وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 7 - سورة الذاريات - تفسير الآية 56 ، أسباب الرزق
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الإخوة الكرام:
الآية السادسة والخمسون، التي شرحت في الدرس الماضي وما بعدها وهي قوله تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)﴾

 الحقيقة أكبر شيئين يقلقان الإنسان، أجله ورزقه، أكبر شيئين يقلقان الإنسان، أجله ورزقه.
أجله مقطوعٌ به،

 

﴿ ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستئخرون ساعة ولا يستقدمون﴾

 

( سورة الأعراف: 34 )

 لا علاقة للمرض بأجل إطلاقاً، الأجل شيء، والمرض شيء آخر،

 

فكم من صحيح  مات من غير علةٍ
وكم من سـقيـمٍ  عاش حيناً من الدهر

أحد أخوتنا الكرام:
 ولد قبل ستين عاماً، في بيتٍ متواضع في أحد أحياء دمشق، في الغرفة المجاورة، غرفة عمه وزوجة عمه، جاء الأطباء وأخبروا أهل الزوجة، أنها قد انتهت، ولا عليهم أن يكتبوا نعوتها، وأن يستعدوا لموتها، وعاشت هذه المرأة بعد هذا الإنذار سبعةً وأربعين عاماً .

 

 

فكم من صحيحٍ  مات من غير علةٍ
وكم من سقيمٍ  عاش حيناً من الدهر

 أيها الأخوة: موضوع الأجل منته.
موضوع الرزق،

 

 

﴿ إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين﴾

 

﴿ الله الذي خلقكم ثم رزقكم ﴾

( سورة الروم: 40)

 دقة هذه الآية، أن كلمة رزقكم، جاءت بصيغة الماضي، يعني الرزق مكفول ومضمون، لكن الرزق، أداةٌ تربويةٌ بيد الله، لن تموت جوعاً، ولكن وفرة الرزق، وضيق الرزق، متعلقٌ بسيرك إلى الله طالبني بالدليل ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍؟

 

﴿ وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه ﴾

 

( سورة الجن: 16 ـ 17 )

﴿ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض ﴾

( سورة الأعراف: 34 )

 هذه اثنين.

 

﴿ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا ﴾

 

( سورة نوح: 10 ـ 11

هذه ثلاثة.
 الآمانة غناً، الآمين يغتني، الآمانة غناً، هذه أربعة.
قد يحرم المر بعض الرزق بالمعصية خمسة .
 وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا
ستة.
صلة الرحم تزيد في الرزق، سبعة.
هناك أدلةٌ كثيرة من كتاب الله ومن سنة رسول الله، أن الرزق جعله الله أداة تربوية.
 بالمناسبة ربنا جل جلاله ثبت أشياء، وحرك أشياء، الذي ثبته من أجل استقرار النظام في الكون، دورة الأرض حول الشمس ثابتة، شروق الشمس ثابت من ملايين ملايين السنين، وإلى أبد الآبدين، إلى أن تنتهي الحياة من على سطح الأرض،

﴿ والشمس تجري لمستقر لها ﴾

(سورة يس: 38)

 إلى أن تصل لهذا الاستقرار، شروق الشمس وغيابها ثابت.
هناك أشياء كثيرة ثابتة، خصائص المواد ثابتة، الحديد حديد، والذهب ذهب، والفضة فضة، أما لو إنسان اشترى كيلو ذهب، فرأى بعد يوم حديداً، انخرب بيته بيكون، ثبات خصائص الأشياء، هذه ثابتة كلها.
أما الرزق حركه الله عز وجل، حركه، حركه كأداةٍ تربوية، الصحة حركها.
 ذكرت لكم من قبل أنه بعد أن أجريت تجربة، تجربة تفجير نووي بصحراء الجزائر الكبرى، ثاني يوم، رأوا عقرباً يمشي في أرض الانفجار، عكفوا على دراسته خمساً وعشرين عاماً، ثم اكتشفوا أن العقرب بإمكانه أن يعيش ثلاثة سنين متواليات من دون طعامٍ وشراب وأنه يستطيع أن يبقى ثلاثة أيام من دون تنفس، وأنه عرَض لأشعةٍ نوويةٍ قاتلةٍ ثلاث مائة ضعف الأشعة التي تميت الإنسان فلم يتأثر، وأنه نقل من حرارة عشرة تحت الصفر، إلى ستين فوق الصفر لم يتأثر.
 أليس من الممكن أن يكون الإنسان كالعقرب ‍؟ صحيح، الله ممكن أن يلغي مرض كلياً، بس الصحة حركها، الرزق حركه، ثبت شروق الشمس، ثبت دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، ثبت خصائص المعادن، خصائص النباتات، بتزرع خيار بيطلع خيار، لو كان ما في ثبات، بتزرع فستق حلبي بيطلع فستق عبيد، مشكلة هي، بتزرع خيار بيطلع بندورة، البزور خصائصها ثابتة، المعادن خصائصها ثابتة، دورة الأفلاك ثابتة.
أما يلي حركه الصحة والرزق.
فالإنسان قلق على أجله، وقلق على صحته، النبي قال: خيركم من طال عمره وحسن عمله.
لذلك

﴿ ما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ﴾

( سورة الذاريات: 56 )

 إذا الإنسان احتج على تقصيره في العبادة من أجل الرزق، بماذا نجيبه نجيبه بأن من ابتغى أمراً بمعصيةٍ كان أبعد مما رجى، وأقرب مما اتقى، نجيبه أن كلمة الحق، لا تقطع رزقاٍ ولا تقرب أجلاً، نجيبه بأن الله سبحانه وتعالى ما كان ليظلمك،

 

﴿ إليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه﴾

 

( سورة هود: 133 )

 الآمر ضامن، يعني أنا أريد من هذا الدرس أن أطمئن الأخوة الكرام أن أجلك بيد الله، وأن المرض لا علاقة له بالأجل إطلاقاً، إطلاقاً، أما أقول لك اعتنى بجسمك، اعتنى بغذائك، اعتنى بالرياضة لماذا؟ الأجل أجل، بس إما أن تعيش هكذا واقفاً أو مضجعاً، الأجل أجل لماذا النبي علمنا أن نأكل باعتدال ؟ علمنا بذل الجهد، علمنا النظافة الأجل لا يتأثر، ولكن الصحة تتأثر، فبين أن تمضي هذا الأجل مستلقياً على سرير، وبين أن تمضيه واقفاً نشيطاً، الصحة متعلقة بنوعية مضي الزمن، أما الأجل لا يتقدم ولا يتأخر، الرزق عند الله، فإذا استقمت على أمر الله، فتح الله لك أبواب الرزق، ولا تنسى هذه الآية،

 

﴿ ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرأ عليما ﴾

 

( سورة النساء: 147

 العذاب لماذا ؟ واستنبط الإمام الشافعي، أن الله لا يعذب أحبابه، وقد يكون ضيق ذات اليد، أحد أسباب العذابات في الدنيا، قال الإمام الشافعي: مستنبطاً من قوله تعالى

 

﴿ قالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلما يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق ﴾

 

( سورة المائدة: 18 )

 لو أن الله قبل دعواكم بأنكم أحبابه لما عذبكم، إذاً إن الله لا يعذب أحبابه، هذه المعاني سقتها لكم، حول العلاقة بين قوله تعالى:

 

﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾

 

( سورة الذاريات: 56 )

﴿ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ﴾

( سورة الإسراء: 31 )

﴿ ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ﴾

( سورة الأنعام: 151 )

 فالله هو الرزاق، والدليل ؟ أنه أعطاك حرفة، أعطاك ذاكرة، أعطاك خبرات متراكمة، ساق الناس إليك، إنسان بيفتح محل يقول يا رزاق يا كريم، الله يسوق الناس إليك، فرزقك بيد الله.
ولما قال الله عز وجل

 

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾

 البيت التي تؤدى فيه الصلوات وتقام فيه العبادات، بيتٌ مرزوق والمحل التجاري التي لا تنتهب في حرمات الله، بتفوت إنسانة تُكلم بجدية مطلقة، يغض البصر عنها، وكأنها أختك، المحل التجاري التي لا ترتكب فيه المعاصي، هذا محل مرزوق، لوفي قانون عام قانون كساد، أسواق مسمومة بتعبير التجار، المؤمن له معاملة خاصة لأن الله عز وجل لا يسوق الناس جميعاً بعصاةٍ واحدة، كل إنسان له معاملة بحسب استقامته.
إذاٍ،

 

 

﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.﴾

الإمام أبو حنيفه رضي الله عنه يقال: أن حديثاً شريفاً غير مجرى حياته، هذا الحديث من طلب العلم تكفل الله له برزقه.
 يعني أنت لما بتفرغ للعلم الله عز وجل لا ينساك من فضله، يؤتيك رزقاً معقولاً بجهد يسير، مستحيل إنسان يطلب العلم، والله عز وجل ما يستخدمه في نشر هذا العلم أنت عند الله موظف، إذاً.

 

 

﴿ ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ﴾

 الرزاق صيغة المبالغة، والمبالغة في حق ذات الله العلية، أما نوعاً أو كماً، يعني يمكن يعطيك رزق يكفيك لولد ولدك في التعبير العامة ممكن يرزق مليار إنسان، إما نوعاً أو عدداً.

 

 

﴿ إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين. ﴾

يعني الله عز وجل قوي

 

 

﴿ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ﴾

 

( سورة الحجر:21 )

 وإذا الله قنن، تقنين تأديب، لا تقنين عجز، إذا الإنسان قنن تقنين عجز، إذا الإله قنن تقنين تأديب، إذاً لنطمئن على أرزاقنا، وأرزاق ذرياتنا، وأرزاق أولادنا.
لكن لو توكلتم على الله حق التوكل، لرزقكم كما يرزق الطير، ماذا تفعل الطير ؟ تغدوا، تتحرك، تغدوا خماصاً، وتعودوا بطاناً، في حركة على الإنسان أن يسعى، وليس عليه إدراك النجاح.
لما بيستقيم يقول يافتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، اللهم ارزقني رزقاً حلالاً اللهم ارزقني طيباً واستعملني صالحاً.
 الله عز وجل لا ينسى أحداً من فضله، وأدلكم على هذا العلاج، إذا الإنسان ضاق رزقه، ليصلي قيام الليل وليدع الله عز وجل قبل صلاة الفجر، لأن الله عز وجل يقول: في الحديث الصحيح القدسي
إذا كان ثلث الليل الأخير نزل ربكم إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل فأعطيه، هل من تائباً لأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له، هل من طالب حاجةٍ فأقضيها له، حتى ينفجر الفجر.
فربنا عز وجل عرض عليكم، أن يجيبكم عن سؤآلكم، هذا وقت إجابة فإذا الإنسان له مشكلة ليسأل الله عز وجل.

 

﴿ومن يتقي الله يجعل له مخرجاً، ما كان في مخرج، ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾

 

( سورة الطلاق: 3 )

يعني متى تبحث عن مخرج، إذا ما لقيت مخرج.
إذاً ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظن أنها لا تفرج
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وأرض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.

تحميل النص

إخفاء الصور