالغ إن قلت قد يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية، وقد يصل عدد قضايا الدين إلى خمسمئة ألف، هذا الذي أريد أن يكون واضحاً لدى الأخوة المشاهدين.
الأستاذ:
بارك الله فيكم، دكتور هناك أيضاً من الشواهد القرآنية التي تؤكد الإعجاز العلمي في هذا المجال، مثل البعوض ضرب الله به مثلاً أيضاً، وهناك أشياء كثيرة جداً حتى في أنفسنا لا ندرك، نحن نرى ونبصر ولكن لا ندرك ما وراء ذلك النظر؟ وما وراء تلك البصيرة؟.
الله عز وجل من حرصه على هداية خلقه أرسل لهم أنبياء ورسلاً :
الدكتور راتب:
ولكن أريد أن أقدم للإعجاز، ذلك أن الله عز وجل من حرصه على هداية خلقه يرسل لهم أنبياء ورسلاً، فيأتي إنسان يقول لمن حوله: أنا رسول الله، معه منهج، معه افعل ولا تفعل، فالذين ألفوا أن يعيشوا بلا ضوابط يكذبونه.
﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً ﴾
الآن، كيف يشهد الله لهذا الإنسان الذي هو رسوله أنه رسوله؟ لا بد من أن يجري على يديه خرقاً لنواميس الكون، وهذا الخرق لا يستطيعه إلا خالق السماوات والأرض، فإذا أجرى على يد النبي الكريم خرقاً لهذه النواميس فهذا أكبر دليل قطعي على أن هذا الإنسان رسول الله، أن يضرب إنسان البحر بعصاه فيصبح طريقاً يبساً، أن يلقي عصاً فإذا هي حية تسعى، أن يلقي إبراهيم عليه السلام بالنار فلا يحترق، هذه هي المعجزات، هي شهادة الله لعباده أن هذا الإنسان رسوله، لكن هذه المعجزات السابقة كانت حسية، ومعنى حسية أنها كتألق عود الثقاب، تتألق مرة وتنطفئ، تصبح خبراً يصدقه من يصدقه، ويكذبه من يكذبه.
الحقيقة المعجزة الحسية مقبولة إلى أقصى الحدود مع الأنبياء السابقين، لأن هذا النبي لقومه فقط، وتنتهي مهمته إذا جاء نبي آخر، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعثته خاتمة البعثات، وكتابه خاتم الكتب، فلا بدّ من أن تكون المعجزة مستمرة ولن تكن مستمرة إذا كانت حسية، إذاً لا بد من أنه تكون المعجزة عقلية.
لذلك هذا الكتاب المعجز القرآن الكريم فيه تقريباً ألفٌ وثلاثمئة آية تتحدث عن قضايا علمية، نسميها أحياناً السبق العلمي، قضية عالجها القرآن قبل ألف وأربعمئة عام، وبعد هذه العقود الطويلة، اكتشف العلم هذه الحقيقة، فحينما يأتي القرآن بحقيقة علمية اكتشفناها الآن فهذا دليلٌ قطعيٌ لا يحتمل الشك أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن.
أمثلة على أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن :
لأوضح هذا بمثل: رائد الفضاء في أول رحلة إلى الفضاء الخارجي، إلى القمر، ركب مركبته، المركبة لها نوافذ، والجو حول المركبة نهار مضيء، ضوء الشمس، بعدما قطع مسافة تقدر بخمسة و ستين ألف كيلو متر صاح هذا الرائد بأعلى صوته: لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً، ما الذي حصل؟ طبقة الهواء يزيد سمكها عن خمسة و ستين ألف كيلومتر، فلما تجاوز رائد الفضاء طبقة الهواء، انتهت حادثة فيزيائية هي انتثار الضوء، حينما تسلطت أشعة الشمس على ذرات الهواء، هذه الذرات تعكسها على ذرات أخرى، فأنت في الأرض في مكان هناك شمس، وفي مكان آخر هناك ضوء، من أين جاء الضوء؟ من انعكاس أشعة الشمس على ذرات الهواء التي عكستها على ذرات أخرى، لكن عندما تجاوز رائد الفضاء طبقة الهواء، هذه الحادثة انتثار الضوء انتهت، فدخل الرائد في ظلام دامس، لأنه لم يعد هناك هواء، انتثار الضوء يحتاج إلى هواء، فلما تجاوزنا الهواء التغى انتثار الضوء، فدخل الرائد في ظلام دامس، فصاح بأعلى صوته لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً، هذه الحادثة من عشرين سنة، افتح القرآن الكريم:
﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾
شيء لا يصدق، آية قرآنية نزلت قبل ألف وأربعمئة عام، رائد الفضاء قبل عشرين عاماً يقول: لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً، والله عز وجل يقول:
﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾
هذه آيةٌ من آيات الإعجاز.
البعوضة من آيات الله الدالة على عظمته :
مثلاً يقول الله عز وجل:
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً ﴾
أنا لا أتصور أن هناك مخلوقاً أحقر عند إنسان من بعوضة، بل إن النبي أشار إلى ذلك فقال:
(( ولو كانت الدنيا تَعْدِلُ عند الله جَناح بعوضة ما سَقَى كافراً منها شَربة ماءٍ))
هذه البعوضة وضعت تحت مجهر إلكتروني، هذا المجهر يكبر خمسمئة ألف مرة، المجاهر السابقة تكبر ثماني مرات، هذا المجهر يكبر خمسمئة ألف، وضعت البعوضة تحت المجهر، الشيء الذي لا يصدق أن في رأس البعوضة مئة عين، وأنا عرضت الصور بالفضائية السورية، وفي فمها ثمانية و أربعون سناً، وفي صدرها ثلاثة قلوب؛ قلب مركزي، وقلب لكل جناح، وفي كل قلب أذينان وبطينان ودسامات، والبعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات، تملك جهاز استقبال حراري، فهي ترى الأشياء لا بأشكالها، ولا بألوانها، ولا بأحجامها، ولكنها ترى الأشياء بحرارتها فقط، جهاز استقبال حراري، حساسية هذا الجهاز واحد على ألف من الدرجة المئوية، أمامك إنسان حرارته تقدر بسبع و ثلاثين درجة وثلاث أرباع، أي أقصى شيء ربع درجة، أو معظم الناس نصف درجة، الذي يملك بصراً حاداً ربع درجة، أما البعوضة فحساسية هذا الجهاز واحد على ألف من الدرجة المئوية
والبعوضة تملك جهاز تحليل، ما كل دم يناسبها، ينام أخوان على سرير واحد، تغرز خرطومها في جسم الأول وتفحص الدم، قد لا يعجبها دم الأول فتأخذ من الثاني، لذلك ينام أخوان على سرير واحد يستيقظ الأول وقد ملئ بلسع البعوض، والثاني لم يلسع أبداً، معها جهاز تخدير، فتخدر الإنسان ثم تغرز خرطومها في جسمه، فإذا انتهى مفعول التخدير شعر بلسعة بعوضة، فظنها على يديه فضرب يديه الأولى بالثانية بكل قوته، ثم يفاجأ أن البعوضة في سقف الغرفة تضحك عليه، لأنه عندما شعر بالألم انتهى مفعول التخدير، فمعها جهاز تخدير، معها جهاز تحليل، معها جهاز تمييع للدم، دم الإنسان سمج لا يسري في خرطومها، تميع الدم، وتخدر، وتفحص، معها جهاز استقبال حراري، وعندها برأسها مئة عين، بفمها ثمانية و أربعون سناً، بصدرها ثلاثة قلوب، أما خرطومها فكقطر الشعرة فيه ست سكاكين، أربع سكاكين على شكل مربع، وسكينان في داخل المربع، تلتئمان على شكل أنبوب لامتصاص الدم، هذه السكاكين الأربعة تحدث جرحاً مربعاً، ثم تنزل سكينان كل سكينة نصف دائرة، تلتئمان على شكل أنبوب تمص الدم.
الآن عندما أنت تقرأ قوله تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً﴾
بعد اكتشاف المجهر الإلكتروني عرفنا قيمة هذه الآية، فالآية هذه من الإعجاز العلمي.
لذلك الله عز وجل جعل هذا الإعجاز شهادة له، أن هذا القرآن كلامه، وأن الذي جاء بالقرآن رسوله، هذه الشهادة مستمرة، أما جميع المعجزات الحسية السابقة فوقعت وانتهت وأصبحت خبراً يصدقه من يصدقه، ويكذبه من يكذبه، إذاً الإعجاز العلمي شهادة الله لمن أتى بعد النبي الكريم إلى يوم القيامة، أن هذا القرآن كلامه، وأن هذا النبي نبيه.
الأستاذ:
هذه الشواهد هل يمكن أن تعكس أيضاً في عقل الإنسان وطريقة تفكيره؟ لماذا ينجذب الإنسان أحياناً لشخص ما فيعجبه حديثه ولا ينجذب للآخر مع أنه يكرر العبارات نفسها؟ هل هناك من إعجاز علمي يدخل في هذا؟.
الفرق بين الإنسان الموصول بالله والإنسان المرتزق بالدعوة :
الدكتور راتب:
والله أنا هذا الموضوع لي اجتهاد خاص فيه، يغلب على ظني أنه صحيح، لكن لا أجزم بذلك، الإنسان إذا تكلم بالحق وكان مطبقاً له، وكان مخلصاً في أدائه، الله عز وجل يهب لكلام هذا الإنسان قوة تأثير، هذه لا تملكها لا أنت ولا أنا، هذه يملكها الله عز وجل، أي يجعل القلوب تهفو إليه، يجعل هذا الكلام مقبولاً، يجعل هذا الكلام ذا تأثير كبير، أساس ذلك التطبيق هو الإخلاص، أما قد يتمتع الإنسان بذهن، بذاكرة قوية جداًَ، وطلاقة لسان، وقدرة على التعبير، والتفنن في التعبير، فيتلو على الناس النصوص والآيات والأحاديث، لكنه غير مطبق لما يقول، فهذه القدرة الإلهية في قوة التأثير لا يملكها، لذلك قد تجد إنساناً يتمتع بأعلى درجات الفصاحة، وليست دعوته مؤثرة، يأتي إنسان آخر يتمتع بالصدق والمحبة لله عز وجل، لذلك قالوا: قول ألف في واحد، أي ألف إنسان محترف في واحد لا يؤثر، قول ألف متكلم فصيح اللسان، واضح الحجة، لا يؤثرون بواحد، وحال واحد في ألف، أي إنسان واحد يؤثر بألف وألف لا يؤثرون بواحد، هذا الفرق بين الإنسان الموصول بالله والإنسان المرتزق بالدعوة.
الأستاذ:
المرتزق بالدعوة الذي يتخذها وظيفة وليست دعوة؟
من يخلص فيما يقول ويطبق ما يقول يهبه الله قوة في التأثير :
الدكتور راتب:
يقول الإمام الشافعي: لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أرتزق بالدين، سمعت مرة قصة عن بلد إسلامي، قبل أربعين عاماً أعدموا عالماً كبيراً، كانت الظروف معقدة فجاؤوا له بشيخ ليلقنه الشهادة، هذا العالم ترك تفسيراً من أرقى التفاسير، وهذا الإنسان عالم كبير، لكن في ظروف معينة، ليس لنا علاقة بهذه الظروف الآن، جاؤوا له بشيخ ليلقنه الشهادة بحسب القوانين لئلا يموت كافراً، فقال له كلمة رائعة، قال: أنا أموت من أجل لا إله إلا الله، أما أنت فترتزق بها، مسافة كبيرة جداً.
فلذلك المنتفع بالدعوة لا يؤثر أبداً، هذه الدعوة لا تحتمل أن تشوبها شائبة، هذه الدعوة إن لم تكن خالصة لا يكتب الله لها النجاح، فلذلك الدعاة الذين يؤثرون في الناس قد يكونون غير اختصاصيين، بعض الدعاة الكبار ليسوا مختصين بالشريعة، لكن معرفتهم بالله قوية جداً، فلذلك تركوا أثراً كبيراً.
أنا أقول: أنت حينما تخلص فيما تقول وتطبق ما تقول يهبك الله قوة في التأثير، لا يملكها إلا الله، هذه واحدة.
آيات الإعجاز شهادة الله للبشر أن هذا القرآن كلامه وأن هذا النبي رسوله :
مثلاً: تركب طائرة موديل 777 أحدث وحدة بالدرجة الأولى، كأنك جالس ببيتك، كل شي أمامك، أنا أتيت برحلة من دبي إلى الشام قبل أسبوعين، أمامي أربعمئة قناة، فكان كل شيء ليس معقولاً إطلاقاً، فضائية، والكرسي كأنك جالس بالبيت، فتركب طائرة تفتح القرآن الكريم تقرأ قوله تعالى:
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾
أنت راكب طائرة 777 درجة أولى، كل ما يخطر على بالك موجود، تحب أن تنام تنام، تحب أن تستيقظ، تقرأ مجلة، تتابع قناة، هنا جاءت
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾
ونكمل الآية:
﴿ وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
لأنه كلام الله، هنا دخلت الطائرة،
﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
هذا من الإعجاز، لو لم يكن هذه الزيادة لما كان كلام الله،
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
علم الأجنة تطور تطوراً كبيراً، وانتهى به المطاف بعد مئات السنين إلى أن الذي يحدد جنس الجنين ذكراً أو أنثى ليست البويضة، ولكنها الحوين، تفتح القرآن:
﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾
شيء لا يصدق، هذا القرآن، بلغني أن كبار علماء العالم الغربي، أحد علماء اليمن جزاه الله خيراً، وكنت في زيارته، أطلع هؤلاء العلماء على آية قرآنية، جاءت قبل ألف وأربعمئة عام تتوافق مع أحدث كشف علمي، فأسلم عدد كبير، شيء لا يصدق، قرآن كريم، لأن الله عز وجل جعل إعجاز هذا القرآن في بعض آياته، فآيات الإعجاز شهادة الله للبشر أن هذا القرآن كلامه، وأن هذا النبي رسوله.
الأستاذ:
من خلال هذا الطرح أيضاً يتكشف لنا أنه قدرة الإنسان في أن يتفكر في خلق الله ضئيلة، ضعيفة، لأنه لا يعرف كيف يعمل هذا العقل، وكيف يفكر أصلاً.
جسم الإنسان من آيات الله الدالة على عظمته :
الدكتور راتب:
والله هذا سؤال مهم جداً، جزاك الله خيراً، هذا السؤال، أي الشيء أصله، أنت تصور أنه خرج من الرجل حوين، أو خرج ثلاثمئة مليون حوين في اللقاء الزوجي، حوين واحد دخل للبويضة، بعد تسعة أشهر صار طفلاً –جنيناً-، بدماغه مئة و أربعون مليار خلية عصبية سمراء استنادية لم تعرف وظيفتها بعد، على قشرة الدماغ أربعة عشر مليار خلية قشرية، فيها الذاكرة، فيها المحاكمة، فيها التصور، فيها التخيل، الذاكرة مساحتها بحجم حبة العدس، تتسع لسبعين مليار صورة، الدماغ آية.
العين؛ في شبكية العين بالميليمتر المربع مئة مليون مستقبل ضوئي، وفي أحدث آلة رقمية - ديجيتل- احترافية غالية جداً، ثمنها بالملايين، بالمليمتر المربع عشرة آلاف مستقبل ضوئي، بالعين مئة مليون مستقبل ضوئي، من أجل أن ترى رؤية صافية شفافة شفافية تامة، جعل الله قرنية العين الطبقة الشفافة، هذه الطبقة تتميز عن كل أنسجة الجسم، أنها تتغذى لا بالأوعية الشعرية بل بالحلول، لو تغذت بالأوعية الشعرية لكنت ترى ضمن شبكة، لكنها الخلية الأولى تأخذ غذاءها وغذاء جارتها وينتقل الغذاء إليها عبر الغشاء الخلوي، تصميم من؟.
ماء العين، بالعين يوجد ماء، ولو سافرت إلى فنلندا لوجدت أن درجة الحرارة هناك تحت الصفر، ماء العين يلامس الجو، الإنسان يضع قبعة يغطي بها رأسه، يرتدي قفازات بيديه، جوارب صوف برجليه، ثياب صوفية، ثياب داخلية صوفية، معطف، كل شيء ممكن، لكن عينه لا يمكن أن يغطيها بالقماش الصوفي، يمشي في الطريق، فعينه فيها ماء، الشيء البديهي أن هذا الماء سيتجمد، وإذا تجمد الماء فقد الناس هناك البصر، أي كل أهل فنلندا والسويد والنرويج والدنمرك والقطب الشمالي يجب أن يفقدوا بصرهم، أودع الله في ماء العين مادة مضادة للتجمد.
﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾
من جعل هذا؟
الآن الشبكية، من آيات الله الدالة على عظمته، الشبكية لا يزيد حجمها عن ميلي وربع، من أجل أن ترى ثمانية ملايين لون، عين البشرية تستطيع أن تميز بين ثمانية ملايين لون، قال تعالى:
﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾
الكون من آيات الله الدالة على عظمته :
لو فرضنا أننا انتقلنا من جسم الإنسان إلى السماء، بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، ماذا تعني هذه الكلمة؟
الضوء يقطع في الثانية الواحد ثلاثمئة ألف كيلومتر، بالدقيقة ضرب ستين، بالساعة ضرب ستين، باليوم ضرب أربع و عشرين، بالسنة ضرب ثلاثمئة و خمسة و ستين، بأربع سنوات ضرب أربع، ابنك الصغير بآلة حاسبة خلال دقيقتين يحسب لك هذا الرقم، وهو بعد أقرب نجم ملتهب للأرض عدا الشمس، هذا الرقم لو قسمناه على ثواني اليوم لكانت سرعة الضوء، شيء مذهل، لو أردنا أن نقطع هذه المسافة بمركبة، كم سنة نحتاج؟ قد لا تصدق، نحتاج إلى خمسين مليون عام حتى نقطع المسافة من الأرض لأقرب نجم ملتهب عدا الشمس، الشمس بيننا و بينها ثماني دقائق ، أما هذا النجم فبعده عنا أربع سنوات ضوئية، لو أردنا أن نصل لهذا النجم بسيارة أرضية لاحتجنا إلى خمسين مليون عام.
سؤال: متى نصل لنجم القطب؟ يبعد عنا أربعة ألف سنة ضوئية، كنا بأربع سنوات الآن بأربعة آلاف، المرآة المسلسلة بعدها عنا يقدر بمليوني سنة ضوئية بعض المجرات بعدها عنا يقدر بأربعة و عشرين ألف مليون سنة ضوئية.
الآن:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
أستاذنا الجليل، بين الأرض والشمس مئة و ستة و خمسون مليون كيلومتر، يقطعه الضوء في ثماني دقائق، والشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة، أي يدخل إلى جوف الشمس مليون وثلاثمئة ألف أرض، وبينهما مئة و ستة و خمسون مليون كيلومتر، وفي قوله تعالى:
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾
أحد أبراج السماء برج العقرب، هو على شكل عقرب، أحد نجوم هذا البرج قلب العقرب، نجم صغير أحمر متألق، اسمه قلب العقرب، هذا النجم الصغير الأحمر المتألق في برج العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما، هذا الإله العظيم يعصى؟ ألا يخطب وده؟ ألا ترجى جنته؟ ألا تخشى ناره؟.
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لعمري في المقال شنيعُ
لو كان حبك صادقاً لأطعتـه إن المحب لمن يحـب يطيعُ
* * *
الآيات الرائعة في الكون :
الحقيقة يوجد بالكون آيات رائعة جداً، مثلاً الأرض تدور حول الشمس في مسار إهليلجي (أي بيضوي) دورة كل عام، وهذا الشكل له قطر أصغر و قطر أطول، فإذا اتجهت الأرض في مسارها حول الشمس إلى القطر الأصغر ضاقت المسافة بينها وبين الشمس، وقانون الجاذبية متعلق بالكتلة والمسافة، فكلما كبرت الكتلة ازدادت الجاذبية، وكلما قلّت المسافة بين الكتلتين ازداد الجذب، فإذا طالت المسافة قلّ الجذب، فلو بقيت هذه الأرض تمشي بسرعتها السابقة لانجذبت إلى الشمس، بفعل قصر المسافة ما الذي يحصل؟ لو أنها انجذبت للشمس لتبخرت في ثانية واحدة، ما الذي يحصل؟ قال: ترفع الأرض سرعتها لينشأ من رفع السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبية فتبقى على مسارها، والآية الكريمة:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
الآن الأرض وصلت إلى القطر الأصغر، الشكل بيضوي، قطر أطول وقطر أصغر، كانت هنا أصبحت هنا، سنتابع، لو أنها بقيت على سرعة عالية لتفلتت من جاذبية الشمس، وإن تفلتت أصبحت الحرارة صفراً مطلقاً، مئتان و سبعون تحت الصفر، لانتهت الحياة، قال الأرض هنا تخفض سرعتها، لينشأ من خفض السرعة قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل فتبقى على مسارها، فإذا قرأت قوله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
يجب أن يقشعر جلدك، معنى هذا أن الأرض تتحرك بيد الله عز وجل.
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾
الآن هذه الأرض في نقطة دقيقة جداً القمر يدور حولها، لو أخذنا مركز الأرض ومركز القمر، وصلنا بينهما بخط، هذا الخط هو نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض، نصف القطر إذا ضربناه باثنين صار القطر، ضرب 3.14 البي نحصل على المحيط، فنحن من نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض نعرف محيط هذه الدائرة، ونعلم كم كيلومتر يقطع القمر في دورته حول الأرض، هذا في الشهر، في السنة نضرب باثني عشر، بألف سنة نضرب بألف، تأتي الآية الكريمة:
﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
الشيء الذي لا يصدق أنك إذا حسبت عدد الكيلومترات التي يقطعها القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام، وقسمتها على ثواني اليوم، لكانت سرعة الضوء، و هذا عمل أينشتاين حينما اكتشف أن السرعة المطلقة في الكون هي سرعة الضوء، والنظرية النسبية العملاقة الشهيرة التي قلبت مفاهيم الفيزياء أوردها الله في خمس كلمات بآية،
﴿وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ ﴾
أي ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام، يقطعه الضوء في يوم واحد، هذه النظرية النسبية شيء لا يصدق.
الأستاذ:
الآية القرآنية:
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾
هل لهذه الآية علاقة بما تفضلتم به؟ وهل النفي هنا عندما قال:
﴿ لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾
قصد به شيئاً ما محسوساً؟
كلمة مواقع وحدها لو قرأها عالم فلك لخر لله ساجداً :
الدكتور راتب:
لا، نص الآية أن النفوذ مستحيل إلا بسلطان، فالسلطان هنا سلطان علم، لما جاؤوا بمركبة فضائية وجعلوا جوها الداخلي كجو الأرض تماماً، وانطلقت بسرعة أربعين ألف مايل بالساعة، وبلغت القمر، نفذوا، لكن كم قطعوا؟ قطعوا ثانية ضوئية واحدة، يقول لك: غزونا الفضاء، قطعوا ثانية ضوئية واحدة، بعد القمر عن الأرض ثانية وربع فقط، عن الشمس ثماني دقائق، عن أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، عن القطب أربعة آلاف سنة ضوئية، المرأة المسلسلة مليونا سنة ضوئية، أحدث مجرة أربعة و عشرون ألف مليون سنة ضوئية.
هذا النجم الذي رصدناه، بعده عنا يقدر بأربعة و عشرين ألف مليون سنة، كيف تمّ الأمر؟ كان نجم في هذا المكان، أصدر ضوءاً، بقي الضوء يمشي بالفضاء الخارجي لمدة أربعة و عشرين ألف مليون سنة حتى وصل إلينا، كم سرعة هذا النجم؟ مئتان و أربعون ألف كيلومتر بالثانية، أين هو الآن؟ كان في هذا المكان وتابع سيره، تأتي الآية:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
ماذا يعني الموقع؟ يعني الموقع أن صاحب الموقع ليس في الموقع، هذا موقع فلان، فالنجم معنى هذا أنه كان هنا وتابع سيره، لو قال الله: بالمسافات بين النجوم ليس قرآناً، النجم ليس ثابتاً، فهذا النجم سرعته تقدر بمئتين و أربعين ألف كيلومتر بالثانية، أي سرعته تقترب من سرعة الضوء، كان بهذا المكان وأصدر ضوءاً إلى الأرض، هذا الضوء بقي يمشي في الفضاء الخارجي مدة أربعة و عشرين ألف مليون سنة حتى وصل إلينا، أما النجم نفسه أين هو الآن؟ لذلك الله تعالى قال:
﴿ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾
والله كلمة مواقع وحدها لو قرأها عالم فلك لخر لله ساجداً.
الأستاذ:
بهذا التفصيل الدقيق فعلاً الإنسان يشعر بعظمة الله سبحانه وتعالى، وقدرته الفائقة التي لا يمكن أن توصف ولا يمكن أن يصدقها عقل بسيط دون أن يتفكر في محيطه.
الله عز وجل عين الجهل به عين العلم به :
الدكتور راتب:
لذلك قالوا: العجز عن إدراك الإدراك إدراك، مثلاً لو وقفت أمام البحر المتوسط، وسألت كم لتراً هذا البحر؟ أي رقم تلقي به على مسامع السائل يدل على الجهل، الكلام الصحيح لا أدري، لذلك العجز عن إدراك الإدراك إدراك.
لذلك قالوا: الله عز وجل عين الجهل به عين العلم به، وعين العلم به عين الجهل به، إذا قلت لا أدري فأنت عالم، إذا كان السؤال متعلقاً بذات الله عز وجل.الأستاذ:
بهذا القدر ما الذي يشوب أبناؤنا وبناتنا وأخواننا أيضاً وأخواتنا عندما يسيطر على أدمغتهم بفكر معين؟ فجأة ينقلب ذلك المسلم إلى قنبلة موقوتة تنفجر في المسلمين، يبدأ بالتكفير وينتهي بالتفجير، مهما أخبرته، مهما حدثته، صار مسيطراً عليه، كيف تمت العملية يا ترى؟ لماذا قَبِل الكلام ولم يقبل ما يخرجه؟.
الشباب مستقبل الأمة و أملها :
الدكتور راتب:
قول لك قناعتي في هذا الموضوع: الشباب مستقبل الأمة، الشباب أمل الأمة
لكن هؤلاء الشباب الطاقة المتفجرة في المجتمع، هؤلاء يحتاجون ببساطة بالغة إلى بيت يسكنونه، وزوجة، وفرصة عمل فقط، بيت وزوجة وفرصة عمل، وأي أمة لا توفر لهؤلاء الشباب هذه الأشياء الثلاث فهناك مشكلة كبيرة جداً، هذا الشاب نشأ في طريق مسدود، ليس له زوجة، لا يوجد معه مثلاً تكاليف الزواج، ولا فرصة عمل، ولا مسكن، ولا إيمان، هو أمام تطرفين، تطرف تفلتي، وتطرف تشددي، التفلتي: الإباحية، التشددي: التكفير ثم التفجير بالضبط، هذا رأيّ، هذا الشاب أمل الأمة، مستقبل الأمة في شبابها، فأي بلد، أي مجتمع، أي دولة، يجب أن تهتم بهم اهتماماً كبيراً، أهم شيء أن تهيئ لهم فرص عمل، لذلك الذي يؤمّن فرص عمل للمواطنين إنسان عظيم جداً، وكل فرصة عمل صار هناك زواج، هيأ زواجاً لبنت، وهذا الشاب تزوج، وأنجب أولاداً، وعاش حياة مستقرة، ولو كان الدخل قليلاً.
فلذلك الإنسان حجمه عند الله بحجم عمله الصالح، فنحن يجب أن نشجع إنشاء معامل، إنشاء موارد رزق، حتى يعمل الشباب، هذا رأيي الشخصي، الشاب يجب أن توفر له فرصة عمل، وزواجاً، ومسكناً، ليس شرطاً أن يكون ملكاً بل لابأس إن كان أجرة، وإن وفرت هذه الأشياء انعدم الاضطراب عند هذا الشاب.
الأستاذ:
لكن الذين يسيطرون عليهم أحياناً هم لا يعطون هذه القضايا يقول له: أنت ستتزوج بالحور العين بعد دقائق، هو لا يزوجه في الدنيا، المشكلة في أسلوب الدعوة.
بطولة الحكومات أن تستوعب الشباب وتوظفهم في مجالات إبداعية :
الدكتور راتب:
أقول لك كلمة أخرى: أنا رأيي عندما يتبنى البلد الإسلام الوسطي لا يسمح لهذه الأقبية أن تبث هذه الأفكار، أما إذا كان البلد لم يتبنَ الإسلام إطلاقاً، بل وقف موقفاً سلبياً فهذه الأقبية تنشط، فأنا أريد أن أعطي- أنا كحكم- أعطي الشباب الإسلام الوسطي، هذا إسلام متوازن، كما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، أما حينما يغيب عن الشاب الإسلام الوسطي فيتطرف، يتطرف لسببين، الأول: ما وجد الإسلام الحقيقي، والثاني: عنده مشكلات عبر عنها بهذا التطرف، هي مشكلة موجودة بالعالم كله، أنا أقول: الإسلام يشبه النَفَس للإنسان، أنت بحاجة للتنفس بأي مكان، وكما أن هذا الشاب إنسان له حاجات، إن لبيت هذه الحاجات صار معك قوة كبيرة، الشباب قوة كبيرة جداً، بطولة الحكومات أن تستوعب هؤلاء الشباب، وأن تفجر طاقاتهم، وأن توظفهم في مجالات إبداعية، أما حينما يهمل الشباب، أنا أرى أن هذا يعد مشكلة كبيرة.
الأستاذ:
وأيضاً لا يوجد من يبصرهم بأمور دينهم وبقوة الإيمان.
البطولة أن نعيش الإسلام الذي عاشه النبي العدنان نفسه :
الدكتور راتب:
لذلك نحن بحاجة إلى دعاة مستبصرين، متفهمين، وسطيين، استوعبوا الثقافة المعاصرة، فهموا الدين فهماً حقيقياً، فهموا الدين حياة، فهموا الدين عملاً، ما فهموا الدين زهداً أو الدين عدواناً، أو الدين تكفيراً
هذه كلها تطرفات، أنا أرى أن النبي عليه الصلاة والسلام جاء بالإسلام الحقيقي، منهجه في الحياة هو الإسلام، فلما جاء بعده أُناس اهتموا بالنصوص الشرعية فقط، والأحكام الفقهية، وغفلوا عن عظمة هذا الدين، وعن مبادئ هذا الدين، وعن كمالات هذا الدين، وعن مقاصد هذه الشريعة، وبقوا في الأحكام الفقهية، وأحكام الوضوء، والاستنجاء، والاستبراء، لما ضغط الدين لدرجة غير معقولة، صار مرفوضاً عند الشباب، لذلك جاء بعدهم أناس اهتموا بالقلب وبالإقبال على الله، وأهملوا الشريعة، تطرفوا تطرف الصوفيون، جاء الطرف الآخر أعاد الموضوع إلى النصوص، لكن أغفل القلب، جاء الاتجاه الثالث، فأنا الذي أراه أن بكل مرحلة هناك تطرفاً قابله تطرفاً، أما البطولة أن نعيش الإسلام الذي عاشه النبي العدنان نفسه.
لذلك سئل النبي الكريم في بعض إيجابياته، قال:
((إن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ـ ما الفرقة الناجية؟ - قال: ما أنا عليه وأصحابي ))
منهج النبي الكريم جمع بين الدنيا والآخرة، جمع بين حاجات الجسم وحاجات النفس، في منهج متوازن، متكافئ، منهج معتدل، منهج وسطي، منهج ملخصه الدين هو الحياة.
الأستاذ:
بارك الله فيكم دكتور، في ختام هذا اللقاء الذي ما كنت أريد أن ينتهي أصلاً ولكنها سنة الحياة، الوقت ينتهي دون أن نشعر به، فإذا ما قدرناه حق تقديره أيضاً ربما نستفيد منه، ما هي النصيحة التي تقدمونها في ختام هذا اللقاء لشباب الأمة وكذلك أيضاً للعلماء وأسلوب الدعوة الوسطي الذي يصل إلى قلوب الناس؟
أسلوب الدعوة الوسطي الذي يصل إلى قلوب الناس :
الدكتور راتب:
والله أنا أرى أن عبئاً كبيراً ملقى على عاتق العلماء حينما يقدمون الدين على أنه أحكام فقهية فقط، أو على أنه تجاوزات للقوانين، كرامات، ومنامات، وأحوال، لا أقبل هذا ولا ذاك، أنا أريد الدين الذي جاء به النبي الكريم، الذي يعتمد على الكتاب والسنة اعتماداً كلياً، وعلى فهم الكتاب والسنة فهماً عميقاً مرناً يتناسب مع العصر، وأن نطبق هذا الدين، حتى نقطف ثماره، حينما لا نطبق الدين، ونتحدث به، هناك من يعادينا كثيراً، أما إذا طبقنا هذا الدين فتطبيق هذا الدين يبين الثمار اليانعة عندئذٍ يقبل الناس عليه.
بعض البلاد الإسلامية لم تتكلم بالدين ولا كلمة، لكنها طبقت هذا الدين، أقنعوا بهذا الإسلام أعداء الدين، أنا هذا إيماني، فالإنسان عنده ميزان دقيق، له صديق مسلم، صادق، أمين، مخلص، متفوق، منضبط، شيء عظيم، أما هناك شعار إسلامي وإهمال بالعمل، هناك شعار إسلامي، والأولاد غير منضبطين، والبيت غير إسلامي، والزوجة غير منضبطة، والكسب فيه شبهة، فانتهى بهذه الطريقة، هذا تناقض، التناقض خطير جداً، أنا أقول كلمة دائمة: الغرب مع الأسف الشديد أفضل مسوق لأسوأ بضاعة، ونحن مع الأسف الأشد أسوأ مسوق لأفضل بضاعة.
الأستاذ:
عبارة جميلة جداً، اختصرت وكذلك أيضاً اختزلت كل المعاني والدلالات.
خاتمة و توديع :
إذاً فضيلة الدكتور لا يسعنا في ختام هذا اللقاء طبعاًً، إلا أن نشكركم شكراً ربما لا يستطيع لساني أن يصفه، لكنني سأقول أسأل الله تعالى أن ينفع بكم الإسلام، وينفع بكم أمة الإسلام، وينفع بكم كل من يريد العلم من المسلمين وغير المسلمين.
الدكتور راتب:
وأنا شاكر أيضاً لهذا البلد الطيب الذي استضافنا.
الأستاذ:
بارك الله بكم وعافاكم، مشاهدينا الكرام أينما كنتم لعلكم تابعتم معنا مجريات هذا اللقاء الشيق الذي ما كنا نريد أن ينقضي لولا أن الوقت داهمنا، ففيه الرضا، وفيه الحكمة، وفيه التدبر، وفيه أيضاً إعمال نعمة العقل فيما سخره الله سبحانه وتعالى لنا، وفيما هيأه لبني الإسلام، وفيما هيأه في هذه الأرض، وفيما خلقه بالكون كله، نعمة من الله تعالى ما علينا إلا أن نتفقه في أمور ديننا، وأن ننهل العلم من منبعه الصحيح، من منبع الوسطية المعتدلة التي تحببنا في ديننا، وتحببنا أيضاً بالنعم، حتى نستطيع أن نسوق بضاعتنا تسويقاً راقياً يليق بعظمة هذا الدين، الذي أراده الله سبحانه وتعالى للبشرية جمعاء، رحمة للعالمين.
أخوة الإيمان، مشاهدين قناة الإيمان الفضائية، أينما كنتم لا يسعني في ختام هذا اللقاء إلا أن أشكر باسمكم جميعاً فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة، شكراً جزيلاً على هذا الوقت الذي منحنا إياه من وقته الثمين، هذه الفرصة الثمينة التي استفدنا وإياكم من خلالها، نشكره باسمكم جميعاً، وإلى أن نلقاكم، نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والحمد لله رب العالمين