وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 08 - سورة الحجرات - تفسير الآية 13 الذَّكَرَ والأنثى متكاملان.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيُّها الإخوة الكرام، الآية الثالثة عشرة من سورة الحجرات، وهي قوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾

[سورة الحجرات]

 شاءَت حِكمة الله أن يكون البشر من ذكر وأنثى، وأنّ للذَّكر خصائص جِسْميّة، وعَقْليَّة، ونفْسيَّة، واجتماعيَّة هي كمالٌ لِمُهِمَّتِهِ، وأنّ للأنثى خصائص جِسميَّة ونفْسيَّة، وعقليّة واجتماعيَّة؛ هي كمال لِمُهِمَّتِهِ، وأنّ الذَّكَرَ والأنثى متكاملان، وكلٌّ منهما يسْكُن للطَّرف الآخر، ومعنى يسْكن أيْ يُكَمِّلُ بِهِ نقْصَهُ، فالذَّكر والأنثى متكاملان، ومتعاوِنان، وقد خلق الله آياتٍ كثيرة، مِن أبرز هذه الآيات، قوله تعالى :

 

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(21)﴾

 

[سورة الروم]

 فالإنسان من أجل الحِفاظ على وُجوده يأكل ويشْرب، ومن أجل الحِفاظ على النَّوع يتزوَّج، هذه الحقيقة الأولى فبنُو البشر ذكرٌ وأنثى.
الآن البشر شُعوب، وقبائل، وكلّ شعب له عاداته وتقاليدهُ، وبيئتُهُ وظروفهُ المحيطة به، ولغته وشَكلهُ، ويمكن أن لكل شعب نمط، فالشَّعب الصيني غير الشعب الإفريقي، فالشعوب في إفريقيا لها شَكل، وفي إفريقيا لها شَكل، وفي أوروبا لها شَكل، قال تعالى:

 

﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ﴾

 

[سورة الحجرات]

 هناك أشكال، وثقافات، وتقاليد، وتضاريس، فهناك مَن يسْكن في الصَّحراء، وأخرى في السَّواحل، وفي قِمَم الجِبال، وفي القطب، وفي المنطقة المعتدلة، وفي المنطقة الجنوبيّة، فالتضاريس والعادات والتقاليد واللَّون واللّغة، لِكُلّ شَعبٍ هُوِيَّة بدْءً من شَكلهِ الخارجي إلى عاداته وتقاليده وطِباعِهِ وبيئتِه، وأُسس حياته ومعطياته، فهذا التَّقسيم من أجل أن يتعاونَ هؤلاء فيما بينهم، كان مِن الممْكن أن تكون كلّ النباتات في كلّ البلاد، ولكن بلدٌ في البنّ، وبلد عندها الشاي، وبلد عندها البترول، وبلد عندها الفواكه، وأخرى الخضار، وبلد عندها التِّكنولوجيا، فكلّ شَعب له خصائص وميزات، ومنتجات من أجل التعارف، ولعلّ هذا التعارف من أجل أن الشعوب التي عرفَت الله عز وجل أنْ تنقل هذه الهِداية لِشُعوبٍ أخرى، كما هو الحال بين المسلمين الذين ذهبوا إلى شرق آسيا والآن أكبر دولة إسلاميَّة في العالم أنْدونيسيا ‍‍! فهذي أسْلَمت عن طريق التِّجارة وحدها فالآية دقيقة، فالإنسان ذكر وأنثى، والبشر شُعوب وقبائل، وهناك شَخصيات، وخصائص، فكما أنّ للذَّكر خصائص عقليَّة نفسيّة واجتماعيَّة وكذا للأنثى، فكذلك الشعوب لها خصائص، وهذا لا مِن أجل أن نتحارب ولكن لِنَتعارف، ولا من أجل أن يسْتعمر بعضنا بعضًا، ولا من أجل أن نبْنِيَ أمجادَ حضارة على إنقاذ الشُّعوب، ولا مِن أجل أن يأكل الكلاب في أمريكا من اللَّحم ما لا يأكلهُ الشَّعب الهندي بِأكمَلِهِ ! ولا مِن أجل أن نُرَفِّهَ أُمَّة، ونُشْقِيَ أُمَمًا، قَتْلٌ امرئ في غابةٍ جريمةٌ لا تُغْتفر، وقتل شَعبٍ آمن مسألة فيها نظَر ! فالآية الكريمة تُبيِّن أنَّ خصائص الشُّعوب من شَكل وتضاريس بيئتها، ومنتجاتها الزراعيَّة، وثَرَواتها الباطنيَّة، ولغتها، وعاداتها تُشَكِّل هويَّتها، هذا التَّبايُن من أجل الشُّعوب لا من أجل العداوات وأن يقوم شَعب على أنقاض شَعب، ولكن لِتَعارفوا، فإذا اخْتصَّ شَعبٌ بِمَعرفة الله، نقَلَ هذه المعرفة لِبَقِيَّة الشُّعوب، فلذلك مُهِمَّة كلّ إنسان عرف الله أن ينقل هذه المعرفة، قال تعالى يُخاطب الأمَّة العربيَّة:

 

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ(143)﴾

 

[سورة البقرة]

 فأنتم يا عبادي وُسَطاء بيني وبين خلقي، فربُّنا عز وجل حمَّلنا هذه الرِّسالة، وكلَّفَنا أن ننقلها لِبَقِيَّة الشُّعوب، ونحن حَمَلة رسالة، فالعرب في الجاهليَّة كانوا رعاة غَنم، فلمَّا جاءهم النبي عليه الصلاة والسلام صاروا قادة الأُمَم !! ولا يصْلُح آخر هذه الأمَّة إلا بما صَلَح به أوَّلها، قال عليه الصلاة والسلام:

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ * ))

 

[ رواه مسلم ]

 فهذه الآية، وهي قوله تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾

 

[سورة الحجرات]

 ما هو الفساد ؟ أن تختلط الأوراق بين الذَّكر والأنثى، وأن تجد الأنثى في مكان الذَّكر، وأن تجد الذَّكر في مكان الأنثى تقريبًا نحن بِحاجة الِتراكسْ ! لِهَدم بِناء، وبِحاجة إلى سيارة سِياحيَّة لطيفة وناعمة لِنَقلنا إلى مكانٍ جميل، فإذا أردنا أن نهدِمَ هذا البناء بهذه السيارة السِّياحيَّة نُحَطِّمها، وإذا أردنا أن نذهب إلى مكان جميل بِهذا التراكسْ ننْزَعِج جدًّا فهذا له خصائص وهذه لها خصائص، فالفساد أن تجد المرأة حيث ينبغي أن لا توجد، وأن تفتقدها حيث ينبغي أن توجَد، وأن تُكَلِّفها بِعَمَلٍ ليس من طبيعتها، ولا من خصائصها، ولا من بنيتِها النَّفسيَّة، ولا الاجتماعيَّة، ولا الفِكريَّة، فما هو الفساد في الأرض ؟ أن تُغَيِّر صفة الأشياء ! ماءٌ فاسِد، فالماء لا لوْنَ له، ولا طَعْم له، ولا رائِحة له، فإذا كان له أحد هذه الصِّفات صار ماءً آثنًا، أيْ أنّ الماء فسَد، فالله تعالى خلقَ المرأة لِمُهِمَّة جليلة، ومُقَدَّسة قال: اعْلَمي أيَّتُها المرأة وأعْلِمي من دونك من النِّساء أنَّ حُسن تبعُّل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله !! وخلَقَ الرجل لِمُهِمَّة كبيرة، فنحن إذا غيَّرنا خلق الله عز وجل، وأعطَيْنا كلّ طرفٍ مُهِمَّة الطَّرَف الآخر كان الفساد في الأرض، قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ﴾

 

[سورة الحجرات]

 لا يَحِقُّ لشَعبٍ أن يحْتَقِرَ شَعْبًا آخر، فالألمان احْتَقروا كلّ الشُّعوب، وعدُّوا شَعبهم الأوَّل، وبقِيَّة الشُّعوب من الدَّرجة الثانية أو الثالثة، واليهود فعلوا هذا، وكلّ شَعبٍ جاهِلٍ يدَّعي أنَّه شَعب الله المُختار، وبقيَّة الشُّعوب لا قيمة لها، هذا كلام غلط، لأنَّ الله تعالى يقول:

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾

 

[سورة الحجرات]

 لِيَعرف بعضكم بعضًا، وبعد التعارف لِتَتَعاوَنوا، وبعد التَّعاوُن لِيَهْدي بعضكم بعضًا، تعارف، وتعاوُن، وهِداية، وخاطَب الأمَّة العربيّة فقال تعالى:

 

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِي(152)﴾

 

[سورة البقرة]

 أي اُذكروني لِعِبادي كما ذكَّركم رسولي بي.
لذلك هذه العداوات والحروب الطاحِنة ؛ هذه ليْسَت من منهج الله عز وجل قال تعالى:

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾

 

[سورة الحجرات]

 فالحقيقة ولا أُبالغ إنَّ أدقّ آيةٍ في القرآن الكريم:

 

﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾

 

[سورة الحجرات]

 هذا هو المِقياس الذي يتمايَزُ به البشر عند ربِّهم، فلا تقل أنا ابن فلان، وأنا لي شَكلٌ مُعَيَّن، ولا تقل: أنا حجمي المالي كذا ؛ كُلُّ هذه المقاييس الأرضيَّة عاداتٌ جاهِلِيَّة، ويُروى أنَّ سيّدنا عمر جاءَهُ ملِك اسمُهُ جبلة بن الأيْهَم، وجاء مسلمًا، وفي أثناء طوافه حول الكعبة، داسَ بدَوِيّ طرف رِدائِه، فانْخَلَع عن كتافه، والْتَفَت إليه جبلة بن الأيْهم وضربهُ ضربةً هشَّت أنفه ! هذا البدوي شكاه إلى عمر بن الخطَّاب، فدعاه عمر، وأحد الشُّعراء صاغ هذا الحوار شِعرًا، وقال:
أصَحيحٌ ما ادَّعى هذا الفزاريّ الجريح، فال جبلة: لسْتُ مِمَّن يكتُم شيئًا
 أنا أدَّبتُ الفتى أدْركتُ الحقّ بيدَيّ قال: أرْضِ الفتى لا بدّ من إرضائِه ما زال ظِفركَ عالقًا بِدِمائِه ، أو يهشمنّ الآن أنفك، وتنال ما فعلتْهُ كفُّك، فقال: كيف ذاك يا أمير المؤمنين ؟ هو سوقةٌ !! وأنا عرشٌ وتاج !! كيف ترضى أن يخِرَّ النَّجم أرضًا ؟! قال له نزَوَاتُ الجاهليَّة ورياح العنجهيَّة قد دفنَّاها، أقمنا فوقها صرْحًا جديدًا، وتساوى الناس لدينا أحرارًا وعبيدًا، فقال جبلة: كان وهْمًا ما جرى في خلدي أنَّني عندك أقوى وأعزّ، أنا مرتدّ إذا أكْرهتني ! فقال عمر: عنق المرتدّ بالسَّيف تُحزّ عالم نبْنيه، كلّ صَدعٍ فيه، بِشَبَى السَّيفِ يُداوى، وأعزُّ الناس بالعبد بالصُّعلوك تساوى !
 والله أيها الإخوة، لا نتقدَّم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا إذا اتَّخَذنا هذه الآية مِقياسًا لنا، قال تعالى: إنا أكرمكم عند الله أتقاكم.." ويجب أن تبني مَجدك على طاعة الله، ولا على نسبٍ، ولا على حسبٍ، ولا على عِرقٍ، ولا على قبيلة، ولا على شَعبٍ، ولا على مال، ولا على وسامةٍ، ولا على ذكاءٍ، ولا على منْصِبٍ، قال تعالى:

 

﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾

 

[سورة الحجرات]

 يُروى أنّ أحد الصحابة غلِط، وخاطَب أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلَّم وكان أسود اللَّون فقال له: يا ابن السَّوداء ! سيِّدنا بلال لمَّا قَدِم المدينة خرج عمر بن الخطَّاب لاستقباله، وسيّدنا الصِّديق وضَعَ يدَهُ تحت إبْطِهِ وقال: هذا أخي حقًّا ! هذا هو الإسلام، فما دُمتَ تشعر أنّ كلّ البشر عند الله سواء، وأنَّهم يتفاضلون فقط بِطَاعتِه له تعالى، ومن هنا قال عليه الصلاة والسلام:

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ * ))

 

[ رواه مسلم ]

 إيَّاك أن تزْدري مسلمًا، ويقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَسْبُ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ * ))

 

[ رواه ابن ماجه ]

 أكبر إثْم فقد تَحتقرُهُ لِفَقرهِ أو لِدمامته، أو لِضَعف شأنه الاجتماعي، هذا الذي يُفكِّر هذا التَّفكير هو إنسانٌ عُنصري، الإسلام يتناقض مع العنصريَّة، فمَّا أن تكون مسلمًا، وشِعارك:

 

﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾

 

 

[سورة الحجرات]

 وإما أن تكون عُنْصريًّا، وتتعصَّب لِقَبيلتك، وعشيرتك، ولحِرفَتِك، أو لمالك، أو حسبِك.
الإسلام يُلغي الفوارق الطَّبقيَّة، ويلغي الفوارق العِرْقيَّة، ولا يُبقي إلا مِقياسًا واحِدًا، قال تعالى:

 

 

﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾

 

 

[سورة الحجرات]

 الْتَقيتُ بإنسان كان في الحجّ فهنَّأتُهُ على هذه الفريضة، فقال لي كلمة أعْجبتني: ليس في الأرض من هو أسْعَدُ منِّي ! إلا أن يكون أتقى مِنِّي، فإنَّ الله تعالى يقول :

 

﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾

 

 

[سورة الحجرات]

 فالانتساب إلى الأُسر، والتبختر بالمال فأبو لهب وهو عمّ النبي والله تعالى قال فيه:

 

﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ(1)﴾

 

[سورة المسد]

 وسلمان مِنَّا نحن آل البيت ! هكذا كان عليه الصلاة والسلام، وكان يضعُ على فخِذِه الأيمن حِبَّه أسامة بن زَيد، ويضَعُ على الفخذ الآخر سيّدنا الحسن فيَضُمُّهما، ويشمُّهما، ويقول: اللَّهمّ إنِّي أُحِبُّهما فأحِبَّهما ! لا توجد الفوارق، ونحن لا نتقدَّم إلا بهذه الطريقة، قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾

 

[سورة الحجرات]

 عليم بكم خبير بِنَواياكم وأفعالكم.
 ملخَّص الدرس، إيَّاك أن تحتقر إنسانًا، وعليك أن تتأدب مع الله، فقد يكون هذا الذي احتقرْتَهُ أقربَ منك إلى الله، فلو أنّ عالمًا له آذِن، ومرَّت امرأةٌ فغضَّ الآذِن بصرهُ، وملأ ذاك العالم بصره منها، من هو العالم ؟ عند الله تعالى الآذن هو العالم، فالأصل خشيَة الله تعالى، والعاصي هو الجاهل، ولو كان معه دكتوراه على التعبير العصري ! قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾

 

[سورة الحجرات]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور