وضع داكن
24-04-2024
Logo
مكارم الأخلاق - الدرس : 03 - الورع
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

تعريف الورع و أنواعه :

 أيها الأخوة ؛ موضوع الدرس اليوم : " الورع " فقد قيل في الورع : ترك ما يريبك ، ونفي ما يعيبك ، والأخذ بالأوثق ، وحمل النفس على الأشق .
 وقيل : النظر في المطعم واللباس وترك ما به بأس .
 وقيل : تجنب الشبهات ومراقبة الخطرات .
 والورع أيها الأخوة ؛ اجتناب عن الشبهات إما فعلاً أو تركاً ، فقد تفعل شيئاً من الورع، وقد تدع شيئاً من الورع ، لكن بعض العلماء يرى أن كمال الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين ، وشر الشرين ، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح ، فقد قال بعض العلماء : الشريعة مصلحة كلها ، رحمة كلها ، حكمة كلها ، عدل كلها ، فأية قضية خرجت من المصلحة إلى المفسدة ، ومن العدل إلى الجور ، ومن الحكمة إلى خلافها فليست من الشريعة ، ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل ، لكن الورع ليس في الواجبات ، وليس في الفرائض ، ولكن في المحرمات والمكروهات ، هناك ورع واجب ، وهو الإحجام عن المحرمات ، وهذا فرض ، وهناك ورع مندوب ؛ ترك الشبهات ، وهناك ورع من الفضائل ؛ هو الكف عن المباحات ، والاقتصار على أقل الضرورات ، وذلك للنبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
 ورع فرض ، وورع واجب ، وورع فضل ، فالفرض ترك المحرمات ، والواجب ترك الشبهات ، والفضيلة أن تدع المباحات احتياطاً .
 الورع أيها الأخوة ؛ متعلق أحياناً بالأعضاء ، فهناك ورع في النظر ، وورع في السمع، وورع في الشم ، وورع في اللسان ، وورع في اليد ، وورع في البطن ، وورع في الفرج ، وورع في السعي ، وورع في الشراء والبيع ، وقد قيل : " ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط " .
هذه تعريفات .

أمثلة الورع التي رواها النبي عليه الصلاة والسلام :

 لكن النصوص الشرعية وعلى رأسها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة يقول عليه الصلاة والسلام :

((فضل العلم خير من فضل العبادة))

[الطبراني في الأوسط والبزار عن حذيفة بن اليمان ]

 أي إذا كنت متفوقاً في العلم أفضل ألف مرة من أن يكون العلم قليلاً والعبادة كثيرة ، فضل العلم خير من فضل العبادة ، لأن العابد ينتفع لنفسه ، لكن العالم ينفع غيره ، العالم أمة ، أما العابد فهو واحد ، مع أن العبادة شيء ثمين جداً ، لكن لو وازنا العبادة مع العلم لكان العلم أفضل ، لكن لو وازنا العبادة مع المعصية ، العبادة قمة ، العبادة شيء ثمين جداً ، لكن لو وازنها مع العلم لكان العلم أفضل ، أما لو وازنها مع التفلت لكانت العبادة قمة الفلاح والنجاح ، يقول عليه الصلاة والسلام :

((فضل العلم خير من فضل العبادة ، وخير دينكم الورع))

 فأعلى درجة في الدين أن تكون ورعاً .
 عن واصبة بن معبد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :

((جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أسأله عن البر والإثم ، فقال عليه الصلاة والسلام : جئت تسأل عن البر والإثم ، فقلت : والذي بعثك بالحق ما جئت أسألك عن غيره ، فقال : البر ما انشرح له الصدر والإثم ما حاك في صدرك وإن أفتاك الناس وأفتوك))

[أحمد في مسنده]

 كأن الله سبحانه وتعالى فطر الإنسان فطرة سليمة ، هذه الفطرة تكشف له خطئه ، فقد تنقبض نفسه من فعل معه فيه فتوى .
 ويقول عليه الصلاة والسلام :

((أيها الناس : اتقوا الله وأجملوا في الطلب ؛ فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها ، وإن أبطأ عنها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، خذوا ما حل ، ودعوا ما حرم))

[ ابن ماجة عن جابر ]

 هذا من الورع ، من أمثلة الورع التي رواها النبي عليه الصلاة والسلام قال : اشترى رجل من رجل عقاراً له ، فوجد الرجل الذي اشترى العقار جرة فيها ذهب ، فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك مني ، إنما اشتريت منك الأرض ، ولم أبتع منك الذهب ، من يفعل هذا الآن؟ قال : أنا اشتريت أرضاً ولم أشترِ منك ذهباً ، فقال الذي باع الأرض : إنما بعتك الأرض وما فيها ، فتحاكما إلى رجل فقال الذي تحاكما إليه : ألكما ولد ؟ قال أحدهما : لي غلام ، وقال الآخر : لي جارية ، قال : أنكحوا الغلام الجارية ، وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا .
 كما سمعت بُنِيَ على هذا الحديث فيلم كرتون ، للصغار ولقد لاق نجاحاً كبيراً جداً ، لو أن ما نعطيه للصغار مقتبساً من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام لوجدت جيلاً غير هذا الجيل ، لكن حتى الذي يعطى للصغار يعطى فيه الفسق والفجور والإباحية والإلحاد ، ونحن في أمسّ الحاجة اليوم إلى مادة تقدم للصغار مقتبسة من دين هذه الأمة ، بينما الذي يقدم للصغار مقتبس من قيم ومبادئ بعيد كل البعد عن تراث هذه الأمة .

أحاديث تطمئن الورعين :

 الآن يقول عليه الصلاة والسلام يطمئن الورعين :

((إنك لن تدع شيئاً- لن لتأبيد النفي - اتقاء لله عز وجل إلا أعطاك الله خيراً من))

[ أحمد عن قتادة وأبي الدهماء عن رجل من البادية ]

 وأنا أذكر دائماً أنه ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه .

((إنك لن تدع شيئاً اتقاء لله عز وجل إلا أعطاك الله خيراً منه))

 ويقول عليه الصلاة والسلام :

((أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة ، وصدق حديث ، وحسن خليقة ، وعفة في طعمة))

[ أحمد والطبراني وعن عبد الله بن عمرو وإسنادهما حسن ]

 العفة من الورع ، ويقول عليه الصلاة والسلام :

((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين))

[ رواه مسلم عن أبي هريرة ]

 هناك مقولة شائعة بين الناس : كلما طلبت من إنسان أن يكون مستقيماً ، قال لك : أنا لست نبياً ، ومن قال لك إنك نبي ؟ لكنك مؤمن ، وأنت مأمور أن تفعل ما يفعله الأنبياء ، إذا أمرنا الممرض أن يعقم الإبرة هل صار طبيباً جراحاً ؟! لكن تعقيم الإبرة مكلف به أعلى طبيب في الأرض ، وأقل ممرض في الأرض ، وليس المعنى إذا طالبنا أن يعقم هذه الحاجة ارتقى إلى مستوى طبيب جراح ، لا ، يبقى ممرضاً ، فإذا كلفك الله عز وجل أن تستقيم ما معنى أنك نبي ، لست نبيًا ، ولا واحدًا بالمليار ، من الآخر أنت مؤمن ، لكنك مكلف أن تطيع الله عز وجل .
 للتقريب : لو أن أعظم إنسان في الأرض عنده مستودع للوقود السائل ، هل يمكن أن يكون هذا المستودع غير محكم ؟ مستحيل ، وأفقر إنسان على وجه الأرض عنده مستودع للوقود السائل هل يقبل أن يكون هذا المستودع غير محكم ؟ الإحكام قضية حدية لكل الناس ، أما البذل والعطاء فبحسب الوسع ، وبحسب الإخلاص والإيمان ، العطاء نسبي أما الاستقامة فحدية .

الفطرة تُعرف الإنسان بخطئه :

 أيها الأخوة ؛ وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، ويقول عليه الصلاة والسلام :

((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإن الصدق طمأنينة ، وإن الكذب ريبة))

[أحمد في مسنده والترمذي وابن حبان في صحيحه عن الحسن]

 إذا تناول واحد منكم طعام الإفطار ، اشترى طعاماً بماله الحلال ، والزوجة طبخت هذا الطعام ، وجلس هو وأولاده على هذه المائدة التي اشتراها من ماله الحلال وأكل ، ممكن تجد إنساناً في الأرض يأتي لشيخ ويسأله : أنا هل فعلت شيئاً ؟ بالفطرة ما فعلت شيئاً ، لكن لا تسأل عن قضية إلا وأنت شاك فيها ، لمجرد أنك تسأل ففي النفس قلق ، يا ترى أنا على حق ؟ على باطل ؟ على صواب ؟ على خطأ ؟ فأنت مجبول جبلة راقية جداً حيث إنك إذا أخطأت نفسك تنبئك أنك أخطأت ، من دون إنسان آخر .

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾

[ سورة الشمس: 7-8]

 هذه الجبلة العالية ، هذه الفطرة ، الفطرة تكشف خطأك بنفسك ، بل إن هذه الفطرة مركبة في الحيوان ، والدليل القطة إن خطفت قطعة لحمة تأكلها بعيدة عنك ، لأنها تعلم أنها أخطأت ، أما إذا أطعمتها قطعة لحم فتأكلها أمامك ، ولا تهرب بها ، هذه بفطرتها أيضاً ، فأنت مجهز بطريقة عجيبة أنك تعرف خطأك بنفسك ، والنبي عليه الصلاة والسلام حينما سئل عن البر قال :

((البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في صدرك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس))

 يقدِر بائع الحليب أن يضيف الماء إلى الحليب أمام الشاري ؟ مستحيل ، لأنه يضيفه خفية عنه فالعمل غير صحيح ، الحق تفعله تحت ضوء الشمس ، الحق تلقيه في الإذاعة ، الحق لا يستحى به ، ولا يخشى البحث ، ولا يحتاج أن تكذب له ، ولا أن تكذب عليه ، ولا أن تبالغ به، ولا أن تقلل من خصومه ، الحق هو الله ، فالشيء الحق تقوله بملء صوتك وعلى مسمع الناس ومرآهم ، وتحت ضوء الشمس ، والباطل يحتاج إلى أقبية ، إلى أمكنة مظلمة ، يحتاج إلى مواربة ، يحتاج إلى همس ، أما الحق فتنطق به جلياً واضحاً .

طلب الحلال من الورع :

 أيها الأخوة ؛ من الورع طلب الحلال ، وطلب الحلال من الدين ، وطلب الحلال فريضة بعد الفريضة ، ملايين الطرق لكسب المال أكثرها محرمة ، ولحكمة بالغة بالغة بالغة جعل الله كسب المال الحلال صعباً ، وجعل كسب المال الحلال سهلاً ، الآن أربح تجارة على وجه الأرض المخدرات ، أحياناً الربح من بلد الزراعة إلى بلد الاستهلاك ألف ضعف ، الكيلو ألف بمكان زراعته ، ومليون بمكان استهلاكه ، ألف ضعف ، فقضية كسب المال الحرام قضية سهلة جداً .
 الآن امرأة تعمل ثماني ساعات تأخذ ما تأخذه العاهرة في دقائق ، فالحلال شاءت حكمة الله أن يكون صعباً امتحاناً للبشر ، تصور لو أن الحلال سهل والحرام صعب لأقبل الكفار على الحلال ، لم بعد هناك جنة ، التغت الجنة ، لكن الله جعل الحلال صعباً ، والحرام سهلاً ، غض بصرك تأخذ خمسة ملايين ، إذا كنت بمكان حساس ، غضضت بصرك فقط ، مستودع تجاهلنه هذه خمسة ملايين ، لأنه يوجد بضاعة بخمسمئة مليون ، إذا عملت مشكلة تبيعه كل شيء يملكه ، لكن إذا غضضت البصر تأخذ خمسة ملايين ، فطلب الحلال واجب على كل مسلم ، يقول عليه الصلاة والسلام :

((اتق المحارم تكن أعبد الناس))

[ أحمد في مسنده والترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة ]

 أي قيام ليل ، وصيام الاثنين والخميس ، وصلاة الضحى ، والأوابين ، والقيام ، والتلاوة ، والحفظ ، ومن لم يقرأ خمساً ينس ، لو أنك ورع وتترك المال الحرام تكون أفضل العابدين ، لذلك قال بعض العلماء : "ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام" .
 دانق من حرام ، لأنك إذا كسبت المال الحرام هذا المال الحرام حجاب بينك وبين الله .

((اتق المحارم تكن أعبد الناس ، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس))

 هذه زوجتك ، دائماً ناقم على سوء اختياره لهذه الزوجة ، هذه زوجتك الله أكرمك بها.

((وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ، وأحسن إلى جارك تكن مؤمناً ، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلماً ، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب))

أفعال النبي في الورع :

 لكن الورع الذي يرتقي إلى مستوى الواجب ، لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس ، هذا من أقوال النبي ، فما عن أفعاله في الورع ؟
 للنبي عليه الصلاة والسلام سيرة ، وأحاديث ، سنة قولية ، وسنة عملية ، وسنة إقرارية، فمن سنته العملية عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الحسن بن علي رضي الله عنهما أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه ، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام :

((كخ كخ أما تعرف أنّا لا نأكل تمر الصدقة))

 يعلم طفلاً صغيراً ، هذا التمر من تمر الصدقة ، أما مثل الجبانة لا يرد ميتًا ، كل شيء يأخذه ، هكذا الناس الآن ، ويعد نفسه شاطراً ، والمشكلة أيها الأخوة أن القيم تبدلت ، فالذي يأكل مالاً حرام يعد عند الناس ذكياً شاطرًا ، يقول لك : دبر أموره ، والفتاة المتفلة اسمها (سبور) ، والإنسان الذي يأكل المال الحرام اسمه شاطر ، والمنافق اسمه لبق ، والذي يقحم نفسه في هموم المسلمين ، ويبحث عن حل لها اسمه : متهور ، والذي يتمسك بأهداب الشريعة اسمه متزمت ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :

(( كيف أنتم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ؟ قالوا : أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي نفسي بيده ، وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه يا رسول الله ؟ قال : كيف أنتم إذا رأيتم المعروف منكراً ورأيتم المنكر معروفاً ؟ قالوا : أو كائن يا رسول الله ؟ قال : نعم وأشد منه سيكون ، يقول الله : بي حلفت لأتيحن لهم فتنة يصير الحليم فيها حيراناً))

[ ابن أبي الدنيا عن أبي أمامة ]

 تبدلت القيم ، القيم كلها تبدلت .
 من سنته العملية أيضاً أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول :

((إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها))

[ عن أبي هريرة رضي الله عنه]

 تمرة رآها النبي على فراشه ، أمسكها ليأكلها ثم أحجب ، قال : لعلها من تمر الصدقة ، هذا من ورع النبي عليه الصلاة والسلام .
وسيدنا الصديق حينما علم أنه شرب لبناً بمالٍ حرام تقيأه .

زينة العلم الورع والحلم :

 أيها الأخوة الكرام ؛ كما يقولون : زينة العلم الورع والحلم ، وقد قال بعض العلماء : إنما أهلك الناس فضول الكلام وفضول المال ، أي مال مكتسب من شبهات .
 والله زرت صديقاً لي في أحد الأعياد ، والده عمره حوالي ست وتسعين سنة ، قال لي بالحرف الواحد : أجريت تحليلات كاملة فكانت النتائج كلها طبيعية ، إنسان يجري تحليل دم ، وتحليل بول بالسادسة و التسعين ، ولا نسبة غير طبيعية !! قال لي : والله ما أكلت في حياتي درهماً حراماً ، وأضاف : ولا أعرف الحرام بالمعنى الآخر .
 من عاش تقياً عاش قوياً ، هذا الشيخ السفرجلاني رحمه الله الذي بدأ بالتعليم بالثامنة عشرة من عمره ، وتوفاه الله بالسادسة والتسعين ، علّم تقريباً ثمانين سنة ، فكان إذا رأى شاباً يقول له : أنت كنت تلميذي ، وكان يا بني أبوك تلميذي ، وكان جدك تلميذي .
 هذا الذي تمتع بصحة لا تصدق ، قامة منتصبة ، بصر حاد ، سمع مرهف ، أسنانه في فمه ، وأمدّ الله بعمر زوجته حتى توفيت بعده ، فكان إذا سئل : يا سيدي ما هذه الصحة التي حباك الله بها ؟ قال : يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر ، من عاش تقياً عاش قوياً .

أفضل العلم الورع والتوكل :

 يقول بعض العلماء : يكفي من الدعاء مع الورع اليسير منه ، تصور دعاء محفوظًا غيباً بأعلى مستوى من اللغة ، مأخوذًا عن النبي ، وتدعو الله نصف ساعة ، وليس هناك ورع ، لا ينفع ، لكن إذا دعوت باللغة الدارجة ولم تحفظ ولا دعاء مأثورًا ، لكن كنت مستقيمًا فهذا الذي ينفع ، فالدعاء مع الورع ينفع ، من دون ورع لا ينفع .
 ويقول بعض العلماء : لا يعجبكم كثرة صلاة المرء ، ولا صيامه ، ولكن انظروا إلى ورعه ، فإذا كان ورعاً مع ما رزقه الله مع العبادة فهو عبد الله حقاً ، إذا مع هذه العبادة الرائعة ورع جمع مجدي الخير .
 يقال : الورع في الفتنة كعبادة النبيين في الرخاء ، نحن مؤمنون إن شاء الله في زمن الشدة ، وزمن الفتنة ، وزمن الشهوات ، وزمن النساء الكاسيات العاريات ، وزمن الضلالات ، أن يستقيم أحدنا في هذا الزمن ، قال : عبادة المؤمنين في زمن الشدة كعبادة الأنبياء في زمن الرخاء.
 قال بعض العلماء لغلام : ما ملاك الدين ؟ أي ما أهم شيء في الدين ؟ قال : الورع، قال : فما آفته ؟ قال : الطمع ، ملاك الدين الورع وآفته الطمع .
 وقال بعض العلماء : ما عبد العابدون بشيء أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه ، وأفضل العلم الورع والتوكل .
 كملخص : الورع من أعلى مراتب الإيمان ، ومن أفضل درجات الإحسان ، ويحقق للمؤمن راحة البال ، وطمأنينة النفس ، والورع كف عن الحرام ، وبعد عما لا ينبغي ، والورع إشاعته في المجتمع يجعله مجتمعاً صالحاً نظيفاً ، والورع يحبه الله عز وجل ويحبه من خلقه ، الورع يستجاب دعاؤه .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور