وضع داكن
19-04-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 150 - التربية الإسلامية ـ قضايا سلوكية وإدارية .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

لا بد من مراجعة شاملة لسلوكيات النفس :

 أيها الإخوة، دروس التفسير متسلسلة، وكلها مصورة، والآن التصوير معطل، فأنا من حين لآخر أريد أن أعالج قضايا سلوكية إلى الله، مضافاً إليها قضايا إدارية، والموضوعات معالجة إن شاء الله، الإدارية أؤخرها لنهاية الدرس، أما السلوكية فالإنسان يحتاج من وقت إلى آخر، من حين إلى آخر لمراجعة أوراقه.
 أحيانا يرتب الإنسان مكتبته ، ويرتب أوراقه، ويرتب أشرطته، يكون عنده كمٌّ كبير من الأشرطة، يسمع ويصنف الإنسان يلغي ويمحو، ينظم أشرطته، ينظم أوراقه، ينظم مكتبته، لكن أعتقد أنه ما مِن شيء أهم من نفسك التي بين جنبيك، لأن الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾

( سورة الشمس )

الإنسان يتذكر كل شيء إلا تزكية نفسه

 هناك كمٌّ كبير من الإخوة الكرام على طيب أنفسهم، وعلى نيتهم الطيبة، لكنهم تاركون أنفسَهم هملاً، فهو يعاني من بُعدٍ، الموضوع لا يعالجه، يعاني من تعثر في سند الله عز وجل، يعاني أن مَن حوله ينفض من عنده، ما السبب ؟ الإنسان الذي لا يفكر، لا يتأمل، لا يراجع أوراقه، لا يسأل، ليس له مع نفسه جلسه، مع نفسك، الحياة معقدة والحياة ضاغطة، والحياة مكلفة، فالإنسان يُدفَع من حل مشكلة لحل مشكلة، من تحقيق هدف لتحقيق هدف، من عقد لقاء لعقد لقاء، من استقبال إنسان لتوديعه، يأتي الصيف فيستقبل أقرباءه المسافرين، يودعهم، يؤسس شركة، يجتمعون، لكن ينسى نفسه، ينسى أخطر شيء.
أضرب مثلاً: ذهب أحدُهم إلى الحج فاشترى آلات، اشترى مسجلات، اشترى أجهزة عصارات، وخلاطات، وصل إلى مطار القاهرة فقال: يا الله، نسيت أن أحجّ، لكن ما نسي أن يشتري كل شيء.
تجد الجلَ منغمسًا إلى قمة رأسه بمشاغل، ومتاعب، ولقاءات، وعقد شركات ، وحل مشكلات، واستقبال ضيوف، وتوديع ضيوف، وإقامة ولائم، لكن ينسى أخطر شيء نفسه التي بين جنبيه
 من حين لآخر أنت بحاجة إلى مراجعة أوراقك، كيف صلاتك ؟ كيف صلتك بالله عز وجل ؟ كيف بيتك فيه خلل ؟ هل هناك ابن غير منضبط ؟ أو بنت لها ذهاب من غير إذن أحياناً، وتتأخر أحياناً،من يدخل إلى بيتك ؟ من يخرج ؟ هل دخْلك فيه شبهة ؟ هل أكيد أنه حلال 100 %، لك شريك يغش ؟ هو برقبتك، لأنك أنت شريكه، هل هناك بضاعة محرمة تباع ؟
أنا أتمنى، وأنا ما عندي غير أربعة بنود، الأربع بنود أعتقد من سنة أو سنتين ألح عليها، ما عندي شيء اسمه نجاح جزئي، لا يسمى النجاح الجزئي نجاحاً.
 والله أعرف قصصا لرجل ذهب إلى الخليج ليعمل، ويأتي بثمن بيت جيد، أهمل زوجته، وإيمانها ضعيف، والوحدة سنة، وأهمل أولاده، وأولاده بالزقاق، وزوجته زلت قدمها، فما نجح، كيف بإنسان يقبل عملا من دون زوجته وأولاده سنتين، أربع سنوات ؟ هل يمكن أن يعيش أولادك سنوات من دون تربية ؟ الأب هو المربي.

 

بنود إصلاح النفس: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم

 

البند الأول: إصلاح العلاقة مع الله

1 ـ كيف علاقتك مع الله عزوجل

أنا أتمنى الاهتمامَ بهذه الموضوعات الأربعة: أول شيء: كيف علاقتك مع الله ؟ بلا مواربة، حضور الدرس شيء، والعلاقة الطيبة مع الله شيء آخر، العلاقة الطيبة مع الله تحتاج جهد.
 أحيانا الدرس، أنا مع احترامي غير المحدود بمن يحضر هذا الدرس، مع ثقتي أنه صادق مع الله، كان يتمنى أن يبقي في بيته قاعدا على مقعد وثير، يطلب كل حين كأس شاي، أو فنجان قهوة، وهاتوا الفواكه، وجاء رفيقه، ويطلبه ماذا حصل معه في السفر , يمكن أن تجلس في بيتك مرتاحا، لكنك تركت بيتك، وزوجتك وأولادك وبناتك , بيتك حتماً مريح , ولا كرسي هنا , ولا كأس شاي , وأنت جالس على الأرض , وتسمع لنا، معنى ذلك أنك تريد شيئًا , وتطلب الله عز وجل.

2 ـ حضورُ مجالس العلم له تبعات سلوكية تطبيقية:

 أنا لا أشك أن الحضور مهم جداً , لكن الحضور له توابعه , أريد فقط أقنعكم بشيء: هنا الجامع له مهمتان فقط , تلقي التعليمات , وقبض الثمن , مثل مندوبي المبيعات، يأتي الساعة الثامنة ليأخذ المهمات , يأتي مساءً بالغلة فيعطَى العمولة، أتيت بمئة ألف، هذه عشرة آلاف، يتلقى التعليمات، يأتي بالغلة، ويقبض العمولة.
كل مؤمن يدخل المسجد يتلقى التعليمات في درس العلم، يأتي مرة ثانية ليصلي فيبكي في الصلاة، لقد قبض الثمن، لكن أين البناء ؟ ببيتك، فهل بيتك منضبط ؟
والله قال لي إنسان: ابعث لي خطّابين، إنسان غالٍ عليّ، وله ست بنات خرجنَ بثياب فاضحة مباشرة، فعاتبته، قال لي: أنا تائب على كِبَر، حياتي مشكَّلةُ تشكيلا خاطئًا، ماذا أفعل ؟ هذا وضعي.
يمكن أن تحضر الدرس، كيف لكن بيتك ؟ الله عز وجل قال:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾

( سورة الأنفال الآية: 1 )

 هذه الآية دقيقة جداً، هذه الراية فسرها الإمام الغزالي على أربع مستويات أول علاقة: أصلح علاقتك مع الله.

 

3 ـ ما دام فيك حياة فالتوبة ممكنة:

ما دام القلب ينبض فكل شيء يحلّ، عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

 

 

(( يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ))

 

[ الترمذي ]

 والصلحة بلمحة.

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾

 

( سورة الزمر الآية: 52 )

﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾

( سورة الأعراف الآية: 156 )

 أنت ألست شيئًا وسعتك رحمة الله ؟ ما دام هناك نبض فالتوبة قائمة، بل:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾

( سورة البقرة الآية: 222 )

 بل:

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾

( سورة النساء الآية: 27 )

وما أمرك أن تتوب إلا ليقبلك، وما أمرك أن تستغفر إلا ليغفر لك، وما أمرك أن تدعوه إلا ليجيبك، وما أمرك أن تسأله إلا ليعطيك.
 لي رجاء عندكم، والله ما وصفته لإنسان إلا نجح، وأنا أمارسه والله، ما مِن إنسان ليس عنده مشاكل، أحيانا مشكلة مالية، مشكلة في الصحة، مشكلة في العمل، له عدو يتربص به، له منافس بالعمل يريد أن يزيحه من مكانه، مشكلات لا تعد ولا تحصى، وفي الحديث النبوي الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( يَنْزِلُ رَبُّنا كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْل الآخِر فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ يَسْألُني فأُعْطِيَهُ ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُني فَأَغْفِر لَهُ ))

[ البخاري ومسلم ]

 أنا أنصحكم في هذه الحالة، الله يطلب منك أن اسألني يا عبدي، أنا نزلت إليك لأستمع إلى شكواك، إلى طلبك، إلى حاجتك، إلى مسألتك، إلى استفسارك، إلى توبتك، هذه واحدة.
الدرس الثاني: والله ما خاب معي مرة في حياتي، الله عز وجل يسترضى بماذا ؟ بالصدقة.

 

(( صدقة السر تطفئ غضب الرب ))

 

[ أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس ]

(( باكروا بالصَّدقة، فإن البلاء لا يتخطاها ))

[ رواه أبو الشيخ، وابن أبي الدنيا والبيهقي، عن أنس ]

(( الصدقة تقع في يد الله تعالى قبل أن تقع في يد السائل ))

[ رواه الطبراني عن عبد الله بن مسعود ]

 لذلك أيها الإخوة، عندك صلاة قبل الفجر، حيث ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ويقول: هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ وأن تسترضي الله بالصدقة.
أول بند بهذا اللقاء الطيب: أصلح علاقتك مع الله، والصلحة بلمحة، التوبة قائمة المؤمن تواب، مذنب تواب، كثير التوبة.

 

الدين كله استقامة وتفكر وعمل صالح واتصال بالله

 الدين واسع كثير، لو أردت أن تختص بتاريخ التشريع يلزمك دكتوراه، فقه المقارن المواريث، أحكام الطلاق، الأحوال الشخصية، والله هناك مليارات الكتب الإسلامية، لكن يمكن أن أضغط لك الدين كله بأربع كلمات:
استقامة ـ تفكر ـ وعمل صالح ـ واتصال بالله.
بالتفكر ينمو إيمانك، وبالاستقامة يكون الطريق إلى الله سالكاً، بالعمل الصالح حركة على هذا الطريق، وبالاتصال سعادة.

 

 

الدين سهل يسير

يمكن أن تجد الدين معقدًا، أنا رأيي أنه يجب أن يكون كالهواء يستنشقه كل إنسان بأي مكان ببساطة بالغة، هذا هو الدين، ونحن عقدناه.
علِق أحدُهم مع شيخ أزهري في أحكام الوضوء، وضعه ستة أشهر في أحكام المياه، خرج من جلده، وترك الدين، خرجت روحه وما كانت ينتهي أحكام المياه، التقى بعالم آخر، قال له: الماء الذي تشربه توضأ منه، وانتهى الأمر.
 نحن بحاجة للتبسيط، تدخل في متاهة تقرأ وراء الإمام، لا تقرأ، أنت حنفي لابد أن تسكت، شافعي لابد أن تقرأ الفاتحة، لا حنبلي، لا مالكي، يا أخي في الصلاة الجهرية اسكت، والسرية اقرأ، وانتهى الأمر، هذه الموضوع يفتح مئتي صفحة، وتجدنا نداخل بمتاهات، وأحاجي، وقضايا غير واقعية، والله أسمع أشياء لا يصدقها العقل بقدر ما هي غريبة.

 

 

هل تزداد علن\ما

 أول شيء علاقتك بالله، علاقتك بالله هل تزداد علماً ؟.

 

 

(( لا بورك لي في يوم طلوع شمس يوم لم أزداد فيه من الله علماً ))

 

[ ورد في الأثر ]

من هو المغبون ؟ من تساوى يوماه.
من لم يكن في زيادة فهو في نقصان، أول شيء علاقتك بالله، هل تزداد علماً ؟ هل تزداد قرباً ؟ معنى ذلك أنت مستقيم، أن تزداد علماً، وأن تستقيم، وأن تزداد عطاءً، وعملاً صالحاً، هذا جانب.
 الدين لا تعقّده، بسّطه، الدين كالهواء، الدين لا يحتكره إنسان، ولا جماعة، ولا طائفة، ولا مذهب، الدين قوام الإنسان، الدين حياة الإنسان، والدين بسيط، أقول لك بصراحة: أكبر منصب ديني بالعالم الإسلامي لا أسميه بمرتبة رئيس وزارة، لو فرضنا صاحب هذا المنصب استقبل صحفية وثيابها فاضحة، وفي أثناء اللقاء ملأ عينيه من محاسنها، وعنده آذِنٌ لا يقرأ ولا يكتب، لكنه يخاف من الله، فلما دخلتْ غضَّ بصرَه، من العالِم ؟

(( كفى بالمرء علما أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلا أن يعصيه ))

[ رواه البيهقي في شعب الإيمان عن مسروق مرسلا ]

لا تعقد الأمور بسطها كثير.
 مرة اتصلوا بي من محافظة حماة، كادوا يقتتلون حول تعريف صلاة التهجد أو قيام الليل، اختلفوا، يا ترى أيّ صلاة تنام، تستيقظ، وتصلي ؟ هل هناك صلاة قبل أن تنام، وصلاة بعدما تنام، يا ترى التهجد قبل أن تنام ؟ أم بعدما تستيقظ ؟ أنا والله ما أجبتهم، ضحكت، قلت له: صلِ ركعتين، وقل: يا رب، أنا لا أعرف ما اسمها، اقبلهم مني، يا رب، لم أعرفها، يا لطيف سنمزق بعضنا من أجل هذه، ومن أجل هذه، سنقتتل، هذا شيء غير معقول
والله سمعت ماذا يجري في العراق، شيء لا يصدق، يتفننون بالتعذيب قبل القتل، ما هو الخلاف ؟ إله واحد، وقرآن واحد، والنبي واحد، وبأسنا بيننا، نحن بحالة تخلف لا يتصورها العقل.
والله مرة ألقيت كلمة أعتقد أنها كانت موفقة جداً العقل وتأثر كثير الحاضرين ، تكلمت عن تواضع النبي، كيف أنه لما كان قائد جيش وهو زعيم، وله منصب يسمونه زعيم أمة، رئيس جمهورية، ملكًا، مثلما تريد فسمِّه، ونبي، ورسول، وقائد جيش، الرواحل قليلة، الصحابة كثير، ماذا تريد الحل ؟ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:

(( كُنَّا يَوْمَ بَدْرٍ كُلُّ ثَلَاثَةٍ عَلَى بَعِيرٍ، كَانَ أَبُو لُبَابَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ زَمِيلَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَكَانَتْ عُقْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَا: نَحْنُ نَمْشِي عَنْكَ، فَقَالَ: مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَى مِنِّي، وَلَا أَنَا بِأَغْنَى عَنْ الْأَجْرِ مِنْكُمَا ))

[ أحمد ]

تأثر الناس بهذا التواضع، لأنه سوّى نفسه مع جندي.
 انتهت كلمتي، جلس إلى جانبي أحد الدعاة، قال: هناك خطأ كبير في كلامك، قلت له: خير إن شاء الله، أين ؟ ما تكلمت كلمة غلطا، قال: قلت: الصحابة ألف، هم ألف وأربعة عشر.
والله مرة قلت على المنبر: إن ألمانيا استقدمت من تركيا أربعين ألف مومس من أجل المونديال، قال لي واحد: كيف ذهبوا، من دون محارم ؟
 والله نحن نعيش سخافات لا يصدقها العقل، أين نحن ؟ نذبح من الوريد إلى الوريد، ونتقاتل فيما بيننا ببعضنا، هذا ما رفع يده، هذا صلى هكذا، هذا وضع ركبتيه قبل يديه، هذا وضع يديه قبل ركبتيه، متاهات، جزئيات، وهذا مرض خطير، أن نغرق في الجزئيات، وننسى الدين.
مرة هناك عالم أنا أحترمه كثيرا، بلغه أنّ مشادة حصلت بين فئتين في مسجد حول عدد ركعات التراويح، أنا وعيت على الدنيا بهذه المشكلة، ما كانت تنتهي، 8 أم 20 ؟ ما كنا ننتهي منها، نموت ولا ننتهي منها، 8 أم 20 ؟ قال لي واحد: على الهواء: كم ركعة ؟ قلت له: صلِ 8، وصلِ 12، وصلِ 16، وصلِ 20، وصلِ في بيتك، وصلِ في الجامع، ولا تحدِث مشكلة، كفى دخولا بمتاهات الجزئيات، إلى درجة تمزقنا وتشرذمنا، ما يمكن أن تلتقي مع واحد، أنت مِن أين ؟ مِن أين شيخك ؟ تريد أن تصنفه حصلت تصنفه فوراً مع شيخه، ما تحصل على صاحب دين من دون شيخ، ما تحصل حلقة من أرقى الحلقات وفيها واحد سيء ؟

المبادئ لا الأشخاص

اسمعوا هذا الكلام، في أرقى حلقة أناس سيئون، وبأقل حلقة أناس طيبون، التعميم من العمى، لا تعمم، اسمعوا هذه الكلمة: المبادئ لا الأشخاص.
 أنا كنت بالجامع الكويتي لي درس، درس السماء الحسنى بالكويتي كان ومدارج السالكين، زارنا الشيخ عبد القادر الأرناؤوط ـ رحمه الله ـ معروف اتجاهه، تمنيت عليه أن يصلي بنا، فلما انتهى من صلاته رجوته أن يلقي علينا درسا، حتى علم إخواني، وكنت بهذا الجامع جاء الشيخ أحمد الحبال، ومعروف اتجاهه أيضاً، عكسه، 180 درجة وضعته مكاني، وجلست على الأرض، وقلت له: ادع لنا، أريد أن أعلم إخواني أننا كلنا واحد، مثل الفواكه، الدعاة كل فاكهة بطعمة.
مرة قال لي عالم: الداعية ألبسه الله ثوبا، لا يخلعه، ولا يليق لغيره، لا تقلد أحدا، كل إنسان له شيء الله وفّقه به.

الجوهر لا الشكليات

أول بند علاقتك مع الله، من دون تعقيد، لك صلة بالله ؟.
 هذا الإعرابي الذي قال له ابن سيدنا عمر: << بعني هذه الشاة، وخذ ثمنها، قال له: ليست لي، قال له: قل: لصاحبها ماتت، أو أكلها الذئب، قال له: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها: ماتت أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادق أمين، ولكن أين الله ؟ >>.
لا حل لها، أرأيت البدوي ؟ لا عنده مكتبة، ولا عنده 38 كتابا بالفقه، ولم يحضر مؤتمرا، ولا عنده كمبيوتر، ولا عنده عشرون ختمة لقراء، هذا البدوي الأعرابي الراعي وضع يده على جوهر الدين، ولكن أين الله.
لذلك:

(( ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام ))

[ ورد في الأثر ]

 يمكن في أمور الطب ( استاند ) عمولته عشرة آلاف، احتمال النكسة فيه 20%، هناك ( استاند ) ما له عمولة، النكسة فيه 3%، أنت كطبيب تضع الذي بعشرة آلاف ؟ والنكسة فيه 20% من أجل عشرة آلاف ألغيت صلاتك، وصيامك، وحجك، وزكاتك، لأنك غششت مسلما.
أنا أفهم الدين غير هذا، أنا لا أفهم الدين مظاهر، دع مظهرك عاديا جداً، ما فيه أي إشارة إلى أنك مسلم، لكن كن صادقا، أمينا، لا تغش مريض إن كنتَ طبيبًا.
 والله البارحة كان عندي إنسان قال لي: والله أخجل أن أقول لك، هذه شائعة جداً، أنت مريض ؟ أريد 12 تحليلا، مطلوب فقط 2، والـ10 مناصفة بين الطبيب والمحلل، وأنا برقبتي أضعها، لقد ألغوا صلاتهم، وصيامهم، وحجهم، وزكاتهم، لأنهم أخذوا مالا بالحرام، والمحامي الذي يقول: الدعوى ناجحة 100%، وخذها مني، وهو موقن يقينا قطعيا أنها خاسرة، لأنه في اجتهاد محكمة النقد لغير صالحه، يقول لك: من هنا لـ8 سنوات نكون سحبنا منه 200 ألف، بعد هذا نقول: القاضي ارتشى ندبر حالنا، أيضاً هذا المحامي لغى صلاته، وصيامه، وحجه، وزكاته.
والله ولا أبالغ، يقيم الأستاذ مذاكرة للطلاب والنتيجة كلها أصفار، يريدون دروسا خاصة، يبعث وراء آبائهم، كل درس بألف ليرة، ألغى صلاته، وصيامه، وحجه وزكاته، الدين بعملك، الدين ببيتك، الدين بالطريق، هنا نتلقى التعليمات، نتلقى المكافآت فقط، الدين هناك.
يجب أن تصلح علاقتك مع الله، عندك صفقة قماش زائدة، فيها لون لا يباع، زيتي، كل الأثواب نحيفة إلا هذا فثخين، ما بيع منه شيء، جاءك أحدُهم، وقال لك: الله أريد لونا يكون جميلا، هذا أجمل لون عندي، زيتي، لا تؤاخذوني، هذا ليس تشددا، لقد: غششته.
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدٍ الْحَضْرَمِيِّ: قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

 

(( كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ، وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ ))

 

[ رواه أحمد ]

الأستقامة سبب الرزق الوفير

 لما تمشي على الطريق الصحيح يفتح الله عليك رزقا وفيرًا، فإنه لا إله ولا رب إلا الله، يقال: أزمة عمل، كساد، بطالة، دخل قليل، مصروف كبير، والله لا إله إلا هو، ولا رب إلا هو لما تستقيم تماماً لما تتقي الله تماماً ترى معاملة لا يصدقها العقل.

 

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾

 

( سورة الطلاق الآية: 2 )

الله ما سلمك لغيره، ما سلمك لظروف صعبة أبداً.
والله مرة ماذا أقول لك، أخٌ لا يملك إلا ثيابه، وضعه صفر، هو من بلدٍ بعيد، ينام عند رفقاته، يبقى بالجامع للساعة 12 بالليل، يذهب، سواد الليل يكون الفجر بالجامع، الجامع جانب بيته، فجأة فتح الله له باب رزق، وتزوج، واشترى بيتا، واشترى مركبة.
 فقط استقِم، اضبط لسانك، اضبط عينك، اضبط سمعك، اضبط يدك، اضبط حركتك، وإذا كنت الآن متزوجا اضبط بيتك زوجتك، بناتك، أولادك، لا ينساك الله عز وجل، عامل الله، أحيانا الدين يصبح طقوس، تعلمنا نصلي، ونصوم، وبرمضان نعمل كل يوم عزيمة، ونسهر للساعة ثلاثة، وننام قبل ما نصلي الفجر، ونتابع مسلسلات، وكل مسلسل إكراماً لقدوم شهر رمضان المبارك، كله إكرام لرمضان، هكذا أصحبنا.
فالعلاقة مع الله، الآن:

﴿ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ ﴾

المعنى الأول: علاقتك مع الله.

البند الثاني: إصلاح العلاقة مع الزوجة

 الآن علاقتك مع زوجتك أقرب الناس لك، والله هناك أُسَرٌ يتحاربون شهرًا، لا يتكلمون، خصام، وشتائم، وكلها بيوت مسلمين، تجده في الخارج لا أنعم منه، أين أخلاقك ؟ هذه زوجتك، هذه نصيبك، هذه هدية من الله، وأنتِ أيضاً هو زوجك أبو أولادك.
عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ ))

 

[أحمد وأبو داود والترمذي ]

الزوجة ساكنة في بيت، وعندها زوج وأولاد، وكل يوم مشكلة، يخرج منها الواحد من جلده.
 لذلك أيها الإخوة، هذه الزوجة انظر، لمَاذا كانت العلاقة فاترة بينك وبينها ؟ لمَ أنت منزعج منها ؟ صارحها، اجلس جلسة معها، قل لها: أنا أريد أن أعيش معك، نحن كل واحد منا قدرُ الثاني، كم يوما نريد أن نعيشه بسرور، انظر إلى المشكلات، ما الذي يؤلمها منك ؟ تسخر منها أمام أولادها، معها حق والله، ليست طفلة، هي كبيرة، عندها أولاد ، وتشتمها أمام أولادها، لم تعد تتحمل، طبعاً ستكرب معك، انظر ماذا يؤلمها ؟ حل مشكلة، انظر ماذا تريد، لما يكون البيت منضبطا فيه ود، فيه محبة، على من ينعكس ؟ على الأولاد، هذا أمه، وهذا أبوه، يحب بعضهم بعضا، بينهما مودة، ومحبة، واهتمام، واحترام متبادل.
والله أحيانا أدخل بيتا عنده 14 ولدا، اشتهيت أن اسمع صوتا، كلهم ساكتون، يكتبون وظائفهم، هناك تفاهم بين الأب والأم، بطولتك لا أن تكون ناجحا في الخارج، ابتسامة، وأناقة، ونعومة، وأنت في الداخل وحش.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ))

[ أخرجه الترمذي ابن ماجة]

 أول بند علاقتك مع الله، مقياسها الاتصال بالله، لك صلة معه ؟ تبكي حين سماع بالقرآن ؟ تشعر أن الطريق سالك، الله معك، توصل بالطاعة، وبالمعصية تقطع، بكل بساطة، لا تعقد الأمور، غير معقول أن تغش الناس، وتكذب عليهم، وتحقق مصالحك، وتضحك عليهم، وتأكل مالا حراما، وتملأ عينيك من الحرام، وأذن الظهر فتقول: الله أكبر، وليس لك أن تتصل به، أنت فقط تقرأ، وتركع، وتسجد، لكن لا تتأثر، لأن الله عز وجل عزيز، ليس كل الناس يتجلى على قلبهم، أنا أضع يدي على الجرح، لو كان في صلة حقيقية فإنه:

 

((... لَا يُغْلَبُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ... ))

 

[ أخرجه أبو داود والترمذي عن ابن عباس ]

نحن مليار ونصف، وعندنا ثروات لا يعمها إلا الله، ومع ذلك فنحن فقراء، بل أفقر شعب.
 والله زرت غينيا وهو أغنى بلد في إفريقيا بالألماس، والذهب، واليورانيوم، والثروات، وأفقر شعب، شيء مؤلم جداً، المسلمون يجلسون على ثروات لا يعلمها إلا الله، كلها لأعدائنا، من تفرقتنا، انظر للأجانب الأوربيين، كم دولة ؟ ينطق باسمهم شخص واحد جميعاً يسمونه منسق السياسة الأوربية، واحد يتكلم باسم بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وسويسرا والنمسا، وإسبانيا، واحد، ونحن دين واحد، وإله واحد، وقرآن واحد، وعلى الحدود تقف سبع ساعات، شيء مؤلم جداً، ونحن في قتال، وبلادنا محتلة الآن، أفغانستان، والعراق، ولبنان محتلة الآن، وفلسطين، والصومال، والآن في طريقهم إلى السودان، دار فور، ست دول محتلة، وهناك بلد فيها حرب أهلية ؟ نذبح بعضنا.
 أهم شيء العلاقة بالله عز وجل، اجلس جلسة، وقل فيها: ما مشكلتي مع الله ؟ لماذا لا أصلي ؟ لماذا أقرأ القرآن فيضيق صدري ؟ لماذا أغلق فوراً ؟ اعمل لنفسك برنامجا، صلِّ ركعتين قيام الليل، ركعتين فقط، وتقرأ من القرآن ست صفحات، وتذكر الله، وتصلي الفجر في المسجد.
عَن جُنْدَبِ بْن عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ ))

[ مسلم ]

 أنت بضمان الله من الصبح للعشاء، ومن العشاء للصبح، هل هذه قليلة ؟ صلِ العشاء والفجر في الجامع، واقرأ ست صفحات من القرآن، صل وركعتين قيام ليل، وفي النهار غض بصرك، واضبط لسانك، وانصح الناس، وتكلم عن الله، لا عن سيرك.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

(( مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعالى فِيهِ إِلاَّ قامُوا عَنْ مثْلِ جِيفَةِ حِمارٍ، وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً ))

 

[ رواه أبو داود وغيره]

 عندنا الآن موضة جديدة، اسمها جلب الذات، تجلس مع شخص يتحدّث عن تخلفنا، وعن تفرقتنا، وعن ضياعنا، وعن شبابنا، وعن الفساد في المدارس، والطرقات، وعن النساء الكاسيات العاريات، وهذه امرأته خانته، وهذا أب طلق امرأته، والطلاق نسبته 50 %، ونصف نساء سورية من دون أزواج، والأسعار ترتفع، والفساد عم، وتوزيع مخدرات، وأقراص إباحية، لا تستطيع أن تقف من الفساد، ماذا تفعل ؟ اعمل عملا طيبا، قل: يا رب، أريد أن أخدم الأمة، قدم شيئًا للأمة.
إخواننا الكرام، العلاقة مع الله، غير دروسك، وغير الصلوات، الدرس ألفناه والصلاة ألفناها، كيف صلاتك ؟ كيف ذكرك ؟ كيف خشوعك ؟ كيف استقامتك ؟ لأي مستوى واصل بالاستقامة ؟ كيف بيتك ؟
والله أحيانا أنظر، ليس بيدي شيء، أنا بشر، أجد إنسانا يلعب طاولة النرد يحضر عندنا دائماً، وقد قلنا مليون مرة:
عَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ ))

 

[ رواه أبو داود]

لا علاقة له، يقول لك: واللهِ الدرس جميل، هو قد ضاقت نفسُه، والجو شتاء أين يذهب ؟ يأتي إلى الدرس ليتسلى، هذا أسميه زبونا شتويا، وفي الصيف لا تجده.
 والله مرة أخ عرفني على ابنته، قال لها: ادخلي سلمي على الأستاذ، بالبنطال، فأدرتُ وجهي، لماذا تعرّفني عليها ؟ ما علاقتي معها أن أراها بهذا الوضع ؟! ما عنده شيء هذه ابنته، وإذا كانت ابنتك، ابنتك أجنبية مثلاً، بلا انضباط، ولا ورع، البيت منضبط بيت إسلامي، أما هو فغناء، يرن الهاتف تظهر أغنية فضيحة، ما وجدت غير هذه الأغنية تضعها بالهاتف.
 العلاقة بالله، والعلاقة بالأهل، من اليوم ابدأ، لا تجعل بينك وبين زوجتك مشكلة، أولادك اجلس معهم، خذهم نزهة، أقول لك كلمة، وأنا واثق منها: والله لو أخذت أهلك نزهة فهي عبادة، ومتّنت علاقتك معهم، وأرحتَهم.
قد تجد الرجل رائحا غاديًا بنشاط، وفي سنة واحدة ما أخذ أهله إلى النزهة، فتجد بيته قطعة من الجحيم، اعمل لنفسك نزهة من حين لآخر، خذ معك أولادك، هذه من ضمن العبادة، أنت رب أسرة، مَن لهم غيرك ؟
والله أعرف رجالا الله يشهد أيّ أكلة يأكلها بالخارج ضيافة يأتي بمثلها إلى بيته، لا يحرم أهله شيئًا، وأحيانا يُدعَى الواحد، ويأكل ما يشتهي من الأكل، يأتي ثاني يوم بمثلها، أكل أكلت حلو يأتي مثلها ثاني يوم.
لا تنتظر واحدا يأتي إليك، امش نحوه نصف الطريق، أولادك وزوجتك، اقترب قليلاً منهم، لبِّ لهم حاجاتهم.
والله أعرف شخصا ـ رحمه الله ـ توفى، كل مشكلته مع زوجته، طول عمره بخلاف معها من أجل غسالة، والله قلّب فلوسه من عملة لعملة خسر ستة ملايين، كل طلبات زوجتك مئة ألف، خسر ستة ملايين.
الحياة فن، يجب أن تصلح علاقتك مع الله، ومع زوجتك وأولادك.

لا بد من المرح والفكاهة المشروعة

بقي عملك، عملك مورد رزقك، يتأخر، بعد ذلك يأتيه إنذار، سقط من عين المدير العام، يهمل، لا يكتب، كلها على الذاكرة.
نحن نعيش سبهللا، يلزمك أحيانا حاجة ناقصة للبيت، يمضى شهر وشهران، وثلاثة، وأربعة، وخمسة لا يأتي بها، تذكرها وأنت في البيت، ثم تخرج فتنساها، لأن لا تكتب، وإذا إنسان نظم أموره فلا يتكلم على الغنى إطلاقاً.
 دخلت بيت في منطقة جوبر، والله ما أنساه، أصحابه من أفقر خَلق الله، بيت عربي مطليٌّ بالأبيض الناصع، وفيه زهور وورود، دخلت غرفة الضيوف فإذا فيها مفروشات عليها قماش أبيض، كله أناقة ونظافة وترتيب، ما لها علاقة بالغنى إطلاقاً، علاقتها بالذوق فقط، تكون مسحة جمالية بالبيت تجذب الابن، لا يكون الشجار في البيت، ألغ الشجار نهائياً، اترك الجو مريحًا، جوا للمرح، الزوج الناجح مرح، يلقي النكت في البيت، يضحك أولاده، يضحك زوجته، الدين القاسي دين الكهنوت، ولماذا هذا ؟

(( الهوا والعبوا، فإني أكره أن يرى في دينكم غلظة ))

[ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن المطلب بن عبد الله ]

كن مرحا قليلاً، ضحكهم، لاعبْ لأولادك، اجلبْ معك أكلة طيبة، أنا لا أطالبك بالمال إطلاقاً، والله مع الود والمحبة تأكل أخشن أكل مع زوجتك، وهي تفرح من أعماقها.
 ومِن هذا كلام سيدنا عيسى، " ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان "، أنت تعيش بالحب، تعيش بالمودة، باللطف، بالابتسامة، السلام عليكم، الله يعطيكِ العافية، ما هذا الأكل ! ابنك جالس اسأله: كيف أنت يا بني ؟ كيف مدرستك ؟ ماذا تكلم الأستاذ اليوم ؟ ادخل بمودة، هناك أناس عندهم عنف، وعندهم غلظة ، وبيتهم قطعة من الجحيم، تكسير أبواب، وخبط، وسباب، والشيطان داخل وجالس معهم.

البند الثالث: إصلاح العلاقة في العمل

 علاقتك بالعمل، الدوام، الإتقان، إن كنت صاحب عمل فطوّر، نظّم، رتِّب، ليكن دوامك صحيحا، يوصيك الواحد، ما كتبتها عندك، يكون ساكن فرضاً بمنطقة المخيم، ومحلك في ساحة المرجة، يركب الحافلات ساعة ليصل إليك، ثم تقول له: والله نسيت، تعال بعد أسبوع، هل أنت مسلم ؟! تحتاج إلى دفتر أعمال، أنا أقول لك بصراحة: الإنسان الناجح عنده دفتر مواعيد في بيته، وعدت رجلا الخميس، اكتب الخميس، اكتبها الأربعاء حتى يوم الخميس تكون حاجته جاهزة، لا أخرج من بيتي إلا وعندي جدول أعمال.
 عملك إن كنت موظفًا، إن كنت طبيبا، إن كنت محاميا، أو صيدليا، عندك هذا الدواء ؟ لا والله، غداً تعال، كتبته ؟ ما كتبه، نسي، من أين أتيت به أنت ؟ من آخر الدنيا، وعدته به، والله ما أتيت به، أو يكذب، والله الذي وصيناه ما أتى به، أنت ما وصيت أحدا، الذي وصيناه ما أتى أيضاً، كذب، أضاف للإخلاف الكذب، كل شيء بالتأجيل والإهمال وعدم الدقة.
 والله مرة سمعت قصة ارتجف قلبي منها، أب شك بابنته، وابنته طاهرة، ما فيها شيء، شك فيها، أجرى لها تحليلا، وهناك تحليل يبين إذا كانت حاملا أم لا، يبدو أن الموظف وقع بيده التحليل فانكسر، خاف من مديره فكتب في التحليل: إيجابي، قال له: مبارك، هي حاملة، ذبحها أبوها.
والله أعرف أخًا أتى من السعودية وقف عند محطة بنزين، يريد تبديل زيت، فكلف الصانع، فك، ووضع، هل هناك مَن يسمح للصانع أن يفك المحرك، هذا الصانع وضع البرغي، ولم يشده، لأن صاحب العمل ناداه وكلفه بعمل، قال له: انتهينا تفضل، فأصيب السائق بحادث فمات.
لي صديق عنده بنت مثل الوردة، في الصف الثالث، يحبها، في أثناء الرياح الشديدة وقع صحن الدش فوقها قتلها فوراً.
موضوع إتقان العمل، وموضوع العمل مهم جداً، كله متقن، كل شيء مسجل.
 يقول لي طبيب: امرأة ولاّدة يضعون أمامها إضبارتها، إضبارتها زمرة دمها ، وما عندها من أمراض، وما عندها من أشياء من أجل أن يستأنس الطبيب، يحدث لها نزيف تحتاج إلى دم، يفتح الطبيب الإضبارة يأخذ زمرة الدم فيأتي بالدم، فهذه الولادة ولدت ولادة بالتمام، وأخذوها إلى غرفتها، الذي حصل أن هذه الإضبارة نسوها، ما أخذوها، والتي أتوا بها بعدها ما جاؤوا بإضبارتها، نسوها، فصار معها نزيف، فتحت الإضبارة أخذت الزمرة، أعطاها دما فماتت فوراً بانحلال الدم، يمكن لامرأة عندها خمسة أولاد أن تقتلها من أجل إضبارة.
لذلك نحن مشكلتنا ببلادنا أنهم يفهمون القضاء والقدر كله ترتيب سيدك، بالغرب يدفعون الطبيب ثمانين مليون دولار.
 دخلت على طبيب في أمريكا، وهو طبيب قلب، أراني عيادته، عنده مكتبة والله غير معقولة، على طول الحائط كلها أضابير، ما هذه ؟ قال لي: هؤلاء مرضاي الذين ماتوا قلت له: لماذا ؟ قال لي: لا أقدر، يجب أن يبقوا عندي خمس سنوات، لعل خطر ببال أحد أولاد المرضى المتوفين أن يقيم دعوى علي، أنا كيف عالجته ؟ يجب أن أخبئ إضبارته بعد وفاته بخمس سنوات، الإنسان محترم جداً هناك.
والله لي أخ كريم والده عنده كُلية وقفت عن العمل، أجرى عملية، لكن نزعوا له الكلية الصحيحة، بقي يغسل الكلى عشر سنوات، عوض ما ينزعون المعطوبة نزعوا الصالحة.
 مرة طبيب ـ رحمه الله ـ توفى، داوم عندي ثلاث سنين، نصحني نصيحة قال لي أستاذ: لا توافق لأخ يستأصل شيئًا من أعضائه إلا بثلاثة أراء لأطباء مختصين، قال لي: جاءتني امرأة مستأصلة ثديها، على أساس معها سرطان، وليس بها شيء إطلاقاً، كفى الطبيب أن استأصل الثدي، بعثها إلي حتى أعمل لها أشعة، أيضاً الأشعة مسرطنة، وقال له: لا يكفي أن استأصلت لها الثدي، مسكينة، لما استأصل ثديها طلقها زوجها، بهذه البساطة، هذه في غير بلاد يفرم الطبيب ، عندنا تساهل جداً، والله من طيبنا نتساهل، هكذا قضاء وقدر، لا، بل يجب محاسبة المخطئ، والدليل: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( مَنْ تَطَبَّبَ، وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ ))

 

[ أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة]

هذا ديننا، فأتقن عملك، أحيانا تدمر أسرة بخطأ منك، وقد يموت الابن حين يدخل الحمام حافيا، والتيار 220، الخيط مكشوف، أصلحه، وضع يده على الخيط فمات.
 بقيت الصحة، يجب أن نعتني بصحتنا، هي رأس مالنا، أنا لا أستطيع أن أذكر كل شيء، لكن انتبه لغذائك، هناك أغذية مسرطنة، وسموم مهدرجة، تسبِّب جلطات، انظر ما نوع السمن الذي تأكله ؟ ما نوع الغذاء، ما نوع الخبز، يجب أن تعرف ماذا تأكل، نريد ثقافة غذائية أساسية في بيتك.
هذا قسم السلوك إلى الله، هناك قسم ثاني قسم إداري.

القسم الأداري من إصلاح العمل

 إخواننا الكرام، كل شيء له ضريبة، إذا اشتهر إنسان زيادة فله ضريبة قاسية جداً، الناس يحبونه كلهم.

 

لابد من التدقيق لكثرة الغش والاحتيال والكذب:

 

قصص من واقعنا القريب:

 كان أحدُهم جالسا معنا أبلغني أن رجلا دخل على تاجر فقال له: أنا بعثني الأستاذ راتب إليك، قال له: أريد مئة ألف، قال له: هذه مئة ألف، والله لا أعرفه، ولا يعرفني، ولا سألني، هذه القصة تكرر كثيرا، إذا كان بالزواج، أحضر عنده، لا أعرفه إطلاقاً، إن كان بقرض، يسأل، أنا أذكر هذه القصة لأحد العلماء، قال لي: كشفنا واحدا صوته يشبه صوتي تماماً، يفتح تلفون لتاجر كبير، أنا فلان، يقول له: أهلاً وسهلاً ومرحباً، أهلاً بأستاذنا الكريم، يكون هو الناصب وليس الأستاذ، قال له: أخ عندي غال كثير، ويلزمه مئة ألف، سأبعثه لك، على عيني ورأسي أستاذ، يذهب بنفسه ليأخذ مئة ألف، والله لا أعرفه إطلاقاً، والأخ الذي أبلغني جالس معنا الآن.
مثلاً: يقدمون له بيت زوجته شرابا بلا كحول، فيشرب، قال لهم: أنا لا أشرب هذه، بلا كحول، قالوا له: الدكتور راتب أفتى بها، وأنا قلت بالعكس، والله حوالي مئة فتوى قلت بعكسها، يستغلون اسمي في فتاوى أنا بريء منها والله.
سأقول لكم على الملأ: بلغوا الناس كلهم، إذا كنتُ أريد من إنسان شيئًا أنا أخبره، وإذا ما أخبرته فالقصة لا يكون لها أصل، وفي الفتوى أفتي في درس، والدرس مسجل، والله سمعت مئة فتوى أنا أفتيت بعكسها.
 مرة أقول لإخواننا: إن المصحف لو قبلته من أول وجه والثاني، كم وجها للمصحف ؟ ستة، لو قبلته من ستة وجوه، ولم تطبق أحكامه لا تنتفع به، فبلغ أحدَ الشيوخ، وأحبه كثير والله، أن الأستاذ راتب يحرم تقبيل المصحف، فأقام عليها القيامة في درس، وكان أحد الإخوة حاضرا، فقال له: ما هكذا قال، قال له: ماذا قال ؟ قال له: إذا قبَّلَ الرجلُ المصحف من ستة وجوه، وما طبق أحكامه لا ينتفع به، قال له: هذه ما فيها شيء، فلما رآني قال لي: لا تؤاخذني، أنا تسرعت، وقبلني.
هناك نقل سيئ، قبل أن تنقل الكلام تحقق، والله ينتقل كلام عكس ما قلته، تنتقل فتاوى عكس ما قلت، لا أعرفه، أحضر عنده، ماذا أقول لك ؟
 امرأة غير مسلمة أسلمت، وتزوجت مسلما، قال لها: أنا أحضر عنده، وهي تسمع دروسي، عاملها معاملة لا يعاملها بها وحش، جاءت واشتكت، لا أعرفه والله إطلاقاً، يمكن قالت له: أنا أسمع دروسه، قال لها: أنا عنده أحضر، فصدّقت، فوراً وافقت، ثم تبيّن أن شارب خمر، ووحشٌ.
أتمنى عليكم أن تتحققوا، بلغوا مَن حولكم، إذا كنت أريد من إنسان خدمة فأنا أخبره، إذا ما أخبرته فلا تصدقوا من يأتيكم ، أو اسألني، لو فرضنا بالخطأ بعثته اسألني، أنا بين أيديكم موجود، وبالفتاوى تحقق منها.
والله أحيانا يأتي إلى سمعي أنك أفتيت ؟ والله مستحيل أن أقول هذا الكلام، كلامي واضح.
 والشيء الثاني: أنت جالس مرتاح، قال لك واحد: ما عندي بيت، اقصد الأستاذ راتب، أنا عندي بيوت ؟ ما عندي أنا ؟ والله أنا عبد فقير، هل عندي أن أوزع بيوتا ؟ والله هذا أمر الدولة، فهي توزع البيوت، أنت ما عملت شيئا، فقط دفعتَه إليّ، وأحرجتني، وأخجلتني أمامه، وأنت طمعته، وعاش بالأمل ساعتين، وقال: يؤمّن لي البيت، جاء واعتذرت له، ما هذا الكلام ؟ هناك أخطاء كبيرة تحدث، أنا أتحمل شيئًا فوق طاقتي والله.
رجاء، عاونوني لأتابع الدروس، أنا علي ضغط فوق التصور، سأقول لكم من دون مواربة: صار علي ضغط مئة ضعف عن الأول، والله أقول لك: مئتي ضعف، أسئلة، وهواتف، وحل مشكلات، والناس مثلما قال:
المرأة والولد الصغير يحسبان الرجل على كل شيء قدير.
والله أنا لا أستطيع أن أفعل شيئًا إلا ضمن إمكانياتي، فأنت لا تدفع إلي مَن لا تعرفه، وكل حاجة رأيتها كبيرة بعثت بها إلى ، والله ما عندي إمكانية، أنا إذا قدرت أن أخدم إخواني يكون الله قد تفضل علي.
إكراماً لله، إذا كان هناك مودة بيني وبينكم فراعوني بهذه القضايا، لا تنقل على لساني شيئًا ما سمعته، لا تقل: أنا أعرفه، وأنت لا تعرفني، ثم تعاتبني، اسألني يا أخي أنا موجود.
أخ من إخواننا أحترمه كثيرا، ما مِن إنسان يطلب منه شيئًا إلا ويخبرني، فلان طلب، والله ما عندي علم، يقول له: بعثني الأستاذ راتب، أنا والله ما عندي علم، لكن يحقق، تحتاج دقة قليلاً، لأن الاحتيال كبير.
والله مرة دق بيتي شخص قال لي: امرأتي بالمستشفى مفتوح بطنها، العملية 16 ألفا، يريدون 11 ألفا، يا أستاذ، والله قطع قلبي، أنا والله ما كان معي ، خبرت شخصا ليذهب معه إلى المستشفى، ثم تبين أنْ لا زوجة، ولا مستشفى، ولا شيء.
إخواننا القدامى قلبهم قاسٍ، كنت أنا عاتبهم على ذلك، والله أحيانا الواحد يقسو قلبه لكثرة الكذب والدجل.
 مرة أحدهم له مظهر، قال لي: أنا جاءتني إعارة كمدرّس في اليمن، الحمد لله، قال لي: ينقصني بطاقة طائرة، إعارة، ومعاش مضاعف، وتحل مشكلته، فقير، لي صديق، قلت له: أمّن له بطاقة، قال لي: على عيني، مضى جمعة أنا نسيت، خجلت منه، أخبرته، قال لي: والله ما جاء أحد، لا يريد بطاقة طائرة، يريد مالاً، اليمن كلها قصة لا أصل لها، أنا لا أيئسكم من العمل الصالح.
والله أحد إخواننا كافح التسول فحقق مع 1500 متسول، فقط خمسة فقراء، أحدهم معه أربعون مليون ليرة، وهو أحسن منا كلنا، البقية مليونان أو ثلاثة في البنوك، وله لباس خاص بالتسول.
مرة اتصل بي عالم جليل، قال: أنت قائل في إذاعة القدس " إن عائشة عاهر ؟ أنا أتكلم هذا الكلام ؟ هذا الكلام من سابع المستحيلات، ما هذا الكلام. هناك حسد، وافتراء، وسوء فهم، وسوء نقل، هذا كله موجود، أضعكم بالصورة.
قبل سنتين الأمر كان محدودا بجامعنا، الآن هناك إذاعة يسمع درسي باليوم 8 ملايين تقريباً بين فلسطين ودمشق بأكملها هذه تسبب مشكلات، أحيانا يكون سوء فهم للدرس، وكلمة تفهم بالعكس.
قيل لرجل: تأتي البنت الساعة 12 بالليل وحدها، أين كانت ؟ يحكي عن فساد المجتمع، قال له: كانت عند الحبيب، هي عند عشيقها، الكل صلوا على الحبيب الجالسين، لأنهم فهموا.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور