وضع داكن
23-04-2024
Logo
الدرس : 3 - سورة الواقعة - تفسير الآيات 51 - 65 ، رزق الإنسان
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
 في كلام ربنا جل جلاله تسلسل بليغ، فكلما تحدث ربنا عن حال أهل الجنة وعن حال أهل النار، عقب على هاذين المشهدين، بالطريق الموصل إليه، هؤلاء، الضالون المكذبون.

﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52)﴾

﴿ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53)﴾

 نحن نقرأ هذه الآيات، نحن نرى أن هؤلاء الناس انتهوا إلى النار، وهم في عذاب بئيس، ما الطريق إلى الله، كيف الخلاص ؟ جاء الجواب:

 

﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59)﴾

 يعني هذا الماء، الإنسان لا يصدق، أن كمية الماء، ماء الحياة، التي تخرج من الرجل تزيد عن خمسمائة مليون حوين خمسمائة مليون حوين، وأن الحوين كائن، كائن حي، له رأس وله عنق، وله ذيل، وأن هذا الحوين يمشي بسرعة عشرة سانتي بالساعة، وأن خمس مائة مليون تتنافس، ليسمح لواحد منها بدخول البيضة، فإذا دخلت أقفل الباب.

 

 

﴿ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ﴾

 

( سورة الإنسان: 2 )

 هذا الحوين خلية من أكبر خلايا الجسم، خلية لها غلاف، ولها هيولة ولها نوية، وعلى النوية شريط المورثات، هذا الشريط فيه كل تفاصيل خلق الإنسان، سمعت مرة ببرنامج علمي أن عدد هذه المعلومات خمسة آلاف مليون وسمعت أنها مليون، وسمعت أنها خمس ملايين، على كلٍ أقل رقم مليون، مليون مورث يحدد دقائق الإنسان، وكل ما يفعله العلماء اليوم في معرفة هذه المورثات، وخصائصها، ووظيفة كلن منها، وصلوا إلى ثمانمائة مورث، هذه تسهم في تكوين الإنسان، تكوين شكله، لونه، شعره، عيونه، حركته، نبرة صوته، رائحة جلده، قزحية عينه، بصمته، كل التفاصيل، مهما دقت تحددها هذه المورثات،

 

﴿ أفرأيتم ما تمنون ﴾

 هذه المورثات تصنع أين ؟ تصنع في الخصيتين، لماذا الخصيتان خارج الجسم ؟ لأن هذه الحوينات تموت في درجة 37، لابد من أن تكون في درجة أقل، لذلك الخصيتان خارج الجسم، هذه الحوينات تصنع في الخصيتين، ويمضي على تهيئتها على لتكون فعالةً 18 عشر يوماً، فالذي يخرج اليوم معد من 18 عشر يوماً، إعداداً دقيقاً جداً كي تكون فعالة، أفرأيتم ما تمنون، دخل هذا الحوين إلى تلك البويضة، وبدأ الانقسام من خلال تلقيح البويضة، وحتى وصولها إلى الرحم، تنقسم هذه البويضة الملقحة، إلى عشرة آلاف قسم، دون أن يزيد حجمها، لأنه لو زاد حجمها علقت في الأنبوب الضيق، تنقسم إلى عشرة آلاف قسم، دون أن يزيد حجمها ثم تنغرس في الرحم، أفرأيتم ما تمنون، أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون.
أيها الأخوة:

 

 

﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60)﴾

 ما معنى كلمة مسبوقين في القرآن الكريم ؟ معنى هذه الكلمة أن الإنسان لا يمكن أن تكون له إرادة مستقلة عن إرادة الله، كل أفعال الإنسان بعلم الله وبموافقته، وبمشيئته، إلا لم يسمح الله بفعل لا يقع، فالإنسان حينما يفعل شيئاً، حينما يتوهم أنه أحدث شيئاً ليس سابق بمشيئة الله إطلاقاً،
وما نحن بمسبوقين.
شيء آخر:

 

 

﴿ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61)﴾

 حينما يتبجحون أنه تمت عملية الاستنساخ مغطاة بهذه الآية،

 

 

﴿ وننشئكم في ما لا تعلمون ﴾

 نظام التوالد الذي أراده الله عز وجل، حوين وبويضة، والطفل يأخذ من كلى الوالدين، الأب، والأم، والشيء الدقيق أن هذه البويضة الملقحة تتلاف أي ضعف في كلى الجانبين، وتأخذ الأقوى دائماً، فلذلك حينما يتم التلقيح يأتي النسل قوياً، أما لو أخذنا خلية من ثدي الحيوان وزرعناها في الرحم، ونبتت وصارت كائناً هذه ليست،

 

 

﴿ من نطفة أمشاج نبتليه ﴾

 هذه من جانب واحد، والجانب الواحد قد تزداد نقاط ضعفه، على كل الاستنساخ سابق لأوانه كثيراً أن يدلي الشرع الحنيف في فتوى فيه، لأنه على الإنسان لم ينجح بعد، وحينما ينجح للدين موقف من هذا الموضوع،

 

 

﴿ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62)﴾

 الإنسان إذا أحب أن يعرف كيف نشأ لينظر إلى ابنه، أعلم الناس بالابن أبوه وأمه، كيف تم الزواج، وكان نقطة من ماء مهين، معنى ماء مهين، يعني الإنسان يستحي بهذا الماء أن يكون على ثيابه فالإنسان خرج من عورة، ودخل إلى عورة، وسيخرج من عورة، ومع ذلك يتبجح، ويتكبر، ويستعلي، ويقول كما قال فرعون:

 

 

﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾

 

( سورة النازعات: 24 )

 بئس العبد عبد سهى ولهى، سهى ولهى ونسي المبتدى والمنتهى، نسي ابتداءه،

 

﴿ ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ﴾

 فالإنسان إذا عاد إلى أصله كيف كان نقطة، من ماء مهين، حوين لا يرى بالعين، لقح بويضة لا ترى بالعين، ثم صار إنساناً سوياً، رأس فيه دماغ، وفيه شعر، وفيه عينان، وأذنان وأنف، وشفتان، وأسنان، ولسان، ومحاكمة، وتخيل، وتصور، وإدراك واستنباط، واستنتاج، واستقراء، كل هذه العمليات المعقدة في موطن الذاكرة في رأس الإنسان ما يزيد عن سبعين مليار صورة، سبعين ألف مليون صورة والحجم لا يزيد عن حبة عدس، هل تستطيع أن تخزن سبعين مليار صورة بحجم لا يزيد عن حبة عدس، هكذا الدماغ.
ثم ننتقل إلى القلب والرئتين، والأوعية الدموية، والمعدة والأمعاء والكليتين، وجهاز فرز الفضلات، وتنقل إلى العظام والعضلات، وتنقل إلى الأعضاء والأجهزة، والمفاصل، تجد العجب العجاب.
إذاً:

 

 

﴿ نحن خلقناكم فلولا تصدقون، نحن خلقناكم ﴾

 الله جل جلاله، هو الخالق،

 

 

﴿ نحن خلقناكم فلولا تصدقون، أفرأيتم ما تمنون، أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ﴾

 حتى حدثني طبيب، أن هذا الحوين المنوي، في رأسه مادة نبيلة، هذا المادة النبيلة، قادرة على أن تذيب جدار البويضة، هذه المادة النبيلة مغطاة بغشاء رقيق، لمجرد أن تصطدم، أن يصطدم رأس الحوين بجدار البويضة، يتمزق الغلاف، فتسيل هذه المادة النبيلة فتؤثر في غلاف البويضة، فتنتقل عبرها إلى الداخل ويتم التلقيح

 

 

﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)﴾

 معنى ذلك أن خلق الإنسان، أحد أكبر الآيات الدالة على عظمته، الدالة على وجوده، الدالة على وحدانيته، الدالة على كماله.
الآن طعام الإنسان وشرابه، أكبر آية تدل على عظمة الله عز وجل.
لذلك قال تعالى:

 

 

﴿ فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب، إنه على رجعه لقادر ﴾

 

( سورة الطارق: من 5 إلى 8 )

﴿ فلينظر الإنسان إلى طعامه، أنا صببنا الماء صبا، ثم شققنا الأرض شقا، فأنبتنا فيها حبا، وعنبا وقضبا، وزيتونا ونخلا، وحدائق غلبا، وفاكهة وأبا، متاعا لكم ولأنعامكم ﴾

( سورة عبس: من 24إلى 32 )

 هي فلينظر، هي لام لام الأمر، ولام الأمر مع المضارع فعل أمر، إذا قلت لك اكتب فعل أمر، أو لتكتب المعنى واحد، إما أن يأتي فعل أمر، أو أن يأتي فعل مضارع مسبوق بلام الأمر، فلما ربنا عز وجل يقول:

 

﴿ فلينظر الإنسان مما خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب ﴾

 

﴿ فلينظر الإنسان إلى طعامه، أنا صببنا الماء صبا، ثم شققنا الأرض شقا، فأنبتنا فيها حبا، وعنبا وقضبا ﴾

 أنت أمام أمرين إلهيين، فإذا أردت أن تؤمن، طبعاً،

 

﴿ خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه، إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ﴾

 

( سورة الحاقة: من 30 ـ إلى 32 )

 إن فكرت في خلق الله، أمنت بالله العظيم، أما إذا أمنت بالله ولم تؤمن به عظيماً لا تطيعه، من أجل ماذا قال الله عز وجل ؟ لا يؤمن بالله العظيم، إن لم ترونه عظيما، لا تطيعه، العبرة لا أن تقول أنا أمنت بالله خالقاً، إبليس قال:

 

﴿ قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين ﴾

 

( سورة ص: 82 )

 فإن لم تؤمن بالله العظيم لا تستقيم على أمره، فبذلك ربنا عز وجل وضع بين أيدينا آيتين كبيرتين، آية خلق الإنسان، وآية رزقه وطعامه وشرابه، فإذا الإنسان اكتفى بهاتين الآيتين، وصل إلى الله، وإذا وصل إلى الله، استقام على أمره، وسعد بقربه، في الدنيا والآخرة.

 

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

تحميل النص

إخفاء الصور