وضع داكن
26-04-2024
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 1996 - الدرس : 56 - اسم الله البصير .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 البصير
 مع الدرس السادس والخمسين من دروس أسماء الله الحُسنى والاسم اليوم البصير، البصير كما ورد في الحديث الصحيح اسمٌ من أسماء الله الحُسنى، ومعنى هذا الاسم في اللغة:
 البصر: هو العين، أو حاسة الرؤية، وقيل البصر: هو النور الذي تدرك به المبصرات، وكلكم يعلم أن العين مهما تكن حادة النظر ومهما يكن الشيء واضحاً لا بد من وسيط من النور يتيح للعين أن ترى هذا الشيء، ويمكن أن تُسحب هذه الحقيقة على العقل، فالعقل مهما كان حاد الذكاء، ومهما كانت الأمور واضحة وضوح الشمس، لابد من نور إلهي يكشف لهذا العقل حقيقة الأشياء، لذلك قال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)﴾

(سورة الأنفال)

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(28)﴾

(سورة الحديد)

 والعقل من دون هداية الله، من دون وحي السماء، من دون خطاب الله للبشر، العقل يَضل ويُضل، وينحرف ويُحرف، فالبصير من البصر، والبصر هي العين، والبصر حاسة الرؤية، والبصر النور الذي تُدرك به المبصَرات، هذه المعاني وردت في معاجم اللغة.
 والبصر نفاذ الحقيقة في القلب، والبصيرة قوة القلب المدركة للحقائق، نقول فلان ذو بصيرة أي في قلبه قدرة على كشف الحقائق، والمبصر هو العالم والحاذق، والتبصر هو التأمل والتعرف والثبات في الدين.
 قبل أن نمضي في التعرّف على هذا الاسم العظيم ينبغي أن نضع بين أيديكم هذه الحقيقة، هذه الحقيقة، هي أن مشكلة الناس جميعاً هي في انحراف الرؤية وفي خطأ الرؤية، لأن الإنسان في الأصل مفطور على حب ذاته وحب وجوده، يحب ذاته، يحب سلامة وجوده، يحب كمال وجوده يحب استمرار وجوده، فكيف يسلك طريقاً فيه هلاكه، فكيف يقترف المعاصي والآثام، فكيف يهلك نفسه بمعصية ربه ؟ لأنه رأى خطأً أن المعصية مغنماً لا مغرماً، لأنه رأى خطأً أن كسب هذا المال ربح له الإنسان يحب ذاته فحرصه على سلامة وجوده، وحرصه على كمال وجوده، وحرصه على استمرار وجوده، يقتضي أن يحفظ طاعة الله عز وجل.
 هؤلاء الذين يقترفون المعاصي والآثام، هؤلاء الذين يرتادون الأماكن المحرمة لماذا ارتادوها لماذا أقبلوا على المعصية ؟ لأنهم توهموا أنها تسعدهم، ولو عرفوا أن طاعة الله عز وجل هي وحدها التي تسعدهم وأن الإقبال عليه هو الذي يطمئنهم لما سلكوا هذا الطريق.
 فما الفرق بين مؤمن مستقيم على أمر الله، وبين عاص متفلت من أمر الله ؟.. هناك فرق بينهما، الرؤية.
 سيدنا يوسف حينما دعته امرأة ذات من منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين، ما الذي جعله يحجم عن اقتراف هذه المعصية رؤيته لما تنطوي عليه من هلاك ومن بعد عن الله عز وجل، هذا الذي إذا دعته امرأة ذات منصب جمال أقبل على هذه المعصية ما الفرق بينه وبين هذا الطائع ؟.. الرؤية فقط.. إن صحت رؤيتك صح عملك وإن صح عملك سعدت في الدنيا والآخرة، وإن انحرفت رؤيتك فسد عملك وإن فسد عملك هلكت في الدنيا والآخرة، أكاد أقول إن الفرق الوحيد بين الشقي والسعيد، بين المستقيم والمنحرف، صحة الرؤية أو خطأ الرؤية.
 لذلك ماذا كان يدعو النبي ؟ كان يدعو ويقول

(( اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ))

 لذلك أحدنا حينما يرى أن المعصية مهلكة له، وأن الطاعة مغنماً له هذه نعمة والله الذي لا إله إلا هو لا تُقّدَّر بثمن، لا تُقدر بثمن أن ترى الحق حقاً، لأن هناك من يرى الباطل حقاً، وأن هناك من يرى الحق باطلاً، أما أن ترى الحق حقاً، أما أن ترى الباطل باطلاً.
 شيء آخر إن رأيت الحق حقاً، وإن رأيت الباطل باطلاً، الآن أنت بحاجة إلى إرادة قوية تحملك على اتباع الحق وترك الباطل، رؤية وإرادة، أرنا الحق حقاً، والباطل باطلاً.
 والله آلاف مؤلفة، والله ملايين مملينة ترى الحق باطلاً، وترى الباطل حقاً، فإذا جاءت رؤيتك مطابقة لمنهج الله، إن رأيت الحق حقاً إن رأيت الباطل باطلاً، هذه نعمة لا تُقدر بثمن.
 أيها الإخوة من عادتي أنني إذا رأيت شاباً مؤمناً مستقيماً، أقول له دائماً أعظم نعمة أنت فيها هي نعمة الهدى، نعمة أن رؤيتك صحيحة نعمة أن في قلبك نوراً يريك الحق حقاً والباطل باطلاً، الإنسان إذا اتصل بالله ولاذ بالله، وانطلق لتنفيذ أمر الله، الله يلقي في قلبه النور.
 ففي اللغة إذاً ؛ البصر هي العين، والبصر حاسة الرؤية، والبصر نور يقذفه الله في القلب، والبصر هو النور الذي يتوسط بيننا وبين المبصَرات، والبصر قوة القلب في كشف الحقيقة، والبصير والمبصر والبصير هو العالم الحاذق، والتبصر هو التأمل والتعرف والثبات على الدين، هذا ما جاء في قواميس اللغة حول كلمة البصير.
 أما البصير بمعنى المبصر فهو فعيل بمعنى مفعول، كأن تقول جريح بمعنى مجروح، وقتيل بمعنى مقتول، البصير ؛ بمعنى المبصر، في اللغة يأتي هذا المعنى.
 الآن اسم البصير من أسماء الله الحُسنى، وهو المبصر لجميع المبصَرات كل ما في الكون إذا أمكن أن يبصر فالله سبحانه وتعالى يبصره، كل المبصَرات ربنا عز وجل بصير بها.
 البصير ؛ هو الذي يشاهد الأشياء كلها، ظاهرها وخفيها من دون جارحة، في الدرس الماضي تحدثت عن السميع، وبيّنت لكم أن الله عز وجل عز وجل سبحانه وتعالى يسمع من دون أداة ومن دون جارحة تغير في ذاته، نحن إذا استمعنا إلى شيء لابد من أن يهتز غشاء الطبل حتى نسمع من دون آلة من دون جارحة من دون تغير في ذات الله عز وجل، والبصر في حق الله تعالى عبارة عن الصفة التي ينكشف بها كمال نعوت المبصَرات ؛ الشيء إذا انكشف لك انكشافاً تاماً فقد أبصرته، قد ينكشف لك ظاهره، إذا انكشف لك ظاهره فأنت لم تدرك كمال صفته.
 قد تأتي أنت بقطعة ماس ثمنها نصف مليون ليرة تضعها في الوحل ثم تضعها في الشمس تبدو لك كَدَرة، فإذا رأيت ظاهرها ظننتها كدرة، لذلك كمال الإبصار أن ترى حقيقة الشيء.
 لذلك قالوا هي الصفة التي ينكشف بها كمال نعوت الأشياء، هذه الماسة التي يزيد ثمنها عن نصف مليون ليرة، إذا غمستها في وحل ثمَّ جففتها تبدو لهذه العين كدَرَة، ما معنى اسم البصير ؟ معنى اسم البصير هو الذي تنكشف له كمال صفات الأشياء ؛ يعني أنت كإنسان بهذه العين تراها كدرة، لكن كمال اسم البصير يراها ماسة، فرق كبير.
 يعني الله عز وجل يعرف كل شيء، لا يخفى عليه شيء، أما نحن فنرى ظاهر الأشياء، أما باطنها، أما حقيقتها فمحجوبة عنا، وقد ورد هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم:

(( نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ))

 الفكرة دقيقة، يعني اسم البصير ؛ هي الصفة التي ينكشف بها كمال صفة المبصرات، لو فرضنا إنسان قصير القامة أسمر اللون أحنف الرجل ناتئ الوجنتين غائر العينين مائل الذقن، وقد يكون أعلم علماء الأرض في علم من العلوم، فأنت إذا نظرت إلى شكله رأيته شيئاً عادياً، لكن لو علمت ما ينطوي عليه من علم لأكبرْته أعظم إكبار فإذا نظرت بعينك إليه فأنت لم تكشف كمال صفات هذا الإنسان، أما إذا أدركت علمه وأخلاقه، طبعاً هذا ورد في التاريخ عن أحد التابعين وهو الأحنف بن قيس وصفه من وصفه فقال: كان قصير القامة أسمر اللون مائل الذقن أحنف الرجل، غائر العينين، ناتئ الوجنتين، ليس شيء من قبح المنظر إلا آخذ منه بنصيب، وكان مع ذلك سيد قومه، إذا غضب غضب لغضبته مائة ألف سيف لا يسألونه فيمَ غضب
لو أن واحداً من الناس نظر إلى الأحنف بن قيس، فرأى فيه هذه الصفات التي لا تُرضي، فظن أنه شخصاً عادياً، هل أدرك بعينه هذه كمال صفات هذا التابعي الجليل ؟ لا.
 معنى اسم البصير ؛ صفة لله عز وجل تنكشف بها كمالات نعوت الأشياء، بصير يعلم كل شيء، يبصر كل شيء، ظاهر الشيء وباطنه وخلفيته، وما ينطوي عليه، أحياناً، إنسان يضرب يتيماً، الله عز وجل قال:

 

﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)﴾

 

(سورة الضحى)

 هو يضربه، هذا حينما يضرب اليتم كأنه ارتكب معصيةً، كأنه سقط من عين الناس، لكن إذا ارتكب هذا اليتيم عملاً قبيحاً يقتضي أن يضربه ليأدبه، وقد سئل النبي عليه الصلاة والسلام:

 

((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي خَادِمًا يُسِيءُ وَيَظْلِمُ أَفَأَضْرِبُهُ قَالَ تَعْفُو عَنْهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً ))

 

(مسند الإمام أحمد)

 إنسان راقِ جداً عنده يتيم اقترف معصية كبيرة، أراد أن يؤدبه، لو أن إنساناً نظر إليه وهو يضربه لاحتقره.. هذا يتيم كيف تضربه ؟ لكن الله إذا نظر إلى نيته العالية لتأديب هذا في تأديب هذا اليتيم معناها أن الله مبصر. الله بصير، بمعنى أن الله تنكشف له بهذه الصفة كمال صفات هذا الضارب، هو يضربه لله، يضربه ليؤدبه، يضربه ليحمله على الاستقامة، الفكرة دقيقة، ينكشف بهذه الصفة كمال صفات الأشياء.
 البصير إذاً هو المبصر لجميع المبصرات، والبصير هو الذي يشاهد الأشياء كلها ظاهرها وخفيها من دون جارحة ولا أداة ولا تغير في ذات الله، والبصر في حقه تعالى عبارة عن الصفة التي تنكشف فيها كمالات نعوت الأشياء.
 وقيل البصير هو المبصر، المتصف بالبصر لجميع الموجودات دون حاسة ودون آلة، فيعلم تعالى جميع المبصرات تمام العلم، وتنكشف له تمام الانكشاف.
 ما علاقتنا بهذا التفسير، نحن نسعد كثيراً حينما نعلم أن الله يعلم الله يعلم نواياك، يعلم سلامة صدرك، يعلم حبك للخير، يعلم أن هذا الخطأ لا تقصده، يعلم أن هذا الوضع الحرج الذي وقعت فيه لا تريده، يعلم أن هذه الكلمة التي قلتها لم تكن تريد أن تقولها، أنت حينما تعلم أن الله يعلم حقيقة كل شيء، هذا مما يسعدك، لأن الله قال:

 

﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) ﴾

 

(سورة الطلاق)

 يجب أن تعلم أن الله يعلم، وحينما تعلم أن الله يعلم ترتاح نفسك.
 أحياناً الإنسان الموظف، يجلس وراء الطاولة سبع ساعات يخرج ليقف على شرفة دقيقة واحدة، يراه المدير العام يقف على النافذة، فيغضب ويثور. حالة غريبة، سبع ساعات وراء الطاولة يعمل، وقف دقيقة واحدة على النافذة فدخل المدير العام فرآه يتنزه فعنّفه، لأنه لا يعلم ماذا فعل، رآه على النافذة فعنّفه.
 فالإنسان علمه ناقص، لكنك مع الله، لماذا أنت مرتاح مع الله لأنه يعلم سلامة صدرك، يعلم أنك ما أردت هذا الذي حصل، يعلم أنك تُكِنُّ لهذا الإنسان كل خير، يعلم أنك بريء من هذه التهمة.
 لذلك قال أحدهم كلمة رائعة، قال لي مرةً الحمد لله على وجود الله، والحمد لله على علم الله، موجود ويعلم، الله عز وجل لا يحتاج إلى إيصال ولا إلى شهادة ولا إلى حلف يمين، ولا إلى بينة، هو يعلم قال له: ألك عند الله حاجة، " قل منك قال لا: قال علمه بحالي يغني عن سؤالي ".
 يعني: الله عز وجل بصره كامل، ينكشف باسم البصير كمال صفة المبصر، وهذا مما يسعد الإنسان أي سعادة.
 كم من إنسان مظلوم متهم تهمة هو بريء منها، على نطاق الأسرة أحياناً يقول كلمة هو لا يقصدها تفسَّر تفسيرات أخرى، يفعل فعلاً لا يريده صدفةً يفسَّر تفسيرات أخرى، لكن الضمانة العظيمة هي أن الله يعلم.
 لكن بالمناسبة، رحم الله عبداً جب المغيبة عن نفسه، نحن مضطرون أن نخرج قليلاً، " النبي عليه الصلاة والسلام جاءته السيدة صفية إلى معتَكَفه، أراد أن يوصلها إلى البيت مر صحابيان جليلان قال النبي الكريم:

((على رِسْلِكما، وقفا، قال: هذه زوجتي صفية، قالوا أفيك نشك، قال لا، ولكن لئلا يدخل عليكما الشيطان ))

 صحيح الله يعلم لكنك مكلف أن تبين، أن توضح، الله جل جلاله يعلم، لكن لا يكفي أن تقول الله يعلم وتضع نفسك موضع التهمة، لا يكفي أن تقول الله ناظر إلي وأنت في وضع متهم فيه، لا هذا ليس من السنة، يجب أن تعلم أن الله يعلم، ويجب أن تدفع عن نفسك كل الشبهات.
 يعني لو دخل رجل إلى بيت فيه امرأة لا تحل له، ليست من محارمه، وهو أنقى من ماء الثلج، وهو أطهر من الملائكة، وجودك في بيت مع امرأة موطن متَّهم فيه، لا تفعل هذا، الخلوة محرمة في الإسلام، لذلك سد الذرائع باب عظيم. هناك مواقف لا شك أنك طاهر ومستقيم ومتملك لزمام نفسك، لكن أي موقف يضعك موضع التهمة الشرع يأمرك أن تبتعد عنه، أحياناً تدخل إلى محل تجاري لا يوجد فيه أحد، يجب عليك أن تخرج فوراً،.. أنا أنتظر صاحبه.. اُخرج، أنت الآن في موضع متهم فيه، لا يوجد أحد، وأنت لست صاحب المحل ما الذي يبقيك في هذا المحل ؟!
 الله جل جلاله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، رجل جالس في بيته، أمامه نافذة الغرفة ليست مضاءة، أمامه شرفة، خرجت امرأة إلى الشرفة، ليس في العالم كله إنسان يستطيع أن يحاسبه على إطلاق بصره إلى هذه المرأة، وليس هناك أحدٌ يكشف ما إذا كان ينظر أو لا ينظر إلا الله، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
 لذلك أروع شيء أن تطيع الله في خلوتك، لأن طاعة الله في خلوتك علامة إخلاصك وصدقك، وقد ورد في الأثر:

