وضع داكن
28-03-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 150 - الدم المسفوح والجراثيم.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

لماذا حرم الله علينا هذه المحرمات, وما هي القاعدة اليقينية التي نستنبطها من تحريم المحرمات

أيها الأخوة الأكارم, حرَّم ربنا سبحانه وتعالى علينا الدم المسفوح، وفي كلمة المسفوح ، إشارة إلى أن هذا الدم فيه الجراثيم, وهو في الأوردة والشرايين، وهناك أجهزة بأعلى مستوى للتصفية، دائماً الكليتان والرئتان ينقيان الدم من الغازات السامة، ومن المواد السامة، فالكليتان تنقيانه من المواد السامة، والرئتان تنقيانه من الغازات السامة، ولكن إذا ماتت الدابة أصبح الدم موطناً للجراثيم والأوبئة .

الشيء الذي يلفت النظر أنَّ العالم الغربي إلى وقتٍ قريب، بعد أن اكتشفت الجراثيم، أصدر القوانين بتحريم الدم، وتحريم لحوم الميتة بعد أن عرفوا، ولكن الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم قبل ألف وأربعمئة عام حرم علينا الدم المسفوح، وحرم علينا لحم الدابة الميتة .
الشيء الذي يؤكد هذه الحقيقة، أن أي سكين جزار فيها آلاف مؤلفة من الجراثيم، وبمجرد أن تلامس هذه الجراثيم الدم تتوالد كل نصف ساعة وتتضاعف، أي في ثلاث ساعات ، من ألف جرثوم إلى مئات مئات الألوف من الجراثيم، فلذلك عندما حرَّم ربنا عزَّ وجل في كتابه الكريم علينا الدم، وحرم علينا لحم الميتة، هذا يتطابق مع أحدث النظريات الحديثة المتعلقة بتكاثر الجراثيم وبالعدوى، فحينما تقرأ القرآن، يجب أن تعلم أن هذا كلام الصانع, قال تعالى:

﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾

[ سورة فاطر الآية: 14]

إليكم هذا القانون الرباني :

أيها الأخوة, ليس من جهةٍ أعظم خبرةً، وأعظم صواباً، من خالق الكون، فلذلك إذا أحببت نفسك، إذا أردت أن تنجو بجلدك من متاعب الحياة، فطبق تعليمات الصانع، وهذا القرآن الكريم هو تعليمات الصانع، هذا الذي ينبغي أن يفهمه المؤمن، أي ليست أوامر الدين حداً لحريتك، هذا فهمٌ ساذج .
أي إذا رأيت عمود كهرباء كتب عليه خطر الموت، أتشعر أن المسؤولين وضعوا هذه اللوحة ليحدّوا من حريتك؟ لا والله ، إنما وضعوها ليضمنوا لك سلامتك، يجب أن تفهم الدين هذا الفهم العميق .

أي إن هناك علاقةً علميةً، بمعنى أن هناك علاقة سببٍ بنتيجة بين الطاعة ونتائجها، وبين المعصية ونتائجها، فلمجرد أن ترتكب المعصية، تقطف ثمارها، ثمارها فيها، أية طاعةٍ ثمارها فيها، وأية معصية ثمارها فيها، وأمر الله عزَّ وجل ليس حداً من حريتك، إنما هو ضمانٌ لسلامتك، فربنا عزَّ وجل حد حدوداً, وقال:

﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾

[سورة البقرة الآية: 229]

ولكن هناك حدوداً، كهذا التيار الكهربائي العالي التوتر، حول هذا التيار ساحة تجذب إليه، إذا كانت المعاصي من هذا النوع، تنطبق الآية الأخرى, قال تعالى:

﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾

[سورة البقرة الآية: 229]

بين (فلا تعتدوها, و فلا تقربوها) مسافة كبيرة، الحدود التي من شأنها أن تجذب الإنسان إليها، هذه فلا تقربوها, ولا تقربوا الزنا، الزنا خطوات، وتلك حدود الله فلا تقربوها, أما أكل مال الحرام فلا تعتدوها, هذه هي حدود سلامتك .
إذا قلنا حدود الله: هي حدود سلامتك، حدود أن يرضى الله عنك، حدود إقبالك على الله، حدود أن تستحق عناية الله بك، حدود أن تستحق حفظ الله لك، إذا كنت في طاعة الله فأنت في ذمة الله، أنت في حفظ الله، أنت في توفيقه .
أي لو أنا بحثنا عن كل طاعةٍ, وعن كل معصيةٍ، لعرفنا أن الطاعة تنطوي على خيرٍ ليس له حدود، والمعصية تنطوي على شر ليس له حدود، ولكن الإنسان عليه أن يفهم، وعليه أن يسلِّم فيما لم يفهم .

تحميل النص

إخفاء الصور