وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 131 - الزهد.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الكرام: موضوع يحتاجه المسلمون جميعاً ولاسيما في هذه الأيام، لأن الدنيا في آخر الزمان خضرة نضرة، وقد قال الله عز وجل:

﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ﴾

(سورة يونس)

 كل شيء جميل التزيين هم الناس الأول، المسحة الجمالية في البيوت والمتاجر والمكاتب وفي الطرقات وفي المقاصف وفي المتنزهات تقع في الدرجة الأولى، لأن الناس أرادوا الدنيا، أرادوها دار نعيم، وغاب عنهم أنها دار عمل، أرادوها دار جزاء بحسب مقاييسهم وغاب عنهم أنها دار تكليف، لذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

 

(( ..ٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ بِهِ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ إِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِين..)) َ

(مسند الإمام أحمد)

 المؤمن قد يسر في الدنيا وقد ينعمه الله في الدنيا لكن دون أن يكون هذا مقصوداً عنده بشكل مركز واضح، المقصود عنده أن يعرف الله وأن يعمل عملاً صالحاً يلقى الله به، وأن يعمل عملاً طيباً يكون وجهه من خلاله أبيضاً يوم القيامة، لذلك يوجد موضوع أين من الرقائق، الرقائق باب من أبواب الدين قصص وأحاديث وآيات ترقق القلب، هناك من يشعر أن قلبه قاسٍ يصلي فلا يتأثر يقرأ القرآن فلا يتأثر يذكر الله فلا يتأثر، معنى ذلك أن القلب قاس وبعيد ومتعلق بما سوى الله، مكب على ما سوى الله، مثل هذا القلب يحتاج إلى مرققات، أشياء ترققه.
 فموضوع الدرس اليوم من المرققات وهو حول الزهد في الدنيا لكن قد تفاجئون أن أعظم الزهّاد في الأرض هم أهل الدنيا لأنهم زهدوا في الآخرة زهدوا بدار لا تنتهي، زهدوا بالأبد بجنة عرضها السماوات والأرض زهدوا بدار لا نكد فيها ولا مرض فيها ولا فقر فيها ولا قلق فيها ولا اضطهاد فيها ولا ظلم فيها ولا حاجة فيها ولا تنافس فيها ولا تقدم في السن فيها ولا مرض القلب فيها ولا زوجة سيئة فيها ولا ابن عاق فيها ولا سوق بارد فيها ولا دفع دون أن تقبض، كل متاعب الدنيا لا نجدها في الآخرة، دار نعيم مقيم، فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
الإمام أحمد يقول: الزهد في الدنيا قصر الأمل، ما الذي يمنع كلما استيقظت الحمد لله، الله سمح لي أن أعيش يوماً جديداً، أبداً كل يوم بيومه، مادام الإنسان استيقظ وهكذا فعل النبي كان إذا استيقظ يقول:

(( عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال:"إذَا اسْتَيْقَظَ أََحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي رَدََّ عَلَيّ رُوحِي، وَعافانِي في جَسَدِي، وأذِن لي بذِكْرِهِ"))

(الأذكار النووية للإمام النووي)

استيقظ جاهزية تامة صلى الصبح، إذاً الزهد في الدنيا قصر الأمل.
 قصة: قال: والله هلكني، قال: خير ؟ قال: أكسي بيت لرجل انتظرته ستة أشهر ولم يأخذ قرار، يعمل التدفئة المركزية داخلية تحت البلاط أم خارجية ؟ احتار، يقول: داخلية أجمل لكن لو تعطلت أصيبت الأنابيب بالفساد، يحتاج لتكسير البلاط، وإذا خارجية غير حضارية، قال: ستة أشهر ثم اتخذ قرار رائع: قال: نعملها داخلية وبعد عشرين سنة إذا فسدت نعملها خارجية، لا نكسر البلاط، هذا طول الأمل، يجب أن يعيش عشرين سنة قادمة
وكم من شاب تمتلئ جوانحه طموحات لا تنتهي نسجت أكفانه وهو لا يدري التعريف الثاني: الزهد في الدينار والدرهم إذا كان من حرام، هذا نوع من الزهد، مبلغ ضخم تحل به كل مشكلاتك لكن فيه شبهة، اركله بقدمك وقل الله هو الغني.
وسُئل الجنيد عن الزهد فقال: استصغار الدنيا، كلما عظمت الدنيا عند الإنسان كان بعيداً عن الله، وكلما صغرت، لي صديق كان من أعظم الناس في عيني، وأعظم ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينيه، فكلما صغرت الدنيا عندك كنت عند الله كبيراً، وكلما كبرت عندك كنت عند الله صغيراً.
كنت بسفرة من السفرات باتجاه الشرق فدار الموضوع حول مقاطعة البضاعة الأجنبية، هذه البضاعة التي تملأ القارات الخمس الكوكاكولا والبيتزا هات والمكدونال والدخان الأميركي، والحقيقة هناك أناس امتنعوا وأصبح أثر إيجابي كبير جداً فقال لي أحدهم: أنا لا أستطيع العيش دون البيبسي ! أريد بديل.
فكلما كبرت الدنيا عندك صغرت عند الله، وكلما صغرت الدنيا عندك كبرت عند الله.
وقال أبو سليمان الداراني: الزهد ترك كل ما يشغلك عن الله، شيء يبعدك عن الله أو يشغلك عنه ينبغي أن تتركه، هذا تعريف الزهد.
وقال بعض العلماء: الزهد ترك مالا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة.
 والذي أجمع عليه العلماء والعارفون: أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا إلى وطن الآخرة، بربكم إذا إنسان قدم طلب لفيزا لبلد يظن أن هذا البلد أجمل وأغنى بلد في العالم، حينما يذهب ويحصل على الموافقة على جواز سفره ما الذي يحصل فجأة سافر، هو في الشام لا يزال، بينه وبين السفر شهران سافر، كل خيالاته وتصوراته وخواطره وصوره ماذا أفعل أين أسكن كيف سأتمتع بالحياة هناك من أتزوج هكذا !
vفأحياناً الإنسان يسافر قبل أن يسافر، إنسان بلغوه نبأ نيل الشهادة العليا، عندما نجح تخيل نفسه مهندس بمؤسسة ضخمة ومكتب خاص أنجز مشروع فرضاً هذا سافر إلى عمله قبل أن يسافر إليه، فكل واحد أحياناً يعيش بخياله وبتصوراته وطموحاته فهذا عند علماء أجلاء الزهد سفر القلب من وطن الدنيا إلى وطن الآخرة.
المؤمن دائماً يفكر بالآخرة ماذا سأخاطب الله عز وجل ؟ كيف سأدافع عن نفسي يوم القيامة ؟ أين مكاني في الجنة أم في النار ؟ هل ألتقي مع المؤمنين ؟ هؤلاء العلماء الكبار هل ألتقي بهم في الجنة ؟ يعيش أحوال أهل الجنة وهو في الدنيا، هذا من أجمل التعاريف الزهد سفر القلب من وطن الدنيا إلى وطن الآخرة.
 إذا خطب أحد فتاة يوم يعتمد عليها ويقرءوا الفاتحة مع أن الفاتحة ليست عقداً ! فكر بالبيت كم غرفة ؟ غرفة النوم وغرفة الاستقبال وغرفة الطعام يفكر كيف سيربي ابنه مع أن هذا مبكراً عليه، يفكر كيف تكون الستائر يفكر بنظام خاص بالبيت يفكر بتعليماته لزوجته، هذا الذي عنده قدر عسل، وخطر في باله أن يبيعه، ويشتري غنم والغنم يتوالد ويصبح تاجر كبير، ثم يتزوج امرأة جميلة وينجب منها أولاد، فإذا أخطأ ابنه يضربه بالعصا ويؤدبه فرفع العصا فضربت القدرة فكسرته وتحطمت كل آماله !
على كل تعريف الزهد: سفر قلب المؤمن من وطن الدنيا غلى وطن الآخرة. سؤال: نحن نتلو كتاب الله، هل في كتاب الله آيات متعلقة بالزهد ؟ إذا كان في كتاب الله آيات متعلقة بالزهد فهذا موضوع خطير جداً، موضوع قرآني، وإذا قلت هذا: فيعني أنه شيء مهم جداً جداً جداً.
قال تعالى:

﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ﴾

(سورة الحديد)

 طفل عمره أربع سنوات يشتري سيارة صغيرة يسيرها على الأرض ثم بالطلعة يعطيها صوت من عنده، ثم يقف ثم يقول: أصبح معنا حادث، يعيش بخيالات لو أن صور هذا الطفل بفيلم وعندما صار شخصية مهمة نظر لهذا الفيلم كيف كان عقله معلق بهذه السيارة وكيف كان يعيش بأحلام ألا يحتقر نفسه ؟ هكذا هذا اللعب، اللعب مرحلة إذا تجاوزتها تحتقره.

 

﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾

 قد تلهو بها بالخسيس عن النفيس هذا اللهو، كلمة لهو تعني تركت شيء نفيس واتبعت شيئاً خسيساً.

 

 

﴿ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾

 لو جلست بجلسة ليس فيها ذكر لله اسمع الكلام: يقول: أنا سافرت أكلت لبست دفعت أنفقت عملت رتبت أنشأت ربحت أبداً تفاخر، ومجلس فيه تفاخر ليس فيه رحمة من الله أبداً، مجلس شيطاني، عود نفسك أن تتكلم عن الله عز وجل.

 

 

﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20﴾

 

(سورة الحديد)

 إنسان توفي رحمه الله كان عنده دعابة كان صانعاً يعمل في سوق الحميدية فكان يكنّس المحل ويجمع القمامة بعلية مرتبة ويلفها بورق غالي ويربطها بشرط حريري بشكل عقدة ويضعها على طرف الرصيف فيأتي إنسان شيء مغرٍ، يا ترى مضيف ألماس فيها ؟ يأخذها ويعدو يلحق به، بعد مائة متر اطمأن وفتح الشريط الحريري بعد مائة متر ثانية فكّ الغلاف الورقي، بعد مائة متر ثالثة فتحها فوجد قمامة المحل التجاري ‍! هذه مفاجئة صاعقة، والله الذي لا إله إلا هو سوف يفاجأ أهل الدنيا عند الموت كمثل هذه المفاجأة، ظن المال كل شيء بعد حين رآه شيئاً، أما قبل أن يموت رآه ليس بشيء، طاعة الله كل شيء، مر النبي الكريم مع أصحابه رضوان الله عليهم بقبر فقال صاحب هذا القبر: إلى ركعتين مما تحقرون من تنفركم خير له من كل دنياكم.
آية ثانية:

 

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)﴾

 

(سورة آل عمران)

أي ما في الجنة خير وأبقى من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، المصير هو القبر، هل هناك من يشك في ذلك ؟ هل هناك من يجرؤ أن يعترض أن يقول لا يوجد موت، وهل غادر الموت أحداً ؟ أبداً.
 والله من طرف حياتي من قبل من عشرين سنة عندي جهاز تسجيل للمكالمات إذا كنت غائباً عن البيت فهذا الشريط استمعت مرة قبل سنتين اثنا عشر شخصاً ماتوا به ! لكن لا أحد ينتبه، اثنا عشر شخصاً اتصلوا ولم أكن موجود وذكروا أسمائهم عدّيت الذين توفوا من هؤلاء الذين اتصلوا من فوق العشرة قطعاً.
فلذلك الدنيا تمضي، مرة اقتنيت كتاباً عن قصص العرب قرأته شيء ممتع جداً أربع أجزاء أما كان منه موعظة كبيرة: أن هؤلاء أصحاب القصص منهم الأقوياء والوزراء وأغنياء وفقراء وأغبياء وأذكياء ومحتالون كل هؤلاء الآن تحت أطباق الثرى.

﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)﴾

(سورة الزمر)

 هذه الجلسة بعد خمسين سنة مائة سنة أكيد لا أحد منا يجلس هنا، شيء بالباب الصغير وشيء فوق بالجبل صحيح ؟
كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت.

 

﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)﴾

 

(سورة الشورى)

 بالآخرة لا شيء، مرة نذكر اسم إنسان معه ملايين مملينة قال لي: واحد مسكين قلت: لماذا ؟ قال: ماذا أخذ من الدنيا ؟ قلت لم يأخذ شيء.
من هو الغني ؟ الغني من عرف الله وله عمل صالح.
الغنى غنى العمل الصالح.

 

﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)﴾

 

(سورة القصص)

 سيدنا علي قال: الغنى والفقر بعد العرض على الله، فهذا فقير، حضرت أمسيات تعزية كثيرة جداً لكن بعضها ببيت ثمنه خمسين مليون أين صاحبه؟ هو الذي اختار البيت وكساه أذواق رفيعة جداً أساس فخم جداً أين صاحبه ؟ والله أعرف رجل عنده بيت يصعب وصفه وعمله تاجر تحف، وجاب أقطار الدنيا وكل سفرة عنده قطعة تحف من أعلى مستوى بالملايين ثمن القطعة، والبيت أربعمائة متر مساحته وقسم شرقي وقسم غربي، وكل جدرانه مزدوجة من أجل العدل، توفي في أحد أيام الشتاء المطيرة، مدير معمله حدثني بالقصة، القدر فتح في مياه سوداء فلت مجرى على القبر فسئل ابنه فقال: ماذا نفعل ضعوه، فلو وازنت بحياته في الدنيا وبين مصيره شيء لا يصدق، على كل هذا القبر مصير كل حي، وهذا المثوى الأخير فلذلك قال تعالى:

 

﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)﴾

 

(سورة النساء)

 كان سيدنا عمر ابن عبد العزيز كلما دخل مكان عمله تلا هذه الآية:

 

﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207)﴾

 

(سورة الشعراء)

 دخلت للأهرام يوجد ملك يمكن اسمه توت عنخ آمون مات في السابعة عشرة من عمره، كل أصبع له ملبسة بالذهب الخالص، معتنى به عناية حتى بالأهرام عربات ملكية تحت الأرض، عندهم اعتقاد خاطئ أنه يوجد حياة أخرى، اللحم مقدد من ستة آلاف عام، الخبز الحاجة النفيسة كلها بالأسفل بالأهرامات.

 

﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207)﴾

 

 

 والله هذه الآية مؤثرة جداً.

﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾

(سورة النساء)

﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (27)﴾

(سورة الإنسان)

﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)﴾

(سورة الأعلى)

 هذه كلها آيات زهد، أما النبي عليه الصلاة والسلام ماذا قال عن الزهد

(( بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ * ))

(صحيح البخاري)

 أحياناً ينزل شخص بفندق ليلة واحدة يجد خطأ بالفندق يوجد فرضاً الستار ممزق لا يتألم ليلة واحدة يمشي باليوم الثاني، إذا استأجر بيت شهر قد يجد فيه أخطاء كثيرة في الأثاث والتصميم وفي الطلاء والأجهزة لا يتحرك منه شعرة لأنه مؤقت، هذا الإحساس أنك تعيش حياة مؤقتة، لو أنه استقر واستمر لكنت في حال آخر مع الله، كن في الدنيا غريب أو عابر سبيل.
في هذا الحديث رواية للترمذي تتمة: وعد نفسك من أصحاب القبور ويمكن أن نقول قبل الصلاة صلي صلاة مودع، واستحضر عظمة الله عز وجل.
وفيما رواه الإمام مسلم: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.
إنسان ركب قارب بالبحر ومسك إبرة أغمسها بمياه البحر ثم سحبها، بما رجع من مياه البحر ؟ ما حجم المياه التي علقت بالإبرة ؟ تشبيه رائع جداً، يقول عليه الصلاة والسلام:

 

((ما الدنيا في الآخرة إلا كما يضع أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بم يرجع))

 

(الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي)

 من البحر المتوسط، والمحيط الهادي والمحيط الأطلسي والمحيط الهندي والمتجمد الشمالي والجنوبي خمس محيطات أربع أمثال اليابسة أو خمس أمثال اليابسة بحار، لو غمست أصبعك في مياه البحر ثم سحبتها ورجعت بما ترجع ؟ هذا كلام النبي لا ينطق عن الهوى إن هو إلى وحي يوحى.
هذا من تشبيهات النبي الرائعة، فلينظر بما يرجع، وفي حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( . مَا أَنَا وَالدُّنْيَا إِنَّمَا أَنَا وَالدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا * ))

 

 

 

(سنن ابن ماجة)

 يوجد مثل شعبي مشهور ستعرفونه بعد قليل، دابة بأيام الحر الشديدة واحد جلس في ظلها قام ليشرب جلس آخر مكانه، قال: هذا مكاني لا مكانك لا مكاني لك حق تجلس مكاني لا ليس لك حق هل مطلوب باسمك تلاسنوا تماسكوا تضاربوا ثم الحمار سار ! هذه الدنيا، اسأل إخواننا المحاميين كم دعوة شطبت لموت أحد الطرفين ؟ والله آلاف الدعوات، تنتهي الدعوة بموت أحد الطرفين أبداً.
وفي حديث آخر:

 

((عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ * ))

 

(سنن الترمذي)

 أحياناً يقتل الإنسان حيواناً تجده اضطرب يتساءل هل يجوز قتله أم لا ؟ لكن أعتقد لا يوجد أحد من الحاضرين إذا قتل بعوضة على يده يشعر انه قتل مخلوق إطلاقاً لهوانها عند الناس، بعوضة، فمالقول في جناح بعوضة؟ ليس بالجناحين واحد ! لو أن الدنيا بأكملها تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء، هذه أحاديث مألوفة جداً لكن يبدو أن الإنسان أحياناً شدة القرب حجاب، حديث للنبي

 

((عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ *))

لو أن واحد ليس فيه دين غافل عن الله وشارد عنه غارق بالمعاصي معه مبلغ فلكي وساكن ببيت لا يوصف وراكب أغلى مركبة لمجرد أن تقول هنيئاً له فأنت لا تعرف الله.

 

 

﴿ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ﴾

 

(سورة القصص)

 الآن يقول عليه الصلاة والسلام:

 

(( ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ))

 

 

 

(سنن ابن ماجة)

لا تسئلن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تغلق، الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يُسأل يغضب
 أحياناً يكون لك علاقة طيبة مع إنسان عندما تسأله عن حاجة تجده يتنكر وابتعد عنك وليس موجود وليس له وقت معين ليأتي انسحب عندما سألته، مادامت العلاقة لا تكلف علاقة طيبة.
لا تسئلن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تغلق، الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يُسأل يغضب

(( ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ))

 آخر حديث:

 

((اقتربت الساعة، ولا يزداد الناس إلا حرصا ولا يزدادون من الله إلا بعد))

 

(الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي)

 نقطتان الآخرة والدنيا وأنت بينهما، كلما اقتربت من أحدهما ابتعدت عن الآخر، لذلك ورد في الحديث الشريف:

 

((عَن أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى * ))

 

(مسند الإمام أحمد)

سيدنا الصديق قيل عنه: أنه ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط أبداً.
 الآن لبعض العلماء كلام طيب قال: ليس الزهد رفض الدنيا ولكن أن تستخدمها في طاعة الله، لا تتصور الزاهد إنسان مذري الهيئة جائع قابع في كوخ مثلاً مهمل حياته، لا ليس هذا الزاهد، الزاهد هو الذي يستخدم الدنيا للآخرة، يوظفها للآخرة، هذا تعريف ابن القيم، ليس المراد من الزهد رفضها أي الدنيا من الملك، فقد كان سليمان و داوود عليهما السلام من أزهد أهل زمانهما ولهما من المال والملك مالا يوصف، كما قال بعض العارفين: أن تنتقل من القلب إلى اليد، الدنيا موظفة عندك للآخرة توظف المال للحق، توظف الصحة للحق، توظف العلم للحق وهكذا، لأن الدنيا مزرعة الآخرة.
 سيدنا عمر رأى رجال يتكففون الناس بالحج قال: من أنتم ؟ قالوا: نحن المتوكلون قال: كذبتم المتوكل من ألقى حبة في الأرض ثم توكل على الله رأى رجل في وقت العمل يتعبد قال: من يطعمك ؟ قال: أخي قال أخوك أعبدك ! سيدنا عمر رأى رجل يقرأ القرآن في النهار وليس له عمل قال: إنما أنزل هذا القرآن ليعمل به أفتخذت قراءته عملاً ؟ اعمل، فإسلامنا إسلام عمل لكن إسلام عمل موظف للآخرة وهادف، أما الآن الغرب والشرق يعملون لشهواتهم ومتعهم الخاصة لا يوجد هدف، أما المؤمن قد يتقن صنعة أو تجارة أو صناعة أو خبرة أو حرفة يوظف هذه الخبرات والدخل للآخرة، وحبذا المال كما قال سيدنا أبو ذر أصون به عرضي وأتقرب به إلى ربي، أتمنى ألا تفهموا الزهد فهم غير صحيح، يوجد كلام آخر: ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال ولكن الزهد أن تكون من مثيل الله أوثق منك بما في يديك، أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك.
رجل جاء إلى الإمام الحسن رضي الله عنه قال: إن لي جاراً لا يأكل الفالوثج، يبدو أنه طعام من الحلويات الفاخرة بالعصر العباسي. فقال الحسن: ولما ؟ قال: لأنه يقول لا أؤدي شكره فقال الإمام الحسن: إن جارك جاهل وهل يؤدي شكر الماء والهواء ؟ لا يوجد نعمة يؤدى شكرها، والشيء الدقيق بالآية:

﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾

(سورة إبراهيم)

 لو أعطاك ليرة يقول لك: عدها كلام ليس له معنى، تعطيك عشرة تعدهم أما واحدة.

 

﴿وَإِنْ تَعُدُّوا﴾

معنى ذلك أن فضائل النعمة الواحدة لا تعد فضائلها، أنتم عاجزون عن عد فضائلها فلأن تكونوا عاجزين عن شكرها من باب أولى.
واحد جاءه مولود مثلاً جاءه مائة هدية أيهما أهون أن يعد هذه الهداية أم أن يكافئ على كل هدية بمثلها ؟ مسافة كبيرة جداً عدّها سهل، كتب قائمة هذا من فلان وهذا من فلان، فعدها شيء.

 

 

﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾

 

 

أنتم عاجزون عن عدها، فلأن أن تكونوا عاجزين عن إحصائها من باب أولى.
 مثلاً: من يتصور شخص صار مع مستقيمه شلل فلابد من إنسان آخر يخرج له هذا القذر، نعمة المستقيم هل تعادلها نعمة ؟ نعمة ضبط فتحات الإنسان، لو كانت غير مضبوطة يلزمه فوط، نعمة أنك تنام والهضم يعمل بشكل آلي، لو كان الهضم إرادي تأكل وعندك خمس ساعات عمل، الآن الصفراء الآن البنكرياس الآن الهضم غير معقول ! أنت كل وامشي تنام وترتاح، يوجد بجسمك نعم لا تعد ولا تحصى، نعمة أن تمشي على قدميك، لو لم يوجد جهاز توازن لا يوجد إنسان يستطيع السير على قدميه يحتاج لقاعدة إستناد عريضة جداً، المجسمات في بيع الألبسة لها قاعدة قطرها سبعين سنتيمتر، حتى تقف، والدليل الميت لا يقف، من يستطيع أن يوقف ميت ؟ لأنه لا يوجد توازن، الله وضع جهاز التوازن في الأذن ثلاث قنوات وسائل وشعيرات، لما تميل يتنبهوا الشعيرات الذين لامسوا الشعيرات مع الميل، السائل يبقى أفقي، فإذا الإنسان له قوس وفيه سائل ومال، فالسائل يرتفع في أحد الطرفين إلى أعصاب حساسة جداً وشعيرات فيتنبه أنه مال يعدل.
لذلك لا يمكن أن يركب دراجة إنسان معه التهاب بقنوات التوازن يقع، الطفل الصغير قبل ثلاثة أشهر ضعه في حضنك فإذا مال قليلاً تابع الميل حتى يقع، لكن بعض ثلاثة اشهر إذا مال قليلاً يعود ليجلس، جهاز التوازن بدأ بالعمل.
 والله قد تمضي سنوات وسنوات في التفكر في نعم أجهزتك في الجسم لا تعد ولا تحصى، نعمة العين، واحد معه مرض ارتخاء جفون كيف يرى الشخص ؟ يمسك يداه ويرفع جفنه ليرى ثم يعيده، نعمة الجفن نعمة السمع والبصر والحركة والقيام، تعذر ذرع رئة، لأنه بعد ذرع الرئة السعال يختفي، والإنسان من دون سعال يموت بأمراض إنتانية في رئتيه ! آلية السعال معقدة جداً، أنت تنام يتجمع اللعاب بفمك، وأنت نائم يأتي الأمر للبلعوم يغلق القصبة الهوائية يفتح طريق المري تبلع رئتك وأنت نائم، هذا لسان المزمار يعمل ليلاً نهاراً وأنت نائم، تقلب تقريباً ثمانية وثلاثين مرة يمين ومرة يسار، لأنك تكون نائم بوضع الجهاز العظمي والعضلات فوق الجهاز ضاغطين على القسم الأسفل، هذا الضغط سبب ضيق لمعة الأوعية ضعف تروية تنميل وأنت نائم يأتي أمر فتقلب، مكان المضغوط ارتاح، فتصوروا رجل نائم ينقلب من ثمانية وثلاثين لأربعين مرة بالليلة الواحدة ! حتى يريح قسم ويستفيد من قسم، أما الذي معه سبات إذا لم يقلبوه الجسم يهتري قال الله عز وجل عن أهل الكهف:

﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾

(سورة الكهف)

 وهذا من إعجاز القرآن العلمي، فقال: لا يأكل الفالوثج لا يؤدي شكره، هل بإمكانك أن تؤدي شكر الهواء والماء والسير على قدميك ؟
إخواننا الكرام: الزهد أنواع عندنا زهد فرض أنت تزهد في الحرام هذا فرض عين على كل مسلم، وزهد بالشبهات وهذا الزهد بحسب مرتبة الشبهات، فإن قويت هذه الشبهة التحقت بالواجب وإن ضعفت كانت مستحبة.
الزهد في الفضول: إياك وفضول النظر فإنه يبذل في النفس الهوى، فضول الكلام، من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه، فضول النظر هذا زهد أيضاً زهد في الفضول.
 زهد بالناس: شخص همه الأول سمعته ومكانته عند الناس ويعصي الله من أجل مكانته عند الناس هذا أيضاً مرض، ففي زهد في الناس، وزهد في النفس: أحياناً يخضعها في سبيل الله، شخص تأخذه العزة بالاسم لا يلين، أما شخص آخر نفسه متواضعة يذلها في سبيل الله، الحديث: ألا يرب مكرم لنفسه وهو لها مهين، ألا يا رب مهين وهو لها مكرم.
عندنا زهد جامع لكل ذلك هو أن تزهد فيما سوى الله، كل شيء متعلق بالله، والجنة والآخرة والدين والعلم والصلاة والجوامع والقرآن الكريم والحديث والفقه وأخ مؤمن وميتم تجد أنت مغرم بالحديث عنه والسعي والعمل، كل شيء متعلق بالشهوات تبعد عنه، هذا التعريف الجامع المانع للزهد.
 إخواننا الكرام: يوجد قول لبعض الأنبياء: اعبروها ولا تعمروها، وقول آخر: من ذا الذي يبني على موج البحر داراً تلكم الدنيا فلا تتخذوها قراراً وفي قول آخر: إن من كان قبلنا كانوا يجعلون للدنيا ما فضل عن آخرتهم، وإنكم لتجعلون لآخرتكم ما فضل عن دنياكم، أما اليوم فأكثر أهل الدنيا قد زهدوا في الآخرة حتى بما فضل عن دنياهم.
 الأسباب المعينة على الزهد: النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها ونقصها وخستها وما في المزاحمة عليها من الغصص والنغص والأنكاد، والنظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ودوامها وبقائها، وشرف ما فيها من الخيرات، الإكثار من ذكر الموت والدار الآخرة، تشييع الجنائز والتفكر في مصارع الأهل والأخوان، التفرغ للآخرة والإقبال على طاعة الله، إيثار المصالح الدينية على المصالح الدنيوية، البذل والإنفاق وكثرة الصدقات ترك مجالس أهل الدنيا والاشتغال بمجالس الآخرة، الإقلال من الطعام والشراب والنوم والضحك والمزاح مطالعة أخبار الزاهدين وبخاصة سيد المرسلين.
هذا موضوع خطير جداً: موضوع قرآني ونبوي وكما رأيتم أن الأدلة عليه كلها من الكتاب والسنة، ولا يعني أن تزهد في الدنيا أن تدع العمل ألا تأكل ولا ترتدي ثياباً ألا تتزوج، قال عليه الصلاة والسلام:

((وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي * ))

 

 

(صحيح البخاري)

 لزهد أن تنتقل من قلبك إلى يديك، أن توظف ما آتاك الله في الدنيا للآخرة، هذا تحت قوله تعالى:

 

﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ﴾

 

(سورة القصص)

 وأكبر زاهد في الدنيا بتعريف الزهد هو الإنسان العاصي لله الغارق في الدنيا، لأنه طمع في الدنيا وزهد في الآخرة، وأكبر طموح هو المؤمن زهد في الدنيا وطمح في الآخرة

إخفاء الصور