وضع داكن
20-04-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 093 - مقاصد الصلاة - رسالة العز بن عبد السلام.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الأخوة المؤمنون: موضوع جديد وليس بجديد هو موضوع الصلاة، المسلمون يصلون، ولكن نتمنى على كل مسلم وأتمنى على نفسي أن يرتفع مستوى الصلاة من صلاة تؤدى شكلاً إلى صلاة أرادها الله عز وجل، الحقيقة لعالم جليل اسمه العز بن عبد السلام رسالة في الصلاة، وهذه الرسالة من الأهمية بمكان، إنها لا تشرح أحكام الصلاة التي تعرفونها جميعاً ولكن تشرح مقاصدها، والظاهر بيبرس قال مرة والله ما استقر ملكي، حتى مات العز بن عبد السلام، كان من العلماء العاملين، من العلماء المجاهدين، من العلماء الذين لا يخافون في الله لومة لائم، له رسالة رقيقة جداً وريقات، أصل مخطوطها في مكتبة الأسكريال في أسبانيا، أخذت وطبعت ونقحت ووجدتُ فيها شيئاً نحتاجه جميعاً، يقول هذا العالم الجليل: مقصود العبادات كلها التقرب إلى الله عز وجل، أمرك بالصلاة، أمرك بالزكاة، أمرك بالصيام، أمرك بالحج، كل العبادات الشعائرية والتعاملية، هدفها أن تقترب من الله عز وجل، وكنت أقول مرة الحج من أجل الصلاة، والصوم من أجل الصلاة، والزكاة من أجل الصلاة، والصلاة من أجل الصلاة، أي الاتصال بالله أي القرب، إذن العبادات الشعائرية التي أمر الله بها من أجل أن نقترب من الله عز وجل، الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول: علة العبادات كلها العبادات معللة بمنافع العباد، وأية منفعة أعظم من أن تقترب من الله عز وجل، أيّ منفعة أعظم من أن تكون قريباً من خالق السماوات والأرض، بعد قليل نتحدث عن القرب ومعنى القرب، أولاً العبادات كلها معللة بمصالح العباد الحقيقية، هناك مصالح مزيفة ومصالح وهمية، المال مصلحة، أن تكون غنياً هذه مصلحة دنيوية ولكن المصلحة الحقيقية أن تصل إلى دار السلام بسلام، المصلحة الحقيقية أن تفوز بالجنان، وأن تفوز بالرضوان، وأن تكون في دار من سلام إلى سلام يهديهم سبل السلام، فنحن لئلا ينقلب الدين إلى طقوس تؤدى أداءً شكلياً أجوف لا معنى له، لئلا ينقلب الدين إلى حركات وسكنات لا معنى لها، لئلا يقترب الدين مما يسمى في اللغات الأجنبية فلكلور، وأنا أسفت أشد الأسف لأن عدداً من قراء القرآن الكريم وعدداً من الفرق الإنشادية ذهبت إلى عاصمة في أوربة، باريس وأقامت حفلاً شهيراً عرض على الجمهور الفرنسي تحت اسم فلكلور شرقي، ديننا، كتابنا، قرآننا، كلام رب العالمين يتلى في باريس، لا على أنه كلام الله بل على أنه فلكلور شرقي، يعني لئلا نقترب من الطقوس، لئلا يفرّغ الدين من مضمونه، لئلا يصبح الدين سلوكاً غير مفهوم، لئلا يصبح الإسلام اسماً بلا مسمى والقرآن رسماً بلا معنى، نريد أن نجدد أو أن نحسّن من صلاتنا، وهذه الرسالة المتواضعة فيها تعريف بالصلاة، غير التعاريف الفقهية المألوفة، إخواننا الكرام يمكن أن أوضح لكم هذه الحقيقة على المستويات الثلاث، الأحكام الفقهية تشبه خرائط قصر صنعها أمهر المهندسين، أما الإنسان لا مأوى له، في أمس الحاجة إلى مأوى، إلى كوخ عنده خرائط لقصر منيف، وليس عنده كوخ يؤويه، فبعض العلماء قال: هناك عالم بالشريعة وعالم بالطريقة وعالم بالحقيقة، عالم الشريعة يبين لك أن الصلاة حركات وسكنات وأقوال وأفعال، تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم، الوقوف كذا، الركوع كذا، السجود كذا، الاطمئنان، أي أوصاف حركات الصلاة، ما ينبغي أن تقرأ في الصلاة، هذه أحكام الصلاة الفقهية، هذه تعرفونها جميعاً ولا تخفى على أحد على تفاوت فيما بينكم، ولكن الصلاة إذا روعيت فيها هذه الأحكام الفقهية ليست هي الصلاة التي أرادها الله عز وجل، المشكلة الكبيرة أن الناس يذهبون إلى المسجد ويصلّون وكأن المسجد شيء وحياتهم شيء آخر وكأنه لا صلة بينهما ولا قرابة بين ميدان حياته وتفاصيل حياته وبين المسجد الذي تؤدى فيه الصلوات، فعالِم الشريعة يعطيك التعاريف الفقهية، أي إنسان ذهب إلى أوروبة ليدرس تزوج فتاة من هناك بإيجاب وقبول وشاهدين ومهر زواجه صحيح مائة بالمائة عند علماء الفقه والشريعة صحيح مائة بالمائة، أما إذا نوى أن يطلقها بعد انتهاء الدراسة فهذا زواج عند علماء الطريقة والحقيقة زواج سوف يحاسب الإنسان عليه أشد الحساب لأنه ما أراد التأبيد في هذا الزواج وعند الإمام الأوزعي التأبيد شرط صحة عقد الزواج، فعلماء الشريعة يعنيهم الظاهر، يعنيهم في العقود الإيجاب والقبول، لا يتدخلون في النوايا إطلاقاً ولكن عالم الطريقة إذا حدثك عن الصلاة نصحك أن تستقيم قبل أن تصلي، نصحك أن تغض بصرك، ينصحك أن تضبط لسانك، ينصحك أن تطهر قلبك من أجل أن يتلقى من الله المدد، النور، التجلي، السكينة، فعالِم الشريعة يعطيك الخرائط وعالِم الطريقة يدلك على القصر الذي بُني وفق هذه الخرائط، وعالم الحقيقة يأخذ بيدك ليدخلك إلى هذا القصر كي تستمتع به، فشتان بين أن تملك خرائط القصر وبين أن تسكن القصر، كما أنه وقد ورد في الحديث الصحيح:

(( عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِْيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ))

 لا تذوق حلاوة الإيمان عند تعارض المصالح إلا إذا آثرت طاعة الله على مصالحك الدنيوية، قد تتوافق مصالحك وطاعة الله، القضية سهلة جداً أنت في بستان جميل عند صديق لك مؤمن ودخل وقت الظهر فقمت وتوضأت وصليت لا يوجد مشكلة، أما حينما تتعارض مصالحك القريبة مع أوامر الله عز وجل وتهدر مصالحك، تضعها تحت قدمك وتطيع الله عز وجل، عندئذ تذوق حلاوة الإيمان، فمن أجل أن تدخل القصر وأن تسكن فيه لا بد من التضحية، أما من أجل أن تقتني هذه الخرائط وأن تتأمل بها لا تحتاج إلى تضحية إطلاقاً، إذا كان معك ورق هذا ورق، أما إن أردت القصر الذي بني وفق هذا الورق لا بد من جهاد وتضحية، لا بد من تضحية بالغالي والرخيص والنفس والنفيس، فالقاعدة الأساسية في هذه الرسالة أن مقصود العبادات كلها التقرب إلى الله عز وجل، ماذا يعني القرب من الله ؟ الله في مكان، حاش له أن يكون في مكان لا يحويه مكان، ولا يحده زمان، هو خالق المكان وخالق الزمان، ما معنى القرب من الله ؟ قال صاحب هذه الرسالة العز بن عبد السلام القرب هو القرب من جوده وإحسانه أي أن الله هو مصدر الإحسان، مصدر إسعاد، مصدر أمن وطمأنينة، مصدر نور، فالقرب من الله لا لذاته فالله لا يحويه مكان ولكنه القرب من جوده وإحسانه المخْتَصَين بعباده المؤمنين، ثم إن الله جل جلاله يعامل المتقرب إليه معاملة المتقرب إليه بالطاعة والتعظيم والخضوع والتفخيم وإلا فالقرب من ذاته محال، القرب من ذات الله محال، أما القرب من إحسانه وجوده، قال: القرب نوعان: قرب بالعلم والرؤية وشمول السلطان، وقرب بالجود والإحسان، الأول عام والثاني خاص، هذه الحقيقة مهمة، مقصود العبادات كلها القرب من الله تعالى، ما معنى ذلك ؟ حينما قال الله عز وجل:

 

﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)﴾

 

سورة الحديد

 أي قريب منكم هو معكم، هل هو بذاته معكم ؟ طبعاً لا، حاش له، معكم بعلمه، هو مع الكافر بعلمه، مع الملحد بعلمه، مع الزاني والسارق بعلمه، مع المؤمن بعلمه، مع المتعبد بعلمه مع المحسن بعلمه، القرب الأول قرب عام، هو معكم أينما كنتم معكم بعلمه، أما حينما يقول الله عز وجل:

 

﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)﴾

 

سورة التوبة

 هذا قرب أيضاً، هذا قرب المتقي مع الله، أي قريب منه، الله مع عباده كلهم، أي علمه محيط بهم، يسمع جهرهم ويعلم سرهم ويرى تحركهم ويعلم كل خلجة في قلوبهم وكل خاطر يمر على أذهانهم وهو معكم أينما كنتم هذا القرب قرب العلم، أما القرب الثاني قرب خاص قال تعالى:

 

﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)﴾

 

سورة الأنفال

 وقال أيضاً:

 

﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)﴾

 

سورة التوبة

 قال: معهم لا بذاته ولكن بتأييده ونصره وتوفيقه وحفظه، أي أنت حينما تقترب من الله تقترب من حفظه وتأييده ونصره، هو معك بعلمه وأنت إذا كنت مؤمناً قريبٌ منه قريب من رحمته، قال تعالى:

 

﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)﴾

 

سورة الأعراف

 أنت قريب من رحمته قريب من رأفته، قريب من إحسانه من تأييده، من نصره من توفيقه، القرب الأول أنه معنا بعلمه قال تعالى:

 

﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)﴾

 

سورة المجادلة

 القرب الثاني هو قوله أيضاً:

 

﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)﴾

 

سورة العلق

 وقال تعالى:

 

﴿عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)﴾

 

سورة المطففين

 وقال تعالى:

 

﴿ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)﴾

 

(سورة الواقعة )

 إذاً العبادات قصدها القرب من الله عز وجل، القرب نوعان: عام وخاص، العام أن الله معنا بعلمه أي قريب منا بعلمه، والخاص نحن نقترب من رحمته وتأييده ونصره وتوفيقه، أفضل ما في هذه الرسالة أن هذه العبادات تُرَتّب، كيف ترتّب ؟ قال ترتب بحسب فوائدها، هناك صلاة وصيام وحج وزكاة وذكر، هناك استغفار وتلاوة قرآن، كيف نرتب هذه العبادات وفق أي مقياس ؟ قال: هذه العبادات ترتب بحسب فوائدها، والشيء الجميل جداً قال: فأعظم العبادات فائدة هي أفضلها، كلما عظُمت الفائدة كلما ارتقت العبادة، والإمام العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى يبين أن أعظم عبادة على الإطلاق معرفة الله عز وجل هي قمة العبادات، لذلك يكاد يكون ثلث القرآن الكريم آيات دالة على عظمة الله عز وجل، في بعض كتب الجامعة كلية الشريعة كتاب تفحصته من زمن طويل فلفت نظري أنه في الصفحة الأولى يرتب العبادات ترتيباً بحسب أهميتها فيجعل ما يسميه مؤلف الكتاب عبادة التفكر أعلى كل العبادات على الإطلاق العبادة الأولى لأنك إن عرفته تقربت إليه فأعظم العبادات فائدة هي أفضلها وذلك معرفة الله عز وجل أصل الدين معرفته، ومشكلة العالَم الإسلامي كله هو أن الأوامر والنواهي معروفة عند الجميع كيف نفسر عدم تطبيقها وعدم الأخذ بها وعدم الانصراف إلى طاعة الله هذا كله يفَسَر بأنهم عرفوا الأمر ولم يعرفوا الآمر، وما داموا قد عرفوا الأمر ولم يعرفوا الآمر تفننوا في التفلت من هذا الأمر، أما حينما يعرفون الآمر ثم يعرفون الأمر يتفانون في طاعة الله عز وجل، النقطة الثانية، أولاً مقصد العبادات كلها القرب من الله القرب قربان هو قريب منا بعلمه ونحن إذا أخلصنا له وأحببناه وعبدناه حق العبادة نقترب من رحمته وحفظه وتأييده ونصره وتوفيقه، لذلك العبادة بلا إيمان لا معنى لها ولا تُقبل، أي لو أن إنسان غير مؤمن صلى صلاته غير مقبولة، قال تعالى:

 

﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)﴾

 

سورة التوبة

 أثبت الله لهم الصلاة والإنفاق ورفضها منهم لأنهم لم يؤمنوا، النقطة الدقيقة جداً أية عبادة على الإطلاق أساسها الإيمان بالله عز وجل فإن لم يكن الإيمان قوياً فالعبادة لا معنى لها، ويقول الله عز وجل:

 

﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)﴾

 

سورة المائدة

 وقال أيضاً:

 

﴿إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)﴾

 

سورة التوبة

 والعبادات لها تقسيم آخر، هنا جعل قمة العبادات معرفة الله عز وجل، وأحد العلماء المعاصرين أسماها عبادة التفكر وأن الله عز وجل في آيات كثيرة جداً حثنا على التفكر، الآن عندنا عبادات تُرتب ترتيباً آخر بحسب نفعها للعباد، بحسب نفعها لصاحبها التفكر في قمة العبادات، بحسب نفعها للناس مثلاً الصدقات، الكفّارات، أية عبادة يتسع نطاقها ليجمع الناس الكثيرين، أي مثلاً يمكن أن تعبد الله ويمكن أن تطلب العلم، أيهما أفضل ؟ دخلت إلى مسجد وجدت درس علم وأبهاء بعيدة، دعك من الفرض، هل من الأفضل أن تجلس في مجلس علم، أم أن تذهب إلى مكان بعيد وتصلي صلاة نافلة، لا شك أن الصلاة النافلة عبادة، وطلب العلم عبادة، حسناً أية العبادتين يتسع نطاقها ليشمل أكبر عدد من الناس، طلب العلم، لذلك عندما شكا أحدهم إلى النبي عليه الصلاة والسلام أن شريكه لا يعمل معه بالقدر الذي ينبغي وكان طالب علم فقال عليه الصلاة والسلام: لعلك تُرزق به، لذلك من أبواب الزكاة الإنفاق على طلبة العلم، طالب العلم لو أننا فرغناه تفريغاً كاملاً وهيأنا له كل حاجاته ولوازمه وأرحناه من كل هم وغم وجعلناه ينصرف إلى طلب العلم، طلب العلم عبادة بل هي من أرقى العبادات لأن نفعها يشمل عدداً كبيراً من الناس، العابد لنفسه أما العالِم لغيره، أما الذي سئل: من يطعمك ؟ وهو لا يعمل، قال: أخي، قيل له: أخوك أعبد منك، وقد أثنى صحابة رسول الله عليهم رضوان الله على رجل كثير التعبد فقال عليه الصلاة والسلام: من ينفق عليه ؟ قالوا: نحن جميعاً ننفق عليه، قال: كلكم أفضل منه، فالعبادة التي تشمل أكبر عدد من الناس هذه أرقى، لذلك كانت الدعوة إلى الله عز وجل من أعظم الأعمال على الإطلاق والله عز وجل يقول:

 

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33﴾

 

سورة فصلت

 أي لن تجد في الأرض كلها إنساناً أعظم فلاحاً ونجاحاً وتوفيقاً وقرباً من الله عز وجل ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً.
 الآن متعلقات الصلاة، الصلوات من أفضل العبادات الشعائرية لماذا ؟ قال: لأن الصلاة فيها معنى الحج، إنك في الصلاة تتوجه إلى بيت الله الحرام، وفي الصلاة معنى الزكاة إنك في الصلاة تقتطع من وقتك الذي هو أصل لكسب المال لأداء الصلوات ففيها إنفاق سلبي، هذا الوقت ممكن أن يزيد ربحك في الدكان، أغلقت الدكان وذهبت إلى المسجد فأنت أخذت من وقتك الذي هو أصلاً لكسب المال للصلاة ففيها معنى الزكاة، وفيها النطق بالشهادة فتقول في القعود أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وفي الصلاة معنى الصيام لأن الصيام هو امتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات بينما الصلاة فيها امتناع عن الذي يباح لك في الصيام عن الكلام والحركة، فأولاً الصلاة تقع في قمة العبادات كلها إنها سيدة الطاعات وغرة العبادات ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماء، قال: علاقة الصلاة بالمصلي قال إن فيها مصلحة للمصلي عاجلة وآجله، أعظم ما فيها أنه شرّف بمناجاة الله عز وجل، أنت حينما تصلي سُمح لك أن تناجي الله تقول له قال تعالى:

 

﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)﴾

 

سورة الفاتحة

 تقرأ الآية والمفروض كأنك تسمعها من الله عز وجل قال تعالى:

 

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)﴾

 

سورة الزمر

 انظر إلى الفاتحة أولاً بالثناء، قال تعالى:

 

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)﴾

 

سورة الفاتحة

 وقال أيضاً:

 

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)﴾

 

سورة الزمر

 تركع خاضعاً وتسجد مستمداً القوة من الله عز وجل على تنفيذ هذا الأمر الذي قرأته في الركعة وقد قال عليه الصلاة والسلام:

 

((عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَظَّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ))

 أي أية آية تقرأها في الركوع والسجود لها ركوعها الخاص وسجودها الخاص، أي إذا تلوت قوله تعالى:

 

 

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

 

سورة النور

 حينما تركع تقول سمعاً وطاعة يا رب، أنا خاضع لهذا الأمر، أما حينما تسجد تشعر بافتقارك إلى الله تقول: يا رب أعني على غض بصري، أعِنِّي على تنفيذ هذا الأمر وأعني على طاعتك، الركوع خضوع والسجود استعانة والسورة تسمعها من الله عز وجل تمهيدها قوله تعالى:

 

﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)﴾

 

سورة الفاتحة

 في الفاتحة حمدت الله عز وجل وأثنيت عليه وهو رب العالمين الرحمن الرحيم ثم طلبت منه أن يعينك على عبادته وحده، طلبت إياك نعبد لم تقل نعبد إياك وإنما قال تعالى:

 

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)﴾

 

سورة الفاتحة

 ثم طلبت منه أن يهديك إلى الصراط المستقيم قال تعالى:

 

﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)﴾

 

سورة الفاتحة

 السورة الركوع ثم السجود، قال أنىّ تعلقها بالمصلي ففيها من الدعاء بالمصلحة العاجلة و الآجلة، الصلاة دعاء، والصلاة ذكر، والصلاة مناجاة، والصلاة قرب قال تعالى:

 

﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)﴾

 

سورة العلق

وقال:

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)﴾

سورة طه

 هذه ذكر لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل، الصلاة دعاء، ليس المرء من صلاته إلا ما عقل منها عقل، فالصلاة دعاء وعقل ومناجاة وذكر وقرب، خمس تعريفات، الصلاة عقل قال تعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً (43)﴾

 

سورة النساء

 حتى تعلموا ما تقولون، فالذي لا يعلم ما يقول هو في حكم السكران، فالصلاة عقل وقرب قال تعالى:

 

﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)﴾

 

( سورة العلق )

 والصلاة ذكر قال تعالى:

 

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)﴾

 

( سورة طه )

 والصلاة دعاء، لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل، قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( عَنِ الْبَيَاضِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ: إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيهِ بِهِ وَلاَ يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ))

 قال: يا عبدي أنا أسمعك، أنا أنتظر أن تحمدني، تقول: ربنا لك الحمد والشكر والنعمة والرضى حمداً كثيراً طيباً مباركاً بعدد خلقك، متعلقة بالمؤمن فيها تشريف بمناجاة الله عز وجل، المصلي يناجي ربه وفيها تعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم حينما تقول: اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، أنت تطلب لرسول الله الرحمة، صلاة الله على النبي أن يتجلى عليه بالرحمة، قال: وأما تعلقها بجميع عباد الله المؤمنين فحينما تقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين إذن متعلقة بالمؤمنين وبرسول الله وبالمصلين، أيها الإخوة أهم شيء في الصلاة، أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، هنا محط الشاهد تنهى نهياً ذاتياً، وفي الإسلام هناك وازع داخلي وهناك رادع خارجي، القوانين تعتمد على الرادع، والصلاة تعتمد على الوازع، الوازع في الصلاة والرادع في القوانين، يعني إذا هناك مراقبة الأمور تنضبط، ما في مراقبة الأمور لا تنضبط، حدثني أخ كان في أمريكا، قال: ركبت سيارة وانطلقت مع من ينطلق، السرعة عالية جداً فوجئت بعد حين، أن كل هذه السيارات خفضت من سرعتها إلى النصف، بعد أن كانت على مائة وثمانين، أو على مائتين، ما الذي حدث ؟ لم يفهم ما الذي حدث ثم علم فيما بعد، أن هناك نقطة رادار، وأن في كل السيارات جهاز يكشف الرادار، فحينما يعطي الجهاز إشارة إلى أنك اقتربت من الرادار الذي يكشف السرعات الزائدة كل خفض سرعته، إذن القانون لا يمكن إلا أن يعتمد على الرادع الخارجي، ودائماً واضع القانون ذكي والمواطن يمكن أن يكون أذكى منه، فكلما اخترع واضع القانون جهازاً، اخترع من يخضع للقوانين أجهزة، وهي معركة لا تنتهي بين عقلين، أما حينما يكون الشرع من الله عز وجل، يقول لك شعب راقي، فعندما انطفأت الكهرباء في نيويورك تمت مائتا ألف سرقة في ليلة واحدة، حدثني أخ كان في أمريكا، قال: في بعض أيام الشتاء القارسة، كان هناك ثلوج سيارة لحم كبيرة جداً زلقت وانقلبت والسائق كان تحت كبين القيادة، كل الناس الذين حول السيارة سارعوا إلى أخذ ما فيها ولم يفكر واحد منهم في السائق الذي مات من النزيف، أقول الكلام بدقة بالغة القانون يعتمد على الردع الخارجي، بينما الدين يعتمد على الوازع الداخلي، هناك بالإسلام شيء مدهش، كل إنسان وحده، انضباطه إلى أعلى درجة وهو وحده، لا أحد يحتاجه، إذا دخل أحد إلى الحمام في أيام رمضان ورمضان بالصيف في شهر آب وقبيل المغرب أو العصر يكاد يموت من العطش وفي الحمام صنبور ماء بارد هل تجد مسلماً واحداً يشرب من هذا الصنبور، من الذي يكشفه ؟ لا أحد إلا الله، هذه هي عظمة الدين، قال له: بعني هذه الشاة وخذ ثمنها، قال له: ليست لي، قال له: قل لصاحبها ماتت، قال له: ليست لي، قال له: قل له أكلها الذئب، قال له: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادق أمين ولكن أين الله، أنا أكاد أقول أروع ما في الدين أن المؤمن منضبط، لا يستطيع أن يأكل درهماً واحداً حرام، ولا يستطيع أن يملأ عينيه ولا للحظة واحد من محاسن امرأة أجنبية، مقيد، هذه عظمة الدين، تجد الناس منضبطون بلا ضوابط، والكفار مع الضوابط المذهلة والإلكترونية المبنية على الرادار، أي الآن في بعض محلات البيع السلعة إذا اشتريتها ولم تدفع ثمنها فيها مادة تتفاعل مع الباب الخارجي فيصدر صوت مخيف كأن هذا الصوت يقول: هذا الذي مر من تحت القوس لص اقبضوا عليه، ضوابط مذهلة ومع ذلك هناك من يتحايل عليها، أما المؤمن منضبط أشد الانضباط، تزوج أحدهم امرأة ثانية فعلمت زوجته الأولى دون أن تتأكد فبحثت وأرسلت من يجمع لها الأخبار فإذا هي تقع على الحقيقة زوجها تزوج امرأة ثانية وبعد حين مات الزوج، في أثناء توزيع التركة قسمت حصتها بينها وبين ضرتها وأرسلت هذا المبلغ إلى ضرتها على أنها زوجة ولها نصف الثلث، ما كان من ضرتها إلا أن قالت: والله طلقني قبل أن يموت وليس لي عنده شيء، حياة الوازع الداخلي شيء لا يصدق، أنت مطمئن مع الناس جميعاً، لا أحد يأكل على الناس أموالهم، لا أحد يكذب، لا أحد يغش، إنه يخاف الله عز وجل، وحينما ينعدم الوازع الداخلي نعيش في غابة نحن مجتمع الغاب القوي يأكل الضعيف، الأذكى يستغل الأقل ذكاء، الأقوى يتحكم بالأضعف، الغني يتحكم بالفقير، هذا مجتمع الغاب من دون وازع داخلي، بالوازع الداخلي القضية سهلة جداً، الصلاة تحقق الوازع الداخلي قال تعالى:

 

 

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)﴾

 

( سورة العنكبوت )

 العلماء وقفوا عند هذه الآية وقفة رائعة جداً قالوا: لذكر الله أكبر ما فيها، ألم يقل الله عز وجل:

 

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)﴾

 

( سورة طه )

 ذكر الله أكبر ما في الصلاة، وبعضهم قال: أنت حينما تذكر الله يذكرك الله عز وجل، ذكر الله لك عقب ذكرك له أكبر من ذكرك له، هو المعطي وأنت المستجدي، هو القوي وأنت الضعيف، الإمام العز بن عبد السلام يقول: ومقصودها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر وترفع درجات المصلي وتُكَفّر خطاياه، ومقصودها الأعظم تجديد العهد بالله، أنت عاهدته عند الفجر وتعاهده عند الظهر والعصر والمغرب والعشاء، تجديد العهد بالله، هذه هي الصلاة، قال: القلب له منها نصيب، القلب نصيبه منها النية والإخلاص والإيمان هذا الفرض، والندب الذل والخشوع، والضراعة والخضوع، وقال بعض العلماء: الخشوع في الصلاة ليس من فضائلها بل من فرائضها، قال: في الصلاة حقوق منقسمة إلى واجب ومندوب، حق الله في الفاتحة في شطرها الأول لأنها ثناء عليه قال تعالى:

 

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)﴾

 

( سورة الفاتحة )

 وحق المصلي في الشطر الثاني قوله تعالى:

 

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّين (7) ﴾

 

( سورة الفاتحة )

 كان أحد السلاطين الذين عاصروا الإمام العز بن عبد السلام كلما دخل عليه رجل يقول له: اقرؤوا عليه هذه الرسالة في مقاصد الصلاة، أنا ذكرت في مطلع الدرس أننا بحاجة لا إلى أحكام الصلاة الشرعية هذه معروفة، نحن بحاجة إلى مقاصدها، كي ترقى صلاتنا إلى المستوى الذي أراد الله عز وجل، والإنسان يحسّن صلاته، أما في الحقيقة الصلاة هي عماد الدين ومن أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين وكان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة وكان يقول: أرحنا بها ولم يقل أرحنا منها، وهذا فرق واضح بين الحب والواجب، الواجب أرحنا منها أما الحب أرحنا بها، والإنسان إذا صلى فلم يشعر بشيء وإذا ذكر الله فلم يشعر بشيء وإذا تلا القرآن فلم يشعر بشيء فهناك علة خطيرة في نفسه ينبغي أن يتلافاها، وأن يبحث فيها كي يتخلص منها، إن شاء الله هذا الموضوع في تحسين الصلاة لتجديد العهد بالله عز وجل، لرفع مستوى الصلاة من طقوس إلى عبادات، من عبادة غير متقبَلة إلى عبادة متقبَلة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور