وضع داكن
16-04-2024
Logo
الدرس : 8 - سورة الأنبياء - تفسير الآية 10 ، كليات الدين
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
أخ كريم رجاني البارحة، أن أفسر هذه الآية، فأجبته إلى طلبه هي قوله تعالى:

﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)﴾

 لو قرأنا القرآن الكريم، لوجدنا فيه كليات عديدة، كليات، ففي القرآن الكريم، آيات كونية، قد تصل إلى ثلثه.

 

﴿ إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ﴾

 

( سورة آل عمران: 190، 191)

﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت﴾

( سورة الغاشية: 17، 81، 19، 20 )

 هذه الآيات ومثيلاتها، تشكل كلية في القرآن الكريم، الآيات الكونية الدالة على وجود الله، وعظمته، وكماله، ووحدانيته.
كلية ثانية: الأوامر التكليفية.

 

﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ﴾

 

( سورة البقرة: 43)

﴿ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات ﴾

( سورة البقرة: 183)

﴿ وأتموا الحج والعمرة لله ﴾

( سورة البقرة: 169)

 الآيات التي فيها أمر ونهي، هي الآيات التكليفية، افعل ولا تفعل، أمر ونهي، هذه كلية ثانية.
كلية ثالثة: مشاهد يوم القيامة.

 

﴿ فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه، إني ظننت أني ملاق حسابيه، فهو في عيشة راضية، في جنة عالية، قطوفها دانية، كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية، وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه، ولم أدر ما حسابيه، يا ليتها كانت القاضية، ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه، خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه، إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ﴾

 

( سورة الحاقة: 18 إلى 33 )

 هذه كلية ثالثة مشاهد يوم القيامة.
آيات كونية، آيات تكليفية [أمر ونهيٌ

 

﴿ ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ﴾

 

( سورة هود: 113)

هي نموذج ثالث.
 كونيات، وتكليف، ومشاهد من يوم القيامة، ثم قصص الأمم السابقة،

﴿وجاء فرعون ومن قبله﴾

( سورة الحاقة: 9 )

 

﴿ كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ﴾

 

( سورة القمر: 18 )

 حدثنا ربنا عن قوم نوح، وعن قوم إبراهيم، وعن قوم لوط وعن قوم عاد، وعن قوم ثمود، وعن قوم صالح إلى آخره، هي كلية رابعة.
إحدى كليات القرآن الكريم، أنه قدم للمؤمن، نماذج بشرية نماذج بشرية ! فكل إنسان له في القرآن نموذج.
مثلاً

 

﴿ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ﴾

 

( سورة آل عمران: 133 )

﴿ الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، هذا نموذج ﴾

( سورة آل عمران: 135 )

 نموذج آخر

﴿: وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ﴾

( سورة الأنعام: 54 )

 هي نموذج آخر.

 

﴿ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ـ من هم ـ الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ﴾

 

( سورة البقرة: 2 ـ 3 )

هي نموذج رابع.
 فأنت إذا قرأت القرآن الكريم، ينبغي أن تعلم أين أنت من هذه الآيات

﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا ﴾

( سورة الكهف: 107)

﴿ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ﴾

( سورة النحل: 97)

﴿ إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون﴾

( سورة البقرة: 6 )

﴿ صم بكم عمي فهم لا يرجعون ﴾

( سورة البقرة: 18 )

 فربنا عز وجل وصف الكفار، وصف الفجار، وصف المشركين، وصف المنافقين،

 

﴿ وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك ﴾

 

( سورة النساء: 142 )

﴿ وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ﴾

( سورة البقرة: 13 )

 آيات المنافقين،

 

﴿ إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ﴾

 

( سورة آل عمران: 120 )

 فلإنسان إذا قرأ القرآن الكريم، ينبغي أن يعلم أين هو من هذه النماذج،

﴿ والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم﴾

( سورة الواقعة: 10ـ 11ـ 12 )

 هل أنت مع السابقين ؟ هل أنت مع أصحاب اليمين. لا سمح الله ولا قدر، هل هذا الذي يكفر، مع الفجار المجرمين ؟
قال العلماء

 

﴿ فيه ذكركم ﴾

 

( سورة الأنبياء: 10)

 يعني ما في إنسان يقرأ القرآن الكريم، إلا ويجد فيه وصفاً له، فهنيئاً لمن انطبقت عليه آيات المؤمنين، ونحن نكبر كثيراً من انطبقت عليه آيات المتقين ونحن نصدغ بمن انطبقت السابقين أليس كذلك ؟ ونحن نتمنى من انطبقت عليه آيات المنافقين أن يتوب من نفاقه، ونحن نخاف أن يمسنا وصف آيات الكفار والمشركين، فربنا وصف المؤمنين، وصف المحسنين،

 

﴿ والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ﴾

 

( سورة آل عمران: 134)

 هذا وصف، وإن كثيرا من الخلطاء ـ الشركاء ـ

 

﴿ ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ﴾

 

( سورة ص: 24 )

 لك شريك، هل تبغي عليه، أم أنت منصف له إن كنت منصفاً له فأنت في القسم الثاني من الآية،

 

﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ﴾

 فلان يتقن الشعر

 

 

﴿ والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾

 

( سورة الشعراء: 224 ـ 225 ـ 226 )

 هي نموذج

 

﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ﴾

 

( سورة التين: 6 )

 هي نموذج، إنه إنسان مفكر ينكر وجود الله،

 

﴿ إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر سأصليه سقر وما أدراك ما سقر ﴾

 

( سورة المدثر: من 18 إلى 26 )

هي نموذج.
 إذا قرأت القرآن الكريم، حدد هذه النماذج، عملوا:

﴿ عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم ﴾

( سورة التوبة: 102 )

 هذا نموذج رابع، يا ترى أنت مع الذين عملوا عملا صالحاً وآخر سيئاً مع الذين، إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله، مع الذين أخذتهم العزة بالإثم، يفعل الإثم ويتباهى به، مع من، مع المؤمن مع المغتصب، مع،

 

﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ﴾

 

( سورة آل عمران: 102 )

 أيها الأخوة أتمنى على كل أخ كريم، أن يقرأ القرآن الكريم وأن يتدبره، أين أنا من هذه الآيات، مع المؤمنين، مع المقصرين مع المقتصدين، مع السابقين، مع الأتقياء، مع المحسنين، مع لا سمح الله ! مع المنافقين، في صفات منافقين، حديث الإفك

 

﴿ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ﴾

 

( سورة النور: 19 )

 يعني إذا مؤمن بلغك عنه قصة سيئة جداً بتفرح، يا لطيف ! إذا فرحت صنف نفسك مع المنافقين، إذا فرحت فقط، ما عملت شي، ما تكلمت ولا نطقت، بس بالداخل ارتحت، منيح يلي انفضح، أنت مع المنافقين، شي بخوف، لأنه الله عز وجل يقول:

 

﴿الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ﴾

 أنت وضعت نفسك مع صف المنافقين، هل هناك أم على وجه الأرض، تتمنى فضيحة ابنتها، لا ! فإذا تمنت ! فهي ليست ابنتها فإذا أنت تمنيت فضيحة المؤمنين فأنت لست منهم، هذا ذنب، أنت مع المنافقين.
مقياس ثاني: أخوك المؤمن اغتنى تحسده، ما لك مؤمن، يجب أن تفرح له، أخوك المؤمن اشترى بيت جيد، تنزعج ؟ ما بيستاهل مع المنافقين، أخوك المؤمن أخذ شهادة دكتورة، تزعل ؟ تتضايق ؟ مع المنافقين، أخوك المؤمن تزوج، لمع اسمه تزعل، المؤمن أخ المؤمن، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، إنما التقوى ها هنا، إنما التقوى ها هنا، كل المسلم على المسلم حرام، ماله، ودمه، وعرضه،
 هذا القرآن الكريم فإذا قرأنا القرآن الكريم، ينبغي أن نعرف أين نحن من هذه الآيات أنت على من، أية آية تنطبق عليك، منهم ظالم لنفسه، منهم مقتصد نص على نص منهم سابق في الخيرات، أنت مع من.
فهذا الأخ الكريم الذي رجاني أن أشرح له هذه الآية، يريد هذا المعنى، أنه كل إنسان لابد له من أن يرى، أو أن يقرأ ذكره في القرآن الكريم، فإذا كان انطبقت عليك الآيات الطيبة، اشكر الله عز وجل واثبت على ذلك، وإن لم تنطبق عليك الآيات الطيبة، انج من هذه الحالة، بالتوبة، غير حتى الله يغير، أما أنا ما دخلني، أقرأ تبركاً.
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

 

 

((أنه ربى تال للقرآن والقرآن يلعنه، ربى تال للقرآن والقرآن يلعنه ))

 طبعاً هذا الذي في ذهني الآن، عن كليات القرآن الكريم، كلية الآيات الكونية، كلية الأمر والنهي، كلية مشاغل يوم القيامة، كلية أخبار المم السابقة كلية النماذج البشرية، بين مؤمن ومنافق، ومشرك، وكافر، وفاجر.
مثلاً: لك صديق غير مسلم ما نوعه ؟ قال تعالى:

 

 

﴿فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ﴾

 

( سورة التوبة: 7)

 غير مسلم بس حقاني، يجب أن تسلم عليه، وأن تزوره، وأن تعوده، ما دام قد استقام لك، يجب أن تستقيم له، كي تشده إلي دينك، هذا نموذج.
ربنا عز وجل يقول الآية الدقيقة:

 

﴿ ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا ﴾

 

( سورة المائدة: 8 )

 يعني أنت إذا كرهت إنساناً كافراً هل لك أن تظلمه، لا تستطيع،

 

﴿ اعدلوا هو أقرب للتقوى ﴾

اعدل مع هذا العدو الكافر، اعدل معه كي تقربه إلى الله، اعدل معه كي يرى أن إسلامك عظيم.
 قال له هل تحبني يا أمير المؤمنين، قال له والله لا أحبك واحد منافق سئل سيدنا عمر، هل تحبني، قال له والله لا أحبك، قال له هل يمنعك بغضك لي من أن تعطيني حقي، قال له لا والله، قال له إذاً إنما يأسف على الحب النساء، مو مشكلة، هذا نموذج

 

 

﴿ لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى﴾

 

( سورة المائدة: 82 )

أيام يكون لك جار نصراني، يعني أخلاقه عالية، ولطيف، وبيراعي شعورك، راعي شعور أنت، لا تقره على عقيدته، لكن راعي شعوره، يعني عاملك بالإحسان عامل بالإحسان.
 الأخ الكريم، الله يجزي الخير، يلي طلب مني أن أفسر هذه الآية، يعني يتمنى، كأنه يتمنى علينا جميعاً أننا إذا قرأنا كتاب الله أن نبحث، نحن مع أي نموذج ينطبق علينا، أي نموذج، فإذا كان نموذج طيب، الحمد لله، وإذا كان نموذج آخر، طيب واحد قام ليصلي، يلله سيدي رايحين نصلي العشاء ونرتاح منه

﴿ وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ﴾

( سورة النساء: 142 )

 تنطبق علينا معناها الآية معنى في نفاق معناها،

 

﴿ خذ الكتاب بقوة ﴾

 

( سورة مريم: 12)

 هي نموذج

 

﴿ لعلكم ترحمون ﴾

 

( سورة الحجرات: 10)

 يعني خذ أمر الله بقوة، نفذه بحزم، نفذه بإصرار، هي نموذج فيمكن أن تشتق من كتاب الله، مئات النماذج البشرية، ودائم ليكن الحوار بينك وبين نفسك، هل أنا مع هؤلاء ؟ هل ينطبق علي هذا الوصف ؟ هل أنا مع هؤلاء ؟ وهذا الذي نرجو من هذه الآية.
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

تحميل النص

إخفاء الصور