وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 09 - سورة النجم - تفسير الآيات 33-41 ، نعمة الله عليك
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الإخوة الكرام:
الآيات التي شرحت في الدرس الماضي من سورة النجم وهي قوله تعالى:

﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40)﴾

 ذكرت في الدرس الماضي أيها الأخوة، أن الإنسان، إذا أيقن أن الله يعلم حركاته وسكناته، وأنها مسجلةٌ عليه، وأنه سيحاسبه لابد من أن يستقيم على أمره، وهذه الآيات تؤكد ذلك

﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)﴾

 يعني لا تحمل نفسٌ حمل نفسٍ أخرى، كل إنسانٍ يحمل أعماله صالحةً أو طالحة، وسيحاسب عليها،

﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)﴾

 لن يأخذ سعي غيره، ولن يأخذ من سعيه شيء، وأن سعيه سوف يرى، على رؤوس الأشهاد،

 

﴿ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)﴾

 ربنا سبحانه وتعالى، أسمائه الحسنى، كلها محققةٌ في الدنيا إلا أن إسم العدل يتحقق يوم القيامة،

 

 

﴿ إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾

 

( سورة يونس: 4 )

﴿ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)﴾

( سورة طه: 15 )

﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) ﴾

وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى.
 لا شك أنك تجلس مع أهلك أحياناً، أو مع أصدقائك، أو مع جيرانك أو مع زملائك، في جلسة، في ندوة، في وليمة، في نزهة ويسود جو من المرح، تضحك، هل تعلم أن هذا الضحك ؟ نعمةٌ من الله عز وجل أنعمها عليك، لو أن هناك مرضاً عضالاً، لا تضحك إطلاقاً، ولا ابتسامة، لو أن هناك مشكلةً زوجيةً خطيرةً لا تضحك لو أن هناك نبأً تجارياً صاعقاً لا تضحك، ما دمت تضحك، معنى ذلك أن الله سمح لك أن تضحك، طمأنك جعل جسمك سليماً، جعل أهلك وأولادك في خير، لك مالٌ تنفق منه على نفسك، لك سمعةٌ طيبة هذه الأشياء تدعوك إلى التبسم والضحك، والأنس، والمرح، أما لو كان هناك خبر سيئ جداً، لو كان في خبر خيانة زوجية، لا تستطيع أن تنظر إلى أحد، أليس كذلك ؟ لو خبر موت ولد، لو خبر احتراق محل والمستودعات كلها، لو خبر تقرير، أنه هل النمو هذا، نمو غير سليم نمو خبيث، يذهب الفرح كلياً .
إذاً أنت حينما تضحك، يجب أن تشكر الله عز وجل، سمح لك أن تضحك، عافاك في بدنك، عافاك في أهلك، سمعتك طيبة، معك ما تنفق، معك ما تنفق، لك بيتٌ تأوي إليه، الذي عليه دعوى إخلاء والحكم صدر بالإخلاء، والتنفيذ بعد أسبوعين، ولا يملك ثمن بيت وليس هناك بيت للأجرة، ماذا يفعل ؟ هل يضحك ؟ أبداً.
إذاً أيها الأخوة: وأنه هو أضحك وأبكى، إن ضحكت فبنعمة الله عز وجل، سلمك، مكنك، أعطاك، أكرمك، أيضاً سلم سمعتك من الدنس، وأبكى، بالمقابل قد تعجب أن يبكي الرجل، قد تجد رجلاً وهو في أعلى درجات الرجولة يبكي كالأطفال، الله عنده مصائب بتهد الرجال،

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) ﴾

( سورة البروج: 12 )

عنده مصائب الجبابرة يسحقون، الجبابرة يخنعون، الجبابرة يذلون.
 فالإنسان، ليكن مع الله على أحسن حال، حتى الله عز وجل يسمح له يضحك وإلا ببكيك، طبعاً الطفل يبكي سريعاً، والمرأة تبكي أسرع لكن الرجل قلما يبكي، إلا إذا كان مؤمن إيمان عالي، بكاء القرب من الله هذا موضوع ثاني، هذا بكاء وسام شرف، أيام الإنسان يصلي فيبكي، يقرأ القرآن فيبكي، هذا البكاء أعلى درجة في الإيمان يعني بلغت محبتك لله، وشوقك إليه، وخشوعك له أنك تبكي

﴿ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾

( سورة المائدة: 83 )

هذا البكاء لا علاقة له بالآية البكاء هنا بكاء القهر، بكاء المصيبة، بكاء المرض العضال، بكاء الشقاء الزوجي، بكاء الإفلاس، إنسان.
 أنا حدثني شخص كيف جاء إلى هنا، قال لي: أنا عندي أربعة آلاف دنم، مختار قرية كان، هذه القرية اشتاحها العدو يطلب أن يعمل ناطور، وصار يبكي، ناطور بأربعة آلاف، أربعة آلاف دنم ومضافات، وذبايح، ومكانة، وشئن، ذهب كل ماله، وهو يبحث عن عمل ناطور، عمره سبعين سنة، في أي مكان.
 ربنا عز وجل، أيها الأخوة: كلام دقيق جداً، أضحك وأبكى حتى في ساعات السرور، والضحك، والانشراح، لا تنسى ذكر الله لا تنسى أن الله سمح لك أن تضحك، لا تنسى أن الله أواك في بيت لا تنسى أن الله أكرمك بزوجة، لا تنسى أن الله أكرمك بأولاد، لا تنسى أنه معك ما تنفق، ولو بالكفاف، هناك رجل لا يجد ما ينفق هناك أشخاص كثيرون ينقبون في لقمامة، يبحثون عن شيءٍ يؤكل رجل، يعني كان من الممكن أن تكون مثله، لكن الله كرمك.
إخوانا الكرام:
 أحد الأخوة توفي رحمه الله، تبرع ببيت، يعني قيمته ثمانية ملايين، لجمعية خيرية، هذا البيت أصبح، مركز تدريب مهني للفتيات الفقيرات، يعني مشروع طيب، فتاة فقيرة، بدل أن تتسول تأتي إلى هذا المركز، تتعلم الخياطة بأعلى مستوى، ثم تشتغل يشترى لها ماكينة خياطة، ثم تشتغل وتبيع إنتاجها، يعني هذه الجمعية الخيرية، بهذا المشغل الدقيق، حولت المتسولات، إلى منتجات وأعظم عمل في الزكاة، أن تحول آخذ الزكاة إلى دافع زكاة، هذا أعظم عمل.
 هذا الرجل لما قدم البيت ثمانية ملايين ثمنه، أقيمت له حفلة تكريمية، لأنه قدم شيء طيب، كل من ألقى كلمات، أثنى على كرمه وسخائه، وإحسانه، وعطائه، وفضله، إلا أخ كريم من أخوتنا، قال له مايلي: فهو الأخ مدير الجمعية، قال له أيها المحسن الكبير: لولا فضل الله عليك، لكان من الممكن _أن تكون أحد المنتفعين بجمعيتنا وأن نعطيك في الشهر مائتين ليرة، أو ألف ليرة تأخذها وأنت خانع ها أنت تعطي بيت، بثمانية ملايين، هذا من فضل الله عليك، أعطاك الله فأعطيت.
فكل إنسان يحدث نفسه هذا الحديث، كان من الممكن أن تمد يدك كان من الممكن أن تنام في الطريق، لماذا ربنا عز وجل ؟ يقول:

﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾

( سورة مريم: 71 )

 ورود النار شيء، ودخولها شيء آخر، ورود النار ترى المؤمن يوم القيامة، يرد النار، لا ليحترق بها، أبداً، حتى لا يؤذيه وجهها، لكن يرى مكانه في النار لو لم يكن مؤمناً، بتضاعف سعادته، ويرى مكان الذين دعاهم إلى الله وأبوا، يراهم معذبون، من أجل أن يتحقق من عدل الله عز وجل، قد يكون إنسان قوي في الدنيا، يستعلي على خلق الله، يرى عدل الله كاملاً مطلقاً، ويرى مكانه في النار لو أنه لم يكن مؤمناً.
وأهل النار، يرون مكانهم في الجنة، لو آمنوا، تزيد سعادة المؤمن في الجنة، حينما يرد النار،

﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾

وتزيد حسرة الكافر في النار، حينما يرى مكانه في الجنة، لو أنه مؤمن.
 فلذلك أيها الأخوة: هذه الآية تكفينا، وأنه هو أضحك وأبكى بضحك، طبعاً يطمئنك، أيام برزقك، معك ما تغطي نفقاتك، مطمئن إذا أحرزت النفس قوتها اطمأنت، أيام بسلمك صحتك ما في شي الحمد لله، أجهزة القلب، والرئتين، والكبد، والأمعاء، والمعدة والجهاز العصبي، والدم سيولته جيدة، خثرة ما في بالدماغ، ما في مشكلة يعني شو الإنسان، يعني كل إنسان وعظمته، نقطة دم بحجم رأس الدبوس إذا تجمدت في الدماغ، بمكان بينشل، وبمكان بيفقد ذاكرته وبمكان بيعمى، وبمكان بيفقد محاكمته، شي مخيف، يعني كل عظمة الإنسان، إذا كان يتوهم أنه عظيم، منوط في سيولة دمه، فالدم يسيل الأعضاء تامة، الأجهزة سليمة، الصحة طيبة، المأوى موجود الأهل موجودون، الأولاد معافون، معك ما تنفق، إذاً تضحك تروي نكتة، تضحك، بضحك الناس، في فرح عندك، في بشاشة في طيب، في روح خفيفة، هذه كلها، لولا هذه المسلمات، لما كنت هكذا، وأنه هو أضحك وأبكى

﴿وأنه هو أمات وأحيا ﴾

الإنسان يعيش لأن الله سمح له أن يعيش، ما من يوم ينشق فجره ألا وينادي يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
أيها الأخوة الكرام: أرجو الله سبحانه وتعالى، أن يكون هذا واضحاً عندكم، أنت حينما تستيقظ، يجب أن تعلم علم اليقين، أن الله سمح أن تعيش يوماً جديداً، استيقظت، ما في شي، حركات، وقفت ترى، تسمع، تتكلم، تمشي، ما في شي.
كان النبي، يدعو ويقول: الحمد لله الذي رد إليّ روحي النوم موت لأنه، النوم موت، موت وقت، لأن كان النبي، إذا وضع رأسه على الوسادة، يقول: اللهم إن أمسكت نفسي فرحمها وإن أرسلتها فحفظها.
 استيقظ، معناها سمح لي بيوم جديد، وعافاني في بدني ثانياً وأذن لي بذكره ثالثة، فأنت ثلاث نعم، سمح لك أن تعيش، وأن تكون معافى، وأن تذكر الله، بتلاقي واحد قاعد بمجلس علم، في إنسان قاعد بملهى عما يشرب، عما يتأمل براقصة، إنسان، سيارته واقفة بره، هذا مقيم على معصية، عنده كل يوم سهرة، يبحث في النوادي، والملاهي، وأنت بجامع قاعد، بمجلس علم، تستمع إلى كتاب الله، هذه نعمةٌ أيضاً، وأنه هو أضحك وأبكى

﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) ﴾

 كون المولود ذكر أو أنثى، من الرجل لا من المرأة، فالا أحد يطلق زوجته إذا جابت له بنت، بكون أحمق، لأنه هذا منه، وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة، لا من بويضةٍ، من نطفة إذا تمنى وأن عليه النشأة الأخرى،

 

 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

تحميل النص

إخفاء الصور