وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 1 - سورة غافر - تفسير الآية 21 الأدلة في معرفة الله ثلاثة كونية وتكوينية وقرآنية.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
 أيُّها الإخوة الكرام، مع الآية الواحدة و العشرين من سورة غافر، وهي قوله تعالى:

﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21)﴾

[سورة غافر]

 الأدلة في معرفة الله ثلاثة، كونية و تكوينية و قرآنية، فالآيات الكونية خلقُه و التكوينية أفعالُه و القرآنية كلامُه، لذلك ممكن أن تعرف اللهَ من أفعاله، كيف يوفِّق المؤمنَ و يدمِّر الكافرَ، و كيف يُعلي قدرَ المؤمن و يذِلّ الكافرَ، سبحانه إنه لا يذل من واليتَ و لا يعَزّ من عاديتَ، قال تعالى:

 

﴿كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ﴾

 

[سورة غافر]

 إذا الإنسانُ ذهب إلى مصرَ و نظر إلى الأهرامات شيْق صعبٌ تصديقُه، أحجار الأهرام نقلوها من صعيد مصرَ، و صعيدُ مصرَ يبتعد ألف كيلومتر، و ما كانت حاملات و لا ناقلات، فكيف نُقِلتْ هذه الأحجارُ ؟ ثم كيف نُقِلت من شطِّ النيلِ إلى محلَّةِ الهرمِ، ثم كيف رُفِعت ؟ شيءٌ لا يَصدَّق، و الفراعنةُ إذا دخل الإنسان إلى متاحفهم يرى فيها العجبَ العُجابَ، كان الملِك حينما يموت، كلُّ أصابعه تلبَّسُ ب أقنعة من الذهب الخالص، أنا رأيتها بأمِّ عيني، و مُحنَّطٌ، و قد مضى على موته ستَّةُ آلاف عام وهوهو، بل لعلَّ هذا من آيات الله، وإن فرعون موسى هو الذي حُنِّط وهو الذي أُخِذ إلى فرنسا قبل سنوات ليُعالَج من بعض التعفُّناتِ، قال تعالى:

 

﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ(92)﴾

 

[سورة يونس]

 فرعون موسى الذي أغرقه اللهُ في البحر الأحمر موجودٌ بكلِّ دقائقه في متحف مصرَ، فالله عز وجل الأقوامُ السابقةُ عمَّروا و شادوا و كانوا على مستوى رفيع من العلم، نافذةُ الأهرام مبنيَّةٌ بشكلٍ دقيق جدا بحيث أن الشمس لا تعبرها إلى نهايتها إلا في أحد أيام السنة وهو يوم وفاة فرعون، هل ممكن أن تقول لمهندسٍ: أنشِأْ بناءً و ضعْ نافذةً لا يمكن للشمس أن تخترق هذه النافذةَ إلا في يوم واحدٍ من أيام العام، هذا الذي حصل، برعوا في الرياضيات و الفلك، و مع ذلك عقيدتُهم سخيفةٌ جدًّا لو ذهبت إلى متاحفهم ترى الخبزَ من ستَّة آلاف عام و القمحَ و قطعَ اللحم المُقدَّد، كانوا يعتقدون متوهِّمين أن الإنسان إذا مات يعيش في القبر حياةً ثانيةً، و مركباتهم الملكية كلُّ حاجاتهم و حُلِيِّ نساءهم و كل طعامهم و شرابهم كلُّه مُحنَّطٌ، حتى أحذيتهم و ألبستهم، كلُّها في المتاحف، تحت الأرض مدفونة معهم، عقيدتهم سيئة جدا، و لكنه قد برعوا في الدنيا، و هذا ينطبق على إنسان اليوم، اليابان تفوَّقت في الصناعة تفوُّقا مذهلا و تحدَّوا العالَم كلّه بصناعتهم، و راجت صناعتهم حتى في أكثر الدول تقدُّمًا، و الآن يهدِّدون العالم بتجارتهم، لكن ماذا يعبدون ؟ هل تصدِّقون أنهم يعبدون ذكَرَ الرجُل.
 أخٌ كريم مهندس ذهب إلى معبدهم و عنده صورٌ، أسطوانة كبيرةٌ من الشمع كبيرة يسجدون لها، الذين اخترعوا المخترعاتِ الحديثة ؛ أجهزة الصوت و الرادارات يعبدون ذكرَ الرجل، و هذه الآية تنطبق على كِلّ الأقوام، الذين برعوا في الدنيا و شردوا عن الله عز وجل، قال تعالى:

 

﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21)﴾

 

[سورة غافر]

 في سفح جبل " فِيزُوفْ " بإيطاليا بلدةٌ أثناءَ الحفريات اكتشفوا آثارًا ضخمةً، هذا الجبلُ بُرْكَانِي، و قبل ثمانين عاما ألقى هذا البركانُ من الرماد البركاني ما سماكتُه ثمانيةُ أمتار، فاضطروا لحفر هذه الأرض فوجدوا مدينةً من أعرق مدن الرومان سار عليهم هذا البركانُ أثناء الظهر، مع طعام الغذاء، هذا البركان غطَّاهم برماد بركاني ثمانية أمتار، الأشخاص و كلُّ حاجاتهم تفسَّختْ و ذابتْ في فراغ، حقنوا هذا الفراغَ في جبصين سائلٍ، ثم كسروا ما حوله فإذا هم أمام مُجسَّماتٍ لكلّ ما جرى وقتَ ثورة البركان، النساءُ بحلِيِّهن و الطعام على الموائد، و أنا عندي صورٌ لهذه المجسمات من الجبصين السائل، ترى كيف أمة و مدينة عريقة و في أوجِ حضارتها جُمِّدتْ عن طريق البركان الرمادي، فاللهُ عز وجل ينبِّهنا، و الرُّبْعُ الخالي كان دولاً عظيمةً، و تدمر دولة الأنباط، و لو ذهبتم إلى الأردن و نظرتم إلى الأنباطِ كيف نقبوا الأحجارَ، شيءٌ غيرُ معقولٍ، هناك قاعة ملَكية بحجم هذا المسجد محفورة من الصخر على مستوى الميليمتر المكعَّب مائة بالمائة، و من الخارج أعمدة و تيجان ومداخل و أبواب، كلٌّ من الجبل، و مع ذلك أهلكهم عز وجل، التدمريون، وتدمر من الشام إلى بغداد كلُّها بساتين غنَّاء و أنهار و أمطار و مروج، أين هم ؟ قال تعالى:

 

﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21)﴾

 

[سورة غافر]

 ثم قال تعالى:

 

﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)﴾

 

[سورة غافر]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور