وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 04 - سورة النجم - تفسير الآية 29 ، الإعراض عن الله
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمن:
أيها الإخوة الكرام:
الآية التاسعة والعشرون، من سورة النجم، وهي قوله تعالى:

﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29)﴾

  يعني، المسلم إذا أقام علاقة حميمة مع إنسان أعرض عن ذكر الله، سهرة، نزهة، شراكة، زيارة متكررة، وليمة، إذا أقام علاقة حميمة حميمة مع إنسانٍ أعرض عن ذكر الله، ولم يرد إلا الحياة الدنيا هذا الإنسان من شأنه أن يبعدك عن الله عز وجل، وأن يقربك من الدنيا فلآية الكريمة، واضحةٌ جداً، وقطعية الدلالة

﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾

 يعني كل علمه في الدنيا، كل علمه في كسب المال، كل علمه في إنفاق المال، كل علمه في متع الحياة، كل علمه في مباهج الدنيا كل علمه في الأطعمة والأشربة، في البيوت، في المتنزهات، هذا مجمل علمه، فإذا صاحبته، وخالطه، وأقمت معه علاقةً حميمة إذا ساكنته، إذا رافقته، إذا دعوته، ودعاك، وأقمت معه علاقةً حميمة هذا من شأنه أن يبعدك عن الحق، وعن طلب الآخرة، فصاحب ساحب، هذا أمر قرآني، وكل أمرٍ يقتضي الوجوب، يجب أن تجري تقيماً لمن حولك.
المؤمنون الصادقون المطبقون الملتزمون، هؤلاء تتعامل معهم وتزورهم، وتقيم معهم علاقةً حميمة، لأنهم يذكروك بالله عز وجل لأنهم يعينوك على أمر دينك، لأنهم يأخذوا بيدك إلى الدار الآخرة، لأنهم معوانٌ لك على الشيطان.
أما إذا صاحبت أهل الدنيا، ما أقول كافر

﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا﴾

 لم يذكر الله عز وجل، لا يذكره إلا قليلاً، الدنيا أكبر همه مبلغ علمه، منتهى آماله، جُل طموحاته.

 

﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ﴾

 

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) ﴾

( سورة الإسراء: 18)

لأنه، السيدة عائشة، حينما سئلت عن أخلاق النبي، ماذا قالت ؟ قالت كان خلقه القرآن، هي توجيه، هذه آية بندٌ من بنود أخلاق النبي
 إنسان لا يصلي، إنسان فاسق، إنسان لا يعبئ بأمرٍ ولا نهيٍ، لا يعبئ بحرام ولا حلال، علاقة حميمة. زيارات، ولائم، نزهات، هذا من شأنه أن يبعدك عن الدين شيئاً فشيئاً، يزهدك في الآخرة، ويرغبك في الدنيا، يدعوك إلى معصية، بشكلٍ أو بآخر، فهذا توجيه إلهي،

﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29)﴾

 يعني أحياناً إنسان، يجد نفسه كلما جلس مجلس علم شعر بقربٍ من الله عز وجل، فإذا خالطا الناس، خالطا أهل الدنيا، هذه الروحانية تذهب، هذه الحرارة تفتر، هذا الاتقاد ينطفئ، هذه الرغبة القوية تضعف، هذه العزيمة الصادقة تخور، طيب ما سر خوران العزيمة وفتور الهمة ؟ وانطفاء الاتقاد ؟ ما سره ! أنك خالطا إنساناً من أهل الدنيا، يشكك، يبخس، يطعن، يقلل من قيمة أي دعوة، يتهمها بأشياء هي بريئةٌ منها.

 

﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29)﴾

 في آية أخرى،

 

 

﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)﴾

 

( سورة الكهف: 28)

 لا تطع، وهذا أكثره في شأن الزواج، يعني بتسأل صديق من أهل الدنيا، خطب بنتك خاطب، دينه رقيق، بقلك عنده بيت ؟ طبعاً ممتاز لا توقف، ما اهتم بدينه، اهتم ببيته، ما اهتم بصلاته، اهتم بدخله ما اهتم بورعه، اهتم بمكانته، فإذا سألت إنسان من أهل الدنيا أعطاك توجيهات ليست في مصلحتك، أما اجلس مع مؤمن، يقول لك قال تعالى:

 

﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾

 

( سورة البقرة: 221)

 فالإنسان اجتماعي بالطبع، إذا كان الطقم يلي حوله، متفلت، من أهل الدنيا، تولى عن ذكر الله، لم يرد إلا الحياة الدنيا، هؤلاء الذين حولك يثبطون عزيمتك، يضعفون همتك، يضعفون رغبتك يشككون يطعنون، يهونون أمر المعصية، يعظمون أمر الدنيا، هذا توجيه، نحن نتقوى ببعضنا بعض، المؤمن خالطه، وأكله، شاربه سافر معه، شاركه، المؤمن يعينك على أمر دينك، يأخذ بيدك إلى الله، يحصنك من المعصية، ينصحك، كلما عثرت قدمك، ينهضك قال

﴿ ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ﴾

 

هذا علمه.
 يعني واحد كل علمه في الدنيا، لاحظ أنت من أهل الدنيا، إن حدثته عن الله، بقلك عدم المآخذ بنام، قل له عن أسعار العملات، بتلاقيه صحيان، بيعطيك معلومات دقيقة جداً، أسعار البيوت، أسعار العملات، الوضع العام، شو سمعان أخبار، بتلاقيه نشيط، قل له قال الله تعالى: بتلاقيه صار يبكي،

﴿ وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾

 فأنت تحتاج لإنسان يلهبك في الدين، يقويلك عزيمتك، يشحنك شحنة قوية، يزهدك في الدنيا، يرغبك بالآخرة بدك إنسان يأخذ بيدك إذا عثرت، لا أن يجلس فوقك إذا عثرت

 

﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) ﴾

 الله عز وجل هو وحده يعلم خبايا الأمور، يعلم طوايا النفوس يعلم حقيقة الإنسان، يعلم ما ينطوي عليه، من خيرٍ أو من شرٍ، من هدىً أو من ضلال، إن ربك هو

 

﴿أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30)﴾

 لذلك الصاحب ساحب، من هنا قال عليه الصلاة والسلام:

 

((لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي. ))

 إذا كان صاحبت مؤمن، وفتت لبيته يا الله خذوا طريق، لا ترى زوجته أبداً، لا ترى بناته، بقلك أستاذ العصر مصليه، لا والله، تقوم نصلي سوى، يا عيني ذكرك بالصلاة، طيب بدي أتوضأ، شو عليه سهل، أعانك على الوضوء، صليت معه، لو أقمت علاقة مع إنسان بعيد عن الدنيا، الصلاة مو داخلة بحساباته إطلاقاً، بتجمعهن سوى، بقلك بتجمعهن سوى، لو طلبت أن تصلي بتجمعهن سوى،

 

﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29)﴾

 إخوانا الكرام: من سعادة المرء في الدنيا، أن يكون له إخوان مؤمنين طيبين طاهرين، ينصحونه، يعاونه، يأخذون بيده إذا عثر يتفقدونه، يزورونه، يعودونه، يعينونه، هذه من سعادة المؤمن في الدنيا، لذلك الإيمان لا ينجح إلا بمجتمع إيماني.
 الآن المؤمن لوحده وحوله فسقة، وأهل دنيا، حياته صعبة جداً الكل ضده، لذلك أنت مكانك الطبيعي، بيجلس بقهوة، أخي قهوة هي قهوة، أنت زوجتك محجبة، هون غير محجبة، وفي غناء، هذا المكان ليس لك، هذا المكان ليس لك، أنت لك مكان آخر، مكان طاهر نظيف، من أجل الحفاظ على نقائك، وعلى صفائك، وعلى طهارتك يجب أن تختار البيئة المناسبة لك، بيئتك المناسبة بيئة مؤمنين، بيئة طهر ونقاء، وصفاء.
أما ما دام في علاقات حميمة، مع أهل الدنيا، مع من أعرض عن ذكرنا، مع من لم يرد إلا الحياة الدنيا، فأمر الدين صعب جداً.
 في تراجع دائماً، لأنه مثبيتات، تشكيك، إضعاف همة، تزهيد بالآخرة، تحبيب بالدنيا، هذه الآية، هذه من أخلاق النبي، إنسان فاسق فاجر، ما بيصلي، غرقان بالمعاصي، مالك علاقة معه، إذا في قرابة نزوره في العيد مرة، نزوره في المناسبات فقط، من أجل صلة الرحم، أنا قلت علاقة حميمة، علاقة زيارات متكررة، علاقة نزهات علاقة ولائم، علاقة شراكة، علاقة سفر، هذه لا تصح إلا للمؤمن، والإنسان قوي بأخوة، ضعيف وحده، وضعيف جداً مع بيئة مناقضة له، ضعيف جداً بصير، لأنه كل الناس ضده.
 مرة يعني سألني آخ شو السر ؟ بالدرس في حال عالي، بالبيت نعود إلى ما كنا عليه، قلنا له بدنا تشوف من أصحابك ! من أقرانك من أصدقائك ! هؤلاء، يجب أن تبحث عن مستوى أرقى، أن تعيش معهم أن تقتبس من علمهم، من أخلاقهم، من أحوالهم، من أدبهم من هنا قال ابن عطاء الله السكندري: لا تصاحب من لا ينهض بك إلى الله حاله ويدلك على الله مقاله.
تحتاج إلى صاحب، إن تكلم استفدت من علمه، وإن عاملك استفدت من معاملته، وإن أحببته استفدت من حاله.
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمن، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

 

تحميل النص

إخفاء الصور