وضع داكن
20-04-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 109 - طرق السير إلى الله .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الأخوة المؤمنون: دروس سير الصحابيات الجليلات رضوان الله تعالى عليهم أجمعين أخذنا منهن زوجات النبي عليهم الصلاة والسلام وبنات النبي وبنات بنات النبي، ولابد من أن ننتقل إلى موضوع آخر وإلى أن نصل إلى هذا الموضوع الآخر سأجعل من هذا الدرس درساً في أصول السير إلى الله عز وجل يكون فاصلاً بين مجموعتين من الدروس.
 أيها الأخوة الكرام: ذكرت سابقاً أن في مجالات كثيرة وليكن مجال التجارة نشاطات لا تعد ولا تحصى ولكن هذه التجارات العريضة ذات النشاطات المختلفة فيها شيء واحد إن لم يتحقق فلا معنى لها هذا الشيء هو أن تربح فإن لم تربح فلا معنى لشراء المحل ولا لاسترداد البضاعة ولا لتوزيعها ولا لتعيين الموظفين، كل هذا النشاط من دون ربح ليس له معنى، وفي الجامعة نشاطات عدة في الذهاب إلى الجامعة وحضور الدروس، اقتناء الكتب، اللقاء مع الأساتذة والقراءة والمطالعة التلخيص وكل هذه النشاطات إن لم تنتهِ بك إلى النجاح فلا معنى لها ولنأخذ جانب الدين يوجد في الدين صلوات خمس، صيام، حج، زكاة دروس علم، اقتناء كتب إسلامية، اقتناء أشرطة إسلامية، لقاء مع العلماء هذه النشاطات إقامة احتفالات، موالد إسلامية، جمع قصاصات عن أخبار العالم الإسلامي، سماع أخبار المسلمين، والتعاطف معهم كل هذه النشاطات إن لم تصل إلى الله فلا معنى لها، في التجارة أن تربح، وفي الجامعة أن تنجح، وفي الدين أن تصل إلى الله.
 الوصول إلى الله أيها الأخوة: وأنا تجدني مضطر أضع يدي على الجوهر على الأصول في عالم الدين لابد من أن تعرف الله، مسلم يأكل مالاً حراماً أنا أقسم بالله أنه لا يعرف الله إطلاقاً لأنه لو عرفه لوقف عند حدوده، لأنه لو عرفه لخشي أن يأخذ ما ليس له، لأنه لو عرفه وكان على صلة به لخشي على هذه الصلة أن تنقطع، فحينما لا تعرف الله قد تفعل ألف شيء إسلامي ولكن في بعض الحالات تأخذ ما ليس لك وتفعل ما لا يليق بك إذاً أنت لا تعرف الله، رأس الدين معرفة الله فحينما ما عرف الله من عصاه، ما عرفه من لم يرجو قربه، ما عرفه من لم يخف منه، ما عرفه من لم يخدم عباده، أول شيء في هذا الدرس رأس الدين أن تعرف الله، يوجد عندنا قاعدة لا يوجد عندنا شيء يأتي من لا شيء يعني فاقد الشيء لا يعطيه، لا يمكن أن تعرفه دون أن تبذل جهداً، دون أن تدخر وقتاً، وقتك لا يسمح ولا يوجد عندك همة عالية كيف تعرفه، لا يمكن أن يقال لك دكتور إلا بعد أن تدرس ثلاثاً وثلاثين عاماً تقريباً، ممكن إنسان لا يتسع وقته لحضور محاضرةٍ في الجامعة ولا يتسع وقته لقراءة كتاب هل يمكن في عالم الدنيا المحدود أن يصل إلى الدكتوراه؟ الإيمان مرتبة علمية ومرتبة عالية جداً يمكن أن تحصلها وأنت في الفراش، وأنت وراء الشاشة وأنت في الطريق، وأنت في العمل، وأنت تتكلم بلا ضابط، تتحرك بلا ضابط، حتى الوقت يكون ثمين وحتى لا تضيع الأعمال سدى رأس الدين معرفة الله، معرفة الله تحتاج إلى جهد وإلى وقت، لا تتصور أن تأخذ كفاءة ولا وثيقة إتمام مرحلة ولا شهادة ثانوية دون أن تبذل جهداً، يوجد طلاب كثيرين يتمنى أن يأخذ كفاءة قبل أسبوع يحضر مثلاً بالفيزياء ثلاث علامات من ستين، بالعربي علامتين، هذا الجهد الذي بذله، أن تنال مرتبة علمية من دون جهد أنت ممن يضحك على أنفسهم هذا الدين أساسه معرفة الله ومعرفة الله لا تؤكدها صلواتك ولا عباداتك تؤكدها معاملاتك.
 إنسان مغتصب بيت وعنده بيت آخر اغتصاب البيت يدل على أنه لا يعرف الله، إنسان يغش في البيع والشراء ليأخذ مالاً وفيراً هذا الذي يغش المسلمين قطعاً لا يعرف الله لو عرفه لخاف منه، أول نقطة في هذا الدرس وأنا سوف أذكر إن شاء الله أربع أو خمس نقاط هي الدين وهي جوهر الدين والثاني يستكمل بقراءة كتاب، يستكمل بسماع شريط ولكن الشيء الذي لا بد أن تفعله أنت ولا تعفى منه هي ركائز الدين وأعمدة الدين، أحد ركائز الدين أن تعرف الله كيف تعرفه ؟ من خلقه كيف تعرفه ؟ من الكون الذي سخره لك تسخير تعريف، كيف تعرفه؟ من آياته في نفسك، كيف تعرفه ؟ من طعامك وشرابك، كيف تعرفه ؟ من أفعاله، كيف تعرفه ؟ من كلامه، خلقه وأفعاله وكلامه تعريفٌ به.
 ما لم يتسع وقتك للتأمل بخلقه تارةً وبكلامه تارةً وبأفعاله تارةً أخرى أنت لا تعرفه، مرة كنت في مسجد من مساجد المهاجرين أصلي المغرب دخل رجل صغير الحجم قصير القامة نحيف منحني الظهر تقدمت به السن كثيراً، كنت مع صديق لي ما إن لمحت هذا الرجل حتى هرعت إليه وسلمت عليه سلاماً فيه احترام شديد، صديقي استغرب وقال لي من هذا الذي سلمت عليه ؟ قلت له لما كنا في الجامعة طلاباً كان عميد كليتنا وكان من أعلم العلماء المنطقة في اللغة و النحو والصرف، أنا أكبره لعلمه صديقي ما عرفه ظنه إنسان عادي إنسان في نهاية العمر يمضي هذه الأيام هكذا، بيني وبين صديقي أني أعرف مكانة هذا الرجل وهو لا يعرفه، لو جاء طبيب جراح أحد أندر الجراحين في العالم لو جاء إلى المطار وخرج لاستقباله طبيب زميل له كان تلميذه في أمريكا ترى في المطار ألف شخص كلهم ينظر إليه هكذا أما هذا التلميذ الذي كان تلميذه ويعرف إمكاناته وبراعته وعملياته الجراحية الكثيرة والنادرة، هذا يسلم عليه سلاماً حاراً ملؤه الاحترام.
 أنا أركز على معرفة الله هل عرفت الله، صدقوني أيها الأخوة ولا أبالغ إياك أن تتوهم أنك تعرفه وأنت تعصيه إياك أن تتوهم أنك تعرفه وتؤذي له عباده، أنك تعرفه وأنك تكذب عليهم، أنك تعرفه و أنك تحتال عليهم من سابع المستحيلات أن تعرفه وأن تؤذي عباده، أن تعرفه وأن تعلو على عباده هذه حقيقة، يعني ما لم تتفرغ للتأمل في الكون وللنظر في أفعال الله، قال تعالى:

﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)﴾

[ سورة الأنعام ]

 اليوم ذكرت إلى أحدهم قصة وقلت له: موظفان أعرفهما جيداً أحدهم متعه الله بعمر مديد أعطاه رزقاً حلالاً وسمعةً طيبةً وأولاداً أبراراً، والآخر دمره الله عز وجل، الأول كان في خدمة الناس والثاني كان في موقع إيذائهم، إذا نظرت إلى أفعاله وحدته وإن لم تنظر إلى أفعاله ظننت أن الدنيا تجري هكذا، لذلك الدعوة التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام لماذا نجحت نجاحاً كبيراً ؟ لأنها بنيت على معرفة الله أولاً ثم على معرفة منهجه ثانياً، وأية دعوة تبدأ بمعرفة منهجه ولا تلقي بالاً لمعرفته هي دعوة عرجاء لا تقف على قدمين.
 لذلك حينما تعرف الأمر ولا تعرف الآمر تتفنن بالتفلت من هذا الأمر، وحينما تعرف الآمر قبل الأمر تتفانى في تطبيق أمر الآمر، هي كلمتين بين أن تتفنن في التفلت من هذا الأمر وبين أن تتفانى في طاعة الله عز وجل، إذاً تحب صباحاً، بين المغرب والعشاء، قبل أن تنام، بعد أن تستيقظ، بعد أن تستيقظ من النومة التي بعد صلاة الفجر، لابد من أن يتسع وقتك لوقت تعرفه، إن أحببت من خلال كلامه وإن أحببت من خلال خلقه، وإن أحببت من خلال أفعاله فهذه الفقرة التي تزهد بها هي أصل الدين، لماذا كان عليه الصلاة والسلام في غار حراء يتعبد الله عز وجل لماذا لأنه في غار حراء كان يتعرف إلى الله ولا سيما الإنسان حينما يبدأ طريق الإيمان بمعرفة الله فيمشي على صخر لذلك قال تعالى:

 

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)﴾

 

[ سورة الأحزاب ]

 برنامج حياتك اليومي كثير جميل أن يكون لك برنامج وقت استيقاظ وقت نوم أدعية ما قبل النوم بين المغرب والعشاء الذي لا يوجد عنده دوام بعد الظهر هذا وقت مبارك إذا دخل إلى المسجد وقرأ فيه القرآن إذا فكر في آيات الله عز وجل في هذا الوقت لابد من خلوة، لا بد من غار حراء مجزأ، هذه الجلسة التأملية قال تعالى:

 

﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46﴾

 

[ سورة سباء ]

 هذه الجلسة لابد منها اجعلها صباحاً، اجعلها بين المغرب والعشاء، اجعلها قبل أن تنام، اجعلها بعد صلاة الفجر، لابد من جلسة مع الله هذه الجلسة تعطيك الوقود شحنة إن شحنت جيداً في هذه الجلسة فأنت في النهار ذو بصيرة، فأنت في النهار ذو حكمة، فأنت في النهار ذو جرأة في النهار تملك الرؤية الصحيح و التصرف الحكيم والكلمة السديدة والشعور بالأمن والشعور بالسمو والشعور بالنماء هذا كله من شحنة الفجر لا تعجز عن ركعتين قبل الفجر أكفك النهار كله، تماماً كما تشحن، أحياناً الذي عنده مركبة البطارية الجديدة حينما تحرك المفتاح يدور المحرك، أما إذا كان شحنها قديماً وفقدت معظم مخزونها ساعة المحرك لا يدور، ويوجد إنسان بطاريته جديدة مشحونة الشحنة للاتصال بالله عز وجل، فأول شيء ضعوه في أذهانكم الدين كبير جداً يوجد كتب في الإسلام لا تعد ولا تحصى، كتب التفسير بالمئات، كتب الحديث بالمئات، كتب السيرة بالمئات، كتب الفقه بالألوف ماذا ينبغي أن تقرأ، ينبغي أن تنتقي من الدين لبه، أصوله جوهره.
 أول بند أن تعرفه، البند الثاني أن تطيعه ومن لوازم الطاعة أن تعرف أمره ونهيه، فإما أن تقرأ وإما أن تسأل هذه تجوز ما الحكم الشرعي في هذا ؟ ماذا أفعل هل لي أن أحلف اليمين ؟ هل يجوز أن أكذب ؟ هل يجوز أن أحلف على نيتي أنا أو على نية المستحلف ؟ فلابد من أن تطيعه ومن لوازم الطاعة أن تعرف أمره ونهيه، إذاً بعد أن تجلس لتتعرف إليه متأملاً متفكراً لابد من أن تجلس على ركبتيك كي تقرأ الفقه إما سائلاً وإما قارئاً وإما طالب علم أما تطلب ممن تضع مالك عنده ربح ثابت إنك لا تعرف الله هذا ربا، تساعد إنسان في شراء بيت وتطالبه بأجرة ثابتة وتطالبه أن يضمن لك المبلغ دون أن ينقص ربا صار، فكيف تطيعه وأنت لا تعرف أمره ؟ قال أحدهم لرجل أسلم وشهر عليه السيف، قال له: ماذا أقول؟ قال له: والله لا أعرف.
 أطع ربك، يقول أحدكم كيف أطيعه ؟ هل تعرف أمره ونهيه، ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ما لا تتم السنة به فهو سنة، ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض، لا تصدق من يقول لك إنك حينما تطيع الله عز وجل تشعر أن الطريق إلى الله سالكٌ هذا الطريق السالك يمنحك صلةً مستمرة هذه الصلة لا يعرفها إلا من ذاقها، المؤمن عليه الاتصال بالله، المؤمن قريب من الله لأنه هو في طاعة الله، هو مع الله في خلوته وفي جلوته، في سره وعلانيته، في حله وترحاله، يعني الشعور أنك مع الله، الشعور أنك في طاعة الله إذاً أنت معه هذا الشعور لا يقدر بثمن، هذا هو الدين كله، لذلك الحكمة تأتي من هنا، قال تعالى:

 

﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) ﴾

 

[ سورة البقرة ]

 الحكمة تأتي من هذا الاتصال ولو كان هادئاً، الحكمة تأتي من هذا الاصطباغ بصبغة الله عز وجل، قال تعالى:

 

﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)﴾

 

[ سورة البقرة ]

 الاصطباغ ترى المؤمن عامر قلبه، حديثه هادئ، نظراته حارة، حركاته حكيمة، لسانه طيب، نفسيته طاهرة، نورانيته مشعة هذا من آثار الاتصال بالله عز وجل، يعني تعرفه تطيعه تتصل به، هي الطاعة سلبية والطاعة أكثرها مبدوء بكلمة ما، أنا ما أكلت مالاً حراماً ما تكلمت كلمةً نابية، ما أسأت إلى صديقي وأهلي، أكثر الاستقامة مسبوقة بما معنى هذا أن الاستقامة عمل سلبي، الصيام، الصلاة فعل أما الصيام ترك الطعام والشراب، الصيام عبادة سلبية أما الصلاة عبادة إيجابية فيها حركة ووضوء ووقوف، قراءة، ركوع، سجود، الصلاة عمل أما الصيام ترك ؛ الاستقامة ترك، لكن لابد لك من عمل صالح هنا هل يوجد أيها الأخوة الحضور إنسان في الأرض ليس له عمل ؟ ليس له اختصاص، ليس له حرفة، ما له ميزة.
 امرأة أصيبت بمرض خبيث في دماغها نذرت لئن شفاها الله عز وجل أن تجعل من كل إمكاناتها في خدمة المسلمين، امرأة فقيرة ماذا تستطيع أن تفعل، امرأة هل يسمح لها أن تخطب في المسلمين، أن تخرج إلى الجهاد مثلاً، هذه المرأة استأجرت بيتاً صغيراً وصارت تطبخ طبخات نفيسة جداً وتبيعها للأسر الغنية كل ربحها تعالج به فقراء المسلمين، أجرت بضع عشرات من العمليات الجراحية من أجرتها، أي إنسان فقير يحتاج إلى عملية جراحية كانت تكلف بعض الأطباء أن يجروا بعض العمليات الجراحية، هذه مثل أعلى هذه المرأة لا تحسن إلا أن تطبخ، لا تحسن إلا الطبخ فكان الطبخ سلماً لها إلى الجنة، لا تصدق إنسان لا يوجد عنده إمكانات أيام يأتي أخ بكل تواضع يقول لك أنا كهربائي ممكن أن أخدم المسجد، قدم هذا الجهد بنيةٍ طيبة، يوجد مدرس، محامي، طبيب، صيدلي، عندنا أخ طبيب متفوق جداً في الأسنان قال لي: جاءتني امرأة تعمل في التعليم فقيرةٌ جداً وتحتاج إلى عملية في أسنانها فلما عرفت قيمتها أحجمت، فقال لي: رق قلبي لها وقررت أن أجري لها عملية التقويم مجاناً، يقول لي: ما شعرت بسعادة بكل تاريخ المهنة إلا مع هذه الذي أصلحت أسنانها لوجه الله، ممكن إنسان ليس له اختصاص، ليس له حرفة أي شيء تحسنه يمكن أن تنفق منه في سبيل الله وقد قال الله تعالى:

 

﴿ رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)﴾

 

[ سورة البقرة ]

 نعرفه، نطبق منهجه، نتصل به، نفعل الصالحات، الاستقامة تسلم بها والأعمال الصالحة ترقى بها، الاستقامة تزيل العقبات من الطريق إلى الله كل معصية عقبة فأنت حينما تستقيم تزيح هذه العقبات عن الطريق إلى الله أما حينما تعمل الصالحات تتحرك على هذا الطريق، فكرة دقيقة طريق كله عقبات وأنت أمام مهمتين أن تزيح هذه العقبات وأن تسير على هذا الطريق، الحركة على هذا الطريق العمل الصالح وإزاحة العقبات الاستقامة وأساسهما معرفة الله ونتائجهما الاتصال بالله هذا الدين كله بكل بساطة، هذا درسٌ لضغط الحقائق، تعرفه تطيعه تعمل الصالحات تتصل به، المعرفة جانب معرفي والاستقامة والعمل الصالح جانب سلوكي والاتصال به جانب جمالي وهي العبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية، يعني إذا أردت الدين كله أن تراه في كلمات هذا هو الدين كله، قال تعالى:

 

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23﴾

 

[ سورة المؤمنون ]

 قالها سيدنا نوح العبارة نفسها، سيدنا شعيب، سيدنا موسى، سيدنا هود سيدنا صالح، العبارات نفسها، نهاية العلم التوحيد ونهاية العمل التقوى لذلك أنت الآن أمام عدة نشاطات إسلامية تقرأ كتاب تحضر مولد، تسمع شريط، تحضر درس علم، جوهر الدين معرفته من ثلاث مصادر خلقه وكلامه وأفعاله والعمل وفق منهجه، استقامة وعمل صالح الاستقامة سلبية إزاحة العقبات والعمل الصالح إيجابي حركة على هذا الطريق، الجانب الجمالي تتصل به وتصطبغ نفسك بصبغته معنى ذلك التفكر والاستقامة والعمل الصالح والاتصال هذا هو الدين وهذا هو أصل الدين وهذه هي ثمرة الدين ومن عرف هذه المبادئ الأربعة فقد عرف كيف يحقق الهدف من وجوده.
أنت الآن كالإناء لا يمكن لإناء أن تصب فيه حتى يبلغ القمة العليا بعدئذٍ هذا الماء يجب أن يفيض أنت حينما تمتلئ تفيض على غيرك، حينما تمتلئ تفيض على غيرك والإفاضة على غيرك هي الدعوة إلى الله، قال تعالى:

 

﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108﴾

 

[ سورة يوسف ]

 ومستحيل أن تستقر حقيقة الإيمان في قلبك ولا تؤكد ذاتها بحركة نحو خلقه يعني مسلم متقوقع لا يوجد، مسلم سلبي لا يوجد، مسلم منزوي في بيته لا يوجد، مسلم لا يفكر في أن يجاهد نفسه وهواه أو أن يقنع الآخرين بعظمة هذا الدين مثل هذا المسلم لا وجود له إنسان سلبي انطوائي متقوقع، هارب من الحياة هذا ليس مؤمناً، معنى هذا الشيء الخامس بعد أن تعرفه وبعد أن تستقيم على أمره وبعد أن تعمل الصالحات، وبعد أن تتصل به وتصطبغ نفسك بصبغة الكمال بعد كل ذلك تفيض على الآخرين، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي يَقُولُ: بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ولا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ))

 يجب أن تشعر أنك بحاجةٍ إلى التبليغ والآن يوجد طريقة في تبليغ الحق يستعين بها من لا يملك القدرة على التبليغ أن تحضر مجلس علم إن أعجبك وإن تأثرت به تأثراً كثيراً خذ شريطه وأسمعه إلى الناس، يعني كلما سمعت درساً أسمع هذا الدرس إلى عشرة عن طريق شريط، أخوك، جارك، قريبك، ابن أخيك، أختك، ابنتك، زوجتك، أنت حينما توزع هذه الحقائق تكون قد دعوت الله بشكل أو بآخر، والحقيقة الآن بالعمل الصالح والأعمال الصالحة كثيرة لكن من هذه الأعمال أن تطعم الجائع، لكن هذا الجائع إذا أطعمته أكل وجبة وهضمها وانتهت يريد وجبة ثانية، أكل الثانية يريد الثالثة قضية ليس لها نهاية، هو لماذا يعاني ما يعاني ؟ يعاني ما يعاني بسبب شرود عن الله عز وجل أنت إذا دللته على الله أوصلته بالأصل بأصل الكون، معنى ذلك أنك قدمت له شيئاً ثميناً جداً وهذا هو العمل الصالح الذي يبقى بعد موت صاحبه، الحقيقة أعظم الأعمال هي التي تبقى بعد موت صاحبها وأخسر الأعمال دار لهو أنشأها صاحبها وربح منها أرباحاً طائلة ومات وترك هذا المال الوفير لأولاد فسقةٍ فجرة، وهذه الدار مفتحةٌ أبوابها بعد موت صاحبها بعشرات السنين فكل معصيةٍ ترتكب في هذه الدار في صحيفة من أنشأها والآثار لا تنقطع بموته بل تزداد بموته فلذلك أخطر عمل هو العمل المستمر بعد موت صاحبه.
وأنجح عمل هو العمل المستمر بعد موت صاحبه قال الرسول صلى الله عليه وسلم:

 

 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ))

 من حوالي عشر سنوات يوجد آية بذهني أردت أن أجعلها محور لخطبة في المسجد فتحت تفسير عندي هذا التفسير قرأته فإذا فيه شرح دقيق جداً لهذه الآية، كان لهذه الخطبة أثر كبير بعد أن انتهت هذه الخطبة قلت سبحان الله صاحب هذا التفسير ألفه ومات قبل ألف عام وها أنا قد قرأت هذه الآية من هذا التفسير وشرحتها شرحاً مفصلاً للأخوة الحضور وكان تأثرهم بهذه الخطبة بليغاً وهو في قبره قبل ألف عام والأجر يصل إليه لأن هذه الخطبة كانت في صحيفته، لذلك اعمل عملاً يبقى بعد موتك، أعظم هذه الأعمال ابنك الصالح ابنك استمرار لك، ابنك يجعل عملك لا ينقضي.
 والله مرة كنت في تعزية لأحد علماء دمشق وقام ابنه يخطب خطبةً في هذه المناسبة وكان متكلماً وكان أفكاره جيدة، وكان هذا الخطيب أحد خطباء دمشق الكبار وقد حضر هذه التعزية وزير الأوقاف فقال وأنا أعينه مكان أبيه تكريماً لأبيه، سبحان الله أنا قلت في نفسي والله ما مات أبوه مادام قد خلف شاباً عالماً حل محل أبيه إذاً ما مات فلذلك بعد أن تعرف الله، وبعد أن تستقيم على أمره، وبعد أن تعمل الصالحات في سبيل القرب منه، وبعد أن تتصل به فتصطبغ نفسك بصبغته الكاملة عندئذٍ تفيض على الآخرين بعلمك وأحوالك، وعندما تهتدي إنساناً.

 

 

(( يا علي لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها، وخير لك مما طلعت عليه الشمس، وخير لك من حمر النعم ))

 لذلك شمروا فإن الأمر جد وتأهبوا فإن السفر قريب وتزودوا فإن السفر بعيد وجددوا السفينة فإن البحر عميق وأكثروا من الزاد فإن السفر بعيد وخففوا أثقالكم فإن في الطريق عقبةٌ كؤود لا يجتازها إلا المخفون، وأخلصوا النية فإن الناقد بصير، وعش ما شئت فإنك ميت وأحبب ما شئت فإنك مفارق واعمل ما شئت فإنك مجزي به.
 أنا والله أعجب من الصحابة الكرام يعني كانوا يستمعون إلى النبي قليلاً موعظة قليلة ترى الخطيب الآن ثلاث أرباع الساعة، يوجد خطيب ساعتين، خطب النبي تلقى في دقيقتين من خطب النبي يقول عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( إن هذه الدنيا دار ارتواء لا دار استواء ومنزل ترح لا منزل فرح فمن عرفها لم يفرح برخاء ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضى فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي ))

هذه خطبة كلمات قليلة موجزة جامعة مانعة والصحابة الكرام وصلوا إلى مرتبة رضوان الله، قال تعالى:

 

 

﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18)﴾

 

[ سورة الفتح ]

 فالدين واضح وكلماته واضحة والطريق إليه واضح، وطريق الاستقامة واضح وطريق الجنة واضح ما علينا إلا الحركة يعني قصر في قمة الجبل وهذا القصر فيه كل شيء لمن يصل إليه فأنا لا أسير بل أقف كم غرفة فيه ؟ أريد دليل بل سر، سر على الطريق إليه بعد أن تدخله تعرف كل شيء هذا الوقت إياك أن تمضيه بالحوار والعي، سر إلى هذا القصر إن دخلته تعرف كل شيء يوجد إنسان عملي ويوجد إنسان نظري يحب المراء والمشاحنة والحوار والمشكلات والقضايا الجانبية أمضى كل وقته في القيل والقال:

 

(( حَدَّثَنِي كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ "))

 يعني مثل أضعه بين أيديكم، المثل على الفكر العملي، ويجد فكر مجرد معك كتاب مائتان صفحة وعندك امتحان يوم السبت الساعة الثامنة وأنت يوم الجمعة صباحاً، جلست وصفنت هذا الأستاذ آدمي يا ترى سؤاله سهل ولا صعب، والله إذا كان صعب يكون ابن حرام، جالس لا يدرس هل من المعقول أن أنجح والله يجوز أن أنجح، إذا كان السؤال صعب ماذا أفعل الوقت يسير، هذا إذا ترك المناقشة وفتح الكتاب وقرأ الآن عمله واقعي وفكره عملي، أنا أتمنى على الأخوان أن يكون فكرهم عملي وليس نظري، الله عز وجل موجود وطريق الجنة واضح في هذا الوقت تقرأ القرآن، أخدم والدتي، أحل مشكلة لإنسان، أساعد فقير، العمل تتألق به، أما العي والسؤال والجواب والقضية الخلافية ورأي فلان بها يا ترى رأيه مخالف لغيره ليس له حق، له حق

 

 

((إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ "))

 كن عملي والوقت الضيق اعمل به عملاً مجدياً، مرةً أخرى قصر منيف كل شيء فيه هكذا الوصف الأولي والطريق له سالك، أنا يجب أن أسير، يا ترى كم غرفة، هل مسبحه مفلتر، يا أخي اذهب إلى القصر وترى كل شيء، هذه الأسئلة سوف تعرفها قطعاً، هذا الوقت الثمين لا تضيعه في إثارة المشكلات ضيعه بالحركة نحو هذا القصر، فممكن أن تكون عملي قم صلي، احفظ سورة وافهم تفسيرها، اخدم إنساناً، ساعد والدتك، قدم عمل، تحرك، في الحركة بركة جالس ويفكر هذا العالم هل من الحقيقة أن يكون مخلصاً في دعوته والله من الممكن أن لا يكون مخلصاً، إذا كان مخلص أو ليس مخلص ماذا تستفيد أنت، إذا ليس مخلص عليه وإذا مخلص له، اجعل نفسك عملي ابن جاء من فرنسا ودرس الفلسفة وجالس مع أبيه ويريد أن يريه براعته في الفلسفة وأمامه فروجين فقال له يا والدي: نحن أمامنا فروجين وأنا وأنت وأمي وأنا أستطيع أن أقنعك الآن أنهم ثلاثة، فقال له الأب: لا تغلب نفسك أنا سوف أكل واحد وأمك تأكل الآخر وكل أنت الثالث، الأب أذكى منه بكثير كان.
 الطريق إلى الله سالك أستطيع أن أصلي هل يوجد أحد يمنعك من الصلاة في البيت أو في المسجد، الحمد لله والله نحن في نعم كبرى الجوامع مفتحة جاء أخ كريم من بلد من شمال إفريقيا لا تستطيع أن تدخل إلى المسجد ولا يعلم أين مصيرك انظر إلى دروس العلم في أي مسجد دروس العلم، تستطيع أن تصلي وتحضر دروس علم وتقرأ القرآن تغض بصرك وتدفع من مالك وتؤلف كتاب، تساعد إنسان هذا كله شيء عملي ومجدي، الخوض في قصص العلماء من على حق ومن على باطل وهذا عي اتركه وكن عملي، الإنسان العملي يتألق والعملي لا يوجد عنده وقت أن يفكر بالمشكلات، يعني إذا طعنت في الظهر فاعلم أنك في المقدمة.
 اركض إلى الله عز وجل ويوجد نقطة مهمة إذا معك كيلو معدن وهو كيلو ذهب والناس يظنوه تنك أنت الرابح الأول، وإذا معك كيلو وأنت فصيح ومتكلم واستطعت أن تقنع الناس أنه ذهب أنت الخاسر، إذا قنعوا أنه ذهب أنت الخاسر وإذا توهموا أنه تنك أنت الرابح، مشكلتك معك وخيرك منك وشرك منك، رقيك منك، أنت وربك، أنا أصفن في هذه الخصومات والتقييمات، والخلافات، والتفاصيل، أنت تقول في القرآن مجاز، لا يوجد مجاز، القرآن منهج أضرب لكم مثل: بلد لا يوجد فيها إذاعة ولكن فيها بلاغات وضعوا بلاغ بمنع التجول تحت طائلة إطلاق الرصاص، جاء رجل وقال والله هذا الورق لا يوجد منه وشيء جميل جداً فيه رصفة، وحبر المطبعة جميل، التوقيع بالأخضر، والختم ممتاز واللغة جيدة، درس هذا البلاغ ودرس فيه كل شيء إلا أن يفهم مضمونه باعتبار خالف نص البلاغ ولم يكن في البيت بعد الساعة الثامنة جاءته رصاصة فأنهت حياته، ليته لم يفكر بالورق ولا التوقيع ولا بالصيغة والحبر والمطبعة والحرف، قرأ البلاغ ودخل إلى بيته.
 يوجد موقف عملي، رجل أحب أن يتعلم الفقه جلس عند عالم بمصر ستة أشهر بأنواع المياه فترك الإسلام وخرجت روحه، قال له عالم آخر: الماء الذي تشربه توضأ منه، انتهت، أبقى عملي، واضح اجعل نفسك متحرك ولا تكون جامد كن ـ ديناميك ـ تحرك فالحركة فيها بركة، علم وسط مع تطبيق أفضل بألف مرة من علم غزير من دون تطبيق، إذا سائق أمي كل ما أحب أن يقود مركبته يفحص البطارية والزيت، ورجل معه دكتوراه بالميكانيك نسي البطارية والزيت فاحترق المحرك، أيهما أذكى ؟ الأمي الذي استطاع أن يتعامل مع الأمور تعامل جيد، أنت ممكن أن تصل إلى مقام عالي جداً بالحركة الصحية والأمور الأساسية واضحة، قال تعالى:

 

 

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

 

[ سورة النور ]

 هل تحتاج هذه الآية للزمخشري، للقرطبي، للطبري، للرازي، لهؤلاء العلماء الكبار ؟ لا هذه الأشياء الأساسيات واضحة، الحلال بين والحرام بين، يوجد إنسان لا يعلم أن بر الوالدين الله يحبه عز وجل، هل يوجد إنسان لا يعلم أن الغش حرام، بل نحن دخلنا في متاهات عقدنا الدين تعقيد وصار الدين متاهة، الدين بسيط هذا الأعرابي الذي قال له سيدنا عمر: بعني هذه الشاة وخذ ثمنها ؟ قال له: ليست لي، قال له: قل لصاحبها أنها ماتت، قال له: ليست لي، قال له: خذ ثمنها، قال له: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني وإني عنده أمين ولكن أين الله.
 هذا هو الدين، الدين أن تقول أين الله، الدين أن تضع يدك على جوهره هذا هو جوهره، الدين بسيط وواضح وعملي تألق به ترى الشاب يغض بصره وصادق بلسانه يؤدي صلواته ترى وجهه مثل البدر وشخص يفهم أحكام دقيق جداً قارئ فقه مقارن تأتي على التعامل لا يوجد استقامة والله العلم لا يوجد أعظم منه لكن قيمة العلم ما عمل به فإن لم يعمل به ليس له قيمة، نحن لا يوجد عندنا علم هدف لذاته في الإسلام، العلم وسيلة وأنا أتمنى على أخوانا الكرام وأنا قلت مرة أنه يوجد رجل توفي رحمه الله وكان داعية كبير في بلد عربي قلت: أنا كشفت في هذا الإنسان ثلاث صفات، الدين بسطه وعقلنه وطبقه.
 نحن بحاجة الآن إلى دين بسيط واضح ولا يتناقض مع العقل والعلم لأنه الذي خلق العقل هو الله والذي أنزل هذا القرآن هو الله، والكون خلقه فشيء طبيعي جداً أن لا يتناقض الدين مع الواقع ولا مع الفطرة ولا مع العقل ولا مع النقل، نبسطه ونعقلنه ونطبقه وكلمة أخيرة وإن كان المثل صارخ جداً: انظر ألف مليون بين أن تلفظها وبين أن تملكها وهذا هو الفرق بين من يطبق ما يعلم وبين من يقول ما يعلم، إذا قلت ما تعلم ولا تملك ثمن رغيف خبز وإذا طبقت ما تعلم تملك ألف مليون والفرق واسع جداً.
قال له عظني ولا تطل والله شيء عجيب هذا الأعرابي، قال له: فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يرى ومن يعمل مثقال ذرة شراً يرى، قال له: كفيت، ترى إنسان حضر ثلاثين سنة، وكل أسبوع أربع دروس وفي النهاية ليس مستقيم، فقال عليه الصلاة والسلام: فقه الرجل.
 أنا بصراحة إن رأيت شاب مطبق للدين يكبر بعيني جداً، وصل إلى الهدف ووضع يده على جوهر الدين، وإن رأيت إنسان يحب العي جداً ولكن ليس مستقيم أقول ما وصل والطريق مغلق أمامه، ملخص الدرس إذا أردنا أن نضغط الدين كله في خمس كلمات أن تعرف الله من خلال خلقه، ومن خلال فعله، ومن خلال كلامه، وأن تستقيم على أمره بترك ما حرم عليك وأن تعمل الصالحات تقرباً إليه عندئذٍ تتصل به وتصطبغ نفسك بصبغته العالية بعد ذلك تفيض على من حولك بالدعوة إليه، فإذا دعوت إليه عملت عملاً لا ينتهي بعد موتك مستمر.
قالوا لك أبٌ زوجك وأبُ أنجبك وأبٌ دلك على الله، الذي أنجبك ينتهي فضله عند الموت والذي زوجك يبدأ فضله من الزواج وينتهي عند الفراق، والذي دلك على الله يبدأ فضله من اليوم الذي دلك على الله ويستمر إلى أبد الآبدين، هذه هي الحقيقة وأردت أن يكون هذا الدرس معالم الطريق إلى الله عز وجل.
معرفة، استقامة، عمل صالح، اتصال، دعوة، والإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، قال تعالى:

 

﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾

 

[ سورة العصر ]

إخفاء الصور