وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 01 - سورة النجم - تفسير الآيات 1-15 ، وما ينطق عن الهوى.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الإخوة الكرام:
الآيات الأولى من سورة النجم وهي قوله تعالى:

﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)﴾

 يعنينا في هذا الدرس، أن نقف عند قوله تعالى، وما ينطق عن الهوى
أيها الأخوة الأكارم: معظم الناس غير الملتزمين، غير المؤمنين الصادقين، ينطق عن الهوى، يتحدث وفق مصلحته، يُقوم الأشياء وفق مصالحه، يمدح ما عنده، يذم ما ليس عنده.
 فأكثر كلام الناس لا يعبأ به، لأنهم ينطقون عن الهوى، أحكامه غير موضوعية تقيمهم غير صحيح، الذي يواليهم يرفعونه إلى أعلى عليين الذي لا يواليهم يضعونه في أسفل السافلين، إذا كان هناك مصالح يتغاضى عن كل السيئات، لم يكن هناك مصالح تكشف كل العيوب.
إذاً لاينطق عن الهوى، يعني أضع بين أيديكم، قصة طريفة توضح هذا المعنى.
 مرة أردت أن أشتري ستائر لبيتي، عندي نافذة في حائط عرضه ثلاثة أمتار، دخلت إلى أحد المحلات التجارية، قلت له: أريد ستارة لهذه النافذة، أما هي في حائط عرضه ثلاثة أمتار، قال لي: أستاذ هذه الستائر لا تبدو جميلةً ولا رائعةً إلا! إذا قست طول الحائط وضربته باثنين وأضفت له متراً يعني ثلاثة ضرب أثنين زائد واحد سبعة، تأتي الستارة جميلة جداً مثناة، قلت جيد، أعطني من هذا الثوب، كله فإذا هو خمسة أمتار، قال لي: أستاذ المطرز على الفرد أجمل بكثير، شاهد واضح، هو الآن ينطق عن الهوى، أراد أن يبع هذا الثوب، قبل أن يعرف طوله أفضل شيء ضعف الحائط زائد متر أفضل شيء، فلما كان الثوب خمسة أمتار، قال لي المطرز على الفرد أجمل بكثير أستاذ ما في نسبة، هو ينطق عن الهوى، ولا أبالغ تسعة وتسعين بالمائة من أحكام الناس وتقيماتهم، وآرائهم، ومقترحاتهم وتمنياتهم، ومشكلاتهم ينطقون به عن
الهوى.
بيخطب بنتك إنسان بيصير ولي، عالم فهيم، ورع، بينشأ خلاف، بيطلع سافل، واطي، معقول، ينطقون عن الهوى، تقيم موضوعي ما في، أما المؤمن منصف.
هذا النبي الكريم، سيد المرسلين، سيد ولد آدم ولا فخر، حبيب رب العالمين، الذي عصمه الله، لا ينطق عن الهوى، أبداً.
 اسمعوا هذه القصة، سيدنا رسول الله، في معركة بدر، قبيل معركة بدر قال: لاتقتلوا عميّ العباس، فقط ، بلا تعليل، بلا توضيح، بلا تفسير، بلا تعليق، صحابيٌ جليل، عمه العباس في مكة، لم يهاجر عمه العباس مع المشركين، مع علية القوم هناك، عمه العباس مسلم، عمه العباس عينه في مكة، عمه العباس يعطيه كل حركات قريش، وكل قرراتهم، وكل ما يبحثون عن فعله.
 فالنبي عليه الصلاة والسلام، لو قال عمي العباس مسلم كشف أمره وانتهت مهمته، لو أن العباس لم يشارك في معركة بدر، كشف هو أمر، وانتهى دوره، لو أن النبي سكت، لم يقل لا تقتلوا عمي العباس لقتلوه، إن لم يشارك كشف، وإن وصفه النبي بأنه مسلم كشف، وإن سكت النبي قتل، فقال بشكل موجز لا تقتلوا عمي العباس.
 أحد الصحابة تأمل، قال أحدنا يقتل أباه وأخاه، وينهانا عن قتل عمه هو ظن هذا تعصباً، أو انحيازاً، أو نطق بهذا عن الهوى، ثم كشفت الحقيقة من أن عمه قد أسلم، وأن المصلحة المطلقة، تقتضي أن يقول لا تقتلوا عمي العباس، من دون تعليق، من دون تفسير، يقول هذا الصحابي الجليل: عشر سنواتٍ وأنا أتصدق، وأستغفر رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله.
مستحيل يتكلم النبي كلمة عن الهوى، أما عامة الناس قلما ينطقون عن الحق قلما، كل أحكامهم متعلقة بالهوى، والمصالح.
حتى أن النبي عليه الصلاة والسلام، لما وصف التاجر الصدوق الأمين
قال الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا باعوا لم يطروا.
 الآن التاجر بضاعته الأولى، وما في منها، وأمتن بضاعة، وما عد يصير مثلها، بضاعة جاره سيئة، درجة ثانية، والخيط صناعي ببخس لو أخذ بضاعة مثل جاره بينعكس الأمر، بينعكس، أكثر شيء، هناك تجارات يعني فيها دجل، وفيها مبالغات، يعني معظم الناس ينطقون عن الهوى، لكن نبينا صلى الله عليه وسلم، عصمه الله من أن ينطق كلمةً عن الهوى.
 لذلك سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يقول ثلاثةٌ أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس ، من هذه الثلاثة التي هو فيها رجل، ما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علمت أنه حق من الله تعالى.
النقطة الدقيقة أنك إذا قرأت حديثاً لرسول الله، إياك، ثم إياك، ثم إياك أن تظن أن هذا من عند رسول الله، هو من عند الله، من عند خالق الكون.
 أضرب لكم هذا المثل، الخروف أمرنا النبي أن نذبحه من أوداجه فقط ، وأن نقطع بلعومه وقصبته فقط، وأن نبقي رأسه، لافي عهد النبي، ولا في مراكز الحضارات في عهد النبي، ولا بعد مئة عام، ولا بعد مئتي عام، ولا بعد خمسة مئة عام، ولا بعد ألف عام، ولا بعد ألف وأربعة مائة عام، هناك حقائق تكشف، ماذا يعني النبي من عدم قطع رأس الذبيحة.
قبل سنوات معدودة كشفت الحقيقة، أن هذا الخروف شأنه كشأن الإنسان يتلقى أمراً بالنبض من داخل القلب، القلب في مركز كهربائي ذاتي، يعطي أمر بالنبض، النبض النظامي، ثمانين نبضة أما الأمر الاستثنائي مائة وثمانين نبضة، لا تأتي إلا عن طريق الرأس، لو قطعت رأس الدابة أثناء ذبحها، القلب نبض النبض النظامي، وهذا النبض النظامي لا يكفي لإخراج الدم من الذبيحة، يخرج ربع الدم، أما إذا أبقيت رأسها، جاء أمر استثنائي برفع النبضات، من ثمانين إلى مائة وثمانين، عندئذٍ يصبح لون الذبيحة وردياً، والدم كله خارج الجسم.
بعد ألف وخمسة مائة عام، كشف العلم سر هذا الأمر.
 أقول لكم مرة ثانية، إياكم، ثم إياكم، ثم إياكم، أن تتوهموا، أنه الذي قاله النبي من عنده، الآن هناك من يحلوا لهم أن يقولوا النبي عبقري النبي، مصلح اجتماعي، النبي قائد هو عبقري، إنهم الأنبياء كلهم أصحاب فطانة، إلا أن كل الذي قاله وحيٌ من السماء من عند خالق الكون، تعليمات من الصانع، خبرات الخبير، ولا ينبئك مثل الخبير.
 لذلك في طبيب في جامعة دمشق، ثلاثين سنة يعارض كل زملائه في الجامعة، كل زملائه في الجامعة يعتقدون أن شرب الماء بعد الطعام مضر، مع الطعام، وبعد الطعام مضر جداً، قال لأن العصارة الهاضمة تتمدد، وإذا تمددت ضعف مفعولها، إلا أن هذا الطبيب المسلم ينطلق من حديث رسول الله، أنه الإنسان إذا أكل، ثلث لطعامه، وثلث لشرابه وثلث لنفسه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمنا صلبه فإن كان لابدا فاعل فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه، مادام مسموح لك أن تشرب ماء بقدر الطعام أثناء الطعام إذاً هذه النظريات لا أصل لها، هذا الطبيب لا ينطلق من دراسات، ينطلق من حديث رسول الله فقط، قبل سنتين بالتحديد، ظهرت دراسة دقيقة جداً تبين أن شرب الماء مع الطعام، ضروري مع لهضم الطعام، وأن الماء يحث عصارات الهضم على إفراز حمض كلور الماء، وأن الماء إذا تخلخل في الطعام، أمكن هضمه.
أنا عبرت عن هذه الحقيقة، بآلة تطحن الحمص، ضع الطحينة والحمض مكربجة، بكاسة ماء بصير شيء جيد جداً.
 فهذا الطبيب ينطق عن رسول الله، ثبت أخيراً أنه كلام النبي هو الصح وسوف ترون إن امتد بنا العمر، أن كل حقيقة جاء بها النبي، العلم سيصل إليها، شاء أم أبا، وأن النبي معصوم عن أن يخطئ في أقواله وفي أفعاله وأن كل ما قاله النبي حق من الله تعالى.
ثلاثة أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس.
 ما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عرفت أنه حق من الله تعالى، وما صليت صلاة فشغلت نفسي بغيره حتى اقضيها، ولا سرت بجنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم..

تحميل النص

إخفاء الصور