وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 5 - سورة الواقعة - تفسير الآيات 68-69-70 ، يجب أن لا نعطل آيات الله
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
 الآيات الكونية التي وردت في كتاب الله عز وجل، ينبغي ألا تعطل، لا ينبغي أن نقرأها دون أن نقف عندها، دون أن ننفذ أمر الله فيها، هنا يقول الله عز وجل في سورة الواقعة، في الآية الثامنة والستين، وما بعدها:

﴿ َفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)﴾

 أية سفينة غرقت في البحر، وعليها قوارب نجاة، وركب هؤلاء الذين أرادوا إنقاذ أنفسهم، في قارب النجاة، ما هو أخطر شيءٍ في حياتهم، إلى أن يصلوا إلى البر، الماء العذب، لولا الماء العذب لماتوا عطشاً، وهم على ماذا ؟ على بحر !. عمق البحر في المحيط الهادي /12/ كيلومتر، كمية ماء البحر أربعة أخماس اليابسة، أربعة أخماس اليابسة، ومع ذلك يموت راكب قارب النجاة عطشاً ‍‍، وهو فوق الماء محمول. كالعيس في الصحراء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول
فكل هذا البحر، الذي يساوي أربعة أخماس اليابسة، لولا أن الله سبحانه وتعالى، صفاه بماء عذب فرات، ما نستطيع العيش

 

﴿ أفرأيتم الماء الذي تشربون ﴾

 ماذا يفعلوا إخواننا في بلاد النفط ؟ يأتون بمحطات تحليه، كم تكلف تحلية التر من الماء ؟ أغلى من سعر البنزين ! كلفته ! تحليت لتر من الماء ؛ أغلى عندهم من سعر لتر بنزين، فنحن حينما نشرب الماء العذب الفرات، من الصنبور في بيوتنا، ومن ينبوع الفيجة التي حول دمشق، هذه نعمة لا يعرفها إلا من فقدها.
أنا كنت في أيام الحج، الماء الذي نستخدمه في البيت لا يشرب لابد من أن تشتري الماء، تشتري قارورة من شدة العطش تشربها كلها شربة واحدة ! خمس وعشرين ليرة ! بحثنا عن مصدر للمياه غير القوارير، قال في محطات لبيع الماء ؛ كبيع البنزين، ذهبنا إلى هناك ومعنا الأوعية، و اشترينا الماء، بعداد البنزين، أما أنت تفتح الصنبور، ماء عذب فرات،

 

 

﴿ أفرأيتم الماء الذي تشربون، أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ﴾

 لولا أن هناك مساحات مسطحات مائية كبيرة جداً في الأرض ما كانت كمية البخر تكفي لإرواء العطش، أربعة أخماس المساحة مسطح مائي، أشعة الشمس مسلطة عليها، البخار، من قال ؟ أو من قنن ؟ أن الهواء يحمل بخار الماء، وأنه كلما ازدادت حرارة الهواء حمل بخار الماء بكمية أكبر، وأن هذا الهواء المحمل ببخار الماء ؛ إذا واجه جبهة باردة ؛ يتخل عن بعض مائه ؛ وهذه آلية نزول المطر هواء ساخن محمل ببخار الماء ؛ تدفعه التيارات من مكان إلى مكان

 

 

﴿ والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه ﴾

 

( سورة فاطر: 9 )

 يساق هذا السحاب، هو بخار ماء يحمله الهواء، يساق إلى منطقة باردة، هذه المنطقة الباردة، حينما يبرد الهواء، كل درجة حرارة ؛ تستوعب كمية من بخار الماء، فإذا هبطت حرارته، تخل عن الكمية الزائدة التي حملها وهو حار، قال تعالى:

 

﴿ وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ﴾

 

( سورة النباء: 14 )

﴿ ماء ثجاجا ﴾

 آلية المطر معقدة جداً، نحن نبسطها تبسيط، أيام التبسيط يشوه الحقيقة، نعلم الطلاب أنك ؛ أتي بإبريق، أملئه ماء، سخنه ضع كأساً بارداً على طرف الإبريق، يتحول هذا البخار إلى قطرات من الماء، هذه عملية التقطير، هذا تبسيط، تبسيط كبير جداً، لآلية نزول الأمطار، بخار الماء العالق في الهواء، لا ينقلب إلى قطرة ماء إلا بنواة، بنواة، هذه النواة هي هباب، هباب نشره الله في الجو تنعقد عليه قطرات الماء، وهذا السحاب الذي ترونه في الشتاء، كم يساوي، أركب طائرة، وسافر في الشتاء ماذا تجد ؟ تمشي فوق جبال والله لا أبالغ، جبال، ما كنت أفهم هذه الآية، إلا حينما ركبت طائرة من جبال من برد، جبال، تلال، قمم مؤنفة، وديان سحيقة مسطحات، تلال، نحن في الأسفل نرى سقف أبيض، نقول الدنيا مغيمة، سقف أبيض، لو ركبت طائرة وحلقت فوق السحاب، تجد معنى قوله تعالى:

 

﴿ من جبال ﴾

 

( سورة النور: 53 )

 هذه الكميات بألوف ألوف ملايين الأطنان، يمشي هذا السحاب بلا صوت،

 

﴿ وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب﴾

 

( سورة النمل: 88 )

 بلا صوت

 

﴿ صنع الله الذي أتقن كل شيء ﴾

 

( سورة النمل: 88 )

السحاب وحده آية.
 إذاً: مسطحات الماء، مع أشعة الشمس، مع التبخر، مع تعامل الهواء مع بخار الماء، هل الهواء هذا شفاف ؟ هذا في بخار الماء، لكن بخار الماء إذا زاد عن حد معين، انقلب إلى سحابة، أي هواء فيه بخار ماء، بقلك درجة الرطوبة في الشام خمس وثلاثين، في الغوطة سبعين، في الساحل تسعين، في عنا درجة حرارة، ودرجة رطوبة، ما معنى الرطوبة ؟ يعني مقدار بخار الماء الذي يحمله الهواء، هذا الهواء شفاف، لكن في بخار ماء، والدليل حينما توقد مدفأةً في غرفة في الشتاء، تجد قطرات من الماء على البلور، بللور النوافذ، بخار الماء الذي في الغرفة، تحول إلى قطرات ماء حينما مس سطحاً بارداً، حينما تصب في الكأس ماءً بارداً، تجد قطرات بخار الماء هنا، من أين جاءت هذه ؟ من بخار الماء الذي في الهواء تعامل الهواء مع بخار الماء بقوانين مذهلة، بكون شفاف، بعد حين يصبح هذا البخار عاتماً، يعني بياض، هو السحاب، حينما يواجه جبهةً باردة، وهناك ذرة ينعقد عليها، ينقلب إلى قطرات ماء، هي الأمطار، فإذا اشتد البرد انقلب إلى حب العزيز، فإذا اشتد البرد انقلب إلى ثلج، والثلج معروف عندكم.
يا أيها الأخوة:
أراد الله عز وجل أن نقف عند هذه الآيات، أن نفهمها، أن ندقق فيها، أن نضع يدنا عليها،

﴿ أفرأيتم الماء الذي تشربون، أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون، لو نشاء جعلناه أجاجا ﴾

 لو انعدم التبخر، صار الماء أجاجاً

﴿ فلولا تشكرون ﴾

قضية الماء.
أخوانا الكرام:
 الحرب كانت حرب نفط، ثم انقلبت إلى حرب قمح، الآن الحرب الأولى في العالم حرب ماء، لأنه هي المادة الأساسية، وإذا الله قنن ؛ لا يقنن تقنين عجز، يقنن تقنين تأديب، وفرق كبير بين تقنين العجز، تقنين التأديب الإنسان يقنن تقنين عجز، أما الإله يقنن تقنين تأديب، فحينما تشح الأمطار، ويتلف النبات، هذا تقنين تأديب طبعاً هذا الماء له سيولة، هذا الماء لو وضعته في مستودع، وفوق المستودع مكبس وزنه ثمانمائة طن، لا ينضغط ولا ميلي، أبداً الماء لا ينضغط، وإذا أراد الماء أن يتمدد بفعل البرودة، لا يمكن لشيء في الأرض أن يقف في وجهه، الآن طريقة تفتيت الصخور يحفرون حفرة يعبئونها ماء، الماء يبرد، الصخر يتشقق، محرك سيارة من أغلى أنواع المعادن، إذا نسي يضع صاحبه مادة مضادة للتجمد ينشطر شطرين.
 طيب، في بالعين ماء، لو ذهبت إلى بلد بشمال الأرض الحرارة سبعين تحت الصفر، وتجمد ماء العين فقدت البصر، الله عز وجل، وضع في ماء العين مادةً مضادةً للتجمد، كي تستخدم العين دون أن تخشى فقد البصر.
فهذا الماء آية من آيات الله، التبخر أن يحمل مع الهواء بدرجات متفاوتة أن يسوق الهواء السحاب، أن يواجه جبهةً باردة، أن ينعقد على ذرات، على شكل قطرات، وأن يسقي الله به الأرض العطشاء، نشرب نحن، والبهائم، والنبات، هذه آيه فالإنسان كلما شرب كأس ماء، يقول بسم الله الرحمن الرحيم، يعني هذا الماء العذب ليس بشطارتك، ولا بذكائك، أنت فقط نقلته من الينبوع إلى الأرض للمنزل، عملك شكلي، أما الذي جعله عذباً فراتاً هو الله عز وجل، تسمي بسم الله صار عذباً فراتاً، وبسم الله أشربه وفق منهج الله.
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، أثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا أرضى عنا و صلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم

 

تحميل النص

إخفاء الصور