 

(( من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبئ الله بشيء من عمله ))

 العبرة أن تطيعه في خلوتك كما تطيعه في جلوتك، أن تطيعه سراً كما تطيعه علانيةً، يشاهد ويرى ولا يغيب عنه ما في السماوات العُلى وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، وهو الحاضر الذي لا يغيب.
 إنسان يغادر مركز عمله، إذا كان مديراً أو إذا كان مدير مسشفى أو مدير ثانوية، يعني أكثر الناس ينصرفون قبل الدوام، أحياناً المدير عمله أن يكون في مكان عمله، الإنسان إذا كان موجود يرى، أما إذا غاب لا يرى. لكن الله سبحانه وتعالى حاضر لا يغيب.
 البصير: ورد في كتاب الله كما قلنا في اسم السميع في أربعين موضعاً. ففي البقرة:

 

 

﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)﴾

 

(سورة البقرة)

 الآن في ضوء فهمنا الدقيق قبل قليل لمعنى البصير، يعني هذا العمل له ظاهر له خلفية له باطن له نية، له ملابسَات سبحانه وتعالى بصير بما تعمل، يعني يُبصر حجم علمك، مقدار تضحيتك مقدار الصراع النفسي الذي سببه هذا العمل، إن الله بصير به، بصير بكل أبعاده، بكل منحنايته، بصير بخلفياته، بصير بملابساته، بصير بأهدافه، بصير ببواعثه، هذا معنى بصير.
 أما أنت تبصر عملاً أمامك، الإنسان العادي يراه، إنسان يضرب ابنه، أما النوايا والبواعث والأهداف والمقاصد والخلفيات والصراعات والتضحيات، هذا العمل لا يعلم حجمه إلا الله، ولا يعلم مقدار التضحية التي كانت من أجله إلا الله، ولا يعلم المتاعب التي تحملها صاحبه إلا الله، فربنا حين يقول:

 

﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)﴾

 

(سورة الحديد)

 يعني بصير بحجم أعمالكم، ونواياكم وبواعثكم ومقاصدكم وأهدافكم وتضحياتكم، والصراعات التي في أنفسكم.

 

﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)﴾

 

(سورة آل عمران)

 بصير ؛ هناك إنسان يكذب وإنسان لا يكذب، إنسان مغلوب على أمره، إنسان متأثر، والله بصير بالعباد.
 قد يلقي إنسان كلمة على جمع غفير فإن صدى هذه الكلمة في علم الله هذا صدَّق هذا استهزأ، هذا ما بالى، هذا ارتعدت فرائصه، هذا خاف.
 لذلك:

﴿ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا ﴾

 وفي المائدة:

 

﴿وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71)﴾

 

(سورة المائدة)

 وفي الإسراء:

 

﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (17) ﴾

 

(سورة الإسراء)

 مرة وقفت في هذا الجبل ونظرت إلى الشام ممتدةً يمنةً ويسرةً شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً، هذه البيوت بطوابقها بأقبيتها ماذا فيها من طاعات أو معاصي من يعلم ؟ الله.
 منظر هذه المدينة من الجبل مدينة هادئة وادعة أبنية مضاءة متلألئة. داخل البيوت يا ترى هناك صلوات أم موبقات ؟ هل هناك نكاح أم سفاح ؟ من يعلم ؟... الله الذي يعلم.

 

﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (17)﴾

 

(سورة الإسراء)

 يعني أنت لا تعلم، وقد يسكن إنسان في مدينة وهو لا يعلم ما فيها هو مؤمن يرتاد بيوت الله عز وجل، له إخوة كرام، يحسن الظن في جميع الناس، لكن حجم المعاصي في أي بلدة، حجم الموبقات، الذين يشربون الخمر، الذين يقترفون جريمة الزنا، من يعلم ذلك ؟
 لكن ما كنت أصدق في حياتي أن إنسانةً في مكان رفيع كأنها ملكة تحقد مؤتمراً صحفياً يُبَث في جميع أنحاء العالم تقول لقد زنيت مع فلان، نحن في أي عصر نعيش، قال تعالى:

 

﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)﴾

 

(سورة النحل)

 يعني إنسانة مرشحة أن تكون ملكة في بلاد الغرب تعقد مؤتمراً صحفياً وعلى كل أجهزة الإعلام وقد بُثت في محطات الفضاء لتقول للناس إنني خنت زوجي وزنيت مع فلان.. سبحان الله كم بيننا وبين أهل الفسق والفجور مسافات شاسعة، البيت المسلم بيت شريف، بيت طاهر، بيت نقي، حتى الإنسان لو زلت قدمه ينبغي أن يستر نفسه.

 

﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20)﴾

 

(سورة غافر)

﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(56)﴾

(سورة غافر)

 وفي سورة الملك:

 

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)﴾

 

(سورة الملك)

 إن هذا الاسم هو أقرب الأسماء إلينا، فكلمة غفور مثلاً، اسم رب العالمين، هذا الاسم هو أقرب الأسماء إلينا، واسم البصير لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول أفضل إيمان المرء أن تعلم أن الله معك، وأرقى حالات المؤمن أن يشعر أنه تحت مراقبة الله عز وجل.
 أفضل حالات المؤن أن يعبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه يعني أن تشعر أن الله يراك، هذه درجة في الإيمان عالية جداً أن تشعر دائماً أن الله معك، أن الله معك في خلوتك وفي جلوتك وفي مجلسك، ومع ذكرك ومع نطقك، وفي سفرك وفي حضرك، هذا الشعور المستمر من نِعَم الله العظمى وهو درجة من درجات الإيمان العالية.
 الإمام الغزالي يرى: أن البصير هو الذي يشاهد ويرى حتى لا يعزُب عنه ما تحت الثرى.
 إبصاره منزّه عن أن يكون بحدقة أو أجفان، مقدّس عن أن يرجع إلى انطباع الصور والألوان كما ينطبع في حدقة الإنسان فإن ذلك من التأثر والتغيير المقتضي للحدثان.
 كما قلنا في اسم السميع أنه لا يُعقل ولا يليق بالله عز وجل أن يبصر بحاسة ولا بأداة ولا بتغير، يعني الشبكية إذا سقط عليها ضوء تعريف الصورة ؛ هي مجموعة نقاط متفاوتة في الإضاءة، لو أتيت بصورة وكبرتها، ترجع إلى نقاط، وكلما كثرت هذه النقاط كانت الصورة دقيقة أكثر، أما هي في الحقيقة نقاط متفاوتة في الإضاءة، فهذه الصورة إما منبع ضوئي أو منعكس ضوئي إذا وقعت على حدقة العين وانكسر إلى الشبكية، فانطبعت عليها، الشبكية فيها مادة كيمائية، تتأثر بالضوء تأثرها بالضوء يشكل تيار كهربائي، هذا ينتقل عبر العصب البصري إلى الدماغ، في الدماغ تكشف حقيقة الصورة.
 بشكل مختصر، يعني في العصيات مائة وثلاثين عصية ومخروط، هذه العصيات والمخاريط فيها مواد كيماوية، تتأثر بالضوء، فإن تأثرت تشكل تيار كهربائي هذا التيار ينتقل عبر العصب البصري إلى الدماغ. الصورة تنطبع على شبكية العين إحساساً وتنتقل إلى الدماغ فتفسر هناك إدراكاً بحسب المفاهيم السابقة، فالإنسان متى يرى، يرى الصورة التي هي مجموعة نقاط مضيئة أو متفاوتة في الإضاءة هذه تؤثر في تركيب العصيات والمخاريط، من هذا التأثر والتأثير يتشكل تيار كهربائي، هذا التيار يسري عبر العصب البصري إلى الدماغ، في الدماغ تُفسر هذه الصورة في ضوء المفهومات السابقة، معناها لو لم يحدث تغيير في شبكية العين والعصيات والمخاريط، ولو لم يحدث تأثر هذه المواد الكيماوية في الضوء لما انتقلت الصورة.
 الله جل جلاله منزَّه عن أن يبصر بحاسة أو أداة أو تغيير في ذاته، وإذا نُزه الله جل جلاله عن ذلك كان البصر في حقه عبارة عن الصفة التي تنكشف بها كمالات المبصرات، صفة في ذات الله زائدة على علمه، تُكشف بها حقيقة كمالات صفات الأشياء.
 الآن ما الأدب الذي ينبغي أن نتأدب به حيال هذا الاسم العظيم، الله عز وجل بصير، ولأنك إنسان مكرّم، مخلوق مكرّم، قال تعالى:

 

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) ﴾

 

(سورة الإسراء)

 لأنك مخلوق مكرّم، الله بصير ومَنَحك حاسة البصر، لماذا، لماذا أودع الله فيك هاتين العينين ؟.

 

﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8)﴾

 

(سورة البلد)

 العين السليمة لو درَّجنا لوناً أخضر أو أحمر أو أي لون آخر ثمانمائة ألف درجة، العين السليمة تدرك الفرق بين درجتين.
والعين السليمة تبصر من دون وقف إصلاح الأفلام كما نعهد ذلك نحن، الفلم يحتاج إلى تحميض، العين تبصر مباشرة، وتدرك الشيء بحجمه الحقيقي، اُنظر إلى الجبل تراه بحجمه الحقيقي، أما انظر إلى صورة الجبل في الصورة تراه بحجم أربع سنتمر. العين تدرك الشيء بحجمه.
 هذه العين فيها مطابقة والمطابقة شيء لا يصدق، ففي الفيزياء العدسة البللورية: لو وضعنا أمامها شمعة وخلف هذه العدسة في محرقها لوحة، لا ينطبع خيال الشمعة على اللوحة إلا في مكان واحد فقط، فلو أزحناها قليلاً أصبح الظل أو المرتسم على هذه اللوحة غير واضح، إذا غيرنا مكان الشمعة نحتاج إلى تعديل مكان اللوحة لأنه تغيَّر المحرق لكن العدسة التي أودعها الله في الإنسان عدسة مرِنة، فإذا رأيت الشيء يتحرك فبدلاً أن تحرك في الشبكية، العدسة يزداد إحددابها أو يقل هناك عضلات اسمها عضلات هدبية، تضغط على هذا الجسم البلوري فتزيد إحددابه أو تقلله، هذه العضلات تزيد الاحدداب أو تقلله بالمكرونات.
 هناك سؤال كبير، كيف ضُغط هذا الجسم حتى جاء الخيال على الشبكية ؟ من حسب المسافة بينك وبينه ؟.. رأيته أولاً فحسبت المسافة، إن رأيته فقد رأيته، وإن لم تره كيف حسبت المسافة ؟ عملية المطابقة في العين من أعظم الأدلة الدالة على وجود الله وعلى عظمته، يعني يعجز عن فهمها العلماء، المطابقة، ضمن ستين متراً العين تجري مطابقة بعد ستين متر على اللانهاية، لذلك الإنسان إذا سكن في مدينة مكتظة يضعف بصره، يحتاج إلى نظارات، أما أهل البادية دائماً العين عندهم مستريحة تنظر إلى مسافات بعيدة.
 الذي أريد أن أقوله لكم، هذه العين سُميت كريمة الإنسان لأن الله كرَّمه بها، لماذا خلقها الله له ؟ ليرى بها العورات ؟! ليرى بها الموبقات ؟! ليرى بها المحرمات ؟! ليرى بها النساء الكاسيات العاريات ؟! أم ليرى بها آيات الله الدالة على عظمته، فالعين التي تغض عن محارم الله، والعين التي تحرس في سبيل الله، والعين التي ينهمر منها دموع من خشية الله هذه عين شريفة طاهرة مقدسة، الله سبحانه وتعالى في الأعم الأغلب لا يُفجعك بها " ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا".
 يعني أي عين تغض عن محارم الله وتبصر آيات الله، وتسبح الله وتكبره وتحمده، هذه العين المرجو من الله أن يحفظها لك إلى نهاية الحياة.
 إذاً من أدبنا مع اسم البصير الذي منحنا نعمة البصر أن نستخدم العين في أن نبصر بها آيات الله الدالة على عظمته.
 قال أحد الأنبياء: من كان نظره عبرة، ويقظته فكرة، وكلامه ذكراً فهو مؤمن، لذلك قال النبي الكريم:

(( أمرني ربي بتسع (من هذه التسع) أن يكون صمتي فكراً ونطقي ذكراً ونظري عبرةً ))

 هذا أول شيء، يجب أن تستخدمها في رؤية آيات الله الدالة على عظمته، الشيء الثاني: يجب أن تعلم أن الله يبصرك، الذي خلق نعمة البصر ألا يبصر ؟.. قال تعالى:

 

﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) ﴾

 

(سورة البلد)

 الآية دقيقة جداً، أيحسب أن لم يره أحد وهو يرى، فالذي خلق لك البصر لا يراك ؟ أيحسب أن لم يره أحد، ألم نجعل له عينين يبصر بهما، فالذي خلق لك العينين يراك حين تقوم قال تعالى:

 

﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)﴾

 

(سورة الشعراء)

 الآن هنا نقطة دقيقة جداً، المؤمن الكامل لا يستهين بنظر الله إليه واطّلاعه عليه، قال بعضهم: لا تجعل الله أهون الناظرين إليك الإنسان أحياناً أمام شخص يحسّن نفسه، يرجّل شعره، يتعطر، إذا دخل إلى بيته يرتّبُه، لأنه يستحي منه، فلماذا الإنسان يقارف معصية وهو يعلم أن الله يراه، فكأنه جعل الله أهون الناظرين إليه.
 قال: من أخفى عن غير الله ما لا يخفيه عن الله فقد استهان بنظر الله إليه، أحد ثمرات الإيمان أن تشعر أن الله معك وهو ناظر إليك..
 الآن دققوا في هذه العبارة ؛ الإمام الغزالي: " من قارب معصية وهو يعلم أن الله تعالى يراه فما أجرأه على الله وما أخسره، وإن ظن أن الله لا يعلم فما أكفره وما أجهله "، إن اقترف الإنسان معصية وهو يعلم أن الله يراه فما أجهله وأخسره.
 مقترف معصية إن علم أن الله يعلم فهو مجترى وخاسر، وإن علم أن الله لا يعلم فهو جاهل وكافر، لأن الله يعلم.
 لذلك قال النبي الكريم:

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مَا الإِيمَانُ قَالَ الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ قَالَ مَا الإِسْلامُ قَالَ الإِسْلامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ قَالَ مَا الإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ....))

 

(صحيح البخاري)

 وإذا عرف الإنسان أن الله تعالى هو البصير وكان الإنسان عاقلاً زين باطنه بالمراقبة، وزين ظاهره بالمحاسبة.
 وكان بعض السلف يقولون: إذا عصيت مولاك فاعصه في موضع لا يراك فيه.
 دعا بعضهم فقال: " إلهي أنت البصير بعيوبي الخبير بذنوبي المطلع على سري، بيدك زمام أمري، أسألك أن تجعل في قلبي نوراً وفي بصري نوراً لأشاهد حقائق الأشياء، وأتأدب معك بالظاهر والخفاء إلهي اجعلني لك من المشاهدين وفي حماك من القائمين إنك على كل شيء قدير ".
 وهناك أدعية كثيرة تتعلق باسم البصير، والآية الكريمة:

 

﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)﴾

 

(سورة الأنعام)

 أيها الإخوة الكرام أرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعل من هذه الدروس دروس أسماء الله الحُسنى قفزة نوعية في معرفة الله والحقيقة أن تؤمن أن الله خالق السماوات والأرض دون أن تتحقق من أسمائه الحُسنى وصفاته الفُضلى، هذا الإيمان لا يرقى بك إلى النجاة ولا إلى السعادة، ومن أجل دروس العلم أن تتعلم أسماء الله الحُسنى وصفاته الفُضلى.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور