وضع داكن
24-04-2024
Logo
الدرس : 06 - سورة المؤمنون - تفسير الآيات 44 - 55 البشَر أمَّة واحِدَة ولهم خصائِص واحدَة، ولهم فِطَر واحدَة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيُّها الأخوة الكرام، الآية الرابعة والأربعون من سورة المؤمنون وهي قوله تعالى:

﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)﴾

[ سورة المؤمنون ]

 تتْرى أيْ تتابَع نحن جميعًا بعد حينٍ نغْدو أخْبارًا، إما على الجُدْران وإما في الصُّحف وإما في المآذِن، فالإنسان قبل أن يكون حديثًا عليه أن يعْمَل أرْوَعُ كلمةٍ قرأتُها لِسَيِّدنا عمر ابن عبد العزيز: إنَّ الليل والنَّهار يعْملان فيك فاعْمَل فيهما ! اُنْظر إلى سورة لك في العاشِرة مِن عُمُرك، وانْظُر إلى سورةٍ لك في الخمْسين، وضَعْهُما إلى جانب بعضِها بعْضًا، ترى البَون شاسِعًا، وكأنَّ هذا غير هذا !! إنَّ الليل والنَّهار يعْملان فيك فاعْمَل فيهما! فأنت في خسارةٍ مُحَقَّقة، لأنَّ الزَّمَن يسْتَهلكُ الإنسان، شيئًا فشيئًا، أما إذا عَمِلْتَ في هذا الزَّمَن الذي سينْقضي الأعمال الصالِحَة تلافَيْتَ الخَسارة نحن جميعًا في خسارةٍ مُحَقَّقة، إنَّها مُضِيُّ الزَّمَن الذي يسْتَهْلِكُ الإنسان والإنسان بِضْعة أيَّام كُلَّما انْقضى يومٌ انْقضى بِضْعٌ منه !
 زُرْتُ القلْعة في القاهرة، وقد تحدَّث الدليل عن تارِيخ إبراهيم باشا، وعن تاريخ المماليك، وكيف قُتِلوا هنا، أين هم الآن ؟! تحت أطباق الثرى، ونحن سوف نكون تحججت أطباق الثَّرى، وسوف يكون لنا أخْبار فإمَّا أن تكون أخبارا طيِّبَة نرقى بها عند الله، وإما أخْبارًا سيِّئة يلْعننا الناس والملائكة، فالقضِيَّة أنَّن سَنَكون خبرًا، قال تعالى:

 

﴿فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

 الدنيا ساعة اِجْعلها طاعة والنَّفسُ طمَّاعة عوِّدْها القناعة قال تعالى:

 

﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ (46)﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

 أيها الأخوة، الإنسان قد يعْصي الله حينما تغْلبُهُ شَهوْتُهُ، وقد يعْصي الله كِبْرًا وعِنادًا واسْتِكْبارًا، فشتَّان بين المَعْصِيَتَين، المعصِيَة التي يفْعَلُهُا العاصي لأنّ نفْسَهُ قد غلبَتْهُ، والمعْصِيَة التي ارتُكِبَت اسْتِكبارًا، فالله تعالى قال:

 

﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ (46)﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

 فاللَّبَن يتحمَّل الماء باللترات، ولا يتحمَّل نقطة نفْطٍ واحِدَة ! لذلك العُبودِيَّة لله تعالى لا تتحمَّل ولو ذرَّة كِبْرٍ ولا يدخل الجنَّة،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

(( الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ ))

 

[رواه مسلم]

 لذلك أيُّها الأخوة، وأنت في أعلى درجات إيمانِكَ أنت عبْدٌ لله، كلَّما خَضَعْتَ لله تعالى رفَعَك الله، وهل تعتَقِد أنَّ في الأرض كلِّها منذ أن خلق الله آدم وإلى يوم القيامة إنسانًا رفع الله شأنَهُ كَرَسُول الله صلى الله عليه وسلَّم ؟ لو ذَهَبتَ إلى مقام رسول الله لرأيْتَ الملايين واقِفَةً تبْكي فالله تعالى قال:

 

﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ(4)﴾

 

[ سورة الشرح ]

 فكلَّما خضَعْتَ لله رفَعَ الله ذِكْرَك، لذا المؤمن بينه وبين الله في أشَدِّ حالات التَّذلُّل يُمَرِّغُ جبْهَتَهُ في أعتاب الله، ولكنَّه في أشَدِّ حالات الإيذاء مع أهل الدنيا، عزيز على أهل الدنيا، وفيما بينه وبين الله تعالى ذليل هذا هو المَوْقف الكامل، بينما البعض الآخر إذا دَعَوْتَهُ إلى صلاة أو إلى ذِكْر أو مجلسِ عِلم أبى واسْتَكْبر، وقال: هذه خرافاتٍ لا أومِنُ بها !! فإذا رأيْتَهُ أمام من هو أقْوى منه تَجِدُهُ كالطِّفْل، وكالحيوان الأليف يتمسَّحُ به !!! أما المؤمن فيتذَلَّلُ لله، ويتأبَّى على خَلْق الله، والتَّكبُّر على المُتَكَبِّر صَدَقة، ويقول الإمام الشافعي رحمه الله: ما تكبَّر عليَّ مُتَكَبِّرٌ مرَّتَين !! لا أسْمَحُ له المرَّة الثانيَة، وقد مشى أحدُ الصَّحابة مِشْيةً مُتَبَخْتِرَة قُبَيل أحد المعارِكَ فقال عليه الصلاة والسلام:

((إنّ الله يكْرهُ هذه المِشْيَة إلا في هذا الموطن !))

 قال تعالى:

 

﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ(39)﴾

 

[ سورة الشورى ]

 فأنا أدْعوكم إلى التَّذلل لا إلى عِباد الله، بل إلى الله، وأدْعوكم إلى أن تكونوا في أعلى درجات العِزَّة مع عِباد الله، فَشَرَفُ المؤمن قِيامُهُ بالليل وعِزُّهُ اسْتِغْناؤُهُ عن الناس، قال تعالى:

 

﴿فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

 الأخبار الصحيحة والصادِقة تُخْبر أنَّه لا بدّ مِن أن يظْهر سيِّدُنا عيسى عليه الصلاة والسلام يأتي أخي عيسى ابن مريَم فَيَملأُ الأرض عدْلاً وقِسْطًا، بعد أن مُلئَت جَوْرًا وظُلْمًا، قال تعالى:

 

﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

 وأكثر المُفَسِّرين على أنَّه سيَظْهر في دِمَشْق هذه البلْدَة، قال تعالى:

 

﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ(61)﴾

 

[ سورة الزخرف ]

 وقال تعالى:

 

﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا(159)﴾

 

[ سورة النساء ]

 وقال تعالى:

 

﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(55)﴾

 

[ سورة آل عمران ]

 وهناك آيات كثيرة وأحاديث تُنبؤ بِمَجيء عيسى عليه وعلى نبِيِّنا أفضَلُ الصلاة والسلام.
 قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

 كلّ هؤلاء البشَر أمَّة واحِدَة ولهم خصائِص واحدَة، ولهم فِطَر واحدَة، وأما التَّقْسيمات فَهِيَ مِن صُنْع الإنسان، وهي باطلة ما أنزل الله بِها مِن سُلطان، الإغراق قالوا: هناك النُّبَلاء، وهناك العَبيد، وهناك القُوَّاد ‍! فالله تعالى قال:

 

﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

كلّ يدَّعي وصْلاً بِلَيلى  وليلى لا تُقِرّ لهم بِذاك
***

 فالبُطولة لا أن تفْرح بِما عندك، ولكن أن تُطابِقَ ما عندك بِما عند الله فإن تطابقا فافْرَح، فَكُلّ إنسان يدَّعي نَظَرِيَّة، ومبدأً، ويأتي بأدِلَّة واهِيَة وبِبِناءٍ لا أصْل له، وينْحازُ انحيازا مُعَيَّنًا، ويفرح فرحًا مُعَيَّنًا، ويؤمن بشيءٍ مُعَيَّن، ولكن ما قيمة هذا الشيء إذا كان مُخالفًا لِمَنْهج الله تعالى لذلك البُطولة لا أن تأتي بمبدأ جديد بل أن تجْعل مِن مبدئِكَ مُطابِقًا لِكِتاب الله، وسنَّة رسوله، والحقّ واحِد، قال تعالى:

 

﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(153)﴾

 

[ سورة الأنعام ]

 فالباطِل يتعدَّد، والحق واحِد لا يتعدَّد، والباطل كالخُطوط المُنْحَنِيَة والمُنْكسرة، لذلك جاء الصِّراط المستقيم مُفْردًا، وجاء الانْحِرافُ جمْعًا، قال تعالى:

 

﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(153)﴾

 

[ سورة الأنعام ]

 وقال تعالى:

 

﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(257)﴾

 

[ سورة البقرة ]

 النور مُفْرَد، والظلمات جَمْع، فَكُلّ معْصِيَة ظُلمة، وكلّ مبدأ وَضْعي ظُلمَة، وكل باطِل ظلمة، أما النور فَوَاحِدٌ.
 قال تعالى:

 

﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

 عندنا نقطتان: الأولى كلُّ حِزْبٍ بما لديهم فرِحون، والثانِيَة: وتحسبهم جميعًا وقلوبهم شتَّى ! فهذه الأمَم وهذه الشُّعوب وهذه المِلل لا يُمْكن أن تُوَحَّد إلا بالدِّين الإسلامي، قال تعالى:

﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(63)﴾

[ سورة الأنفال ]

 شيءٌ عقَدَهُ الله بين رَجُلين هيَ المحبّة والأُلْفة، فهل تستطيع جِهةٌ على وَجه الأرض أن تنقض هذا الحبّ؟! مُستحيل، فالحب بين المؤمنين حقيقة والمُجامَلة والمُداهنة بين الكُفَّار غير حقيقة، أما الله عز وجل قال:

 

﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(103)﴾

 

[ سورة آل عمران ]

 فالحَبل واحِد، والشيء العجيب أنَّك تَجِد الواحِد بالشام والآخر بإفريقيا والثالث، بِجَنوب إفريقيا، قِيَمٌ واحِدَة، والقرآن واحِد والنبي واحِد والأساليب، بينما لو دَخَلتَ أُسْرةً وكان لِكُلّ واحِدٍ منهم انْحِرافًا لرأيتَ تشتُّتًا عجيبًا، وعداوَةً، وتباعُدًا ما لا سبيل إلى وَصْفِهِ ! فالدِّين يُشَكِّل نِقاطًا مُوَحَّدَة، وجُلوسُكَ مع المؤمن فيه مُتْعة، وقد تجلس مع غير المؤمن فتجد الخِلافات الكثيرة، لذا الإسلام يتَغَلْغَل إلى أعماق النَّفس فالمؤمن صابِر وعفيف وصادِق، يرْجو الله والدار الآخرة، ويؤثر ما عنده، لذا المؤمنين مُتَّحِدين ومُتَفاهِمين، ومُتعاوِنين، وتجِدُ أهل الدنيا مُتباغِضين، ومُتحاسِدين، ومُتنافِسين ؛ لماذا ؟ الحق يجْمع والباطل يُفَرِّق قال تعالى:

 

﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ(14)﴾

 

[ سورة الحشر ]

 أما الؤمنين قال تعالى:

 

﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(103)﴾

 

[ سورة آل عمران ]

 فإذا أردْتَ وحدةً متينةً لا تنفصِم،ووحْدة قُلوبٍ، ووحْدة هدفٍ ووحْدة مبادئ، فعليك بأهل الإيمان، لذلك الآية الكريمة:

 

﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

 وقال تعالى:

 

﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55)﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

 هذا اسْمُه الاسْتِدراج وإذا رأيْتَ الله تعالى يُمِدُّك بالمال والصِّحة والقوَّة والجاه وأنت تعْصيه فاحْذر فإنَّ هذا اسْتِدراج وليس إكرامًا.

 

تحميل النص

إخفاء الصور