وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 02 - سورة الشعراء - تفسير الآيات 69-83-213-219 ، قصة سيدنا إبراهيم.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة الكرام، القِصَّة الثانيَة من سورة الشعراء، وهي قِصَّة سيِّدنا إبراهيم عليه السلام، قال تعالى:

﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74)﴾

[سورة الشعراء]

 أوَّلا ينبغي أن يكون الذي تَعْبُدُهُ أن يسْمَعَك إذا سأَلْتَهُ، وينبغي أن يُحِبَّك، وأن يكون قَوِيًّا ينْفَعُكَ، فهذه الأصْنام لا تَسْمَعُ إذا دَعَوْتُموها، ولا تنفَعُ ولا تضرّ، والشيء الآخر هو التَّقليد الأعمى، قال تعالى:

 

﴿قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77)﴾

 

[سورة الشعراء]

 فَمَن الذي ينبغي أن تعْبُدَهُ ؟ إذا كنتَ في الصَّحْراء وقلتَ له: يا رب يسْمَعُكَ، وإذا كنتَ على ظَهْر سفينة والمَوْج على أشَدِّهِ وقلتَ: يا رب يسْمَعُكَ، وكذا إن كنتَ في غوَّاصَة، وقلتَ: يا رب، يسْمَعُكَ، وكذا في الطائرة، فالذي ينبغي أن تعْبُدَهُ، وأن تُقَدِّم حياتَكَ مِن أجْلِهِ هو الله عز وجل، فلا يليق بالإنسان أن يكون لِغَيْر الله، وهذا الذي ينبغي أن تَعْبُدَهُ يجب أن يكون مَوْجودًا، وأن يكون كامِلاً، وأن يكون واحِدا وأن يسْمَع ويُبْصِر ويَعْلَم فإذا تكلَّمْت يسْمَع وإذا تَحَرَّكْتَ يُبْصِر، وإذا سَكَت يعْلَم خواطِرَك، سميع إذا دَعَوْتَهُ وبصير إذا تحرَّكْت وعليم إذا سكت والآية الكريمة:

 

﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) ﴾

 

[سورة الشعراء]

 فهذه أوَّل صِفَة.
 الصِّفَة الثانِيَة: ينبغي أن يكون رحيمًا وَدُودًا كي يعْطف عليك وينبغي أن يكون قديرًا، وتتعلَّق قُدْرَتُهُ بِكُلّ مُمْكِن، مِن أجل أن تَدْعُوَهُ وتلجأ إليه، قال تعالى:

 

﴿قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ(78)﴾

 

[سورة الشعراء]

 قال تعالى:

 

﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى(49)قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى(50)﴾

 

[ سورة طه ]

 هدى إلى ماذا ؟ أربعُ هِدايَات ؛ هِدايَةٌ إلى مصَالِحِك ؛ أعْطاك سَمْعا وبصَرا، وقُوَّة توازُنا وحاسَّة شمّ، فإذا كان الطعام فاسِدًا عافَتْهُ وعَقلا وحواسا خَمْسا وجهاز المناعة والهَضم والإفراز، وأجْهِزَة دقيقة جدًا فهذه هِدايَة المصالِح، ثمّ هداك بالوَحي فإذا اخْتَرْتَهُ هداك بالتَّوفيق قال تعالى:

 

﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى(13)﴾

 

[ سورة الكهف ]

 ثمَّ هداك إلى الجنَّة، قال تعالى:

 

﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79)﴾

 

[سورة الشعراء]

 المطر أنزلَهُ، والنبات أخْرَجَهُ والثِّمار عَقَدَها، والمحاصيل أنْضَجَها وكل أنواع النبات بدْء من المحاصيل إلى الخضار والفواكه والثِّمار والوُرود ؛ كلّ هذه مِن خلْقِهِ، قال تعالى:

 

﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) ﴾

 

[سورة الشعراء]

 وهنا الدِّقة، فهو ما قال: وإذا أمْرَضَني لأنَّ أصْل المرض خُروج الإنسان عن منهج الله، هناك نقطة مهمَّة وهي مهما كان ثمن السيارة غاليا فلا يمكن أن يصْنع الإنسان سيارة تدوم إلى آخر عمرها دون تَغْيير قِطعٍ فيها، أرْقى أنواع السيارات بعد عشرين سنة تحتاج إلى كذا وكذا، أما الإنسان المُصَمَّم يعيش ثمانين سنة دون أيّ تَغْيير، يَحوي تَجْديدًا ذاتيا، أسْرَع خلايا في التَّجْديد خلايا الأمْعاء الدَّقيقة ؛ تتجدَّد ذاتِيًّا كلّ ثماني وأربعين ساعة، وهذه حقيقة علميَّة، و أطول عُمْر خلِيَّة خمْس سنوات، معنى ذلك أنت كلّ خمْس سنوات إنسان جديد ؛ إلا الدِّماغ فإذا تغيَّر فهذه مُصيبة المصائِب يدْرس خمْس سنوات طبّ فإذا تغيَّر دِماغه نسى كلّ شيء، يقول لك حينها: أنا دَرَسْتُ الطب والهندسة وكذا...أما الآن فلا أفْقَهُ شيئًا !! وكذا الخليَّة العَصَبِيَّة لا تتغيَّر، والقلب كذلك، فكُلّ شيء يتغيَّر في الإنسان إلا القلب والدِّماغ فلا يتغيَّران، فالله تعالى صمَّمَ الإنسان تَصْميمًا دقيقًا.تَلَوُّث الهواء والأطْعِمَة الكيماوِيَّة، تجد شرابات كلَّها كيماوِيَّة، ولا شيء فيها طبيعي ! فهذا خطأ، فالأشياء التي تُخزَّن في الفْرِيزَرْ تُسبِّب أمراضا وبنزوات الصوديوم مَسموح اثنان بالألف وأصحاب المعامل حتى لا ترجع لهم المُعلَّبات وكي لا تفسد يضَعون خمْسة بالألف، وهذه مواد مُسرْطِنَة، أحد الأطِبَّاء قال: مرض السرطان متضاعف عشرين ضِعف بالنِّسبة للسنوات السابقة، هناك خطأ بِحَياتِنا، وخطأ بِأكْلِنا وفي الهواء الذي نسْتنشِقه، والماء الذي نَشْرَبُهُ ؛ فالمِياه السوداء التي بالغوطة الشرقِيَّة جعلتْ كلّ الخُضْراوات والفواكِه فاسِدَة ! فالمِياه السَّوْداء تَدخل في تَرْكيب النِّبات، فهذا خطأ عَصْري وليس فرْديا أصْبِغَة كيماوِيَّة، وقلل على الدَّخْل والتِّجارة لذا أصل المرض خُروج عن منهج الله، يُغَيِّرون منهج الله في الحياة، اللَّحم مَصْعوق كهْربائي .
 عُقِدَ مؤتَمر على السَّرطان بألمانيا قبل عشْر سنوات، والذي ناب عن بلدنا دكتور مَشْهور بالسَّرطان قال فيها: البلاستيك إذا اسْتَعْملْتَهُ بالسائل الحار أو الحامِضي يأخذ منه، فالمواد الحامِضِيَّة والحارَّة ممنوع اسْتِعمالها بالبلاستيك، فهذا أحد الأخطاء، لذلك الآن هناك مقاييس ومُواصفات، يأخُذون أيّ عَيِّنَة وخلاف المواصفات مُصادَرة لأنَّ تُجار الطعام لا يَعْنيهم شيْئًا، وفي بعض معامل اللُّحوم الجاهِزَة وَجَدوا لَحم قِطَط ! لذلك الإنسان كما عليه أن يعرِف ما يتكلَّم لا بدّ أن يعرِف ماذا يأكل، دَعْك من الكيماوِيَّات، وتناوَل المواد الطَّبيعِيَّة، والطازج أفضل، وهذا هو معنى:

 

﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) ﴾

 

[سورة الشعراء]

 والصِّحة نصف مال الإنسان، فالعِنايَة بالصِّحة جزء من الدِّين، النبي عليه الصلاة والسلام قال عن حبة البركة أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ:

 

(( شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالسَّامُ الْمَوْتُ وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ الشُّونِيزُ ))

 

[ رواه البخاري ]

 عُقِد مؤتَمر بِمِصْر لِيَدرس الحبَّة السوداء وكانت النتيجة أنَّ الحبة السوداء تُقَوِّي جِهاز المناعة في الإنسان، فيَشْفى من كُل مرض، والله عز وجل قال عن العَسَل فيه شِفاء للناس، وأحيانًا دواء كيماوي ثمنه ثمان مائة ليرة، والحبَّة ألف ليرة، فأنت اِرْجَع إلى الكتاب والسنَّة، وطَبِّق نصائِح النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو الذي يَحتاجُهُ الإنسان في حياتِهِ، قال تعالى:

 

﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83)﴾

 

[سورة الشعراء]

 أي اُرْزقني الحِكمة، قال تعالى:

 

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ(269)﴾

 

[ سورة البقرة ]

 فأعظم شيء على الإطلاق يُؤتيكهُ الله أن تَكون حكيمًا، حكيما في طعامك وشرابك وزواجِك، وتَزويج أولادك وبناتِك، وحكيما في علاقاتِك مع الآخرين، وحكيما في نزهاتِك وسفرك.

 

تحميل النص

إخفاء الصور