وضع داكن
27-04-2024
Logo
الدرس : سورة الزلزلة - تفسير الآية: 1 - 8 مبدأ المسؤولية.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

سورة الزلزلة قال عليه الصلاة والسلام بحقها إنها نصف القرآن :

 أيها الأخوة الكرام، سورة اليوم هي سورة الزلزلة وقد قال عليه الصلاة والسلام بحقها إنها نصف القرآن، وسورة الإخلاص ثلث القرآن، فما هي هذه السورة التي وصفها النبي عليه الصلاة والسلام بأنها نصف القرآن؟ والحقيقة أن هذه السورة تحدد مبدأ المسؤولية، العقائد إذا زاغت وانحرفت وتاهت وشردت تخفف من مسؤولية الإنسان، وإذا صحت تحدد مسؤوليته وتضعه أمام واجباته؛ فكل فرقة وكل دين قد سبق حينما ينحرف الناس يتعلقون بعقائد زائغة قال تعالى:

﴿ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَاتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 80]

 هذه عقيدة اليهود الزائغة قال تعالى:

﴿ وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾

[ سورة المائدة: 18]

الله سبحانه وتعالى في هذه السورة يحدد مسؤولية الإنسان :

 النصارى قالوا: آمن بالمسيح تنجو من عذاب النار، والمسلمون في عصورهم المتخلفة اعتقدوا بهذه العقائد وظنوا أنهم من أمة سيدنا محمد فالجنة مصيرهم، الشعوب والأمم وأصحاب النحل إذا امتد بهم العمر وانحرفوا وزاغت عقائدهم يخففون من مسؤولياتهم ويعزون المسؤولية إلى جهة أخرى، لكن الله سبحانه وتعالى في هذه السورة يحدد مسؤولية الإنسان. لذلك أحد الأعراب جاء النبي عليه الصلاة والسلام وقال له: يا رسول الله عظني وأوجز فقال له: قل آمنت بالله ثم استقم، فقال: أريد أخف من ذلك، قال: إذاً فاستعد للبلاء.
 لذلك إما أن تستقم وإما أن تستعد للبلاء، لا يوجد حل ثالث، إله عادل. وجاءه أعرابي آخر فقال: يا رسول الله عظني وأوجز، فقال له: من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، فقال هذا الأعرابي: لقد كفيت، فقال عليه الصلاة والسلام: فقه الرجل.
 والله الذي لا إله إلا هو لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه السورة تكفي خالق الكون، الله رب العالمين يقول لك: يا عبدي فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره؛ اعمل ما شئت لذلك:

((عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به))

[ أخرجه الشيرازي والبيهقي عن سهل بن سعد البيهقي عن جابر ]

 سيدنا علي كرم الله وجهه يقول: والله ما أحسنت وما أسأت، كيف ما أحسنت إلى أحد؟ وكيف لم تسئ إلى أحد؟ قال: فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلأنفسهم يمهدون، إن فعلت خيراً فهو لك وإن فعلت شراً فهو عليك قال تعالى:

﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾

[ سورة البقرة: 286]

 كل شيء مسجل عند الله عز وجل إن صغيراً أو كبيراً.

كلمة (إذا) في الآية التالية لتحقق الوقوع لا لاحتمال الوقوع :

 ربنا عز وجل في هذه السورة يحدد مسؤولية الإنسان ولكن متى؟ قال تعالى:

﴿ إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾

 ما إعراب (إذا)؟ ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه موصول بجوابه مبني على السكون في محل نصب مفعول فيه ظرف زمان، هذا إعرابها المفصل.
 ماذا تعني (إذا)؟ تعني حين، سوف، إن، إذا جمعت حين مع سوف مع إن المؤدى إذا، وماذا قال علماء البلاغة عن إذا؟ قالوا: (إذا) لتحقق الوقوع لا لاحتمال الوقوع، فمثلاً إذا قال الله عز وجل:

﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾

[ سورة النصر: 1]

 عندما قال: إذا جاء نصر الله، لا بد من أن يأتي، إذا زلزلت الأرض زلزالها، هذا اليوم لا بد من أن يأتي، قال الله عز وجل:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾

[ سورة الحجرات: 6]

 يتمتع المؤمن،

﴿ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾

 أي هذا الفاسق قد يأتي وقد لا يأتي، فـ (إن) لاحتمال الوقوع بينما (إذا) لتحقق الوقوع، وفرق كبير بين احتمال الوقوع وبين تحقق الوقوع.
 إذا جاء نصر الله والفتح، لا بد من أن يأتي نصر الله والفتح، إذا زلزلت الأرض زلزالها، لا بد من أن يأتي هذا اليوم، إن أحسنتم أَحسنتم لأنفسكم، قد تحسنوا وقد لا تحسنوا، فإن لاحتمال الوقوع وإذا لتحقق الوقوع.

لا بد من يوم تزلزل الأرض كلها وهذا يوم القيامة :

 لا بد من يوم تزلزل الأرض، طبعاً نحن شاهدنا في الصور أو سمعنا أو قرأنا عن زلزال وقع في الأرض، هذا الزلزال محدود، في مكان محدود، وله نتائج محدودة، منطقة في آسيا، في إيطالية، في الجزائر، في بكين، في الصين الشعبية منطقة محدودة تضطرب، فإذا اضطربت جعلنا عاليها سافلها ومات أناس كثيرون، يقول لك: ضحايا الزلزال مئة ألف والمشردون أربعمئة ألف مثلاً ويبقى الزلزال محدوداً بمكان محدد وزمان محدد وآثار محددة، ولكن هناك زلزال يصيب الأرض كلها في كل قاراتها.

﴿ إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾

 زلزالها مفعول مطلق وسمي المفعول المطلق مطلقاً لأنه مطلق، أي زلزالها الأخير أو زلزالها الكبير أو زلزالها العظيم، الزلزال الذي وعد الله به والذي هو نهاية العالم.

﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾

[ سورة يس:38]

﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ* وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ* وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ* وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ* وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾

[ سورة التكوير: 1-5]

 هذا الوضع لا يستمر أن تستيقظ كل يوم وترى الشمس تشرق ثم تغيب هذا وضع مؤقت؛ لا بد من يوم تزلزل الأرض، وهذا يوم القيامة فإذا زلزلت الأرض زلزالها أي إذا انتهت الحياة الدنيا، وقال بعض المفسرين: زلزالها للتخصيص والتعظيم.

أثقل ما على الأرض الإنسان لأنه قَبِل حمل الأمانة :

 قال تعالى:

﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾

 أثقل ما فيها الإنسان قال تعالى:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾

[ سورة الأحزاب: 72 ]

 أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر. ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن، قال تعالى:

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾

[ سورة الإسراء: 70 ]

 أنت المخلوق الأول في الأرض، لأنك إنسان أنت حملت الأمانة وتحملت أن تكون من بني البشر وأن تحمل الأمانة التي أبتها الأرض والسموات والجبال.

﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾

 هذه النفوس التي حملت الأمانة والتي جاءت إلى الدنيا فبعضها آمن وبعضها كفر، بعضها وفى بما عاهد الله عليه وبعضها نقض عهده، وبعضها عرف ربه وبعضها أدار ظهره للدين.

الإنسان إن عرف الله فاق الملائكة وإن آثر شهوته هبط إلى مادون الحيوان :

 ستخرج النفوس البشرية التي كرمها الله عز وجل والتي خلق الكون كله من أجلها، الذي سخر الكون من أجل الإنسان قال تعالى:

﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ ﴾

[ سورة الجاثية: 13 ]

﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾

[ سورة لقمان: 20 ]

 هذا الإنسان إن عرف الله فاق الملائكة وإن آثر شهوته هبط إلى مادون الحيوان، إما أن يكون خير البرية وإما أن يكون شر البرية، هذا الإنسان الذي جاء إلى الدنيا وأعطاه الله فكراً وأعطاه الله سمعاً وبصراً وبث في الأرض آيات للموقنين وجعل من حوله الآيات تترا وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، هذا الإنسان جاء إلى الدنيا ونسي المهمة الكبرى التي خلق من أجلها.

يوم القيامة تلفظ الأرض البشر من بطنها فيروا أنفسهم في يوم الدين الذي وُعدوا به:

 قال تعالى:

﴿ إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا* وَأَخْرَجَتْ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾

 هؤلاء البشر لفظتهم الأرض من بطنها فقاموا وحشروا ورأوا أنفسهم في يوم الدين الذي وعد به الله رب العالمين.

﴿ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ ﴾

[ سورة المرسلات:38]

﴿ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾

[ سورة الصافات:21]

﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَانُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾

[ سورة يس:52]

 (قالوا) وهذا اليوم لا بد من أن يأتي، قالت السيدة عائشة: يا رسول الله أيعرف بعضنا بعضاً يوم القيامة؟ قال: نعم يا أم المؤمنين إلا في ثلاثة مواطن، إذا الصحف نشرت وعلى الصراط وعند الميزان، في هذه المواطن الثلاث لو وقعت العين على العين لا تعرف الأم ابنها، ولا ابن يعرف أمه فيما سوى ذلك قد تلتقي الأم ابنها فتقول: يا بني جعلت لك بطني وعاءاً وصدري سقاءاً وحجري غطاءاً فهل من حسنة يعود علي نفعها اليوم، فقال: يا أماه ليتني أستطيع ذلك إنما أشكو مما أنت تشكين.

 

هذه الساعة العصيبة لا ينفع فيها إلا العمل الصالح والاستقامة ومعرفة الله عز وجل:

 

 قال تعالى:

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

[ سورة الشعراء:88-89]

﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ* مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ* هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ* خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ* إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾

[ سورة الحاقة:27-33]

﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي*فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ*وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ﴾

[ سورة الفجر: 24-26 ]

 هذه الساعة العصيبة التي لا ينفع فيها شيء، لا ينفع فيها إلا العمل الصالح والاستقامة ومعرفة الله عز وجل.

﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا*وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا*وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ﴾

 قال الإنسان: ما الأمر؟ ما الموضوع؟ ماذا حدث؟ هذا يوم الفصل الذي وعدناكم أجمعين، هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون.

للآية التالية معنيان :

 قال تعالى:

﴿ وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا*يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾

 لهذه الآية معنيان، إما أن هذه الزلزلة كأنها حديث الأرض للبشر، أو قد انتهت الدنيا ودخلنا في يوم القيامة هذا معنى، وكأن زلزال الأرض حديث لبني البشر، وكأنها تحدثهم أن الحياة الدنيا قد انتهت وطويت صفحاتها ونحن على مدخل الدار الآخرة:

﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾

 والمعنى الأوجه أن هذه الأرض أحصت على الإنسان كل سكناته وحركاته وأنفاسه وأعماله صالحها وطالحها، خيرها وشرها، وكل شيء فعلته في الأرض سوف تنطق به الأرض.

﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾

[ سورة فصلت: 21 ]

 هذه اليد شاهد عليك فعلت كذا وكذا، وهذه العين شاهدة عليك، وهذه الأذن شاهدة عليك، وهذه الرِّجل شاهدة عليك، وكل شيء على وجه الأرض يشهد على الإنسان عمله.

كل شيء على وجه الأرض يشهد على الإنسان عمله :

 قال تعالى:

﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا*بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾

 أوحى لها أن تكلمي، أوحى لها أن حدثينا ماذا فعل فلان؟

(( لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا وَضَعَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟))

[الدارمي عن معاذ بن جبل]

 الإنسان يجهل أحياناً وهذه هي الأجوبة، حضر نفسك، هذه الأسئلة قبل الامتحان ربنا سبحانه وتعالى سربها لك، هذه هي الأسئلة عن:

(( عن عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا وَضَعَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟ ))

[الدارمي عن معاذ بن جبل]

 الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾

 هو الذي أوحى لها أن تنطق بكل شيء، هذا المكان جلسنا فيه ساعة من نهار وذكرنا الله عز وجل، هو شاهد عليكم، وفي هذا المكان لا سمح الله ولا قدر جلس أناس وارتكبوا المعصية؛ المعصية سجلت عليهم، وهذا البيت شهد زواجاً مباركاً وشهد زواجاً إسلامياً صحيحاً لا معصية فيه، هذا البيت بأرضه وجدرانه يشهد عليك، وهذا البيت تمت به معاصٍ كثيرة كلها مسجلة لأن ربك أوحى لها، شيء خطير حينما قال عليه الصلاة والسلام: إنها تعدل نصف القرآن، لم يكن في هذا الكلام مبالغ عليه الصلاة والسلام، تضع الإنسان أمام مسؤولية أنت مسؤول، قال تعالى:

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 92-93]

الإنسان العاقل علاقته مع الله وحده وكل عمل يقدم عليه لا بد من أن يهيئ جواباً لله:

 يحشر الأغنياء أربع فرق يوم القيامة؛ فريق جمع المال من حلال وأنفقه في حرام فيقال: خذوه إلى النار، وفريق جمع المال من حرام وأنفقه في حلال فيقال: خذوه إلى النار، وفريق جمع المال من حرام وأنفقه في حرام فيقال: خذوه إلى النار، وفريق جمع المال من حلال وأنفقه في حلال فيقال: قفوه واسألوه.
 هذا الذي يحاسب الذي جمع المال من حلال وأنفقه في حلال، هل تاه بماله على عباد الله؟ هل ضيع فرض صلاة؟ هل قال جيرانه: لقد أغنيته يا رب فقصر في حقنا، فقال عليه الصلاة والسلام: ومازال يسأل ويسأل.

(( أن عبدي أعطيتك مال فماذا صنعت فيه؟ يقول: يا رب لم أنفق منه شيئاً مخافة الفقر على أولادي من بعدي، فيقول الله له: ألم تعلم بأني الرزاق ذو القوة المتين؟ إن الذي خشيته على أولادك من بعدك قد أنزلته بهم ـ يسأل عبد آخرـ أعطيتك مالاً فماذا صنعت في؟ يقول: يا رب أنفقته على كل محتاج ومسكين، لثقتي بأنك خير حافظاً، وأنت أرحم الراحمين، فيقول الله له: أنا الحافظ لأولادك من بعدك ))

[ ورد في الأثر ]

 نصيحة لوجه الله قبل أن تفعل أي عمل هيئ الجواب لله عز وجل يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم لا ينفع إلا العمل الصالح، إن قال لك الله عز وجل: لماذا ظلمت زوجتك؟ ما تقول له؟ لماذا غششت هذا الزبون ولم؟ لماذا بعته أسوأ ما عندك؟ استحلفك أن تنصحه فإذا أنت تغشه ما الجواب؟ لماذا أخذت معظم المال لك أليس لأخوتك نصيب بهذا المال أمعك جواب؟ أين الجواب والإنسان العاقل علاقته مع الله وحده وكل عمل يقدم عليه لا بد من أن يهيئ جواباً لله عز وجل. فلذلك العاقل من فكر في هذه الساعة وهي لا بد آتية، وكل آت قريب. وكل متوقع آت، وكل آت قريب، العاقل يهيئ الجواب.
 من أجل أن يأتي بالمال الوفير، ضيَّع دينه وقع في الزنا، عاد من أوربا يتقن اللغة الإنكليزية وقد زنا خمسين مرة، هذا الابن يوم القيامة يقول: يا رب لا أدخل النار قبل أن أدخل أبي قبلي، هو الذي شجعني، هو الذي دفعني، هو الذي أغراني.

جوهر الدين أن الإنسان مسؤول :

 لماذا قبلت هذا الزوج لابنتك؟ يا رب لأنه يملك بيتاً ممتازاً وسيارة فخمةً، أين دينه؟ ألم يقل لك فلان أنه لا يصلي، ألم يقل لك فلان أنه يشرب أحياناً، كيف تزوجه ابنتك لقد ضيعتها معه؟ أجب إن استطعت:

(( إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ))

[ابن ماجة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

 لماذا رفضت فلاناً الفقير؟ ألم تعلم أنني أنا الرزاق ذو القوة المتين، إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله، أجب، هذه القضية مع الله عز وجل لا يوجد دجل ولا كذب ولا افتراء، يعلم الجهر وأخفى، وسوف يسألك:

﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24) ﴾

[ سورة الصافات: 24]

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 92-93]

 وفِّر وقتك واترك السفاسف واترك القشور؛ تعلق بجوهر الدين، جوهر الدين أنك مسؤول:

(( خلقت لك السماوات والأرض ولم أعيَ بخلقهن أفيعييني رغيفٌ أسوقه لك كلَّ حين، لي عليك فريضة ولك عليَّ رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك وعِزَّتي وجلالي إن لم ترض بِما قسَمْتُهُ لك، فلأُسلِطَنَّ عليك الدنيا تركضُ ركْض الوحش في البريّة، ثمَّ لا ينالك منها إلا ما قسمْتُهُ لك منها ولا أُبالي، وكنتَ عندي مَذْموماً.))

[ورد في الأثر]

 هذا هو العقل، العقل أن تهيئ أجوبة للملكين يوم القيامة، قال تعالى:

﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا* يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾

 متفرقين لا يوجد تجمعات يوم القيامة ولا جماعات، و لا أحزاب، الناس يأتونه فرادى يوم القيامة، كما خلقناكم أول مرة.

العمل الذي فعلته منذ أن ولدت وحتى الموت مسجل على شريط تراه بعينك :

 قال تعالى:

﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾

 ما رأيك أن العمل الذي فعلته منذ أن ولدت وحتى الموت مسجل على شريط تراه بعينك.

﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ﴾

[ سورة الإسراء: 14]

 بعت بيتاً بيعاً قطعياً وقبضت المبلغ كاملاً وبالسعر المناسب ترفض التنازل، تقول: أريد ستين ألفاً، طلبه منك بعد سنوات ترفض التنازل إلا بعد دفع مبلغ معين، يوجد محكمة إلهية وهذا المال ظلم، عندما بعت البيت ألم تبعه بسعره؟ وألم تقبض ثمنه بالسعر المناسب؟ كله صحيح بعقد أصولي بعد ما أنت بعته بكامل أهليتك الشرعية والقانونية وقبضت ثمنه بالكامل وهذا السعر وقتها مقبول، تفضل وأجب الله عز وجل يوم القيامة.
 أحدهم احتاج إلى مئتي ألف وعنده بستان جميل جداً، ولأمر ضروري التقى برجل غني وقال له: أعطني هذا المبلغ وخذ البستان رهناً للمبلغ، فإذا أديت لك هذا المبلغ تعيد لي هذا البستان، قال له: قبلت، نقده المبلغ ودخل إلى البستان رآه جميلاً جداً وسعره ثمانمئة ألف وفيه ما لذ وطاب بعد سنة وسنتين تعلق بالبستان، ورفض إعادته قال: كل واحد أخذ حقه، قال صاحب البستان: هذا البستان يا رجل رهن موضوع عندك سعره ثمانمئة ألف وأنا أخذت منك مئتي ألف، رفض إعادته وقال: البستان بستاني وإن لم يعجبك فهذه المحاكم، هذا الرجل طال به العمر وحينما شعر بدنو وقته جمع أبناءه وأوصى أحدهم أنه إذا مات عليه أن يسير الجنازة من أمام بيت المغتصب وتخرج أنت يا بني وتعطيه هذه الرسالة، وبعد أيام توفاه الله عز وجل وغسل الميت وجهز ووجهت الجنازة وفي هذا الطريق المرسوم مرت أمام دكان المغتصب، والمغتصب أخفى وجهه ودخل إلى الداخل خرج الابن الأكبر إلى صاحب الدكان وقال له: هذه يا سيدي رسالة من والدي كتبها لك قبل أن يموت خذها واقرأها، فتح الرسالة وجد فيها، لقد ذهبت إلى الديان الله رب العالمين وأنا أنتظرك هناك فإن استطعت أن لا تحضر فلا تحضر، وسوف تحاسب هناك، يقولون أن هذه الرسالة كانت كافية وأنه في اليوم التالي ردّ لهم البستان وأخذ المبلغ. من السهل أن تأكل مال الناس في الدنيا لكن ليس سهلاً بعد الموت أكل مال الناس بالباطل عندما يأتي ملك الموت انتهى الأمر.

لو فعل الإنسان عملاً صالحاً وآخر سيئاً كالذرة لرآه يوم القيامة ولحاسبه الله عليه:

 قال تعالى:

﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ* فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾

 كلمة ذرة في العلم الحديث أي ذرة لا ترى بالعين، والآن هناك بعض الأخبار أن الذرة يمكن رؤيتها بالمجهر الإلكتروني هذا خبر قرأته، أما الذرة شيء دقيق دقيق، أي كل مئة مليون ملْيون ذرة برأس دبوس، لو فعلت عملاً صالحاً بمستوى ذرة فإن هذا العمل سوف تشاهده يوم القيامة، وبعضهم قال: الذرة الغبار، تراه في أيام الشتاء وأشعة الشمس بالغرفة قد ترى في أشعة الشمس ذرات لا وزن لها إطلاقاً عالقة في الهواء، لو فعلت عملاً صالحاً وآخر سيئاً كمثل هذه الذرة لرأيته يوم القيامة ولحاسبك الله عليه. رأيت على المغسلة نملة أنقذتها من أن تغرق وأنت تتوضأ وأوقفت الصنبور وأزحتها ماذا فعلت؟ هذا عمل عظيم، أنقذت نفساً.

﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

[ سورة الأنعام: 151]

 فراشة أنقذتها، ابتسامة ابتسمتها في وجه أخ لك مؤمن، تفاحتان أخذت الأصغر وأعطيت أمك الأكبر مسجلة، قطعة لحم في الصحن دفعتها لزوجتك مسجلة، سألك إنسان سؤالاً وأنت في الوضوء فأغلقت الصنبور حتى لا تسرف وبعدها تابعت، النبي صلى الله عليه توضأ من إناء ففضلت فضلة فردها في النهر وقال: ينفع الله فيها قوماً آخرين.

كل عمل تفعله مهما صغر مسجل عليك :

 ابنك في الليل كان يبكي وزوجتك متعبة قلت: أنا سأسقيه الماء، والزوجة بقيت نائمة هذا العمل مسجل، في سيارة عامة صعد رجل كبير في السن وقفت وأجلسته.

((ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه))

[الترمذي عن أنس]

 جالس في المسجد رأيت خيطاً طوله سنتيمتر على السجادة وهذا بيت الله وضعته في جيبك مسجلة، قال تعالى:

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

 أمام بائع اللبن كم سعر الكيلو؟ أكلت لقيمة صغيرة وما أنت تريد أن تشتري مسجلة، بائع كرز أخذت كرزة واحدة أنت لا تريد أن تشتري لماذا أكلت هذه الكرزة؟ مسجلة مهما دقت، قال تعالى:

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

 وأنت تصف سيارتك انخدشت سيارة صديقك قليلاً ولا يشعر بها، يجب أن تبلغه أو تعطيه شيئاً من المال، لا تقل لم يرني أحد ولكن الله يراك:

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

 امرأة مومس رأت كلباً يأكل الثرى من شدة العطش فسقته فغفر الله لها، هذه الحيوانات التي ليس لها صاحب يدهسها الناس، ولو كانت غنمة لا يدهسها خوفاً من صاحبها.
 ترى في الشارع كلاباً مدهوسة أما كان بالإمكان أن تحتاط، والله عز وجل يحاسبك عنه.

السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه :

 قال تعالى:

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

 هذه الآية تكفي الإنسان وتجعله ينضبط ويستقيم استقامة تامة ويحسب حساباً لهذا اليوم العظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين، فمن يعمل مثقال ذرة خيراً، قمت لتصلي وأنت ترتدي ثياب النوم وعندك ثوب أستر وأحل ويستر العورة لوناً وحجماً، كنت تصلي وجاءك هذا الخاطر لك أجر فيه، غسلت رأسك وشعرك مبلول وسوف تصلي هكذا تقف بين يدي الله عز وجل؟ جفف شعرك قال تعالى:

﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾

[سورة الأعراف:31]

 عند الصلاة، وأنتم ابحثوا عن أمثلة صغيرة وكبيرة، على مستوى الصغائر يوجد حساب فكيف بالكبائر؟ ولا تقل لهما أف تقول: أنا لم أقل لهما أف ولكن ضربتهما، إذا كانت كلمة أف تحاسب عليها حساباً عسيراً فمن باب أولى ما فوقها. ربنا عز وجل عندما ذكر الذرة من باب أولى ما فوق الذرة، اغتصاب المال، والاعتداء على الأعراض، أكل مال اليتيم من باب أولى أن هذه الكبائر تحاسب عليها، فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، الإنسان أحياناً يضيف قطعة حلوى ويحب أن يأكلها ويتذكر ابنه الصغير فيتركها لابنه هذه مسجلة. أي عمل تعمله كبيراً كان أم صغيراً مسجل عليك وسوف تلقى جزاءه يوم القيامة، والسعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه، والبطولة أن تحتاط ليوم القيامة وأنت في الدنيا، وقمة الغباء أن تواجه هذا اليوم العصيب وأنت لا تملك تعديل شيء هذا هو الغباء:

﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي*فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ*وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ*يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ*ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً*فَادْخُلِي فِي عِبَادِي*وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾

[ سورة الفجر: 24-30 ]

 الإنسان يراقب نفسه ويهيئ جواباً ليوم القيامة ومهما دق العمل محاسب عليه، أخذت أنت وأخوك مئة بيضة وقال لك: اقسمها بيننا، فقسمها قسمة ضيزى، هذه الكبيرة لك والصغيرة له، هذه خيانة، كمؤمن إما أن تقسم بالعدل وإما أن تضع له الكبيرة وأنت محاسب على هذا العمل. لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر على من اجترأت، اجترأت على الله عز وجل، لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور